محمد يوسف هواش
النشأة
قال الإمام الشهيد حسن البنا: "إذا لامست معرفة الله قلب الإنسان تحول من حال إلى حال، وإذا تحول القلب تحول الفرد، وإذا تحول الفرد تحولت الأسرة، وإذا تحولت الأسرة تحولت الأمة، وما الأمة إلا مجموعة من أسر وأفراد".
ويقول الشهيد سيد قطب: "عندما نعيش لذواتنا ولشهواتنا تبدو لنا الحياة قصيرة، تافهة، ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود! أما عندما نعيش لغيرنا، أي: عندما نعيش لفكرة؛ فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض! … إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهمًا، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا.. فليست الحياة بعد السنين".
فى كفر الحمام مركز بسيون التابع لمحافظة الغربية نشأ الحاج يوسف هواش حيث قضى حياته فى هذه القرية وتزوج بها وأنجب أولاده كلهم غير أن محمد كان محل اهتمامه.
ولد محمد هواش فى عام 1923م فى قرية كفر الحمام موطن والده حيث تربى فيها وحفظ القرآن، والتحق بمراحل التعليم حتى تخرج فى مدرسة طنطا الصناعية، وعمل فى بداية حياته كمراجع صرف طلمبات بالجمعية التعاونية للبترول، ثم عمل بعد ذلك فى الشبراويشي وظل به حتى تركه قبل اعتقاله بفترة.
على طريق دعوة الإخوان
منذ أن انطلق وهج دعوة الإخوان المسلمين لينير الطريق أمام كثير من الحيارى الذين كانوا كالغرقى ويحتاجون لطوق النجاة فى الحياة التى كانت بدون هدف ولا غاية لهم، ومع انتشرها وسطهم وجدت قلوبا نقية متوهجة بالإيمان تلقفتها بالحب فأصهرت هذه القلوب وأخرجت رجالا عرفوا كيف يتاجرون مع الله، فقد أوجدت رجالا باعوا أنفسهم وأموالهم واشتروا رضوان الله ومغفرته.
لقد تلقف الشباب هذه الدعوة بقلوب حيه، ووجدوا فيها كل ما يعينهم فأفرغوا طاقتهم فيما يرضى الله وكان من هؤلاء الشباب الشهيد محمد هواش الذى أصهرت هذه الدعوة قلبه فخلقت منه رجلا ضحى بكل غال وثمين فى سبيلها حتى قدم روحه لها فداء.
ارتبط بالدعوة فكان أحد رجالها المخلصين وفى ذلك يقول :"بدأت نشاطي في جماعة الإخوان المسلمين سنة 1945م؛ حيث انضممت لشعبة طنطا، وكنت وقتها طالبًا في مدرسة طنطا الصناعية، ثم أصبحت وكيل شعبة مصر القديمة وكنت عضوًا في فصيلة جنوب |القاهرة وكان رئيس الفصيلة الأخ الشهيد كمال السنانيري".
نشط محمد هواش فى دعوة الله غير أن طبيعة رجل النظام الخاص كانت تجبره على التدريب المتواصل والاستعداد للدفاع عن الوطن ضد الانجليز و فلسطين ضد اليهود.
البيت السعيد
عاش محمد يوسف هواش يعمل لدعوته ويبذل من أجلها، حتى تقابل مع الأخت فاطمة عبدالهادي واستقرت فى نفسه خاصة بعدما علم بمواقفها فى الدعوة – وقد ولدت فى 27 سبتمبر 1917م الموافق 10 ذو الحجة 1335هـ، فى بلدة التل الكبير التابعة لمحافظة الشرقية وهى أخت الأخ السيد أبو النور محمد عبد الهادي إبراهيم، التحقت بدعوة الإخوان عام 1942م، وانتخبت وكيلة اللجنة التنفيذية للأخوات عام1944م، وكانت ضمن النساء الذين حملن نعش الإمام البنا من بيته بعد اغتياله، اعتقلت عام1965م لمدة ستة أشهر حتى أفرج عنها في مارس1966م.
وهى الأن تعيش مع زوج ابنتها الأستاذ أحمد عبد المجيد عبد السميع أحد قادة تنظيم 1965م - وكان محمد هواش يعمل في الشبراويشي، وقد تعرف عليها أثناء تهريبه للأستاذ سعيد رمضان ومصطفى مؤمن في بيتهم الذى كان فى باب الخلق حيث كانت الحكومة تبحث عنهم، حيث كلفها أخوها بالقيام بمهمة أن تذهب لشعبة الجيزة وتطلب من الأخ مصطفى كامل المفتاح حيث كان المفتاح مع محمد هواش وقابلها وقال لها: أزيكوا، فقالت له: أزيكوا أنتم فأعجب بردها وغيرتها على إخوانها ودعوتها كما أنه رآها أثناء رحلتها مع التلاميذ لمصنع الشبراويشي، حيث فوجئت بمن ينادى عليها ويقول أن أحد يريدها على التليفون فتعجبت من يعرف مكانها فوجدت أحد الأخوات تقول لها أنا أختك كوكب ونريد أن ننشأ شعبة للأخوات عندنا وكان الذى رتب ذلك هو، كما أنه قرأ ما كتبته فى سجل التشريفات الموجود فى المصنع، وقد تحدث فى ذلك إلى أخيها الأخ السيد وكان إذا قابله يقول له: "إننا ما زلنا على عهدنا؛ حتى طالت مدة الخطوبة فقالت للأخيها: قل لصاحبك يفك عهدنا.
