أحمد عادل كمال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأستاذ أحمد عادل كمال .. حياته وعلمه

إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

المولد والنشأة

أحمد عادل كمال من أعلام الإخوان المسلمين والمؤلفين في التاريخ الإسلامي ، ولد عام 1344 هـ 1926 بحي السيدة زينب بمدينة القاهرة لأبوين من الطبقة المتوسطة. كان والده موظفا حكوميا بمصلحة الطرق والكباري وكان أكبر إخوته ، وله أخان وأخت .

وقد احتوى كتابه : (النقط فوق الحروف ..الإخوان المسلمون والنظام الخاص) على كثير من تفصيلات حياته ،وفى مواضع يجمل حياته بقوله : " اتصلت بدعوة الإخوان المسلمين عام 1942 وتخرجت في الكلية عام 1946 وعملت بالبنك الأهلي المصري بعد تخرجي, ثم قبض علىّ في 15 نوفمبر 1948 لاتهامي في قضية السيارة الجيب.

وبقيت بالسجن إلى مارس 1951, ثم اعتقلت عام 1954 وبقيت بالمعتقل حتى 17 يونيه 1956.. ثم أعيد اعتقالي في سبتمبر 1965 ضمن من شملهم القرار باعتقال كل من سبق اعتقاله! وبقيت بالمعتقل حتى فبراير 1971."ثم يفصلها فى مواضع أخرى .

كان والده مهتما بتعليمه وتعليم إخوته ، فكان والده يقضى معهم ساعات الليل والنهار في مذاكرة دروسهم , واستمر معه على ذلك حتى حصل على الشهادة الثانوية (التوجيهية) عام 1942 ثم دخل كلية التجارة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) ، فتخرج فيها عام 1946 ، وهو في سن العشرين وعمل بالبنك الأهلي المصري .

أما طباعه وأخلاقه وعلاقته بوالده ، فكانت تتسم بالود والصداقة التي قد لا توجد كثيرا بين الآباء والأبناء في تلك المرحلة فيحدثنا عنها بقوله :" لم اختلط بأقراني ومن هم في مثل سني, ولكني انطويت في المنزل أعكف على هوايات أستطع مزاولتها بين الجدران. هوايتي جمع طوابع البريد وقطع العملة الأجنبية والرسم ولعب الشطرنج مع والدي وأخي الأصغر. وبقيت على هذا حتى أخرجني عن هذه العزلة اتصالي بجماعة الإخوان المسلمين. وإني لأعجب الآن كيف ينقلب فتى على تلك الصورة بين عشية وضحاها حتى يغشى ذلك المجتمع الصاخب بكل ما فيه من نشاط روحي وثقافي ورياضي وسياسي وحركي علني وسرى فيسلك سبيله فيه قدما باندفاع شديد في جميع هذه النواحي. رحم الله إمامنا ومرشدنا ورضي عنه أوسع الرضوان.."

انضمامه لدعوة الإخوان المسلمين

حقيقة إن من يجهل دعوة الإخوان يبتعد عنها وينقبض منها ، وقد يهاجمها ،لكنه عندما يقترب ويتعرف عليها يؤمن بها ويؤيدها ويضحى في سبيلها . وكل من يتعرف على دعوة الإخوان وينضم إليهم لا يصحبه قصة طريفة يحيها لنا ، يقول أحمد عادل كمال : "

أول الخيط

وقفت أمام واجهة محل " الخواجة" المصور أنظر إلى طوابع البريد التي كان يتاجر فيها إلى جوار تجارته فى الأفلام والصور وآلات التصوير. وفاجأني الشاب الواقف إلى جواري بقوله:ألست القاطن في حدائق القبة ؟... بشارع قدسي.

...بلى ،هل تهوى جمع طوابع البريد؟....نعم...وأنا كذلك!......هل تحب أن ترى مجموعة طوابعي؟... لا يهم. ولكني أحب أن أرى مجموعتك. إني أسكن إلى جوارك.. في نفس الشارع.

ضايقني أن يقتحم إنسان علىّ نفسي كما فعل هذا واستثقلته ، ولكنه أمعن في الثقل فأصر على أن يحملني خلفه على دراجته إلى منزله ليريني مجموعة طوابعه. كما أصر بعد ذلك على أن يحضر إلى منزلي ليشاهد مجموعة طوابعي .

