نتنياهو في واشنطن وأوباما أيضا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نتنياهو في واشنطن وأوباما أيضا
نتنياهو واوباما.jpg


بقلم : د. فوزي الأسمر

سيصل بعد فترة قصيرة رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو ، إلى العاصمة الأمريكية لزيارة رسمية بدعوة من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والذي لم يتبع البروتوكول الأمريكي بالنسبة لإسرائيل حيث لم يكن رئيس وزرائها أول من يصل إلى العاصمة من قادة منطقة الشرق الأوسط.

فقد سبقه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وقد يسبقه الرئيس المصري حسني مبارك وربما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اللذان وجهت إليهما دعوة رسمية لزيارة واشنطن.

وقد نوهت الصحف العبرية بتعجب إلى هذه الظاهرة الأمريكية الجديدة.

ويأتي نتنياهو إلى واشنطن وفي جعبته الكثير من التصريحات التي تتناقض مع موقف الإدارة الأمريكية: فهو ضدّ فكرة الدولتين ومن أجل تطوير الأراضي الفلسطينية إقتصاديا دون أن يكون للفلسطينيين حق السيطرة على الأرض ، وضدّ حق تقرير المصير القومي للفلسطينيين، وغيرها من المواقف.

ويأتي أيضا وفي جعبته تصريحات وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، المتطرفة، ليس فقط ضدّ الفلسطينيين، والرئيس المصري حيث قال أن: "في إستطاعة مبارك الذهاب إلى الجحيم"، وسبق وهدد بتدمير سد أسوان، بل أيضا وجه صفعة للرئيس الأمريكي أوباما عندما قال أن: "الولايات المتحدة ستقبل ما سنطلبه منها". وكذلك موقف ليبرمان العنصري من عرب 48 القائل: "بدون تعهد وفاء (لدولة إسرائيل) لا توجد جنسية" وغيرها من التصرحات.

ومع ذلك فقد سرب مكتب نتنياهو بعض المعلومات عن ما سيقدمه لأوباما في لقائهما القادم (معاريف 24/4/ 2009 ). تقول الصحيفة أن نتنياهو سيقوم بوضع مخطط مكون من ثلاث فصول: الفصل السياسي، والفصل الإقتصادي والفصل الأمني، ولن يحاول الحصول على موافقة الكنيست عليها قبل اللقاء، حفظا لخط الرجعة.

فالنقاط التي ذكرتها "معاريف" كانت: "يجب إدخال كل من مصر والأردن في التحركات السياسية القائمة.

التأكيد على حماية مصالح وأمن إسرائيل، وقبول متأرجح لفكرة حل الدولتين، حيث أنه مستعد لقبول الفكرة حسب شروطه هو، خصوصا الشروط الأمنية المتعلقة بالدولة، وربطها مع المشاريع النووية الإيرانية والتي، حسب ما يقول، تصب في مشروع الأمني الإسرائيلي.

معنى كل ذلك أن نتنياهو سيحاول الضرب على وتر الرئيس الأمريكي بالنسبة لتطلعاته السياسية ولكن بدون قرار حاسم، فدائما يستطيع أن يقبل موقف أوباما ولكنه سيطالب "ديمقراطيا" العودة للكنيست للموافقة على نتائج هذه المحادثات.

وطبعا الكنيست اليمينية المتطرفة لن تقبل ذلك.

فرغم أن نتياهو تنازل عن شروطه المسبقة لقبول مبدأ العودة إلى طاولةالمباحثات مع الفلسطينيين، إلا أن هذا التراجع كان ظاهريا ولم يكن مقبولا حتى على الإدارة الأمريكية.

فمبدأ "الدولة اليهودية" هو من صميم الفكر الصهيوني اليميني واليساري، وفيه يكمن تحقيق برنامج وأحلام الحركة الصهيونية وهو برنامج إستعماري عنصري. فقبول قيام دولة فلسطينية معناه: التنازل عن فكرة أن ما يسمى بأرض إسرائيل تابعة للشعب اليهودي فقط، ومعناه أيضا أنه سترسم حدود دولة إسرائيل، الشيء الذي ترفضه إسرائيل منذ قيامها، أي تغيير أساسي في الفكر الصهيوني. وقادة إسرائيل غير قادرين فكرياعلى إتخاذ مثل هذا القرار.