أصيب هواش بمرض فى الصدر فحاول أهلها إثناءها عن الزواج منه وقالوا لها إن مرضه معدى، غير أنها تمسكت به حتى بشرها الطبيب بأن مرضه ليس معديا، بعدها سارع الرجل الى بيتها وأتمم الزواج واستدعاها أخواها من التل الكبير لإتمام الزواج وتم ذلك فى عام 1953م ، وكان نتاج هذا الزواج أن رزقهما الله بسمية وأحمد وجهاد، وقد تزوجوا في نفس المنزل الذي كان يقطنه السادات بعد قيام الثورة عام 1953م بالمنيل.
محن وابتلاءات
ظل محمد هواش يعيش مع زوجته فى المنيل وكان يقطن فى العمارة التى يقطن بها السادات وقد عرفه كل رجال المباحث ورجال المخابرات المكلفين بحراسة منزل السادات، حتى حدثت حادثة المنشية عام 1954م لتمكن لعبد الناصر من الحكم فاجتاحت البلاد تعتقل كل من تصل إليه أيدهم وكان هواش أحدهم فذهبوا إلى بيته لاعتقاله وانتظروا عودته ليقبضوا عليه غير أنه عندما وصل إلى مدخل المنزل أشار له الحراس المكلفين بحراسة السادات أن المباحث فى الشقة للقبض عليه ويجب أن يهرب واستجاب فعلا وهرب مدة عشرة أشهر، ولم تتمكن أجهزة عبد الناصر من القبض عليه عندما ذهبوا للقبض عليه واختفى الشهيد هوَّاش، ولكنه أخذ ينظِّم من بقي من الإخوان خارج السجون وأخذ يقودهم، واستطاعت أجهزة الأمن أن تكتشف نشاط هوَّاش الجديد، فألقت القبض على التشكيل، وتمكَّن هوَّاش من الإفلات للمرة الثانية.
وأخذ يشكِّل تنظيمًا آخر من شباب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات، وكان هذا التنظيم الأخير من أجل تمويل أُسَر المسجونين التي لا عائل لها، وفي هذه المرة ألقي القبض عليه قدرًا"، وأثناء هروبه كان يتحايل لرؤية زوجته فتقول : كان يتصل بى خفية وكان بيننا اتفاق حيث إننى مراقبة وكان يسير ورائى دائما مخبر فكنت أخرج أنا وإحدى الأخوات ونذهب إلى المحطة حيث نقابل محمد فكان يسير عكس ما كنت أسير حتى نرى بعضنا ولا يشعر المخبر بما يحدث.
قبض عليه في 4/8/1955م، وقُدِّم للمحاكمة أمام محكمة الشعب في أكتوبر 1955م، وحُكِم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة، ونفِّذت العقوبة في ليمان طرة، وقضى المدة كلها في مصحة طرة؛ لأنه مريض بالصدر منذ سنة 1947م.
وقُدِّر له أن يشهد مذبحة الإخوان في ليمان طرة في 1/6/1957م، والتي قُتِل فيها 21 من شباب الإخوان وجُرِح فيها مثلهم وفَقد 6 منهم عقولهم من هول المأساة الرهيبة، وسجَّل عنها يوميات كُتبت على ورق كانت تُلفُّ بها الجبنة، ثم تنظف وتجفف ويكتب عليها وتسرب إلى خارج السجن يومًا بيوم، ثم نُشرت تحت عنوان "يوميات الشهيد محمد يوسف هواش"، وكان يتصل بزوجته عن طريق أحد الفراشين فى السجن وكان يدعى أحمد حيث كان أحد التلاميذ فى الفصل التى كانت تدرس له زوجته وبعد تخرجه التحق بهذا العمل وأصبح يحمل لها الرسائل منه،
وقد جمعت بين يوسف هواش وسيد قطب،توأمة المحبة والأخوة في الله ، فصدق فيهما قول رسولنا القدوة "ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه".. كما جمعت بينهما وحدة الفكر والفهم والتصورات للإسلام والدعوة والحركة، كما جمعت بينهما مستشفى ليمان طرة التي عاشا فيها معًا فترة الاعتقال الأولى كلها، من أغسطس 1955 حتى أغسطس 1964، وفي الختام جمعت بينهما الشهادة التي نالاها معًا فى يوم واحد. وخرج من مصحة السجن في أغسطس سنة 1964م بموجب عفوٍ صحيٍّ".
