د. مرسي للأهرام: الوثيقة التفاف على إرادة الشعب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. مرسي للأهرام: الوثيقة التفاف على إرادة الشعب

(18-11-2011)

مقدمة

أكد الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، أن وثيقة المبادئ والمعايير التي أعلنها الدكتور علي السلمي بمثابة فرض للسيطرة على الشعب المصري، موضحًا أن الإخوان المسلمين لم يفتعلوا أزمة بخصوص الوثيقة، وإنما افتعلها من أعلن عنها في هذا التوقيت.

وأكد د. مرسي في حديث صحفي أجراه الزميل عبـدالـرءوف خليفـة‏ في جريدة الأهرام بعدد اليوم الجمعة 18/11/2011م أن هذه الوثيقة التفاف على إرادة الشعب المصري، وفيما يلي نص الحديث:

نص الحوار

  • التيار الإسلامي يفتعل أزمة مجتمعية صوب وثيقة المبادئ الدستورية؟
هناك قواعد وأسس تسير عليها المرحلة الانتقالية وارتضاها الشعب في استفتاء عَكَسَ مدى الوعي الذي استقر في وجدان الناس، وما نراه الآن ويحاك في الكواليس يبعث على رغبة بمحاولة الالتفاف وطمس إرادة الأمة، ليس لدينا مصلحة خاصة في إحداث أزمة أو اتجاه لشقِّ وحدة الصف، المجتمع الآن في مرحلة عصيبة نحتاج فيها الي التماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، نحن قطعنا شوطًا علي الطريق وتحددت الصورة التي نحاول رسم تفاصيلها.
وما يحدث لا يعدو طرحًا يفرغ الصورة من مضمونها الحقيقي، من حقنا عندما نجد المسيرة وقد انحرفت عن مجراها الحقيقي أن نعيدها إلى سيرتها الأولى، وهذه الوثيقة التي خرجت جاءت لتشوه إرادة الأمة، وما عقدت عليه العزم في تلك المرحلة، حتى تعبر البلاد محنتها ويستقر بها المطاف على شاطئ الاستقرار.
وأستطيع القول بأن وثيقة المبادئ الدستورية التي خرجت منذ أسبوعين على تلك الصورة التي نراها تقحم المجتمع في دوامة صراع، وتدفع بالقوى السياسية فيه صوب التناحر، نحن عندما اعترضنا على ما جاء فيها فذلك هدفه تجنب الصراع الذي ينشأ لو تمَّ إقرارها والعمل بما جاء فيها، فليس مقبولاً وضع قيود على إرادة الناس في وقت قالوا فيه كلمتهم واستقروا على خطوات وقواعد محددة تمشي الأمة في ركابها.
  • التيار الإسلامي يعلم تفاصيل الوثيقة ووافق عليها وفجأة حنث بكلامه؟
تمَّ الاتفاق على محتوى ومضمون بذاته في ثلاث وثائق، وأتصور أنها روح واحدة لا تنفصل، وثيقة التحالف الديمقراطي، ووثيقة الدكتور علي السلمي الأولى بعد إجراء التعديلات في حينها وإقرارها من التحالف السياسي حينئذ الذي كان يتكون من أكثر من 34 حزبًا في ضوء اتفاق عام ووثيقة الأزهر، هذه الوثائق الثلاث وما فيها من مضمون ومحتوى لم يكن عليه أدنى اختلاف.
وكنا جميعًا مرحبين بها والموافقة عليها جاءت من قبيل تلاقي وجهات النظر، وتبديد أية مخاوف قد تكون سائدة بين القوى السياسية والأحزاب، نحن لم نحنث بما وعدنا به وقطعنا عليه العهد فيما يخص الوثيقة التي قرأناها وارتضينا محتواها ما عدا ذلك لن نقر وثيقة أخرى، ما الضرورة التي تدعو إلى إقرار وثيقة تحتوي على مضمون مغاير يفرغ الوثيقة الأصلية من المعاني التي تمَّ الاستقرار عليها دون أدنى خلاف، أمر يدعو للقلق ويكشف عن سوء نوايا وموقف يحاك في الخفاء لتحقيق أهداف بذاتها.
