من صحيفة أخبارنا في الماضي
- بسم الله الرحمن الرحيم
- ((ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ))
- صفحتنا بيضاء نقية أبية
- (( ويستمر العطاء ))
- ما أشبه الليلة بالبارحة
القضاء الإداري يقرر الإفراج عن 13 من رهائن العسكرية
قضت محكمة القضاء الإداري اليوم 12/07/2009 برئاسة المستشار محمد عطية نائب رئيس مجلس الدولة بإلزام وزارة الداخلية الإفراج عن ثلاثة عشر من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ممن تمَّ الحكم عليهم في القضية العسكرية الأخيرة، وأتموا ثلاثة أرباع مدة العقوبة.
ويأتي على رأس هؤلاء المحكوم عليهم: د. محمد علي بشر (الأستاذ بكلية الهندسة وعضو مكتب إرشاد الجماعة والأمين العام السابق لنقابة المهندسين)، واثنا عشر آخرون هم: د. فريد علي أحمد جلبط (أستاذ القانون الدولي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر)، د. محمود أحمد محمد أبو زيد (الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة)، المهندس أيمن أحمد عبد الغني حسانين (مهندس مدني بشركة المقاولون العرب)، د. صلاح الدسوقي عامر مراد (أستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر)، د. عصام عبد المحسن عفيفي محمد (أستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر)، المهندس ممدوح أحمد عبد المعطي الحسيني (مهندس حر)، سيد معروف أبو اليزيد مصبح (محاسب بشركة عمر أفندي)، فتحي محمد بغدادي علي (مدرس رياضيات)، مصطفى محمد محمد محمود سالم (محاسب قانوني)، المهندس مدحت الحداد (رجل أعمال)، د. عصام حشيش (الأستاذ بكلية هندسة القاهرة)، الدكتور ضياء فرحات (رجل أعمال).
وفي أول تعليقٍ له على الحكم، قال عبد المنعم عبد المقصود محامي الإخوان: “إن هذا تأكيدٌ على أن مجلس الدولة سيظل حصنًا للحريات وملاذًا للمظلومين، والحكم انتصار للحريات، وإعادة لحقوق هؤلاء المسلوبة حرياتهم منذ 3 سنوات، وانتصر القانون والدستور لحريتهم وحقوقهم”.
وطالب عبد المقصود السلطات الحكومية بسرعة تنفيذ هذا الحكم، وعدم التحايل عليه؛ لأن من شأن تعطيل هذا الحكم هو إشعار هؤلاء المحكوم عليهم أنَّ القانونَ لا ينفذ، وهو ما يُثير كثير من علامات الاستفهام حول مماطلة سلطات الحكومية تنفيذ أي حكم صدر لهؤلاء المحكوم عليهم.
لجنة الحريات بنقابة المحامين تهدد بالنزول للشارع
- لجنة الحريات بنقابة المحامين تهدد بالنزول للشارع إذا لم تفرج الداخلية عن معتقلي قضية التنظيم الدولي للإخوان
نظمت لجنة الحريات بنقابة المحامين، في 4 – 8 - 2009 وقفة احتجاجية أمام مقر النقابة طالبت فيها أجهزة الأمن بالإفراج عن معتقلي الإخوان الذين تم اعتقالهم في القضية المعروفة بـ”قضية التنظيم الدولي للإخوان”.
وردد المحتجون، الذين حملوا في الوقفة صورًا للدكتور محمود حسين، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور جمال عبد السلام، والمهندس على عبد الفتاح، ورضا فهمي، ومحمود البرة، والدكتور أشرف عبد الغفار، والدكتور حسام أبو بكر، والدكتور محمد سعد عليوة، والدكتور أسامة نصر، هتافات “إحنا في دولة ولا في غابة .. إحنا بقينا في وسط عصابة”.
من جانبه، قال جمال تاج، الأمين العام للجنة الحريات، إن عملية الاعتقال جاءت تنفيذًا لأجندة “أمريكية ـ صهيونية” من خلال اتهامات مفبركة، عربونًا من نظام الحكم لتمرير التوريث... وأضاف تاج الدين: في حالة استمرار نظام الحكم على موقفه فإن صبرنا قد ينفذ، فنحن لا نقبل أن يعرض إخواننا لهذا الظلم، مهددًا بالنزول إلى الشارع في حالة استمرار اعتقال قيادات الجماعة.
وأكد الدكتور مجدي قرقر، الأمين العام المساعد لحزب العمل، أن الاتهامات التي وجهت لقيادات جماعة الإخوان هي ذات الاتهامات التي وجهت لمجدي حسين، أمين عام حزب العمل، والمتمثلة في مناصرتهم للعمل الوطني، ودعم قطاع غزة من خلال لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء وهي تهمة تشرف من يتهم بها.
وأضاف خالد بدوي، عضو مجلس نقابة المحامين السابق، أن لجنة الحريات كانت ننتظر أن يشارك وقفتها شعب مصر الذي فقد الأمل في النظام وأولى الأمر بالبلاد.
الدكتور محمود عزت لن نساوم على المبادئ والغايات مهما كانت التضحيات
فى ظل مسلسل التشويه الإعلامي الذى تنتهجه وسائل الإعلام الحكومية وبعض الوسائل الإعلامية المستقلة المهادنة للنظام، أبرزت تلك الوسائل الإعلامية فى عناوينها الرئيسية شائعات حول صفقات جماعة الإخوان المسلمين مع النظام حول تخفيض أعداد المرشحين فى إنتخابات مجلس الشعب القادمة مقابل الإفراج عن قيادات الإخوان المعتقلين، بالإضافة إلى شائعات أخرى بطلب الإخوان عمل هدنة مع النظام .
صرح د.محمود عزت – أمين عام جماعة الإخوان المسلمين – رداً على تلك الشائعات أنه ليس فى منهج الإخوان المساومة على المبادئ والغايات مهما كانت المواقف والتضحيات، لكننا نقبل ونرحب بإجراء حوارات مع قيادات ورؤوس النظام دون شروط .
و قال عزت: الجميع يتحدث عن صفقات مقابل الترشح فى انتخابات البرلمان المقبلة، و لكن سيرى الجميع ماذا سيفعل الإخوان خلال الانتخابات البرلمانية القادمة .
من جانبه يرى د. محمد مرسي – مسئول الملف السياسى للجماعة بمكتب الإرشاد – أن ما تم نشره بعدد من وسائل الإعلام حول صفقة بين الإخوان و النظام كذب وافتراء وعارٍ عن الصحة، مشيراً إلى أن الجماعة ليس لديها ما تخفيه أو تعقد من أجله الصفقات السرية .
وأضاف د. محمد مرسي أن الإخوان يضعون صالح مصر نُصب أعينهم في كل القرارات التي يتخذوها، وأنهم يعلمون جيدًا أن طريق الإصلاح طبقًا للمنهج الإسلامي ليس سهلاً، ومن أجله يتحملون الاعتقالات والضغوط والتنكيل، باعتبارها حلقة من حلقات تحرير مصر من الاستبداد والديكتاتورية.
الدكتور الكتاتني: لا جدوي من مساءلة الداخلية والحكومة عن اعتقال أبوالفتوح وإخوانه

النيابة لم تستدعنا أو تطلب رفع الحصانة عنا وأتحدي الحكومة أن تقدم دليلاً واحداً في قضية التنظيم الدولي
أكد الدكتور محمد سعد الكتاتني- رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين- أنه لا جدوي من تقديم أي أسئلة أو طلبات إحاطة لوزير الداخلية أو لرئيس الوزراء عن حملة الاعتقالات التي تشنها أجهزة الأمن ضد قيادات الإخوان والتي طالت قيادات وأعضاء بمكتب الإرشاد مثل الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والدكتور محمود حسين والدكتور أسامة نصر.
وقال الدكتور الكتاتني لـ «الدستور» إن أي سؤال أو طلب إحاطة يتم تقديمه حالياً، خاصة أن البرلمان في أجازة حتي نوفمبر القادم لن يرد عليه وزير الداخلية أو رئيس الوزراء قبل شهرين علي الأقل حيث إن الردود علي الأسئلة وطلبات الإحاطة تستغرق وقتاً طويلاً في فترة الأجازة.... وأضاف: إنه لا يري أي جدوي من مساءلة الداخلية أو الحكومة لأن ردودهم علي الأسئلة وطلبات الإحاطة معروفة لنا مقدماً وتعودنا علي سماعها منهم حيث يبررون الاعتقالات والقمع والتعسف بأنهم ينفذون بنود ومواد قانون الطوارئ الذي أقره ووافق عليه نواب البرلمان، وأشار الكتاتني إلي أن قضية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والتي ورد اسمه بها هو والنائبان [[سعد الحسيني]] و حسين إبراهيم فإن النيابة صاحبة الاختصاص الأصيل في تطبيق القانون ولم توجه له أو لزملائه النواب الآخرين أي اتهامات في القضية كما لم توجه لهم أي طلب لاستدعائهم علي ذمة القضية خاصة أن مجلس الشعب لم يتلق أي طلب لرفع الحصانة عنه وزملائه.
وأكد أن القضية المسماة إعلامياً بقضية التنظيم الدولي هي قضية سياسية بامتياز وتحدي الحكومة، وقال إنها لا تستطيع أن تقدم أي دليل علي اتهاماتها المزعومة في القضية لأنها لا تملك أي أدلة لعدم وجودها من أساسه.
وعن إمكانية فتح قنوات للحوار بين الحكومة و الحزب الوطني من جهة وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخري للتنسيق والتفاهم قبل انتخابات مجلس الشعب القادمة قال الكتاتني إنه لم يحدث أي اتصال بين الإخوان وأي جهة سواء في الحكومة أو الحزب الوطني بخصوص الانتخابات البرلمانية القادمة أو أي قضية أخري، مشيراً إلي أن التصريحات التي صدرت عن قادة جماعة الإخوان عن الحوار والتفاهم ليست جديدة، مؤكداً أن باب الحوار مفتوح.
تجاهل القضاء.. شعار النظام ضد الإخوان في "يوليو"!
- استشكال ضد الإفراج عن رهائن العسكرية
- ضم 5 قيادات إلى مجموعة د. أبو الفتوح
- تضامن سياسي وحقوقي مع المعتقلين
- أبناء المعتقلين.. وجه مشرِّف لحملات شرسة
- اعتقال 11 وإطلاق سراح 27 وتجديد حبس 14
واصلت الحكومة وأجهزتها الأمنية تحديها للقانون وللأحكام القضائية الصادرة بحق المعتقلين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين خلال شهر يوليو الماضي، في صورة مشوهة باتت أمرًا طبيعيًّا لدى نظام يشكل الفساد والاستبداد دعائمه الرئيسية.
وشهدت القضية (404 حصر أمن دولة عليا) المعروفة إعلاميًّا بقضية “التنظيم الدولي للإخوان”؛ فصلاً جديدًا من فصولها الباهتة، وضُم إليها خلال شهر يوليو 5 من الشرفاء، أربعة منهم حصلوا على أحكام قضائية بالإفراج تحدتها وزارة الداخلية كالعادة!، وفي القضية نفسها حددت محكمة القضاء الإداري تاريخ 27 سبتمبر المقبل موعدًا لنظر دعوى الإفراج الصحي عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أمين عام اتحاد الأطباء العرب وعضو مكتب الإرشاد.
ولم تستجب إدارة سجن قنا العمومي لمناشدات الدكتور محمود حسين عضو مكتب الإرشاد وإخوانه المرضى بالإفراج الصحي عنهم، أو نقلهم إلى مكان آخر، تتوافر فيه الإمكانيات الطبية اللازمة؛ مراعاة لحالتهم الصحية المزرية.
وكانت أبرز محطات مخالفة القانون وتحدي أحكام القضاء؛ هو الاستشكال الذي تقدَّمت به الحكومة على حكم محكمة القضاء الإداري في 12 يوليو بالإفراج الشرطي عن 13 من قيادات الإخوان المسلمين ممن تمَّ الحكم عليهم في القضية العسكرية الأخيرة، وأتموا ثلاثة أرباع مدة العقوبة.
وقدَّمت الحكومة استشكالها أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في عابدين غير المختصة، وهو ما وصفه عبد المنعم عبد المقصود رئيس هيئة الدفاع عن رهائن العسكرية بـ”غير القانوني”، مؤكدًا أن هذا الاستشكال رغم عدم قانونيته وتلاعبه بالقانون إلا أنه لا يوقف قرار الإفراج الشرطي.
فيما أكد المستشار عبد المنعم السحيمي رئيس محكمة استئناف القاهرة أن اتجاه الجهات الحكومية إلى مثل هذا الاستشكالات يمثل خروجًا حكوميًّا على القانون، ويهدف في نهاية الأمر إلى إطالة أمد التقاضي لعلم المستشكل المبدئي أن استشكاله أمام غير ذات الجهة التي أصدرت القرار نهايته عدم الاختصاص.
القضية 404
واستمرارًا للحملات الأمنية الشرسة التي طالت العديد من قيادات وأعضاء الإخوان في أواخر شهر يونيو الماضي؛ وفي مقدمتهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أمين عام اتحاد الأطباء العرب، وعضو مكتب الإرشاد، تحدَّت وزارة الداخلية أحكام القضاء بالإفراج عن 4 من قيادات الإخوان، وضمتهم نيابة أمن الدولة العليا في أول يوليو إلى القضية (404 لسنة 2009م حصر أمن دولة عليا) المعروفة إعلاميًّا بقضية “التنظيم الدولي للإخوان”.... والأربعة هم: خالد السيد البلتاجي (القاهرة)، وعادل عبد الرحيم عفيفي (الجيزة)، ومحمد طه وهدان نائب مسئول المكتب الإداري لإخوان الإسماعيلية، والمهندس أحمد عباس (رجل أعمال)، وكانوا ضمن مجموعة الـ”19” المعتقلين على خلفية حملة مداهمات لمنازلهم في الثالث من مارس الماضي.
كما ضمت النيابة في 4 يوليو إلى القضية الدكتور أشرف عبد الغفار أمين عام مساعد نقابة الأطباء، ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية، بعد احتجازه في مطار القاهرة الدولي (المطار القديم).
وفي 14 يوليو تقدَّم مختار نوح محامي اتحاد الأطباء العرب بدعوى الطعن بالإفراج الصحي عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، وعضو مكتب الإرشاد ضد كلٍّ من النائب العام ووزير الداخلية ومدير مصلحة السجون بصفتهم، وهي الدعوى التي شهدت انضمام عددٍ كبيرٍ من رجال القانون البارزين لهيئة الدفاع عنه؛ منهم: الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون، والدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري، والدكتور صلاح صادق، وعصام الإسلامبولي، وكامل مندور، والنائب سعد عبود.
وحدَّدت محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولي أفراد تاريخ 27 سبتمبر المقبل موعدًا لنظر الدعوى.
فيما أكد الدكتور أحمد إمام مدير عام نقابة الأطباء أن المستشار عبد المجيد محمود النائب العام قال إنه يدرس احتمالية الإفراج الصحي عن د. أبو الفتوح بعد لقاء جمعه في 27 يوليو بالدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء والرئيس الشرفي لاتحاد الأطباء العرب.
وبعد نقل د. أبو الفتوح إلى مستشفى قصر العيني الجديد في 13 يوليو تواصل تضامن القوى السياسية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني معه للمطالبة بالإفراج عنه لسوء حالته الصحية؛ حيث تقدَّمت في هذا الإطار لجنة الحريات بنقابة المحامين ببلاغ إلى النائب العام، كما طالب بذلك كل من: المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وحزب الكرامة، وحركة كفاية.
أبناء مشرِّفون
ووسط الحملات الأمنية المتلاحقة خرجت طليعة أبناء المعتقلين ممن تفوقوا في شهادة الثانوية العامة يهدون تفوقهم لآبائهم المعتقلين، متعهدين بمزيد من الثبات والتفوق؛ حيث حصل أحمد نجل المهندس أسامة محمد سليمان أحد قيادات الإخوان بمحافظة البحيرة، والمعتقل في قضية “فارس بركات” على 405.5 درجة بنسبة 98.9%.