هواش وتنظيم 1965م
خرج محمد يوسف هواش من المعتقل وتوجه لزوجته وأولاده، ثم سرعان ما حمل أهله وتوجه لزيارة أهله فى بلدته وصلا لرحمه ولم تمض الأيام كثيرا حتى أعلن عبد الناصر عن اكتشاف تنظيم للإخوان وأطلق يد المباحث الجنائية العسكرية والمباحث العامة فى السباق فى اعتقال وتعذيب الإخوان بحجة الكشف عن هذا التنظيم، ولم تكن هناك جريمة ارتكبوها يُعاقب عليها قانون أو تشريع، وإنما هي كما قال كبيرهم أسباب سياسية كان غرضها استئصال الدعوة والدعاة (الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح، للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) (آل عمران: 271).
وحاولت الحكومة أولا أن تقضي على الظاهرين من الدعاة باغتيالات فردية، وابتدأت المحاولة بالحاجة المجاهدة (زينب الغزالي) إذ داهمت سيارة كبيرة للمخابرات أو بإيعاز منها سيارتها وكسرت رجلها، ومكثت على إثرها عاما كاملا في المستشفى، وانتشر الخبر بأن المخابرات جادة في قتل سيد قطب، و زينب الغزالي، و محمد قطب، و محمد هواش فنكلت المخابرات عن خطتها.
أخذت العربات تجوب البلاد فى أكبر حملة اعتقال شهدها التاريخ الحديث فلم يحدث قبلها أو بعدها حملة كمثل هذه، وكانت بدايتها بإعلان من الكرملين معقل الشيوعية باعتقال كل من سبق اعتقاله، وكان الشهيد محمد يوسف هواش -رغم مرضه- أحد الذين طالهم هذا الإعتقال مع أنه لم يمر على خروجه العام لكنه اتهم بأن له دورا هاما فى هذا التنظيم رغم أنه لم يكن من قادته لكن كانت القضية كلها مبنية على اعترافات علي عشماوي على الآخرين و اعترافات مكتوبة تحت التعذيب الشديد بل القتل أحياناً.
فقد كان قادة هذا التنظيم:
لكن بسبب اعتراف علي عشماوي كان جزاءه الإعدام.
ولقد اختلف الناس في تفسير الاعتقالات هذه المرة .
1 - فمنهم من يرى : أن الدوائر الغربية الصليبية قدمت له تقريرا أن هنالك تيارا اسلاميا تحت السطح.
2 - ومنهم من يرى أن الضجة التي أحدثها كتاب (المعالم) الذي أصدره سيد قطب رحمه الله سنة 1964 ونفاذ ثلاثين ألف نسخة من السوق بسرعة كان له رد فعل لدى الدولة خاصة وأن الشيوعين قرأوا الكتاب وبينوا لعبد الناصر مدى خطورته. وقد صرح أحد الشيوعيين بهذا للأستاذ محمد قطب قبل الاعتقال بفترة بسيطة.
3 - ومنهم من يرى أن الصحف الغربية بدأت تحرض عبد الناصر على الاخوان .
4 - ومنهم من يرى أن عبد الناصر أراد أن يثبت للأمريكان أنه لازال باستطاعته أن يؤدي دورا.
وكانت الضربة في هذه المرة أشد لأن الحكومة قوبلت بنماذج أرفع وأنضج وبتنظيم أدق وأين نبت هذا التنظيم في أحلك الظروف وأقسى الفترات في حياة مصر.
لقد كانت صدمة عنيفة لعبد الناصر وتأثرت أعصابه وحالته النفسية كثيرا بل اضطربت -شيئا ما- حالته العقلية وهو يرى أن الإخوان يصلون إلى هذا المستوى من التنظيم ويستطيعون النفاذ حتى يصلوا إلى حرسه الخاص فينظموا إسماعيل الفيومي رحمه الله بين صفوفهم وهذا الجندي الذي اتهم بأنه المعد لاغتيال عبد الناصر ولذا فقد حملوه بأرجله وضربوا رأسه بتمثال عبد الناصر فقضى نحبه إلى الله على طريق قافلة الشهداء.
وكان التعذيب في هذه المرة أعتى ومات تحت التعذيب أعداد كبيرة من أرقى التخصصات العلمية من طب وهندسة وذرة وطاقة نووية وأساتذة جامعات.