ذلك الذي استثقلته هو حسين محمد عبد السميع ( دكتور الاقتصاد الزراعي فيما بعد) كان طالبا بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالعباسية, عرفته ثم كان صديقي الأثير نحو سبع سنوات, نكاد لا نفترق.

خيـط آخـــر

ساقته الأقدار وبعض رفاقه إلى دار شعبة الإخوان بالظاهر يقول : وما أن جلسنا حتى أخذ يخبرنا أحد الإخوان عن اسمه وعمله وعنوانه ... ثم سأل كلا منا عن مثل ذلك فأخبرناه. وراح يسترسل فى شرح دعوة الإخوان... ما هيتها وفكرتها وغايتها ووسيلتها...الخ وكنت أقول لنفسي طوال حديثه ومالنا وكل هذا؟ أنا ما خرجت من بيتي لأسمع هذا الحديث. ولا حتى لأذهب إلى السينما, فلا أنا ذهبت إلى السينما ولا أنا مكثت فى بيتي. ماذا يريد هؤلاء الناس؟ الإخوان المسلمون!؟ يتحدث أخونا عن الإسلام وإعادة مجد الإسلام والاتصال بالله وتطهير النفوس... فماذا يريدون منى؟

ومضت أيام. ثم زارنى حسين فى منزلى ومعه خطاب لى من شعبة الظاهر يقولون إنى التقيت بهم وارتبطت معهم على هذه الفكرة ثم غبت عنهم وقد شغلهم غيابى (!) فإذا لم أزورهم فى وقت قريب فسيكون من واجب لجنة الزيارات بالشعبة أن تزورني للاطمئنان على .

غاظتني فكرة أن تزورني تلك اللجنة وأنا حتى ذلك اليوم لا أكاد أزور أو أزار وبهذا الدافع وحده راودتني نفسي أن أزور الشعبة مرة أخرى حتى لا يزورني أحد.لم أكن أكره الإخوان ، ولم أكن منكرا لدعوتهم, غير أنهم كانوا يعاملونني بخلاف ما ألفت, فاتفقت مع حسين على موعد نذهب فيه معا إلى شعبة الظاهر بالسكاكين.وفى الموعد كنا هناك.

صلينا المغرب ثم مُدّ لنا الحصر تحت تكعيبة العنب فجلسنا, وكنا نحوا من أربعين طالبا أترابا فى السن, أقرانا فى الدراسة, أشباها فى كيف الحضور. وما زلت أذكر من تلك المجموعة من دخل معى الجماعة وسرنا معا بعد ذلك فى صفوف الإخوان. كان محاضر الليلة الأستاذ محمد الخضري وكان نائب الشعبة – يعنى رئيسها بلغة الإخوان – كان الخضري دفقا بالحماس, فياضا بالمعانى الروحية, غزير المادة, مؤثرا إلى حد كبير فى سامعيه.

وعيت كل كلمة قالها الخضري فغاضت إلى أغوار قلبى وأعماق نفسى, حتى أنى أعتبر تلك الليلة بل هذه اللحظات بالذات هى موضع التحول الحقيقي فى اتجاهي كله لقد كان يحدثنا بآيات الله وأحاديث رسوله وحاشا لله سبحانه وتعالى أن يرسل رسوله بإفك من القول وكذب من الحديث ولغو باطل من الوعود.

وقبل أن ننصرف من ذلك الدرس الموفق حقا وزعت علينا قصاصات من الورق ليكتب كل منا خواطره أو ما بدا له أو أى اعتراض أو اقتراح أو استفهام وليس يلازم أن يكتب اسمه, وأفهمونا أن ملاحظاتنا سوف تكون محل اهتمام واعتبار.

وكنت قد أتعبنى طول الجلوس على الحصيرة أكثر من ساعة ونصف فآلمتني الجلسة التى لم أعتادها, وكانت هذه خاطرتي التي سطرتها ولم أوقع باسمي. وبعد نحو من عام – وكنت قد صرت من صميم الإخوان – علمت أن هذه القصاصة قد نوقشت فى مجلس إدارة الشعبة وانقسم المجلس بشأنها, ففريق رأى أن الجماعة لا تستجدى الهداية للناس فمن شاء أن يحضر ويجلس على الحصير فيها, ومن ترفع وتكبر وطغى وآثر الحياة الدنيا فإن الحجيم هى المأوى(!)

