انقلاب فنزويلا.. الاحتجاجات الشعبية تعيد الرئيس في يومين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
انقلاب فنزويلا.. الاحتجاجات الشعبية تعيد الرئيس في يومين

القاهرة

(السبت 31 مايو 2014)

مقدمة

فنزويلا.. الاحتجاجات الشعبية تعيد الرئيس في يومين.jpg

"يومان من الانقلاب" .. هذه هي المدة التي استطاع فيها قادة الانقلاب العسكري في فنزويلا الصمود أمام المد الشعبي المتزايد والانشقاقات العسكرية المتوالية، قبل أن يتم إلقاء القبض عليهم وتسلم نائب الرئيس السلطة مؤقتا تمهيدا لعودة الرئيس هوجو شافيز إلى سدة الحكم مرة أخرى.

ولـ"فنزويلا" شهرة بين بلدان العالم في تاريخ الانقلابات، غير أن أحدثها وأكثرها شهرة هو ذلك الذي تعرض له الرئيس شافيز عندما تم الإطاحة به لمدة شهر واحد، اعتقل فيه، ثم عاد إلى الحكم مرة أخرى.

هوجو تشافيز، رئيس فنزويلا الواحد بعد الستين، صار رئيساً للبلاد في 2 فبراير عام 1999، عرف بحكومته ذات السلطة الديمقراطية الاشتراكية واشتهر لمناداته بتكامل أمريكا اللاتينية السياسي والاقتصادي مع معاداته للإمبريالية وانتقاده الحاد لأنصار العولمة من الليبراليين الحديثين وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

في العام 1998 انتخب الرئيس هوجو شافيز بعد سلسلة من الرؤساء الفاسدين الذين أتوا إلى السلطة وحطموا اقتصاد البلاد، وأضاعوا حقوق الفقراء، حيث عانت البلاد سنوات من الفساد وانعدام المساواة والعدالة الاجتماعية؛ نتيجة وجود نظام سياسي متجمد يقوم على تعددية مقيدة بقيادة حزب سياسي واحد يسيطر على السلطة منذ أربعين عاماً، إلى أن أتى شافيز والذي طالب وقتها أن يستعمل النفط الفنزويلي للشعب فقط وليس لأمريكا.

أصدر شافيز سلسلة من القرارات لصالح الفقراء، وكان السبب الرئيسي في الإطاحة بشافيز من قبل العسكر هو إقراره لـ49 قانونا عام 2001 يُجيز بعضها تأميم الأراضي والنفط والمصارف، ما أثار غضب المعارضة والتي ما كانت إلا بقايا لأحزاب يقودها رجال أعمال لهم مصالح مباشرة مع الولايات المتحدة.

أمريكا تدعم الانقلاب

إلا أن أمريكا لم يعجبها ما جرى، ورأت وقتها أن شافيز قد وقف في وجه الولايات المتحدة من أجل مساعدة الشعب الفنزويلى، فتم وقتها ترتيب الانقلاب، وبدأت المعارضة ورجال الأعمال يحشدون في الشارع، حيث شهدت الفترة من 10 إلى 15 أبريل عدة تطورات سياسية تمثلت في عدة مظاهرات لاتحاد العمال وأحزاب المعارضة، وقام رجال الأعمال بدفع الأموال للناس للخروج في الشوارع للاحتجاج وإثارة القلاقل رغبة منهم في إظهار أن شافيز لا يحظى بشعبية، وسرعان ما قامت قيادات الجيش ورجال الأعمال التابعة لأذيال النظام السابق بتوظيف تلك الاحتجاجات للإطاحة بشافيز.

وتصاعدت موجات الرفض والنقد لاستمرار نظام حكم شافيز، إثر تنظيم أحزاب المعارضة حملة ناجحة للقيام بإضراب عام في الفترة من 8 إلى 11 أبريل 2002، ومع نهاية اليوم الحادي عشر من أبريل الماضي تحول الإضراب إلى ما يشبه قوة الشعب الثورية الفعلية. وحسب أحد التقديرات، كان هناك نحو نصف مليون متظاهر في هذه المظاهرات التي طافت في جميع شوارع كراكاس.

مذبحة

وتوجهت إحدى المظاهرات باتجاه القصر الجمهوري وطالبت الرئيس شافيز بالاستقالة. ومن جانبه رفض شافيز الاعتراف بالخطأ وألقى خطابا اتهم فيه المتظاهرين بالعمالة لأعداء فنزويلا في الخارج، وفي أثناء ذلك قامت قوات الأمن ومدنيون مسلحون من المؤيدين لشافيز بمهاجمة المظاهرة مما أوقع نحو 16 قتيلا وأكثر من 300 جريح.

