عمر التلمساني في عيون الأخرين

مقدمة
عمر عبد الفتاح عبد القادر مصطفى التلمساني عرفه الجميع بالأستاذ عمر التلمساني حيث اعتبره المعظم أنه مجدد شباب الجماعة بعد فترة محنة طال أمدها لفترة زادت عن العشرين عاما داخل السجون.
ولد في حارة حوش قدم بالغورية قسم الدرب الأحمر بالقاهرة في يوم الجمعة 4 نوفمبر عام 1904م الموافق 25 شعبان 1322هـ - أي أنها كان يكبر الإمام الشهيد حسن البنا بعامين – وعلى الرغم من نشأته في أسرة ثرية إلا أنه ما أن التحق بالإخوان لم يخجل يوما أن يعيش حياة الزهد والتواضع.
تخرج في كلية الحقوق، وكان من أسرع الناس الذين استجابوا لدعوة الإخوان بعدما التقى بالإمام حسن البنا عام 1933م، حتى صار أحد قادة الجماعة الكبار وأقدم أعضاء مكتب الإرشاد. تعرض للكثير من المحن، وحضر كثير من الأحداث التي صنعت التاريخ في فترة الملكية وفي الإعداد لثورة 23 يوليو، حتى غيب عن الأحداث داخل السجون فترات قاربت على الـ20 عاما.
في الفترة الوجيزة التي قضاها كمرشد عام للإخوان والتي زادت قليلا على العشر سنوات استطاع أن يجدد حيوية الجماعة، ويفتح له قلوب الناس، وتصبح رقما في المعادلة الشعبية، بل أصبح محل تقدير الخصوم كل المحبين.
فقد حضر الجنازة مندوب عن مبارك، ورئيس مجلس الشعب وأمين عام الحزب الوطني وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية ورؤساء أحزاب الأحرار والعمل والأمة والتجمع ونائب رئيس حزب الوفد وسكرتير عام الحزب والوزراء وكبار المسئولين وسفراء الدول العربية ورؤساء تحرير الصحف، كما شارك رئيس الوزراء "الدكتور علي لطفي" في العزاء، ومندوب عن الكنيسة.
وفي هذا المقال نحاول أن نتعرف على نظرة الآخرين – خاصة ممن لم يكونوا على منهج وفكر التلمساني – له يوم رحيله في 13 من رمضان 1406هـ الموافق 22 مايو 1986م.
جريدة الأهرام
كتب محرر الأهرام يوم 13/6/1986م ناعيا الأستاذ عمر التلمساني بقوله:
- عرفته منذ نحو عشر سنوات، فلم أر فيه غير الصلاح والتقوى، كان هادئ الطبع، قوى الحجة، يدعو إلى الله على بصيرة من الأمر. فقدناه في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى أمثاله من ذوى الرأي السديد، والفكر الرشيد الذين يعرفون جوهر الإسلام ويدعون إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
صحيفة وطني القبطية
كتبت صحيفة "وطني" لسان حال الكنيسة المصرية في عددها الصادر 25/5/1986م:
- توفي إلى رحمة الله الأستاذ الكبير عمر التلمساني بعد معاناة مع المرض، فشق نعيه على عارفيه في مصر وفى العالم الإسلامي الذي يعرف كفاحه من أجل الدعوة التي حمل لواءها، وامتاز فيها بأصالة الرأي ورحابة الصدر واتساع الأفق وسماحة النفس، مما حبب إليه الجميع من إخوانه ومواطنيه، كما كانت علاقته بإخوانه الأقباط علاقة وثيقة عميقة تتسم بالتفاهم التام والحب والصداقة.
إبراهيم سعدة صحيفة أخبار اليوم
حزنت حقيقة لرحيل الداعية الإسلامي الكبير الأستاذ عمر التلمساني، لقد التقيت معه - منذ فترة - للمرة الأولى والأخيرة. وفي المرة التي كتب فيها إبراهيم سعدة مقالا بعنوان (أعداء الأمس أصدقاء اليوم) في جريدة أخبار اليوم عام 1984م حينما تحالف الإخوان مع الوفد تحامل فيها سعدة على الإخوان، وأنهم تخلو عن خطهم الديني بتعاونهم مع حزب علماني، كما حمل على الوفد أنهم تناسوا خطهم العلماني بتحالفهم مع جماعة دينية واصفا هذا الموقف منهما انه تغليب للمصالح على المبادئ الأصيلة.
بعد نشر المقال مباشرة اتصل به الأستاذ عمر التلمساني وقام بزيارته في مكتبه بمبنى الأخبار حيث استقبله الأستاذ إبراهيم سعده خير استقبال وبعد حوار ونقاش طويل . خرجت جريدة أخبار اليوم السبت التالي ومقاله الأستاذ إبراهيم سعده تحمل عنوان (مقابلة كريمة مع رجل كريم) .. ليعطي بذلك أ. التلمساني الإخوان درسا في التعامل مع الآخر.
