يو م الحداد في مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يــوم الحداد في مصــر



لا أعتقد أن هناك مصري مخلص لمصر متجرد من المصالح الشخصية الضيقة لا يشعر بالحزن والاكتئاب هذه الأيام ، ولا يوجد في مصر إنسان صغير أو كبير إلا ويسأل نفسه هذه الأيام ماذا تريدون منا أكثر مما أخذتموه ، لم يبق لنا شيء عزيز إلا سلبتموه منا حتى الأمل الذي نعيش عليه من أجل غذ نتحرر فيه من القيود التي تكبلنا والأمراض التي تحاصرنا والبطالة التي تقتلنا والسجون التي تعج بأبنائنا ، حتى هذا الأمل نجحتم في سلبه منا ودفعتونا إلى اليأس والقنوط.

هل كان يمكن لعاقل أن يتصور ان هذا سيحدث في مصر المحروسة بلد الأمن والأمان والحرية ، تعديلات دستورية تتناول أهم ما يمس حياة الناس وحريتهم يمررها مجلس الشعب والشورى في يوم وليلة غير مستمع إلى نصح الناصحين ورأي العلماء الصادقين من كبار رجال القانون ، كأن مطلب الرئيس تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لا يمكن المساس به او حتى مجرد تفسيره أو تأويله ، قد يسأل البعض ولماذا يطلب الرئيس ذلك ؟ ألا يعلم أن في هذه التعديلات ما يمس حرية الناس ونزاهة الانتخابات التي تعاني أصلاً من التدخل فيها وتزوير إرادة الناس في نتائجها ؟ نعم يعلم ذلك وهو الذي أمر به وطلبه على مسمع ومرأى منا جميعاً بحجة أن ذلك يخدم الوطن وفي مصلحة الناس كما يصور له بطانة السوء التي لا هم لها إلا البقاء في منصبها وليذهب الشعب إلى الجحيم ، هل تظنون أيها الطامعون في السلطة اللاعبون بالنار أن ما قمتم وتقومون به في المستقبل من إجراءات من أجل تكميم الأفواه وكبت الحريات واغتصاب الأموال والأعراض سيقضي على الرأي الحر في مصر ، وسيكمم أفواه الأحرار ، لا ... أبداً ، خاب ظنكم ومسعاكم إن ذلك سيزيدنا إصراراً على المطالبة بالحرية والديموقراطية الحقيقية ، إن ذلك سيزيدنا إصراراً على الكفاح والتضحية من أجل مستقبل مصر ومستقبل أبنائنا وأحفادنا ، وسنكافح الظلم حتى نقضي على الظالمين أو نموت دون ذلك ، إن الحرية عندنا أغلى من أنفسنا وأموالنا لأننا بدونها لا نساوي شيئاً والإنسان غير الحر بطن الأرض أولى به من ظهرها .

لا يوجد رجل في مصر يشعر بكرامته مستعد لأن يرى حريته تنتهك وعرضه يخدش وأمواله تسلب ثم يقف صامتاً لا يتحرك ولا يقاوم ، ماذا أبقيتم لنا يا بطانة السوء لم تسلبوه منا ؟ ألم تشبعوا بعد ؟ ألم يكفيكم ما أخذتم وعز عليكم النذر اليسير الباقي تسلبوه منا بغير رحمة ولا شفقة .

أما أنت يا شعب مصر العزيز الصامد الصابر فلابد أن يكون لصبرك وصمتك نهاية تضع فيها حداً للظلم والظالمين ، وإني أطالبك بالتحرك من الآن لكي تقول كلمتك الحرة وتسمعها لمن يظن أنه هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الوطن ، لابد أن يعلو صوتك ويجلجل ويهز عروش الظالمين ممن يتصورون أنهم وحدهم أصحاب الرأي الصواب في كل ما يهم هذا الشعب ، لابد أن يعلو صوتك ويجلجل حتى يعلم الظالمون أنهم قلة في هذا الوطن وأن الشرفاء الحريصون على مصلحة الشعب هم الكثرة الغالبة ، ولتكن بداية رفع الصوت التجمع والصياح بأعلى صوت ورفع شعار لن نسمح بتزوير إرادتنا بعد اليوم ، لا تخش عصا الأمن ولا بطش الحكومة فهم قلة بالنسبة إليك ، وهل من بأس إذا أصابك بعض الأذى من أجل حريتك وحرية أبنائك وأحفادك .