وخلال ساعات من وقوع المذبحة، أرسل جنرالات الجيش الفنزويلي جنرالا من سلاح الجو هو ريجولو أنسلى وضابطين آخرين من كبار الضباط إلى القصر الرئاسي للتفاوض على استقالة شافيز.

وفي 12 أبريل 2002 قامت قيادة أركان الجيش بمحاولة انقلاب، وتسليم سلطة البلاد إلى رئيس مدني، إلا أن سلوك ومنهج القيادة الجديدة في التعامل مع قضايا الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية حالت دون الاستمرار في تأييدها من قبل الشارع، وخرجت هذه القوى في مظاهرات عارمة وحاشدة تطالب بعودة الرئيس هوجو شافيز إلى مقاليد السلطة مرة أخرى، وكان رأى الشارع أن ما حدث خيانة وأنه لابد من التظاهر حتى عودة الشرعية، فبدأ القمع والاعتقالات.

وأشارت مستشارة الرئيس شافيز - عقب الإطاحة به - إلى أنه قرر أن يسلم نفسه للجيش كي يتجنب تفجير القصر، إلا أنه لا يزال مُصرًا على عدم تقديم الاستقالة عن منصب الرئاسة رغم أخذه للسجن، مؤكدة أن ما حدث أوضح دليل على أن ما حدث انقلاب عسكري، وأنه هو الذي أخرج الرئيس من السلطة.

وتظاهر الآلاف من المواطنين للمطالبة بعودة شافيز والديمقراطية لفنزويلا - وأجبرت بيدرو كارمونا على إلغاء قراره بحل الجمعية الوطنية وتجميد العمل بأحكام الدستور . وعلى الرغم من انصياع بيدرو كارمونا لطلبات القيادات العسكرية، إلا أن هذه القيادات سحبت تأييدها له، وطالبته بالاستقالة من منصبه.

القبض على قائد الانقلاب

ولم تمض إلا ساعات قليلة وأعلن بيدرو كارمونا استقالته من الحكومة المؤقتة، وبادرت القوات العسكرية الموالية لشافيز، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الفنزويليين المطالبين بعودة الحكم الديمقراطي للبلاد بالاستيلاء على مقر الرئاسة والقبض على بيدرو كارمونا ومعاونيه، والسيطرة على عدة محطات تليفزيونية خاصة، كانت تساند حكومة الانقلاب بقيادة كارمونا.

وقامت مجموعة من كبار الضباط بتنصيب نائب الرئيس ديوسدادو كابيلو بجعله يقسم اليمين كرئيس مؤقت لفنزويلا، ووعد كابيللو بأن يعود الرئيس شافيز إلى عمله كرئيس منتخب وبشكل ديمقراطي للحكم مرة أخرى. وأعلن كابيللو أيضا إعادة العمل بالنظام الدستوري وعودة السلطات القانونية لتولى الحكم في البلاد بموجب دستور عام 1999.

وعقب تولى كابيللو مقاليد الحكم بشكل مؤقت، أجريت العديد من المفاوضات بين الرئيس هوجو شافيز ورئيس الجمعية الوطنية وقادة القوات المسلحة الفنزويلية تم بمقتضاها إبرام صفقة بين الطرفين تنص على عودة شافيز لممارسة مهام الرئاسة الفنزويلية في مقابل إصدار شافيز لعدة قرارات منها تنحية مجلس إدارة الشركة الوطنية للبترول والذي كان سببا في حدوث إضراب عام للعمال في كراكاس، والعفو عن القيادات العسكرية التي قامت بالانقلاب عليه، وإجراء تحقيق شامل حول أحداث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن والحرس الرئاسي ضد المتظاهرين في يوم الخميس 11 ابريل الماضي.

وبموجب هذا الاتفاق تسلم شافيز مقاليد الحكم من نائبه كابيللو في يوم 13 أبريل، وعقب عودته للحكم وجه نداء إلى الشعب دعاه فيه إلى الوحدة، وأعلن بدء حوار وطني بين الكنيسة والمسئولين والنقابات السياسية ومدراء وسائل الإعلام الخاصة، وأكد في الوقت نفسه أنه لن يكون هناك أي انتقام أو مطاردة للأشرار.

المصدر