استحضر عبد الناصر بعثة من علماء النفس الأمريكان ليدرسوا نفسيات الإخوان وطريقة غسل أدمغتهم ولدى تفريغ الاستمارات التي عبأها الاخوان في السجون خرجوا بنتيجة (أنه لا يمكن لهؤلاء أن يتغيروا).
لقد تعرض محمد هواش لأبشع أنواع التعذيب أثناء التحقيق حتى إنه لم يستطع أن يكتب التقرير الذي سُجِّلت فيه اعترافاته بخط يده، فقد جاء في آخر تلخيص البيان لإقراراه هذه الملاحظة "حُرر بإملائي.. محمد يوسف هواش"، ويقول ممثل النهاية الذي حقق معه: "استدعيناه وعرضنا عليه الإقرار المقدَّم لنا فقرر أنه ليس بخطة وإنما هو بإملائه لشخص آخر؛ حيث إن أعصابَ يده اليمنى كانت مشدودةً، ولم يستطيع الكتابة وقت كتابة هذا الإقرار؛ وذلك نتيجةَ ضربه على يده، وأنه لم تحدث به إصابات ولكنه لم يمكنه الكتابة بها، وأضاف أنه وقَّع فقط على كل ورقة من ورقات الإقرار المذكور، وقد قالت الحاجة زينب الغزالي: "لقد رأيت الشهيد محمد هواش يذهب إلى مكاتب التحقيق وهو يزحف على مرفقيه وركبتيه!!".
ومما جاء فى التحقيق:
- س- ما صلتك بسيد قطب؟!
- ج- أنا كنتُ أشوفه بيجي المركز العام للإخوان المسلمين يلقي محاضرات، إنما لم أتعرَّف عليه إلا فى السجن، وأحنا الاثنين أمضينا مدة العقوبة من سنة 1955م إلى أن أُفرج عنا فى سنة 1964م.
- س- ما الفكرة التي خرج بها سيد قطب عن "الحاكمية لله"؟!
- ج- هو قال إن موضوع الحكم حاجة من اثنين: إما حكم إسلامي وهو الحكم الذي تكون فيه الحاكمية لله وحده، أي يكون مصدر التشريع فيه الشريعة الإسلامية فقط والحكم بكتاب الله .. أو حكم جاهلي، وهو كل حكم يحكم بغير كتاب الله .. وأن علينا أن نوضح هذه الفكرة للمسلمين عمومًا والدعوة إلى إقامة حكم إسلامي.
- س- وما هو السبيل إلى إقامة المجتمع المسلم؟!
- ج- بالدعوة، أي بدعوة الناس وتفهيمهم لهذه الحقيقة، والاستدلال عليها من كتاب الله وسنة الرسول، ونظل ندعو حتى يكون الفرد قد أدى واجبه نحو الله وينجو من عقوبته.
- س- وما الحل في حالة عدم اقتناع الأفراد والمسئولين عن الحكم في البلاد في إقامة هذا المجتمع الإسلامي.
- ج- إحنا مش مكلَّفين بالنتيجة.. إحنا مكلفين بالواجب فقط وهو الدعوة وتكرارها.
- س- وما الحل إذا لم يقتنع القائمون على الحكم في البلاد بهذه النظرية؟!
- ج- الحكام مش دايمين، وعمومًا مفيش تفكير في الحاجة دي دلوقتي، وواجب علينا في الظرف الحاضر هو مجرد الدعوة وبعد كده نفكر ونشوف إيه الواجب اللي يعمل بعد كده.
- س- ما هو الواجب الذي يمكن عمله بعد ذلك؟!
- ج- المسألة متروكة للظروف؛ لأن كل ظرف يولد التفكير المناسب له.
- س- أليس المفهوم من كل ذلك أن الدعوة التي تنادون بها لإقامة مجتمع مسلم لا يمكن أن تقوم إلا بقلب نظام الحكم بالقوة واستعمال العنف؟!
- ج- المسألة متروكة لحجم المجموعة التي تقتنع بالفكرة وبالظروف، وجايز الحكام يقتنعون بذلك، وجايز الموضوع لا يحتاج إلى قوة، إنما إذا تحتَّمت القوة لإقامة المجتمع الإسلامي فلا مناصَ وقتها من استعمال القوة، إلا إذا كانت هناك طريقة أخرى لذلك، وجايز هذا الجيل ينتهي وتكون المرحلة الأولى لا تزال مجرد دعوة، وإحنا عندنا قدوة بالرسول- عليه الصلاة والسلام- في أنه كان يفكر في واجب اللحظة، ولم يفكر في المستقبل، وقعد 13 سنة يدعو إلى الإسلام فقط، وكان منهجه عدم التفكير في المستقبل، وترك الأمر للمستقبل هو الذي يحدد طريقة العمل، وانتهى به الأمر للقتال، ولكن يمكن ظروفنا إحنا تنتهي بنا إلى غير ذلك!!