وأتصور أن الوثيقة الأفضل التي عبرت بالفعل عن كل الاطياف السياسية تلك التي صاغها الأزهر على اعتبار أنها لاقت قبول الجميع، وإذا كانت الحكومة تريد إقرار هذه الوثيقة سوف تجد جميع الأحزاب والقوى السياسية ملتفين حولها، ويدعمون تنفيذ ما جاء فيها، نحن لم نقر شيئًا في الوثيقة التي خرجت إلى الناس؛ لأن ما جاء فيها لم يكن معروضًا في الأساس على القوى والأحزاب حتى يرفضوه أو يقبلوه.
  • تتصور أن هناك تلاعبًا قد حدث لوثيقة المبادئ الدستورية بعد الاتفاق عليها؟
أعود مجددًا لتأكيد كلام قلته من قبل بأن هناك غموضًا يحيط بالهدف الذي من أجله طرحت وثيقة المبادئ الدستورية في هذه الآونة، وهذا يدعوني للتساؤل عن قيمتها وجدواها، الشعب قال كلمته في استفتاء رسمي وحدد مصيره بإرادته وليس من المنطقي البحث عن أدوات أخرى تضع قيودًا على تقرير مستقبل المجتمع، وتجبره على الالتزام بقواعد لم يقبلها.
عندما ناقشت الأحزاب والقوى السياسية الوثيقة مع الدكتور علي السلمي والأفكار التي تحتوي عليها وصلنا في نهاية المطاف إلى اتفاق على أشياء محددة، وخلال هذه الفترة التي تلت الاتفاق عليها كنا نسمع عن وثيقة أخرى يتم الإعداد لها وكنت أغالب الظن، حتى لا تحدث أزمة، لكن النوايا الآن تكشفت، وما كان يتردد وقتها بشأن محتوى جديد للوثيقة أصبح حقيقة.
  • إذا كانت هناك نية مبيتة على إعداد وثيقة غير تلك التي ارتضتها الأحزاب والقوى السياسية فلماذا كان يتم الاجتماع والحديث؟
أرى في الأفق أمورًا غير منطقية يصعب على العقل قبولها، لقد باتت الأحزاب والقوى السياسية في واد والحكومة في واد آخر، والأوضاع لن تستقيم أو تسير في الاتجاه الذي تسعى إليه القوى المعادية لإرادة الشعب، الاتفاق تمَّ على وثيقة استرشادية محددة، ومضمون يعبِّر عن رغبة المجتمع في بناء دستور يحفظ ويصون الحياة الديمقراطية، ويفتح نوافذ الأمل أمام الناس بعد سنوات عجاف، لقد حدث تلاعب في المضمون ولن نقبله.
  • ينظر تيار قوي للوثيقة باعتبارها ضمانة حقيقية لصياغة دستور معبر عن المجتمع ككل، بينما نظرتكم إليها تأخذ شكلاً مختلفًا؟
ليس لدينا هدف أو غاية من الاعتراض على وثيقة المبادئ الدستورية على النحو الذي خرجت به سوى التفافها على إرادة الأمة، ونحن في بداية الأمر عندما طرحت للنقاش لم نرفض المبدأ في الحديث عن وجودها ولكن لا بد للوثيقة أن تحكمها أطر محددة وقاطعة، ولا تخرج بعيدًا عما أقره الناس في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، نحن ندافع عن رغبة الناس واختياراتهم ولا ندافع عن مصلحة شخصية.
كفانا التفافًا على إرادة الشارع، ولنكن واضحين وضوح الشمس، ونعلن للناس على الملأ الغاية التي يسعى إليها التيار الذي ينادي بخروج الوثيقة على النحو السائد، التيار الذي ينظر إلى الوثيقة على أنها طوق النجاة لدستور معبر عن إرادة الأمة، نظرته غير حقيقية ولا تمثل إرادة الشعب؛
لأن الشعب قال كلمته من قبل، لقد تمت الموافقة على وثيقة تحتوي على مضمون اتفقت عليه جميع القوى والأحزاب، واليوم نرى وثيقة أو شيئًا آخر تحت أي مسمي لا يمكن قبولها، فهذا عبث لإرادة الناس ولن نقبل بذلك، هناك من يسعى إلى وضع قيود على أعضاء اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور في إطار معين يرضي بعض أصحاب المصالح، ويحقق لهم رغباتهم التي لن يستطيعوا بلوغها.

