هل عرف الشعب الآن لماذا تزور الانتخابات
اعتقد أن شعب مصر وهو يشاهد علي شاشات التلفاز وعلي صفحات الجرائد المهزلة التي جرت في مجلسي الشعب والشورى من أجل تمرير التعديلات الدستورية قد عرف الآن وتيقن لماذا تصر الحكومة وتقف بكل قوتها من أجل تزوير الانتخابات ووصول أشخاص معينين إلى هذين المجلسين ، عرف وهو يشاهد نواباً معينين يصفقون ويهللون لإمرار هذه التعديلات وآخرون ثائرون مهمومون لا يعرفون ماذا يفعلون من أجل إيقاف هذه المهزلة التي سيكون لها في القريب العاجل بعد إقرارها في استفتاء صوري أبلغ الأثر علي حياة الناس ، الانتخابات ستزور بدون عناء ولا حاجة إلى أمن مركزي يحاصر اللجان لمنع دخول الناس إليها للإدلاء بأصواتهم لأنه لن يكون هناك أحد يتوجه إليها لعلمهم أن هذا مجهود ضائع وأن النتيجة معروفه سلفاً سواء ذهبوا للإدلاء بأصواتهم أم لم يذهبوا ، ستسود بطاقات إبداء الرأي ويلقي بها في صناديق الاقتراع بما يراد وله أن يصل إلى المجلسين ، وقد لا يكلف رئيس اللجنة نفسه فرز الأصوات المهم أن تخرج النتيجة بالطريقة التي تريدها الحكومة ولا بأس ولا خوف عليه من ذلك من طعن قد لا يري النور أو شكوى يكون ـ مصيرها الحفظ ، وفي أخر الأمر النتيجة المتوقعة والمعرفة ستحدث ويذكر وزير الداخلية ذلك مقروناً بأن الانتخابات تمت بنزاهة وحيده وأشرف عليها القضاة المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة إلا وضع البصمة علي المحاضر المزورة رضوا بذلك أم أبو فلا شئ يحدث في هذا البلد بالرضاء الحر حتى ولو بدا هذا الرضا في شكل سكوت فهو سكوت الخوف والقهر والظلم هذا فيما يتعلق بتعديل المادة 88 من الدستور التي تجعل الانتخابات تتم في يوم واحد ولم يجروء أعضاء الأغلبية الصورية في المجلسين علي تعديل هذا المقترح أو التصدي له لأنه صادر من ولي الأمر الذي عينهم في المجلسين وهذا ما يجعل القفشة التي قيلت علي لسان السيد الرئيس تعليقاً علي الاعتراض علي اختيار رئيس لمجلس الشعب من العشرة اللذين يقوم الرئيس بتعيينهم في المجلس وقوله للمعترض ( طيب ما كل أعضاء المجلس معينين )
هذا فيما يتعلق بتعديل المادة 88 من الدستور أما فيما يتعلق بتعديل المـادة 179 منه ووضع قانون للإرهاب يتحرر من القيود والواردة فـي المواد 41 ، 44 ، 45 من الدستور والأولي تنص علي أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقيد حريته بأي قيد أو منعه من السفر إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة ، وذلك وفقاً لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي وتنص المادة 44 علي أن للمسكن حرمه فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون ، أما الأخيرة رقم 45 فتنص علي أن ( لحياة المواطنين الخاصة حرمه يحميها القانون وللمرسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمه ، وسريتها مكفولة ، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محدودة وفقاً لأحكام القانون ) هذه هي المواد التي يطلب المشرع الدستوري من الشعب الموافقة علي التحلل من قيودها أثناء وضع القانون الإرهاب المزمع إصداره لمكافحة الإرهاب المتفشي في مصر والذي يعاني منه المواطنون ليل نهار فلا يستطيعون الخروج من منازلهم والتوجه إلى أعمالهم أو قضاء مصالحهم في بلد الأمن والأمان من أجل ذلك تضع الحكومة قانوناً لحمايتهم من أنفسهم ، ويطلع علينا كبار الحكام ليقدموا دفاعاً عن وضع هذه القيود علي حريتنا أن أمن الوطن يستدعي التضحية ببعض حريـة المواطنين ، وهي قوله حق أريد بها باطل فأين الخطر الذي يهدد أمن الوطن ، أنه لو كان هناك خطر بتهدد أحد من انتشار الحرية فهو أمن الحاكم الظالم ، الذي لا يستطيع أن يعيش في إلا ظل القيود التي تكبل أبناء الشعب ولو استطاع أن يضع الشعب كله في السجون لفعل حتى يأمن شرهم وغضبهم ، أتحدي أن يدلني الذين يدافعون عن وضع هذا القانون علي حادثة إرهابية حدثت تعكر الأمن وتخل بحياة المواطنين تبرر وضع القيود علي حريتهم.