ولتكن بداية الصياح يوم الاستفتاء على هذه التعديلات المشئومة ، نعتبره جميعاً يوم حداد على الحرية والديموقراطية ونزاهة الانتخابات ونرجو أن نطلق عليه من اليوم هذا الاسم ( يوم الحداد في مصر ) ، فهو حقاً يوم حداد ماتت فيه الحرية والديموقراطية ونزاهة الانتخابات على يد هذه الطغمة الفاسدة المفسدة ، اغتالتها وكتمت أنفاسها من أجل أن تبقى في السلطة أكبر وقت ممكن حتى يتدخل هادم اللذات ومفرق الجماعات فيخلصنا منها وحتى في هذه الحالة لن نتخلص منها لأنها تعد لمن يخلفها فينا وفي استمرار كبت حريتنا .

أجعلوا هذا اليوم في مصر يوم حداد على الحرية والديموقراطية يتشح فيه المصريون المخلصون لوطنهم جميعاً بالسواد حزناً وألماً على فراق الأحباب الذين يعز علينا فراقهم ، لتتشح النساء بالسواد حداداً ويلبس ذو الياقات رابطة عنق سوداء ، ومن لا يرتدي رابطة عنق يضع أي إشارة سوداء ، طاقية على رأسه أو كوفية أو إشارة سوداء تدل على حزنه لما يحدث في مصر ، لترفع كل مؤسسة وحزب حر أبي علماً أسوداً على مبناها وتضع كل عائلة كريمة حرة علماً أسوداً في شرفاتها في هذا اليوم ، نريد أن يعلم العالم ويشاهد هذا المنظر الحزين ويشهد بأن ما يحدث في مصر لا يعبر عن حقيقة الشعب ولا يمثل إرادته .

ودور الإعلام في هذا الشأن كبير ومؤثر ، إذا أنه بلا شك قادر على أن ينعش شعور الناس بالخطر القادم عليهم والسجن الذي يتم بناؤه من أجل وضعهم فيه وما ينبغي عليهم فعله من أجل مقاومة ذلك ومنعه .

أطالب الصحف الحرة في مصر أن تظهر في يوم الاستفتاء وقد اتشحت كلها بالسواد حزناً وألماً ومشاركة للشعب شعوره بالخيبة والإحباط والحزن ، أريد من كل الكتاب الأحرار في كل الصحف والمجلات إظهار الغضب والحزن ودعوة الناس إلى إظهاره ويا حبذا لو أن قنوات التلفاز الحر بثت ذلك وأظهرت وتضامن المذيعون ومقدمو البرامج مع الشعب في إظهار هذا الحزن والغضب بوضع شارات سوداء على ملابسهم أو على الشاشة حتى يكونوا قدوة للشعب في إظهار الغضب والحزن ، لابد أن تظهر مصر كلها أمام العالم في هذا اليوم وقد كساها الحزن ولفها اليأس والقنوط مما يحدث فيها ...، وأعتقد أن أحداً ليس في سلطته منعنا من ذلك ... ، ليس بإمكان أحد أن يحرمنا من إظهار الحزن والغضب مما يحدث بأي وسيلة كانت ولو بلطم الخدود وشق الجيوب وزرف الدموع حزناً وألماً ، حقاً إن ذلك أضعف الإيمان ولكنه القليل المتاح حالياً حتى نجد لنا وسيلة أخرى نعبر بها عما يجيش في صدورنا ويعتلج في نفوسنا ويخلصنا مما نحن فيه من ألم ويأس وحزن .

هل هذا صعب عليك يا شعب مصر الحر الأبي ؟ هل هذا كثير على الحرية والديموقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء ؟ هل هذا كثير على الوطن الذي نعيش فيه وبدونه لا نساوي شيئ ، إن الأوطان والحريات تفتديها الناس بأرواحها وتفاخر وتعتز بذلك ويعتبرون في نظر الشعب أبطالاً وشهداء أفلا تستحق منا حريتنا أن نضحي من أجلها ببعض وقتنا وأموالنا .

اعلموا أخوتي أن الحرية لم تأت لشعب على طبق من ذهب ولا يعرف التاريخ شعباً حصل على حريته منحة من أحد ، الحرية عروس مهرها غال وسلعة ثمنها كبير ومن أراد العلا سهر الليالي ، وصدق الشاعر عندما قال :

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يدق