الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الرابعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل .. الحلقة الرابعة

بقلم / الشيخ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد


مقدمة

كيف تطورت جماعة الإخوان المسلمين ؟ وكيف انتقلت من جمعية كسائر الجمعيات إلى جماعة هي القوة الأولى في مصر ؟

يمكن رصد هذا التطور من خلال مؤتمرات الإخوان المسلمين التي كانت مؤتمرات فاعلة ، لها أثرها الكبير في تقدم الجماعة وتطورها وانتقالها من حال إلى حال . وهذه خلاصة موجزة عن هذه المؤتمرات والقرارات التي صدرت عنها :

المؤتمر الأول

الإمام البنا في أحد المؤتمرات

انعقد المؤتمر الأول في 22صفر1352 الموافق مايو 1933.

وتركز اهتمامه على مواجهة نشاط المنصِّرين ، واستمر من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر وقد رفع المؤتمر رسالة إلى الملك فؤاد يطالب فيها بما يلي :

  • أولا : فرض الرقابة الشديدة على هذه المدارس والمعاهد والدور التبشيرية ، والطلبة والطالبات فيها إذا ثبت اشتغالها بالتبشير .
  • ثانيا: سحب الرخص من أي مستشفىأو مدرسة يثبت أنها تشتغل بالتبشير .
  • ثالثا : إبعاد كل من يثبت أنه يعمل على إفساد العقائد ، وإخفاء البنين والبنات .
  • رابعا : الامتناع بتاتا عن معونة هذه الجمعيات بالأرض أو المال .

وكان انعقاد هذا المؤتمر بمدينة الإسماعيلية .


المؤتمر الثاني

أما المؤتمر الثاني : فانعقد في بور سعيد في 2 شوال 1352 وتناول بالبحث مسائل الإعلان والدعاية ، وقد تلا ذلك مباشرة تأسيس شركة صغيرة لإنشاء مطبعة خاصة بالإخوان ، وتلا ذلك إصدار عدة صحف فصدرت مجلة أسبوعية باسم (جريدة الإخوان المسلمين )" تفاؤلا بأنها ستكون جريدة يومية وقد اختير السيد محب الدين الخطيب مديرا لها . وكان صدور العدد الأول منها في أواخر سنة 1933 وصدرت مجلة النذير بعد ذلك سنة 1938


المؤتمر الثالث

الإمام البنا في أحد المؤتمرات

وقد انعقد في القاهرة في 11/ من ذي الحجة 1353 الموافق مارس 1935 وكان عدد الحاضرين 112 و كانت الغاية منه كما يقول الشيخ حسن البنا : " التفكير في الوسائل العملية الناجعة التي يجب أن يقوم بها رجال فكرة الإخوان المسلمين للوصول إلى غايتهم القدسية النبيلة . "

وقد تناول المؤتمر القضايا التنظيمية مثل شروط العضوية ومسؤولياتها والسلطة العليا للجماعة .

وقد حدد هذا المؤتمر الهيئات الإدارية وهي : المرشد العام – مكتب الإرشاد العام – مجلس الشورى العام – نواب المناطق والأقسام – نواب الفروع – مجالس الشورى المركزية – مؤتمرات المناطق – مندوبو المكتب – فرق الرحلات – فرق الأخوات .

وكان من قرارات هذا المؤتمر الموافقة على عقيدة الجماعة .


المؤتمر الرابع

وقد انعقد في تموز سنة 1937 للاحتفال بتتويج الملك الشاب فاروق الذي كان تلميذا للشيخ مصطفى المراغي وكان عمره آنذاك 18سنة .