ولا حاجة بالشعبة إليه. بينما رأى فريق آخر أنه يلزم لانتشار الدعوة اجتذاب الناس بالحسنى والحكمة والقول اللين, فإذا كان بعضهم يتعبه الجلوس على الأرض فلا ضير من أن يجلس على الكرسي ، وهى متوافرة بالشعبة. جلس بعد عام مع جمع من الإخوان نتذاكر لفاءاتنا الأولى فذكرت أمر القصاصة, فهب واحد منهم يقول " أنت صاحب القصاصة ؟ قلت " نعم" قال" "لقد كان من أمرها كذا وكذا.

وكنت حينذاك من المتمسكين بفكرة الحصر, لكنى الآن أؤمن بالكراسي, إذ لولاها لربما كنا قد فقدناك". أما في حينها فقد جمع الإخوان بين الرأيين, وفى اليالى التالية فرشوا الحصر ورصوا الكراسي و الدكك من حولها, فمن شاء أن يفترش الحصر فعل, ومن شاء القعود على المقاعد جلس دون كلفة.

أردت بهذه القصة أن أبين عن نوعى التفكير والعقلية اللذين كانا بالإخوان في حينها وربما في كل أحيانها بعد ذلك, النوع اللين المرن والنوع الصلب المتمسك.

وتوالت الليالي وتعاقبت أتردد على دار الشعبة للإخوان المسلمين بالسكاكين, وكانت تبعد عن منزلنا نحو نصف ساعة سيرا على الأقدام.

صرت أتردد على شعبة الظاهر كل يوم تقريبا. فكنت أصلى العصر فى البيت, ثم ألتقى وحسين عبد السميع ونتجه معا إلى الشعبة سيرا على الأقدام, فنجد بها أقراننا من الإخوان فنتجاذب أطراف الحديث ونتعارف ونتمازح ونتألف حتى يؤذن مؤذن المغرب.

ولم تطل فترة المدرسة. فقد أنهيت تعليمي الثانوي والتحقت بكلية التجارة بجامعة فؤاد الأول بالجيزة عام 1942 فاتصلت بالإخوان بها أيضا ثم جاء عام 1943. كنت قد ألفت الشعبة وألفت إخوانها وألفوني.

ثم التحق بجوالة الإخوان ،يقول : مع هذه الجوالة خرجت فى بعض الرحلات سرت فى بعض طوابير الاستعراضات فى المناسبات المختلفة, كما اشتركت فى بعض المعسكرات وتلقيت بعض الدروس الكشفية.

و تم انضمامه إلى النظام الخاص للإخوان وهو تنظيم سرى مدرب أنشىء لإخراج الإنجليز ومحاربة الصهيونية في فلسطين . وقد قام ، وهو طالب بالكلية في إعداد ترجمات من الإنجليزية لأعضاء التنظيم من بعض كتب العسكرية الغربية التي خلفتها جيوش قوات المحور والحلفاء التي كانت مصر أحد ميادين صراعها العسكري ،وأشرف على بعض عمليات النظام الخاص ، منها جمع المعلومات عن اليهود المصريين ، وشارك في ترتيب عملية اغتيال الخازندار التي أدانها بعد ذلك واعتبرها خطأ كما تبين لهم بعد ذلك .

أخلاق عالية

وفاء

ومن وفائه لدعوته قوله : "إنى مدين له وللدعوة التى هداه الله إلى أن يدعو بها, بكل خير نلته فى حياتى وبكل ما أرجو يوم ألقاه رحمه الله أوسع الرحمة وجزاه خير الجزاء فلم يكن مثله أحد استطاع توجيه طاقة الشباب نحو الهدى والتجرد والعمل للإسلام والفداء. ومدين فوق ذلك لخالق كريم وري أعلى خلق فسوى وقدر فهدى."