كما حصلت مهجة كريمة الدكتور عصام عبد المحسن عفيفي الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، ورهين المحكمة العسكرية في الثانوية الأزهرية على نسبة 97.8%، وكان ترتيبها الأول على المعهد الأزهري والرابع على محافظة الجيزة.
ونجح عمرو نجل الكاتب الإسلامي وليد شلبي المعتقل ضمن مجموعة الـ13 بتفوق في الثانوية العامة؛ بمجموع 97.5% علمي رياضة، وأهدت إسراء “كريمة” الدكتور ضياء فرحات أحد رهائن العسكرية والمحكوم عليه بالسجن 3 سنوات في القضية العسكرية الأخيرة؛ نجاحها إلى كل رهائن العسكرية الذين غيبتهم السجون؛ حيث حصلت على مجموع 91% أدبي في الثانوية العامة.
كما أهدت الابنة الثانية جهاد والدها د. فرحات نجاحها بامتياز في الفرقة الثانية بالأكاديمية البحرية إلى أبيها، متمنيةً أن يخرج لهم سالمًا غانمًا ليشهد هذا النجاح بنفسه.
جحيم سجن قنا!
ولم تتوقف معاناة الدكتور محمود حسين عضو مكتب الإرشاد وإخوانه المرضى والمعتقلين في سجن قنا العمومي؛ حتى مع تقدُّم المحامين ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود في 15 يوليو؛ للمطالبة بالإفراج الصحي عن 6 من قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين في سجن قنا العمومي؛ نظرًا لسوء حالتهم الصحية، ومعاناتهم من أمراض مختلفة.... وتضم المجموعة كلاًّ من: الدكتور محمود حسين عضو مكتب الإرشاد، والدكتور محمد كمال (أستاذ الأنف والأذن بجامعة أسيوط)، وسيف الدين مغربي (القيادي الإخواني بقنا)، وهمام علي يوسف (إخوان سوهاج)، والدكتور علي عز الدين ثابت (أستاذ الرمد بجامعة أسيوط)، وخلف الله البهنساوي (موظف بالتربية والتعليم).
يُضاف إليهم خمسة آخرون اعتقلوا جميعًا إثر حملة مداهمات في 19 يونيو الماضي؛ وهم: عمار حسن حنفي (مفتش أول بآثار الأقصر)، وعبد الله مخلوف (موظف بمصنع كيما بأسوان)، وسيد عبد الله (موظف بمدارس الدعوة بسوهاج)، وجمال علي سليم، والدكتور خالد السايح (أحد قيادات الإخوان بقنا).
سجن المرج
وعلى الرغم من تهديد 9 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحبوسين على ذمة القضية (رقم 404 لسنة 2009م حصر أمن دولة عليا) بالدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، وعدم الخروج لتحقيقات النيابة؛ احتجاجًا على تعنت إدارة سجن المرج ضدهم، إلا أن الإدارة واصلت تعنتها معهم؛ حيث منعت دخول الثلاجة التي تبرعت بها نقابة الأطباء للمعتقلين؛ وهو الأمر الذي أدَّى إلى فساد جميع الأطعمة التي ترد للمعتقلين من أسرهم... ولم تكتف إدارة السجن بذلك، بل تفرض قيودًا ووسائل تضييق كثيرة على دخول (الأنسولين) للمعتقلين المصابين بمرض السكر، فضلاً عن منع دخوله في أحيان كثيرة، الأمر الذي يعرِّض حياتهم للخطر.
وتتعمد الإدارة احتجازهم في زنزانة منفردة تقع في آخر السجن لمنع اختلاطهم بأحد، فضلاً عن تخفيض ساعات الخروج من الزنزانة من 8 ساعات إلى ساعتين فقط؛ حيث تسمح للجنائيين بالخروج من الساعة الثامنة صباحًا إلى الرابعة عصرًا، في حين لا تترك معتقلي الإخوان يخرجون سوى من الساعة 10 صباحًا إلى 12 ظهرًا.
وتضم المجموعة كلاًّ من: د. جمال عبد السلام (مدير لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب)، ورضا فهمي (رجل أعمال- شمال القاهرة)، وعبد الرحمن الجمل (خبير تربوي- الغربية)، ود. علي علي الحديدي (طبيب بيطري- بورسعيد)، والدكتور أشرف عبد الغفار (أمين عام مساعد نقابة الأطباء ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية)، والمهندس [[خالد السيد البلتاجي]] (القاهرة)، وعادل عبد الرحيم عفيفي (الجيزة)، ومحمد طه وهدان أستاذ بكلية الزراعة (إخوان الإسماعيلية)، م. أحمد عباس.
قرارات الإفراج
وفي إطار أحكام القضاء بالإفراج عن قيادات وأعضاء الإخوان المعتقلين أصدرت محكمة جنايات القاهرة في 25 يوليو قرارًا بالإفراج عن كلٍّ من د. هشام الصولي (من قيادات الإخوان بالإسماعيلية)، وعلاء الديب (أحد قيادات الإخوان بالمحافظة)، ود. عادل مصطفى، وسعيد محمود (من قيادات الإخوان بمحافظة شمال سيناء) بعد التظلم على قرار الاعتقال الذي صدر بحقهم في 21 يونيو الماضي، إلا أنهم مازالوا محتجزين إلى الآن؛ انتظارًا لاستشكال وزارة الداخلية على قرار الإفراج.
وفي 25 يوليو أيضًا أصدرت محكمة جنايات القاهرة قرارًا بالإفراج عن كلٍّ من مسعد السيد علي قطب (أحد قيادات الإخوان بمحافظة الغربية)، وعثمان محمد النادي الليثي (أحد قيادات الإخوان بأسيوط)، واللذين كانا ضمن مجموعة الـ19 الذين اعتقلوا في حملة مداهمات لمنازلهم في 3 مارس الماضي، وأُفرج عن 13 منهم، فيما تمَّ ضم 4 آخرين إلى مجموعة الدكتور أبو الفتوح في القضية (404 لسنة 2009 حصر أمن دولة عليا).
وفي 29 يوليو أصدرت محكمة جنايات القاهرة قرارًا بالإفراج عن كلٍّ من الدكتور أمير بسام (أحد قيادات الإخوان المسلمين بمحافظة الشرقية)، والمهندس السيد حزين (عضو مجلس الشعب السابق وأحد قيادات الإخوان بالمحافظة)، وحُددت جلسة 10 أغسطس الجاري لنظر استشكال وزارة الداخلية على قرار الإفراج عن د. بسام، فيما لم تحدد جلسة لحُزين.
قرارات اعتقال
وفي تحدٍّ سافر لأحكام القضاء المصري، واستمرار لحملة التصعيد ضد الإخوان المسلمين أصدرت الأجهزة الأمنية في 7 يوليو أمر اعتقال جديد لـ3 من إخوان الفيوم، على الرغم من قرار محكمة جنايات بني سويف الإفراج عنهم ضمن 6 من إخوان المحافظة، فيما أُطلق سراح الثلاثة الآخرين... والمعتقلون هم: شعبان عويس (مدير مدارس الفاروق الخاصة)، وعاطف غرياني (وكيل مدرسة)، وعمر يوسف حامد (مدير إداري بنقابة أطباء الفيوم).
وأصدرت وزارة الداخلية في 20 يوليو قرار اعتقال لـ8 من إخوان البحيرة الذين تمَّ احتجازهم على ذمة القضية رقم 4916 لسنة 2009م، المعروفة بـ”قضية فارس بركات”، رغم قرار محكمة جنايات الإسكندرية إخلاء سبيلهم... والمعتقلون هم: أسامة محمد إبراهيم سليمان، وهاني محمد جابر البكاتوشي، ومحمود عبد النظير محمد عتمان، ومحمد أحمد عبد الموجود محمد، ومجدي زكي عطية عودة، ومحمد ممدوح علي سلمان، وأشرف محمد نجيب الكاتب، ومحمد عبد المنعم إبراهيم زيدان، وتمَّ ترحيلهم إلى سجن برج العرب.
إطلاق سراح
في الأول من يوليو أطلق جهاز مباحث أمن الدولة بمحافظة المنوفية سراح 9 من إخوان المحافظة؛ بعد احتجاز دام 5 أيام في مقره، على الرغم من قرار محكمة جنح مستأنف شبين الكوم الإفراج عنهم، بعد اعتقالهم فجر الأربعاء 17 يونيو الجاري في حملة دَهْمٍ واسعة.
والمفرج عنهم هم: محمد السقا (مدير عام بمديرية القوى العاملة)، والدكتور ياسر حشكيل (دكتوراه في علم النفس)، وجمال شعبان (مدرس ثانوي- شبين الكوم)، ولبيب الشناوي (مدير نقابة المهندسين الفرعية بالمحافظة)، وعماد راشد (محاسب بنقابة المهندسين)، وأشرف هلال (تاجر)، وحلمي أبو النصر (موجه بالتربية والتعليم)، وصبحي موسى عبد الله (موجه ثانوي)، وأحمد عامر.
وبعد أكثر من أسبوع من الاحتجاز بمقر أمن الدولة بالفيوم أطلق الجهاز في 2 يوليو سراح 6 من إخوان المحافظة، بعد قرار نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيلهم في 23 يونيو الماضي، وهم: د. محمد مكاوي (طبيب)، ود. محمد فتحي(صيدلي)، وربيع سمير (مدرس)، وحنفي محمود (مدرس)، وأحمد السيد شحات (مدرس)، ود. محمد أحمد بدر (طبيب بيطري).
كما أُطلق سراح 3 كانوا ضمن المجموعة، وهم: محمد سيد عبد الرحمن (موظف)، ود. أحمد محسن، وأسامة صالح (طالب).
وفي 31 يوليو أطلقت أجهزة الأمن بالبحيرة سراح 9 من إخوان المحافظة المحتجزين على ذمة القضية رقم 4961 لـ 2009م، والمقضى بإخلاء سبيلهم منذ 5 أيام، وتمَّ احتجازهم قسرًا بمقر أمن الدولة بدمنهور في غرفة لا تتعدى مساحتها 3 أمتار× 2.50، وبدون دورة مياه، ولا يوجد بها ثمة تهوية.
والمفرج عنهم هم: سعيد مبروك السيد، سيد حسن سالم البكاتوشي، علي عبد الفتاح محمد الشيخة، علي أنور أحمد نصر، خالد محمود مليجي علي، أحمد حسنين أحمد حجازي، محمد محمد إسماعيل العريان، أحمد عبد الفتاح إسماعيل الصماد، أحمد علي غنيم وهبة.
ولم يصدر قرارٌ بعد بشأن كلٍّ من: محمد العيسوي محمد الذهبي، محمد حسن السيد أبو حسن، عبد الحكيم عبد الرءوف حسن سليمان، محمد عبد الحكيم عبد الرشيد عبد المعوض، أبو الفتوح محمد أبو اليزيد أبو الفتوح، عماد محمد فتحي عبد الحافظ، أحمد علي حسين عيد، محمد حسن محمود السخاوي، والذين ما زالوا محتجزين بمقر أمن الدولة بدمنهور.
تجديد حبس
قرَّرت نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس في 11 يوليو تجديد حبس 5 من الإخوان المسلمين بالفيوم لمدة 15 يومًا.
الخمسة هم: أحمد إبراهيم بيومي، وأنور شعبان، ومحمد علي إسماعيل، وسيد عمران، وطه طه.
ذكر أنه تمَّ ضم 3 من معتقلي الفيوم إلى هؤلاء الخمسة، على الرغم من قرار محكمة جنايات بني سويف الإفراج عنهم يوم الخميس الماضي.
وفي 22 يوليو جدَّدت نيابة الزقازيق الكلية حبس 9 من إخوان مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية 15 يومًا؛ على خلفية الانضمام لجماعة الإخوان، وذلك بعد رفض محكمة جنايات الزقازيق في 5 يوليو الجاري قرارَ محكمة جنح مستأنف إخلاء سبيلهم... والمعتقلون هم: صلاح عبده محمد، وأسامة إبراهيم عاشور، وميسرة محمد محمود، ونافع محمد منصور، ومحمد السيد إمبابي، ومحمد السعيد الشريف، وعمرو عزت، وأحمد محمد سليمان، وعبد الرحمن السيد خليل.
مداهمة
ودهمت قوة من مباحث أمن الدولة بمحافظة شمال سيناء مساء 7 يوليو منزل بسام عادل أحد قيادات الإخوان المسلمين بمدينة العريش، واحتجزت والده المسِّن، ولم يفرج عنه إلا ظهر اليوم، بعد تعهده بإبلاغ نجله بتسليم نفسه عند حضوره إلى المنزل.
وانطلقت القوة في المنزل تدمِّر كل ما تجده في طريقها بأسلوب همجي، على الرغم من عدم بحثها عن شيء معين، أو استيلائها على أموال أو أجهزة كمبيوتر، كما هو معتاد في الحملات الأمنية المتكررة ضد أبناء الجماعة.
استهداف الرحلات
ولم تسلم معسكرات الشباب الصيفية من قبضة الأجهزة الأمنية خلال شهر يوليو الماضي؛ حيث ألقت قوات الأمن في 19 يوليو القبض على رحلة ترفيهية، مكوَّنة من 23 طالبًا بالمرحلة الثانوية و6 مشرفين وسائقين، أثناء وجودهم بمدينة الإسماعيلية؛ حيث اعتقلت المشرفين الستة، ورحَّلتهم إلى سجن وادي النطرون، وقامت باستجواب الطلبة والاتصال بآبائهم للحضور إلى الإسماعيلية لاستلام أبنائهم، كما قامت بإطلاق سراح السائقَين... والمعتقلون هم: عصمت عبد الحميد عبد العزيز، وهشام محمد الصغير، وإسماعيل فاروق، ومحمد أحمد السيد، ومحمد خليفة أبو دهب، وأحمد عبد العال عبد اللطيف.
فيما رحَّلت 5 مدرسين إلى معتقل وادي النطرون، بعد اعتقالهم خلال إشرافهم على رحلة صيفية لمدرسة الإيمان بدمياط.... والمعتقلون الخمسة هم: محمد حسن أبو سمرة “مدير المرحلة الإعدادية بمدارس الإيمان”، وفكري سامي قدري “وكيل النشاط بالمرحلة الإعدادية”، ومحمد السيد المرسي “وكيل المرحلة الإعدادية”، ومحمد محمد دعبس “مدرس لغة إنجليزية”، وأحمد محمد أبو السعود “مدرس رياضيات
د. محمود عزت يكتب عن: عبد المنعم أبو الفتوح والقضية الفلسطينية
نشرت جريدة (الدستور) عدد الأحد 19/7/2009م أن سقف جامعة الدول العربية انخفض ليطالب ببقاء أبو الفتوح في منزله بدلاً من الإفراج عنه؛ فماذا كان يفعل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح؟ وما هو المطلوب من سجنه أبو بقائه حبيسًا في منزله؟
إن السبب هو ما شارك به اتحاد الأطباء العرب في دعم القضية الفلسطينية ضمن جهود الشعب المصري، وفي القلب منه الإخوان المسلمون؛ لفكِّ الحصار، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مقاومته للصهاينة المحتلين، والمطلوب هو إنهاء هذا الدور النبيل والجهد الكبير للدكتور عبد المنعم؛ بالسجن أو الإقامة الجبرية.
