سعيد رمضان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٣٣، ٩ ديسمبر ٢٠٢١ بواسطة Lenso90 (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الدكتور سعيد رمضان .. السكرتير الشخصي للإمام البنا وزوج ابنته

مقدمة

الدكتور سعيد رمضان

لا تتوقف الدعوة عند حدود بلاد، أو زمان، لكنها نور ووهج رباني يسري أينما وجد أناس ليعرفهم طريق الحق، غير أن هذا النور يجابه من أهل الباطل بشتى الوسائل.

ولقد تعرضت الدعوة الإسلامية منذ أن بعث الله رسوله للناس كافة لعنت الكفار، وحقد المنافقين، ولم يتوقف الحال عند ذلك بل جوبهت الدعوة من كل عصر ومصر،وظل الحال حتى مكن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ثم للخلفاء الراشدين من بعد، وتعتبر دعوة الإخوان المسلمين في القرن العشرين امتدادا لهذا الوهج والنور الرباني، ولذا قوبلت بالأذى من كل صاحب هوى، وتعرض أبناءها لكل أنواع الاضطهادات.

والأستاذ سعيد رمضان واحدا من أبناء هذه الحركة المباركة الذي أحبها وعمل لها وتوفى بين أحضانها.

حياته

  • ولد سعيد رمضان في مدينة طنطا في 12 أبريل 1925م في أسرة متدينة، ثم تخرج في ثانوية طنطا والتحق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) والتي تخرج فيها عام 1946م.

في أحضان الدعوة

سعيد رمضان من الشخصيات التي تأثرت بالدعوة وأثرت فيها وتركت بصمات عظيمة منذ التحق بها وهو في المرحلة الجامعية حتى توفاه الله، غير أن المصادر عن فترة طفولته ومرحلة الثانوي تكاد تكون غير معروفه أو غير متوفرة.

لكن من الواضح أنه نشأ في طنطا محافظة الغربية فيقول الدكتور حسان حتحوت:

" أن مما أذكره أنه كان سعيد رمضان وهو في نظري من خطباء القرن العشرين منذ كان طالبا، فقد جاء من طنطا لكي يدخل كلية الحقوق، فكان خطيبا مفوها، وكثر الطلبة عليه وأصبح يلقي الخطب والمحاضرات، فذهبت إلي الأستاذ البنا وقلت له سعيد رمضان يستقر في بيته حتى يأخذ الليسانس والماجستير والدكتوراه ثم يخلي بينه وبين الناس، وكانت الجملة التي قلتها له: "إن مفكراً واحداً خير للدعوة من ألف جندي".

التحق بكلية الحقوق جامعة الملك فؤاد وبرز بها بعد التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين، يقول الأستاذ جمعة أمين عبدالعزيز عن فترة دراسته:

"في عام 1942م تشكلت جمعية الثقافة بكلية الحقوق، وكان المشرف على نشاطها الدكتور عثمان خليل عثمان، وفى عام 1944م نشطت الجمعية بجهود بعض الإخوان الذين اشتركوا في أنشطتها، وقاموا بتفعيلها، لا سيما لجنتا الخطابة التي يتولى أمرها الأخ سعيد رمضان، ومعه الإخوة السيد طه أبوالنجا، وحسن علام، وحسن عبدالحليم، وعماد الدين عسكر.
وقد تكون مجلس إدارة الجمعية من: محسن سامي سراج الدين سكرتيرًا، سعيد محمد العيسوي أمينًا للصندوق، سعيد علام عضو ورائد لجنة المجلس، إسماعيل صبري عضو ورائد لجنة المجلس، السيد طه أبو النجا عضو ورائد لجنة الخطابة والمحاضرة، سعيد رمضان عضو ورائد لجنة البحث والمناظرة وسكرتير المجلس، والجدير بالذكر أن الأخ سعيد رمضان كان مندوب الإخوان المسلمين بالجامعة في تلك الفترة.لقد كان موضع ثقة الإمام البنا منذ أن كان طالبا.
سعيد رمضان في شبابه.gif
وما إن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في 1946 عن عمر يناهز العشرين، حتى اختاره حسن البنا ليكون سكرتيره الشخصي وهو مايزال شاباً يانعاً، توسماً لصفاته وإعجاباً بحماسه وإخلاصه، ثم تولى إدارة " مجلة الشهاب" الشهرية التي أصدرها الإمام الشهيد في غرة المحرم 1367ه الموافق 14 من نوفمبر 1947م لتكون مجلة شرعية على منوال مجلة المنار، تهتم بالبحوث والقضايا الإسلامية، وكانت شهرية جامعة تصدر مع غرة كل شهر عربي، وقد رأس الإمام البنا تحريرها، وكان صاحب امتيازها. أما مدير الإدارة فكان الأستاذ سعيد رمضان.
بعد قليل، أرسله الإمام البنا في مهمة إلى فلسطين بهدف إنشاء فرع للإخوان فيها، فقام الملك عبد الله بتعيينه، بناء على توصية من الحاج أمين الحسيني، رئيسا للفرقة العسكرية في القدس لكنه استقال بعد شهرين بسبب أنه جاء للقيام برسالة لا لتولي المناصب.

