الإخوان المسلمون في التقرير الاستراتيجي العربي ( 2002م-2003م) (الجزء الأول)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون في التقرير الاستراتيجي العربي ( 2002م-2003م) (الجزء الأول)
28-08-2003

التقرير الاستراتيجي العربي:

مقدمة

صدر العدد 18 من التقرير السنوي "التقريرالاستراتيجي العربي" عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام.

وهذا التقرير يُعد من أهم التقارير الاستراتيجية في مصر والعالم العربي، كما تعتمد عليه كثير من المؤسسات الدولية في رصد وتحليل أهم الأحداث والوقائع خلال عام مضى، وكذلك رصد التحولات والتوقعات المتعلقة بالقوى السياسية الرئيسية، خاصةً في مصر التي تصدر بها التقرير.

وقد جاء في مقدمة التقرير الأول لعام 1985م والصادر في 1986م:

"صدور التقرير العربي الاستراتيجي الأول لعام 1985م يمثل حدثًا فكريًّا ينبغي أن نتوقف عنده قليلاً؛ لنتأمل في دلالته فهو أول تقرير استراتيجي يصدر عن رؤية عربية للنظام الدولي والنظام الإقليمي العربي والمجتمع المصري". ودعا الأستاذ" السيد ياسين" في ختام مقدمته:

"فليكن إصدار التقرير الاستراتيجي العربي من القاهرة دعوة لمزيد من الحرية والحوار بين الباحثين والمثقفين العرب على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية".

طول السنوات السابقة كان هناك تقليد بعقد مؤتمر مشترك في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لمدة يومين أو ثلاثة لمناقشات مطولة حول محتوى التقارير.

وكان التقليد المتبع أن يعالج التقرير أحداث عام واحد فقط ينتهي بنهاية ديسمبر، ولكنه خرج هذه المرة عن ذلك التقليد فأضاف الربع الأول من العام الحالي 2003م بسبب الحرب على العراق؛ نظرًا لخطورتها وتأثيراتها البالغة الأهمية، ولذلك أضاف المركز إلى الأقسام الخمسة الرئيسية قسمًا خاصًا للأزمة العراقية- الأمريكية.

هذه الأقسام هي:

1- التفاعلات الدولية: وركَّز التقرير على أمور منها:

- السياسة الأمريكية تحت سطوة اليمين الديني والسياسي.

- حوارات المثقفين: تساؤلات حول الحرب على الإرهاب.

2- التفاعلات الإقلمية: من إيران إلى تركيا إلى أفريقيا، وكان التركيز على تركيا: التطورات الداخلية والتفاعلات الإقليمية.

3- الصراع العربي- الصهيوني: وركز على الانتخابات في الكيان الصيوني، والانتفاضة والاجتباح الصهيوني.

4- النظام الإقليمي العربي: وركَّز على الأزمة السودانية وتطورات الجزائر.

5- جمهورية مصر العربية: مستعرضًا كالمعتاد:

- أداء مؤسسات الدولة.

- الأحزاب السياسية: حركة محدودة لمواجهة ركود كبير.

- المجتمع المدني- حالة النقابات المهنية.

- أداء الاقتصاد المصري- وأزمة البنك المركزي.

الإخوان المسلمون في إطار التقرير سنويًا:

حرص التقرير منذ العدد الأول على تناول دور الإخوان المسلمين، حيث ركَّز في العدد الأول على إدراج أهم أنشطة الإخوان في إطار الحديث عن جماعات الضغط في قسم السياسة الداخلية بمصر.

ثم سمّى الإخوان بعد ذلك بـ"الجماعات المحجوبة عن الشرعية"، وقد نادى منذ البداية بحق الإخوان في التنظيم السياسي.

وقال التقرير "نفس الأمر- الاختلال القائم في المجتمع والدور الذي يقوم به جهاز الدولة في حسم الأمور في الوقت الذي يتكرر فيه الحديث عن الديمقراطية- يتأكد من خلال الموقف من الحركة الإسلامية وعدم إقرار حقها في التواجد السياسي الشرعي كحزب سياسي معلن مع إقرار حق الجميع في التنافس مع هذا الحزب على قدم المساواة بحيث يحسم الموقف من برنامجه بالإدارة الشعبية لاعتبارات جهاز الدولة". (العدد الأول 1985م).