أن من يخل بالأمن حقيقة هو من يغتصب حرية الناس ، أن من يخل بالأمن هو من يزور الانتخابات ويفاخر بذلك بحجة حماية الشعب من أن يصل إلى الحكم ، من يمكن أن يعتدي علي حريته وأمنه وكأن الشعب قاصر لا يعرف مصلحته ولا يعرف عدوه من حبيبه ولا يحسن الاختيار ، أنه إذا كانت الانتخابات يمكن أن تأتي بمن لا ترضي عنه أمريكا التي تطعمنا وتسقينا علي حساب كرمتنا فإن تزوير الانتخابات يأتي لنا بمن يرتمي في أحضانها ويجعلنا تابعين لا إرادة لنا ونبقى هكذا دائماً لا إرادة ولا كيان ، أن تزوير الانتخابات باقي بمن يحتضن حكام إسرائيل قتله أبناءنا ومصاصوا دماءنا.
مشفق عليكم أنا يا أعضاء مجلس الشعب من المعارضة من المأزق الذي أنتم فيه والحيرة بين الاستقالة والمقاطعة والرفض ، فأنتم حقاً في موقف لا تحسدون عليه ، ولكن الموقف الأسوأ هو موقف نواب الأغلبية الذين ضحوا بمصالح الشعب في سبيل مصالحهم الشخصية ولو أن للشعب إراده لصلبهم في ميدان عام كي يكونوا عبره لغيرهم.
لا فائدة اخوتي من الشجب والتنكيل والرفض والتنديد ، بل لابد من موقف أكثر إيجابية من ذلك ، لابد أن تسمع الحكومة صوتنا العالي لأنها حتى الآن لم تسمع إلا نفسها وأنصارها ولا تسمع صوت المعارضة الحرة ومعها كل الحق في ذلك فصوت المعارضة خافت حتى الآن ولا يصل سمع المسئولين ولا يخفيهم ويجعلهم غير مستقرين علي مقاعدهم الوثيرة ، المعارضة حتى الآن غير متحدة والشارع الذي يمثل الكثرة الغالبة حائر لا يدري ماذا يفعل ويتطلع إلى قيادة يؤمن بها ويثق فيها تقوده إلى الطريق الصحيح للخلاص من هذه الأزمات التي يعيشها ، ولا يريد أحد أن يتقدم الصفوف للتضحية من أجل حرية هذا الشعب وإنقاذ مستقبله . وإني ادعوا الشعب هذه الأيام إلى رفع شعار لن نسمح بتزوير إرداتنا بعد اليوم والتصدي بكل حزم لأي محاولة لتزوير إرادته الحرة في إختيار بداية ، وننتهز جميعاً فرصة أي تصدي للعدوان علي حريتنا ونؤيده بكل قوة مهما كان القائمين عليه ونبذ خلافاتنا جانباً حتى نتخلص ممن يسلبنا حريتنا ويزيف إرادتنا والتضحية والتحمل من أجل نيل حريتنا فليس هذا بالكثير من أجلها ، ونتمثل دائماً بقول الشاعر :
إذا الشعب يوماً أرد الحياة
- فلا بد أن يستجيب القدر
ولابـد لليـل أن ينجلـي
- ولابـد للقيد أن ينكسـر