صدمة الساعات الست

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
صدمة الساعات الست


في الساعة السادسة من مساء يوم السبت – قبل الماضي – دخلت شخصية إعلامية مقربة من رئاسة الجمهورية تتولي رئاسة تحرير احدي المجلات القومية إلى نادي القضاة بالإسكندرية ، والتقت على إنفراد بالمستشار محمود رضا الخضيري رئيس النادي الذي يقود بشبابه غضبة قضاة مصر.

وعلى مدي ساعة ونصف الساعة أخذت الشخصية الإعلامية المعروفة تنقل للمستشار الخضيري ، وهو أحد نواب رئيس محكمة النقض ، رسالة من جهات عليا في الدولة مؤداها أن الوضع السياسي العام لا يحتمل انتفاضة قضاة تطالب – في هذا التوقيت – باستصدار قانون يكفل للسلطة القضائية استقلالها الكامل ، وأن الأمر قد يفسر على أنه ابتزاز من القضاة لنظام الحكم بظن أنه في وضع ضعيف باحتقانات الداخل وضغوط الخارج ، وأن الرئيس مبارك مع استقلال كامل وحقيقي للقضاء ، ولكنه في حاجة لوقت لاستصدار مثل هذا القانون ، فالدورة البرلمانية توشك على الانتهاء ، والاستفتاء على التعديل الدستوري اقترب ، والانتخابات الرئاسية والتشريعية على الأبواب ، وتهديد القضاة بمقاطعة الإشراف على الانتخابات لا يحتمله أحد في مصر ، وأن الحكمة تستدعي رفع ما أسمته الشخصية الإعلامية المعروفة " سيف الابتزاز " .

ثم مضت الشخصية الإعلامية إلى رسالة أرادت أن تنقلها ومؤداها أنه ليست لدي الرئيس موانع أو تحفظات على إشراف قضائي كامل وحقيقي على الانتخابات الرئاسية بكل مراحلها ووفق ما يطالب به القضاة ، فليست هناك منافسة حقيقية على مقعد الرئاسة ، وسلطات الدولة بكل أجهزتها مطمئنة إلى فوز الرئيس الكاسح بالانتخابات الرئاسية ، ويعنيها أن يكون القضاء موجودا ومشرفا ومؤكدا بحضوره على نزاهتها أمام جهات دولية تراقب وتتابع.

غير أن ذلك يستدعي – كما أضافت الشخصية الإعلامية – قدرا من المرونة وربما التساهل في الاشتراطات التي يطلبها القضاة للإشراف الكامل على الانتخابات التشريعية ، فلو أجريت هذه الانتخابات بإشراف قضائي كامل على اللجان وخارجها ، من إعداد الجداول حتى إعلان النتائج ، فإن حزب الرئيس سوف يخسر الانتخابات باليقين ، وسوف تفوز بها المعارضة وجماعات محظورة مثل " الأخوان المسلمين ".

وعندما وصلت الرسالة إلى هذا الحد الذي يطالب قضاة مصر بالتساهل ، أو ربما التواطؤ مع السلطات التنفيذية لتسهيل تزوير الانتخابات التشريعية ، هب المستشار الخضيري منهياً الحوار في غضب: " أنت بتقول إيه؟ " .

في تقدير المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض أنه من غير اللائق أن ينسب للقضاة ابتزاز يسعون إليه في مواجهة نظام الحكم ، فمطالب القضاة قديمة ومعروفة ، ولا شك أن تكليف القضاة بالإشراف على الانتخابات يلقي على عاتقنا مسئولية أمام الرأي العام ألا نكون طرفا في تزوير .

أننا لا نبتز أحدا ، ولكن الانتخابات عمل مباشر وعلني وآثاره بادية للناس ، وقد يبدو القضاة عاجزين أو متواطئين وهو ما يهز الثقة العامة في القضاء .

القضاء المصري يستغيث ولا يبتز ، ونريد أن نبرئ ذمتنا أمام الرأي العام من أي تزوير قد ينسب للقضاء المشاركة فيه .

سألته: هل تتوقع أن يقاطع القضاة فعلا الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟

وكانت إجابة المستشار مكي: " أكاد أقطع بأن القضاة لن يقاطعوا الإشراف على الانتخابات ، احتراما للقانون الذي تربينا على احترامه ، والقضاة غير راغبين في صدام ، غير أن هذا لا يحجب حق شباب القضاة بالذات في طلب إشراف قضائي كامل ، فهم الذين يشرفون على اللجان في القرى والمدن ، وهم الذين يعانون من وطأة التزوير و تدخلات الدولة في الانتخابات " .

في مذكرة لنادي قضاة مصر أرسلت لوزير العدل المستشار محمود أبو الليل في شأن تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية تحذيرا واضحا وصريحا من أنه قد يطعن دستوريا على اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية ، فالمادة 68 من الدستور الحالي تحظر تحصين أية جهة إدارية من رقابة القضاء ، والقول بغير ذلك – كما تقول المذكرة – مخالفة صريحة للدستور تؤدي إلى عدم دستورية النص وبالتالي بطلان الانتخابات الرئاسية.

والمعني أن الالتفاف على مطالب القضاة ، ومطالب المعارضة ، بأن تكون اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية قضائية محضة من بين القضاة العاملين ومنتخبة من جمعياتهم العمومية سوف يؤدي إلى الطعن في سلامة إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية واحتمال إلغاء نتائج الانتخابات بحكم من المحكمة الدستورية. وهذا وضع خطر لا تحتمله مصر ويستدعي الاستجابة الجادة والحقيقية لمطالب القضاة .