مؤتمر من أجل سلام أميركا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مؤتمر من أجل سلام أميركا


بقلم : موشيه إلعاد

من المقرر أن يكون مؤتمر السلام الذي سيعقد في تشرين الثاني لقاء سياسيا استثنائيا، يرتكز إلى مصالح غير واقعية، كما أن نتائجه قد تكون قاسية.

فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، تتحدث عن «الحاجة إلى سلام عادل وقابل للحياة في الشرق الأوسط»، أو عن «إقامة دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان بسلام جنبا إلى جنب».

غير أن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة بالإجمال تبحث عن إنجاز.

فبعد التورط المحرج في المستنقع العراقي، بات من المهم لبوش ورايس صرف الاهتمام الأميركي والعالمي باتجاه حدث تلعب فيه التقنيات الإعلامية دوراً رئيسياً.

فالمؤتمر، إذا عقد، سيحاول تغطية حقيقة كون الحدث فارغاً من كل مضمون، وعاريا لناحية إسهامه في العملية السلمية، عن طريق تغليفه بورق سيلوفان أميركي.

ويعرف الدبلوماسيون الأميركيون، ومساعدو «البطات العرجاء» في واشنطن الذين يقضون أغلب وقتهم هنا في منطقتنا، وهم خبراء في التفاصيل، أن الوسادة السياسية في الشرق الأوسط الحالي بعيدة عن أن تكون جاهزة لمؤتمر سلام، وبالتأكيد ليست جاهزة لاتفاق سلام. لكن ما العمل، حينما لا يهتم صاحب الأمر بالمحتوى وإنما بالغلاف؟

ومن المحزن أن الأميركيين لم يستوعبوا فشل سلطة الإتباع في العراق ولا يزالون واثقين من أنه في بغداد، كما في أفغانستان، يتحقق نجاح كبير.

كما أن بوش ورايس لم يتعلما شيئا من اتفاق «الثقوب» في أوسلو، وها هم يبادران إلى اتفاق جديد، اتفاق برعاية الرئيس، اتفاق الفراغ.

وعندما أعلنت كوندوليزا رايس مؤخرا أنه «كفى للأحاديث، حان وقت الأفعال»، بدا لي للحظة أنها تمزح.

فالكثير من المعلقين يميلون للاستخفاف بالمبادرة الأميركية الجديدة بقولهم إنها لن تفيد في شيء، وبالتأكيد لن تضر.

هل حقا أن الأمر كذلك؟

ثمة حاجة لتذكير أصحاب الذاكرة القصيرة، لقد كانت انتفاضة الأقصى ثمرة واضحة لفشل مؤتمر كامب ديفيد 2002.

حينها أيضا ساد إحساس بأن الأرض جاهزة للتغيير، غير أن الواقع، جرى خلاف ذلك.

وإذا عقد المؤتمر، فسوف تكون هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها الإسرائيليون والفلسطينيون في جانب واحد من المتراس، والأميركيون في الجانب الآخر.

فالإسرائيليون والفلسطينيون، على حد سواء، يشعرون بأن هناك من قام بجرهم، شبه مرغمين، للمؤتمر، إلى مركز الحلبة، وهم غير جاهزين، حيث في الباحة الخلفية للطرفين تثار شكوك عميقة حول أزمة إقليمية أو انتفاضة جديدة إذا فشل المؤتمر.

غير أن الأميركيين لم يتعلموا كما أنهم لم يستوعبوا بعد أن التوقعات الكبيرة والترجمة المعدومة هما الوصفة المؤكدة للانهيار.

ويعد «المسكين أبو مازن» الذريعة للفشل فقد أعلن: «ينبغي التوصل إلى اتفاق مسبق، وإلا فلا جدوى من المؤتمر».

فباسم من يصل محمود عباس إلى الولايات المتحدة؟

باسم سلطة فلسطينية مقلصة، منقسمة ومشرذمة، قسم منها هو «كيان معاد» يستهين به على وجه العموم، والقسم الثاني هو «جيب الضفة الغربية»، غير الموالي له في الواقع؟ هل يفهم أبو مازن أنه في هذا المؤتمر يمثل الفلسطينيين غير الراغبين وغير القادرين على تحقيق السلام؟

ولحسن حظ رايس، فإن أولئك الفلسطينيين غير الراغبين وغير القادرين على تحقيق السلام، مغرومون حقا بـ«العملية السياسية».

كما أن إسرائيل تعيش في وضع غير معقول.

فمن جهة يضغط الرئيس الأميركي من أجل المشاركة والتنازل، ولكن من جهة أخرى فإن العملية البرية في قطاع غزة هي خيار لا يزال فعليا، لكن عليها أن تأخذ بالحسبان الجدول الزمني الجديد.

وسيكون من الصعب رؤية إسرائيل تصل إلى طاولة المباحثات في واشنطن مباشرة من ميدان المعركة في خان يونس أو رفح، لكن أمورا كهذه حدثت في الماضي.

ويمكن التقدير أنه في حال كهذه سيعلنون في إسرائيل أنه «يجب معالجة الإرهاب كما لو أنه ليس هناك مؤتمر، والذهاب للمؤتمر كما لو أنه ليس هناك إرهاب».

والمشكلة هي أنهم في حماس أيضا يعرفون ذلك، ومن الجائز أن يعمل قادة حماس على تقويض المؤتمر بواسطة تكثيف الاستفزازات للأعصاب المكشوفة في إسرائيل وجرها للدخول إلى غزة..

إن السيناريو المقبل واضح: استمرار الإرهاب من غزة سيجر رد فعل إسرائيليا قاسيا، وسيضطر أبو مازن لأن يكون أول من يخرج ضدنا معلنا «تضامنه» معها.

كما أن الدول العربية المعتدلة مثل مصر، الأردن والسعودية، والتي تحارب عواصمها بشدة ضد الإسلام الأصولي المتطرف، ستكون أول من يندد بإسرائيل، والانسحاب من كل عملية سلمية معها.

وفقط في واشنطن سيواصلون القول إنه في الشرق الأوسط تنفذ خطوات بناءة من أجل إحلال السلام بين الطرفين. #

  • كولونيل في الاحتياط وباحث في جامعة حيفا

المصدر