وفي العدد الثاني(العدد لعام 1986 ) عدَّل التقرير المصطلح إلى "القوى المحجوبة عن الشرعية" بما يحمله من دلالات وقد عرَّفها بقوله:

"يقصد بالقوى المحجوبة عن الشرعية تلك القوى السياسية الموجودة فعليًّا في المجتمع المصري، والتي يحجب عنها النظام السياسي- من خلال أساليب سياسية وقانونية- حق الوجود الشرعي، ويتجسد هذا الحجب في ظل النظام السياسي القائم في مصر في حرمانها من حق تشكيل أحزاب سياسية"

وكان من بين الأهداف:

"تحديد المسافة بين الشرعية القانونية الشكلية وبين ما يُمكن أن يُسمى بالشرعية السياسية والاجتماعية والثقافية، وبحث أساليب الالتفاف على ضوابط الشرعية الشكلية القانونية،

ورصد وتحليل خريطة هذه القوى بشكل عام وخريطة كل تيار على حده.

ومعرفة الأساليب التي تتبعها تلك القوى في مواجهة النظام السياسي... ألخ"

ولم يصمد طوال السنوات الـ17 السابقة والتي رصدها التقرير إلا الإخوان المسلمون فقد ظلوا محجوبين عن الشرعية بإصرار النظام على استبعادهم من ساحة الأحزاب، وظلوا رغم ذلك رقمًا أساسيًّا صعبًا على الساحة السياسية والفكرية والمجتمعية والنقابية لا يمكن للتقرير أن يتجاهله، لذلك كان للإخوان في كل التقارير السابقة وفي تقرير هذا العام النصيب الأوفى من بين القوى السياسية في مصر للتحليل والرصد والمتابعة مع تفاوت في هذا الرصد، حيث كان آخر تقريرين عن عام 2000م يركز على أداء الإخوان في الانتخابات البرلمانية، وعن 2001م عن موقف الإخوان من أحداث سبتمبر وتداعيات الحرب الأمريكية المعلنة على الإرهاب.

• تقرير هذا العام 2002م- 2003م:

رصد التقرير مواقف الإخوان المسلمون بمصر في موقعين أساسين:

أولاً: في الجزء الخاص بالأزمة العراقية الأمريكية.

ثانيًا: في الجزء الخاص بمصر في الجزء الخاص بالأحزاب السياسية.

- الإخوان المسلمون والحرب على العراق:

تعرض التقرير للدور المصري في الأزمة الأمريكية، وتناول دور الدبلوماسية المصرية ثم الموقف الرسمي المصري من العدوان ثم الموقف الحزبي والشعبي من العدوان مستعرضًا موقف الحزب الحاكم ومواقف أحزاب المعارضة والمؤسسة الرسمية الدينية، وقال:وعلى الواقع الحركي في الشارع المصري حدث تنسيق بين أحزاب المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونًا،

وأثمر عن تنظيم أول مظاهرة شعبية للتضامن مع الشعب العراقي، حضرها ما يقرب من مائة وخمسون ألف مواطن مصري يمثلون كافة التيارات السياسية والطلابية في استاد القاهرة، وذلك في أول تحرك حزبي شعبي ظهر فيه تعاون غير مسبوق بين المعارضة والجهات الأمنية المسؤولة".

وأضاف التقرير: واللافت للنظر أن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونًا شاركت في العديد من الأنشطة السياسية والجماهيرية، ونسقت مع العديد من الأحزاب والنقابات المختلفة، وظهر في بعض المناسبات قدرتها على تنظيم الحشود الجماهيرية، وفي الكلمات التي قالها منتسبون للجماعة كان التركيز على التاريخ الكفاحي للأمة الإسلامية في مواجهة مثل هذه الهجمات العدوانية، والتي كُتب للأمة الإسلامية في نهايتها النصر بفضل التمسك بالعقيدة والرغبة في الجهاد ضد المعتدي الأجنبي مدللاً على ذلك بما تحقق على يد "صلاح الدين الأيوبي" و"قطز".

وعندما نتناول هذا الجزء بالتحليل فإن أهم ما يلفت الانتباه فيه:

1- رصد التنسيق الذي تم بين الإخوان وبقية الأحزاب المعارضة والتعاون الذي تم وهو غير مسبوق مع أجهزة الأمن لتنظيم مظاهرة الاستاد، وهي أول مظاهرة شعبية مرخص بها بمصر.

2-المشاركة الواسعةللإخوان في الأنشطة السياسية والجماهيرية وقدرة الجماعة على تنظيم الحشود الجماهيرية.

3- التركيز على البعد العقيدي الإسلامي وتاريخ الجهاد الإسلامي ضد العدوان.

