أحكام غير مسبوقة على 40 إخوانيا ومصادرة ممتلكات الشاطر ومالك
أحكام غير مسبوقة على 40 إخوانيا ومصادرة ممتلكات الشاطر ومالك
(1)أصدرت المحكمة العسكرية المصرية يوم الثلاثاء أحكاما بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث سنوات وعشر سنوات على 25 من الاعضاء القياديين في جماعة الاخوان المسلمين وبرأت 15 اخرين.
وقال محامي الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود للصحفيين أن خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة حكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات كما حكم بنفس المدة على رجل الاعمال حسن مالك وبرأت المحكمة رجل الاعمال عبالرحمن سعودي.
وأضاف أن عضو مكتب الارشاد محمد علي بشر حكم عليه بالحبس لمدة ثلاث سنوات.
وحوكم سبعة غيابيا لوجودهم خارج البلاد بينهم يوسف ندا رئيس بنك التقوى الذي حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.
و قال عبد المقصود ان المحكمة حكمت على اثنين اخرين غيابيا بالسجن لمدة عشر سنوات لكل منهما وعلى اثنين بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهما.
واجمالا حكم على خمسة بالسجن لمدة 10 سنوات وعلى اثنين بالسجن لمدة سبع سنوات وعلى خمسة بالسجن لمدة خمس سنوات وعلى 13 بالحبس لمدة ثلاث سنوات.
وحوكم أربعون من قيادات الاخوان بتهم من بينها الانتماء للجماعة التي تقول الحكومة انها محظورة لكن تسمح لها بنشاط في حدود.
أحكام غير مسبوقة على 40 إخوانيا ومصادرة ممتلكات الشاطر ومالك (2)
أسدلت المحكمة العسكرية أمس، الستار على القضية المتهم فيها 40 من قيادات "الإخوان المسلمين"، وذلك بإصدار أحكام بالسجن على 25 منهم بمدد تتراوح ما بين ثلاث إلى عشر سنوات، بينهم النائب الثاني للمرشد العام للجماعة خيرت الشاطر، ومصادرة ممتلكات عدد منهم، فيما قررت الإفراج عن الـ 15 الآخرين.
وقضت المحكمة بالحبس سبع سنوات على الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك مع مصادرة جميع ممتلكاتهما في العديد من الشركات، بينما عاقبت كلا من رجل الأعمال المعروف يوسف ندا وفتحي الخولي وتوفيق الواعي وإبراهيم الزيات وعلي همت غيابيا بالحبس عشر سنوات، وهي أقصى عقوبة توقع على عضو بالجماعة منذ بدء المحاكمات العسكرية في منتصف التسعينات.
وأصدرت أحكاما بالحبس خمس سنوات على كل من: أحمد شوشة وأحمد أشرف وأسعد محمد الشيخة وصادق الشرقاوي وأحمد عبد العاطي، وبالحبس ثلاث سنوات على كل من محمد علي بشر ومحمود أبوزيد وأيمن عبد الغني وصلاح الدسوقي وعصام عبدالمحسن وممدوح الحسيني وسيد معروف وفتحي بغدادي ومصطفى سالم وعصام حشيش وفريد جلبط ومدحت الحداد وضياء فرحات.
بينما قضت بتبرئة 15 آخرين وهم: حسن زلط وأمير بسام وأحمد عز الدين ومحمد مهنا ومحمد بليغ ومحمد محمود حافظ وياسر عبده وعبد الرحمن سعودي وخالد عودة ومحمود المرسي وأسامة شربي وأحمد النحاس ومحمود عبد الجواد وجمال شعبان وسعيد سعد علي.
وجاء صدور النطق بالأحكام السابقة وسط إجراءات أمنية مكثفة، حيث فرضت قوات الأمن كردونا أمنيا حول مقر المحكمة، واحتجز رجال الأمن آلات تصوير وشرائط تسجيل من الصحفيين المكلفين بتغطية المحاكمة، ومنعوا ذوي قيادات "الإخوان" المحاكمين من الدخول إلى مقر المحكمة.
واُعتقل ما بين 75 إلى 100 عضو من أعضاء الجماعة، بينما هدد الأمن المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان هيثم مناع وخيره بين مغادرة موقعه أمام المحكمة أو اقتياده لمطار القاهرة رغما عنه، رغم حصوله على تفويض بحضور المحكمة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وقوبلت الأحكام الصادرة بحق قيادات "الإخوان" بإدانة شديدة من جانب كوادرها وأعضائها الذين طعنوا في مصداقية المحكمة العسكرية، ووصفوا الأحكام الصادرة عنها بأنها "سياسية بامتياز".
