قائد مجموعة الاغتيالات
حادث اغتيال درامى لرجل ظل طوال حياته السياسية مثيراً للجدل.. أحمد ماهر باشا، الوفدى العريق، الذى انضم إلى الأجهزة «السرية»، واتهم بتشكيل «جماعة اغتيالات»، ثم كلفه الملك فاروق، بعد ذلك بتشكيل وزارة، تألفت من السعديين والأحرار الدستوريين والحزب الوطني والكتلة الوفدية، ويلقى مصرعه فى البهو الفرعونى بمجلس النواب متأثراً بإصابته بعد إطلاق الرصاص عليه.
تاريخان لمولده، الأول أورده محمد السوادى فى كتابه «أقطاب مصر بين الثورتين»، وهو عام ١٨٨٥ م، والثانى ١٨٨٨ م الذى أورده الدكتور يونان لبيب رزق، فى كتابه «تاريخ الوزارات فى مصر».
المصادر التاريخية اتفقت على أنه تخرج فى مدرسة الحقوق عام ١٩٠٨ ووالده هو محمد ماهر، وكيل وزارة الحربية ومحافظ القاهرة، وعمل عامين بالمحاماة.
أحمد ماهر باشا.. سافر عام ١٩١٠ إلى فرنسا التى حصل فيها على الدكتوراه فى القانون والاقتصاد من جامعة مونبيلييه.
بعد حصوله على الدكتوراه عاد إلى مصر عام ١٩١٣ ليعمل فى مدرسة التجارة، التى التقى فيها بزميل عمره محمود فهمى النقراشى. فتزاملا وسارا معاً تحت راية سعد زغلول، كما التحقا بأجهزة عبدالرحمن فهمى «السرية»، وألقى القبض عليهما فى قضية اغتيال حسن عبدالرازق وإسماعيل زهدى، أمام مبنى جريدة «السياسة» عام ١٩٢٢، ثم أفرج عنهما لعدم ثبوت الاتهام، ثم قبض عليهما مرة أخرى معاً فى مايو ١٩٢٥ بتهمة تشكيل جماعة سرية للاغتيالات، وشكل سعد زغلول هيئة للدفاع عنهما، كان على رأسها المحامى المغوار «آنذاك» مصطفى النحاس باشا، الذى حصل لهما على البراءة بعد أقل من عام.
ورغم أن السياسة فرقت بين مصطفى النحاس وأحمد ماهر، بعد ذلك بعشر سنوات، حينما انشق ماهر والنقراشى عن حزب «الوفد»، فإن الثانى ظل طوال حياته لا ينطق ولا يسمح لأحد بأن ينطقه بكلمة تسىء إلى النحاس، وإذا كان أحمد ماهر قد حفظ لمصطفى النحاس دوره فى الدفاع عنه فإن ذلك لم يمنعه من أن يتطلع لرئاسة «الوفد»، بعد رحيل الزعيم سعد زغلول، كما رأى أحمد ماهر والنقراشى أحقيتهما فى شغل موقع سكرتيرى الحزب أكثر من مكرم عبيد لأسبقيتهما فى الارتباط بـ«سعد زغلول» ودورهما فى الكفاح السرى الذى كاد يعرضهما للموت أكثر من مرة.
كانت المنافسة بين ماهر والنقراشى من جانب والنحاس ومكرم من جانب آخر أشبه بمقدمة للانشقاق، الذى حدث بين عامى ١٩٣٧ و١٩٣٨، بعد أن خرج ماهر وغالب والنقراشى مع مجموعة من شباب «الوفد» وشكلوا «الهيئة السعدية».
وحين أبرمت معاهدة ١٩٣٦ كان أحمد ماهر يحتل موقع رئيس مجلس النواب، وحين ألف مصطفى النحاس وزارته الرابعة فى أول أغسطس ١٩٣٧ خلت من مجموعة أحمد ماهر مثل محمود غالب، وعلى فهمى، والنقراشى، ومحمد صفوت وانفجر الموقف داخل «الوفد»، وفى الجبهة المعادية للحزب، وتبادل الفريقان الاتهامات وخرجت مظاهرات تنادى بوحدة «الوفد».
وتبادل النحاس والنقراشى خطابين شديدى اللهجة فى ٧ و١٠ سبتمبر وصدر قرار الحزب بالإجماع بفصل النقراشى فى ١٣ سبتمبر ١٩٣٧ وبقى أحمد ماهر فى «الوفد».
وفى اجتماع كان أشبه بتجديد الثقة للنحاس بعد دفاعه عن الحقوق الدستورية للملك، حظى بتأييد الجميع إلا ثلاثة هم: أحمد ماهر، وحامد محمود، وإبراهيم عبدالهادى، فصدر قرار بفصلهم فى ٣ يناير ١٩٣٨ على أثر إقالة وزارة النحاس فى ٣٠ ديسمبر عام ١٩٣٧ وظن أحمد ماهر أن التكليف بتشكيل وزارة جديدة سيذهب إليه غير أنه فوجئ به يذهب إلى محمد محمود باشا، صاحب وزارة «اليد الحديدية»، الذى حل البرلمان الوفدى.
وفى الوزارة الرابعة لمحمد محمود باشا فى يونيو ١٩٣٨ دخل أحمد ماهر باشا والنقراشى ومحمود غالب وحامد محمود الوزارة ليشاركوا فى إحكام القبضة «المحمودية» على الشعب وفى قمع الحريات لتكون هذه بداية السقوط.
وفى أكتوبر ١٩٤٤ فاجأ الملك فاروق الجميع بتكليفه أحمد ماهر باشا بتشكيل الوزارة التى تألفت من السعديين والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى والكتلة الوفدية، وخرج مكرم عبيد من السجن ليأتى وزيراً تحت رئاسة خصمه القديم، ثم أتت وزارة أحمد ماهر الثانية فى ١٥ فبراير عام ١٩٤٥ لتواجه إشكالية إعلان الحرب على المحور للاشتراك فى مؤتمر سان فرانسيسكو.
ويوم السبت ٢٤ فبراير ١٩٤٥، وما إن ألقى أحمد ماهر بيانه أمام مجلس النواب وهمَّ بالانتقال إلى مجلس الشيوخ، فى البهو الفرعونى حتى تقدم منه محمود العيسوى، المحامى فى مكتب عبدالرحمن الرافعى، وأطلق الرصاص عليه فمات على الفور.
المصدر المصري اليوم