أولاً: التنسيق بين الإخوان وبقية القوى السياسية:

لقد تعرض التنسيق مع الإخوان إلى تدهور شديد بعد المحاكمات العسكرية للإخوان عام 1995م والحظر التام الذي فرضه النظام المصري على نجاح أي مرشح من 150 الذين ترشحوا عنالإخوان خلال انتخابات 1995م، ولم يفلت منه إلا الأستاذ "علي فتح الباب" الذي فاز عن مقعد العمال لدائرة التبين الصناعية.

وقد حاولت الأحزاب الثلاثة المعارضة الوفد- الناصري- التجمع التي تمثل الاتجاهات الليبرالية والقومية واليسارية أن تُحيي فيما بينها لجنةً أخرى باسم الدفاع عن الديمقراطية استبعدت فيها الإخوان المسلمين أساسًا وبقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وتعرضت لصعوبات شديدة؛ حيث نادى الوفد خلال ذلك بتشكيل جبهة وطنية عريضة، ولم يبذل جهدًا حقيقيًّا في إنشائها، حيث يتعرض الحزب لتصدعات داخلية وعواصف شديدة وانصراف أعضاء بارزين عن رئيسه ونادى الوفد أيضًا بضم الحزب الحاكم إلى اللجنة الخاصة بالدفاع عن الديمقراطية، مما أثار بقية الأحزاب، فلم تفلح تلك اللجنة في سد الفراغ الناشئ عن لجنة التنسيق السابقة، والتي كانت تضم بجانب الإخوان الأحزاب الرئيسية الأربعة المعارضة وكذلك الشيوعيين.

وجدير بالذكر أن بعض المحافظات ما زالت تلك اللجنة التنسيقية تنشط فيها تحت ذلك الاسم مثل الغربية والشرقية والدقهلية.

- الأسباب الرئيسية التي أضعفت التنسيق المطلوب هي:

أ- الضغوط الشديدة من جانب النظام على الأحزاب والتي وصلت إلى تحذيرات شفوية من الرئيس لقادة الأحزاب خلال لقاءاته معهم قبيل الانتخابات البرلمانية السابقة عام2000م

ب- الإغراءات التي يقدمها الحزب الحاكم لهذه الأحزاب، وخاصةً لزعمائها ببعض المقاعد البرلمانية، وقد أفلح ذلك مع حزب لتجمع اليساري الذي أصبح يلعب دورًا هدامًا في الحياة السياسية المصرية، ويتبنى خطابًا إقصائيًّا تكفيريًّا ضد الإخوان والتيارات الإسلامية حتى تلك التي نبذت العنف وأعلنت توبتها عنها وصدقت في ذلك. جـ- الضغف الشديد للأحزاب المصرية المعارضة، وهو ما رصده التقرير مما أفقدها أي وجود شعبي حقيقي وأزهد الباقين في التنسيق معها، وبدأت تيارات شبابية جديدة تنصرف عنها إلى محاولات لتفريغ الطاقة بعيدًا عن الأحزاب، خاصةً جيل الوسط 35-50

د- ضيق المجال العام الذي يمكنه أن يلعب التنسيق بين الأحزاب فيه دورًا في الحياة العامة المصرية، حيث أصبحت الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردي وتجمدت النقابات المهنية، فلا اتنخابات نقابية بها، وتأممت النقابات العمالية تمامًا، واختنقت الجمعيات الأهلية

هـ- غياب الشخصيات التاريخية التي لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الأحزاب ودفع عملية التنسيق مثل "فؤاد باشا سراج الدين"(الوفد) د."حلمي مراد"(العمل) و"عادل حسين"(العمل)

وغياب حزب العمل نفسه كحليف للإخوان عن الساحة السياسية؛ بسبب تجميد نشاطه ومنع صحيفته (الشعب) والخلافات الداخلية التي عصفت به بين جناحين ثم خلافات داخل كل جناح أدَّت إلى تشكيل حزب جديد (الجيل) برئاسة "ناجي الشهابي" وخروج "طلعت رميح" رئيس تحرير الجريدة المجمدة عن جناح "مجدي حسين".

ومع ذلك فقد ظل الإخوان حريصين على العلاقات الطيبة بالأحزاب سواء على المستوى المركزي أو بصورة أفضل في المحافظات الكبرى.

وفي ضوء ذلك:

أيد الإخوان رموز حزبية للمعارضة في الانتخابات البرلمانية عام 2000م حيث

أ- أخلوا دوائر انتخابية لهم فلم يرشحوا ضدهم أحدًا.