وأعجب لهذا الموقف من الجامعة العربية التي دورها الأول هو دعم الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه وإقامة دولته، واتحاد الأطباء العرب أحد مؤسسات الجامعة العربية؛ فهل المطلوب هو إنهاء الدورِ الجادِّ لاتحاد الأطباء العرب؟ وهل يخفَى على الجامعة العربية الصلف الصهيوني والتواطؤ الأمريكي، متمثلاً في مطالبة هيلاري كلينتون النظمَ العربيةَ بترويض شعوبها لقبول الكيان الصهيوني؟ وهل يخفى على النظم العربية أن الشعوب العربية ستواجه هذا الترويض؟ نعم ستواجه هذا الترويض لتحمي نفسها وتحمي أوطانها؛ لأن الشعوب تدرك أن الصهاينة لن يرضَوا عنها إلا أن تكون الشعوبُ جثةً هامدةً، فإنَّ من المسلَّمات عند الصهاينة “أن الفلسطيني الطيب هو الفلسطيني الميت”، وإن الشعوب تدرك أن الصهاينة إن تمكَّنوا لن يرحموا أحدًا.. لن يرحموا المقاومين أو الداعمين للمقاومة.. ولن يرحموا الشعوب حتى لو تمَّ ترويضها، بل لن يرحموا هؤلاء الحكام الذين استسلموا وروَّضوا شعوبهم لقبول هذا الكيان المغتصب، وفي التاريخ عبرة لمن يعتبر.
على الجامعة العربية وعلى كل منظمات المجتمع المدني (نقابات مهنية، وجمعيات حقوق الإنسان) أن تصمد أمام هذه الحملة الخبيثة، وتتكاتف وتتعاون لرفع الظلم عن الشعب المصري، وعن اتحاد الأطباء العرب، وعن كل الشركات والمؤسسات التي أسهمت في نصرة شعب فلسطين.
والقضية ليست قضية عبد المنعم أبو الفتوح وحده، فإذا راجعت أسماء الإخوان في القضية المعروفة باسم قضية “التنظيم العالمي للإخوان المسلمين”؛ ستجد على قدر ما عُرِف من نشاط الأخ في دعم القضية الفلسطينية على قدر التهم التي توجَّه إليه؛ الدكتور أسامة نصر عضو مكتب الإرشاد، والدكتور محمد سعد الكتاتني، والمهندس سعد الحسيني، والأستاذ حسين إبراهيم؛ أعضاء مجلس الشعب، والدكتور محمد وهدان عضو نادي تدريس قناة السويس، وعشرات الأسماء التي وردت، كلهم لهم شرف العمل الجادِّ والنشِط في القضية الفلسطينية.
وسيبقى الشعب المصري، وفي القلب منه الإخوان المسلمون، على عهدهم حتى الساعة التي يقاتل فيها المسلمون يهود؛ حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله.. ورائي يهودي، تعالَ فاقتله.
والله أكبر ولله الحمد.
تفاصيل الاعتقال رقم 15 لعلي عبد الفتاح!!
- زوجته: جميع الجيران يشهدون له بالصدق والنزاهة
- لا نمتلك سوى مرتبه، و”غسيل الأموال” تهمة مضحكة!
- دعوتنا غالية تهون دونها كل العقبات ونثق في الله
اعتادت هذه العائلة على مشهد انتشار المصفحات، وجنود الأمن المركزي في الشارع والطرقات الهمجية على باب المنزل، واقتحام الأجهزة الأمنية له في ساعات الصباح الأولى، والعبث بمحتوياته، وانتهاء باعتقال عائلها الوحيد... ولذلك لم يكن اعتقال المهندس علي عبد الفتاح- أحد إخوان مجموعة الـ13 المعتقلين مؤخرًا- أمرًا مستغربًا على عائلته، فهذه هي المرة الـ15 لاعتقاله بلا تهمة واحدة أو دليل إدانة واضح... ودَّع المعتقل عائلته بصلاة ركعتين ووصية بالصبر والثبات، وقابلوه بإصرار على تنفيذ وصيته ما دام غاب عنهم بجسده خلف قضبان الظلم والاستبداد، ولكن روحه ستظل باقية بينهم.
إخوان أون لاين التقى أسرته، والبداية كانت مع ابنته الكبرى سارة التي رُزقت بمولود، بعد اعتقال أبيها بيومين، وفي حديثٍ مقتضبٍ حاولت فيه أن تمسك بدموعها قبل أن تنهمر، قالت: أقول لكل أسرة تمَّ اعتقال عائلها أو أحد من أهلها؛ تذكروا الآيات القرآنية ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ التوبة: من الآية 15 ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ آل عمران: من الآية 200)، فكل ما يحدث لهم ليس إلا سنن الأنبياء والصالحين.
- سألناها: ما الرسالة التي تحبين توجيهها إلى أبيك خلف القضبان؟
-- قالت: وحشتني جدًّا يا بابا، وكنت أتمنى أن تكون بجواري وأنا أقاسي آلام مخاض الوضع، وأعدك رغم الآلام أننا على الطريق مواصلون، وعلى الدرب سائرون، وأمام الأذى ثابتون وصامدون.
وفي الحوار التالي تروي لنا زوجة المهندس علي عبد الفتاح تفاصيل ليلة اعتقاله ومشاهد أخرى في كواليس حياته..
*بداية مَن المهندس علي كزوج وأب؟
- المهندس علي أبٌّ حنون وزوج متعاون ومتفانٍ في حبه لأسرته وجميع من حوله، وهو معروف بأخلاقه الحسنه، وحسن معاملته مع الآخرين، فهو لي بمثابة الأخ والأب والزوج، ونجده بجوارنا بمجرد احتياجنا له في أي وقت.
وبعد تنهيدة طويلة استعادت فيها الكثير من الذكريات والمواقف التي لا تُنسى، قالت: “الكلمات لن تسع أن أصف من هو المهندس علي، ولن أستطيع أن أضيف أكثر من ذلك”.
*كيف تمَّ الاعتقال الأخير؟
- في سابقة؛ كثيرًا ما ترددت أفزعتنا وأيقظتنا من النوم أصوات طرق الباب في الثانية صباحًا، وقبل أن يذهب ابني إلى الباب جرى إلى والده قائلاً: “يا بابا دي خبطة أمن الدولة، أمن الدولة على الباب يا بابا!!”.
وملأ ضباط وأفراد أمن الدولة الشارع بمصفحاتهم، واكتظت بهم الشقة وسلالم المنزل، و”كل ده علشان شخص واحد!!”، ولم يستغرقوا وقتًا طويلاً؛ فظلوا فقط لمدة ربع ساعة؛ وذلك لأننا لا نمتلك أي شيء يستطيعون أن يأخذوه أو يستولوا عليه؛ حتى إنهم استولوا على هاتفه المحمول، وبعض أوراقه.
*كيف تصرَّف الأولاد؟
- كلهم استيقظوا ما عدا الصغرى نور- في الصف الثالث الابتدائي- وعندما استيقظت في الصباح، ولم تجد أباها ظنت أنه ذهب إلى العمل مبكرًا، ولكنها من طريقة كلامنا علمت ما حدث، وانهمرت في البكاء- نظرًا لصغر سنها-، وذهبت إلى الامتحان وهي باكية.
*ماذا فعل المهندس علي لحظات الاعتقال؟
- مجرد علمه أنهم على الباب توضأ وصلى ركعتين، ثم ارتدى ملابسه، وقبَّل الأولاد، وانصرف معهم في سلام، مخففًا علينا حدة الموقف، وحضنا على الصبر والثبات، ومذكِّرًا أبناءه بالتفوق الذي وعدوه به، خاصةً أنهم كانوا مقبلين على امتحانات في اليوم التالي.
*كيف ردَّ عليه الأولاد، وكيف كان ردُّ فعلهم؟
- ولله الحمد؛ ألهمهم الله الثبات، وقالوا لأبيهم: “متقلقش علينا يا بابا.. إحنا هننجح إن شاء الله، وهنرفع رأسك”.
*ماذا عن رد فعل جيرانكم، وخاصةً أنهم كانوا نائمين في الغالب؟
- كما اعتدنا اعتادوا هم كذلك، فمن يأتي في هذا الوقت المتأخر من الليل لا يكون إلا لصًا أو شخصًا غير سوي أو شخصًا يعلم أنه ليس على حق ويرتكب جرمًا فاحشًا، وبمجرد حدوث ذلك توافد علينا جميع الجيران للتضامن معنا ومواساتنا؛ حتى إن أحدَ جيراننا- وهو مسيحي- يأتي يوميًّا إلينا، ويسأل علينا ويقول: من المستحيل أن أُصدق أي كلامٍ يُذكر على المهندس وهو بمثل هذه الأخلاق من الكرم والسماحة والصدق.
*المهندس علي جرى اعتقاله 14 مرة قبل ذلك.. متى كان آخرها؟ وهل من جديد في هذه المرة عما سبق؟
- كانت قريبة جدًّا، في أحداث التضامن مع غزة شهر فبراير الماضي؛ لذلك لم يكن في الحسبان أمر اعتقاله، ولم يكن متوقعًا أبدًا هذه المرة أن يأتوا إلينا؛ لأنه لا يوجد سبب ظاهري للمجيء، والجديد في هذه الهجمة عما سبق هي تهمة غسيل الأموال!!.
* وماذا عن ردِّ فعلكم تجاه هذه التهمه (غسيل أموال) وغيرها من التهم؟
- قطعت السؤال بصوتها الذي سرعان ما تبدَّل من حزن إلى ضحكات خافتة، وقالت: تهمة غسيل الأموال هذه مضحكة للغاية؛ فنحن اعتدنا على اتهامات معينة وشريط متكرر جاهز في كل مرة تم اعتقاله فيها، ولكن من الواضح أن الشريطَ تم تجديده؛ فنحن لا نمتلك سوى مرتبنا فمن أين لنا بأموالٍ نقوم بغسلها؟!.
* ما تعليقكم كل هذا الإيذاء؟
- دعوتنا غالية، وهدفنا أسمى بكثيرٍ من تلك العقبات؛ وحب الله عزَّ وجلَّ هو “المحرك” الذي يدفعنا للثبات، مع مرور الوقت، ومع كل مرة تقوى شوكتنا أكثر وأكثر؛ فهم لا يدرون أنهم بذلك يزيدوننا قوةً بعد قوة وصمودًا فوق الصمود.
ثم إن هدفنا هو إصلاح المجتمع وتنقيته من الشوائب وسوء الأخلاق؛ فنحن صامدون إلى أن ينصلح هذا المجتمع، ويرتقي بأخلاقه ويعلو ويسمو فوق الصغائر، أو يقبضنا الله على ما نحن عليه، وستتوارث أجيالنا جيلاً بعد جيل هذه الراية، وهذه الأمانة
المستشار فتحي لاشين يروي تفاصيل اعتقاله

- المستشار لاشين أحد الرعيل الأول ومن معاصري الإمام البنا
- الأموال التي استولوا عليها نصيبي في بيع قطعة أرض “شرك”
- عندما وجد المخبرون الأموال فرحوا بشدة وأنهوا مهمَّتهم
- “البصائر” شركة خاصة لا علاقة لها بالإخوان وموقفها المالي خاسر
- شهادة ضابط أمن الدولة دليل اتهام فقط والأخذ بها مخالف للقانون
- الاعتقالات والضربات تقوِّي الجماعة وتزيدها شموخًا وصلابةً
- الحظر المفروض على الإخوان سياسيٌّ وليس قانونيًّا أو دستوريًّا
نال العمر والمرض من صحته ومن جسده كثيرًا، ولكنه لم يستطِع أن ينال من قوته وعزيمته التي بدت متقدةً ومصرةً على الحق.. إنه المستشار الدكتور فتحي السيد لاشين؛ استشاري المعاملات المالية الإسلامية، والمستشار السابق بوزارة العدل، وأحد قيادات الإخوان المعتقلين والذي أُفرج عنه مساء نفس اليوم لحالته الصحية.
وُلد د. لاشين في عام 1932م بقرية “عمروس” مركز الشهداء بمحافظة المنوفية، وتلقَّى تعليمه الأساسي هناك، ثم انتقل لدراسة الحقوق في جامعة القاهرة؛ حيث حصل على شهادة الليسانس عام 1958م وعلى الشهادة العليا في أصول الدين من جامعة الأزهر في نفس العام، والتحق بسلك النيابة العامة عام 1959م، ورزقه الله ببنتين وولد، وله من الأحفاد عشرة.
تدرَّج في المناصب حتى درجة مستشار، ثم انتُدب للعمل في ليبيا عام 1975م مستشارًا لوزير العدل الليبي لشئون الشريعة الإسلامية، وعاد بعد 3 سنوات ليعمل مفتشًا قضائيًّا ثمَّ مفتشًا أولَ بوزارة العدل، وانتُدب للعمل في المكتب الفني لمحكمة النقض، لكنه لم يزاول مهامَّ منصبه لانتدابه رئيسًا لمحكمة الجنايات بدولة الإمارات، ثم أصبح عضوًا في مجلس وزراء العدل العرب لوضع قانون جنائي عربي موحَّد، وأنجزت اللجنة المكلَّفة هذا القانون.
إلا أن الوضع السياسي العام والضغوط الخارجية على حكام العرب وقتها لم يمكِّن الحكام من تطبيقه، وفي منتصف الثمانينيات تمَّ ترشيحه لرئاسة محكمة النقض أثناء عمله بالإمارات، إلا أنه فضَّل الاستمرار هناك إلى أن استقال وعمل بالمحاماة ثم تركها أيضًا لظروفه الصحية.
له العديد من الأبحاث الاقتصادية، وله عدة مؤلفات في القانون المدني والجنائي، وحصل عام 1980م على الدكتوراه من جامعة القاهرة في رسالة تناولت الشريعة الإسلامية مقارنةً بالقانون المدني فيما يتعلق بعقد التأمين ومحاولة التقريب بينهما.
وبعد تلك الحياة الحافلة والمليئة بالإنجازات والتي أخرجت لنا رجلاً شرّف مصر في أقطار عديدة؛ كافأته أجهزة القمع بدَهْم منزله واعتقاله دون أدنى مراعاة لظروفه المرضية!!؛ حيث يعاني من فشل كلوي، وأجريت له جراحات زرع خلالها كبدًا كاملةً وإحدى كليتيه.
إخوان أون لاين التقى د. لاشين بعد إخلاء سبيله بعدة ساعات، وكان معه هذا الحوار:
* بدايةً صف لنا ما حدث ليلة الاعتقال؟
- في حوالي الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الأحد فوجئت بطرقات عنيفة على الباب، ففتحت، لأجد ضابطًا ومجموعةً من الجنود قالوا لي نحن أمن دولة ونريد تفتيش المنزل، وعندما سألت الضابط عن إذن النيابة لم يردَّ عليَّ وأمر الجنود بالتفتيش، واستولوا على بعض المذكرات والكتب ومبالغ مالية.
*ما قيمتها بالتحديد؟ وما قصتها؟
- استولى الأمن على نحو 180 ألف جنيه مصري و100 ألف دولار أمريكي، وهذه المبالغ هي حصيلة بيع نصيبي في قطعة أرض كنت أشارك أحد الأشخاص في ملكيتها ولديَّ كافة الأوراق التي تُثبت مصدر تلك المبالغ وملكيتي لها.
*ولماذا لم تضعها في أحد البنوك؟
- أنا غير قادر على الحركة إلا نادرًا وبمساعدة أحد، ثم إنني أحتاج إلى أكثر من 15 ألف جنيه شهريًّا كنفقات للعلاج ونفقات المنزل، ولن أستطيع الذهاب كلَّ شهر للبنك حتى أصرف تلك الأموال، ولكنَّ الغريب في الأمر أن المخبرين عندما وجدوا الأموال فرحوا فرحًا شديدًا، وشعروا أنهم قد أنجزوا مهمَّتهم.
*وماذا حدث بعد الاستيلاء على الأموال؟
- سألني الضابط عن مصدرها فأخبرته، ووعدني بالنظر في أمر الأموال في وقت لاحق، ثم أخذوني إلى مقر أمن الدولة بالجيزة (جابر بن حيان)، وعندما وصلنا أخبرت الضابط أني لا أستطيع صعود الأدوار العليا فأجلسني بغرفة الاستعلامات بالدور الأرضي في المبنى، وعيَّن أحد الجنود ليبقى مرابطًا أمام باب الغرفة، وشدَّد عليه الأوامر بمنعي من الاتصال بأحد من خارج الغرفة.
