القاضي الشهيد عبد القادر عودة يحاكم الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


القاضي الشهيد عبد القادر عودة يحاكم الإخوان المسلمين
الأستاذ-عبدالقادر-عودة-03.jpg

بقلم: عبد الحليم الكناني

القاضي الأستاذ: عبد القادر بك عودة، تخرج من كلية الحقوق عام 1933م، وعمل بالمحاماة فترةً من الزمن، ثم انتظم في سلك النيابة، ثم عُين قاضيًا وتدرج في سلك القضاء حتى صار رئيسا لمحكمة جنايات المنصورة.

وأثناء ذلك عُرضت عليه إحدى قضايا الإخوان المسلمين، وأصدر حكمًا وُصف بأنه تاريخي، دلل فيه على فساد الأمر العسكري رقم 63 الخاص بحل الإخوان المسلمين.

الطريف أن النيابة قدمت نقضًا في هذا الحكم، وكان القاضي الشهيد قد استقال من القضاء وتولى موقع وكيل جماعة الإخوان المسلمين، فترافع بصفته محاميًا موكَّلاً عن الجماعة أمام محكمة النقض في هذه القضية، وأيدت محكمة النقض الحكمَ الذي كان قد أصدره وهو رئيس لمحكمة المنصورة.

وفيما يلي النص الكامل لحيثيات ذلكم الحكم التاريخي الخطير، الذي يُعتبر أحد مفاخر قضائنا المصري العادل:

"صدر في يوم 7/5/1951م بمحكمة الجنح المستأنفة بالمنصورة برئاسة عبد القادر بك عودة وعضوية حضرتي ويصا عبد المسيح بك وسيد بك أبو ذكرى؛ حيث إن الاستئناف في ميعاده فهو مقبول شكلاً، وحيث إن الواقعة تتلخص في أن اليوزباشي رءوف حمدي- معاون ميت غمر- أثبت في يوم /7/1949م أنه علم من تحريات القسم الخصوصي بوجود أشياء من متعلقات جماعة الإخوان المسلمين المنحلة لدى كل من راشد خلوصي ومحمد سالم سليم.

ففتش مسكنيهما فوجد في مسكن المتهم الثاني- محمد خلوصي- ثلاثة أعلام وثلاث رسائل للمرحوم الشيخ حسن البنا وبنطلونات قصيرة كاكي وشنطة جراية وحزامين من الجلد كشافة ورباط عنق ومنديلين للكشافة، ووجد في مسكن عبد الله زايد نتيجتَي حائط، على كل منها صورة للمرحوم الشيخ حسن البنا، ثم صورة خاصة له ودوسيه ورق فارغ عليه اسم الإخوان المسلمين، ومجموعة أوراق لنادي بشلا الرياضي عن سنة 1944م، وسهمين باسم عبد العظيم أحمد محمد حسن عن اشتراكه في دار الإخوان للطباعة.

وحيث إن النيابة العمومية واجهت المتهمين عبد الله أحمد زايد ومحمد راشد خلوصي وثلاثة أشخاص آخرين حكمت محكمة أول درجة بأنهم في يوم 4/12/1948م لم يقدموا أشياء كانوا مؤتمنين عليها للجمعية المنحلة، وطلبت تطبيق المواد 3و4و5و7و8 من الأمر العسكري رقم 63 لسنة 1948م، وحيث إن محكمة أول درجة حكمت بتغريم المتهم الأول ثلاثمائة جنيه وبتغريم المتهم الثاني مائتي جنيه، وحيث إن الأمر العسكري رقم 13 لسنة 1948م- المطلوب تطبيقه على المتهمين- صدر على أساس المرسوم الصادر في 13/5/1949م بإعلان الأحكام العرفية، وعلى أساس البند الثامن من المادة الثالثة من قانون 15 لسنة 1923م.

وحيث إن القانون رقم 73 لسنة 1948م الذي أجاز إعلان الأحكام العرفية لتأمين سلامة الجيوش المصرية نص على أن مفعوله يسري لمدة أقصاها سنة من تاريخ العمل به، وقد عُمل به طبقًا لمرسوم 13/5/1948م ابتداءً من 15 مايو 1948م.

وحيث إن البند الثامن من المادة الثالثة من قانون 15 لسنة 1923م- الخاص بنظام الأحكام العرفية- ينص على "منع أي اجتماع عام وحله بالقوة وكذلك منع أي ناد أو جمعية أو اجتماع وحله بالقوة"، وقد صدر الأمر العسكري رقم 63 بحل جماعة الإخوان المسلمين وشُعَبها، وإلزام أعضائها والمتعاملين معها التزامات معينة.

وحيث إنه في يوم 12/5/1949م نشر القانون رقم 59 لسنة 1949م وهو يقضي بأن يستمر العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1949م لمدة جديدة أقصاها سنة على أن تُراعَى ابتداءً من اليوم التالي لانقضاء السنة الأولى المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون المذكور القيود المبينة في المواد التالية.

