خطاب أوباما في القاهرة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


خطاب أوباما في القاهرة وصمت أبو الهول

باراك أوباما

ما نستوعبه دون تكلف أو تعسف هو أن استراتيجية وأهداف دولة الولايات المتحدة الأمريكية وبعد الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور Pearl Harbour على الساحل الغربي في 7 - 12 - 1941م والتي تلتها المعارك البحرية والجوية والبرية في محيطات وأجواء جنوب شرق آسيا وقنبلتي هيروشيما وناجازاكي، ثم قيادة الولايات المتحدة للحلفاء في معركة نورمندي Normandy على الساحل الفرنسي في 6 - 6 - 1944م والتي كانت البداية لهزيمة النازية وحضر ذكراها الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذا العام، ثم إطلاقها لمشروع مارشال الاقتصادي لإنقاذ أوروبا بعد أن كانت قد فقدت كل مقومات حياتها بعد هذه الحرب الضروس، هذه الاستراتيجية قامت على ركيزتين أساسيتين أولاهما الالتحام مع جذور الشعب الأمريكي في أوروبا وتحمل سلبيات سياسات القارة العجوز وإيجابياتها التاريخية، والثانية هي الخروج من الجزيرة الأمريكية للسيطرة على العالم اقتصاديا وعسكريا وسياسيا مدفوعة بقوى ظل الناس لا يصدقون بوجودها لعقود طويلة بسبب الانبهار الشديد بصورة المنتصر وقوته والإحساس بأذرعه الطويلة التي أحاطت بالدنيا كلها، وضجيج منظمة الأمم المتحدة التي انطلقت على الأرض الأمريكية وفي خلفيتها نهضة شابة للدولة الفتية وتمثال الحرية الفرنسي الأصل الذي يقبع في المحيط على الساحل الشرقي، والصناعة الهليودية على الساحل الغربي التي بالغت في تحسين الصورة وإخفاء سلبياتها ونشر منظومة قيم وأخلاق جديدة تماما على شعوب العالم المغلوبة على أمرها ومنها شعوبنا حتى غسلت أدمغتها صورة أرض الأحلام الموعودة فسلبت إرادتها وسيطرت عليها من داخل كياناتها وظنت أن ما تشاهده وتسمعه هو الحقيقة التي لا تحتمل جدلا حتى جاءت الصدمة الأولى والتي لا تحتمل أيضا جدلا ولا ظنا ولا تأويلا بالاعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين ثم توالت الصدمات على شعوبنا ليظهر للناس ما كان خفيا عليهم وهو أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تنظر إلى الأحداث وتعّبر عنها بما هو مطلوب منها أن تقوله حتى ولو كانت مخالفة للحقيقة والتاريخ الموثوق والمعاش.

أحداث بيرل هاربر 1941 كتب عنها الكثيرون من داخل الولايات المتحدة ومن خارجها يؤكدون بما توفر لديهم من وثائق بأن الإدارة الأمريكية وقتها كانت على علم بعزم اليابان على الهجوم الذي أودى بمئات القتلى من الأمريكيين ولم تتحرك لمنعه أو صده بهجوم استباقي بهدف إجبار مؤسسات الدولة الأمريكية على الموافقة على إعلان الحرب وخوضها لنفس الأسباب التي اتضحت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحدث نيويورك 2001م ورغم قصر المدة الزمنية على مروره وحتى ولو تبنى تنظيم القاعدة مسؤوليته عنه دون أن يدري (إذا صح ادعاؤه) أنه قد تم استدراج عناصره لركوب هذه الطائرات التي من المستحيل أن يسيطر عليها فنيا أشخاص مبتدئون في تعلم فن قيادة الطائرات الصغيرة .. وتتكرر نفس الحكاية وتظهر المقالات والدراسات لتؤكد أن جهازا أو أجهزة مجتمعة داخل الدولة الأمريكية كانت متورطة بشكل ما في تمرير هذا الحدث ليصب في نفس اتجاه الأهداف ومنها السيطرة على المنطقة الجيوسياسية التي تقع أفغانستان في قلبها.