وحتى الساعة الثانية عشرة من ظهر الأحد ظلَّ ضابط يتردَّد عليّ ويسألني عن بعض المعلومات المتعلقة بالأموال ومعرفتي ببعض الأشخاص، فيما بدا لي أنهم ما زالوا يعدُّون في محضر التحريات، وبالفعل أخبرني الضابط بأنه لا يوجد عرض على النيابة في هذا اليوم لتأخرهم في إعداد المحضر.
*وكيف تمَّ نقلك إلى المستشفى، وهل جاءت بطلب منك أم بأوامر منهم؟
- في الواحدة والنصف ظهرًا جاءني الضابط ووجدني في حالة إعياء شديد؛ نظرًا للحركة الدائبة في المكان والضوضاء العالية، ويبدو أن الضغط الإعلامي عليهم أتى ثماره؛ حيث أبدى الضابط استعداده لنقلي إلى المستشفى فشكرته على ذلك، وذهبنا إلى مستشفى إمبابة العام، وتمَّ حجزي في غرفة منفصلة ذات مستوى جيد في حراسة اثنين من أمناء الشرطة.
*كيف مرَّت عليك تلك الفترة؟
- كانت فترة سيئة، ولم أكن أعلم سببًا واحدًا لاعتقالي؛ حيث إنني شبه قعيد، ولا ألتقي بأحد من الإخوان إلا على فترات متباعدة.
*متى بدأت تحقيقات النيابة معك؟ وما الاتهامات التي وجهتْها إليك؟
- في السابعة مساءً حضر وكيل النيابة إلى المستشفى، وواجهني باتهامات متكررة أسمعها منذ سنوات، وهي الانضمام إلى جماعة محظورة تسعى لقلب نظام الحكم والاعتداء على الدستور والقانون ومقاومة السلطات، ولكنه لم يواجهني بالأحراز.
*ماذا كان ردُّك على تلك الاتهامات؟
- قابلتها بنوبة ضحك أثارت وكيل النيابة، وقلت له إن تلك الاتهامات أسمعها من سنوات عديدة، ولا أساس لها من الصحة بالنسبة لفكر الإخوان المسلمين ومنهجهم.
فسألني: كيف ذلك؟ فأجبته: إن جماعة الإخوان تفهم الإسلام فهمًا صحيحًا ووسطيًّا وشاملاً غير متشدِّد ولا مفرط على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، وقلت له إننا ننبذ العنف، وحريصون أشدَّ الحرص على تماسك الشعب المصري ووحدته وتقدمه ورفعته، ونقدِّم له الخدمات في كافة المجالات؛ مثل الجمعيات الأهلية، وبناء المستشفيات ذات التكلفة المنخفضة، والمدارس التي تخرِّج أجيالاً قادرةً على قيادة الأمة، بالإضافة إلى حثِّ القادرين على أداء الزكاة لفقراء المسلمين، وهنا أثير انتباه المحقق وبدا مقبلاً على سؤال مهمّ.
*وعمَّ سألك؟
- قال لي هل الإخوان يقومون بجمع أموال الزكاة؟ فقلت له بالطبع لا، ولكنهم يحثون القادرين على إخراجها لفقراء المسلمين بصفة منتظمة، ثم سألني وما دليلك على كل تلك الأقوال؟ فأجبته أن الكتب والمراجع المعتمدة لدى الإخوان تعبِّر عن ذلك، فضلاً عن دلائل الواقع وما يفعله الإخوان والأرضية التي يكتسبونها في أوساط جماهير الشعب يومًا بعد يوم.
وشدَّدت له على أن حظر جماعة الإخوان حظرٌ سياسيٌّ وليس قانونيًّا أو دستوريًّا؛ لأن الدعوة إلى الإسلام وخدمة الناس تتفق مع الدستور، ونحن أكثر الناس احترامًا وحرصًا على تنفيذ القانون.
*هل وجَّه إليك أسئلة أخرى؟
- نعم.. سألني عن معرفتي ببعض الأشخاص، فأخبرته أنني لا أعرفهم، ولم ألتقِ بهم، وعلمت بعد ذلك أنهم المعتقلون معي في نفس الليلة، ثم سألني عن علاقتي ببعض الشركات المحلية القائمة، وهل أنا شريك فيها من عدمه، فأجبته بالنفي وأني لا أعرف حتى هذه الشركات، ثم سألته أنا سؤالاً وقلت له: ما دمت تدَّعي أننا مقبوضٌ علينا كمجموعة تنظيمية فلماذا لم تضبطونا في اجتماع مثلاً؟!
*ماذا كان ردُّه عليك؟
- لم يردَّ علي، وسألني هل لديك أقوال أخرى؟ فقلت له لا، ولكني طلبت منه إذا قرَّر مدَّ حبسي فليكن في المستشفى مراعاةً لظروفي الصحية، فأخبرني أنه قرَّر إخلاء سبيلي، ثم خرج من الغرفة وترك الباب مفتوحًا، وشاهدته يتصل برؤسائه يخبرهم بنتيجة التحقيق، ثم اتصل بأمن الدولة وأخبرهم أن يأتوا لإعادتي إلى المنزل.
*وماذا عن المبالغ المالية التي استولى عليها الأمن؟
- سألت وكيل النيابة عنها فأخبرني أنها موجودة، وأستطيع أن أذهب في أي وقت متاح لي لاستكمال التحقيق بشأنها وعرض المستندات التي تثبت ملكيتي لها واستردادها.
*ماذا ستفعل إذا لم يعيدوا لك هذه الأموال؟
- سأتخذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية، ولكن إذا رفضوا فتلك إرادة الله، وأنا راضٍ بها، وهذه هي ضريبة الدعوة في كل مكان وزمان؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)﴾ (آل عمران).
*هل احتجزوك بعدها في مقر أمن الدولة تمهيدًا لإطلاق سراحك أم أعادوك إلى المنزل؟
- حضر إلى المستشفى نفس الضابط الذي اعتقلني، ثم انطلقنا في سيارة خاصة إلى المنزل واتصل بحفيدتي وأخبرها أن تنتظرني أمام المنزل بعد 10 دقائق، وبالفعل تمَّ الأمر وكنت في البيت في حوالي التاسعة والنصف مساءً.
*هل هناك علاقة بين الإخوان وشركة البصائر للبحوث والدراسات التي أغلقها الأمن فور اعتقالك وتشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارتها؟
- شركة البصائر مستقلة تمامًا، وليس لها علاقة تنظيمية أو تمويلية بجماعة الإخوان، فهي شركة تعتمد على نفسها في تمويل البحوث والدراسات، ثم إنها ما زالت في بداية عهدها وميزانيتها خاسرة ولم تحقق أي ربح حتى الآن.
*بصفتك مستشارًا سابقًا في وزارة العدل ما هو تحليلك القانوني للاتهامات التي توجَّه دائمًا للإخوان، والتي بمقتضاها قررت النيابة حبس 6 من قيادتهم؟
- من الناحية القانونية فإن كل تلك الاتهامات تفتقد الدلائل المستندية والواقعية على حدٍّ سواء، وبالتالي لا أساس لها من الصحة، وما يؤكد صورية الاتهامات وتلفيقها أنها متكررة منذ عدة سنوات في العديد من القضايا التي قدِّمت للقضاء المدني أو حتى العسكري، وبما أن أحكامًا قضائيةً صدرت ببراءة معتقلين بتهم معينة فلا يجوز قانونًا إلحاق أشخاص آخرين بنفس التهم.
والحكومة تتعمَّد عند عرض قضايا الإخوان على القضاء المدني اختيار دوائر معينة؛ يكون المسئولون عنها محلَّ رضا من النظام، ويكون هناك نوع من التجاوزات في قبول الأدلة والإدانة بما يشكِّل تدخلاً سافرًا في سيادة الجهاز القضائي واستقلاليته.
كما أن جميع الجهات القانونية والحقوقية وعموم الشعب المصري يعرفون جميعهم كذب تلك الاتهامات وافتراءها، إلا من هم محسوبون على النظام ويعملون على تأييده في الحق والباطل ويشاركونه في محاولة استئصال الإخوان لأهداف سياسية بحتة.
*هل هناك بُعد دولي للقضية؟
- البعد الدولي يتمثل في صورة مصر التي تهتز يومًا بعد يوم أمام العالم، والتأثيرات السلبية التي يجنيها الشعب المصري نتيجة تلك السياسات؛ حيث تُشعر تلك القضايا المستثمرين أن البلاد غير مستقرة، وبالتالي تدفعهم نحو الهروب من مجرد التفكير في الاستثمار فيها، فضلاً عن تشريد آلاف الأسر بعد إغلاق العديد من الشركات التي يملكها أفراد من الإخوان وطرد العاملين بها.
*هل تجوز شهادة ضابط أمن الدولة ضد معتقلي الإخوان، وهل يمكن اعتبار هذه الشهادة دليلاً للإدانة؟
- في القواعد القانونية السليمة تحريات المباحث ليست دليلاً إنما تهمة، والاتهام يحتاج إلى شهادات أخرى غير ضباط أمن الدولة الذين تعتبر شهاداتهم دليلاً للاتهام وليس للإدانة والمتهم بريء حتى تثبت إدانته وليس اتهامه، وبالتالي فإن اتخاذ شهادة الضباط كدليل اتهام مسألة قانونية خاطئة لأنهم في موقف الخصومة والخصم لا تعتبر أقواله دليلاً على إدانة خصمه.
- لاشين والإخوان
*بعيدًا عن الاعتقال، كيف تعرفت على الإخوان؟
- تعرفت على الإخوان عام 1946م في مدينة طنطا أثناء دراستي الثانوية، واستمرت علاقتي بهم بعد ذلك عندما انتقلت لدراسة الحقوق في جامعة القاهرة، وكنت مشاركًا في الأنشطة الطلابية فيها، وعاصرت الإمام الشهيد حسن البنا وكنت متلهفًا لسماع أحاديثه العذبة والشيقة في الإذاعة المصرية.
*ما الذي دفعك للانضمام للإخوان؟
- وقر في قلبي وعقلي أن الانضمام إلى تلك الجماعة واجب على كل مسلم وفريضة شرعية لإبلاغ دين الله عز وجل كما بينه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم، امتثالاً لأمر الله ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾ (آل عمران).
*هل سبق اعتقالك قبل ذلك؟
- اعتقلت مرة واحدة قبل ذلك وأنا في السنة الثانية بكلية الحقوق وظللت في المعتقل لنحو عام كامل وهو ما أخر تخرجي في الجامعة.
*هل تذكر أحدًا ممن كان معتقلاً معك أثناء تلك الفترة؟
- أذكر العلامة المستشار توفيق الشاوي عليه رحمة الله، وكنا في زنزانة واحدة، وعشنا أيامًا جميلةً على الرغم من الصعوبات والانتهاكات التي واجهناها في معتقلات عبد الناصر.
إلا أن عملي في السلك القضائي أبعدني لفترة طويلة عن العمل التنظيمي داخل الجماعة حتى عدت له بعد عام 1974م شيئًا فشيئًا إلى الآن، ولكن حالت ظروفي الصحية من التواصل المستمر مع الإخوان ولكن علاقتي بهم لم ولن تنقطع إن شاء الله.
*هل قابلت الإمام البنا؟
- قابلته مرة واحدة في حياتي أثناء أحد دروس الثلاثاء التي كان يلقيها، وظللت بعد ذلك أسيرًا لرسائله الجامعة المانعة التي لن تجد لها مثيلاً.
*إلى أي حد أثّر الإمام فيك وفي تكوين شخصيتك؟
- هذا الرجل سبق زمانه بأكثر من 100 عام، وهو صنعة الله الذي أرسله لتجديد دينه في القرن العشرين فهو بالفعل الإمام المجدد.
وإذا نظرنا لأفكاره نجد أنه جمع فأوعى الكثير من المبادئ الإسلامية التي يعيش عليها الناس طوال هذه المدة، ولا أعتقد أن رجلاً بتلك المواصفات له نظير بين مشايخ وعلماء الأمة، فهو الذي مات في ريعان شبابه بعد أن أنشأ فكرًا ومنهجًا ملأ سمع وبصر العالم أجمع.
- جماعة الحق
*كيف ترى مستقبل الجماعة في ظل الحملات الأمنية المتلاحقة عليها؟
- أرى أنه كلما ازدادت العقبات والضربات ازدادت الجماعة شموخًا وثباتًا وانتصارًا لأنها على الحق ولذلك فإن أعداءها كُثُر ولكن الله سيظهرها ولو بعد حين، وقال عز من قائل ﴿بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ (المؤمنون: من الآية 70).
إلى الشباب
- أقول لهم اثبتوا على الحق وتمسكوا بمبادئ دينكم ودعوتكم، فالعبرة بثبات الإخوان وتمسكهم بالحق ومصداقيتهم ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)﴾ (الزخرف)، ثم إن تطابق أخلاق وسلوكيات ومعاملات الإخوان مع ما يدعون إليه الناس أمر ضروري لنجاتنا من عذاب الله أولاً، ولزيادة ارتباط الناس بدعوتنا ثانيًا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3)﴾ (الصف).
انكشف المستور فى قضية التنظيم الدولى د. عصام العريان
كشفت الحملة الإعلامية الأخيرة خلال الأسبوعين الماضيين والتى قادتها جريدة الأهرام ومعها الصحف المستقلة وصحف لجنة السياسات ما تحاول السلطات المصرية ستره من أبعاد قضية التنظيم الدولى للإخوان المسلمين.
اتضح للجميع أن الهدف هو “مواصلة خنق قطاع غزة” “وإحكام الحصار على أهل غزة” “والسعى بجدية للعب الدور المطلوب فى تصفية القضية الفلسطينية” .
لقد كتب المحللون والمراقبون طويلاً حول أسباب هذه الهجمة الأمنية القاسية، والتى طالت رموزاً هامة وطنية ومحل تقدير وإعجاب كل القوى السياسية مثل د.عبد المنعم أبو الفتوح، ود. جمال عبد السلام، وغيرهم، وذهبت مع غيرى المراقبين إلى أسباب محلية وأخرى إقليمية، فإذا بالجهاز الإعلامى الأمنى فى وزارة الداخلية يشرح لنا فى العريضة الطويلة التى وزعّها على صحفييه فقاموا بنشرها كما هى دون تعديلات فى معظم الصحف الأسباب الحقيقية المخفية والتى جاءت كلها مضحكة ومبكية فى آن واحد .
تدور التهم جميعاً حول محورين :
- الأول: جمع تبرعات لصالح الشعب الفلسطينى فى أوروبا بالذات .
- الثانى : توصيل هذه التبرعبات إلى قطاع غزة عبر جهات الإغاثة الإنسانية .
وهذه تهم – إن صحت – فإنها بمثابة وسام شرف لمن يقوم بها، ورفع للحرج عن الشعب المصرى كله الذى أصبحت حكومته متهمة بإحكام حصار الموت على مليون ونصف مليون إنسان تحت القصف المتوالى على حدود مصر الشرقية.
أما الحديث عن “غسيل الأموال” و “تهريب أموال” فهذا يستطيع أى إنسان أن يتأكد من “كذبه” عندما يسأل النظام المصرى سؤالاً واحداً: لماذا ترفض الحكومة والأجهزة باستمرار فتح المعبر الوحيد لإيصال المعونات إلى غزة ؟!
ولماذ تترك الحكومة المعونات المقدمة من الشعب المصرى وغيره من شعوب وحكومات العالم العربى والغربى نهباً للسرقة فى مخازن بدائية فى مدينة العريش؟!