إنصاف من النفس

كل إنسان يخطىء ، لكن الأشد من الخطأ هو الإصرار عليه ، فقلّ من تجده ينصف الآخرين من نفسه ، لكنك عندما تعرف أحمد عادل كمال تجده لا يخجل أن يذكر أنه شارك في حدث بدوافع معينة في وقتها ثم تجده يعترف بأن ما فعله كان خطأ ، يقول أحمد عادل كمال : " كان لنا نشاط أتينا في ثنياه أفعال بدوافعها ودواعيها ومبرراتها, ومع ذلك فقد تبرأنا منها في حينها. وأحداث أخطأنا بها وتقتضى العبرة بيانها. وأحداث لم يكن لنا يد فيها نسبت إلينا وألصقت بنا ، وهذا أيضا ينبغي إيضاح ذلك بشأنها."

تسامح

إن من يقرأ كتابه النقط فوق الحروف يجد نفسا متسامحا إلى أبعد ما يكون محبا لإخوانه بالرغم مما حدث فى بعض الفترات من فتن وخلافات إلا أنك تجده مصرا على إصلاح ذات البين والتماس الأعذار ومع حبه الشديد لإخوانه تجده حريصا على إظهار الحقائق ، وإن اختلفت مع الآراء فى تواضع شديد تجده يقول فى مقدمة كتابه النقط فوق الحروف :" ما كان من ذكريات فهو ذكرياتى, وما كان من رأى فهو رأيى, وفى هذا ما كان صوابا فهو صوابا وما كان من خطأ فهو خطئي, لكنى لا أستهدف به غير الحق وغير وجه الله, أصبت فى ذلك أم أخطأت."

همة عالية في سبيل العلم

وبالرغم من تجاوزه سن الثمانين فإنه لا يبرح مكتبته الكبيرة الزاخرة بعيون ونفائس التاريخ الإسلامي وتاريخ العسكرية الإسلامية والغربية التي تحتل معظم مساحة شقته الواسعة بجوار مبنى الكلية الحربية العريق. ويقضي معظم ساعات يومه وحيدا منكبا على دراسة واستخراج نفائس ودقائق تاريخ الفتوحات الإسلامية دون مساعدة من أحد؛ فهو مؤسسة علمية مستقلة ومتكاملة اختصت بدراسة أروع الصفحات التي تجسد نبوغ وعبقرية العقلية العسكرية المسلمة.

ويقول عنه أحمد رائف :" وقد قدر لي أن أرافق الأستاذ أحمد كمال ... في سجون مصر المختلفة, العسكرية منها والمدنية, وكنت في جواره أعواما سمعت منه الكثير عن تاريخ الإخوان المسلمين. وكنت أسأله عن الواقعة المشوشة المضطربة في ذهني من كثرة ما اعتورتها الألسنة بالتحريف والتبديل. فيجيبني بذاكرة حاضرة وذهن صاف, ويذكرها مسلمة لاشية فيها, ولم يكن يحاول أن يدعى البطولة فيما شاهده وشارك فيه من أحداث, بل كان يذكر الواقعة ببساطة وشجاعة ويذكر ما له فيها وما عليه, إن كان فيها ما عليه, بشجاعة وصدق ووضوح."

في محراب العلم

لعل كثيرون يغيب عنهم أن أحمد عادل كمال بجانب نشاطه الدعوى من المؤرخين الذين اهتموا بالتاريخ الإسلامى وأكثروا من التصنيف فيه ، وله منهج متميز وقد اتسم منهجه العلمي بعدة سمات ، منها :

الدقة والتجديد

الأستاذ أحمد عادل كمال شاباً

لم يقتصر عمل عادل كمال في دراسة الفتوحات الإسلامية على التجميع والقراءة العامة أو إعادة الصياغة بأسلوب عصري سهل يناسب القارئ الحديث كما فعل كثيرون غيره (مثل محمود شيث خطاب، ومحمد فرج... وآخرين)، وإنما أدخل تجديدا جذريا وشاملا على آليات ومناهج دراسة الفتوحات الإسلامية، بعضه لم يُسبق إليه ويعد رائدا به.

فكان رائدا في الاستعانة بالعلوم الحديثة، مثل الفلك والطبوغرافيا والخرائط الجغرافية في دراسة حركات الفتوحات وإعادة تقديمها؛ فلم يكتفِ بالرواية والدراسة التاريخية المجردة، وإنما أدخل هذه العلوم كعناصر مساعدة في الوصول إلى الدقة القصوى، أو المعلومة الصحيحة، أو الوصف التفصيلي لحركة الفتوحات الإسلامية، وهو ما نجده مثلا في تحقيقه لواقعة عبور جيش خالد بن الوليد "صحراء السماوة"، حيث تؤكد الروايات التاريخية أن دليل خالد بن الوليد نصحه بسرعة العبور بقوله: "اجعل نجمة الصباح على حاجبك الأيمن ثم أُمَّهُ (أي اقصده) تُفضِ إلى سويّ".