وعودة إلى حديث الرئيس الأمريكي أوباما في القاهرة الذي ألقاه أوائل هذا الشهر وأحدث ضجيجا ما زالت توابعه تتوالى فقد تحدث عن أسفه لقتل ثلاثة آلاف أمريكي بريء في أحداث نيويورك، وهو أسف نشاركه فيه لما نعلمه عن قواعد شريعتنا، ولكنه لم يأسف على ما تقوم به قوات بلاده من قتل وتدمير في أفغانستان وباكستان والعراق وعدد الضحايا الذين تجاوزوا الثلاثة ملايين قتيل غير الجرحى والأرامل واليتامى مما دفع بوزير حربه (القديم الجديد) إلى التصريح ولو من باب تنفيس غضب الشعوب إلى وجوب قيام مؤسسته العسكرية بدراسة استراتيجية الحرب لتغييرها ضمانا لعدم المساس بالمدنيين الأبرياء (!!) دون أن يُصدر أمرا فوريا بتعليق هذه الحرب حتى تتم الدراسة.

وفي فلسطين أولى البلايا الأمريكية التي انصبت على أمتنا وبلادنا بإصرار الدولة الأمريكية على أن تكون أول من يعترف بالكيان الصهيوني كدولة، ثم يقوم الرئيس الأخير بالهجوم على ما يقوم به الشعب الذي احتلت أرضه متجاهلا اعتداءات الصهاينة المحتلين، ودون أن يكون قد سبق لأي من شعوبنا وأفرادنا ومفكرينا وسياسيينا من مختلف الألوان والجنسيات (عدا من كان محسوبا على الماركسية اللينينية) إعلان معاداة هذه الدولة التي كان أول من اعترف بها من كل دول العالم هي المملكة المغربية التي تضم شعبا عربيا مسلما، ودون تعب أو عناء فلن تستطيع أي إدارة أمريكية أن تخفي أثر القوى الخفية التي تُمسك بدفة الأمور في هذا الكيان العملاق.

حملة العلاقات العامة لتحسين صورة الولايات المتحدة لدى شعوبنا التي توّجها الرئيس الشاب المثقف الذي درس في أحد أعرق معاهد القانون في بلاده واتخذ العمل للقانون وبالقانون سبيلا لاكتساب رزقه يمكن أن نقول عنها أنها نجحت إلى حد ما ليس بسبب الكاريزمة الشخصية للرئيس فقط، ولكن أيضا لأن شعوبنا قد سمعت ولأول مرة وعلى لسان إنسان في مثل مركزه ويعتز بمسيحيته يقول (علّمني القرآن الكريم) واستشهد بآية من كتاب الله تقول: (.. من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) لو نزلت وحدها على جبل لرأيته خاشعا متصدعا .. ومع ذلك فأرقام ضحايا جيشه وسلاحه في فلسطين والعراق وأفغانستان وحدهم فقط تتوالى بسرعة فلكية لم يعد في مقدور حاسبات البنتاجون استيعابها، وكذلك ضحايا من تؤيدهم دولته من الطغاة في بلادنا الذين يعيشون على المدد الذي يأتيهم من بلاده.

ليقل الرئيس الشاب ما تشاء القوى الخفية قوله أو توافق عليه وليُقيّم من يقيّم خطابه التاريخي الذي تحدث فيه بأسلوب إيجابي عن ديننا الإسلام، وليقف من يقف أمام مفارقات ضخمة لسياسات بلاده أبرزها خطابه، وحسنا كانت نهاية الزيارة لمصر التي استمرت ثمان ساعات وظهر الرئيس في آخر لقطة منها وخلفه تمثال أبو الهول الصامت الصامد طوال قرون .. وهي عندنا الرسالة التي لم ينطق بها الرئيس.

بيان من الإخوان المسلمين حول خطاب أوباما

إن الإخوان المسلمين وهم جزء من الأمة العربية والإسلامية يدركون حقيقة ما يجري في العالم من مكر وكيد وعدوان من أصحاب المشروع الصهيوني / الأمريكي ضد أبناء هذه الأمة.

ويؤكدون أن قدرة العالمين العربي والإسلامي على استثمار طاقاته وإمكاناته في التنمية والنهضة هي الحقيقة التي يجب أن يُعوّل عليها وهي وحدها التي تستجلب تقدير واحترام العالم.

ولقد استمعنا كما استمع الناس في العالم إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي أوباما من جامعة القاهرة متوجها به إلى العالم الإسلامي فلم نر فيه - كما توقعنا من قبل - جديدا يذكر بالنسبة إلى الاستراتيجية الأمريكية.