المحكمة الهزلية وليلة التنفيذ
يقول الشهيد سيد قطب :"إن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة... وفي هذا الحادث انتصرت الفئة المؤمنة انتصارا يشرف الجنس البشري كله.. إن الناس جميعا يموتون، وتختلف الأسباب، ولكن الناس جميعا لا ينتصرون هذا الانتصار ولا يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذه التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق، إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده، لتشارك الناس في الموت، وتنفرد دون الناس في المجد في الملأ الأعلى، وفي دنيا الناس أيضا، إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة الأجيال بعد الأجيال، لقد كان في استطاعة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم، ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم، وكم كانت البشرية كلها تخسر؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير؟ معنى زهادة الحياة بلا عقيدة، وبشاعتها بلا حرية، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد.
قدم الإخوان للمحاكمة أمام الفريق الدجوى والذى سلم رفح للأسرائيلين عندما وقع فى الأسر عام 1956م أثناء العدوان الثلاثى، وعندما أطلق سراحه كانت مكافأته على ذلك أن عينه عبد الناصر قاضيا على رجال عرفوا العزة والكرامة فى وقت فقد الدجوى هذه العزة وهذه الكرامة.
تقول السيدة زينب الغزالى :"استيقظنا يوم المحاكمة وأخرجونا إلى المكاتب في انتظار العربات التي ستقلنا إلى المحكمة . وفى حوالي الثامنة امتلأت ساحة السجن الحربي برجال البوليس ضباطا وجنودا وكأنهم ذاهبون إلى ساحة القتال ، وجاءت عربة وصعدنا فيها وتكدس حولنا الحراس من ضباط وجنود وذهبنا إلى المحكمة وهناك أدخلونا القفص : كنا (43) ثلاثة وأربعين :
1 -سيد قطب .
2 - محمد يوسف هواش .
3 - عبد الفتاح إسماعيل .
4 - أحمد عبدالمجيد عبد السميع .
6 - مجدي عبدالعزيز متولي .
7 - عبد المجيد يوسف عبد المجيد الشاذلي .
8 - عباس سعيد السيسي.
9 - مبارك عبد العظيم محمود عياد .
10 – فاروق أحمد على المنشاوى .
11- محمد إسماعيل يوسف .
12 - ممدوح درويش مصطفى الديري .
13 - محمد أحمد محمد عبد الرحمن .
14 – جلال الدين بكرى ديساوي .
15 - محمد عبد المعطى إبراهيم الجزار .
16 - محمد المأمون يحيى زكريا .
17 - أحمد عبد الحليم السروجي .
18 - صلاح محمد محمد خليفة .
19 – السيد سعد الدين السيد شريف .
20 - محمد عبد المعطي عبد الرحيم .
21 – إمام عبد اللطيف عبد الفتاح غيث .
22- عبد العزيز العرفي سلام .
23 - فؤاد حسن على متولي .
24 - محمد أحمد البحيري .
25 - حمدي حسن صالح .
26 - مصطفى عبد العزيز الخضيري .
27 - السيد نزيلي محمد عويضة .
28 - مرسي مصطفى مرسي .
29 - محمد بديع عبد المجيد محمد سامي .
30 - محمد عبد المنعم شاهين .
31 - محمود أحمد فخري .
32 - محمود عزت إبراهيم .
33- صلاح محمد عبد الحق .
34 - حلمي محمد صادق حتحوت .
35 - إلهام يحيى عبد المجيد بدوي .
36 - عبدالمنعم عبدالرءوف يوسف عرفات .
37 - محمد عبد الفتاح رزق شريف .
38 - زينب الغزالي الجبيلي .
39 - حميدة قطب إبراهيم .
40 - محيى الدين هلال .
41 – عشماوي سليمان .
42 - مصطفى العالم .
وليعلم القارئ أن المكمل للعدد هو "علي عشماوي" الذي اعتبر شاهد ملك ببيعه دينه بحياة ذليلة . فلما دخلنا القفص وحضر من يسمونهم القضاة، نادى الدجوي أسماءنا واحدا واحدا سائلا كلا منا : هل لك اعتراض على المحكمة؟ .
ويجيب الأخ : ليس لي اعتراض على الأشخاص ، ولكنى أعترض على القانون الذي نحاكم به لأنه قانون جاهلي، ونحن لا نحتكم إلا لشرع الله ونصبت المحاكم وعندما سأل الدجوي الإخوان: هل لك اعتراض على هيئة المحكمة؟!
أجاب الشهيد سيد قطب: "لا أعترض على أشخاص المحكمة"، وكانت إجابة الإخوان مثل ذلك، إلا الشهيد محمد يوسف هواش وقف وقال: إنني كمسلم ومن وحي عقيدتي أرفض أن أتحاكم أو أُحاكَم إلى المحكمة لا تَحكمُ بمَا أنزل الله.. وهذه هي عقيدتي.