ب- دعموا بعضهم بصورة واضحة في الانتخابات من مختلف الاتجاهات مثل "فؤاد بدراوي" و"منير فخري عبد النور"(الوفد) و"حمدين صباحي" و"عبد العظيم المغربي"(الناصريين)

جـ- شكلوا قوائم انتخابية نقابية في انتخابات المحامين والصحفيين تضم ألوان الطيف السياسي (وهو ما رصده التقرير الاستراتيجي)، وكان أبرز مظاهر التنسيق ما تم في الحملة الشعبية المعارضة للعدوان والحرب الأمريكية على العراق، كما أبرز هذا الجزء من التقرير، ولهذا قصة تستحق أن تُروى:

فقد قرر الإخوان تصعيد المعارضة الشعبية عبر المؤتمرات والتظاهرات والخروج إلى الشارع لدعم الموقف المصري الرسمي والعربي، وللرد على الحملات الأمريكية والغربية التي تقلل من أهمية الموقف الشعبي العربي، وللمشاركة الواسعة مع الحملة الشعبية العالمية ضد الحرب، حيث لم يكن مناسبًا أن ينظم الإخوان في بريطانيا مظاهرات مليونية بالاشتراك مع القوى اليسارية، وتلك التي ضد العولمة والأخرى التي ضد الحرب بينما لا ينظمون مثل ذلك في العالم العربي والإسلامي.

ولإخراج هذه المظاهرات لم يكن متوقعًا أن يُوافق النظام المصري والأجهزة الأمنية للإخوان تحديدًا على الدعوة وتنظيم تلك التظاهرات باسمهم الصريح وعقب حدوث مصادمات مع المظاهرات التي خرجت بعفوية وشارك فيها الإخوان، وكما صرَّح قيادات النظام والحزب أنه لابد من السماح للمظاهرات حتى يتحقق الاستقرار ويتم التعبير عن الرأي، كان هناك عدة تحسبات رسمية منها:

أن الإخوان ممنوعون قانونًا وهم أصحاب القدرة التنظيمية العالية والانضباط الدقيق والقدرات على الحشد الجماهيري؛ نظرًا لانتسابهم الواسع

- والأحزاب ضعيفة وغير قادرة على الفعل

- والمطلوب مظاهرات ضخمة لا تتعرض للنظام المصري بانتقاد شديد ولا تعرض العلاقات الرسمية المصرية الأمريكية لخطر بالغ.

- ولذلك خرجت فكرة الدعوة إلى تحالف القوى الوطنية والشعبية ضد الحزب وتم اقتراح اسم الدكتور "حمدي السيد" نقيب الأطباء لترأس التحالف ويتفاوض باسمه مع الأجهزة الأمنية، وتم تشكيل وفد معه يضم النائب الإخواني أ.د "محمد محروس" المتحدث باسم كتلة الإخوان والنائب الناصري "عبدالعظيم المغربي" المستقل حزبيًّا وتمت الموافقة على مظاهرة الاستاد الشهيرة، وعند التنفيذ أصرت أجهزة الأمن على التنسيق فقط مع الإخوان لإدراكها أن الحشد الأكبر، وسيكون إسلاميًّا وغالبًا منتميًّا إلى الإخوان ومدرستهم، ويبدو أن مثل هذا التنسيق العارض الذي تم في مظاهرة الاستاد قد يكون من مصلحة مصر إحياؤه مع مقدم انتخابات مجلس الشعب القادمة.

- والذي يدفع إلى ذلك أن قانون الانتخابات القادم والذي يتم طبخه بعيدًا عن الرأي العام سيتبنى غالبًا نظامًا مشتركًا من القوائم الحزبية والمقاعد الفردية وهنا ستكون الحاجة واضحة لهذا التنسيق من أجل المصلحة العامة ومواجهة التلاعب الحكومي.

- والأمر الثاني أن تجميد الأوضاع النقابية لن يستمر طويلاً، وهناك تفكير في إلغاء القانون 100 الشهير، مما يستدعي حوارات وتنسيق بين ألوان الطيف السياسي الواسع، وذلك في إطار السياسة التي تهدف لتأكيد الرأي الآخر، ومواجهة الانفراد الحكومي.

- هذا ومازال الإخوان على منهجهم الراغب في الحوار من أجل مصلحة البلاد والعباد وعدم الاستفزاز والثبات على دعوتهم والإصرار على حقوقهم الشرعية والقانونية والعمل وفق منهجهم المتدرج من أجل الإصلاح الشامل وكانت مشاركة الإخوان الواسعة في الأنشطة الجماهيرية ضد الحرب والتنسيق مع كل الأطراف لإنجاح تلك الأنشطة وخطابهم الذي يركز على البعد العقيدي الإسلامي متسقًا مع خطتهم وخطهم العام.

- أما القسم الثاني الذي يركز فيه التقرير على الأوضاع الداخلية للجماعة فله حديث آخر.

المصدر