وقد استطاع الإخوان حشد ما يقرب من عشرين ألفا من جوالتهم في استعراض للقوة ، وبعد احتفال طويل بهيج لعبت خلاله الجوالة أول أدوارها ، تجمع الإخوان عند بوابة قصر عابدين وهم يرددون :

نهبك ولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

وقد رفض الإخوان المسلمون في العام الموالي حضور حفل زواج الملك " لما جرى به من سفور واختلاط . " عدوه من الفضائح ونشرت مجلة الإخوان المسلمين مقالا بعنوان إلى الأستاذ الأكبر أهكذا تكون إمارة المؤمنين ؟ بتاريخ 28/1/1938 وقد تأسست الكتائب بعد هذا المؤتمر في عام 1937

والكتائب عبارة عن مجموعات تضم كل منها أربعين عضوا و " كانت كل كتيبة تلتقي على حدة في ليلة معينة من الأسبوع لتمارس تدريباتها في تلك الليلة ، وهي السهر وأداء أكبر قدر ممكن من صلوات الفرد والجماعة والتسبيح وتلاوة القرآن وتفسيره وقراءة الأوراد ، وأقل قدر ممكن من النوم ، ويتخلل تلك الجلسات إرشادات روحية في أي موضوع ... وكان جوهر الالتزام المطلوب من العضو يتلخص في ثلاث كلمات: العمل والطاعة والصمت .


المؤتمر الخامس

الإمام البنا في أحد المؤتمرات

وانعقد المؤتمر الخامس في 13/من ذي الحجة/ 1357 الموافق فبراير1939وتزامن مع الذكرى العاشرة لتأسيس الجماعة ، واشترك فيه حوالي أربعة آلاف من مندوبي شعب الجماعة وحظي بتغطية واسعة من الصحف .

وقال الشيخ حسن البنا في فاتحة خطابه في هذا المؤتمر :

" كنت أود أن نظل دائما نعمل ولا نتكلم ، وأن نكل للأعمال وحدها الحديث عن الإخوان وخطوات الإخوان ، وكنت أحب أن تتصل خطواتكم اللاحقة بخطواتكم السابقة ، في هدوء وسكون ومن غير هذا الفاصل الذي نحدد به جهاد عشر سنوات . "

وقد وضح الشيخ حسن البنا في خطابه في المؤتمر الخامس هذا خصائص هذه الدعوة وهي :

1)البعد عن مواطن الخلاف .
2)البعد عن هيمنة الكبراء.
3)البعد عن الأحزاب والهيآت .
4)العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات .
5)إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات .
6)شدة الإقبال من الشباب .
7)سرعة الانتشار في القرى والبلاد .

وقد وضح المرشد العام منهج الإخوان في التدرج في الخطوات بقوله 3 : " أما التدرج والاعتماد على التربية ووضوح الخطوات في طريق الإخوان المسلمين فذلك أنهم اعتقدوا أن كل دعوة لا بد لها من مراحل ثلاث :

1)مرحلة الدعاية والتعريف، والتبشير بالفكرة ، وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب ،
2)مرحلة التكوين وتخير الأنصار، وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين .
3)ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج .

ثم بقول:

" في حدود هذه المراحل سارت دعوتنا ولا تزال تسير ، فقد بدأنا بالدعوة فوجهناها إلى الأمة في دروس متتالية ، وفي رحلات متلاحقة ، وفي مطبوعات كثيرات ، وفي حفلات عامة وخاصة ، وفي جريدة الإخوان المسلمين الأولى ثم في مجلة النذير الأسبوعية . "

ثم يقول المرشد العام وهو يتحدث عن خطوة التكوين:

" خطونا الخطوة الثانية في صور ثلاث :

1)الكتائب ويراد بها تقوية الصف بالتعارف وتمازج النفوس والأرواح , ومقاومة العادات والمألوفات ، والمران على حسن الصلة بالله تبارك وتعالى واستمداد النصر منه . وهذا هو معهد التربية الروحية للإخوان المسلمين .
2)الفرق الكشافة والجوالة والألعاب الرياضية ، ويراد بها تقوية الصف بتنمية جسوم الإخوان ، وتعويدهم الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة ، وإعدادهم للجندية الصحيحة التي يفرضها الإسلام على كل مسلم . وهذا هو معهد التربية الجسمية للإخوان المسلمين. 5
3)درس التعاليم في الكتائب أو أندية الإخوان المسلمين ، ويراد بها تقوية الصف بتنمية أفكار الإخوان وعقولهم بدراسة جامعة لأهم ما يلزم الأخ المسلم معرفته لدينه ودنياه . وهذا هو معهد التربية العلمية والفكرية للإخوان المسلمين . "