ولماذا لا تسأل الحكومة أجهزتها الأمنية فى غزة أو أهالى غزة أنفسهم أو الحكومة الشرعية فى القطاع سؤالاً واحداً : هل تصل المعونات أم لا ؟!
وهناك ما هو أبسط : لماذا لا يسأل الجميع أنفسهم كيف صمد القطاع المحاصر طوال هذه الشهور والسنوات فى وجه الحصار الظالم الذى يشارك العرب فيه إذا لم يكن بفضل تلك المعونات الإغاثية التى تصل بالقطارة ؟!
عندما يكون تركيز مذكرة التحريات التى تسابقت كل هذه الصحف فى نشرها كما تتاسبق لتقديم الأفلام الجديدة التى تتنافس على شباك التذاكر، وياللأسف فإن التأليف والإخراج والسيناريو من النوع الهابط الذى لا يلقى قبولاً ولا نجاحاً.
عندما يكون التركيز الكامل على الدعم الذى يقدمه الإخوان فى العالم للشعب الفلسطينى فإن ذلك يثير عدة نقاط؛
- أولها: أن ذلك لا يؤدى بالتالى إلى الحديث عن “تنظيم دولى” لأن “جورج جالاوى” يقوم بذلك بإحراج أكبر للنظام فى مصر ولم يتم ضمه إلى القضية المنظورة.
- ثانياً: أن الإخوان لا ينكرون أنهم ينسقون ويتعاونون مع كل الهيئات والجمعيات الإسلامية والإنسانية فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية.
- ثالثاً: أن معظم المتهمين من خارج مصر صرّحوا وأكدّوا بأن تلك الاتهامات المضحكة شرف لهم ووسام على صدورهم وأنهم يرحبون بمحاكم عادلة طبيعية أمام قضاء طبيعى ولو دولى لفضح الممارسات اللإنسانية التى يمارسها حكام عرب ونظم دولية ضد الشعب الفلسطينى.
- رابعاً: أن مصر كلها استاءت وغضبت – خاصة مصر الرسمية – من الاتهامات التى طالتها خلال “حرب غزة” من أنها تساهم فى المجهود الحربى الصهيونى فإذا بتلك القضية تقول للعالم كله إن مصر بالفعل متورطة مع مخطط كبير ليس لمحاصرة غزة فقط، وإنما لتصفية القضية الفلسطينية، والسؤال : لماذا تحاسب مصر أشخاصاً قاموا بأنشطة إغاثية إنسانية خارج مصر ولا تترك ذلك لغيرها؟! .
لمزيد من الإيضاح حول هذا المخطط الشيطانى نلاحظ التالى :-
1] يسعى “نتنياهو” إلى إلغاء كافة المظاهر العربية فى الأرض المحتلة عام 1948، بإلغاء الأسماء العربية للقرى والشوارع، وسن القوانين التى تحرّم وتجرّم الاحتفال بالنكبة أو المظاهر العربية.
2] يستمر العدو فى الاستيطان بالقدس والضفة الغربية دون كلل أو ملل، رغم كل الاعتراضات الظاهرة – أمريكية أو أوروبية أو عربية فى شبه مسرحية عنوانها: (قولوا ما شئتم، ونفعل ما نريد) .
3] يقوم “محمود عباس” باحتواء كامل لمنظمة “فتح” ويسعى بدأب لتنفيذ رؤيته فى إلغاء كل مظاهر المقاومة فى المنظمة الأم ومنظمة التحرير، ويحكم سيطرته عليها بإخراج بقية القيادات التاريخية فيها.
4] تقوم أجهزة الأمن الفلسطينى بمطاردة المقاومين من كل الفصائل بكل همة ونشاط وتقتل بعضهم تحت رعاية تامة من الجنرال “دايتون” الأمريكى الذى يذهب إلى الكونجرس الأمريكى ليدلل على نجاح خطته فى تأمين العدو الصهيونى بإنهاء أى تهديد لأمن العدو من الضفة الغربية.
5] تسمح مصر بمرور مدمرتين صهيونيتين من قناة السويس مروراً برئياً كما يقول وزير الخارجية والهدف الصهيونى هو مراقبة البحر الأخمر خاصة ما يتردد من مرور سفن إيرانية تحمل السلاح إلى قطاع غزة أو القيام بمناورات مشتركة تمهيداً لشن حرب على إيران، كما كان هذا هو المرور البرئ فماذا عن غير البرئ ؟!
6] تسمح مصر بصفة دورية لمهندسين ونواب أمريكيين بتفقد الحدود الشرقية عند رفح للتأكد من إحكام الحصار لمنع تهريب السلاح وتتسلم مصر معدات إلكترونية متقدمة لكشف أى محاولات للتهريب .
7] تسكت مصر عن الاتفيات الدولية التى يوقعها العدو مع أمريكا وأوروبا لمنع تهريب السلاح عبر البحر المتوسط، ويقوم العدو بمطاردة سفن الحرية التى لا تتوقف عن محاولات كسر الحصار وتأتى من أوروبا بينما لا نجد أى جهد عربى جاد أو مصرى لكسر الحصار.
8] لا تقوم مصر بأى جهد حقيقى لكشف من المتسبب فى عرقلة جهودها الدؤوبة لإنجاز المصالحة الفلسطينية بين “حماس” و “فتح” وفى المقابل يقوم محمود عباس وأجهزته الأمنية بإحراج مصر على الدوام، ورفض كل مقترحاتها للمصالحة، وكأن هدف محمود عباس هو تمطيط الوقت وإحراج مصر وتكريس الانفصال.
9] تمنع مصر كل الجهود الشعبية لدعم الشعب الفلسطينى، وتحكم إغلاق معبر رفح تماماً إلا لعبور الأفراد وبعض شحنات الأدوية فقط، رغم كل المطالبات الدولية بفتح المعابر كما جاء فى بيان قمة الثمانى الكبرى فى إيطاليا مؤخراً، وكأن هذه مطالبات شكلية لرفع الحرج والعتب بينما الاتفاقات السرية تؤكد على إحكام الحصار.
10] وأخيراً تقوم مصر وأجهزتها الأمنية باتهام كل من يدعم الشعب الفلسطينى فى مصر والخارج بتهديد من أمن الدولة المصرية، وتقدمه للمحاكمات الاستثنائية بهذه التهمة الخطيرة “تهمة دعم الشعب الفلسطينى” .
وأخيراً يخرج علينا وزير خارجية البحرين يدعو إلى التطبيع المجانى مع العدو الصهيونى.
إذن إنكشف المستور وهذه القضية الجديدة هى حلقة فى خطة دولية لتصفية القضية الفلسطينية، والمطلوب هو إنهاء جهد الإخوان لدعم الشعب الفلسطينى، أوتحييد الإخوان بعيداً عن هذا الملف الهام والخطير.
لقد دفع الإخوان المسلمون ثمناً باهظاً منذ تصديهم للمخطط الدولى الصهيونى لإقامة دولة عبرية صهيونية بعد اغتصاب أرض فلسطين، وقدّموا رأس مرشدهم الأول ومؤسس جماعتهم لهذا السبب، وغُيّبوا خلف الأسوار سنوات طوال بهدف التمكين للعدو فى أرض فلسطين.
وكانت المفاجأة ان الحركة الإسلامية انتفضت فى أرض فلسطين فى غزة والضفة الغربية ووصل المخطط إلى مأزق خطير.
لن يتم تصفية القضية الفلسطينية، ولن يموت الشعب الفلسطينى، ولن تنتهى حركة جهاد الفلسطينيين، ولن يتوقف الشعب المصرى عن دعم صمود جهاد الفلسطينيين جميعاً، ولن يتخلى الإخوان المسلمون عن إدراكهم لحقيقة المشروع الصهيونى المدعوم غربياً، وأنه عقبة كؤود فى سبيل نهضة الأمة ووحدتها وعرقلة مشروعها الحضارى العربى الإسلامى
فلسطين لا التوريث.. سبب حملة الحكومة على الإخوان
بقلم : الاستاذ محمد جمال عرفة
هناك من يزعم أن الصدام المتصاعد بين السلطة في مصر وجماعة الإخوان المسلمين خصوصا خلال السنوات الأخيرة يرجع بالدرجة الأولى للصراع حول قضية توريث الحكم وقبول أو رفض الإخوان لها أو وقوفهم عقبة في طريقها، وأن تصعيد الضربات الحكومية الأخيرة ضد قيادات ورموز الإخوان له علاقة بهذه المسالة الداخلية.
وبالمقابل هناك فريق آخر يرى أن الصدام راجع لسبب آخر أقوى “خارجي” له صلة بالداخل، هو قضية فلسطين التي تستند لها الأنظمة العربية عموما لتثبيت شرعيتها، وترفض أن ينافسها فيها أحد أو ينزع هذا الغطاء عنها مقولات مثل أنها تتعاون مع تل أبيب لغير صالح القضية الفلسطينية.
وقد ألمح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين – من خلال الوثائق التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي على “أرشيف الأمن الوطني” الأمريكي أوائل يوليو 2009 – لهذا، عندما قال للمحقق “إن عدم رضا الشعوب عن الحكام (العرب) القائمين بسبب تعاملهم السلبي مع القضية الفلسطينية أو إهمالهم لها هو أحد أسباب الثورات في البلدان العربية على هؤلاء الحكام (في فترات سابقة)”.
ويبدو أن قضية فلسطين هي الخط الأحمر الساخن الذي يفسر بدرجة أكبر سر هذا التصعيد من جانب السلطة ضد جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة، خصوصا أن تحركات الإخوان في الفترة الماضية سواء لجهة المطالبة بفتح معبر رفح وكسر الحصار المفروض على غزة، أو لجهة تصوير الموقف الرسمي المصري على أنه متواطئ مع تل أبيب، تصب كلها في خانة سحب البساط من تحت أقدام “شرعية” السلطة فيما يخص رعاية قضية فلسطين، ولهذا جاء التصدي الحكومي قويا وعنيفا.
بعبارة أخرى، أصبح تعامل الإخوان مع هذه القضية – خاصة حصار غزة - سببا في غضب السلطة المصرية لأنه أظهرها بمظهر المتواطئ مع تل أبيب في الحصار، وتسبب في خروج مظاهرات عربية وإسلامية ضد السفارات المصرية تندد بموقف مصر من قضية فلسطين لأول مرة في التاريخ.
ولا شك أن هذا الصراع حول قضية خارجية (فلسطين)، يصب مع هذا – لخصوصية القضية الفلسطينية مصريا- في خانة الصراع الداخلي وجمع النقاط من جانب كل طرف (الحكومة والإخوان) للرأي العام.
بل إن هناك من يفسر حملة الاعتقالات والتضييقات الأخيرة - منذ قضية غسيل الأموال التي حكم فيها القضاء العسكري بسجن 40 قياديا بالجماعة (أبريل 2008) وحتى قضية ما سمي بـ “التنظيم الدولي”، المعتقل على ذمتها 15 من قادة الجماعة- بأنها رد قوي من جانب الحكومة على تجاوز الإخوان الخطوط الحمراء للعبة وقيامهم بلعب دور الدولة في التعامل مع قضية حصار غزة محليا ودوليا، ولو تحت غطاء عربي شرعي هو اتحاد الأطباء العرب، عبر جمع التبرعات لغزة وشراء المستلزمات الطبية والغذاء وتسيير قوافل خرق الحصار.
والشيء نفسه يُذكر فيما يخص قضية الشرعية السياسية، حيث تستمد الأنظمة العربية شرعيتها من وقوفها بجانب قضية فلسطين، والتي ربما استشعرت القاهرة حرجا شديدا فيما يتعلق بها منذ الغزو الإسرائيلي لغزة في يناير الماضي بعدما جرى تصوير دورها– من قبل المعارضة المصرية (الإخوان خصوصا)- بوصف دورها مكملا للدور الإسرائيلي في حصار المقاومة وضربها.
فالمعادلة التي طُرحت - بناء على هذه الاتهامات الإخوانية للسلطة بالمشاركة في حصار غزة – كانت تقوم على أن هذه الشرعية السياسية التي اكتسبها النظام منذ سنوات بفضل دفاعه عن القضية الفلسطينية ومحاربته من أجلها لم يعد لها وجود بعدما تخلت مصر عن غزة وفلسطين، وأصبح من يقوم بهذا الدور هي جماعة الإخوان المسلمين.
ناهيك عن أن هذا الطعن في شرعية السلطة السياسية من زاوية تبنيها للقضية الفلسطينية يصب في نهاية الأمر في مصلحة الإخوان في الداخل المصري؛ مما يقوي دورهم السياسي على الساحة الانتخابية ويجعلهم رقما صعبا لا يسهل تجاوزه فيما يخص إنجاز ملفات مثل “التوريث الانتخابي” أو تمرير انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة بدون أزمات سياسية.
مؤشرات حكومية
ويؤيد هذا الطرح الخاص بأن سبب التصعيد والرد الحكومي العنيف المتواصل ضد الإخوان هو لعب الإخوان على قضية فلسطين ودخولهم على خط تسويات دولية لإفسادها- ما عمق الهوة بين الطرفين- العديد من التصريحات التي صدرت عن مسئولين حكوميين مصريين تصب في خانة عدم تخلي مصر عن القضية الفلسطينية.. ظهر هذا في تصريحات الرئيس مبارك الأخيرة خلال لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، حينما أكد أن القضية الفلسطينية “ستظل على رأس أولويات مصر والعالم العربي رغم ما تتعرض له المنطقة من أزمات وتهديدات ومخاطر”.
كما أن مذكرة تحريات أمن الدولة الثانية لقضية التنظيم الدولي للإخوان، الذين ألقي القبض عليهم أواخر يونيو الماضي، أشارت ضمنا لمنافسة الإخوان للدور الحكومي، بالقول إن “التنظيم استغل التعاطف الجماهيري مع القضية الفلسطينية وقام بجمع التبرعات بدعوى استغلال حصيلتها في ضخها بالمؤسسات الاقتصادية للتنظيم”.
وقالت المذكرة إن “أجهزة الأمن ضبطت وثيقة تنظيمية بعنوان (حملة فلسطين) ضمن مضبوطات القضية رقم 462 حصر أمن دولة عليا عام 2004، تتضمن خطة تحرك جماعة الإخوان المسلمين في الأوساط الجماهيرية والطلابية والجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية لتفعيل القضية الفلسطينية وجمع التبرعات التي تستخدم في دعم الأنشطة الإخوانية”.
ولوحظ في قرارات نيابة أمن الدولة العليا بمصر، والخاصة بحبس العشرات من المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، أن النيابة وجهت للمعتقلين تهم: “الخروج في مظاهرات لإحراج النظام في مصر، واستغلال القضية الفلسطينية لإظهار النظام بمظهر متخاذل من القضية لإثارة الجماهير وإحداث بلبلة”.
وعندما أثيرت أنباء الصفقة- التي قالت جريدة “الشروق” المصرية في عددها الصادر يوم 26 يوليو 2009 أنها طرحت على الإخوان من قبل شخصية سياسية، متضمنة وتنطوي على إطلاق سراح الإخوان مقابل عدم مشاركتهم في انتخابات 2011، ونفاها الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم - لم يتنبه أحد لما قالته مصادر إخوانية للجريدة من أن “العرض الحكومي يقضي بوقف الحملة الأمنية والإفراج عن قيادات الجماعة، مقابل أن توقف الجماعة النشاطات التي تراها الدولة تحريضا وتأليبا للرأي العام ضدها تحت مظلة القضية الفلسطينية”.
مؤشرات إخوانية
وأما تأكيدات الإخوان أنفسهم أن هناك علاقة بين الصدام الأخير وحملات الاعتقالات والمحاكمة، وبين تصعيد الإخوان أو تمسكهم بالملف الفلسطيني فلا يحتاج لبرهان، ومع هذا فقد أكد الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان، أن هناك علاقة وثيقة بين “الحرب على الإخوان وتوطين المشروع الصهيوني”.