وحين أراد تحقيق الواقعة وتحديد مسار السير، ورسمه في أطلس الفتوحات وفي كتاب الطريق إلى المدائن أرسل إلى دائرة المعارف البريطانية للاستفسار عن موقع النجم "نجمة الصباح" وهذا التاريخ لتحديد سير جيش خالد، ولما لم يجد اتصل بمرصد "إدلر" بكندا، ثم بمرصد حلوان بالقاهرة حتى حصل على معلومات تفصيلية عن هذا النجم وحركته وتغير مساره عبر القرون؛ إلى أن استطاع تحديد خط سير دقيق لحركة جيش خالد وفقا لموقع النجم وما نصحه به دليله.

التحقيق والتمحيص

استخدام قواعد علم الجرح والتعديل في الدراسة التاريخية للفتوحات حيث أدخل منهج علم الرجال لتحقيق الروايات والأسانيد ودراسة سلسلة الرواة. فقد أدخل نفس هذا المنهج في دراسة الروايات التاريخية المتعلقة بحركات الفتوحات للموازنة والمفاضلة بين الروايات المتعددة والمتناقضة، أو المستحيلة أحيانا؛ بحيث يمكن التوفيق بينها أو الترجيح أو الاستبعاد، وهو ما لم يهتم به كثيرا من يدرس تاريخ الفتوحات.

كان أبرز مثال على أهمية هذا المنهج دراسته لوقائع الاضطهاد والقهر التي نسبها الأسقف المصري "يوحنا النقيوسي" لجيش الفتح الإسلامي لمصر في كتابه الذي كان أول كتاب قبطي يؤرخ لفتح مصر، وكانت مادة أساسية لكل الكتابات التاريخية والأيديولوجية التي أخذت موقفا عدائيا من جيوش الفتح الإسلامي، ونسبت إليه كل النقائص والرذائل، فتصدى عادل كمال لكتاب هذا الأسقف في كتابه "الفتح الإسلامي لمصر"، وقدم دراسة تاريخية مفصلة ليوحنا النقيوسي نفسه استغرقت فترة زمنية طويلة، استطاع فيها -من خلال العودة إلى الكتب القبطية نفسها، ومنها كتاب ساو يرس بن المقفع "تاريخ الكنيسة القبطية"- أن يعصف تماما بحجية ما أورده النقيوسي؛ حيث كشف من خلال دراسته لسيرة هذا الأسقف اتهامه من قبل قيادات الكنيسة القبطية بتزييف الانتخابات الكنسية، وتجريده من رتبة الكنسية عقابا على هذه الخطيئة؛ وهو ما يعني -وفق قواعد الجرح والتعديل- عدم جواز قبول روايته التاريخية، خاصة إذا كانت تتعلق بخصومه الدينيين (المسلمين).

المشاهدة الميدانية للأماكن التاريخية

اهتم أحمد عادل كمال بوضع خرائط للخطط والمدن التي جرت فيها وقائع وأحداث الفتوحات الإسلامية وفق ما كانت عليه وقتها، وهو ما لم يكن معروفا أو مستخدما في كتب الفتوحات السابقة ؛ حيث لم تدخل الخرائط هذا المجال، بل ولم تعرف أصلا إلا بعد قرون من حركة الفتح ، ولهذا السبب تأخر صدور موسوعته "فتح مصر" حتى استغرق إعدادها 10 سنوات كاملة؛ فقد كان حريصا على زيارة الأماكن التي شهدت وقائع الفتح، وتصويرها فوتوغرافيا، ودراستها جغرافيا.. بل وكان كثيرا ما يدرس حركة النحت التي تعرض لها مجرى النيل للوقوف بدقة على المواقع الحقيقية لأحداث الفتح، وذلك من أجل رسم خرائط دقيقة ومفصلة لحركة جيوش الفتح، وكذلك لتاريخ وتطور المدن نفسها؛ وهو ما أسفر عن إعداده لأطلس ضخم وفريد من نوعه عن تاريخ مدينة القاهرة منذ نشأتها، وكذلك أطلس آخر عن حركة الفتوحات الإسلامية.