وفي هذا الخطاب قال المرشد العام حسن البنا :

" أعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة ، والاختبار الدقيق ، وامتحنوها بالعمل العمل القوي البغيض لديها ، الشاق عليها ، وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها ، وفي الوقت الذي يكون فيه منكم – معشر الإخوان المسلمين-– ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحيا بالإيمان والعقيدة ، وفكريا بالعلم والثقافة وجسميا بالتدريب والرياضة ، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار ، وأقتحم بكم عنان السماء ، وأغزو بكم كل عنيد جبار ، فإني فاعل إن شاء الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : " لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة . " 6

وفي هذا الخطاب قال المرشد العام حسن البنا :

" قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون الإسلاميون برتبة الوعظ والإرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لأوامر الله ، وتنفيذا لأحكامه ، وإيصالا لآياته وأحاديث نبيه .أما والحال كما نرى التشريع الإسلامي في واد ، والتشريع الفعلي والتنفيذي في واد آخر . فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بدين الإسلام الحنيف ."
ويقول بعد ذلك : " هذا كلام واضح لم نأت به من عند أنفسنا، ولكننا نقرر به أحكام الإسلام الحنيف . وعلى هذا فالإخوان لا يطلبون الحكم لأنفسهم ، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء ، وأداء هذه الأمانة ، والحكم بمنهج إسلامي قرآني ، فهم جنوده وأنصاره وأعوانه . وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله . "
وقد أوضح الشيخحسن البنا في هذا الخطاب موقف الإخوان المسلمين من الدستور المصري ، والقانون المصري ، والوحدة القومية ، والوحدة العربية ، والوحدة الإسلامية ، والخلافة ، والهيآت، وجماعة الشبان المسلمين ، والأحزاب ، ومصر الفتاة ، والدول الأوروبية .

وكان من بين قرارات هذا المؤتمر :

1- الإسراع في تشكيل لجان للموازنة بين القوانين الوضعية والقانون الإسلامي .
2- مطالبة الحكومة المصرية بالإسراع التام في سن التشريعات اللازمة لحماية الآداب والأخلاق والعقائد .
3- اتخاذ ما يمكن من الوسائل للمحافظة على كيان طرابلس العربي الإسلامي .


المؤتمر السادس

الإمام البنا في أحد المؤتمرات

وأما المؤتمر السادس فانعقد في 11/12/1359 الموافق 9/1/1941في دار المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة وقد تناول الشيخ حسن البنا في خطابه كل شؤون مصر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وشؤون الجيش المصري ، ومستقبله ، وقدم الحلول الممكنة والواقعية لكل قضية من هذه القضايا بكل صراحة ووضوح ، بعد أن كشف عن نشاط الجاليات الأجنبية الاحتكارية من بنوك عقارية ، وبنوك ربوية ، كما تحدث عن الأمراض المتوطنة بأنواعها ، تلك الأمراض التي قتلت الشعب ، وقد قدم المرشد العام حسن البنا إحصائيات دقيقة استقاها من مصادرها الحقيقية .

وقد تم اتخاذ قرار بأن تتقدم الجماعة في الوقت المناسب بمرشحين للإنتخابات .