ونحب أن نلفت الأنظار إلى ما يلي:

1- إن المبادئ العامة التي ذكرها الرئيس أوباما في خطابه من حقوق الإنسان والعدل وضرورة الحوار على أساس الاحترام والثقة المتبادلة، وغير ذلك لا يختلف عليها أحد.

2- إن العبارات العاطفية واللغة واللباقة التي استخدمها أوباما في خطابه وحاول بها كسب مشاعر المسلمين لا تحقق عدلاً ولا تسترد حقا للمسلمين سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو باكستان أو غيرها من بلاد العالم الإسلامي التي يراق فيها الدم المسلم ليل نهار بتخطيط ومكر من قبل الإدارات الأمريكية المتتابعة.

3- إن إعلان الرئيس أوباما عن استمرار دعم أمريكا للصهاينة في فلسطين لتحقيق أمنهم وتأكيده على ذلك وعلى عدم حق المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الصهيوني الغاصب ومساواة الغاصب بالمُطالب والقاتل بالقتيل ليؤكد على أنه يسير على درب أسلافه، حكام أمريكا في سياسة الكيل بمكيالين والانحياز الكامل غير المحدود للكيان الصهيوني، بل والتماس كل الأعذار له فيما يفعل ضد الفلسطينيين، ويظهر ذلك واضحا في تركيزه على أسطورة المحرقة النازية التي وقعت لليهود، وبصرف النظر عما ذكره الرئيس أوباما في هذا الصدد فإن هذا لا يعطي مبررا لأحد على أي نحو لاحتلال أرض فلسطين، بل وارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي ومجازر وحشية للشعب الفلسطيني، وحصار خانق وقاتل لقطاع غزة حتى الآن، الأمر الذي تجاهله الرئيس أوباما تماما، ولا يعطيه حق وصف مقاومة الفلسطينيين بالعنف ومطالبة الشعب الفلسطيني بنبذه واتخاذ الوسائل السلمية، ليفرض بذلك الاستسلام على الشعب الفلسطيني وسلبه حقه المشروع في تحرير أرضه وتطهير مقدساته، وبهذه المناسبة يؤكد الإخوان المسلمون على موقفهم من القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للعرب والمسلمين ويؤكدون على دعم المقاومة حتى يسترد الفلسطينيون حقوقهم المشروعة.

إن الحديث بإسهاب عن المشكلات الاقتصادية وعن البطالة وضرورة توفير فرص عمل للشباب وما إلى غير ذلك هو حديث عام مرسل يحتاج إلى إصلاح سياسي حقيقي، أما الحديث عن حقوق المرأة والتعليم فهي أمور يعرفها المسلمون جيدا من قيم ومبادئ الإسلام العظيم.

إن محاولة دغدغة مشاعر وعواطف العرب والمسلمين من خلال استشهاده بالآيات القرآنية والأحداث التاريخية الإسلامية والحديث عن قيم التسامح وإسهامات الحضارة الإسلامية في نهضة وتقدم البشرية لم ولن تنجح في تحقيق أهدافها ولن تنطلي على العرب والمسلمين لأنه بالمقابل كان واضحا أن ذلك مجرد تغير في الأسلوب والتكتيك في بعض القضايا بما يؤكد سياسة التدخل الناعم للإدارة الأمريكية، بدلا من استخدام الآلة العسكرية التي مازالت تقوم بجرائمها في أفغانستان وباكستان، فضلا عن الاحتلال الذي ما زال جاثما على صدر العراق وآثاره وتداعياته مستمرة.

الحديث المقتضب والسطحي عن الديموقراطية ولمز الشعوب التي تطالب بها في العالم العربي والإسلامي، في الوقت الذي غض فيه الطرف عن الديكتاتوريات القائمة والأنظمة الفاسدة الظالمة التي تقهر شعوبها وتهمش دورها.

ولذلك فإن الإخوان المسلمون يعتبرون هذا الخطاب مجرد حملة علاقات عامة لتضييع الفرص وإضاعة الوقت ومحاولة لتجميل صورة أمريكا التي تلطخت بالظلم والغزو وجرائم العدوان وإراقة دماء العرب والمسلمين في كل مكان وخاصة في فلسطين.

ونوجه الأنظار إلى أنه ما لم تتوقف الحملة التي تقودها أمريكا ضد المسلمين فإن التوتر سيستمر ويشتد والمقاومة ستزداد وتقوى وسوف يظل عدم الاستقرار في العالم على حالته ما لم تتدارك أمريكا وقيادتها مواقفها الظالمة الداعمة للصهاينة وللظالمين الذين يأتمرون بأمرها ويسيرون في طريقها.