التحليل للأحداث

اهتم أحمد عادل كمال بوحدة "القبيلة" في تحليل ودراسة حركة الفتوحات، فتعامل معها (القبائل) كوحدات حربية مقاتلة ومستقلة في جيوش الفتح، وأعاد توظيفها عند دراسته لفتوح الشرق (العراق وفارس)، كما استفاد منها في إعداده لأطلس الفتوحات الإسلامية الذي اعتمد أساسا - في رصد حركة جيوش الفتح- على بيان مَواطن القبائل، وخطوط واتجاهات حركتها مع جيوش الفتح ثم أماكن تمركزها بعد ذلك.

لم يسبق عادل كمال في هذا التحليل سوى المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون في إشارة بسيطة غير مفصلة، وردت في مقدمته المشهورة اعتمد عليها عادل كمال ووظفها كأداة تحليل في 3 كتب (القادسية، الطريق إلى المدائن، سقوط المدائن ونهاية الدولة الساسانية).

تطبيق القواعد العسكرية الحديثة على حركة الفتوحات

يقول أحمد رائف : "وجعل الرجل مهمته الأساسية أن يحاول تفسير التاريخ الإسلامي بشكل يخضع لمنطق العلوم الحديثة, ونجح في هذا بعد جهد أخذ منه سنوات وسنوات. ولعلنا نقول غير مبالغين إنه أول من فسر تاريخ الفتوحات الإسلامية في هذا العصر, بعد أن كانت طلسما تختلف التفسيرات فيه وتتباين الآراء. وفى صبر وجلد استطاع الأستاذ أحمد عادل كمال بعد دراسة متأنية طويلة أن يضع كل لبنة في مكانها من البناء.

وكان يصبر الليالي الطويلة في القراءة والفحص ليضع اللبنة المناسبة في مكانها وقرأ كتب الأولين والآخرين بالعربية وغير العربية, وقرأ في الجغرافيا والفلك والعلوم وفى أبواب قد تبدو لأول وهلة ألا علاقة لها بتاريخ الإسلام والمعارك, ثم يأتي أحمد عادل كمال فيؤكد لك ضرورتها عندما يكتمل البناء.

وكثيرا ما رأيته يراجع أحوال الطقس والفلك في أيام معينة منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام, فيطلع على المراجع القديمة, ويتصل بدور النشر العالمية , ويسأل العلماء. وكل هذا ليفهم كيف تحرك خالد بن الوليد من العراق إلى الشام على سبيل المثال, فلابد له أن يحيط إحاطة تامة بظروف الحدث. "

وقد استفاد من كتب الاستراتيجيات العسكرية الغربية في دراسته لتاريخ العسكرية الإسلامية وتطبيق قواعدها ونظرياتها على الفتوحات بحيث يمكن القول بأنه أعاد قراءة حركة الفتوح برؤية معاصرة وعالمية، واستفاد منها في عقد مقارنات بين أعلام الاستراتيجية العسكرية الغربية وأعلام الصحابة المحاربين، فربط دراسة حركة الفتوحات الإسلامية بحركة دراسة تاريخ العسكرية في أنحاء أخرى من العالم، وساعده على ذلك اطلاعه المبكر على تاريخ ودراسات العسكرية الغربية وإجادته اللغة الإنجليزية.

مؤلفاته

النقط فوق الحروف ..الإخوان المسلمون والنظام الخاص

الزهراء للإعلام العربي بالقاهرة سنة 1987م ،وهو يؤرخ للنظام الخاص للإخوان الذي كان عضوا به وأورد كثيرا من التفصيلات المهمة عن نشاط النظام الخاص التي لا تتوفر إلا لمن شارك في الأحداث ،وهى لاشك صفحات مجهولة للكثيرين .

