ما بعد العدوان .. إلى أين؟ ...تساؤلات
بقلم : نضال بيطاري
يقف الفلسطينيون و على وجه الخصوص حركة حماس و السلطة الوطنية الفلسطينية أمام استحقاق جديد , إما أن يكون بوابة لصون دماء الشهداء و بلسمة لجراح المنكوبين و المكلومين , أو أن تطرح الرؤى المتنافرة على حساب دمائهم و جراحهم .
فللعدوان آثاره و تبعاته الاقتصادية و الاجتماعية على ساحة قطاع غزة خاصة و على مجمل الوضع الفلسطيني بشكل عام.
و للعلم نقول :أن الانقسام الفلسطيني على المستوى السياسي قد ولد انقساما اجتماعيا و هو إن لم تتبلور معالمه حتى الآن إلا أنه آخذ بالازدياد في ظل تعزيز الانقسام وتكريسه مع كل مستجد سياسي منبثق عن الحالة الفلسطينية الراهنة أو وارد إليها من الخارج .
و عليه فإن الوضع الفلسطيني ليس بحاجة في اللحظة الحالية إلى مواربة في التحليلات و تجميل للرؤى , بقدر ما هو بجاجة إلى التشخيص الدقيق لتفادي لحظة الانقسام القاتلة , فمخطئ من يظن ان الانقسام السياسي الفلسطيني السابق و الحالي سيظل مجاله الحيوي السياسة وحدها.
فأولى نتائج الانقسام (على الرغم من النزعة العدوانية الاسرائيلية و هي ليست مجال البحث هنا) هي ضحايا غزة من جرحى و منكوبين , فهل سيكونون مادة للابتزاز السياسي و الصراع على " أحقية " إغاثتهم , و من هو الأولى بتولي مسؤولية لملمة جراحهم , خاصة و أن الساحة الفلسطينية تدخل بعد العدوان أزمة شرعية ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس .
فهذه المسؤولية و أقصد الإغاثة على الرغم من بعدها الانساني و الأخلاقي العميق و الملح الضرورة , إلا أنه في آن معا يحمل مغاز سياسية قابلة للتوجيه المتعدد الاتجاهات و الأهداف على مستويي السلطة و التدخل الخارجي .
و بالتالي من حقنا كشعب فلسطيني فقد آليات المشاركة في اتخاذ القرار أن نحذر و نتخذ كل أسباب الحيطة من مغبة انفجار داخلي مستحدث لكنه من نوع آخر و على مساحة ممتدة أوسع من قطاع غزة و الضفة الغربية.
إذ هل تدرك القيادات الفلسطينية الخصوصية المجتمعية للشعب الفلسطيني , الشعب كله في الداخل و الشتات ؟
و مقصد السؤال , أن انفجارا داخليا حول الأسباب الآنفة الذكر , لن يقف عند حدود الضفة الغربية و قطاع غزة , فالتجمعات الفلسطينية في الشتات ستكون جاهزة للمشاركة في هذا الانقسام الكبير كلٌ وفقا لما تمليه عليه شروطه و ظروفه الموضوعية لأن هذه الحركة أصبحت خارج منطق الإرادة الذاتية الفردية و دخلت حيز الحركة الحزبية الأيديولوجية , وقد لوحظت بعض المؤشرات في هذا الاتجاه خلال فعاليات " التضامن مع غزة " في التجمعات الفلسطينية على اختلاف أماكن تواجدها و بنسب متفاوتة الحدة .
وعلى مستوى سياسي آخر ملتحم مع المستوى السياسي الفلسطيني و البعد الاجتماعي للانقسام , نجد أن استمرار رهن الوضع الفلسطيني بالتغيرات الإقليمية , يسير في اتجاه إعادة صياغة و إنتاج القضية الفلسطينية برمتها على أرضية انقسامية نكون نحن كفلسطينيين أدواتها و ضحاياها في آن معا .
لذا حقٌ لنا و علينا كفلسطينيين أن نسأل كيف و من سيعيد صياغة قضيتنا ورسم خارطة أولوياتها الثوابت , وما دورنا نحن كفلسطينيين في رسمه و ما حدود و محددات و من هم محددو هذا الدور؟
إن ما ذكرته فيه مجال كبير واسع للتفصيل , لكنه الخوف من ان نصبح نحن من ندعي اننا أكاديميون و مثقفون أداة من أدوات الفرز و التقسيم , لذا لا بد أن نكتفي بدور المحذر دون أن نقع فريسة لانتماءاتنا السياسية على حساب القضية برمتها
المصدر
- مقال:ما بعد العدوان .. إلى أين؟ ...تساؤلاتالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات