أنابوليس" وسقف الثوابت الفلسطينية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أنابوليس" وسقف الثوابت الفلسطينية
علم فلسطين.jpg

بقلم : د. عدنان بكريه فلسطين - عرب ال48

اللقاء المزمع عقده في أنابولس تحت يافطة حل القضية الفلسطينية تمهيدا لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ما هو إلا لقاء تجميلي للوجه الأمريكي – الاسرائلي يهدف إلى تنفيس غضب الشعوب العربية التي سئمت من سياسة الإذلال والاهانة التي تمارسها الولايات المتحدة ..

تكثر التحليلات والتخمينات من قبل الكتاب وكأن هذا المؤتمر سيأتي بجديد لشعبنا الفلسطيني وقد يتمخض عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة !

دعونا أن لا نعول على الولايات المتحدة فتجارب شعبنا مع المؤتمرات واللقاءات الدولية مؤلمة للغاية ، كون هذه المؤتمرات لم تأت بجديد ودائما كان هدفها خفض سقف المطالب الفلسطينية والتنازل عن الثوابت الفلسطينية كحق العودة والقدس وحتى الدولة المستقلة !

لقد تعلمنا من تجارب الماضي بان عاطفة الولايات المتحدة لا تقطر على الشعب الفلسطيني، بل إن مصالحها الإستراتيجية هي المحرك لعقد مثل هذا اللقاء وإنني أشك بأن هذا المؤتمر سيطرح تفاصيل القضية الفلسطينية

ويخوض في كيفية حل القضايا الرئيسية بشكل يحافظ على ثوابت شعبنا ومطالبه .

إن الرهان على جدية أمريكا وإسرائيل هو رهان خاسر وقبل عقد المؤتمر علينا مراجعة أنفسنا.. فإذا كان الحضور الفلسطيني منوط بجدية الولايات المتحدة ومصداقيتها فأنني اجزم أن الولايات المتحدة لم تكن جادة على الإطلاق في تعاملها مع القضية الفلسطينية... فأين كانت جديتها في( كامب ديفيد ) و ( واي ريفر) وغيرها من اللقاءات والمؤتمرات الدولية ؟!

عندما كان الشعب الفلسطيني موحد خلف قيادته.. وكان الرئيس الشهيد ياسر عرفات قادرا على توقيع اتفاقيات وبتأييد كافة الأطراف الفلسطينية.

إن عقد المؤتمر في ظروف دولية وعربية وفلسطينية متزعزعة لا يحمل في طياته إلا استغلال وهن الموقف العربي وغياب دور المجموعة الدولية واستغلال الانقسام الفلسطيني لتمرير مخططات تهدف إلى نسف بعض الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة و القدس .

يأتي هذا المؤتمر في ظروف دولية غير مستقرة في ظل التهديدات الأمريكية لإيران و سوريا وفي ظل تبلور سياسة المحاور العربية والعالمية بشكل نهائي تمهيدا لضربة محتملة ضد إيران و سوريا و حزب الله وفي ظل التهديدات الإسرائيلية باجتياح قطاع غزة والقضاء على حركة حماس !

في ظل هذه الظروف المتداخلة والمعقدة تسعى الولايات المتحدة لبناء محورا عربيا داعما لها في أية خطوة عسكرية قد تتخذ ضد إيران و سوريا .. إذ أن الأجواء التي نعيشها اليوم تذكرنا بالأجواء التي سادت عشية حرب الخليج الأولى والثانية إذ سعت الولايات المتحدة لاستقطاب الدول العربية من خلال رفع شعار وهمي وهو ( حل القضية الفلسطينية )

إن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يسبقه بوادر النوايا الحسنة كإطلاق سراح السجناء والأسرى أو فك الحصار الجائر عن قطاع غزة ودون ذالك ستبقى هذه المؤتمرات مجرد أوهام تحمل أبعادا أكبر مما هو مطروح

قد نتفق على أن المصالح الأمريكية الإستراتيجية في المنطقة تبقى الأهم بالنسبة لأمريكا واهم من قضية شعبنا وحلها.. أهم من استرضاء العالم العربي ونظامه الرسمي والاهم هو تجييش الأنظمة العربية وتسخيرها لخدمة هذه الأهداف .. فالولايات المتحدة تسعى وضمن مخططها المرسوم إلى إطباق سيطرتها على بترول العالم نجحت في نهب ثروات الشعب العراقي، لكنها فشلت عسكريا في حربها !

وها هي اليوم تحاول إعادة الكرة من جديد في إيران ومن اجل تجسيد برنامجها ومشروعها فهي بحاجة إلى بلورة المحور العربي الأمريكي وتفعيله من جديد وهذه المرة تحت يافطة إقامة الدولة الفلسطينية !!

إن سياسة( الضحك على الذقون) أصبحت معروفة لشعبنا ومكشوفة للشعوب العربية .. فأي حديث يصدر عن أمريكا حول حل الصراع العربي الإسرائيلي يندرج في إطار سياسة ( ذر الرماد في العيون ) أين كانت أمريكا عندما ضيعت مناسبة مواتية لحل الصراع في كامب ديفيد وماذا كان موقفها من تعنت الطرف الإسرائيلي ؟!

إن أهم عوامل فشل اتفاقات أوسلو كان تغييب القضايا المفصلية مثل حق العودة و القدس وحدود الدولة الفلسطينية وتركت إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات.. إن هذه الثوابت هي المحك الأساسي لمصداقية أية مفاوضات قد تجري وتركها من شأنه أن يعمق الشرخ القائم في الشارع الفلسطيني ويأزم الأوضاع .

وقوة الطرح الفلسطيني ستبقى منوطة بالإجماع ألفصائلي على مسودة القرارات والاتفاقات وبمدى التنسيق الرسمي الفلسطيني مع القوى الحليفة في الشارع العربي..

وليس خفيا بان إسرائيل ستحاول استغلال ضعف ووهن البيت الفلسطيني الداخلي لتمرير حلول قد تكون مؤلمة ولا تتماشى مع التطلعات الفلسطينية.

إن توقيت عقد المؤتمر لا يسير لصالح الطرف الفلسطيني..

إذ إن حالة الانقسام التي يعيشها شعبنا أضعفت دور وقوة المفاوض الفلسطيني وقد تجعله ضحية للابتزاز الإسرائيلي..

وهذا ما لا نريده إطلاقا.

إن ما نخشاه أن يخرج المؤتمر بقرارات فضفاضة لا تحسم في طابع الموقف من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة الذي تعارضه إسرائيل بشدة .

إن الموقف من حق العودة هو المحك الأساسي لطابع أية تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني العربي فأي تسوية لا تقر بهذا الحق ستبقى منقوصة وغير عادلة وتشكل التفافا على ثوابت الحق الفلسطيني ..

من هنا فان ما هو مطلوب عدم إفساح المجال إمام الطرف الأمريكي – الإسرائيلي الاستئثار بالمفاوض الفلسطيني واستغلال الحالة الفلسطينية المنقسمة على نفسها لفرض قرارات مؤلمة قد تكون بداية لتجدد الصراعات الفلسطينية ..

فشعبنا اليوم أحوج من أي وقت مضى للتوحد ونبذ خلافات الماضي من اجل الذهاب إلى انابولس قويا بطرحه وخطابه ودون ذالك فأنني متخوف مما هو آت .

الدكتور عدنان بكريه فلسطين - الجليل

المصدر