لم تستمر المحكمة كثيرا حتى أصدرت حكم الإعدام على الثلاثة:
1 : الاستاذ سيد قطب
2 : الشيخ عبد الفتاح إسماعيل
3 : الاستاذ محمد يوسف هواش
وفى ذلك تقول الحاجة زينب الغزالي: كان لا بد أن يصدر حكم الإعدام على الأستاذ سيد، وعلى تلميذه محمد يوسف هواش وعلى الشيخ عبدالفتاح إسماعيل، قال سيد عند صدور الحكم: (الحمد لله لقد جاهدت مدة خمسة عشر عاما حتى نلت هذه الشهادة)، وقال الشيخ عبد الفتاح: (فزت ورب الكعبة).
لقد ملك كل واحد منهما بصبره العجيب القلوب، حتى قلوب جلاديه، فلقد كان ضباط الحربي يقولون للشيخ عبد الفتاح: والله إن هذه البلد لا تستحقك، فأنت درة ضائعة في مصر.
تقول الحاجة فاطمة عبد الهادي :" حكم على زوجى محمد يوسف هواش بالإعدام مع الشهيدين سيد قطب وعبد الفتاح إسماعيل، وحضرت الجلسة الأخيرة، وسألت الشهيد سيد قطب: هل سينفذون حكم الإعدام؟ فرد عليها:
"إن كنا أهلا للشهادة هينفذوا، وإن لم نكن أهلا لها لن ينفذوا"، وقبل تنفيذ الحكم زرت زوجى في السجن الحربي، وتقدمت بتظلم من الحكم لرئيس الدولة، كما تقدم أيضًا أخوه الحاج أحمد بتظلم، لكنى فوجئت في الصباح وعلى صفحات الجرائد خبر يقول : "نفذ فجر اليوم حكم الإعدام في كل من سيد قطب إبراهيم و محمد يوسف هواش و عبد الفتاح إسماعيل "، فما زادنى ذلك إلاايمانا واحتسابًا لله، وعندما استكتبنى ضابط قسم مصر القديمة قرارا يعلمنى فيه بتنفيذ الحكم بكيت فقال لى: "إن الذي في باطن الأرض أمثال من أعدموا خير ممن على ظهرها"، ولم يُسلم زبانية هذا العهد الجثة لى".
رفض الشهداءسيد قطب و محمد يوسف هواش و عبد الفتاح إسماعيل أن يستنقذوا حياتهم بالاعتذار إلى قاتلهم، وتم إعدامهما.
رفض الثلاثة أن يستذلوا أنفسهم من أجل حياة وهم على يقين من أنها لا تعادل جناح بعوضة عند خالقها سبحانه وتعالى، كانوا يعرفون أن المحكمة التي حاكمتهم برئاسة الدجوي كانت أظلم المحاكم في التاريخ.
ولم يكتف عبد الناصر بإعدام هؤلاء الشهداء لكنه أصدر قرارا قال فيه :"لا يخرج واحد من الاخوان من السجن, من أنهى مدة السجن ينقل إلى المعتقل".
يقول شمس بدران بعد هروبه من مصر بجواز سفر دبلوماسي عن استشهاد سيد قطب و محمد هواش و عبد الفتاح إسماعيل:
"اتفقت مع الرئيس عبد الناصر أنه بعد صدور الأحكام في القضية يخفف أحكام الإعدام، ثم سافرت إلى لندن للعلاج، وهناك علمت أنه تمَّ تنفيذ الإعدام في ثلاثة، ولما عدتُ سألتُ، فعلمتُ أن الرئيس صدَّق على هؤلاء الثلاثة لأنه سبق الحكم عليهم في 1954م.
(وقد تألمتُ جدًا لإعدام هواش؛ لأنه من واقع التحقيقات لم يشترك في أي اجتماع للقيادة وأقصى ما يمكن أن يُتهم به هو أنه "علم ولم يبلغ").
وقلت للمشير: "لا بد أن أكلم الرئيس في موضوع هواش؛ لأنه لا يستحق الإعدام".
قال لي المشير: "بلاش لحسن الرئيس ضميره يتعبه.
خطابات بين هواش وزوجته
لقد كان الشهيد محمد يوسف هواش يتبادل الخطابات التربوية مع زوجته وأولاده وكان من خلالها يعلمهم أن الحياة لا قيمة لها وأن الدار الآخرة خير وأبقى وأنه على أعتاب الشهادة التى تمناها طوال حياته.
يوصيهم فى هذه الخطابات بالتمسك بكتاب الله وسنة نبية صلى الله عليه وسلم ويرسم لهم الطريق فى غيابه، ففى إحدى الخطابات يقول:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه ثم السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته وبعد.
