القضاة يدافعون عن الدستور واحترام القانون
بينما تمثل التجمع للطبع .. بدا شارع عبد الخالق ثروت – بوسط القاهرة ، مشتعلا بانتفاضة ثلاثية والتي يشهدها نادي القضاة ونقابتا الصحفيين والمحامين تضامنا مع قضاة مصر في مطالبهم العادلة باستقلالهم الكامل عن السلطة التنفيذية ورقابة القضاة الحقيقية على الانتخابات درء للتدخل الأجنبي للإشراف عليها بما يسئ لهم وللدولة.
يحدث هذا للمرة الأولي في تاريخ النقابات الثلاثة المتجاورة في شارع واحد ، والمتوحدة في المطالبة بالتغيير وضرورة الإصلاح السياسي الشامل والديمقراطي والدستوري وإن الإصلاح القضائي جوهره ومن أجل إلغاء حالة الطوارئ وكافة القوانين الاستثنائية.
ولقد قرر مجلسا نقابتي الصحفيين والمحامين فتح أبواب نقابتهما يوم الجمعة أمام أعضائهما للإعراب عن تضامنهم مع القضاة في مطالبهم العادلة والوطنية القومية من أجل تعزيز الحريات والحقوق العامة للشعب والوطن.
وتعقد الجمعية العمومية الطارئة لنادي قضاة مصر اجتماعها التاريخي وسط اهتمام سياسي وإعلامي محلي ودولي ويترقب العالم نتائجها بسبب تأثيرها على المستقبل السياسي في مصر وشرعية نظام الحكم.
ويأتي الاجتماع التاريخي للقضاة تتويجا لتوصية نادي قضاة الإسكندرية بالمطالبة بإعفاء القضاة من الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
وعلمت " التجمع " أن هناك اقتراحات لتفعيل دور القضاة في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم فيها منها تشكيل لجنة من شيوخهم وناديهم لتقديم توصياتهم ومطالبهم للرئيس مبارك أو القيام بمسيرة سلمية من مقر ناديهم إلى دار القضاء العالي والإعلان عن إضراب مؤقت عن العمل في كافة المحاكم والجلسات للضغط على السلطة. ويعقد الاجتماع التاريخي للقضاة بعدما باءت كافة محاولات الدولة وحكومتها في احتواء أزمة القضاة ومحاولة إثنائهم عن مطالبهم بالرشوة المالية لتحفيزهم وضمان إشرافهم الصوري على الانتخابات!!
كما فشلت محاولات السلطة التنفيذية والحكومة ووزارة العدل في إفشال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة لنادي قضاة مصر اليوم عن طريق الجولات المكوكية لوزير عدلها أبو الليل من أقصي جنوب مصر إلى شمالها ووسطها وشرقها دون غربها في بؤرة أحداث الانتفاضة بالإسكندرية . بعدما فشل مساعدة الأول في احتواء الأزمة وأدي تدخله لتصعيدها إلى ما هي فيه الآن وانقلب السحر على الساحر كما يقولون.
حيث بدأت الأزمة بين محام وقاضي محكمة سيدي جابر . والآن أعلنت نقابة المحامين تضامنها الكامل مع القضاة ضد السلطة – انتصارا للعدل في مصر ..!
وكان أبو الليل قد بدأ جولته المكوكية بزيارته إلى محاكم أسوان والأقصر وقنا يومي 7،6 ابريل الماضي .
والتي التقي برؤسائها ورجال القضاء والنيابة العامة ورؤساء وأعضاء نوادي القضاة بها في محاولة منه لانتزاع إعلانهم بعدم المشاركة في الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة . كرد فعل لما أعلنته الجمعية العمومية الطارئة الأولي لنادي قضاة الإسكندرية في 18 مارس بتوصيتها مقاطعة الإشراف على الانتخابات وقبيل انعقادها الثاني في 15 ابريل بأسبوع ، وهي الجمعية التي قررت إعفاء القضاة من الإشراف على الانتخابات في حالة عدم استجابة الدولة لمطالبهم بالاستقلال والرقابة القضائية الكاملة عليها..ولقد حضر الاجتماع الثاني مجلس إدارة نادي قضاة مصر بكامله ، وبرئاسة المستشار زكريا عبد العزيز وكذلك وفود وأغلبية رؤساء أندية القضاة ومجالس إدارتها بالأقاليم في تظاهرة قضائية قوية للمرة الأولي كما حضر ممثلو نادي قضاة مجلس الدولة للتضامن معهم أيضا للمرة الأولي.
وقبل انعقاد الاجتماع الطارئ التاريخي للقضاة اليوم بحوالي 48 ساعة.
أبلغ المستشار زكريا أحمد عبد العزيز رئيس مجلس إدارة نادي قضاة مصر ، بتراجع حكومة نظيف وأبو الليل عن موقفها المتعنت والمتعسف بعدم عرض مشروع القضاة وناديهم على مجلس الشعب والشورى قبل فضهما لتعديل قانون السلطة القضائية وتحقيق مطالبه بنسبة 90% وتحقيق الأغلبية من مشروع قانون القضاة و95% من مطالبهم لضمانات قانون مباشرة الحقوق السياسية عقب فشلها في احتواء غضبتهم وكسر إرادتهم.
وعلمت " التجمع " من مصادرها القضائية العليا . أن المستشار عصام الدين حسين مساعد أول وزير العدل والأمين العام للمجلس الأعلى للهيئات القضائية.
والمستشار هشام جنينه السكرتير العام للنادي . أجري اتصالا هاتفيا في الساعة الواحدة فجر الأربعاء الماضي مع المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر بمكتبه من وزارته أبلغه فيه موافقة المستشار محمود أبو الليل وزير العدل على مشروع التعديل الذي أقرته اللجنة الوزارية.
وأشار مساعد أول الوزير إلى إرسال مشروع القانون المعدل إلى مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار فتحي خليفة رئيس محكمة النقض صباح الأربعاء الماضي لأخذ رأيه وفقا لقانون السلطة القضائية كما سيتم عرضه في نفس التوقيت أيضا وفقا للقانون والدستور على المجلس الأعلى للهيئات القضائية ، لأخذ رأيه فيه. والمعروف أنه وفقا لنص المادة 173 من الدستور ، فإن المجلس الأعلى للهيئات القضائية يترأسه رئيس الجمهورية ويفوض وزير العدل برئاسته بدلا منه في حالة غيابه عنه وهو ما يحدث دوما ، اللهم إلا في حالات نادرة ترأسه الرئيس السابق السادات وارتدي وشاح القضاء للتصوير به بالإضافة إلى زيه العسكري كقائدا أعلي للقوات المسلحة!!
والمعروف فإن المجلس الأعلى للهيئات القضائية أنشئ بديلا لمجلس القضاء الأعلى الذي كان يترأسه – كما هو معمول به الآن عقب عودته في مارس 84 في عهد الرئيس مبارك – رئيس محكمة النقض بصفته شيخ القضاة. وكان المجلس قد حل عام 1969 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أعقاب البيان التاريخي للجمعية العمومية لنادي القضاة التي رأسها المستشار النائب الراحل ممتاز نصار والتي انعقدت في 28 مارس 1968 بعد هزيمة يونيو وفي ظروف مشابهة للاحتقان الشعبي السائد الآن وهي الجمعية التي طالب فيها القضاة بمنع تجول السلطة التنفيذية أو تدخل الدولة في شئون العدالة.
والعجيب .. أنه رغم ادعاء السلطة الحاكمة احترامها للشرعية الدستورية إلا أن الواقع كان مخالفا لذلك ، فبينما ينص الدستور على ضرورة الفصل بين سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية فإن رئيس الجمهورية يترأس السلطة التنفيذية كما يترأس المجلس الاعلي للهيئات القضائية ويونيب عنه في رآستها وزير العدل الذي يرأس رجال القضاء.
كما يتولى وزير العدل تعيين رئيسي هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ، وبامكانه عزلهما لعدم تمتعهما بالحصانة القضائية.
وكانت محكمة النقض برئاسة المستشار حسام الغيني قد قضت في عدة أحكام متواترة ببطلان إشراف أعضاء الهيئتين السابقتين على انتخابات مجلس الشعب الماضية عام 2000 .. وكان أشهر تلك الأحكام الحكم ببطلان انتخابات دائرة الزيتون .
ولم يكف القضاة طوال تاريخهم عن المطالبة باستقلالهم وعدم تدخل الدولة في شئون العدالة واحترام المبادئ التي أرساها الدستور في هذا المجال ويمثل كل ما سبق خلفية انتفاضة القضاة دفاعا عن العدالة وعن الدستور وعن هيبة المنصة العالية
المصدر:التجمع