تكوينُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجِسمي
مقدمة
بدأنا بهذا الباب بقصد التعريف على جوانب في شخصية الرسول - r- كي يكون بمثابة مفتاح للأبواب الأخرى وقد سرنا فيه على الترتيب التالي :
1 - مقدمة : نستعرض فيها صفات الرسول الجسمية ليتضح أن تركيبه الجسمي متناسب مع الرسالة التي كلف بها .
2 - الفصل الأول : ويبحث في الصفات الأساسية للرسل وكيف كان للرسول - r - منها أعلى ما يتصور في حق بشر .
3 - الفصل الثاني : ويبحث في كون الرسول - r - هو القدوة العليا للبشر في كل جانب من جوانب الحياة ، لأنه كان في كل جانب في الذروة العليا من الكمال .
وجعلنا المقدمة تحت عنوان : تكوين الرسول الجسمي .
وجعلنا الفصل الأول تحت عنوان : الصفات الأساسية .
وجعلنا الفصل الثاني تحت عنوان : القدوة العليا .
ونأمل ألا ننتهي من هذا الباب إلا وقد اتضح لطالب الحق أن محمداً رسول الله حقّاً - صلى الله عليه وسلم - .
... إن أول ما يقع بصر الإنسان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشعر أنه أمام جمال مدهش لا مثيل له ، ومظهر يوحي بثقة مطلقة لا حد لها ، وهذا ما انعقد عليه إجماع من شاهدوه عليه الصلاة والسلام :
... أخرج الدارمي والبيهقي عن جابر بن سمرة قال : "رأيت النبي - r - في ليلة أضحيان - أي : مقمرة مسفرة - فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كان أحسن في عيني من القمر " .
... وأخرج الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة قال : " ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله - r - كأنَّ الشمس تجري في وجه ، وما رأيت أحداً أسرع في مشيه منه كأن الأرض تطوى له إنا لنجهد وإنه غير مكترث " .
... وأخرج الشيخان عن البراء قال : " كان رسول الله - r- بعيد ما بين المنكبين ، يبلغ شعره شحمة أذنيه ، ما رأيت شيئاً أحسن منه " .
... وأخرج مسلم عن جاب ربن سمرة في وصف وجه رسول الله - r- قال : " بل مثل الشمس والقمر مستديراً " .
... وأخرج الشيخان عن البراء قال : " كان رسول الله - r - أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ، ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير " .
... وأخرج مسلم عن أبي الطفيل أنه قيل له صف لنا رسول الله - r - قال : " كان أبيض مليح الوجه " .
... وأخرج الدارمي والبيقهي والطبراني وأبو نعيم عن أبي عبيدة قال : قلت للربيع بنت معوذ : صفي لي رسول الله - r- قالت : " لو رأيته قلت الشمس طالعة " .
... وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : " كان رسول الله - r - ضخم القدمين حسن الوجه لم أر بعده مثله " .
... وأخرج أبو موسى المديني في كتاب الصحابة عن أمد بن أبد الحضرمي قال : " رأيت رسول الله - r- فما رأيت قبله ولا بعده مثله " .
... وأخرج الدارمي عن ابن عمر قال : " ما رأيت أشجع ولا أجود ولا أضوأ من رسول الله - r - " .
... وأخرج أحمد والبيهقي عن محرش الكعبي قال : " اعتمر النبي - r- من الجعرانة ليلاً فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة " .
... ومن شعر عمه أبي طالب فيه :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
- ثمال اليتامى عصمة للأرامل
... وأخرج عبد الله بن الإمام أحمد والبيهقي عن علي قال : " كان النبي - r- ليس بالذاهب طولاً ، وفوق الربعة إذا جاء مع القوم غمرهم ، أبيض ضخم الهامة - أي : الرأس - أغر أبلج أهدب الأشفار - أي : طويل شعر العين أسوده - كأن العرق في وجهه اللؤلؤ ، لم أر قبله ولا بعده مثله " .
... ومن وصف هند بن أبي هالة له : " كان رسول الله - r- فخماً مفخماً ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ... عظيم الهامة ، رجل الشعر ... أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب سوابغ في غير قَرَن ، بينهما عرق يدره الغضب ( الحاجب الأزج المقوس الطويل الوافر الشعر ) أقنى العرنين ( العرنين الأنف أو ما صلب منه والقنا طول الأنف ودقة أرنبته واحد يداب وسطه ) له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم ( الأشم الطويل قصبة الأنف ) كث اللحية ، أدعج ( الدعج شدة سواد العين ) سهل الخدين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلج الأسنان ( أي لأسنانه رونق وغير متراكبة ) دقيق المسربة ( أي خفيف شعر ما فوق السرة ) كأن عنقه جيد دمية في صفاء ، معتدل الخلق ، بادن متماسك سواء البطن والصدر ، عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين
... أنور المتجرد ، طويل الزندين ، رحب الراحة ... شثن الكفين والقدمين ، سابل الأطراف ( أي طويل الأصابع ) خمصان الأخمصين .. ذَريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت جميعاً ، خافض الطرف نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء ... " .
وكان إذا مس أحداً أحس بطمأنينة عجيبة وروح عجيب :
... وأخرج أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال : " اشتكيت بمكة فدخل علي رسول الله- r - يعودني ، فوضع يده على جبتهي فمسح وجهي وصدري وبطني ، فما زلت يخيل إلي أني أجد يده على كبدي حتى الساعة " .
... وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة قال : " مسح رسول الله خدي فوجدت ليده برداً وريحاناً كأنما أخرجهما من جونة عطار " . وأخرج الشيخان عن أنس قال : " ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله - r - ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله - r- " .
وكان منظره يوحي لمن يراه بأنه أمام نبي :
... أخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال : " لما قدم النبي - r- المدينة جئته لأنظر إليه فلما استبنت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب " .
... وعن أبي رمثة التميمي قال : " أتيت النبي - r - ومعي ابن لي فأُريته فلما رأيته قلت هذا نبي الله " .
... ويقول عبد الله بن رواحة في وصفه :
... ... لو لم تكن فيه آيات مبينة ... لكان منظره ينبيك بالخبر
... هذه بعض آثار مما ورد وصف تكوينه الجسمي نقلناها بين يدي صفاته وكمالاته الخُلقية العظيمة لتتضح لك شخصيّته من جميع جوانبها عليه الصلاة والسلام .
الشيخ سعيد حوى
المصدر
- مقال:تكوينُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجِسمي موقع : برهانكم