وشدد “البلتاجى” – في مقال له بعنوان (الحرب على الإخوان وعلاقتها بتوطين المشروع الصهيوني)- على أن “العلاقة وثيقة بين اعتقالات الإخوان المسلمين وتهيئة الأجواء لتقدم واستقرار المشروع الصهيوني وتوطينه وربط مستقبل المنطقة به”، مضيفا أن “وقائع التاريخ تؤكد أن جزءا كبيرا مما لحق بالإخوان المسلمين إن هو إلا ضريبة جهودهم لحشد الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي ضريبة ستستمر ما بقي الإخوان وما بقي الاحتلال لحين النجاح في قيام مشروح حضاري إسلامي يقود الأمة لنهضة حقيقية يعقبها زوال الاحتلال”.
وأعلن البلتاجي صراحة “أن السبب الرئيسي وراء هذه القضية (قضية د. عبد المنعم أبو الفتوح المسماة بـ “التنظيم الدولي”) هو تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية”. وأرجع هذا الصدام لـ “بديهية تعارض مشروع الإخوان المسلمين (الذي يضع في برنامجه مهمة الدفاع عن قضايا الأمة وفي القلب منها فلسطين وتحريرها) مع استقرار المشروع الصهيوني”، مشيرا إلى كل من محاضرة “إستراتيجيات الأمن القومي الصهيوني”, التي ألقاها “آفي ديختر” في معهد الأمن القومي الإسرائيلي في نوفمبر 2008، والتي تعرض فيها للتخوفات من تقدم مشروع الإخوان المسلمين، ومحاضرة “تسيبي ليفني”، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، في باريس التي حرضت وطالبت فيها بضرورة التصدي لخطر الإخوان المسلمين، إضافة لسجل التاريخ الذي شهد تصاعد الضربات للإخوان كلما نشطوا لمحاربة العدو الصهيوني.
ويري “البلتاجي” أن “المعلَم الرئيسي لاعتقالات الإخوان المسلمين طوال 2008- 2009 والتي طالت قرابة ثلاثة آلاف من الإخوان في أفواج وأمواج متتالية ابتداء من يناير 2008”، هو “تحرك الإخوان لنصرة غزة، وتصريح المرشد محمد مهدي عاكف في نقابة المحامين حول استعداد الإخوان المسلمين لإرسال عشرة آلاف متطوع لنصرة حزب الله والمقاومة ضد الصهاينة”.
بل إن هناك من الإخوان أيضا من يربط بين المحاولات الأمريكية الأخيرة لدفع الدول العربية للتطبيع مع تل أبيب وما يواكبه من ضغوط ناعمة متنوعة، وبين الرغبة المصرية الرسمية في تهدئة الساحة الداخلية ووقف أو إجهاض أي فعاليات تصعيدية للإخوان على خلفية قضية فلسطين عبر رسائل الاعتقالات المتتالية.
ويلاحظ هنا أن العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية زادت من وتيرة الحديث عن قضية الخلافة السياسية في مصر مؤخرا، وربطتها بأمرين: الوجود القوي لجماعة الإخوان، وعلاقة الخليفة السياسي الجديد مع إسرائيل .. ووصل الأمر ببعض هذه الدراسات لنشر تخوفات– لا مجال للتحقق من صحتها- من أن يصعد دور الإخوان ويؤثر هذا في الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع إسرائيل.
ولعل الدراسة التي نشرتها مجلة “ميدل إيست كوارتيرلي” الأمريكية (الموالية لإسرائيل والتي أسسسها الناشط اليهودي المتطرف دانيل بايبس) في يوليو الجاري 2009، وحملت عنوان “هل مصر مستقرة؟”، تمثل نموذجا على هذا الدس الأمريكي– الصهيوني لتسميم العلاقة بين السلطة والإخوان أو نقل رسائل للسلطة لتزيد ضغوطها على الإخوان.
وتحذر تلك الدراسة من خطر عدم الاستقرار بعد انتهاء فترة حكم الرئيس المصري حسني مبارك على أمن إسرائيل، وتقول إنه “إذا قدر للإخوان المسلمين أن يستحوذوا على السلطة، فسيعود تدمير إسرائيل ليصبح المبدأ الموحد للحكومات العربية من جديد”.
وتنقل عن “توماس بارنيت”، وهو محلل أمريكي متخصص في الأمن القومي، وأستاذ سابق بكلية الحرب البحرية الأمريكية، قوله إن “الانتقال غير الآمن للسلطة في مصر من الممكن أن يخلق فراغا يمكن أن ينهض فيه الإخوان المسلمون”.
الخلاصة
الأزمة الحالية الناجمة عن قضية ما سمي بـ “التنظيم الدولي” ربما كانت الأكثر كشفا بالتالي – بخلاف ما سبقها- للخطوط الحمراء التي لا تقبل السلطة في مصر أن يتخطاها الإخوان، خصوصا بعدما نتج عن هذا التحريض والتصعيد الإخواني ضد السلطة بسبب مواقفها من حصار غزة وغلق معبر رفح، تدهور في صورة مصر في العالمين العربي والإسلامي، أظهرها بمظهر من يتواطأ مع أمريكا وإسرائيل لحصار الشعب الفلسطيني رغم ما تقوم به القاهرة من محاولات لتسوية الأزمة.
ولكن لأن تاريخ الإخوان – بالمقابل – له صلة خاصة بالملف الفلسطيني منذ حرب 48 يقوم على مساندة تحرير فلسطين، فسيعني هذا أن الهوة ستظل متسعة بين السلطة والإخوان، ما يتوقع معه إما استمرار التصعيد مستقبلا خصوصا في ظل ترتيبات التطبيع ومطالب أمريكا بتقديم تنازلات عربية لإسرائيل، أو التوصل لتفاهمات بين السلطة والإخوان على الخطوط العامة الأساسية لتناول القضية بما يخفف من حدة الصدام بينهما، لا بمعني “الصفقة” لعدم تكافؤ الطرفين، وإنما بمعنى التفاهمات والرسائل التنسيقية!!.
الهجوم على الإخوان.. “سبوبة” المنافقين
- د. الأشعل: لو كانت الجماعة خطرًا على الأمن القومي لوقف الشعب ضدها
- د. رفيق حبيب: حملات لن تؤتي ثمارها وتزيد من شعبية الجماعة
- د. حلمي القاعود: أبواق مأجورة هدفها الإساءة للشرفاء من الشعب
- السفير إبراهيم يسري: القائمون على الهجوم خاسرون على طول الخط
- أبو العز الحريري: السلطة الحاكمة تتبع سياسية “لي الذراع” مع خصومها
مع تفاقم تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، يسعى البعض إلى وسائل يتحايل بها على تلك الأزمة، في شكلٍ يُطلق عليه البعض “سبوبة”، وهي أشبه بعملٍ إضافي لزيادة الدخل- كل حسب مجاله-، وعلى مدار السنوات الماضية، اتخذ البعض مهاجمة جماعة الإخوان المسلمين كـ”سبوبة” للتربح من ورائها سواء ربح مادي “مباشر أو غير مباشر” أو ربح سياسي للصعود على سلالم السلطة.. ومع زيادة الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر سوءًا، تصدَّرت مهاجمة جماعة الإخوان المسلمين قائمة التربح الاقتصادي والسياسي، سواء في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة أو داخل ما تُسمَّى بأحزاب الأنابيب أو الأحزاب الورقية، بل وصل الأمر إلى مهاجمة النخبة المثقفة من رموز الوطن المحبين لفكر الإخوان المسلمين وليسوا منهم.
الخبراء والسياسيون اتفقوا على أن حملات الهجوم المستمرة على الإخوان تعود برمتها إلى مجموعةٍ من الأقلام المأجورة من قِبل النظام ارتضت أن تُسيء وتمارس هجومًا على جماعة الإخوان من أجل أن تحظى برضا النظام والسلطة وأجمعوا على أن المتربحين من الهجوم على الإخوان لن ينالوا من الجماعة مهما كان هجومهم وأقلامهم المخادعة تلوي الحقائق.
- رُضَّع النظام
“الإخوان أكبر قوة سياسية في مصر، والمستفيدون من مهاجمتهم ما هم إلا مجموعة من الأطفال والرُّضُّع لنظام عقيم”.. بهذه الكلمات بدأ الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، مستنكرًا الحملة الإعلامية والسياسية المُكثَّفة ضد جماعة الإخوان المسلمين، والتي زادت وتيرتها خلال الفترة الأخيرة .. ويضيف د. الأشعل أن المستفيدين من مهاجمة الإخوان هم العلمانيون الذين لا يعترفون بالله والدين، وغيرهم ممن يخدمون المشروع الصهيوني، مشيرًا إلى أن النظام ينظر إلى الإخوان على أنهم خطر سياسي خوفًا من قوتهم المؤثرة، وخوفًا من انتشارهم وتوسع شعبيتهم.
ويقول د. الأشعل: إن النظام فشل في التعامل مع الإخوان على اعتبار أنهم تهديدٌ للأمن القومي، مؤكدًا أن الإخوان لو كانوا يمثلون خطرًا أمنيًّا لتضامن الشعب مع الحكومةِ في مواجهتهم، ولكن الواقعَ يُثبت غير ذلك من التفافِ العديدِ من قطاعات الشعب العريضة حول الإخوان وتعاطفهم مع الجماعة... ويشير إلى أن تلك الحملات التي يقوم بها النظام وأعوانه لن تؤتي ثمارها ولن تُؤثِّر في قوة وفاعلية الإخوان، بل هي تثبت فشل الحكومة وتزيد من قوة انتشار الإخوان وتكسبهم مزيدًا من التعاطف والتفاف العديد من القطاعات حولهم.
ويرى المفكر الدكتور رفيق حبيب أن الحملات الإعلامية ضد جماعة الإخوان المسلمين أصبحت ذات أهميةٍ كبرى لدى النظام؛ بحيث أصبحت تعادل في أهميتها لدى النظام الهجمات الاعتقالية التي يقومون بها، مضيفًا أن غاية النظام الكبرى في الفترة الحالية هي تشوية صورة الجماعة عن طريق الاعتقالات والهجمات الإعلامية.. ويؤكد د. حبيب أن هدف النظام من هذا التشويه هو تخويف قطاع صغير من المصريين ممن لا يمتلكون علاقات مباشرة بالإخوان، ومحاولة منع الجماعة من الوصول إليهم عن طريق تلك الحملات الإعلامية وحتى يتم حصار المساحة التي يمكن أن يؤثروا وينتشروا فيها.
ويشير د. حبيب إلى أن تلك الحملات تتم بشكلٍ مُنظَّمٍ وتخطيطٍ متقن بقيادة وزارة الداخلية؛ لمحاولة التزوير والتشكيك والإساءةِ إلى سمعة الجماعة دون اعطاء الجماعة فرصة للرد؛ لأنها على علمٍ بأن الرد سيكشف تزويرها وألاعيبها... ويستنكر د. رفيق تحول تلك الحملات من الصحف المستقلة إلى الصحف الخاصة، مشيرًا إلى أن الصحف القومية فقدت مصداقيتها؛ لذلك تحولت الحملات إلى الصحف الخاصة في محاولة منها لاجتذاب تصديق القراء ممن يطالعون تلك الجرائد على الرغم من أنها بدأت هي الآخرى تفقد مصداقيتها لدى القارئ لانحيازها الكامل للنظام.
ويقول د. حبيب: النظام يحاول باستمرار أن يصور الإخوان على أنهم مجموعة ذات عملٍ سري، يقومون بأعمال تهدد الأمن القومي، بهدف تشويه صورتهم، ويتخذ النظام من دور الإخوان المشرف في خدمة القضية الفلسطينية ركيزة أساسية في تشويه صورتهم بأن لهم اتصالاتٍ خارجية”، مؤكدًا أن تاريخ الحملات الهجومية على الإخوان يؤكد أنها لن تُؤتي بثمارها بل تزيد الجماعة قوةً وصلابةً، مضيفًا أنه منذ عام 1995م بدأت تلك الحملات على جماعة الإخوان المسلمين، وبعد عشر سنوات حققت أفضل نتيجة انتخابية في مصر بفوز الإخوان بـ88 مقعدًا في مجلس الشعب؛ فضلاً عن أنها تؤثر على فئة من المجتمع المصري ليس لديها تعامل مباشر مع الإخوان، وبالتالي فإن التأثيرَ يكون محدود والحملات لم تُحقق أغراضها بل تكسب الجماعة كل يومٍ شرعيةً أكبر.
الدكتور حلمي القاعود الناقد الكبير وأستاذ الأدب العربي يبرز أن هناك مسرحيةً هزليةً نسج خيوطها النظام وقام بإخراجها بشكلٍ مضحكٍ مستخدمًا صحفه المأجورة لكي ينال من رجالٍ أفذاذٍ عُرفوا بأعمالهم ومجهوداتهم الإصلاحية، ويشهد تاريخهم الحافل على ذلك... ويستنكر د. القاعود ما آلت إليه صحف النظام وبعض الصحف المأجورة من التشهير والإساءة لجماعة الإخوان المسلمين أو مَن يتفق بفكره معها، مشيرًا إلى أن المتربح الحقيقي من تلك المسرحية الهزلية هو النظام وأتباعه الموالين له؛ الذي يغدق عليهم الأموال بالملايين من أجل استئجار أقلام تسيء لجماعة تعمل على إظهار الحق وتقف في وجه الظلم مهما كانت عواقبه.
وفنَّد د. القاعود أهداف المتربحون من تلك الهجمات على جماعة الإخوان المسلمين، موضحًا أن تلك الأهداف تتمثل في ثلاث نقاط أساسية، وهي التغطية على الفشل الحكومي المتزايد، والعمل على تشويه صورة الجماعة؛ وذلك ضمن مسلسل التشويه المستمر الذي يمارسه النظام على الإخوان، أما الهدف الثالث لهؤلاء المتربحين فهو ظن واهٍ وضعيف لدى مَن يقومون بالإساءةِ للإخوان والهجوم عليهم بأنهم بممارستهم لذلك الهجوم سيحظون بثقةِ النظام وينتفعون بخيراته ويتربحون من أمواله التي هي في الأساس أموال الشعب الكادح.
ويصف الدكتور مجدى قرقر الأمين العام المساعد لحزب العمل هؤلاء ممن يقومون بتلك الهجمات “بالعرائس المتحركة في أيدي الحكومة”، فأينما توجههم يهيموا على وجوههم، وينفذوا التعليمات بلا أدنى عقلٍ ولا أدنى ضمير، مؤكدًا أن أمثال هؤلاء ينتظرون فقط إشارة البدء حتى يبدأوا بالهجوم على الإخوان بمجرد إعطاء الأجهزة الأمنية لهم إشارة البدء.
وندد د. مجدي قرقر بأخلاقياتٍ هؤلاء ممن اتخذوا الإعلام وسيلة للتربح ويمارسون الإعلام كمهنةٍ بعيدةٍ عن أي قيم وتجافي ميثاق الشرف الصحفي، ولا يتحرون أي دقةٍ أو مصداقيةٍ فيما يكتبون فبعدوا تمام البعد عن أخلاقيات ومهام وأهداف المهنة الصحفية، وهي الكشف عن الحقيقة وعن الفاسدين والخائنين... ويشير د. قرقر إلى أن هؤلاء العرائس في أيدي الحكومة يلهثون وراء مكاسب دنيوية زائلة فينتظرون مقابلاً ماديًّا أو ليثبتوا وضعهم في مؤسساتهم أو لإرضاء رؤسائهم، مؤكدًا أن هؤلاء العرائس في لحظات مواجهة مع أنفسهم لن يشعروا بأي راحة، وسيستشعر كذبه وسيعرف حقيقة نفسه.