وحيث إن ما يعني المحكمة من هذه القيود هو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الثانية وهو "لا يجوز للسلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية اتخاذ التدابير المنصوص عليها في البنود 5و8و9 من المادة الثالثة من القانون رقم 15 لسنة 1923م".

وحيث إن الظاهر من نصوص القانون رقم 59 لسنة 1949م أنه قضى باستمرار الأحكام العرفية لمدة سنة أخرى وأنه منع السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية من اتخاذ بعض التدابير التي تميز اتخاذ قانون الأحكام العرفية، ومعنى إخراج هذه التدابير من سلطات المحاكم العسكرية أو السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية بمناسبة استمرار العمل بهذه الأحكام، معناها الصريح هو إسقاط الأحكام العرفية عن الاجتماعات العامة والخاصة وعن الجمعيات والنوادي، وعما نص عليه البندان 5و9 من المادة الثالثة من القانون رقم 15 لسنة 1923م، وبذلك أصبحت الجمعيات محكومةً ابتداءً من 15/5/1949م بالقوانين العادية، ولم يعُد من الممكن أن يُتخذ في شأنها التدابير العرفية التي ألغيت بانتهاء يوم 14/5/1949م.

وحيث إنه إذا كانت الأحكام العرفية قد سقطت أو أُلغيت بالنسبة للجمعيات على أساس البند الثامن من المادة الثالثة من قانون 15 سنة 1923 فإنه يترتب على ذلك قانون سقوط كل الأوامر العسكرية التي صدرت على أساس هذا البند الثامن؛ لأنها صدرت في ظل الأحكام العرفية، وقد ألغيت هذه الأحكام بالنسبة لما صدرت فيه، فتسقط الأوامر العسكرية بسقوط السند الذي قامت عليه.

وحيث إنه لا يمكن أن يُعترض على ذلك بأن سلطان الحاكم العسكري كان باقيًا فتظل الأوامر التي أصدرها باقيةً ببقاء سلطانه؛ لأن الحاكم العسكري يستمد سلطانه من قانون الأحكام العرفية وهو سلطان يستند إلى النصوص في كل مسألة من المسائل، كما أنه سلطان قابل للتجزئة بنص القانون وبما حدث فعلاً، فإذا ما سقطت الأحكام العرفية عن الجمعيات أو مُنع الحاكم العسكري من اتخاذ التدابير العرفية في هذا الوجه فقد زال- دون شك- الحكم العرفي وزال سلطان الحاكم العسكري معه بالنسبة للجمعيات، ويصبح الحاكم العسكري عاجزًا عن اتخاذ أية تدابير عرفية بالنسبة لما سقط عنه سلطانه، كما يسقط كل تدبير عرفي سبق له اتخاذه فيما يتعلق بالجمعيات؛ لأن كل ما يتعلق بها أصبح محكومًا بالقانون العام كما كان الحال قبل إعلان الأحكام العرفية.

وحيث إنه يتبين مما سبق أن الأمر العسكري الصادر لسنة 1948م سقط بانتهاء يوم 14/5/1949، وزالت كل القيود التي فرضها على جمعية الإخوان المسلمين أو على أعضائها أو المتعاملين معها، وحيث إنه إذا كان الأمر العسكري قد سقط بانتهاء يوم 14/5/1949فلا يصح طبقًا للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يؤاخذ المتهمان على فعل وقع منهما في ظل الأمر العسكري ولم تتخذ عنه إجراءات ما ولم يضبط له واقعة إلا في يوم 31/7/1949، أي بعد سقوط الأمر العسكري بشهر ونصف.

وحيث إنه صدر بعد سقوط الأمر العسكري الصادر بحل جمعية الإخوان المسلمين القانون رقم 50 لسنة 1950 الخاص برفع الأحكام العرفية، وقد اعتُبر الأمر العسكري سالف الذكر قائمًا ونص على استمرار العمل به لمدة سنة انتهت في آخر إبريل سنة 1951م.

وحيث إن ما جاء بالقانون رقم50 لسنة 1950م عن قيام الأمر العسكري رقم 63 لسنة 1948 إن هو إلا خطأ تشريعي يؤسَف له، وإذا كان الأمر العسكري قد سقط بانتهاء يوم 14مايو 1949فإن القانون رقم 50 لسنة 1950م يعتبر غير ذي موضوع فيما نص عليه من استمرار العمل بالأمر العسكري؛ إذ الأمر العسكري أصبح عدمًا ابتداءً من يوم 15/5/1949 والنص على استمرار العدم عدم.

وحيث إنه يتبين مما سبق أن الاتهام الموجه للمتهمين لا يقوم على أساس صحيح، وأن الحكم المستأنف قد جانب الصواب فيما قضى به فيتعين إلغاؤه وبراءة المتهمين مما نسب إليهما تطبيقًا للمادتين 172و188 من قانون تحقيق الجنايات.

لهذا حكمت المحكمة حضوريًّا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبراءة المتهمين مما نُسب إليهما بلا مصروفات".