هذه رسالتك الأخيرة بين يدي أستعيد قراءتها في حزن بالغ وأسى عميق، والحزن والأسى غير الغضب والحنق؛ فإن الأول لا يقطع رحما، ولا يفسد مودة، وإني لحريص جد حريص على رحمي فيك ومودتي لك وهما النعمتان أنعم الله بهما علي، غير أني لا أكتمك أني غضبت في أول الأمر، وقفزت إلى نفسي ذكريات كنت أحب أن يعفى عليها الزمن، وتطويها الأيام والأحداث، لهذا ترددت كثيرًا بين أن أكتب لك كلامًا شديدًا يحمل ثورة الغضب، وبين أن أصمت في تجمل كما يصمت الحزين الآسي، ولكني رأيتني مخطئًا في الحالتين؛ ففي الحالة الأولى قسوة عليك، وأنا الذي أحبك ولا أطيق إيلامك. وفي الحالة الثانية إهمال لك وإهدار لحقك علي في التوجيه والذكرى، وأخيرًا استشرت نفسي وزينت أن أكتب هذه العبارات التي تقرئينها، وهي كما ترين أقرب إلى العتاب والتذكرة منها إلى التعنيف والتأنيب، وأرجو أن أكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس..
اسمعي يا فاطمة إنني كنت –ولا زلت- أعتقد أنك قطعة من نفسي وبضعة من قلبي وروحي فهمًا عن القرآن الكريم، وإحساسًا بالفطرة التي فطر الله الناس عليها، فأنت بهذا من أعز الأحباب على الإطلاق لا قبل ولا بعد!!.. أشكرك.. وأعذرك في الوقت نفسه؛ فإن القلوب بيد الله يضع فيها من الحب ما يشاء لمن يشاء وله الحكمة البالغة.. إلا أنني أذكر فقط هذه واحدة، ولا أحب أن تخاطبيني فيها ولا تذكريها لغيري فإن الكلام فيها يفسد ولا يصلح..
أما الثانية فهو سؤال مُرٌ توجهت به إلى نفسي.. هل أصبح حظي عند زوجتي "زوجتي التي أحبها كل هذا الحب" هو مجرد العلم بالشيء فقط ولكني أعود فأقرر أنه سؤال لا أصل له في الواقع فقد أجبت عليه من قبل.. أجابتني عليه زوجتي الحبيبة.. أجابتني عليه إجابات عملية.. وما موضوع الاستمرار في العمل حتى الآن رغم أنفي إلا إحدى هذه الإجابات العملية.. أو لعلك تقولين: ما هذا العبث؟ فلو فرض وأطعتك وقعدت عن العمل من يوم تنازعنا عليه فمن أين كنا نأكل أنا وأولادك؟ ألا نحمد الله أن جعل لك زوجة عاملة تكد وتتعب لتنفق على نفسها وعلى أولادك. بل وعليك أنت نفسك، ألا تعقل يا رجل؟ إني أكاد أسمع هذه الكلمات تمتم بها شفتاك الجميلتان.. أو لعلي أكون واهمًا.
على كل حال غفر الله لنا ولك يا زوجتي.. غفر الله لك كل شيء حتى هذه الكلمات لو قلتيها، فإني الآن لا أحب أن أباغض أو أشاحن أحدًا من الناس فما بالك أنت.. ولكني أتجمل بالصبر وأحتسب على الله ما أكره، وأكل إليه الأمر يقضي فيه بحكمه وهو أحكم الحاكمين، على أني بعد هذا كله لا أبخسك حقك، ولا أنسى لك فضلك، وإني لذاكر لك جميل رعايتك لي ولأولادي ما حييت، وأرجو ألا أكون ممن ينسى معروفًا لإساءة، ولا ممن يغضي عن فضل لغلطة.
إذًا. استخرجي بطاقة شخصية كما شئت، واعملي ما أحببت، وافرضي أني لست موجودًا، أو "شرابة خرج كما يقولون"، أما أنا فسأظل على دعائي لك واستغفاري الذي لا ينقطع في سجودي والقيام.. أقول من كل قلبي: غفر الله لك يا أعز الأحباب على الإطلاق لا قبل ولا بعد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
زوجك القريب البعيدوفى خطاب آخر يرسله إلى ابنته سمية يقول لها فيه:
سمية.. ابنتي.. وفلذة كبدي.. وروح الفؤاد
سلام الله عليك يا بنيتي حيث أنت الآن، وحيث ما تكوني إذا قدر الله لك أن تكبري وتقرأي هذه النصيحة الخالصة لوجه الله، المهداة لأحب خلقه إلي وآثرهم لدي.