يقول عنه المستشار عبدالله العقيل:

" والأستاذ سعيد رمضان من المقرّبين للإمام الشهيد حسن البنا ، حيث زوَّجه كبرى بناته، وهو داعية موفّق، وخطيب مفوَّه، وسياسي محنك، يشد قلوب الجماهير وهو يخطب، ويأخذ بمجامع القلوب في أحاديثه الروحية بالكتائب والأُسر، كما كان له دور فاعل ومؤثر في أوساط الفلسطينيين، الذين وجدوا فيه الصورة الصادقة للأخ المسلم، الذي تسمو عنده رابطة العقيدة والدين على رابطة الجنس والطين، ويعيش للإسلام جندياً من الجنود في أي موقع كان.
وكان إلى جانب كونه داعية موفقاً وخطيباً مصقعاً، ومحاضراً ناجحاً، يغوص في أمهات المسائل العلمية السامية للكون والإنسان والحياة، لقد كان الأستاذ "أبو أيمن" رحمه الله محبوباً من جماهير الإخوان المسلمين، وبخاصة الشباب، وله في كل قطر إخوان وخلان يذكرونه بخير، ويحبونه غاية الحب، ويدعون له لأنه من أسباب هدايتهم إلى طريق الحق والخير.
إن الأستاذ سعيد رمضان داعية مرهف الإحساس، كريم الطباع، جياش العاطفة، غزير الدمعة، تغلب عليه الروحانية، وتأسره الكلمة الطيبة، ويتفانى في الأخوَّة الروحية، يبكي ويُبكي إذا تحدَّث أو خطب، أو حاضر، أو ناظر، ويرجع عن الخطأ إذا عوتب، ويستسمح إخوانه، ولا يحمل الحقد ولا الضغينة لمسلم، بل يُؤثر الاعتزال إذا ما أخطأ معه أحد ولا يعاتبه أو يحاسبه على إساءته له".

ويقول العلامة السيد أبوالحسن علي الحسني الندوي في كتابه القيم: "مذكرات سائح في الشرق العربي:

"وكان الإخوان أخبروني بوجود سعيد رمضان في القاهرة وأخبروني بنشاطه في العاصمة والأرياف، وتنقلاته واتصالاته بزملائه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وكنت حريصاً على الاجتماع به وبإخوانه، لأنني أعتبر الاجتماع برجال الدعوة والحركة الإسلامية من أكبر حسنات هذه الرحلة وأطيب ثمراتها.
وقد كتبتُ للأستاذ صالح عشماوي أخبره بسفري إلى مصر، ورغبتي بالاجتماع به وبإخوانه، وحين علمت بوجود الأستاذ سعيد رمضان، أبديتُ رغبتي بالاتصال به، حيث شرَّفني بزيارته مع رهط من الإخوان الشبان من طلبة الكليات، وأعجبني من نشاطه وخفة روحه التي كانت تبدو في حركات يده وأسارير وجهه وإقباله على الجالسين كلهم بالفكاهة والخطاب، وأعجبني ذهنه المتوقد.
وقلبه المتفتح، ثم غادرنا على أن نجتمع غداً بعد زيارتنا للأستاذ صالح عشماوي، وفي الصباح جاءنا الأخ يوسف القرضاوي والأخ محمد الدمرداشي، ثم جاء بعدهما الأخ عبدالله العقيل ليأخذنا إلى مكتب الأستاذ صالح عشماوي الذي قابلنا بعناق حار، فكلانا مشتاق إلى صاحبه، ثم خرجنا منه إلى منزل الأستاذ سعيد رمضان الذي كان في انتظارنا، حيث كان الحديث عن الهند وحركة الدعوة الدينية والجماعة الإسلامية فيها.
وفي مساء الغد حضرنا محاضرة للأستاذ سعيد رمضان في قاعة عبدالحميد سعيد بدار الشبان المسلمين بالقاهرة.. وكانت محاضرة طويلة استغرقت ساعتين وكان موضوعها "الجامعة الإسلامية" وكان الحضور كبيراً ومعظمهم وقوف رغم سعة القاعة، وكانت الخطبة تُقاطع بالهتاف والتكبير والتحميد من الجماهير الغفيرة المتحمســة".

سعيد رمضان وفلسطين

وعن دور الأستاذ سعيد رمضان في القضية الفلسطينية وجهاد الإخوان المسلمين البطولي فيها منذ سنوات طويلة، يقول الأستاذ كامل الشريف في كتابه القيم "الإخوان المسلمون في حرب فلسطين :

"لايزال أهل فلسطين الأوفياء يحمدون للداعية الإسلامي سعيد رمضان مواقفه الكريمة وأثره البالغ في توجيه الشباب العربي وجهة صالحة".

شارك الإخوان المسلمين مشاركة فعالة في حركة التطوع للجهاد في فلسطين عام 1948م، وكان من قادتها في منطقة صور باهر والقدس، ثم عين حاكماً عسكرياً للقدس أثناء الحرب بتكليف من الملك عبد الله.

ثم غادرها بعد الهدنة حين أجبرت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا الجيوش العربية على إلقاء السلاح وإيقاف الحرب والانسحاب من فلسطين، واعتقال الإخوان حيث قام الجيش المصري بأوامر من فاروق باعتقال المجاهدين من الإخوان المسلمين المصريين في فلسطين وإرسالهم إلى معتقل الطور بمصر، تنفيذاً لأوامر المستعمرين واليهود.

يقول المستشار العقيل: " سعدتُ بلقائه في بغداد عام 1948م، حين توجه إليها عائداً من فلسطين، حيث كانت الحكومة العميلة بمصر تطالب باعتقاله،

وقد استقبله الإخوان المسلمون في العراق أحسن استقبال بما يجب نحوه، كأخ مسلم مجاهد، وداعية من دعاة الإخوان المسلمين، حيث تصدوا للحكومة العراقية التي كانت تريد تسليمه لمصر بناء على طلب حكومتها، واستقر الرأي على أن يُغادر العراق إلى باكستان، حيث وافقت حكومة العراق على عدم تسليمه لمصر

على أن يغادرها بأقرب وقت فقرر الإخوان المسلمون في العراق تأمين سفره، وسافرتُ معه من بغداد إلى البصرة بالقطار، وكان السفر إلى باكستان من مطار البصرة الدولي آنذاك، وكان برفقتنا حارس ليضمن مغادرته العراق وعدم تخلفه، وكانت رحلة ممتعة عرفتُ فيها سعيد رمضان جيداً، وحدثني عن الإخوان المسلمين حديث العارف البصير.

بعد قيام إسرائيل في 1948 رحل سعيد رمضان إلى باكستان ، باعتباره سفيرا للإمام البنا، حيث تنتظره مهمة أخرى ذات أهمية خاصة: تمثيل الإخوان في المؤتمر الإسلامي العالمي المنعقد في كراتشي. بل إن اسمه طُرح ليصبح أول أمين عام للمؤتمر.

وبعد اغتيال معلمه الأستاذ حسن البنا في 1949 بدأ سعيد رمضان يدرك الدرس، ألا وهو ضرورة التضحية بكل شيء في سبيل نشر "دعوة الإسلام" في كل مكان، فيعود لمصر في سنة 1950 عندما رفع الحظر عن الجماعة بعد حكم المحكمة التي حكمت بعودة جماعة الإخوان المسلمين وإلغاء قرار الحل الذي أصدر النقراشي باشا.

ويقوم سعيد بتحرير "جريدة المسلمون" الشهرية بالعربية والإنجليزية، وهي التي تصبح عمودا فقريا لبث أيديولوجية الإخوان في العالم: من المغرب إلى إندونيسيا مرورا بفلسطين والسودان والأردن ولبنان والجزائر.

يقول طارق سعيد رمضان عن والده وعلاقته بجده: "كل الناس كانوا يسمون أبي في مصر حسن البنا الأصغر؛ فقد كان جدي يرسله للتحدث في أبعد أقاليم مصر مع أنه لم يكن يجاوز آنذاك السادسة عشرة من عمره.

ولقد تأثر بإغتيال معلمه الأول الإمام البنا فكتب يقول:

"آه.. قتل حسن البنا بعد عشرين عامًا قضاها في جهاد مرير متصل الأيام والليالي، لن أنسى جولاته في الأقاليم لا ينام إلا ساعتين أو ثلاثًا كل يوم وليلة، ولن أنسى سهره الليل عاكفًا في المركز العام أو في منزله أو في الشهاب على أعمال الدعوة، ولن أنسى دموعه التي طالما هتفت في غفلة من الناس على الإسلام والمسلمين.. لم تمت يا فضيلة المرشد!، لا والذي خلقك! لا والذي أنعم علينا بك!! ومتعنا بصحبتك لقد فتحت قلوبنا على النور، ووضعت أيدينا على أول الصراط وجمعتنا يا حبيب من شتات، سنمضي إلى حيث كنت تدعو وتربي وتحترق بالليل والنهار".

سعيد رمضان وثورة 23 يوليو

عاد سعيد رمضان مرة أخرى بعد عودة الجماعة ودافع عن إخوانه المتهمين في عدة قضايا ومنها السيارة الجيب والتي يصف موقفه أبوالحسن الندوي فيقول: "وفي يوم الأحد 27- 4- 1370هـ الموافق 4- 2- 1951م، حضر إلينا الأخ عبدالله العقيل للذهاب إلى محكمة الجنايات لحضور مرافعة الأستاذ المحامي سعيد رمضان عن المتهمين من الإخوان المسلمين في قضية السيارة الجيب، وحين وصلنا المحكمة فتش الحراس جيوبنا، وأذنوا لنا بالدخول، ووقف الأستاذ سعيد رمضان المحامي موقف المرافع، وأدلى بقضيته في خطابة مؤثرة، وشجاعة نادرة.

وذكر قصة استخلاف آدم وخروجه من الجنة، والصراع القديم بين الحق والباطل، والخير والشر، وتعاليم النبوة، ونزغات الشياطين، ثم ذكر الخلافة الإسلامية وشبابها، ثم وهنها وشيبها، والزحف التتاري والغارة الصليبية، ثم ذكر الصليبية الأوروبية في القرن التاسع عشر والاحتلال الأوروبي، ثم تدرج إلى ذكر الصليبية اليهودية ونواياها وخطرها على العالم الإسلامي، وأشار إلى نهضة الإخوان المسلمين ورباطهم أمام هذا الخطر الداهم ووقوفهم موقف المجاهدين، معززاً ذلك كله بالآيات والأحاديث الكثيرة، التي كان يستشهد بها.

فيتحول الجو القضائي إلى الجو الديني، وترق القلوب، وتخشع وينسى الخطيب وينسى الناس أنهم في محكمة، ويتصورون وكأنهم في وعظ ديني، أو حفلة سياسية، وذلك يدل على قوة المحامي وإيمانه، وتقلب الجو، وتأثره بحركة الإخوان المسلمين، ولما خاطب المحامي العدل والرحمة في نفوس حضرات المستشارين وأراد أن يحرّك الإيمان والشعور الديني فيهم وهم طبعاً مسلمون تأثر الناس وتحركت النفوس، حتى إذا وجه خطابه إلى المتهمين وأوصاهم بالاستقامة والصبر وتلا عليهم الآيات والأحاديث في هذا المعنى، فاضت العيون، وعلا النشيج في بعض الجوانب، خصوصاً السيدات، وقد خرجنا من المحكمة متأثرين مما رأينا وسمعنا.

أصبح سعيد رمضان شخصية بارزة وسط الجماعة حيث كان يعتمد عليه المستشار حسن الهضيبي كثيرا خاصة في الأوقات الحرجة التي أعقبت قيام ثورة 23 يوليو 1952م غير أن عبد الناصر لم يحفظ فضله فاضطهده واعتقله مع المستشار حسن الهضيبي و200 شخصية قيادية من الإخوان في يناير 1954م حيث زج به في السجن الحربي وظل في السجن حتى خرج في مارس من نفس العام.

لكنه أدرك أن الأمور مع العسكر لن تسير على خير،فأثناء تواجده مع المستشار حسن الهضيبي أثناء رحلته للشام عام 1954م رفض العودة مرة أخرى لمصر لاستشعاره بما يحدث في مصر وما كاد المستشار يعود في أغسطس 1954م

وتمر الأيام حتى حدثت حادثة المنشية ويقدم الإخوان للمحاكمات ويحكم على بعضهم بالإعدام وعلى آخرين بالأشغال الشاقة، ويصدر عبد الناصر قرارا بإسقاط الجنسية عن أربعة من قادة الإخوان على رأسهم سعيد رمضان، وقد حاول عبد الناصر اغتياله هو وإخوانه الثلاثة غير أن يقظة إخوان سوريا استطاعت أن تكتشف هذا المخطط، يقول طارق رمضان عن ظروف تواجد الأسرة في سويسرا: "كان أبي قد غادر مصر في أبريل عام 1954 بعد 3 شهور من الاعتقالات الأولى، في لحظة تغير إستراتيجية جمال عبدالناصر..

وكان أبي قد اختير للتو أمينا عاما للمؤتمر الإسلامي حول القدس، وفي لحظة استعداده للسفر لأداء مهمته علم باستئناف الإعتقالات الجماعية، فأخذ والدتي وأخي الأكبر، وغادر مصر التي لم يعد بإمكانه العودة إليها.

وقد أقام أولا في سوريا حيث بقي سنتين، ثم رحل إلى لبنان، ومن ثم وصل إلى سويسرا في عام 1958، فاستقر بها، وأسس المركز الإسلامي بجنيف عام 1961م، وقد اختير أبي مسئولا عن الإخوان المسلمين في المنفى".

سعيد رمضان وحياة داعية

سعيد رمضان والهضيبى في سوريا.gif

يقول المستشار العقيل:

"لقد ساهم سعيد رمضان في تأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، كما كان الأمين العام للمؤتمر الإسلامي القدس، وأسّس المركز الإسلامي في جنيف، وواصل إصدار "مجلة المسلمون" كبديل لمجلة "الشهاب" واستمرارا لها، وشارك في العمل الإسلامي على الساحة الإسلامية الواسعة، واستقطب الكثير من العلماء والمفكرين من أنحاء العالم أمثال د.محمد ناصر، وأبوالحسن الندوي، وأبوالأعلى المودودي، ود.مصطفي السباعي، ومصطفي الزرقا، ومحمد المبارك، ومعروف الدواليبي، وعليم الله الصديقي، ود.زكي علي، وعلال الفاسي، وكامل الشريف، وعبدالله كنون، ومحمد أبوزهرة، ومحمد يوسف موسي، وغيرهم.

حتى كانت "مجلة المسلمون" أرقى مجلة إسلامية شهرية في الخمسينيات والستينيات، تستقطب جماهير المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويكتب فيها أساطين العلم وقادة الفكر، وكبار الدعاة والزعماء المصلحين، وينتظر المسلمون صدورها بفارغ الصبر، وقد صدرت بسورية فترة من الزمن بإشراف الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين بسورية ثم في جنيف بإشراف د.سعيد رمضان".

ومع نهاية الخمسينيات، نجح سعيد رمضان في إقناع الأمير فيصل بمساعدته على تكوين سلسلة من المراكز الإسلامية في العواصم الرئيسية بأوروبا بهدف أسلمتها. وهكذا رحل إلى جنيف ليجعل منها في 1958 مقرا له. ثم حصل على دكتوراه في القانون من جامعة كولونيا بألمانيا حول الشريعة، وكون المركز الإسلامي بجنيف في 1961، على بعد خطوات من المقر الأوروبي للأمم المتحدة، حيث يصبح مقرا للإخوان المبعدين من مصر. وبعدها فتح في 1964 مراكز لندن وميونيخ، وصار مسئول الإخوان في الخارج. ثم نزعت عنه الجنسية المصرية بعد ثلاث أحكام مؤبد بتهمة الخيانة العظمى.