أبو العز الحريري عضو اللجنة المركزية لحزب التجمع وصف سياسة المتربحين من الهجوم على الإخوان بأنها أشبه بسياسة “لي الذراع”، مشيرًا إلى أن النظام يهدف إلى إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المعارضة السياسية في الشارع المصري، وأن النظام لديه تصور خاطئ وفكر عقيم يمارسه خلال تعامله مع جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث إنه يسعى بكل السبل لتحجيم دور الجماعة بممارسة الاعتقالات المستمرة لأفرادها، بالإضافةِ إلى سياسة الضغط المستمرة على صفوفها وقياداتها، في حين أن تلك الممارسات القمعية لصفوف الجماعة تعمل على كسب مؤيدين كثر لها... ويرى الحريري أن ملفَ التوريث الذي نحن بصدده يعدُّ من أهم العوامل وراء سلسلةِ الاتهاماتِ المتوالية على أفراد وجماعة الإخوان في الصحف الحكومية والخاصة من أجل تمرير الملف بأقل قدرٍ من الضغوط من قبل القوى السياسية، والتي تمثلها جماعة الإخوان بقدرٍ كبيرٍ في الشارع المصري.
وفيما يتعلق بمكاسب مَن يقومون بالهجوم على الإخوان يؤكد السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية الأسبق أن مَن يقوم بتلك الحملات على جماعة الإخوان لا مكاسب لهم، وأنهم خاسرون على طول الخط- على حد قوله- مستشهدًا على ذلك بمشاركة الإخوان بأعداد غفيرة في الوقفة الاحتجاجية ضد تصدير الغاز التي كانت بنقابة الصحفيين منذ أيام؛ فتلك الوقفة قدمت فيها جماعة الإخوان درسًا واضحًا للنظام الذي دائمًا ما يحاول مراوغتهم وإقصاءهم، مثبتةً للجميع أنها نسيج مهم وضروري في المجتمع لا غنى عنه، وأن تلك الهجمات لن تنال منها مهما بلغت ذروتها.
ويوضح السفير يسري أن حملات الهجوم على الإخوان تعد عنصرًا مخربًا يحول دون تلاحم قوى الشعب، وأن تلك الحملات لن تمتد للإخوان فحسب، بل ستمتد لعديدٍ من الحركات الوطنية والشعبية التي تسير على خطى جماعة الإخوان
لماذا يصمت الإخوان؟
بقلم: د. رفيق حبيب
اختلفت الآراء بشدة حول موقف جماعة الإخوان المسلمين من الضربات الأمنية التي تتعرض لها، بصورةٍ تؤكد أن هناك اختلافًا في تقييم الموقف بين المعلِّقين والمراقبين، ويدل هذا الاختلاف على صعوبة تقييم الواقع، وبالتالي تقييم النتائج التي يمكن أن تحدث في المستقبل نتيجةً لموقف الجماعة أو المواقف التي تقترح عليها، وتلك هي المشكلة الأساسية؛ حيث إنه من الضروري على جماعة الإخوان المسلمين أن تقيس وتقيِّم النتائج المتوقَّعة من كل قرارٍ تتخذه، وهو أمرٌّ مهمٌّ أيضًا من قبل مَن يقدمون مقترحات محددة للجماعة؛ حيث تحتاج تلك المقترحات لقياس دقيق للنتائج المتوقعة منها.
والناظر إلى الحالة السياسية في مصر يكتشف مدى صعوبة وضع تصورات مستقبلية؛ حيث أن النظام الحاكم لا يحكم بناءً على خطة واضحة المعالم والأهداف، ولكنه يعتمد على القرار الفردي الذي يصدر من أعلى جهة في النظام، وهي مؤسسة الرئاسة، وهي أيضًا الجهة المسيطرة على خيوط النخبة الحاكمة، ومع هذا، نعرف أن النظام الحاكم يريد تأمين بقائه في السلطة ولفترة زمنية طويلة، غير معروف نهايتها.
ونعرف أيضًا أن النظام الحاكم يريد إقصاء جماعة الإخوان المسلمين عن العمل السياسي بالكامل، كما نعرف أنه يحاول منع أي قوة سياسية أخرى من الوصول لمرحلة تمكنها من منافسة النظام الحاكم على الحكم؛ مما جعله يعمل على هدم كل البدائل أو التوجهات السياسية الأخرى؛ أي أن النظام الحاكم يعمل على حرق المجال السياسي بالكامل، حتى يبقى الجهة الوحيدة القادرة على السيطرة على الدولة، وبالتالي السيطرة على نظام الحكم في البلاد.
وفي المقابل سنجد أن موقف جماعة الإخوان المسلمين واضح لكل مَن يريد أن يتابعه ويقيمه، فهي أولاً تريد تحقيق الإصلاح السياسي السلمي المتدرج، والذي يؤدي إلى تحقيق الديمقراطية التي تجعل الأمة مصدر السلطات، أي التي تحقق ولاية الأمة وحقها في اختيار حاكمها وعزلهم ومحاسبتهم.
وجماعة الإخوان المسلمين، كما تكرر مرارًا على لسان قيادتها، ترى أن تحقيق التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وغيرها من شروط العمل الديمقراطي، هي الخطوة الأولى الأساسية التي تليها مرحلة التنافس السياسي الحر بين القوى والتيارات السياسية، من خلال نظام حزبي يسمح لكل القوى أن تأسس أحزابًا تُعبِّر عنها؛ فإذا تحقق ذلك فسوف تعمل الجماعة على دعوة الناس لتأييدها، حتى تحقق رؤيتها السياسية الإسلامية، إذا حصلت على الأغلبية، وبهذا يكون الإصلاح السياسي هو الخطوة التي تسبق عمل الجماعة من أجل تحقيق رؤيتها السياسية والحصول على الأغلبية التي تمكنها من ذلك.
بهذا تتشكل صورة المواجهة بين النظام والجماعة، حول فكرة الإصلاح السياسي وضرورة التحول إلى النظام الديمقراطي؛ حيث يرفض النظام تمامًا أي تحول نحو النظام الديمقراطي، في حين تعمل الجماعة من أجل إقامة نظام ديمقراطي، كشرطٍ ضروري لاستكمال مشروعها السياسي؛ لأن هذا المشروع في رؤية الجماعة لا يتحقق إلا من خلال الحصول على الأغلبية في نظامٍ سياسي حر ومتعدد.
وهذا هو جوهر المواجهة بين النظام وجماعة الإخوان، فالخلاف يدور بين ولاية الأمة التي ترى الجماعة أنها أساس النظام السياسي الصالح، وبين فرض وصاية النخبة الحاكمة على الدولة والمجتمع، والتي يرى النظام أنها ضرورة لبقائه في الحكم، ويتصور بالطبع أنها ضرورة للاستقرار الحكم في البلاد.
البديل الثوري
من هذا المنطلق يمكن النظر للبديل الثوري المطروح على جماعة الإخوان المسلمين، والذي يقوم على ضرورة تصدي الجماعة لممارسات النظام عمومًا، وممارساته ضدها خصوصًا، بالخروج إلى الشارع والتظاهر بمئات الآلاف، وعلى مدار أيام متصلة وفي العديد من المدن والمحافظات، والجماعة قادرة بالفعل على القيام بهذا الأمر، ولكن من المهم النظر في مسار تلك المواجهة المفتوحة في الشارع؛ فعندما تخرج جماعة الإخوان المسلمين في الشارع بهدف وقف الحملة ضدها، يصبح عليها الاستمرار في التظاهر حتى يتم إلغاء الاعتقالات التي تمت بحق قياداتها وكوادرها، وهنا يكون أمام النظام إما الاستجابة لضغوط الجماعة، فيعلن هزيمته أمامها ويفقد سطوته وهيمنته على المجتمع والدولة، ويكون قد مهَّد لخروجه من الحكم؛ وإما أن يدخل في مواجهةٍ مفتوحةٍ مع الجماعة، حتى يحافظ على سطوته وسيطرته على الدولة والحكم.
والمتوقع أن لا تحظى تلك المظاهرات باهتمام الإعلام الغربي، مثلما اهتمَّ بالمظاهرات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في إيران، ومن غير المتوقع أن تتدخل الدول الغربية أو الإدارة الأمريكية لوقف ممارسات النظام تجاه تلك المظاهرات؛ لذا يصبح من المتوقع أن يتعامل النظام بأقصى قوة مفرطة مع المظاهرات، ويبدأ في توسيع حملة الاعتقال ضد الجماعة.
ومن المتوقع أن تُسفر تلك المواجهة بعد أسبوع من بدايتها عن عشرة آلاف معتقل من الجماعة، وألف قتيل وجريح. ثم تتوقف المواجهة في الشارع، خوفًا من تزايد حجم الأضرار التي تنتج عنها، حيث سيميل النظام للتهدئة وكذلك الجماعة؛ لأن المواجهة المستمرة في الشارع غالبًا ما تضر كل الأطراف، وتفتح الباب أمام احتمالات الفوضى، فنتوقع مثلاً قدرًا من التذمر داخل قوات الأمن بسبب كثرةِ الضحايا، كما نتوقع أن تميل جماعة الإخوان لوقف النزيف الذي سوف تتعرض له كوادرها، وتجنيب البلاد احتمال حدوث انفلاتٍ أمني... وبهذا ينتهي مشهد المواجهة، مع وجود عشرة آلاف معتقل، يتم تصفية أوضاعهم خلال شهور، ويبقى قيد الاعتقال عدد يتراوح بين مائة ومائتين، وهو عدد قريب من عدد المعتقلين قبل بداية مواجهة الشارع.
وخلاصة ذلك، أن النظام سوف يبدو مهددًا من قوة ذات وزن في الشارع، ولكنه سيبدو أيضًا قادرًا على السيطرة بالقوة الأمنية، كما ستبدو الجماعة قوية وفاعلة في الشارع، ولكنها ستبدو أيضًا غير قادرة على الحسم النهائي.
بديل الانسحاب السياسي
يرى البعض أن الحل في وقف جماعة الإخوان المسلمين لكل نشاطها السياسي، حتى توقف المواجهة بينها وبين النظام الحاكم، وهذا البديل هو عكس البديل السابق؛ حيث يكون على الجماعة أن تعلن أنها تخلت عن نشاطها السياسي تمامًا، إما لمدة زمنية معينة، أو لمدة زمنية مفتوحة، وأنها سوف تكتفي بنشاطها الدعوي والاجتماعي، حتى تُجنب المجتمع وتجنب نفسها تلك المواجهة.
والمتوقع هنا، أن تصدر تصريحات من قِبل النظام الحاكم تؤكد أن ما قام به الإخوان ليس إلا خدعة، تدل على ضعف الجماعة، كما سوف يستشهد النظام بهذا الموقف ليؤكد أن الجماعة قد انكشفت وأصبحت تخشى من رفض الناس لها، وأن النظام استطاع أن يكشف الصورة الحقيقية للجماعة، والجماعة تحاول الهروب من الاتهامات التي يوجهها لها النظام، لهذا سوف يعلن النظام بكل غرورٍ استمرار مواجهته للجماعة التي يصفها بأنها محظورة.
وفي المقابل نتوقع حدوث معارضة شديدة لهذا الوضع داخل جماعة الإخوان المسلمين، وغضب هائل بين كوادرها، خاصةً الشباب، مما يجعل الجماعة في موقف حرج، ويكون عليها إما أن تستمر في موقفها وتجمد نشاطها السياسي، أو تضطر إلى مواجهة موقف النظام من مبادرتها بالخروج للشارع، ونعود إلى البديل الثوري.
فإذا استمرت الجماعة في قرار تجميد عملها السياسي، واستمر النظام في توجيه الضربات الأمنية لها، فسوف تفقد الجماعة الكثير من مؤيديها، وتضطر في النهاية إلى حماية نفسها من الضربات التي توجه لها؛ مما يدفعها إلى الخروج من دائرة الضوء، والعودة للنشاط غير العلني، حتى تستطيع أن تعيد بناء قدرتها وتنظيمها مرةً أخرى.
البديل الصامت
يغلب على مواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه ما يوجه لها من ضرباتٍ أمنية، أن تعلن رفضها لما يحدث، وتكتفي بهذا وتلجأ للصبر والتحمل، ورغم أن هذا يمثل منهج وقدرة الجماعة على تحمل المحن، إلا أنه يحمل مبرراتٍ أخرى تراها قيادة الجماعة؛ فالجماعة ترى أهمية أن تقوي قدرتها على تحمل الضربات الأمنية بدون أن يتأثر نشاطها إلا في حدودٍ ضيقة، وتحاول أيضًا تقوية قدرتها على تعويض غياب قيادتها بوجود البديل الجاهز لاستلام مهام مَن يتم اعتقاله... وتحاول الجماعة أيضًا تعويض الخسائر المعنوية والمادية الناتجة عن الاعتقال، في محاولةٍ منها للحدِّ من أي تأثيرٍ لتلك الاعتقالات على نشاط الجماعة وانتشارها في المجتمع المصري، أي أن الجماعة تحاول أن تحافظ على معدل انتشارها وتوسعها في النشاط الدعوي والاجتماعي رغم تلك الضربات الأمنية.
وفي المقابل سنجد أن النظام يحاول بكل الطرق ضرب مفاصل مهمة في التنظيم للتأثير على قدراته الحركية ومقدرته المالية، حتى تؤدي هذه الضربات الأمنية للحد من قدرة الجماعة على النشاط والحركة؛ مما يفترض أن ينتج عنه تقلص معدل نمو وانتشار الجماعة في المجتمع المصري.
وخلاصة ذلك، أننا بصدد مواجهة تدور حول شعبية جماعة الإخوان ووزنها النسبي في المجتمع، حيث يحاول النظام الحد من تلك الشعبية من خلال الضربات الأمنية، وتحاول الجماعة توسيع تلك الشعبية رغم الضربات الأمنية.
البحث عن بديل
إذا عدنا لجوهر المواجهة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين، سنجد أنه يدور حول الإصلاح السياسي، فالنظام يريد استمرار بقائه، والجماعة تريد نظامًا سياسيًّا حرًّا يمكنها من تحقيق مشروعها إذا حصلت على الأغلبية، فإذا كانت المواجهة الثورية يمكن أن تؤدي إلى نوعٍ من الفوضى التي تلحق ضررًا بالمجتمع وجماعة الإخوان، وإذا كان الانسحاب يلحق ضررًا بالغًا بالجماعة ويؤجل مشروعها للإصلاح؛ لذا أصبح من الضروري الربط بين سياسة امتصاص الصدمات التي تتبعها الجماعة، وبين حركتها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي، بغيةَ تحقيق مشروعها الإصلاحي الإسلامي.
والمقصود من ذلك، أن يتم التعامل مع المواجهات الأمنية من قبل النظام الحاكم ضد الجماعة، ضمن مواجهة سياسة الاستبداد والهيمنة على الحكم، فتكون عملية مواجهتها جزءًا من عملية تحرير المجتمع.
وهنا يمكن أن يكون للتظاهر دور مختلف عن دوره في البديل الثوري، فالخيار الثوري يقوم على تحدي النظام الحاكم لإجباره على اتخاذ قرارات معينة، فيصبح التظاهر خروجًا للشارع لفرض واقع جديد، أما التظاهر في حدِّ ذاته، فهو وسيلة للتعبير عن الرأي، وهو ليس الوسيلة الوحيدة، ولكنه وسيلة مهمة، وهو بهذا وسيلة إعلامية لإعلان الرأي أمام عامة الناس.
وتظهر أهمية العمل الإعلامي المكثف، والذي يستخدم كل الوسائل الإلكترونية المتاحة، حتى يتم نشر حقيقة ما يحدث على أوسع نطاق ممكن، بحيث تصل الصورة الحقيقية لأكبر عددٍ من الناس حول العال، فالمعركة الإعلامية تبدو هي جوهر المواجهة الأمنية بين النظام وجماعة الإخوان، فالنظام لا يهدف إلى اعتقال مئات من الجماعة كهدف في حدِّ ذاته، ولكن يهدف إلى تشويه صورة الجماعة، لتنفير الناس منها أو تخويفهم؛ لهذا نعتبر ما يحدث معركة إعلامية، تحتاج لرد مناسب، يكفي لتوصيل الصورة الحقيقية، لتهزم الصورة المضللة التي ينشرها النظام وكتيبته الإعلامية.