مجلة "امباكت إنترناشيونال"
صدرت مجلة "امباكت إنترناشيونال" في لندن بتاريخ 13 يونيو 1986م صـ20، وعلى غلافها صورة الأستاذ الراحل وعنوانها يقول: "الشيخ عمر التلمساني .. وفاة مسلم عظيم" جاء تحته: أن قيادة عمر التلمساني تميزت بالشجاعة الهادئة والرفض الكامل لمحاولات الاستفزاز. ولقد واجهت قيادته عدة اختبارات في الفترة التي سبقت اغتيال السادات وما تلا ذلك حين بدا كما لو أن الحركة الإسلامية في مصر بأكملها ستتقلص إلى فرقة غاضبة ويكون ذلك سبب اضمحلالها.
موسى صبري جريدة الأخبار
العدد 10617- 28/5/1986م
حزنت لوفاة الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، لا أكتب عن مشاعري نحو الرجل، نفاقًا لأي تيار. وأعجبني في عمر التلمساني – رحمة الله – أنه لم يكن يكابر في الحقائق كنت قد كتبت مقالاً في الأخبار، ورد عليه بمقال ذكر فيه أنني اعتدت مهاجمة الإخوان المسلمين .. ولما عقبت عليه بأنه لم يحدث.. اعتذر الرجل، وسحب كلمته، واقتصر على مناقشة الموضوع .. إن اشتراك كل أحزاب وطوائف الشعب، في تشييع جنازة عمر التلمساني، دليل على أن الدعوة بالكلمة الطيبة، لها أثرها في رباط كل القلوب.
الشيخ محمد الغزالي
مجلة الأمة القطرية – العدد 71 - يوليو سنة 1986م
كنت في شبابي أرى الأستاذ عمر التلمساني يتردد على الأستاذ المرشد العام ويتحدث معه في شؤون الدعوة، ويتزود منه بشتّى التوجيهات. وقد حمل الرجل في شبابه أعباء الدعوة الإسلامية في غربتها، ورايته يوما ينصرف من مكتب استأذنا حسن البنا بعد لقاء لم أتبين موضوعه، ورأيت بصر الأستاذ المرشد يتبعه وهو يولّى بعاطفة ناطقة غامرة، وحب مكين عميق: فأدركت أن للأستاذ عمر مكانة لم يفصح عنها حديث.
مصطفى أمين
جريدة الأخبار 7/7/1986
لو كان عمر التلمساني على قيد الحياة لا ستنكر إحراق المسارح ومحلات الفيديو ومحل بقال في الزمالك. فالإسلام الذي سمعته من فمه دين يدعو إلى الحب والتسامح والبناء والتعمير، ويرفض العنف والتدمير. ولا إكراه في هذا الدين ولا حقد ولا بطش ولا انتقام.
كان المرشدون الثلاثة ينادون بالرحمة ويرفضون القسوة، يدعون إلى الحب وينهون عن الحقد، يؤيدون التسامح ويرفضون التعصب، لم أسمع منهم كلمة واحدة ضد دين من الأديان، ولم أسمعهم يكفرون أحدا من الناس.
أحمد بهاء الدين
الشرق الأوسط، العدد 2747، 6/6/1986م
تركت وفاة المرحوم عمر التلمساني مرشد عام الإخوان المسلمين مذاقا مرا لدى جميع الناس، فالفترة التي وقف فيها الرجل في مقدمة جماعته مرشدا وممثلا لهم، تميز فيها أمام الناس بعفة اللسان، وسعة الأفق، واتساع الصدر للحوار، والأدب الجم في هذا الحوار، مهما كان خلاف الآخرين معه. أهـ
مات التلمساني حيث أقيمت صلاة الغائب على روحه أيضا عقب صلاة الجمعة بمعظم مساجد قرى ومراكز ومحافظات الجمهورية، وكانت معظم خطب الجمعة في المساجد الأهلية تشير إلى حياة الشيخ وجهاده في سبيل الدعوة الإسلامية.
وكانت الجنازة صورة رائعة لقدرة الإخوان المسلمين على التنظيم والضبط والربط لدرجة أن وزارة الداخلية لم تشارك برجل واحد من رجالها في عملية التنظيم المحكم التي ظهرت بها الجنازة، ابتداءً من مسجد عمر مكرم وحتى مقابر الإخوان المسلمين بمدينة نصر التي دفن فيها الجثمان، وقد التزم جميع المشاركين في الجنازة بالامتناع عن ترديد الهتافات أو أية شعارات