عاش سعيد رمضان معظم حياته في المهجر، وأبى العودة إلى وطنه مصر، لأنه وجد في الحكام المتعاقبين نسخاً مكررة للطغاة، وإن تفاوتت مراتب طغيانهم، وآثر العيش في ديار الغرب أواخر أيامه مع زوجه وأولاده، وتفرَّغ للقراءة والكتابة، ووجد من زوجته "أم أيمن" ابنة الإمام الشهيد حسن البنا، خير السند والمعين بعد الله مما خفّف عنه غربته، وأعانته على تنشئة أولاده، وواجه فيها محنة الجحود والنكران من بعض من أحسن إليهم، ووقف إلى جانبهم وساعدهم.

وفاته

توفي سعيد رمضان في أغسطس 1995، ودفن بمصر، إذ رفضت السعودية دفنه بالمدينة كرغبته.

قالوا عنه

حينما علم الدكتور القرضاوي بوفاته شارك في مراسيم تشيع جنازته وكتب في مذكراته ملخصا قصة حياته بقوله:

في هذا الصيف 5 أغسطس 1995م تُوفي الداعية الإسلامية الكبير، الدكتور سعيد رمضان عن عمر يناهز 69 تسعة وستين عامًا. توفي في سويسرا، التي يعيش فيها منذ عقود من السنين، ثم نُقل جثمانه إلى القاهرة ليدفن بجوار شيخه وإمامه وحميه حسن البنا، كما أوصى بذلك.

وصول جثمانه إلى القاهرة

واتصل بي بعض الإخوة في القاهرة ليبلِّغني بوفاة سعيد ووصول جثمانه، وأنَّ الصلاة عليه ستكون في جامع رابعة العدوية في مدينة نصر، حيث أقيم، وقال لي: إن الإخوة يشدِّدون على حضورك، لتقوم بالصلاة عليه. قلت للأخ: الأمر لا يحتاج إلى تشديد، فلا يسع مثلي أن يتأخَّر عن شهود جنازة مثل جنازة سعيد رمضان... والحمد لله، أني موجود في القاهرة

ومن حقِّ الأخ على أخيه أن يشهد جنازته، فكيف إذا كان مثل سعيد رمضان، بما له من ماضٍ مشرق وحافل في خدمة الدعوة، وما له من صلة وقربى بإمامنا الشهيد، وما له من حقٍّ خاصٍّ عليَّ، باعتباره ابن طنطا أو الغربية مثلي، وقد تتلمذ على أستاذنا البهي الخولي، كما تتلمذت عليه، وما لأبنائه الذين تعرَّفت عليهم في أوروبا في مجال الدعوة، من حقٍّ عليَّ، وخصوصًا طارقًا وهانيًا. كل هذا يحتِّم عليَّ أن أحضر ولا أغيب.

صلاتي على جنازته في مسجد رابعة العدوية

وفعلًا ذهبت إلى مسجد رابعة قبيل صلاة الظهر، وبعد دقائق جاء النعش، وقد حضر جمّ غفير من الإخوان، وقدَّموني للصلاة عليه، وجاء مع الجثمان ابنه هاني، فسألته: ألم يكن في استطاعة طارق أن يحضر معك؟ فقال: لم يكن ذلك في استطاعته؛ إن موقف السلطات المصرية منه سيئ، ولا يُؤمَن أن يأخذوه ويحققوا معه، ولا يدري ماذا تكون النتائج. قلت له: البركة فيك، وكل الإخوان هنا إما أخ لسعيد وإما ابن له.

وبعد الصلاة حُملت الجنازة إلى مقابر الإمام الشافعي، التي أزورها لأول مرة... وكان الجو حارًّا، والسائق الذي معي لا يعرف المكان، وقد تفرَّقت السيارات بعضها عن بعض. المهم أننا وصلنا إلى المقبرة التي دُفن فيها الإمام الشهيد، ودُفن سعيد بجوار أستاذه وصهره وحبيبه.

كلمتي في تأبينه

وبعد الدفن، ألقيت كلمة رثاء أودع بها أخانا الحبيب سعيدًا، لا أذكر الآن مضمونها، ولكن أذكر أني بكيت فيها سعيدًا، وبكيت معه شيخه وشيخنا الإمام البنا رحمه الله. ومن طبيعة توديع الأحبة أن يذكِّر بعضهم ببعض، وأن الحزن الجديد يوقظ الحزن القديم، كما قال الشاعر:

وقالوا: أتبكي كل قبرٍ رأيته
لقبْر ثوى بين اللوى والدكادِكِ

فقلت لهم: إنَّ الأسى يبعث الأسى

دعوني، فهذا كله قبر مالك!

لقد مات سعيد رمضان، وكلُّ نفس ذائقة الموت، ولكن من الناس من إذا مات مات معه كل شيء، فلا يبقى له أثر ولا خبر ولا ذكر... ومن الناس من يحيا بعد موته، أعمارًا بعد عمره، بما خلَّف مما ينفع الناس. وأحسب أن سعيدًا من هؤلاء.

