الواقعية السياسية.. بين المقاومة والمفاوضات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٤٩، ٣ يوليو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "الواقعية السياسية.. بين المقاومة والمفاوضات" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الواقعية السياسية.. بين المقاومة والمفاوضات

بقلم : خالد معالي

بعد انهيار معسكر القطبين واستفراد الرأسمالية وعولمتها بالعالم، تزايدت أصوات أصحاب المدرسة الواقعية التي تدعو للاعتراف بالواقع السياسي والتعامل معه بتعريف أن السياسة هي فن الممكن وليس غير ذلك.

القائلين بأن السياسة هي فن الممكن يبررون لأنفسهم واقعيتهم تحت عنوان اختلال موازين القوى، وأن الانحناء للموجة ولو مؤقتا أفضل من مواجهتها، ويطالبون غيرهم باللحاق بهم قبل فوات الأوان.

سياسة فن الممكن تقوم على قبول الأمر الواقع وما هو موجود، والتعامل بمرونة وموضوعية مع الواقع وشروطه الراهنة على قدر الإمكانيات المتاحة، وعدم الانجرار وراء الخطابات العاطفية التي لا تضر ولا تنفع خاصة في ظل تركيبة المجتمع الدولي الحالي. فن الممكن مع الوقت ومرور الزمن قد يصلح ويعيد بعض الحقوق لأصحابها بحسب المدرسة الواقعية التي

لا تعترف بالأحلام والأوهام وبعثرة الشعارات البراقة.

بالمقابل أصحاب مدرسة تعريف السياسة بأنها فن التغيير لا يعترفون بالواقع الموجود ويتعاملون معه بأنه واقع سيئ ويجب تغييره لواقع جديد أفضل.

سياسة التغيير أقرب للنظرية الثورية التي تريد الخروج من الوضع الحالي والواقع السياسي المعاش إلى واقع أفضل يحقق طموحات الأفراد والشعوب، لأنه بنظرهم من العسير تصور حالة من الحالات تتوجه فيها الأحداث بتأثيراتها، وتداعياتها، جهةً واحدةً لا تحيد عنها، ومن هنا تتشكل عقيدة مقاومة لا تحيد عنها مهما لاقت من صعوبات وتضحيات.

فن التغيير على مدى التاريخ يقول أن قضايا الشعوب لا تخضع للواقعية والاعتراف بالواقع كما هو وترفض اعتبار البرامج السياسية، وخطط السيطرة التي تضعها دولة عظمى أمراً لا مفر من تحققه، ويستدلون بما يحصل في العراق من فشل لخطط وبرامج للدولة العظمى أمريكا، وفشل حرب 2006 في لبنان والعدوان على غزة 2009.

مدرسة التغيير تتسلح بمنطق أن القوي لا يمكن له أن يبقى محافظا على قوته لفترة طويلة خاصة إذا كانت ظالمة، وإلا لما رأينا شعبا يتحرر من الاحتلال وينال حريته ولما رأينا غير الظلم عبر التاريخ، وهذا ما لم يحصل على الإطلاق بحسب قولهم، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على فهم وتعاطٍ صحيحين مع الواقعية السياسية بشكلها العلمي الصحيح بعكس

المدرسة الواقعية القائمة على فن الممكن.

خلال العدوان على غزة وبعده برز أصحاب المدرستين بشكل كبير وزال الغبار عن الكثير من الأمور الغامضة، وتمترس كل فريق خلف مدرسته جاهدا أن يثبت صحة وديمومة ما نادي وينادي به.

الواقعيون في المدرسة الأولى رأوا - وما زالوا - أن أفضل وسيلة للتعامل مع تصارع القوى هو التعامل مع الاحتلال كقوة إقليمية عظمى، وان الزمان هو زمانها، وبالتالي لا مفر من التفاوض معها، بدل المجانية في التضحيات في ظل خلل موازين القوى لصالح الاحتلال.

ميزان القوى الحالي بحسبهم وعلى المدى المنظور يعطي أرجحية يقينية ذات أهمية للعدو الصهيوني صاحب القوة النووية...، وبالتالي فإن التفكير في المواجهة المسلحة هو ضرب من اللاعقلانية وعدم التعاطي العلمي والصحيح مع الواقعية السياسية، في مواجهة محسومة النتائج سلفاً، وأن اتخاذ قرار المواجهة ليس إلا انتحاراً سياسياً، يتحمل تاريخيا من اتخذه وقرره دون

معرفة العواقب.

مدرسة فن التغيير وروادها يرون أن المواجهة قادمة لا محالة، ولن  تنتهي إلا بتحقق النتيجة التاريخية المنطقية لمثل هذه الصراعات، وهي زوال الطارئ العابر، واستقرار الأصيل الغابر، وان غزة ما هي إلا جولة لصالحهم ستتعزز في الجولات القادمة لإزالة الطارئ  الدخيل والذي هو بمثابة شوكة في الجسم العربي والإسلامي يجب نزعها. 

استجداء الرأي العام العالمي، وعواصم دول القرار من أمريكا وأوروبا، ليس إلا إراقة لماء الوجه وانتحار سياسي بحسب هذه المدرسة لأن العالم ربما يتعاطف مع الضحية، ويذرف الدموع معها ومنها ما يكون دموع التماسيح، لكنه لا يحترم ولا يقيم وزناً إلا للقوي، والمظلوم يبقى مظلوما ما لم يحصل بطريقة أو بأخرى على القوة.

مريدو مدرسة فن الممكن كان لهم أن ينجحوا إلى حد ما عبر استمرار ماراثون التفاوض مع دولة الاحتلال لو أن الأخيرة التزمت وطبقت الاتفاقيات ولم تتنصل منها وأقيمت الدولة الفلسطينية المأمولة، ولوجد أصحاب مدرسة فن التغيير والمقاومة صعوبة في تقبل الشارع لهم ولأصبحوا في موقف صعب لا يحسدون عليه.

العلة أولا وأخيرا في الاحتلال المتغطرس

المغرور بقوته الناقض لعهوده والمخالف لاتفاقياته فلولا الاحتلال لما وجد هذا الظلم والاختلاف الحاد والجدال بكل هذا الزخم والقوة.

منطق التاريخ وصيرورته تشيران إلى أن الواقع سياسي السيئ من احتلال أو غيره يمكن تغييره بطرق شتى وعديدة إن أحسن صناع القرار التفاعل الايجابي مع السنن الكونية وطبيعة الصراعات.

القوي لا يمكن له أن يبقى قويا، لأن التغيير والتبديل هي من سنن الكون

وجدليته التاريخية.

جميل أن تتفق المدرستان على أن عالم اليوم لا يحترم ولا يعترف بالضعفاء وان التنافس والاختلاف في وجهات النظر سمة عادية، لكن من المؤسف عدم وحدتهما واتفاقهما على ضرورة العمل المشترك ضمن بوتقه واحدة لكنس الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية واستمرار المناكفات بشكل يبعثر الجهود ولا يستثمر الانجاز الأخير بالشكل الأمثل كونه للكل الفلسطيني وليس لجهة بعينها.

المصدر