الصهيونية واتجاهاتها الفكرية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الصهيونية واتجاهاتها الفكرية
نتنياهو وليبر مان.jpg


بقلم : ضياء أيوب

قيل إن فلسفة نيتشه سبقت صاحبها إذ كانت مزيجاً بين متناقضات من الخير والشر سبق طرحها ولادة نيتشه، وإن كان الفيلسوف الألماني الشهير نظمها وأعطاها أبعادها الفكرية والفلسفية.

وبهذا المعنى يمكننا القول إن الصهيونية سبقت الصهاينة اليهود في نشأتها، فكانت فكرة نقل يهود أوروبا إلى فلسطين من بنات أفكار الغرب الاستعماري الإمبريالي ممثلاً بالمسحيين المتصهينين ـ متدينين كانوا أم علمانيين ـ الآخذ في التطور مع بداية القرن التاسع عشر وتطور العلاقات الاقتصادية في <<البلدان القومية الأوروبية>> خلال العقود اللاحقة، وتحييد الدور الوظيفي الذي اضطلع به يهود أوروبا في كثير من مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

فكانت النشأة الأولى للصهيونية اليهودية <<التسللية>> عام 1882 مع إنشاء أولى مستوطنات <<الموشافاه>> (بتاح تكفا) على يد الممول البريطاني الأشهر في تاريخ الحركة الصهيونية اللورد روتشيلد مختلفة في برنامجها في نقل اليهود إلى فلسطين عن برنامج الحركة الصهيونية الذي أقر في المؤتمر الأول للصهيونية في مدينة بازل بسويسرا عام 1897.

بعض الصهاينة نظر إلى مشروع الدولة اليهودية الذي أعده هرتزل باعتباره <<صهيون بلا صهيونية>>، من منطلق أن هؤلاء اعتبروا الالتزام اللفظي بدولة اليهود شيء والسعي الفعلي لإقامة دولة اليهود شيء آخر.

كما ظهر في أوروبا مع نهاية القرن التاسع عشر ما عرف بـ<<صهيونية الصالونات>> فنظر أصحاب الطبقة الوسطى من صهاينة أوروبا إلى مشروع الدولة اليهودية باعتباره معبراً عن رؤيتهم في تكييف يهود العالم، لكنهم رفضوا الهجرة إلى فلسطين لاعتبارات تتعلق بمصالحهم المرتبطة بالمجتمعات التي ترعرعوا بها، فاكتفوا بتحويل الصهيونية إلى عنوان في نقاشات الصالونات الثقافية والأدبية.

وإن كان هذا هو حال الطبقة الوسطى فلا داعٍ لمناقشة أية أسباب لعدم هجرة كبار الممولين من أمثال اللورد روتشيلد، أو الثري اليهودي الأميركي أورفينغ ميسكوفيتش إلى أرض فلسطين رغم دعمهما المحموم للاستيطان اليهودي على هذه الأرض.

كما يمكن القول إن ظهور تيارات مثل الصهيونية <<التوطينية>> والصهيونية <<الاستيطانية>> تشكل نقطة بحاجة إلى الدراسة والتعمق عند طرح التعميم في مصطلح الصهيونية.

ولا بد لدعاة الدولة ثنائية القومية اليوم في الجانب الفلسطيني أن يعودوا إلى الوراء ويدرسوا تراث الفيلسوف الصهيوني مارتن بوبر رئيس قسم الفلسفة في الجامعة العبرية، ورئيس الجامعة يهودا ماغنس حيث دعيا الصهاينة منذ العقد الرابع من القرن المنصرم إلى اعتبار العرب إخوة لهم، وأن لا يعتبروا أنفسهم ممثلين للحضارة الغربية التي اعتبراها فاسدة، ودعا الرجلان إلى إقامة دولة ثنائية القومية تكون إدارتها مشتركة بين اليهود والعرب.

كل ذلك دون أن يتنازلا عن حق الحركة الصهيونية في استجلاب المزيد من المهاجرين اليهود إلى أرض فلسطين.

ونظن أن إيلان بابيه أحد أشهر وأهم المؤرخين الإسرائيليين التصحيحيين <<الجدد>>، أقام مذهبه التأريخي على تراث بوبر الذي يعتبر إحدى ثلاث مدارس أساسية في التفكير الصهيوني إلى جانب الـ<<وايزمانية>>، والـ<<بن غوريونية>>.

وللحديث صلة حول مدرسة المؤرخين الجدد، وبابيه وكتابه الجديد <<التطهير العرقي في فلسطين >>.


المصدر