أمك المؤمنة الصادقة الحبيبة جاءتني بليمان طرة بهذا المصحف الشريف، ورغبت إلي في أن أقدمه إليك في عيد ميلادك كما يقولون! وأصارحك يا بنيتي بأني لا أعترف بهذا العيد ولا أقره، لأني لا أجده في هذا المصحف، ولا في سنة من أنزل عليه وعلينا، وكل ما ليس في هذا المصحف ولا في سنة الذي أنزل عليه صلى الله عليه وسلم فهو جاهلية.. هذا عيد الميلاد، وذاك عيد الأم، وعيد الثورة، ثم عيد الدستور، وشم النسيم، كل ذلك، وكل أمر الناس اليوم جاهلية.. وما كان لأبيك يا سمية الذي أسلم وجهه ودينه وكل أمره لله أن يتورط في جاهلية قومه إلا أن يشاء ربه شيئًا (وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الأعراف: 89]، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإني أرجو يا سمية أن تشعري أنه ليس هناك أمر من أمور هذه الدنيا يستحق أن يحتفل به لذاته، ومن هذه الأمور وعلى رأسها ميلاد الإنسان نفسه، فالشأن فيه موقوف على ما بعده، والعبرة بما تكون عليه حياة المولود من قربه من الله تعالى أو بعده عنه سبحانه.
ولقد انبلجت هذه الحقيقة، وشع نورها من القلب الرباني الخالص، قلب الخليفة الراشد الهادي المهدي ترجمان العارفين ولسان الصادقين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يوم وقف ممسكًا بلحيته الشريفة وهو يرتعد من الله فرقا ويمتقع وجه الكريم خوفا فيقول: "ليت عمر لم تلده أمه".. أدرك عمر الحبيب أن ميلاده بداية تنتهي به إلى يوم الحساب، يوم يسأل فيه الصادقون عن حقيقة صدقهم (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [الأحزاب: 8] ، والصادقون في أعلى مراتب البشر، فكيف بغيرهم؟!!
هذا هو عمر بإيمانه ومعرفته، ولكن الناس اليوم يحتفلون بالحياة، أي حياة! وصدق الله العظيم (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [البقرة: 96]، على أني مع هذا لا أجد مانعًا من أن أقدم إليك هذا المصحف في مناسبة خليقة بالاحتفاء والتعظيم، ذلك هو شهر رمضان المعظم، الذي أنزل فيه هذا الكتاب.. وهنا تمتلئ النفس ويفعم القلب، وتستعجم العبارة.
ولا أجد ما أقوله إلا وصية أبي وأبيك إبراهيم، وقد حكاها الله تعالى في قوله: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132].
الإسلام يا سميتي الحبيبة إسلام النفس والوجه والأمر كله، أمر الدنيا والآخرة لله رب العالمين، وهذا الحق مركوز في فطرة الإنسان من أول الخلق، بل في فطرة الوجود كله، سمائه وأرضه، وما بينهما، وكل شيء شاء الله بعد..
وفي هذا الكتاب الكريم يا بنيتي تفسير هذا الحق وتفصيل كل شيء.. فدونك يا سمية وصية أبينا إبراهيم الأواه الحكيم، وسنة نبينا المصطفى الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه.
واذكري أباك وأمك يا سمية بالدعاء الصالح. والسلام عليك يا بنيتي ورحمة الله وبركاته.
ليمان طرة في السادس والعشرين من رمضان 1376هـ
أبوك.......................فأجابته ابنته سمية بخطاب جاء فيه
أبي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – وبعد
أبي إني أكتب لك هذا الخطاب بعد أن صليت العشاء، أبي إن الله أعطاني نعمة عزيزة عليّ جدًا أحسن من الدنيا كلها هي الصلاة وطاعة أمي.
أبي أحب أن أقول لك إني عندما أقابل الله الخمس مرات بأدعو وأنا ساجدة إن يا أبي يفرج عليك الله وتيجي معانا البيت ونعيش في سرور.
وأحب أن أقول لك إن أمي عملت لي طرحة جميلة للصلاة وجنلة طويلة والجميع يسلمون عليك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ابنتك: سمية محمدبهذا ختم الشهيد محمد يوسف هواش حياتة بالشهادة التى كان يرجوها من الله.
المراجع
1-حوار شخصى مع الحاجة فاطمة عبدالهادي يوم 15/ 3/ 2007م.
2-جابر رزق: مذابح الاخوان في سجون ناصر، دار اإعتصام، 1977م.
3-يوميات الشهيد محمد يوسف هواش: مجزرة القرن العشرين، دار الأنصار، 1978م.
4-خطابات من طرف الحاجة فاطمة عبدالهادي.
5-أيـام من حيـاتي....زينب الغزالى ، دار التوزيع والنشر الاسلامية.
6-أحمد عبدالمجيد عبدالسميع: تنظيم 1965م، الزهراء للاعلام العربى.
7-الإخوان المسلمون في سجون مصر (من عام 1942م-1975م) ،محمد الصروي ، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1427 هـ -2006م.
ألبوم صور