انتخابات في فم الأسد!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
انتخابات في فم الأسد!!
الواعىىىىىىىىىىىىىىىى.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

يفترض أن تكون الانتخابات في أية أمة نزيهة ونظيفة لتعكس رأي الأمة وإرادتها في اختيار نوابها الذين يحملون الأمانة ويسهرون على مصالحها ويقودونها إلى التقدم والفلاح، ولهذا تحتاط الشعوب وتتخذ الخطوات اللازمة لذلك، لتمنع الغش والتزوير، والتسلط والقهر والتلاعب، فتحارب الرشوة واستغلال النفوذ والضغوط على الضعفاء وذوي الحاجة.... إلخ.

ومن هذه الخطوات التي تتخذ لذلك اختيار حكومة محايدة لتجري الانتخابات، وتنظمها تحت رقابة قضاء عادل ولجان من ذوي النزاهة والحَيْدة، وقد تحتاط الأمة فتطلب مراقبين دوليين لذلك ضمانًا لسمعة البلد وشهادة على الشفافية والنزاهة المطلقة في اختيار وكلاء عن الشعب لحكمه وريادته، وبهذا تكون الشعوب قد شاركت في المسيرة وتحملت الأمانة وساندت القرارات التي ربما تكون صعبة ومصيرية.

أما أن تكون هناك انتخابات ولا ضمانات أو خطوات تمنع التلاعب أو التعدي والتزوير أو استغلال السلطات ، فإنها ستكون لعبًا في فم الأسد، ولا حيلة للشعوب إلا أن تسير في فم الأسد، نعم لقد ضعف الأسد ولكنه يملك من الأنياب والمخالب ما يستطيع به أن يطيح بمَن يشاء، وقد تساهل الأسد قليلاً ليأمن في السيرك على أنفسهم، ولكن ذلك يكون في مساحة معينة لا تمس حماه ولا تتعدى على غروره، ودكتاتوريات العالم الثالث كلها على هذا المنوال، تتجمل بالمساحيق وتتظاهر بالمودة والصدق، وهي بشعة كذوبة، وهذه الأسود المفترسة تكون أسودًا على شعوبها فقط أما على أعدائها فهي قطط وفئران ... وصدق القائل:

أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ فتخاءُ تنفر من صفيرِ الصافرِ

هلا برزت إلى غزالةٍ بالورى بل كان قلبك في جناحي طائر

وأمتنا الإسلامية صادفت في عصورها النَحِسَات هذا الصنف البغيض الذي نبذه الناس، وقال فيه القائل أيام نكبة الأندلس:

مما يزهدنا في الأندلس ألقاب معتصم فيها ومعتضد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسد

وتجري الانتخابات في أرض الكنانة تحت وعود بالحَيْدة والنزاهة وعدم السماح بالتجاوزات أن تكون وعود (عرقوب) بعد ما سمعناه من غرائب عن تجاوزات مدعومة ببركات الأمن ومشمولة بنفحات السلطة الرؤوم، وقد سارت ركبان الجرائد والمواقع بفيوضات كثير من الفضائح الفجة فنسمع مَن يقول وينشر في وسائل الإعلام، يباري مرشحو الدولة في الإنفاق المالي لشراء أصوات الناخبين عن طريق الرشاوى، كما يتبارون في الاستعانة بالبلطجية لتأديب منافسيهم، وقد رفعوا أجر البلطجي إلى 200 جنيه يوميًا، مقابل تنفيذ الأعمال المكلف بها من ضرب المرشحين الآخرين وتمزيق لافتاتهم، وقد استعان بعض المرشحين ببلطجية من المحافظات الأخرى ممن تنطبق عليهم صفات القوة وضخامة الجسد والتشرد والوقاحة.

كما نشرت وسائل الإعلام أنَّ الحملة الانتخابية للحزب الحاكم تبلغ 6 مليارات جنيه حسب توقعات خبراء المال والاقتصاد، وأرجع الخبراء زيادة الرقم في هذه الانتخابات إلى زيادة تكلفة الطباعة لبرامج المرشحين والمنشورات الانتخابية وإقامة المؤتمرات الشعبية واللافتات.

