المحمودية
موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)
مدينة المحمودية
تعتبر مدينة المحمودية مدينة لها تاريخها رغم حداثتها ،حيث كانت من أهم الموانئ النهرية التجارية وكانت معبرا للمراكب التي كانت تحمل البضائع من الصعيد والوجه البحري للإسكندرية لتدخل من خلال هويسها لترعة المحمودية التي حفرها محمد علي في أوائل القرن 19. كما كانت تعبرها المراكب الوافدة من ميناء الإسكندرية متجهة للنيل للقاهرة تحمل البضائع المستوردة لمصر.
كما تعد مدينة إستراتيجية كانت محل اهتمام المحتل لوقعها على النيل وعلى فم ترعة المحمودية والتي كانت تعتبر مجرى ملاحي للمراكب، ولذا اهتم بها المصريين والإنجليز على السواء.
المحمودية وميلاد البنا
ولد الإمام الشهيد حسن أحمد عبد الرحمن البنا في ضحى يوم الأحد 25 شعبان 1324هـ الموافق 14 أكتوبر 1906م بالمحمودية في محافظة البحيرة بمصر، وكان الابن الأكبر لأبويه واللذين ولدا وعاشا فترة في قرية شمشيرة بندر فوه التابع لمحافظة كفر الشيخ حاليًا.
يقول الأستاذ عباس السيسي:
- "كان الشيخ عبد الرحمن البنا " جد الإمام الشهيد " من وجهاء وأغنياء قرية " شمشيرة " مركز " فوه – غربية " في مصر ، وكان له ولدان : أحمد ومحمد ، أما أحمد فقد تفرغ لطلب العلم في الأزهر وأما الثاني فعمل في القرية ، ولما توفي والدهما حصل بينهما خلاف في الإرث وخاصة بالنسبة للأرض وكادت تحصل بينهما خصومة نتيجة ذلك إذ أن " محمد " كان يريد أن ينال حصة الأسد من أرض والده باعتباره عمل فيها ، ولكن أحمد حسم هذا النزاع وترك الأرض لأخيه وهجر قريته وذهب ليقيم في المحمودية" .
- انتقل الشيخ أحمد بأهله الى المحمودية، التي أخذت اسمها من اسم السلطان محمود ، سلطان تركيا، وكانت السنوات الأولى في المحمودية رضية سخية، واشترى الوالد محلاً صغيرا على النيل مباشرة لتصليح وبيع الساعات - هذه المهنة التي تعلمها في صباه أثناء دراسته في الإسكندرية - ثم أدخل «الغراموفون» والاسطوانات إلى تجارته، ولم يكن هذا مستنكرا، لأن معظم ما كانت تنطق به هذه الاسطوانات كان تواشيح ومدائح، وكان معظم الملحنين من المشايخ.
- غير أن تاريخ الميلاد اختلف فيه الباحثين حيث تؤكد شهادة الميلاد الخاصة بالإمام البنا أنه ولد يوم 17 أكتوبر وليس يوم 14 حيث جاء في الوثيقة التي حصل موقع إخوان أون لاين عليها أن الإمام البنا مسجَّل في مركز العطف بمديرية البحيرة آنذاك عام 1906م في وثيقة رقم 86.
- وتوضح الوثيقة أن رقم الإمام البنا 320، وأن تاريخ ميلاده هو السابع عشر من أكتوبر، وقد سجِّل في الوثيقة اسم والده أحمد عبد الرحمن البنا ، وجنسية المولود المصرية، وديانته المسلمة، وجهة سكنه، ونمرة تطعيم البنا التي تحمل رقم 15.
- قضى حسن البنا في المحمودية وتربي فيها وتعلم القرآن حيث اعتنى بذلك والده وعرف حسن البنا وسط الطلبة والناس بحسن خلقه.
- التقى حسن البنا بأحمد السكري لأول مرة فى الجمعية الحصافية , والتي التحق بها الإمام البنا منذ كان عنده أربعة عشرة عاما, ومنذ ذلك الوقت توطدت العلاقة بينهما, بالرغم من فارق السن بين الأستاذ السكري الذي كان يكبر الإمام البنا ولقد تعاونوا مع بعض رفاقهم فى تأسيس جمعية الصحافية الخيرية فى المحمودية, واختير الأستاذ أحمد السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها,, كما اختير الأستاذ البنا سكرتيرا لها, وعملت الجمعية على نشر الأخلاق الحميدة ومقاومة المنكرات والمحرمات, كما عملت على التصدي للإرساليات الإنجيلية التبشيرية التي قدمت إلى البلاد.
- لكن انتقل حسن البنا إلى دمنهور لاستكمال تعليمه ثم سافر للقاهرة للالتحاق بكلية دار العلوم والتي تخرج فيها عام 1927م وتم تعينه في الإسماعيلية.
- وكان الإمام البنا يقضي الإجازة الصيفية بين الإسماعيلية والمحمودية حيث صديقه أحمد السكري وجمعية إخوان الحصافية.
انتشار الدعوة في المحمودية
بعدما أنشأ الإمام البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م وبدأت الفكرة تنتشر كان صديقه أحمد السكري من أوائل من تلقف الفكرة وعاد لينشرها في المحمودية حيث تحولت الجمعية الحصافية إلى مقر لجماعة الإخوان المسلمين.
وكما يقول الأستاذ محمود عبد الحليم:
- إن الطابع العام لهذه الشعبة كان يختلف عن باقي شعب الإخوان المسلمين حتى سنة 1938م، وتقريبا هذا هو التاريخ الذي سافر فيه أحمد السكري إلى القاهرة حيث تولى وكالة الجماعة، فكما ورد في مذكرات الدعوة والداعية أن السكري انتقل إلى القاهرة للعمل بديوان وزارة المعارف عام 1357هـ, الموافق عام 1938م وأوكل له الإمام البنا بالقيام بالأعمال الإدارية داخل المركز العام, وذلك ليتفرغ الأستاذ البنا للقيام بالرحلات والمحاضرات.
- حيث كان الأستاذ السكري لا يعتبر شعبة المحمودية كشعبة بعينها لكن كان ولاء من فيها للأستاذ السكري وليس للجماعة وهذا ما أحدث مشكلة في بداية التكوين.
- وحينما توجه الإمام البنا لافتتاح شعبة شبراخيت عام 1930م اصطحب عدد من إخوان المحمودية أثناء هذه الزيارة.
مرحلة جديدة
انتقل الإمام حسن البنا إلى القاهرة واتسعت رقعة الدعوة فكان لزاما من وضع إستراتيجية وهيكل ينظم العمل الدعوي، فدعى إلى مجلس شورى عام للجماعة فكان المجلس الأول الذي عقد في الإسماعيلية في يوم الخميس الموافق 22من صفر 1352هـ الموافق 15 من يونيو 1933م، وقد حضره عن المحمودية الأستاذ السكري والذي اختير كعضو منتدب في أول مكتب إرشاد للإخوان.
وفي العام التالي وهو العام الذي عقد فيه مجلس الشورى العام الثاني للإخوان في بورسعيد حيث عقد في 2، 3 من شوال 1352هـ الموافقين 19، 20 من يناير 1934م، حضر أيضا الأستاذ السكري عن المحمودية.
ويبدو أنه اعتذر عن الحضور في المجلس الثالث الذي عقد في القاهرة في الفترة من يوم السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م حتى يوم الاثنين 13 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 من مارس 1935م، بسبب بعض الظروف.
غير أنه ومن تتبعنا لتطور العمل الإداري داخل المحمودية وجدنا أن الأستاذ عبد العزيز الخولي أفندي أصبح مندوب الإخوان في المحمودية عام 1936م كما كان الأستاذ محمد نجيب الأنصاري هو مندوب أدفينا والتي كانت تتبع المحمودية دعويا، ويبدو أن سبب ذلك هو اختيار الأستاذ أحمد السكري كعضو في مكتب الإرشاد للإخوان.
وفي عام 1940م كان الأستاذ عبد العزيز الخولي هو أيضا مندوب الإخوان في المحمودية، ونشطت شعبة المحمودية في الأعمال، حتى بعدما حدثت فتنة الأستاذ السكري وخرج من الإخوان لم تتأثر شعبة المحمودية بذلك بل عاملوا الأستاذ السكري بماضيه فأكرموه، وأحسن له في المعاملة.
نشاط شعبة المحمودية
نشط إخوان المحمودية في كثير من المجالات سواء الرياضية أو الاقتصادية أو التعليم أو التصدي للتبشير فمثلا اهتموا بتكوين الفرق الرياضية، وقد كانت هذه الفرق تشترك فى إقامة المباريات الرياضية، ومن ذلك مباراة كرة القدم التى أقيمت فى المحمودية بين "الإخوان المسلمين بالمحمودية وفريق طلبة "فوه" أسفرت النتيجة عن تغلب فريق الإخوان المسلمين بالمحمودية 5-2، وقد ساد اللعب النظام بفضل الحكم الأخ الدكتور درويش عمر، وقد ابتدأ وانتهى اللعب بهتاف الإخوان المسلمين.
كما احتفلت المحمودية بافتتاح مصنع للنسيج والسجاد تابع لجمعية الإخوان بالمحمودية وحضر الحفل مدير البحيرة.
كما اهتمت "المحمودية" بالتعليم فأتمت العدة لمدرسة على غرار مدارس الإخوان الإسلامية العلمية التي أقيمت في الإسماعيلية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أنشأت المحمودية مصنعًا للنسيج والسجاد يصنع المنسوجات الوطنية بأصنافها المعروفة وكذلك السجاد، ويتعلم به بعض أعضاء الجمعية وبعض الأطفال هاتين الصناعتين.
ورغبة في زيادة الفائدة فكرت بعض دوائر الجمعية في إنشاء مكتبات عامة يرجع إليها بعض الأعضاء للتسلية والاستفادة مثلما حدث في المحمودية، التي ضم ناديها مكتبة لا بأس بها، كذلك وقد وجدت الفكرة قبولاً حسنًا عند كثير من دوائر الجمعية.
التبشير في المحمودية
لقد شغلت هذه الحركة الإمام البنا منذ صغره وأحس بخطورتها على الإسلام والمسلمين، فبدأ في التفكير في مقاومتها، عندما أسس الجمعية الحصافية وهو في مدرسة المعلمين الأولية بدمنهور (1920 - 1923م) التي كان من أهم أعمالها مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التي هبطت المحمودية واستقرت فيها، وكان قوامها ثلاث فتيات ترأسهن مسز "وايت" وأخذن يبشرن بالمسيحية في ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية بنين وبنات، وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة.
حيث ورد في صحف الإخوان أنه منذ سنوات نزل بالمحمودية تسع من هؤلاء المبشرات ومكثن مدة يحتلن على العقول بوسائل التغرير والخداع والمداواة، ودعوى تعليم البنات التطريز والحياكة ونحوهما، فقامت جمعية الإخوان المسلمين بواجبها من تنبيه الناس إلى خطر الذهاب إليهن وتوسلت إلى ذلك بكل الوسائل المشروعة.
وحدث أن فتاة فقدت أمها، فاحتال المبشرات على أبيها حتى أودعها عندهن يقمن بتربيتها، فأخذن يعلمنها مبادئ مذهبهن، ويقدحن في دين الإسلام، وحاولن تعميدها وإرسالها إلى الخارج، فعلمت بذلك الجمعية فأسرعت إلى إنقاذها، وبعد جهد تمكنت من ذلك ولا تزال هذه الفتاة بمنزل حضرة نائب الجمعية بالمحمودية أحمد أفندي السكري.
وقد لفتت هذه الحادثة الأنظار إلى المسعى الجدي الذي يبذله هؤلاء المبشرات في أداء مهمتهن، ففكرت الجمعية في عمل مصنع للنسيج والسجاد تؤوي إليه البنات اللاتي يقعن في شراك المبشرات وتم لها ذلك، وكان من فضل الله عليها أن تمكنت من إنقاذ 35صبيًا و30 بنتًا من براثن التكفير والإضلال.
ويسرنا أن نشكر لحضرات العلماء الأجلاء بالمحمودية جميل مسعاهم، وكبير مساعدتهم في تنبيه العقول إلى تحايل المبشرات وخداعهن جزاهم الله خير الجزاء.
ولقد كلل الله جهود إخوان المحمودية بإخراج عدد كبير من البنات من دار التبشير هناك، وكان ذلك في جمادى الأولى 1352هـ - سبتمبر 1933م، وقد قام نائب الإخوان المسلمين بالمحمودية الأستاذ أحمد السكري أفندي بمخاطبة الجهات المختصة، فتفضل صاحب السعادة مدير البحيرة بإدخالهن الملجأ بدمنهور، ولا يزال عدد كبير غيرهن بدار الجمعية.
الدعوة بعد الإمام البنا
لقد تأثرت الدعوة بعض الشئ في المحمودية بعد خروج الأستاذ السكري من الجماعة عام 1947م حيث حاول إبعاد اخوان المحمودية عن الجماعة الأم، لكن ذلك لم يطل كثيرا حيث انشغل السكري في حياته وسارت الجماعة في طريقها، وبدأت أجيال جديدة تخرج من رحم المحمودية لتحمل الدعوة.
لم تتوقف الدعوة في المحمودية باستشهاد الإمام البنا بل انتشرت في ربوع المدينة ونشط الإخوان فيها وتعرضوا لكثير من الأذى والمحن ما بين السجن والتضييق الأمني وغيرها، وكان منهم الأستاذ محمد شمعة والشيخ محمد العريان اللذين تعرضا للاعتقال والمحن فترة عبد الناصر، وبعد خروجهما عاد للعمل بصحبة الأستاذ محمد الدسوقي بقنينه حيث كان الشيخ محمد العريان إمام مسجد الهداية.
المراجع
1- محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، 1998م.
2- مجلة النذير الأسبوعية: السنة الثانية – العدد 19 – 8 جمادى الأولى 1358هـ / 27 يونيو 1939م.
3- حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
4- جريدة الإخوان المسلمين: السنة الرابعة – العدد 15 – 2جمادى الأولى 1355هـ / 21 يوليو 1936م.
5- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين- دار التوزيع والنشر الإسلامية.
للمزيد عن الإخوان في محافظة البحيرة
. |
. |