نبوغه المبكّر

لقد ولد سعيد في السنة نفسها التي ولدت فيها، ولكنه حصل على الثانوية مبكرًا، في السنة نفسها التي دخلت فها معهد طنطا، وهو تخرج في مدرسة طنطا الثانوية، ولكنه ظهر ونبغ وهو في المرحلة الثانوية، واشتغل بالدعوة مبكرًا

وذهب إلى عدد من القرى القريبة من طنطا، ومنها: قريتنا "صفط تراب" التي زارها بُعيد حصوله على الثانوية، وألقى فيها خطبة الجمعة، التي لقيت استحسانًا من الناس، ولم أكن موجودًا في القرية في ذلك اليوم، لا أذكر السبب.

لقاءاتي به

انتقل سعيد من طنطا إلى القاهرة ليلتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة "أو جامعة فؤاد الأول" كما كانت تُسمَّى في ذلك الوقت. ولم يقدَّر لي أن ألقاه أو أستمع إليه إلا مرتين، المرة التي أذكرها جيدًا، حين كان مصاحبًا للإمام الشهيد في زيارة مدينة "دسوق".

وقد ذهبنا إليها لنستمع إلى الإمام الشهيد، أنا والأخ أحمد العسال، والأخ محمد الدمرداش مراد. وذلك عن طريق قطار الدلتا. وكانت المناسبة مناسبة المولد النبوي، فألقى سعيد كلمة ضافية أخذت بمجامع القلوب، في هذه الذكرى العاطرة.

جواب مفحم

والمرة الأخرى أظنها كانت في المركز العام، وسمعتُ منه كلمة حكيمة وموفَّقة، لا أذكر في أيِّ المحاضرتين كانت؟ وهي أنه كان يخطب مرة، فأراد بعض المستمعين أن يحرجه، فسأله هذا السؤال: أنتم صار لكم عشرون سنة تتكلمون فماذا فعلتم؟

وكان جوابه:

وأنتم أيضًا صار لكم عشرون سنة تسمعون، فماذا فعلتم؟!

فكان جوابًا مفحمًا ومقنعًا. فبعض الناس يجعل كل التبعة على المتكلم، ولا يحمّل المستمع شيئًا. والواقع أن على المتكلم أن يدعو ويشرح ويبيّن، وعلى المستمع أن يفهم ويعمل وينفذ، وقد سمعت كلمة سعيد رمضان في الحفل، ولكني لم ألتق به. ولم ألتقه مدة دراسته في الجامعة حتى تخرج.

ثقة الإمام الشهيد به

كان سعيد رمضان بموهبته وذكائه وحيويته وخبرته في الدعوة منذ باكورة شبابه، موضع ثقة الإمام الشهيد، فقد بعث به إلى الصعيد، وبعث به إلى بعض البلاد العربية.

مجلة الشهاب

وحين أصدر الإمام مجلته الشهرية العلمية الشهيرة التي سمَّاها: "الشهاب" على اسم مجلة المصلح الجزائري "عبد الحميد بن باديس"، وكان يريد أن تخلف هذه المجلة مجلة "المنار" العلمية الإصلاحية الشهيرة، التي كان يصدرها الإمام المجدد السيد محمد رشيد رضا ... هنا عيَّن حسن البنا، سعيد رمضان مديرًا لهذه المجلة. وقد تزوَّج سعيد رمضان كبرى بنات الإمام الشهيد "وفاء حسن البنا" أم أيمن حفظها الله.

خروجه من مصر

وخلال هذه المدة لم يقدَّر لي أن ألتقي سعيد رمضان، حتى حُلَّت الجماعة، واعتقل الإخوان واعتُقلت مع بعض زملائي في معهد طنطا، وقُدِّر لي أن ألقى كثيرًا من الإخوة من زملاء سعيد، مثل: مصطفى مؤمن، وحسان حتحوت، ومحمد عاكف، ومن هو أكبر منهم سنًّا، مثل: محمد الغزالي، وعبد العزيز كامل، وعبد المعز عبد الستار، وعبد الحكيم عابدين، وعبد البديع صقر، وغيرهم، ولكن لم يقدَّر لي أن ألقى سعيدًا، فقد كان خارج مصر عند حلِّ الإخوان، وظل بعيدًا عن مصر، حتى انزاحت الغمَّة، وانفرجت الأزمة، وعادت الأمور إلى طبيعتها، فرجع إلى مصر سنة 1950م.

نشاطه ومقابلاته

ولكننا كنا نتابع نشاط سعيد مما ينشر في الصحف من مقابلاته مع المراسلين الأجانب، ولباقته في الردِّ على أسئلتهم.

وقرأنا لقاءه بالملك عبد الله الذي رحب به، وقرَّبه منه، وكان سعيد يثني عليه، ويقول: هو أذكى ملوك العرب، وأعلم ملوك العرب، وأتقى ملوك العرب، وقد عينه حاكمًا عسكريًّا لمدينة القدس.

مجلة "المسلمون"

وبعد عودته إلى مصر وانتخاب الأستاذ الهضيبي مرشدًا عامًّا للإخوان، كان قريبًا منه، وقد فكر في إنشاء مجلة تخلف مجلة "الشهاب" التي كان يديرها، فأسس مجلة "المسلمون" التي ظلت تصدر مدة من القاهرة، وكان يكتب فيها كبار العلماء والدعاة والمفكرين المسلمين. وقد كتبت فيها مرة أو مرتين.