وكان الخبراء قد ناقشوا هذه القضية في ندوة "تجربة مصر في الانتخابات البرلمانية في ظل التعددية" التي نظمها معهد الأهرام الإقليمي، وتعد قيمة هذه الفاتورة أربعة أضعاف فاتورة عام 2000 م على الأقل على اعتبار أن التقارير قدرت حجم الإنفاق الدعائي بالمليار ونصف المليار جنيه، وتشير الإحصاءات المبدئية إلى أن متوسط إنفاق المرشح الواحد سيتعدى المليون جنيه، وأكبر رقم تمَّ إنفاقه في الانتخابات الحالية هو 20 مليون جنيه للمرشح الواحد، كما تبين أن سبب ارتفاع الفاتورة هو أن 10% من المرشحين في 444 دائرة انتخابية من رجال الأعمال بما يوازي 500 مرشح.

ورصدت جريدة الوفد مظاهر الإنفاق والبذخ على الدعاية وتركزت هذه المظاهر في القرى على بناء المدارس والملاعب والتبرع للمساجد والكنائس وتقوم حملات الدعاية الانتخابية في معظم تلك المناطق منذ سنوات.

ومن تقاليع انتخابات 2005 م قيام أحد المرشحين في إحدى دوائر وسط القاهرة بشراء تذاكر لمباريات كأس الأمم الإفريقية المقرر إقامتها بالقاهرة في يناير القادم بمبلغ 6 ملايين جنيه وتوزيعها على الناخبين.

وقام مرشح آخر وهو تاجر كبير بتنظيم رحلة عمرة مجانية لحوالي 300 شخص من أبناء دائرته تكلفت حوالي مليون جنيه، كما قام مرشح في إحدى دوائر جنوب القاهرة وهو صاحب شركة استثمارية بتوزيع سلع معمرة وغسالات وثلاجات وبوتاجازات وتلفزيونات على أهالي دائرته.

وظهرت صيحة جديدة وهي اتفاق بعض المرشحين مع مطربين شعبيين مشهورين على تقديم أغاني خاصة لهم بمناسبة الترشيح، ووصل سعر بعض المطربين الشعبيين في بورصة الانتخابات إلى حوالي 100 ألف جنيه.

ويحرص بعض المرشحين على ضرورة وضع اتفاق في العقد مع المطرب الشعبي يحرمه من الاتفاق مع أي منافس آخر في الدائرة، كما قام بعض المرشحين بإعداد أفلام تسجيلية تشرح أعمالهم وخططهم لأهالي دائرتهم، وقاموا بطبعها علي أسطوانات كمبيوتر مدمجة C.D وتوزيعها على الأهالي.

وعلى جانبٍ آخر، صعد رجال الأعمال المرشحون على قوائم الحزب الوطني من إنفاقهم على شراء أصوات الفقراء حتى وصل ثمن الصوت الواحد 300 جنيه، بالإضافة إلى هدايا عينية أخرى، وقالت مصادر بنكية إن عددًا من المرشحين لجؤوا إلى البنوك بضمانات معينة لإغراق سوق الانتخابات بالأموال التي تنفق على جلب الأصوات.

وعلى هذا، فماذا يفعل الشرفاء الذين لا يملكون إلا قوتهم وشرفهم وعلمهم وعقولهم أمام هذا الطوفان الذي يفسد الذمم ويتاجر بمستقبل الأمة ومقدراتها؟! وماذا يفعل المحترمون أمام هذا السعار والتدخلات حتى بالبلطجية والمسجلين الخطرين الذين تصطفيهم الدولة وتسلطهم على شرفاء الأمة وخيرة أبنائها وصفوة مثقفيها؟! بل ماذا يفعل المسالمون والمحبون لبلدهم أمام إرهاب الدولة وأموالها ومقدراتها المستغلة لصالح مَن تريد؟! بل ماذا تفعل الطاقات الحيوية أمام هذا الأسد الذي فغر فاه ويستعد بأظافره وأنيابه؟! نعم، إنها معركة ولكن الحق فيها هو المنصور بعد الجهاد والجلاد إن شاء الله، والعاقبة للمتقين، وصدق الله: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17) صدق الله العظيم.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى