الإخوان و الفلاح
- إعداد: عبد الحليم الكناني
مقدمة
قامت دعوة الإخوان المسلمين ونظام الملكية الزراعية في مصر قد وصل إلى ذروة مساوئه وظلمه وكان لا بد أن تُولَّى هذه القضية الاهتمام بها من منطلق شمول دعوتها الإصلاحية لكل مناحي الحياة واهتمامها بكافة طبقات الأمة، وتمثل هذا الاهتمام في عدة أمور:
اهتمام صحافة الإخوان بقضايا الفلاح وأحوال القرية المصرية
تبنَّت صحافة الإخوان المطالبةَ بإصلاح القرية ورفع الظلم الواقع على الفلاحين، ودعت إلى ضرورة رفع مستوى معيشتهم ماديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا.
ففي عام 1935م يكتب الإمام حسن البنا تحت عنوان "صوت من الريف": "في القرية المصرية فقرٌ وبؤسٌ وفيها جهلٌ وغفلةٌُ وفيها مرضٌ وعاهاتٌ وفيها جرائمُ ومفاسدُ وفيها عاداتٌ سيئةٌ وخرافاتٌ فاشيةٌ.. وكل ذلك في حاجةٍ إلى الإصلاحِ الحاسم السريع، فهل يعمل على هذا الإصلاح من بيدِهم الأمر من سادتنا المترفين أم أنساهم جمال الشواطئ ولين الحياة من وراءهم أمر هؤلاء البائسين، فهم يشيرون عليهم بأن من الخير أن يأكلوا "البسكويت" ما داموا لا يَجِدون الخبز القفار"... (مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية- س 3- عدد 19- 21 جمادى الأولى 1354).
وامتلأت صحف الإخوان بالكثير من المقالات والأبواب الثابتة التي تتناول قضايا الفلاحين وتدافع عن حقوقهم ومنها:
- سلسلة مقالات بعنوان "النواحي الإسلامية في قضية الفلاح"- صبري أبو المجد في مجلة النذير.
- سلسلة مقالات بعنوان "في سبيل المستضعفين"- محمد فتحي عثمان في مجلة الإخوان نصف الشهرية.
- ركن ثابت للفلاحين يشرف عليه الأخ عبد البديع صقر (أخو الفلاحين) في مجلة الدعوة.
الإهتمام العملي بالقرية المصرية وإصلاح أحوال الفلاحين
وجَّه الإخوان اهتمامًا عمليًّا شاملاً للقرية وسكانها، ومن نماذج التوجيهات العملية الجيدة في ذلك مقال بعنوان "فلتسمع شعب الإخوان بالأرياف.. القرية يجب أن تحكم" جاء فيه:
- 1- يجب أن تحتفظ كل شعبة ريفية بأسماء الطلبة من القرية في مدارس الإقليم الثانوية أو الجامعات، فإذا عادوا إلى القرية في الإجازة اتصلوا بهم لوضع برنامج ثقافي صحي اجتماعي.. فمنهم من يقوم بتعليم الأهالي في المساجد والزوايا والأجران.. ومنهم من يُلقي الإرشادات الصحية.. ومنهم من يشرح لهم طريقة حل المشاكل وغيرها.
- 2- كل شعبة ريفية عليها القيامُ بتمرين بعض الأعضاء على نظم الإسعافات الأولية مع الاستعداد ببعض المواد الطبية لمساعدة المصابين من الأهالي.
- 3- معظم القُرى مهملةٌ من وجهةِ النظافة العامة، فالطرقات تتكدَّس فيها الأقذار الشهور والأعوام، ولو قامت كل شعبة بتكليف المتطوعين فيها بأمر النظافة لأصبح ذلك ملموسًا للأهالي الذين يلحظون أثرَ النظافةِ فيقبلون على شُعَب الإخوان متطوعين علاوةً على تشجيعِ الأعيان المعجبين بذلك.
- 4- في غير الليالي القمرية تصبح القرى في ظلامٍ دامس، ولو قامت كل شعبة ريفية بإعداد بضعة فوانيس على رءوس الطرقات لوجدوا في ذلك تشجيعًا من الأهالي ورجال الإدارة.
- هذا جزءٌ من الواجب الاجتماعي للشُّعب الريفية، علاوةً على ما تؤدِّيه فعلاً من واجبِ الدعوة، وقد أخذت بهذه النظم بعضُ الشعب فنجحت نجاحًا عمليًّا أرجو أن تدفع باقي الشعب إلى تنفيذه... (مجلة الإخوان المسلمون نصف الشهرية- عدد 69).
وبرز التطبيق العملي من خلال الدور الذي كانت تقوم به شُعب الإخوان المسلمين بكل قريةٍ مصرية من خدمات ورعاية شاملة ومتكاملة لأبناء القرى ومنها:
- الرعاية صحية: "المستوصفات – القوافل الطبية – التصدي للأوبئة والأمراض المتوطنة".
- الرعاية ثقافية وتعليمية: "مشروعات محو الأمية – المعاهد الليلية".