جنازة مهيبة للدكتور عبد الكريم الخطيب توحِّد المغرب
الرباط- عبد الله الراشدي:
- عبد الإله بنكيران: عرفناه مؤمنًا صلبًا ودفناه جبلاً في التراب
- عبد الله بها: كان عظيمًا بكل الأبعاد وفقدنا فيه سندًا معنويًّا
- محمد الحمداوي: سمعنا عنه في الخارج أكثر مما عرفناه
- د. حمزة الكتاني: جاهد من أجل إعادة الإسلام للأندلس
في جنازة مهيبة شيَّع المغاربة بمختلف انتماءاتهم السياسية والشعبية جنازةَ الدكتور عبد الكريم الخطيب؛ مؤسس حزب العدالة والتنمية، مساء الأحد بمقبرة الشهداء بالرباط.
حضر الجنازة سمو العاهل المغربي المولى رشيد والوزير الأول عباس الفاسي ومستشارو الملك محمد السادس محمد معتصم وعبد العزيز مزيان بلفقيه وعباس الجراري، ومحمد رشدي الشرايبي عضو الديوان الملكي وعدد من أعضاء الحكومة.
كما حضر الجنازة بالإضافة إلى مكونات الحركة الإسلامية قياديون من اليسار المغربي وشباب "الكشفية" بزيهم الخاص، فضلاً عن رفاق الراحل في درب المقاومة بالنظر لكونه أحد مؤسسي جيش المقاومة والتحرير بالمغرب.
وتلا مستشار العاهل المغربي محمد معتصم برقية التعزية الملكية لأسرة الفقيد وحزب العدالة والتنمية، ذكَّر فيها بخصال الفقيد في خدمة دينه ووطنه، إذ كان مسترخصًا الغالي والنفيس في إيمانٍ راسخٍ ونكرانِ ذاتٍ في جميع المسئوليات التي تقلدها؛ طبيبًا ماهرًا نذر حياته للمصلحة العامة، وأحد قادة المقاومة وجيش التحرير، وسياسيًّا محنكًا، ورجل دولة وازن، وهو ما ظل يجسِّده في وفاء صادق وولاء مكين منذ اعتلينا عرش أسلافنا المنعمين.
وفي برقيته إلى الأمين العام للحزب قال العاهل المغربي الملك محمد السادس: "نعرب عن تعازينا الحارَّة ومواساتنا الصادقة في فقدان هيئتكم السياسية الموقّرة لرئيسها المؤسس؛ الذي أبلى البلاء الحسن؛ سواءٌ في تاريخ الحركة الوطنية، كأحد قادة المقاومة وجيش التحرير، أو في معركة الجهاد الأكبر، مناضلاً سياسيًّا حكيمًا، متشبعًا بقيم دينه السمح وهويته المغربية الأصيلة".
وأضاف جلالة الملك في البرقية أنه بوفاة الدكتور الخطيب "يكون المغرب وهيئتكم السياسية قد فقدا نموذجًا يُحتذى في التشبُّث بإمارة المؤمنين، والتعلق بثوابت الأمة ومقدساتها، والنهوض بأمانة وصدق ونكران ذات بالمسئوليات الوازنة والمهام الجسيمة التي تقلَّدها؛ مهنيًّا وسياسيًّا وحكوميًّا وحزبيًّا، متحليًا في كل المراحل وسائر الظروف والأحوال بالإخلاص والالتزام بالقيم الدينية والوطنية المثلى، جاعلاً مصلحة الوطن العليا في الوحدة العقدية والمذهبية والسيادة وقدسية الثوابت وحرمة المؤسسات تسمو فوق كل اعتبار".
وعبرت مجموعة من القيادات الإسلامية عن عميق تأثرها بفقدان الرجل، الذي خدم وطنه ودينه بإخلاص وتفانٍ، مع كبر عمره وما ألمَّ به المرض، وفيما يلي تصريحات حول الفقيد:
عقب انتهاء الجنازة نعاه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بخصاله وزهده، وقال:
"عقب انتهاء المؤتمر السادس قررنا في الأمانة العامة أن نزوره، وتكلَّفت بالكلام لما أتاني الله من أسلوب الخطابة، ولكن لما جئت إليه لم أستطع الكلام، وقال لنا: أولادي أنا غريب في هذه الدنيا ولا أحد لي إلا أنتم، فأنتم أحبابي الحقيقيون، وسمعتكم تشق الحجر وبدأ يعترف بكم القاصي والداني، وليس لي ما أهديكم إلا لوحة رسم عليها مسجدًا وكتب عليها: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيْعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا).
وتابع بنكيران: "وأقول شهادةً لله: إن الرجل كان مؤمنًا صلبًا واليوم دفنا جبلاً في التراب، وكان يقينه في الله كبيرًا، يتجاوز إدراكي؛ فالرجل بطل من الأبطال، وصدره كبير الإيمان، رغم لطف معشره، والرجل عهدناه دائمًا موجودًا في فعل الخيرات، إن جئته عن القضية الفلسطينية قال: بسم الله، وإن جئته من أجل القضية الأفغانية، قال: بسم الله، والقضية الشيشانية كذلك، ولما دخلنا للحزب تنقَّل معنا دون اعتبار للمكانة الاجتماعية لمن سنلتقي بهم.. إنه رجل عظيم في وقت لم تعد فيه معاني العظمة مع الأسف".
