إسرائيل في حاجة إلى إنتخابات جديدة..!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إسرائيل في حاجة إلى إنتخابات جديدة..!!
نتنياهو.jpg

بقلم : د.ناجي صادق شراب

في إنتخابات غير مسبوقة في اسرائيل، جاءت نتائج انتخابات الكنيست الثامنة عشر لتؤسس لواقع سياسي جديد، وترسم خريطة حزبية مغايرة تماما للخريطة الحزبية التي عرفتها اسرائيل منذ قيامها عام 1948.

لقد جاءت هذه الإنتخابات التي دعت لها تسيبي ليفني قبل موعدها في نهاية هذا العام بنتيجة غير متوقعة بالنسبة لها، ولعل السبب وراء دعوتها أولا فشلها في تشكيل حكومة بعد إستقالة ايهود أولمرت في أعقاب ملفات الفساد التي لحقت به، وثانيا لرفضها الخضوع لإبتزاز حزب "شاس" حتى تظهر بصورة المرأة القوية، ومن هنا جاءت دعوتها على أمل أن تحقق نتائج إيجابية حاسمة، ولذلك جاء قرار الحرب على غزة ومحاولتها ضرب حركة حماس والمقاومة على وجه الخصوص، بنتيجة عكسية إستفاد منها حزب "الليكود" واليمين الإسرائيلي عموما.

ويلاحظ من قراءة نتائج الانتخابات تراجعا واضحا في دور الاحزاب الكبيرة وتنامي دور الاحزاب الصغيرة، فمن قبل تراجع دور حزب "العمل" مؤسس الدولة في اسرائيل والذي ظل مسيطرا على الحياة السياسية حتى عام 1977، عندما كسر حزب "الليكود" هذا الاحتكار، واليوم نجد نفس المصير يتلاقاه حزب العمل الذي تراجع من تسعة عشر مقعدا في الإنتخابات السابقة إلى ثلاثة عشر مقعدا في هذه الإنتخابات، في الوقت ذاته إرتفع نصيب معسكر اليمين من واحد وخمسين مقعدا في إنتخابات الكنيست السابعة عشر إلى خمس وستين مقعدا، وارتفع نصيب حزب "الليكود" بشكل ملحوظ من إثني عشر مقعدا إلى سبع وعشرين مقعدا وهي نسبة مرتفعة قد تعيد معها دور ووزن حزب "الليكود" إلى درجة الحزب المسيطر في إنتخابات قادمة مع تصاعد الإتجاه اليميني.

وفي السياق نفسه إرتفع نصيب حزب "إسرائيل بيتنا" إلى خمسة عشر مقعدا لتجعل منه الحزب الثالث وتجعل من هذا الحزب القاعدة لأية حكومة إسرائيلية، وتتوقف على مشاركته شكل ومستقبل أى إئتلاف حكومي.

أما بالنسبة لحزب "كاديما" ورغم فوزه فى هذه الإنتخابات بفارق مقعد واحد عن "الليكود" بحصوله على ثمانية وعشرين مقعدا بخسارة مقعد واحد إلآ أن هذه النتيجة قد تكون إيجابية لهذا الحزب وقد تؤكد إستمرار دوره على الخريطة السياسية الحزبية في إسرائيل..

وحتى في حال عدم مشاركته فى أي حكومة فقد يلعب دورا هاما كمعارضة سياسية ويظهر بأنه حزب يدافع عن جمهوره وعن بقية الإسرائيليين، مما قد يؤهله لتحقيق نتائج أكبر فى الإنتخابات القادمة.

وفي الوقت ذاته هذه النتيجة أكدت ظاهرة الحزب الوسط فى إسرائيل التي قد يجد فيها الإسرائيليون خيارا مهما في المستقبل.

ويلاحظ على هذه الإنتخابات تراجع واضح فى دور أحزاب اليسار مثل "ميرتس" من خمس مقاعد إلى ثلاثة مقاعد مما قد يعني ضعف دور اليسار عموما وضعف دور قوى السلام أيضا.

ويلاحظ كذلك تراجع نسبي في دور الأحزاب الدينية لصالح أحزاب اليمين.