ووصف الدكتور عصام العريان القيادي الإخواني البارز، الأحكام بأنها "جائرة ويسيطر عليها الطابع السياسي بامتياز، ولا يستطيع أحد إنكار ارتباطها بالتطورات التي مرت بها مصر في الفترة الأخيرة، بدءا من أحداث المحلة الدامية وقيام الحزب الحاكم بتزوير انتخابات المحليات وأجواء الاحتقان السياسي التي تمر بها مصر طوال السنوات الأخيرة".
وحذر العريان من مخاطر ما أسماها بـ "سياسات النظام الانتقائية والجائرة على سفينة هذا الوطن، حيث تحمل سياسة إلغاء الحقوق السياسية للمواطنين، وإبعاد القوى المعارضة مخاطر جمة على مصر لا يدرك النظام حجمها"، على حد قوله.
واستبعد العريان أن يكون لهذه الأحكام أدنى تأثير على مسيرة الجماعة وأعضائها، لافتا إلى أن المحاكمة هي الثامنة على التوالي خلال 13 عاما الماضية وقبلها عانى "الإخوان" كثيرا من بطش النظام إلا أن هذا لم يثنيهم عن تقديم تضحيات لصالح هذا البلد.
وحذر من أن هذا الحكم يفتح باب الجحيم على النظام الذي اتهمه بحماية الفساد وتكريس الاستبداد، وتابع: "في نفس الوقت الذي شهد إصدار أحكام جائرة على شرفاء الوطن الذين أفنوا حياتهم في نهضته نفاجئ بصدور أحكام تبرئة عضو بارز بالحزب الحاكم تورط في ممارسات من شأنها تهديد صحة المواطن المصري"، في إشارة إلى الدكتور هاني سرور النائب البرلماني، الذي صدر حكم أمس ببراءته من توريد أكياس الدم الفاسدة.
واستبعد العريان إمكانية لجوء الجماعة للعنف لمواجهة هذه الأحكام، مشددا على الطابع السلمي للجماعة منذ إنشائها، وهو نهج لن تتنازل عنه الجماعة مهما اشتدت الضربات من قبل النظام.
وتفاوتت قراءة المراقبين والمحللين للأحكام بين النظر إليها على أنها أحكام ذات طابع سياسي، واعتبارها مؤشرا على تصعيد محتمل من قبل النظام ضد "الإخوان" خلال الفترة القادمة.
وأعرب الدكتور عبد الله الأشعل الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي عن اعتقاده بأن يكون للأحكام بحبس قيادات "الإخوان" تداعيات على الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، فضلا عن إشاعة أجواء من الاضطراب، وتنامي حالة الاحتقان السياسي.
وأشار الأشعل إلى "الطابع السياسي الواضح جدا في الأحكام الصادرة"، قائلا إنه ربما أراد النظام من خلالها توصيل رسالة لجميع القوى السياسية بأن سياسة اليد الغليظة جاهزة للتعامل مع أية تجاوزات للخطوط الحمراء المرسومة، كما يقول.
واعتبر الأشعل صدور الأحكام على هذا النحو "يؤكد حالة الارتباك التي تعاني منه أجهزة السلطة"، وربط بين النطق بها وجملة التطورات التي مرت بها مصر خلال الفترة الأخيرة والتي أشعلت حالة من الهلع في أروقة السلطة".
فيما رأى ضياء رشوان الخبير بشئون الجماعات الإسلامية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام" أن العقوبات الموقعة على قيادات "الإخوان" تكشف عن نوايا النظام خلال المرحلة القادمة، وأنه بدأ ينتهج استراتيجية تصعيدية تجاه "الإخوان" خاصة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، التي تأتي ضمن خطة الدولة لإقصاء الجماعة عن الحياة السياسية.
وقال إن الأحكام التي صدرت بحق معتقلي الجماعة هي أحكام غير مسبوقة لم تحدث منذ محاكمات عام 1996، ولم يحدث ما حدث من مصادرة للأموال منذ سبع سنوات، مشيرا إلى طابعها التصعيدي الواضح إزاء الجماعة.
وربط رشوان بين صدور تلك الأحكام "القاسية" وحالة التوتر السياسي التي تمر بها العلاقة بينمصر وحركة "حماس" في الفترة الأخيرة، مؤكدا أن مكمن الخطورة فيها لا يقتصر على كونها تكرس لتحويل المدنين إلى محاكمات عسكرية فحسب، وإنما لأنه سيترتب عليها ردود فعل لا يمكن التنبؤ بها في ظل مجتمع ملتهب ويعاني من حالة من الاحتقان السياسي والأمني.