في عنبر الإدارة

وبعد أن قامت الثورة، في 23 يوليو 1952م، كان له صلة ببعض ضباطها، وظلت علاقته بهم طيبة، فترة من الزمن، حتى اصطدمت الثورة بالإخوان، وكان الحل في 11 يناير 1954م، اعتقل سعيد مع المعتقلين، وهناك لقيته وجهًا لوجه لأول مرة، ولكن لم يقع بيننا حديث أو حوار.

وقد قدَّمني الأستاذ المرشد لأصلِّي بالإخوان إمامًا، فكان يصلي ورائي مع سائر الإخوان، واستمرَّ ذلك عدة أيام، ثم نقل مع أعضاء مكتب الإرشاد وقادة الجماعة، في عنبر خاص يسمى: "عنبر الإدارة"؛ تمييزًا لهم، أو لتيسير الاتصال بهم.

الصراع مع عبد الناصر

وبعد ذلك خرج الإخوان من معتقلاتهم، وذهب عبد الناصر إلى منزل الأستاذ الهضيبي، واعتذر له عمَّا حدث، واتُّفِق على بدء صفحة جديدة بين الجماعة والثورة، ولكن سرعان ما قلبت الثورة ظهر المجنّ للإخوان، وظهر جوٌّ مشحون بالتوتر والصراع، وسافر الأستاذ الهضيبي إلى سوريا، ثم عاد، والجو يزداد تلبدًا بالغيوم، وينذر برعد قاصف، وبرق خاطف، وسيل جارف.

تجريده مع جماعة من الإخوان من جنسيتهم المصرية

وفي هذا الوقت كان سعيد في الخارج مع جماعة من الإخوان، فاتهمهم رجال الثورة بأنهم يعملون ضد وطنهم، ويقومون بأعمال مضادّة للثورة، فجرَّدوا هؤلاء من جنسيتهم المصرية، وهم: عبد الحكيم عابدين، وسعيد رمضان، وكامل الشريف، وسعد الوليلي.

والعرب يقولون: ربَّ ضارة نافعة، والصوفية يقولون: كم من محنة في طيها منحة، والله تعالى يقول: "فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا" (النساء:19). فإنَّ هذا القرار الظالم قد أعفى هؤلاء الإخوة جميعًا من الدخول في محنة 1954م، الثانية والقاسية. واقتضى بقاءهم في الخارج نشيطين عاملين للإسلام.

وظلَّ سعيد في الخارج، كما ظل يصدر من سوريا مجلته الشهرية "المسلمون"، وقد جعل رئاسة تحريرها للدكتور مصطفى السباعي، ثم تولَّى هو رئاستها بعد ذلك، إلى أن توقَّفت.

إنشاء المركز الإسلامي بسويسرا

ثم أنشأ "المركز الإسلامي" في جنيف بسويسرا، بمعاونة من السعودية وغيرها. وفي هذه الفترة اتهمت السلطات المصرية سعيد رمضان ومعه مجموعة، بتهمة إعداد مؤامرة ضد مصر، وإعلان الانقلاب عليها. وكانت هذه التهمة الملفقة "حبل النجاة" من الاعتقال والتعذيب، ومعاناة محنة 1954م.

وكان سعيد يطوف في هذه المرحلة بلاد العالم الإسلامي، يستنفر القاعدين، ويوقظ النائمين، ويحرِّك الساكنين، ويتعرَّف على رجالات الأمة الإسلامية في كل مكان. وقد سعى مع بعض إخوانه سعيًا حثيثًا لدى الملك سعود، حتى أنشأ "رابطة العالم الإسلامي" لتكون منبرًا شعبيًّا عالميًّا لنصرة الإسلام وقضاياه.

مزايا لسعيد رمضان

كان سعيد رمضان يتمتع بجملة مزايا قلَّما تتوافر لكثير من الدعاة، بعضها هبات من الله تعالى يمحنها من شاء من عباده، وبعضها مكتسبة يحصّلها المرء بالسعي وجهاد النفس وبذل الجهد، ومن جد وجد، ومن زرع حصد.

من هذه المزايا:

أولًا: بشاشة وجهه، وابتسامته الدائمة، وشخصيته الجاذبة، بلا تكلف ولا افتعال؛ وهو ما جعله قريبًا محببًا إلى الناس، ولا سيما الشباب.

ثانيًا: لباقته وحضور بديهته في الحوار والرد على الأسئلة المحرجة، والإجابة المقنعة أو حسن التخلص منها.

ثالثًا: فصاحة لسانه، وقوة تأثيره في خطابته، وشدُّ الجماهير إليه.

رابعًا: قوة عاطفته، وحيوية مشاعره، التي تنتقل منه إلى سامعيه، فتجعله يبكي ويبكي، ويتأثر ويؤثر.

خامسًا: قربه من الإمام الشهيد، وثقة الإمام به، حتى إنه كلَّفه بمهام كبيرة على صغر سنه.

سادسًا: اتصاله بالدعوة ورجالها، ونشاطه فيها منذ عهد مبكر من عمره.

سابعًا: رحلته إلى أقطار شتى، وتعرفه على كثير من رجالات العالم الإسلامي، وخصوصًا العاملين للدعوة الإسلامية، والبعث الإسلامي.