وقد أعلن الشيخ حسن البنا ترشيح نفسه عن دائرة الإسماعيلية مسقط رأس حركته . وبمجرد تقدمه بالترشح طلب منه النحاس باشا أن يتنازل عن ترشيح نفسه وصارحه بأنه يطلب منه ذلك إيثارا للمصلحة العامة ، فرفض المرشد العام حسن البنا ذلك ، فأخبره أنه إذا لم يتنازل فإنه سيضطر إلى اتخاذ إجراآت قاسية لا يرتاح إليها ضميره ، وهي حل جماعة الإخوان المسلمين ، ونفي زعمائها إلى خارج القطر ، وتلك هي رغبة الإنجليز ، وقد وافق المرشد العام حسن البنا على عدم الترشح في مقابل ما يلي :

1)حرية الجماعة في استئناف أعمالها على نطاق شامل .
2)أن تعد الحكومة باتخاذ الإجراآت اللازمة لحظر المشروبات الكحولية ، والدعارة .

وقد وافق النحاس وخطا خطوات في تنفيذ هذا الاتفاق .

وكان المؤتمر السادس آخر المؤتمرات حيث استغني عن أسلوب المؤتمرات بنظام الهيئة التأسيسية ،والمكاتب الإدارية وقد تكونت الهيئة التأسيسية من مائة عضو .

وقد أنشئ نظام الأسر بعد ذلك في سبتمبر 1943 وهذا النظام يقوم الارتباط فيه على أساس الأخوة والحب والإيثار والتعاون .

وتتكون الأسرة من خمسة أفراد . وللأسرة نقيب هو الذي يتصل بالقيادة المحلية .

وتتكون من كل أربع أسر عشيرة ، يرأسها نقيب الأسرة الأولى من أسر العشيرة .

ويتكون من كل خمس عشائر رهط .

ويتكون من كل خمسة رهوط كتيبة .

وتجتمع الأسرة أسبوعيا خارج الشعبة في منازل الأعضاء بالتناوب .

Shagara 12.jpg

كما يمكن رصد تطور جماعة الإخوان المسلمين من خلال الشركات الإسلامية التي أسسوها وتذكر منها ما يلي:

1.شركة المعاملات الإسلامية تكونت سنة 1939وقد قامت بإنشاء خطوط نقل وأقامت مصنعا كبيرا للنحاس ينتج ، وابور غاز كامل ، وقطع غياره المختلفة ، راجت في الأسواق المحلية والخارجية .
2.الشركة العربية للمناجم والمحاجر تكونت في سنة 1947.
3.شركة الإخوان المسلمين للغزل والنسيج . تأسست هذه الشركة سنة 1948وكانت تنتج فيما تنتج الأقمشة الحريرية ، وكانت منتجاتها تباع بأقل من أسعار أي بضاعة أخرى من مثيلاتها .
4.شركة المطبعة الإسلامية التي تسمى شركة الإخوان للطباعة .
5. شركة الإخوان للصحافة وقد صدر العدد الأول من الجريدة اليومية في مايو سنة 1946.
6.شركة التجارة والأشغال الهندسية بالإسكندرية .
7.شركة التوكيلات التجارية . توسعت أعمالها حتى شملت التجارة والنقل والإعلان وقامت الشركة بعمل مشروع اقتصادي تعاوني تكفل به اللوازم المنزلية والسلع الاستهلاكية للإخوان بأسعار الجملة .
8.شركة الإعلانات العربية . وقد أنشئت قبل الحل بجوالي عام وكانت أعمالها تشمل النشر بالصحف ، والدعاية بالسينما ، وعمل الرسوم الفنية ، و أغلفة الكتب والمجلات وتصميم لافتات وواجهات المحلات .
وقد كانت " جميع الشركات الإخوانية السابقة موزعة أسهمها على مجموعة كبيرة جدا من المساهمين ، بعكس ما ألف الناس في الشركات الكبيرة في مصر ، التي يتحكم فيها ويملك غالبية أسهمها قلة من الرأسماليين ، ولعل أوضح مثال لذلك هو شركة الإخوان المسلمين للغزل والنسيج ، فرأس المال الفعلي لها كان (6500)وكان عدد المساهمين (550) مساهما ومعظمهم من العمال الذين كانوا يساهمون بمبلغ 25 قرشا شهريا "


المراجع

1- رسالة المؤتمر الخامس

2- كتاب حسن البنا من الميلاد للإستشهاد