وأضاف بنكيران: "إن فقدانه قاسٍ علينا، ونحن اليوم مثل مجموعة من الأيتام مات عنهم والدهم، ولكن لله العزاء من كل عزيز، ولنا في أخينا حق أن نستفيد من وفاته كمؤشر لوفاتنا، والرجوع إلى ربنا، وله علينا حق أن ندعو له بقلوب خاشعة ونترحَّم عليه، فالرجل كان نظيف اليد، وكان يزكي ماله قبل أن يدخل إلى داره، وعاش من عمل يده، ومات وعليه ديون، وأديت عنه بما تبقى من المؤتمر السادس للحزب، وكان في حياته رجلاً كريمًا، يمنح كل من جاء إليه حتى لا يبقى لديه شيء، وهكذا عرفت الرجل، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
وقال عبد الله بها، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عنه: "لو كنت شاعرًا لنظمت قصيدةً في رثاء الدكتور الخطيب بعنوان "رحيل رجل عظيم"؛ لأن الدكتور الخطيب رجل عظيم بمختلف الأبعاد، فهو عظيم في إيمانه، عظيم في توكله على الله، عظيم في شجاعته وشهامته، وفي كرمه ونجدته، عظيم في تواضعه، وفي أي جانب تنظر إلى الرجل من خلاله تجده يمثل العظمة".
ويضيف: "لم نفقد في الدكتور الخطيب رمزًا، بل فقدنا فيه سندًا معنويًّا؛ فعندما كنا نذهب إليه بمنزله، وهو في سنه (81 سنة) نجده يتقد حماسًا وتفاؤلاً ونظرةً إلى المستقبل وابتغاء الخير، ورغم أننا نقل عنه عمرًا بعقود فإننا نتأسى بحماسه، ويكفي أن أقول إنه في سنه كان يصوم، وكان فرحًا بلقاء الله تعالى، ولا أستطيع أن أضيف أكثر في هذا عن الرجل الذي عاشرناه وأحببناه وأكرمنا، ونسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون".
من جهته قال المهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح: "نسأل الله تعالى أن يتقبله عنده في الصديقين والشهداء والصالحين، والدكتور الخطيب اختاره الله تبارك وتعالى في هذا الشهر المبارك وفي هذه الأيام الفاضلة وفي ليلة القدر بعد أن قضى يومه صائمًا، وصلى المغرب والعشاء، ونسأل الله تعالى أن تكون هذه الأشياء مبشرات على أن الله اختاره إليه وأن يتقبله عنده في الصالحين".
وأضاف الحمداوي: "وما قدمه الدكتور الخطيب لا يمكن الحديث عنه في كلمات، فهو قدَّم للإسلام قبل مجيء الحركة الإسلامية، ولا أتكلم عما قدمه لنا، ولكن عرفناه من خلال لقاءاتنا مع الحركات الإسلامية الأخرى في أي مؤتمر ذهبنا إليه، والتقينا بأفارقة مروا بالمغرب، وإذ بهم يؤسسون جمعيات ومراكز إسلامية ويشهدون أن ذلك كان بدعم وبتأييد من الدكتور الخطيب، كما أن جماعة الإخوان المسلمين وقيادات الجماعة كلهم يعرفون الرجل.
وفي الشام ولبنان كلما التقينا بقيادات تاريخية للعمل الإسلامي سألونا عن الرجل، بل قالوا عنه أكثر ما نعلم عليه؛ فنسأل الله تعالى أن تكون هذه الشهادات، وما قدمه من أعمال في هذا الاتجاه، في ميزان حسناته".
ويتابع الحمداوي: "ولا ننسى للرجل رحمه الله أنه قدم للحركة الإسلامية في المغرب خدمة كبيرة، فالرجل تحمل المسئولية وفتح الباب للحركة الإسلامية ولحركة التوحيد والإصلاح خاصة، للعمل السياسي في مرحلة كان هذا التعامل يسبب إحراجا لدى الآخرين، ونسأل الله تعالى أن يجازيه أحسن الجزاء ويجعل أعماله الصالحة مؤنسةً له في وحشة القبر وشفيعةً له يوم القيامة".
ويقول الدكتور حمزة الكتاني، عضو أمانة النهضة والفضيلة والمكلف بجمع تراث الزاوية الكتانية بالمغرب عنه: "الدكتور الخطيب رحمه الله يعدُّ دعامةً من دعامات المغرب الفكرية والوطنية والقومية والإسلامية، وهو رجلٌ الكلُّ يعرفه، ونحن نعرفه بالأخص في مرافقته لوالدي مولاي علي الكتاني رحمه الله في جهاده من أجل نشر الإسلام بالأندلس ومن أجل إعادة الصحوة الإسلامية والتاريخ الأندلسي إلى أهله، وقد بذل جهدًا كبيرًا جدًّا في هذا الاتجاه..
ورحل الدكتور مولاي علي الكتاني وترك فراغًا، والآن يرحل الدكتور عبد الكريم الخطيب ويترك فراغًا كبيرًا، نسأل الله تعالى أن يعوِّض الأمة في مصابها، ويخلف لها خيرًا مما فقدت، ويتغمَّد الفقيد بالسلوان ويرفع درجاته في عليين".
المصدر
- خبر:'جنازة مهيبة للدكتور عبد الكريم الخطيب توحِّد المغرب موقع : إخوان أون لاين