المحاكمات العسكرية وحقٌ يأبى النسيان
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
بقلم: محمد السروجي
مقدمه
يوم 15 أبريل 2009 يواكب الذكرى الأولى للأحكام العسكرية الجائرة في حقِّ قيادات الإخوان؛ وعلى رأسهم المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين، ورغم مرور الأيام وصدور الأحكام يجب ألا نستسلم للواقع المؤسف والمؤلم الذي نحياه؛ لذا أكتب؛ تذكيرًا بالحقوق، وتوضيحًا للرؤى، وإبراءً للذمة، ونُصحًا لمن يهمه الأمر قبل فوات الأوان، أكتب لكل قيادي ومسئول، أيًّا كان موقفه وموقعه، عَلِم بهذه القضية، عسى أن يُسهم بموقف أو كلمة لرفع الظلم البيِّن عن الشرفاء في سجون الوطن.
الدوافع والأهداف
- القيام بالواجب الشرعي؛ تنفيذًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “الدين النصيحة“، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: “لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم”.. “مَنْ رأى منكم منكرًا؛ فليغيره”.. “انصر أخاك”.
- تذكيرًا لكل معنيٍّ ومسئول بتحمل مسئولياته الوظيفية والوطنية والشرعية.
- الأخذ بالأسباب وممارسة الحقوق المتاحة، بغضِّ النظر عن النتائج.
- حفاظًا على موارد مصر ومكانتها، وطاقاتها المهدرة في خصومات ونزاعات مفتعلة.
- حفاظًا على التوافق المجتمعي، وسلامة النسيج الوطني المعرَّض للتمزق بسبب كثرة التجاوزات.
- عدم الاستسلام لمرحلة الاستبداد والفساد التي تعاني منها مصر على كافة المستويات.
- دعم كل مظاهر الإصلاح من أي وعاء خرجت؛ إعمالاً للسنة النبوية “الحكمة ضالة المؤمن”.
- واجب النصرة لكل مظلوم أو صاحب حقٍّ؛ فضلاً عن أخوة دعوة ومنهج، قابلتهم، وعايشتهم في سجن مزرعة طرة (الفترة من 13/3 إلى 9/8/2007م).
- تأكيدَ أن الحق لا يسقط بالتقادم، وأنه يستعصي على النسيان.
دلالات ونتائج
- من الخلط البيِّن والخطأ الجسيم على المستوى القانوني والسياسي والإنساني؛ أن نُسْتَدرج أو نستسلم، ونعتبر أن قيادات الإخوان الـ40 توفرت لهم ضمانات العدالة المعمول بها محليًّا ودوليًّا؛ لأن الحدث سياسي منذ خطواته الأولى؛ حيث عجز النظام عن منافسة الإخوان ميدانيًّا، فأساء استعمال سلطاته، واستدعى المؤسسة العسكرية؛ لتكون أداته في نزاعٍ ليست طرفًا فيه.
- النزاع الذي حُكم فيه غير متكافئ على جميع المستويات وبكل المعايير؛ فالإخوان كفصيل سياسي في كفَّة والنظام بكل مؤسسات الدولة وإمكاناتها في كفَّةٍ أخرى؛ لذا فلا اتهامات جادَّة، ولا تحريات دقيقة، ولا إجراءات سليمةً؛ بل ولا سند قانونيًّا أو دستوريًّا.
- أصرَّ النظام على حرمان المحالين من حقوقهم أمام القضاء العسكري؛ فلم يسمح بحضور العشرات من المحامين والمئات من المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية كمراقبين، ولم يقبل أي طعن من إجمالي 300 طعن قدَّمتها هيئة الدفاع ضد النائب العام، والكسب غير المشروع، واللجنة المالية، ونيابة أمن الدولة.
- المحاكمة كانت محاسبة ومساءلة للنظام أكثر منها دفاعًا عن الإخوان؛ حيث أثبتت تغوُّل السلطة التنفيذية، وتهميش السلطة القضائية، وتبعية السلطة التشريعية، وتحريض الآلة الإعلامية، وهذا لا يكفي إسقاط القضية فقط؛ بل إدانة النظام، والاعتذار للمحالين وذويهم وتعويضهم وتكريمهم.
- فشل النظام في تحقيق أهدافه من وراء هذه المحاكمات؛ فلم يتمكن حتى الآن من إخلاء الساحة للوريث القادم، أو التغطية على الاستبداد والفساد القائم؛ بل العكس هو الكائن.. مزيد من اليقظة الشعبية.
- هذا المشهد لن يكون الحلقة الأخيرة في سلسلة القمع والاستبداد، وسيتكرَّر بصورٍ أخرى، وعلى رجالات الدعوة والإصلاح أن يوطِّنوا أنفسهم بالصبر الجميل، والثبات المتين، والإصرار، والعمل المتواصل؛ لأنه لن يكون إلا ما قدَّره الله.
- المشهد بأكمله يؤكد إفلاس النظام في منافسة الإخوان، ويحمل في طيَّاته الكثيرَ من بشائر النصر والإصلاح القادم، ويؤكد صحة منهج الإخوان وسلامته، بل والتأييد الشعبي والنخبي لهم.
عمومًا في الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما زلنا نناضل؛ انتزاعًا للحقوق، وحفظًا للإنسان