ومن جملة النقاط التي سيطرحها نتنياهو هي نقطة "الخندق الواحد" أي أن إسرائيل وكثير من الدول العربية خصوصا الخليجية منها تقف في نفس الخدق في محاربة التأثير الإيراني في المنطق، مشيرا إلى أن نفس الوضع حدث إبان محاربة التأثير الشيوعي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيستطيع أوباما التصدى لموقف نتنياهو المتناقض مع موقفه بالنسبة للشرق الأوسط؟ الفكر السائد لدى الإسرائيليين، بشكل عام، وبعض العرب، أن أوباما سيخضع في نهاية المطاف لمطالب إسرائيل، وقد عبر عن ذلك علنا أفيغدور ليبرمان قبل عدة أيام.

فقبل وصول نتنياهو إلى واشنطن أعلنت إسرائيل عن بناء مستعمرة جديدة في حي السواحره في القدس، بالإضافة إلى أمر بهدم ثلاثين منزلا عربيا في أحياء القدس (هآرتس 27/4/2009)، وهذه صفعة إضافية لإدارة أوباما.

إذن نتنياهو يريد أن يفهم أوباما أنه سيد الموقف في إسرائيل وأنه وحكومته المقرران الوحيدان بما يدور هناك حتى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن أوباما يتطلع إلى حل القضية الفلسطينية في نطاق حل شامل في منطقة الشرق الأوسط وأمامه "المبادرة العربية" كأساس للموقف العربي، في حين ليس أمامه أية مبادرة إسرائيلية سوى المزيد من هدم المنازل الفلسطينية ومصادرة أراضي عربية وإقامة مستعمرات تتعارض مع الشرعية الدولية.

كما أن على طاولة أوباما أكثر من 100 مشروع لحل هذا الصراع المزمن منذ "مشروع روجرز" في عام 1969. وإذا دقق أوباما بالأسباب التي أدت إلى عدم تنفيذ هذه المشاريع سيجد أن السبب الرئيسي يعود للتعنت الإسرائيلي.

ويسير أوباما، لغاية الآن على الأقل، في طريق تنفيذ مخططه.

ويحاول أن يزيل بعض العقبات لتسهيل التقدم في الإتجاه الذي يريده. ففي الأسبوع الماضي صرحت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، أن الولايات المتحدة: "لن تعترف بحكومة فلسطينية تضم حركة حماس إلا إذا إعترفت حماس بدولة إسرائيل".

وكان هذه الموقف شرطا أمريكيا مسبقا. ولكن عندما وضع نتنياهو شروطه المسبقة لقبول الرجوع إلى طاولة المفاوضات (إعتراف فلسطيني بدولة إسرائيل دولة الشعب اليهودي، وإنهاء التهديد الإيراني) رفض البيت الأبيض أية شروط مسبقة.

وهكذا رفض البيت الأبيض الصيغة المشروطة التي تحدثت بها كلينتون. وسارعت كلينتون في اليوم الثاني، بأمر من أوباما، برفع " الفيتو" عن الحكومة الفلسطينية التي تضم "حماس" في شهادتها أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس حيث قالت أن أمريكا ستعترف بالحكومة الفلسطينية مع وجود "حماس" داخلها، إذا إعترفت هذه الحكومة بإسرائيل.

ومن ثم نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" (26/4/2009) تقول أن إدارة الرئيس أوباما قد طلبت من الكونغرس تعديل قانون دعم الفلسطينيين بحيث يمكن إستمرار الدعم الأمريكي لهم حتى لو تولت "حماس" القيادة أو شاركت في حكومة الوحدة الوطنية.

وهذا معناه أن إدارة أوباما معنية بتقديم المساعدات للفلسطينيين حتى لو كانت الحكومة برئاسة "حماس" أو شاركت "حماس" بها. وهذا تحول في الموقف الأمريكي ترفضه إسرائيل، وبالفعل أرسلت تل ــ أبيب تطلب توضيح من واشنطن حول هذا الموضوع. كما أن المعلومات الصادرة عن البيت الأبيض تشير إلى أن أوباما يريد تسهيل الأمور لإعادة بناء غزة. وهذا أيضا موقف ترفضه إسرائيل ومناصريها في واشنطن أيضا.

وعندما يصل نتنياهو إلى واشنطن ستواجهه كل هذه المواقف. ولكن الأهم من ذلك كله وهو قوة أوباما الشعبية. فقد تبين من إستطلاع للرأي العام (واشنطن بوست 25/4/2009) أن شعبيته لا تزال عالية (69 بالمائة من الأمريكيين يؤيدونه). وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة على نتنياهو واللوبي الإسرائيلي.

فإذن هناك فرصة ذهبية أمام أوباما لدخول التاريخ من أوسع أبوابه.

عن طريق الضغط على إسرائيل لقبول حل تاريخي في منطقة الشرق الأوسط.

ويجب أن يتخذ خطوات في حالة رفضها ذلك

المصدر