البرلمان القادم

  • تسود مخاوف لدى قطاع عريض من المجتمع بأن البرلمان القادم قد يخرج مشوهًا وينعكس بدوره على إعداد الدستور؟
الناس سوف تنزل إلى الانتخابات لتختار من يمثلها تمثيلاً حقيقيًّا في البرلمان، ويملك القدرة على مشاركتها صناعة الحلم، وعلى هذا الأساس لا يمكن القبول بأن البرلمان القادم سيكون غير معبِّر عن إرادة الشعب، في الماضي كان النظام السابق يصنع البرلمان وفق هواه ورغبته في تشكيل نسق الحياة.
وكان يتكون من أعضاء تصفق للنظام وتقوم على خدمته وحمايته، أما الآن المجتمع يدخل رحاب عالم جديد، ولن يسمح الشعب بالعودة إلى الوراء بالموافقة على وثيقة أو غيرها، تكون محصلتها النهائية التفافًا على إرادة الناس إذا أردنا بناء مجتمع مغاير فإن علينا قبل أي شيء احترام إرادة أفراده ورغبتهم في تحديد مصيرهم.
  • يفسر البعض موقف التيار الإسلامي الرافض لوثيقة المبادئ الدستورية بسوء النوايا لإقرار محتوى يخدم اتجاهاتكم؟
لو كان الناس وافقوا على محتوى تلك الوثيقة في الاستفتاء ما وقفنا نعارض ما جاء فيها؛ لأن الناس حددت ملامح الطريق الذي يسيرون على دربه وليس لنا مصلحة في ذلك، اعتراضنا يستند إلى إرادة الناس وحرية اختيارهم، ليس من المقبول عندما يختار الناس الاتجاه الذي يصنع مسيرة حياتهم أن نعود من طريق آخر ونتحايل على ما عقدوا عليه العزم، هذا خداع للناس وتزييف لإرادتهم، ولن نقبل المشاركة أو الصمت على ذلك، المجتمع يحتاج إلى الانطلاق صوب الشفافية والمصداقية حتى يستطيع بحقًّ تقرير مصيره وإعادة تشكيل كيانه.
ليس لدينا موقف في الخفاء وآخر في العلن، جميع أفكارنا مطروحة أمام الناس دون أدنى مواربة، لن ندافع عن مصلحة شخصية ولن ننحاز إلى مؤسسة في الدولة على حساب إرادة المجتمع، الأمور لا بد أن تسير في اتجاهها الطبيعي بعيدًا عن المزايدات، فأي تيار يعتقد أنه يشكل الحياة السياسية منفردًا بالتأكيد أنه يقف على شفا جرف هار، التيار الإسلامي لن يكون اللاعب الوحيد حتى يتهمه آخرون بأنه يسعى صوب بلوغ غاية أو هدف، وعلى هذا الأساس لا يمكن الجزم بأن هناك مصلحة ينطوي عليها الموقف الرافض لما احتوته الوثيقة، بل على العكس..
من يحاولون استخدام الوثيقة كقيد على صياغة مواد الدستور، يعكس موقفهم نوعًا من الغموض وعدم الوضوح في الرؤية، ويقود الخطوات التي تمضي في ركابها خطوات المرحلة الراهنة إلى مصير مجهول، وهذا ما يزيد الشكوك نحو صدق النوايا في خروج الوثيقة على النحو المعلن.

ليس استعراض

  • يتصور البعض بأن النهج الذي تمضون على دربه في التعامل مع الوثيقة يعد استعراضًا للقوة، ورغبة في السيطرة على مقدرات الحياة السياسية؟
تسعى بعض التيارات المؤيدة للوثيقة على النحو المعلن إلى ضياع الوقت، وإهدار المجهود في أشياء لن تحقق نقلة نوعية للمجتمع وتدفعه صوب ترسيخ الديمقراطية، بل تصرف النظر عن أولويات غاية في الأهمية إذا كنا نريد العبور من تلك الأزمة الراهنة، وتنقشع الغمامة التي تحيط بمناخ الحياة، نحن نعبر ومعنا أحزاب وتيارات أخرى تشاركنا الرأي الرافض للوثيقة، هذا ليس اتجاهًا نقننه وحدنا حتى يفسره البعض على أنه استعراض للقوة أو محاولة لفرض السيطرة على مقدرات الحياة السياسية، الواقع يحتم التعامل مع الألغام التي تزرعها وثيقة المبادئ الدستورية بنوع من اليقظة والرفض القاطع؛
لأننا نعلم الدوامة التي سوف نغرق فيها إذا ما خرجت تلك الوثيقة إلى النور، وتم الاعتداد بها والالتزام بما تحتويه، ليس معقولاً الاتفاق على بنود وتأتي فجأة بنود أخرى في محاولة لفرضها كأمر واقع وعلينا القبول بها دون أدنى مناقشة أو اعتراض، المجتمع يتغير وتتغير معه المفاهيم السائدة، الوثيقة يقينًا على هذا النحو لن تقر المصلحة المجتمعية وإنما تحقق مصلحة خاصة.

المصدر