لكن مما يلفت الإنتباه في هذه الإنتخابات بروز دور حزب "البيت اليهودي" الذى حصل على أربعة مقاعد مما قد يزيد من إحتمالات دوره مستقبلا.

أما موقف الاحزاب العربية فما زالت على نفس قوتها ووزنها فقد حصلت مجتمعى على أحد عشر مقعدا بزيادة مقعدين عن الإنتخابت السابقة هذا رغم إمكانية حصولها على عدد أكبر من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين العرب، وهذا قد يعزا الى تشتت الصوت العربي من ناحية، وعدم توحد القوائم العربية في قائمة واحدة، لكنها عموما تكتسب دورا سياسيا أكبر في ظل تراجع الاحزاب الكبيرة وخاصة فيما يتعلق بدعم قضايا سياسية محددة كالانسحاب من الاراضي الفلسطينية ودعم استئناف المفاوضات.

وعموما يلاحظ على هذه الإنتخابات التي شاركت فيها قوائم خمس وعشرون حزبا تزايد دور الأحزاب الصغيرة ويعزا هذا الى طبيعة النظام الإنتخابي الإسرائيلي النسبي والذي يستند على نسبة الحسم بمقدار 2%.

ومن المظاهر اللافتة للاهتمام غياب الشخصيات التاريخية وتراجع دور الجنرالات وزيادة دور السياسيين.

ويلاحظ على هذه الإنتخابات أنها إنتخابات بين الزعاملت السياسية والعسكرية أكثر منها بين أحزاب سياسية حيث الفوارق تكاد تكون معدومة في النواحي السياسية وخصوصا فيما يتعلق بقضية السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين، ولعل اللافت للإنتباه في هذه الإنتخابات نبرة التشدد والكراهية ضد العرب والفلسطينيين عموما وهنا يظهر تأثير التربية التوراتية والتنشئة السياسية التي تعمق الكراهية والقوة وعدم التسامح مع معهم.

وقد ظهر ذلك جليا في التصريحات والعبارات التي خيمت على الإنتخابات الإسرائيلية وخصوصا لدى قطاع الشباب الإسرائيلي الذين تستهويهم مثل هذه اللغة وهي ما كانت تقف وراء الحرب على غزة.

وفى ضوء هذه النتائج سيكون للحكومة الجديدة ما يقارب الخمسة والستين مقعدا وهذا بالنسبة للمعسكر اليميني وهي نسبة تبقى قليلة وتضع الحكومة تحت رحمة الأحزاب الصغيرة، وحتى في حالة مشاركة حزب العمل إلى جانب حزب "إسرائيل بيتنا" أيضا ستبقى الحكومة تحت رحمة الموقف اليميني المتشدد لليبرمان وهذا سيطدم بالضغوطات الخارجية وخصوصا الأمريكية ونبرة التغيير التي تسعى لها الإدارة الأمريكية الجديدة..

وحتى في حال تشكل الحكومة من الحزبين الرئيسيين "كاديما" و"الليكود" مناصفة ومشاركة "العمل" وإستبعاد ليبرمان ستبقى أيضا حكومة غير متناغمة ويصعب التوفيق بينها وذلك لسبب واحد أن كلا منهما يدرك أن عمر هذه الحكومة قصير ولذلك ستبقى عينه على إنتخابات الكنيست التاسعة عشر.

ماذا يعني ذلك على مستقبل هذه الحكومة وعلى مستقبل العملية السلمية؟

على الرغم من تعدد الخيارات أمام تشكيل الحكومة لكنها وفي جميع الأحوال ستبقى حكومة ذات إئتلاف هش ضعيف لن يكتب له الإستمرارية أكثر من سنتين، وهذا سينعكس سلبا في جميع الأحوال على مستقبل العملية السلمية التي قد تشهد تراجعا وتعثرا في مسيرتها.

ويبقى التساؤل الذي يحتاج منا إلى مقالة جديدة: ما هي الخيارات الفلسطينية أمام مثل هذه حكومة في إسرائيل؟!

المصدر