ويلاحظ هنا، أن البعد الدولي في هذه القضية يقتصر فقط على نشر الصورة الصحيحة لما يحدث في كل بقاع العالم، فالجماعة ترفض أي تدخلٍ خارجي، بجانب أن الدول الغربية والإدارة الأمريكية معادية أساسًا للمشروع الإسلامي، وترفض وصول من يحمله للحكم في البلاد العربية والإسلامية، فالمطلوب هو توصيل الصورة الصحيحة لما يجري لكل المؤسسات الإعلامية والمؤسسات الحقوقية، كجزءٍ من المعركة الإعلامية.
وقد أصبح أيضًا من المهم، أن تعمل الجماعة عن نشر صورتها الحقيقة بين الناس، بما في ذلك حقيقة أفكارها ورسالتها ومنهجها، وأيضًا تاريخها؛ لأن نشر الصورة الصحيحة عن الجماعة بين الناس، هو رد مهم على الحملة التي تتعرض لها الجماعة، والتي تهدف إلى تشويه صورتها للحد من قدرتها على الانتشار، ولتخويف الناس من التعامل معها؛ وبهذا تكون عملية تصحيح الصورة لدى العامة، هي عملية مضادة لكل حملات التشويه، بما يمكن من الحد من أثر تلك الحملات.
ومن المهم أيضًا توضيح ما تقوم به الجماعة من أدوار وطنية، خاصةً في قضية فلسطين؛ حيث إن هذا الدور أصبح سببًا مهمًّا في تصاعد الهجمات ضدها، ولا يعني هذا المزايدة على هذا الدور، بل العكس من ذلك، يعني أن توضح الجماعة لعامة الناس أهمية هذا الدور، وكيف أن قيام الجماعة به يزيد من حجم عداء النظام والقوى الخارجية لها؛ مما يستلزم إفشال تلك الخطة بتوسيع مجال الدعم للقضية الفلسطينية، ومساندة حركات المقاومة، لإفشال أي مخطط لضرب العمق المعنوي والمادي المساند للمقاومة.
الخلاصة
خلاصةً ذلك، أننا أمام معركة أمنية من قِبل النظام ضد جماعة الإخوان المسلمين، هي في حقيقتها معركة إعلامية وسياسية بامتياز؛ لذلك لن يتم حسمها بمواجهة القوة الأمنية، وكذلك لن يتم حسمها بترك العمل السياسي، بل يتم حسمها بالمزيد من العمل السياسي والإعلامي، فجوهر الصراع أصبح حول الأفكار والصور، والأداة الأمنية ليست إلا وسيلة لإلحاق الأذى والعرقلة، وهدفها النهائي هو التشويه، فالمعركة في نهايتها هي حول موقف عامة الناس، ومن يكسب المعركة، هو من يكسب عقول وقلوب الناس، ويكسب المعركة الإعلامية
ولنصبرن على ما آذيتمونا
تتصاعد الحملات الأمنية والهجمات الشرسة ضد جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها في مصر هذه الأيام من قِبل النظام الحاكم، كما تتزايد الحملات الإعلامية المأجورة من قِبل النظام وخدامه وماسحي أحذيته البالية ضد رجال الإخوان الشرفاء وأعلام الأمة البارزين؛ مما جعل الجميع يتساءل: لماذا هذه الحملات القاسية؟! ولمصلحة من ذلك؟! ومن المستفيد من هذا التصعيد؟! ولماذا تشتد الوتيرة في هذه الأوقات بالذات؟!
بداية: لعل النظام المصرى ورجال الأمن الأشاوس لم يدرسوا التاريخ جيدًا.. ولعلهم لم يستفيدوا من التجارب السابقة لأسلافهم.. فقد جربت كل الأنظمة الحاكمة السابقة هذا السيناريو المكرر ضد الإخوان من: حبس، واعتقال، وتشريد، ومصادرة أموال، وتشويه صورة، وترويع الناس منهم حتى تصفية رجال الإخوان جسديًّا، فهل أفلحت تلك الوسائل؟ وهل حققت نتائجها؟ وهل استسلم أبناء دعوة الإخوان للأوضاع وأصابهم اليأس والإحباط؟.
لعل المتابع للأحداث يرى عكس ذلك تمامًا؛ فقد عجزت كل الأنظمة ووسائلها المختلفة عن تقييد دعوة الإخوان أو منعها من الانتشار القوي والوصول للناس، ولعل هذا ليس بفضل قوة الإخوان وصلابة رجالها.. ولكنه بفضل توفيق الله وستره الدائم لهم، ثم تثبيته إياهم في المحن والشدائد ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ (إبراهيم: 27) فهو سبحانه صاحب الفضل والمنة ﴿بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُم﴾ْ (الحجرات:من الآية 17).
وفي المقابل: انكسرت شوكة كل الأنظمة المجابهة لدعوة الإخوان، وخاب سعيهم وفشل مكرهم ﴿وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ﴾ (فاطر: من الآية43)، ورغم حشدهم كل القوى وتعبئتهم لكل الجهود الشيطانية وغيرها وإنفاقهم اللا محدود في محاربة دعوة الإخوان؛ إلا أنهم تحقق فيهم قول الحق تبارك وتعالى﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ.... ﴾ (الأنفال).
ولعل الجميع يدرك الأسباب الحقيقية لتلك الحملة المسعورة الحالية، وهي وقوف الإخوان بصلابة كفصيل قوي ورئيسي ضد أباطرة النفاق ورءوس الفساد وكشفهم وتعريتهم، ثم رفضهم لمسلسل التوريث الهزيل والذي يهمش من دور الشعب، وحقه في الاختيار الحر النزيه.
ولكننا نقول بصوت عالٍ: لمصلحة من ذلك؟! ومن المستفيد من إشعال فتيل الفتنة في هذا الوقت الحرج؟! أين عقلاء الأمة؟ أين المثقفون الواعون المخلصون من هذه الحرب القذرة؟ وبماذا سيسجل التاريخ عن هذه الحقبة من تاريخ مصر المنكوبة؟.
إن دعوة الإخوان ستظل تحمل الإسلام الوسطي المعتدل مهما حل بها، وستستمر بفضل الله وحده رافعة رأسها شامخة قوية؛ لأنها ترتكن وتستند إلى معية الله وحده ﴿بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ (آل عمران: 150).
وسيظل أبناء دعوة الإخوان رموزًا وأعلامًا بارزة وسط الأمة يحملون مشعل الخير والهداية، ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل رفعة وطنهم وتقدم أمتهم، فهذا هو ما تربوا عليه وما عرفوه من نهج قائدهم وزعيمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
نعم، لقد اشتد عود دعوة الإخوان وقوي ساعدها، وانتشرت مبادئها وزاد أنصارها، ونعلن دائمًا أن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا؛ ولكننا سنظل نضبط أنفاسنا ولن نقابل الإساءة بالإساءة، فهذا ليس ميدان المجابهة.. فميدان المجابهة الحقيقى هو ضد العدو وضد الصهاينة، ونحن نعلم أن هناك من يتربص بنا الدوائر ويريد شدنا وإقحامنا في مجابهة غير مطلوبة ندرك مدى خطورتها على الأمة جمعاء؛ ولكننا سنظل بفضل الله على وعي تام بخطانا وحسن سيرنا، ولن نكون ردَّ فعل في يوم من الأيام .
وفى النهاية، نقول لشباب دعوة الإخوان: ادرسوا التاريخ جيدًا، وتعرفوا على تاريخ دعوتكم، والتحموا بقيادتكم، ووحدوا صفوفكم، وأجمعوا قوتكم فيما يفيد من حسن تربية أنفسكم ودعوة غيركم للخير... وإياكم من الوقوع في الشراك الذي يُعِدُّونه لكم، فكونوا على بصيرة، ولا تلتفتوا خلفكم ولا تحت أقدامكم... بل انظروا أمامكم فالمستقبل لكم ولدعوتكم... فيد الله غالبة وإن مع العسر يسرًا.... وعيشوا مع القرآن الكريم بقلوبكم وأرواحكم، وادرسوه جيدًا، واستمعوا إلى قول ربكم في سورة إبراهيم: ﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ* وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ* وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾(إبراهيم:من12: 15)
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
هل سيظل الإخوان يتلقون الضربات رد أو مقاومة ؟

ولعله من المفيد أيضاً قبل الرد على هذا التساؤل أن نرجع الى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنجد فيها الإجابة الواضح، فقد تعرض عليه الصلاة و السلام هو و المسلمون معه الى الإيذاء و التعذيب الشديدين من المشرآين فى مكة، وكان يمر على آل ياسر وهم يعذبون ويقول لهم: ( صبراً آل ياسر فإن موعدآم الجنة )، وقد صبروا حتى استشهد ياسر وزوجته سمية رضى الله عنهما تحت التعذيب .
ولم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أحداً من المسلمين برد العدوان الإيذاء بالقوة فى ذلك الوقت لأن أى محاولة من ذلك القبيل لم تكن لتوقف العدوان بل من شأنها أن تصعده وتصل به الى البطش الشديد الذى يقضى على المسلمين وهم لا زالوا قلة .
وتروى لنا السيرة أنه لما اشتد الإيذاء على بعض المسلمين قال أحدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تستنصر لنا ؟ ... فظهر الغضب فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما معناه: ( أن من كان قبلكم كانت تحفر لهم الحفر ويشقون بالمناشير ويفصل ما بين اللحم والعظم دون أن يصرفهم ذلك عن دينهم ) .. ثم بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمام هذا الأمر وقال: (ولكنكم تستعجلون ) ...
كان فى إمكانه صلى الله عليه وسلم أن يأمر بعض المسلمين بقتل أئمة الكفر كأبى جهل أو أبى لهب أو بتحطيم الأصنام أو بعضها ولكنه لم يفعل لما سبق أن ذكرنا، ولم يعتبر ذلك موقفاً سلبياً منه، لكنه الحكمة ومصلحة الدعوة اقتضت ذلك، فليس الهم والقصد إيقاف الإيذاء الذى يقع على المسلمين ولكن القصد هو تبليغ دعوة الله وتكوين القواعد والدعائم التى سيقوم عليها صرح الدعوة و الدولة الإسلامية .
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن الإيذاء والابتلاء ليس أمراً طارئاً غريباً على طريق الدعوة يلزم التخلص منه وإيقافه فى الحال ولكنه سنة الله فى الدعوات لحكمة سامية هى التمحيص و الصقل و الزيادة الإيمان، لأن أمانات النصر ثقيلة ولا يقوى على تحملها وحسن أدائها إلا هذه النوعيات الممحصة بحيث لاتفتنها دنيا ولا تثنيها شدة .
ثم إننا نجد بمتابعتنا للسيرة بعد الهجرة، وعند بدء تكون قاعدة انطلاق المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفكر فى مواجهة المشركين بالقوة فعند خروجه الى بدر خرج لقافلة التجارة وليس للحرب، ولكن الله تعالى أراد أن تكون ذات الشوكة بعلمه وتقديره، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقف تحت العريش يدعو ربه ملحاً فى الدعاء حتى سقط البرد من على كتفيه ويقول: ( اللهم إن تهلك هذه العصبة فلن تعبد فى الأرض ) ...
ومعنى ذلك أنه لا زال بتقديره البشرى مشفقاً على مجموعة المؤمنين أن يقضى عليهم فى تلك الحرب وهم قلة فتتوقف مسيرة الدعوة ... لكن كان فى تقدير الله النصر للمؤمنين والهزيمة النكراء لأعداء الله، وكانت بدر فاصلة بين فترة الإيذاء والاستضعاف وفترة النصر والتمكين.
هكذا نرى أن البدء فى رد عدوان أعداء الله لابد له من توفر ظروف وملابسات تجعله مناسباً، وأن أى محاولة قبل ذلك لا تؤمن عواقبها، وتكون فى غير صالح الدعوة التى هى القصد وليس أشخاص المعتدى عليهم .
ونقول أيضاً لعل فى موقف الإخوان فى بعض أجزاء العالم الإسلامى رد واضح لهذا التساؤل، وأنه لا يمكن أن يظلوا هكذا يتلقون الضربات دون رد أو مقاومة فليطمئن المتحمسون ولا يتسرع المتعجلون فالأمور تجرى بالمقادير: ( والله غالب على أمره ولكن أآثر الناس لا يعلمون) .
هل هو خطأ القيادة ؟
وفى جو المحن ومع طول أمدها يتهيأ الجو لتساؤل آخر، وربما يثيره البعض كتشكيك وهو: هل هذه المحن و الضربات نتيجة أخطاء وقعت فيها القيادة ؟ وهل آان من الممكن تفاديها ؟ .
ونعود أيضاً الى السيرة لنجد فيها الإجابة فنجد أن ما تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من إيذاء وتعذيب لم يكن نتيجة أخطاء وقعوا فيها، ولكنه الموقف الطبيعى لأعداء الله من دعوة الله و الدعاة الى الله، إنهم يحسون فيها الخطر على باطلهم وعلى سلطانهم القائم على البغى و الظلم، ويعلمون أن فى قيام دعوة الحق وانتصارها قضاء على باطلهم وهزيمة لهم، فهم لذلك يحاربونها ويحاولون القضاء عليها قبل أن تقضى عليهم، لكنهم يفشلون فى ذلك لأنها دعوة الله ونور الله، ولن يطفىء نور الله بشر: ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )..
القيادة اجتهدت وسعها للخير :
ولكن أعداء الله حينما يحاربون دعوة الله لابد وأن يقدموا لجمهور الناس أو للرأى العام مبرراً زائفاً يستندون إليه فى حربهم واعتدائهم، فيلصقون التهم الباطلة بالدعاة الى الله، كما قالوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كاذب وساحر وكاهن وشاعر ومجنون، وأنه بدعوته وبدينه يفرق بين المرء وأهله الى غير ذلك .
وكما سبقهم فرعون والملأ حوله باتهام موسى وقومه بالإفساد فى الأرض، وكما حدث فى عصرنا هذا بأن اتهم أعداء الله الإخوان والدعاة الى الله بالتطرف والإرهاب و التستر وراء الدين للتسلق الى الحكم .
وكما افتعلوا الأحداث كمبرر لضربهم كتمثيلية محاولة قتل عبد الناصر فى الإسكندرية، الى غير ذلك من أساليب التضليل والتشكيك والتشويه، ولكن نور الحق أقوى وأسطع من أن تحجبه هذه التهم الباطلة، كما يحلو لبعض من تقصر همتهم عن مواصلة المسيرة نتيجة لهذه الضربات والمحن أن يعودوا باللائمة على القيادة وأنها التى تسبب فى هذه المحن نتيجة أخطاء وقعت فيها، وهذا غير الواقع وكما أنه لم يكن فى استطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتفادى وقوع الإيذاء والتعذيب عليه وعلى المسلمين معه إلا إذا تنازل عن كثير مما يدعو إليه مما يثير الأعداء ويقلقهم، وخاصة الدعوة الى إله واحد وترك هذه الأصنام وما كان له صلى الله عليه وسلم أن يتنازل عن شىء من ذلك والله يدعوه : ( فاستمسك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذآر لك ولقومك وسوف تسألون ) ..
وبالتالى لم يتوقف اعتداء أعداء الله وإيذائهم له وللمسلمين حتى تحقق النصر، ولا نعنى بذلك أن الإخوان وقيادتهم معصومون من الخطأ، ولكن يجب أن نفرق بين أخطاء جزئية أو فردية لا تخلو منها جماعة أو حرآة حتى الجماعة الأولى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن نرجع المحن فىأصلها الى أخطاء من القيادة أو أنه كان من الممكن تفادى المحن بتفادى الأخطاء فهذا التصور هو عين الخطأ .