سلسلة "استراتيجيات الفتوحات الإسلامية"

بدأت علاقته التي توثقت وامتدت إلى نحو ستين عامًا كاملة بالفتوحات الإسلامية: تاريخها وأعلامها، وصارت المجال الأول لقراءاته وبحوثه، واستغرقت معظم وقته على الرغم من أن تخصصه الدراسي وحياته العملية والوظيفية كانت بعيدة تمامًا عن مجال تاريخ الفتوحات الإسلامية بل والتاريخ عمومًا ؛ فكان عكوفه على دراسة تاريخ وأعلام العسكرية الإسلامية مرتبطًا برسالة دينية يؤديها في خدمة الإسلام ليس للتكسب ؛ كما كان نابعًا من إيمانه بتميز وعبقرية العسكرية الإسلامية وتفوقها على غيرها. وكان اللافت للنظر في رحلة عادل كمال مع العسكرية الإسلامية أنه لم يكتب فيها أو يعد أي مؤلفات للنشر إلا بعد أن قضى في دراساتها ومعايشتها أعواما .

أسهم في تاريخ وأعلام الفتوحات الإسلامية، وقدم للمكتبة الفتوحات الإسلامية النصيب الأكبر من كتاباته في نصف القرن الأخير؛ فهو صاحب سلسلة "استراتيجيات الفتوحات الإسلامية" التي خصصها لدراسة حركة واستراتيجية الفتوحات الإسلامية منذ بدايتها في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق، وأصدر منها :

أعلام الصحابة المحاربين

صاحب سلسلة "أعلام الصحابة المحاربين" التي خصصها لإعادة اكتشاف أهم الصحابة المحاربين من غير المشهورين الذين يمثل كل منهم رمزًا ومدرسة كاملة في تاريخ العسكرية الإسلامية، ولم يصدر منها إلى الآن سوى 4 فقط، وهم من أهم الصحابة الذين شاركوا في حركة الفتح، ولم يأخذوا حقهم من الدراسة التاريخية، وهم: النعمان بن مقرن المزني، طليحة بن خويلد الأسدي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وعدي بن حاتم الطائي.

نشر بدار الزهراء للإعلام العربي سنة 1998م في 132 صفحة .

الأطلس التاريخي

كما قدم لمكتبة "الفتوح الإسلامية" إضافة أخرى غير مسبوقة تمثل نمطًا جديدًا في دراسة حركة الفتوح الإسلامية غير الكتابة التقليدية وهي الأطالس التاريخية، فأنجز كتابين :

  • أطلس الفتوحات الإسلامية : رسم بالخرائط لانتشار الفتوحات الإسلامية منذ العهد الراشدي حتى الفتوحات العثمانية ، وضع خلاصة تأريخه العسكري للفتوحات الإسلامية في هذا الكتاب، ويرسمه على الخرائط وأحيانا بالصور.. ونشر في القاهرة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة سنة 2005م فى312 صفحة .
  • أطلس تاريخ القاهرة : يضم مع الشرح والتحليل خرائط ورسومًا تفصيلية دقيقة لظهور وتطور مدينة القاهرة تاريخيًّا منذ القدم حتى العصر الحديث ،وحركة القبائل وجيوش الفتح العربية فيها، ثم استقرارها بها وهو عمل ضخم يؤرخ بالخرائط لحركة الفتوحات الإسلامية تفصيليًّا وبدقة متناهية، ورسمها في كل مراحلها مستعينا بما جاء في كتب التاريخ والخطط .

كتب متنوعة

ومنها :

صور لمؤلفاته

غلاف-اطلس-الفتوحات.jpg
غلاف-اطلس-القاهرة.jpg
غلاف-اعلام-الصحابة.jpg
غلاف-الجمهورية-الإسلامية.jpg
غلاف-القادسية.jpg
غلاف-الطرق-الى-دمشق.jpg
غلاف-الطريق-الى-المدائن.jpg
غلاف-سطوط-المدائن.jpg
غلاف-النقط-فوق-الحروف.jpg
غلاف-علوم-القرآن.jpg

المراجع

  1. أحمد عادل كمال: النقط فوق الحروف .. الإخوان المسلمون والنظام الخاص . الزهراء للإعلام العربي بالقاهرة سنة 1987م.
  2. مقدمة أحمد رائف لكتاب: النقط فوق الحروف .. الإخوان المسلمون والنظام الخاص .
  3. محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ، نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي .
  4. ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمون ، نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي .

للمزيد

تصفح كتاب النقط فوق الحروف للأستاذ أحمد عادل كمال

.