وأشار في المقابل إلى احتمال حدوث رد فعل تصعيدي من جانب "الإخوان" على الأحكام الصادرة، وقال إن هذا الأمر يظل من الاحتمالات الأساسية خلال المرحلة القادمة وسيتم حسمه داخل أروقه الجماعة.
أحكام "هندسية"(3) !
بدت الأحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية أمس على عدد من قيادات جماعة الإخوان وكأنها "مهندسة" بدقة وإحكام ، سواء في توزيع العقوبات السالبة للحرية أو المتعلقة بالأموال والشركات ، بطبيعة الحال يصعب أن يتفهم أحد في الداخل أو الخارج أي معنى أو سبب لإحالة المدنيين إلى القضاء العسكري ، لا يمكن تبرير مثل هذا القرار الخطير بأي حال ، وقد ذهب ضحية له مئات من المصريين أو آلاف من المدنيين كان حقهم الإنساني والأخلاقي أن يقفوا أمام قاضيهم الطبيعي وليس أمام لجنة عسكرية ، وأعتقد جازما أنه لو وقفت مجموعة الأربعين الأخيرة أمام قاض طبيعي فلن يكون لمثل هذه الأحكام التي صدرت أي وجود ، على كل حال صدرت الأحكام ، وليس من المنتظر أن يجري الرئيس مبارك أي تعديل عليها بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وستمرر كما هي ، كما حدث في سوابقها ، وقد تلقى خيرت الشاطر وحسن مالك الضربة الأقسى في تلك المواجهة بالسجن سبع سنوات ، وهي ثقيلة جدا بالنظر إلى الواقعة برمتها وهذا كان مقصودا لأن السلطة تنظر إلى الاثنين باعتبارهما عمود الخيمة في اقتصاد الجماعة ، أما الأحكام بالسجن لثلاث سنوات فهي مخففة بطبيعة الحال إذا قيست بصدورها عن محكمة عسكرية ، غير أن اللافت للنظر أن الأحكام التي صدرت في ما يخص الجوانب المالية كانت دقيقة للغاية ومهندسة ، وتعمدت الابتعاد عن عدد من الشركات التي يملكها قيادات إخوانية مثل الشاطر في حين حصرت المصادرة في بعض أسهمه التي شارك بها في شركات أخرى ، وهي مسألة تحتاج إلى تأمل وإلى شرح ، لأن المحاكم العسكرية في العادة لا تكون بمثل هذه الطيبة ورقة القلب ، غير أن ما انتهت إليه في الجوانب المالية ـ أيا كان تفسيره ـ قد خفف من التوابع البالغة السوء التي كان يمكن أن تلحق بالاقتصاد المصري من جراء عودة أحكام المصادرة للأموال والممتلكات على خلفية صراع سياسي ، لأن أي مستثمر أيا كانت وجهته لن يشعر بالأمان عندما يضع أمواله وممتلكاته في مصر تحت رحمة "قرار سياسي مفاجئ" ، وهو ما حذر منه كثيرون عندما طالبت النيابة بمصادرة أموالخيرت الشاطر وآخرين في تلك القضية ، وكل ذلك لا ينفي بطبيعة الحال الإحساس بالإحباط والظلم من تلك المصادرات أيا كانت قيمتها أو وزنها ، وعلى كل حال ، فقد أسدل الستار تقريبا على أحدث فصل من فصول المواجهة التي لا تنتهي بين السلطة والإخوان ، ولكنه بالتأكيد لن يكون الفصل الأخير ، والأجواء المتوترة والملتهبة في مصر الآن ، والملفات المفتوحة على مصراعيها للمستقبل ، وخاصة ملف انتقال السلطة ، ستوتر الأجواء أكثر ، وستفجر مواجهات أخرى جديدة ، لا يعلم أحد إلى أي مدى تصل ، ولا طبيعة هذه الموجهات ، هل ستنهي معارك "الحرب السياسية الباردة" بين السلطة والإخوان ، هل ستدفع الضغوط الإخوان إلى الدخول في مساومات من نوع ما ، أم على العكس ستدفع تلك المعارك التي لا تنتهي السلطة إلى الملل من لعبة المحاكمات العسكرية والاتهامات الدولية المتلاحقة فتفكر في البحث عن وسيلة أخرى لاحتواء الجماعة ، أم أن تحمل الأقدار تحديات أخرى مفاجئة على الوطن بكامله تذيب الخلافات بين الحاكم والمحكوم ، والسلطة والمعارضة ، فيجد الجميع أنفسهم في خندق واحد ومصير واحد ، .. قلبي مع خيرت الشاطر وأسرته وأسرة كل سجين سياسي يدفع ضريبة العطاء للوطن والبحث عن مستقبل أفضل لأمته .