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

الإخوان المسلمون القاهرة في: 13 من جمادى الآخرة 1430هـ -6 من يونـيو 2009م

د. الكتاتني: الخطاب حمل أبعادًا متشابكةً لا يمكن تفسيرها بسهولة

في أول ردِّ فعل من داخل قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة التي شهدت خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما للعالم الإسلامي؛ أكَّد الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد بالجماعة ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب أن الخطاب احتوى على إشارات إيجابية، لا يمكن الحكم عليها قبل أن نرى ملموسها على أرض الواقع.

وانتقد الكتاتني تصريحات أوباما الذي وصف فيها المقاومة المشروعة في فلسطين بالعنف والإرهاب، فضلاً عن مطالبته بالاعتراف بالكيان الصهيوني الذي اعتبر أمنها من أمن أمريكا.

وأضاف: "كلام أوباما حول حلِّ الدولتين لم يحدد ماذا يقصد بالضبط؟!، وترك الحل مفتوحًا، يستوعبه كل من يريد كيفما يشاء، دون وضع جدول زمني أو حدٍّ أقصى لهذا الحل، وهو ما يثبت أن كلامه يحتاج إلى دراسة مستفيضة".

واستنكر رئيس الكتلة البرلمانية تصريحات أوباما القوية التي ردَّدها أكثر من مرة خلال خطابه بأن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني مستمرٌ، ولن ينكسر، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة تجلب للشرق الأوسط وللفلسطينيين الخراب.

الخطاب جدير بأن يؤذِن بمراجعات جدّيّة في الاستراتيجيات الأمريكية

مسلمو أوروبا: نرحّب بـ"التوجّهات المنفتحة" في خطاب أوباما ويجب البناء عليها

أبدى تجمّع من كبرى مؤسسات المسلمين في القارة الأوروبية، الترحيب بخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وجّهه للعالم الإسلامي، وحثّ على خوض مراجعات تصحيحية في الاستراتيجيات والسياسات الخارجية الأمريكية بموجب ذلك.

وقال "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا" في بيان صادر عنه بهذا الشأن، وتلقته "قدس برس"، إنه "تابع باهتمام، الخطاب الهام الذي وجّهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الرابع من حزيران (يونيو) 2009 من جامعة القاهرة، إلى المسلمين في العالم، والذي حمل إشارات ودِّيّة وتقديرية نحو الإسلام والمسلمين، وتعهّد فيه بـ"بداية جديدة مع العالم الإسلامي على أساس الاحترام المتبادل"، بعيداً عن نزعة الاستعلاء وسطوة القوة ومنطق الهيمنة".

وأشاد الاتحاد بما سمّاها "الروح التصالحية المنفتحة التي جاء بها هذا الخطاب، وبما بعث به الرئيس أوباما عبره من رسائل إيجابية واضحة نحو الدين الإسلامي، ونحو المسلمين أينما كانوا، علاوة على إشادته بالإسهام الإسلامي الثرّ في الموروث الحضاري الإنساني".

ورحّب الاتحاد بصفة خاصة "بتعهّد الرئيس الأمريكي بمكافحة الصور النمطية السلبية عن الإسلام، وكذلك بمناداته بحماية الحريّة الدينية للمسلمين في الغرب، بما في ذلك الحقوق الشخصية والدينية للمسلمات في اختيار اللباس، علاوة على إبرازه قيمة التنوّع في مجتمعاتنا والعالم".

ورأى الاتحاد أنّ "روح الالتزام بقيم الوفاق والانفتاح والاعتدال، التي عبّر عنها الرئيس أوباما، جديرة بأن تُؤذِن بمراجعات جدِّيّة في الاستراتيجيات والسياسات الخارجية الأمريكية تنسجم مع تلك الروح، بحيث تلمسها الشعوب التي سترحِّب، لا شكّ، بأي خطوة تصحيحية على أرض الواقع"، كما قال.

ونبّه الاتحاد إلى أنّ "عالمنا بحاجة ماسّة إلى البناء على القواسم الإنسانية المشتركة التي تسع الجميع، مع الوقوف المخلص إلى جانب قيم الحق والعدل والإنصاف ونبذ العدوان وصون كرامة الإنسان واحترام خيارات الشعوب".