ثامنًا: قدرته على الاتصال بالشخصيات الكبيرة، وتأثيره فيهم، واستفادته من ذلك لصالح الدعوة.

انكماشه في العقود الأخيرة من عمره

غير أن الذي يعجب له المراقب لحياة سعيد ومسيرته - ويأسف له أيضًا - أنَّ هذه الحيوية الهائلة لم تستمر في فَيْضها وعطائها بقوة كما كانت. فقد قلَّ نشاطه المعهود والمرتجى فيه، إلى حد كبير. لقد ظلت هذه الشخصية الثرية تدعو وتعطي، ولكن ليس بالقدر الذي كان يُتوقَّع منها، والذي يكافئ ما لديه من مواهب، ويتلاءم مع تاريخه الحافل والدافق بالخير والعطاء.

وربما كان لإقامته في أوروبا أثرٌ في ذلك، ولكنْ هناك كثيرون أقاموا في أوروبا وفي أمريكا ولم يمنعهم ذلك من مواصلة الفيض واستمرار العطاء. وقد فسَّر بعضنا بأنَّ الرجل قد تفرَّغ للتأمُّل والكتابة، فلم يعد يهمه الكلمة المرتجلة، بل همه الكلمة المكتوبة. وهذا يمكن أن يكون عذرًا مقبولًا، لو أننا قرأنا للرجل كتبًا ذات بال، أصدرها خلال تلك المدة.

حتى قال بعض إخواننا: كأنَّ عينًا أصابت الرجل، فلم يعد تلك الشعلة المتوهّجة التي كانت تشع نورًا، وتقذف نارًا. على كلِّ حال، حَسْبُه ما قدَّمه في شبابه مما يندر أن يقدمه مثله، وعسى أن يعوِّض أبناؤه في شبابهم فينهضوا بما لم ينهض به أبوهم في شيخوخته.

رحم الله سعيد رمضان، وغفر له، وتقبَّله في الصالحين، وجزاه عن دينه ودعوته وأمته، خير ما يجزي به الدعاة العاملين، والمجاهدين الصادقين.

المراجع

  1. عبدالله العقيل، أعلام الحركة الإسلامية، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
  2. مقال د.مجدي سعيد بعنوان "طارق رمضان.. حادي قافلة الإسلام الأوروبي" يوم 4/8/2003م.
  3. كتاب: الإخوان المسلمين فى حرب فلسطين ،كامل الشريف
  4. قالوا عن الإمام البنا، شركة البصائر للبحوث والدراسات، در النشر للجامعات.
  5. أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين ، جمعة أمين عبدالعزيز، دار التوزيع والنشر الإسلامية، الجزء الخامس.
  1. يوسف القرضاوي: وفاة الدكتور سعيد رمضان، 22 يوليو 2013

ألبوم صور

ألبوم صور الدكتور سعيد رمضان
 

سعيد رمضان

06-سعيد-رمضان-سكرتير-المؤتمر-الإسلامي-مع-وفد-سيام---مجلة-الدعوة---1-7

سعيد رمضان

06-سعيد-رمضان-سكرتير-المؤتمر-الإسلامي-مع-وفد-سيام---مجلة-الدعوة---1-7

سعيد رمضان

13-الأستاذ-سعيد-رمضان-مع-رجال-القبائل-شمال-باكستان---مجلة-الدعوة---1-6

سعيد رمضان

16-الأستاذ-سعيد-رمضان-والسيد-إكرام-مع-الخليفة---مجلة-الدعوة---1-15

سعيد رمضان

17-الأستاذ-سعيد-رمضان-مع-وفد-الصين-في-المؤتمر-الإسلامي-بباكستان---مجلة-الدعوة---1-6

سعيد رمضان

17-الأستاذ-سعيد-رمضان-والسيد-إكرام-مراقبا-المؤتمر-الإسلامي---مجلة-الدعوة---1-15

سعيد رمضان

18-الأستاذ-سعيد-رمضان-بملابس-خطبة-الجمعة---مجلة-الدعوة---1-15

سعيد رمضان

18-الأستاذ-سعيد-رمضان-مع-وفد-سيام-في-المؤتمر-الإسلامي-بباكستان---مجلة-الدعوة---1-6

سعيد رمضان

19-الأستاذ-سعيد-رمضان-سكرتير-المؤتمر-الإسلامي---مجلة-الدعوة---1-8

سعيد رمضان

19-الأستاذ-سعيد-رمضان-على-مائدة-العشاء-بالقصر-الملكي-بتطوان---مجلة-الدعوة---1-15

سعيد رمضان

19-سعيد-رمضان-مع-المجاهد-محمد-الغزاوي-في-طنجة---مجلة-الدعوة---1-16

سعيد رمضان

20-الأستاذ-سعيد-رمضان-يلقي-حديث-في-راديو-تطوان---مجلة-الدعوة---1-15

سعيد رمضان

21-الأستاذ-سعيد-رمضان-في-مؤتمر-صحفي-بتركيا---المباحث-القضائية---7-52

سعيد رمضان

22-الأستاذ-سعيد-رمضان-في-مؤتمر-عن-باكستان-بتركيا---المباحث-القضائية---7-53

سعيد رمضان

د.سعيد-رمضان


إقرأ المزيد

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

تابع ملفات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية