خيرت الشاطر
توطئة
"إن النظام لو استمر في حجز الأموال بل تطور الأمر إلى الأرواح فإن الإخوان لن يتراجعوا عمايؤمنون به وسيظلون جنودا لهذا الوطن يسعون لنهضته وإنه من المستحيل ان يسافروا أو يتركوا سفينة الوطن ليغرقها المفسدون".... محمدخيرت الشاطر 30/1/2007
البطاقة الشخصية
- متزوج وله عشرة من الأولاد والبنات وعشرة من الأحفاد.
الشهادات العلمية
- حاصل على بكالوريوس الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1974.
- حاصل على ماجستير الهندسة جامعة المنصورة.
- حاصل على ليسانس الآداب جامعة عين شمس قسم الاجتماع.
- حاصل على دبلوم الدراسات الإسلامية معهد الدراسات الإسلامية.
- حاصل على دبلوم المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.
- حاصل على دبلوم إدارة الأعمال جامعة عين شمس.
- حاصل على دبلوم التسويق الدولي جامعة حلوان.
- عمل بعد تخرجه معيدًا، ثم مدرسًا مساعدًا بكلية الهندسة جامعة المنصورة حتى عام 1981م حيث أصدر السادات قرارًا بنقله خارج الجامعة مع آخرين ضمن قرارات سبتمبر 1981م.
الأعمال
- يعمل حاليًا بالتجارة وإدارة الأعمال، وشارك في مجالس وإدرات الشركات والبنوك.
النشاط الطلابي والدعوى
- بدأ نشاطه العام الطلابي والسياسي في نهاية تعليمه الثانوي عام 1966م.
- انخرط في العمل الإسلامي العام منذ عام 1967م.
- شارك في تأسيس العمل الإسلامي العام في جامعة الإسكندرية منذ مطلع السبعينيات.
- ارتبط بالإخوان المسلمين منذ عام 1974م.
- تدرج في مستويات متعددة وأنشطة متنوعة في العمل الإسلامي، من أهمها مجالات العمل الطلابي والتربوي والإداري ويشغل حاليا منصب النائب الثاني للمرشد العام
تعرض للسجن أربع مرات
الأولى: في عام 1968م في عهد عبد الناصر؛ لاشتراكه في مظاهرات الطلاب في نوفمبر 1968م حيث سجن أربعة أشهر، وفُصل من الجامعة، وجُنِّد في القوات المسلحة في فترة حرب الاستنزاف قبل الموعد المقرر لخدمته العسكرية المقررة.
الثانية : في عام 1992م ولمدة عام، فيما سمي بقضية سلسبيل.
الثالثة : في 1995م حيث حُكم عليه بخمس سنوات في قضايا الإخوان أمام المحكمة العسكرية.
الرابعة : في عام 2001م لمدة عام تقريبًا.
- عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1995م.
- أقام لفترات مختلفة في اليمن والسعودية والأردن وبريطانيا، وسافر إلى العديد من الدول العربية والأوروبية والأسيوية
الشاطر تاجراً
- ورث خيرت الشاطر النشاط الاقتصادي عن والده و أجداده وجرت التجارة في دمائه منذ صغره فقد مارس والده التجارة لاكثر من خمسين سنة وامتلك عددا من الاراضي الزراعيه وكان من أكبر التجار المشهورين في محافظة الدقهلية وكذلك جده من والده ووالدته أيضا وكان يساعد والده منذ طفولته جنبا الي جنب مع دراسته حيث تخرج من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية وكان متفوقا فعين معيدا بالكليه وبعد تخرجه من الجامعة قام بعمل عدة مشروعات اقتصادية مثل التجارة الحرة والمقاولات والاستشارات الهندسية وكان ذلك منذ عام 1974 الي 1981
- بعدها سافر خيرت الشاطر . وكانت الفترة 1981 الي 1987 فترة تواجده في اوروبا والمنطقة العربية وكان سفره في البدايه لغرض الدراسات العليا الا ان العمل التجاري استهواه مرة اخري فمارس العديد من الانشطة التجارية في منطقة الخليج واوروبا
- ثم عاد الي مصر عام 1986 ليؤسس مع حسن مالك الشركة الرائدة سلسبيل التي كانت وقتها من اكبر شركات لحاسب الآلي في مصر وكانت لها الريادة والسبق في في ادخال الحاسوب الي المنطقة العربية وعمل برمجيات باللغة العربية وكانت نواة لعدة أنشطة تجارية اخري ذات فروع في الوجه القبلي والبحري مثل تنظيم وارادة المعارض الكبري للسلع المعمرة تمليك المشروعات الصغيرة للمهنيين بالتقسيط وتقديم الدعم الفني والتسويقي لهم.
- انشاء سلاسل من محلات في المجالات التجارية المختلفة كما قام بتأسيس شركة لتصدير الخدمات للخارج (عقود صيانة - استشارات - تدريب ) والعمل في المجال الزراعي والثروة الحيوانية
- تم اختياره في هذه الفترة عضوا في مجلس ادارة المصرف الاسلامي الدولي وكذلك مجلس ادارة بنك المهندسين وكذلك في العديد من الشركات المساهمة في مصر والمنطقة العربية
- كما قام بالعديد من الرحلات التجارية في الدول الاوروبية والعربية (منطقة جنوب شرق اسيا) وحضور الكثير من الدورات الاقتصادية والادارية في مصر والخارج.
- وفي الوقت الذي كان خيرت الشاطر قد استورد التجهيزات اللازمة ليصنع الحاسب الالي بأيد مصرية في مصنع بالقاهرة
وفي التوقيت الذي وصلت فيه المعدات في الميناء بالأسكندرية ألقت قوات الامن القبض عليه فيما عرف بقضية سلسبيل وأغلفت الشركة وتم مصادرة كل الاجهزة والمعدات في الشركة وفي الميناء وبعد 11 شهر مضاها في المعتقل تم الافراج عنه وتبرئته وأعلن وزير الداخليه في تصريح نشر بالجريدة ( أنه غير مهم ) وظلت الشركة مغلقة حتي اليوم ولايعرف احد مصير ما كان بداخلها.
- وفي عام 1995 تم القبض عليه وحكم عليه بالخمس سنوات واستمرت العديد من هذه الانشطة في فترة محبسه ثم استأنف متابعتها بعد خروجه وقام بتطوير هذه الأعمال لإحداث مزيد من التنوع فيها كتأسيس كيان يقوم بتصدير الدواء المصري للمنطقة العربية ويصنع الدواء كاملا بايدي مصرية.
- ايضا في مجال تصدير المنتجات المصرية للخارج مثل المنسوجات كذلك العمل في ادارة المشروعات وجذب المستثمرين من الخارج ومن الشركات التي اسسها حياة للادوية والأنوار للأدوات الكهربائية ومالك ورواج وغيرها..
كيف كان خيرت الشاطر رجل أعمال شريف ؟؟
- لم يقم يوما بدفع رشاوٍِِِِ
- كان يقوم بتسديد ماعليه من ضرائب وتأمينات لم يعرف يوما الطرق الملتوية التي يعتاد عليها الكثير من رجال الاعمال.
- كأي رجل عمال ناجح فكر خيرت الشاطر في الربح والكسب ولكن لوطنيته الأصيلة كمسلم ظلت خدمة وطنه هي الهدف الاكثر اهمية له فركز في أعماله ونشاطاته علي البعد التنموي الذي يسعي ويهدف لتنمية المجتمع ولم يسر في اتجاه الاقتصاد الريعي الذي يهدف للربح فقط فلم نجده يتاجر في المواد المسرطنة او أكياس الدم الملوثة او الأسمنت المزيف أو يهرب أمواله للخارج بل كانت اعماله تحمل كل الخير لوطنه مثل:
- ادخال الحاسوب للمنطقة العربية
- عمل برمجيات للحاسب باللغة العربية
- التركيز في مشروعات الزراعة والثروة الحيوانية
- الاعمال الخدمية مثل معارض السلع المعمرة بالتقسيط لمساعدة الشباب علي الزواج
- كان دائما يفضل أن يعمل في مجال التصدير لتشجيع الإنتاج بأيد مصرية ( مثل تصنيع الدواء وتصنيع برمجيات الحاسوب ) وعندما عمل في مجال الإستيراد كان يصر دائما أن تكون مرحلة مؤقتة للتأهيل للتصنيع وذلك لايمانه بضرورة توفير فرص عمل لأبناء وطنه.
- لم يعش في ترف ورفاهية مسرفة ولم يهرب امواله للخارج وكان يدخل امواله في مشروعات لاستثمارها
نقاط مثيرة لاسئلة استفهام:
- في عام 1992 وبعد ان قامت الشركة بتجهيز واستيراد كافة المعدات اللازمة لتصنيع الحاسب الآلي بايد مصرية وبعد أن قامت الشركة بتجهيز واستيراد كافة المعدات ؛ وكانت المعدات قد وصلت لميناء الإسكندرية تم القبض علي خيرت الشاطر وإغلاق الشركة مع مصادرة كل الأشياء ومازال الوضع قائما حتي اليوم.وهذا العام وقد تم شراء ارض ب 6 أكتوبر وتجهيزها لعمل مصنع للاثاث علي الطراز التركي بايدي مصرية تمت الهجمة الامنية المخزية مرة اخري لحساب من يحارب الاستثمار في مصر ولماذا تتحمل مصر هذا الخسائر من ضياع فرص للعمالة وضياع فرص جيدة للاستثمار تدر بارباح للوطن بشكل جيد
- بعد القبض علي خيرت الشاطر وحسن مالك وغلق شركاتهم التي كانت تدير عدد من التوكيلات التي ذهب بعض رجال للاعمال المعروف علاقتهم بالحزب الوطني لمحاولة اخذ هذه التوكيلات لحسابهم وهناك تفسيرات تشير الي ان هذه الضربة قد تمت لحساب بعض رجال الاعمال القريبين من الحزب الوطني الحاكم
- كان من الطبيعي ان يكون لدي الشاطر وشركائه مليارات الجنيهات لتناسب حجم اعمالهم وتاريخهم التجاري الطويل ولكن نتيجة الضربات الامنية المتلاحقة لم يتجاوز حجم الاموال التي يتعاملون بها 10 او 15 مليون جنيه برأس مال 4 مليون جنيه باعتبار ان راس المال يدور بمعدل 3 مرات في السنه تقريبا في الوقت ذاته الذي نجد فيه رجال اعمال مغمورين ليس لهم أي اسم في السوق ظهرو فجأة ويعملون في المليارات من دون ان يسألهم احد من اين حصلو علي تلك الاموال فهل هذا هو ذنب الشاطر انه لم يدخل في شبكة المصالح الخاصة؟؟؟
- لحساب من يتم التستر علي رجال الاعمال الفاسدين الذين اغرقو المصريين وادخلو المواد المسرطنة واكياس الدم الملوثة واللحوم الفاسدة لحساب من يتم تهريبهم وعدم محاكمتهم في الوقت الذي يحارب فيه رجال الاعمال المخلصيين الذين حملو الخير لاوطانهم ووفرو فرص العمالة لاهلهم ولم يهربو اموالهم للخارج فيكون مكانهم في الزنازين المغلقة واعتقالهم بعد تبرئة المحكمة لهم ثم تقديمهم للمحاكمات الاستثنائية ؟؟
سلسبيل 1992 وسلسبيل 2007
- عبدالمجيد محمود هو المحامي العام وقتها الذي اصدر قرار غلق الشركة والان هو نفسه النائب العام الذي قرر التحفظ علي الاموال
- قامت الداخليه في 92 بعمل قضية الجاسوس ديفيد وفارس المصراطي ثم قامت تسليمه في النهايه لليهود بدون أي عقوبة واليوم العطار هو بطل قصة الجاسوسية فهل تنتهي قصته نفس النهاية
- في الحالتين تم اغلاق الشركات وتسريح العمالة ومصادرة كل الممتلكات لا نعرف لمن ولا لحساب من ؟؟؟
- أسرة المهندس خيرت الشاطر تنفي مانشر من أكاذيب من امتناع المهندس خيرت من الإجابة عن مصدر امواله فالحقيقة أنه أجاب بشكل واضح؛ وما امتنع عنه كان فقط مايخص التهم المستهلكه بقيادة جماعة محظورة.
- في حوار بين خيرت الشاطر وابناه عبر قضبان المحكمة أكد أنه يتحدي مناظرة أي مسؤل قانوني او اقتصادي موضوعي في التلفزيون ؛ولكنه علي يقين بأنه لن يسمحو له بذلك لأننا أمام قرار سياسي لايعرف منطقا ولا قانونا وليست لديه إلا العصا الأمنية والسياية القمعية.
زهور في بستان : بقلم د أمير بسام
لقد خلق الله سبحانه وتعالى البشر، وجعل لكل واحد مميِّزات وصفات تجعله مختلفًا عن غيره، فلا تكاد تجد فردَين متطابقَين تمامًا في طباعهما وأسلوب معيشتهما؛ وذلك للاختلاف في الموروثات التي تحدد خصائص الإنسان النفسية، والبدنية من فردٍ لآخر.
ويأتي اختلاف الثقافات بين الأفراد عاملاً آخر ليجعل لكل فردٍ طبعَه وتفكيرَه الذي يميِّزه عن غيره، فإذا اختلفت البيئة التي ينشأ فيها الأفراد، واختلفت أيضًا الأعمار فالتباين في الطباع والسلوك يكون على أشدِّه.
وقد تتباين مجموعة ما في موروثاتها وثقافتها وبيئاتها وأعمارها، ولكن يكون اجتماعهم لساعات معدودة على فترات متباعدة أو متقاربة، فلا تجد لاختلاف طباعهم أثرًا في علاقتهم، ولكن إذا عاشوا مع بعضهم أيامًا أو أسابيع فسرعان ما يؤدي تباين الطباع إلى مشاكل لا حصر لها!!.
وحتى في العلاقات الزوجية، فإن الخبراء يقولون إن أول عام من الزواج تكون فيه بعض المشاكل؛ لاختلاف طبعَي الزوجين عن بعضهما.
ولكن إذا وجدت مجموعةً من الناس مختلفي الثقافات والأعمار والبيئات، ويعيشون مع بعضهم أيامًا بل شهورًا عديدةً، ويكون مكان إقامتهم ليس متنزهًا أو مصيفًا، بل سجنًا يُظلمون فيه ويُحرمون أبسط حقوقهم، وهم الكرام في أهلهم؛ فإن هذه المجموعة بمنطق العقل، وخبرة الحياة حتمًا ستحدث بينهم من المشاكل، وتظهر بينهم من السلبيات ما يفوق الحصر.
ولكن أن تجد هذه المجموعة على ما هي فيه كما ذُكرت؛ يعيشون حياةً هادئةً يملؤها الحب، ويرفرف عليها التفاهم، ويسلس انقياد بعضهم لبعض؛ فلا تكاد تحدث مشكلة، ولا يعكِّر صفوَ العلاقات الراقية عكرُ الخلافات الطارئة!!.حين تجد ذلك لا بد أن تفكِّر مليًّا وتسأل نفسك: من هؤلاء ولماذا هم كذلك؟!.
والمحالون للمحكمة العسكرية هم مثالٌ لهذا النموذج الراقي؛ فهم ينتمون إلى بيئات مختلفة: بحري وقبلي، قروي ومدني، وأعمار مختلفة دون الأربعين حتى فوق الستين، وشهادات علمية مختلفة ومستويات اقتصادية متعددة، ومهن متباينة، ويعيشون تحت ظروف تدفع للتوتر، وتزرع الضيق في الأنفس، ومع ذلك تجدهم- ومع مرور عام على هذا الحال- لا تزيدهم الأيام إلا ألفةً، ويدفعهم ما يتعرَّضون له من ظلم إلى أن يصفح بعضهم عن بعض، ويرحم بعضهم بعضًا!!.
تجد أرواحًا متآلفةً، وقلوبًا متآخيةً، وأنفسًا مؤْثرةً، وأخلاقًا هي المكارم بعينها؛ ينطبق عليهم قول الشعر:
- ولكن أخلاق الرجال تضيق
فقد اتسعت أخلاقهم حتى جاوزت ضيق السجن، وضجر الظلم، ولا عجب في ذلك؛ فإن يد الله هي التي تزرع في هذه القلوب معانيَ الأخوة، فنبتت مظاهر الألفة، فتثمر علاقات السعادة ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 63).
وقد يتبادر أيضًا للذهن أن هذه المجموعة قد اتفقت في طباعها، وتوحَّدت في مشاربها؛ لذلك لم يحدث بينهم خلافٌ أو اختلافاتُ، ولكنهم ليسوا كذلك.. إنهم أيضًا مختلفو الطباع والمشارب، ولكنه الاختلاف الذي يؤدي إلى التكافل، وهو التنوع الذي يثري الحياة.
وقد تجاوزت هذه الألفة أشخاصهم إلى أسرهم؛ فقد أحسَّت أسرهم أنهم أصحاب هدف واحد وأمل واحد، وقد ظهر ذلك على الأبناء، فاكتُشفت مواهبهم، ونمت قدراتهم، وصَلُح حالهم.
ولا أقول إنهم ملائكة لا يخطئون، بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكن حسن النية، والرغبة في الثواب جعل التغافر بينهم أكثر من العتاب، والصفح أعمَّ من العقاب، وكل واحد منهم إن وجد في نفسه خصلة من السوء اجتهد أن يتخلَّص منها، وإن وجد خصلة من الخير في أخيه اجتهد أن يتعلَّمها منه، وهذا مصداق حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “ما التقى مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرًا”، والحديث القائل “المؤمن للمؤمن كاليدين؛ تغسل إحداهما الأخرى”، فكان تعايش هذه المجموعات مع بعضها كله إفادةً وخيرًا ونفيًا للشر.
وإني أمثِّلهم ببستان عظيم تدخل إليه فينشرح صدرك، ويبهجك جمال ورده وحسن أزهاره.ورغم أن البستان كله يعجبك إلا أنك إذا اقتربت من كل زهرة على حدة فستجد لها لونًا يميزها وشذا يخصُّها وجمالاً تتفرد به عن زميلاتها.
وهكذا من عاشرتهم عامًا كاملاً في السجن في هذه المحاكمة العسكرية المثيرة للجدل.. كل واحد منهم زهرة نسيج وحدها منفردة بمميزاتها، زهرة تبعث الراحة إلى النفس وتألف العين رؤيتها، كل واحد من هؤلاء الذين أراد لهم النظام البائس أن يعاقبهم بحبسهم، ولكن أراد الله أن يكونوا في محبسهم كباقة زهور في بستان، وأصبح كل منهم زهرةً في هذه الباقة؛ تشم منها أطيب ريح “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير”.
وأجدني مدفوعًا من حبي لهم وتقديري لأخلاقهم أن أقترب كل يوم من زهرةٍ من هذا البستان لأحدثكم عن أجمل ما فيها، وما يميزها عن غيرها وما تفيض به على من حولها لتشمُّوا معي عبيرَ هذه الزهور، فتسعدوا كما سعدت معهم.
وكذلك أقصد بحديثي عن هؤلاء الذين عايشتهم أن أقدم نماذج مشرِّفةً لأجيالنا الصاعدة؛ حتى يعلموا أن رجال الحق موصولون ومتواصلون، وأنه في كل زمن توجد طائفة بالحق مستمسكة، وله ناصرة حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، ومع لقاء قادم أحدثكم عن أول زهرة رأيتها….
المهندس محمد خيرت الشاطر
قابلته قليلاً قبل أن أرافقه في هذا السجن وفي هذه المحاكمة، ولا أخفيكم أنه كلما طالت أيام السجن كلما ازددت له حبًّا له وإعجابًا به.. إنه المهندس محمد خيرت الشاطر والمدَّعى عليه الأول في هذه المحاكمة الظالمة.
والمهندس محمد خيرت الشاطر قد أتاه الله بسطةً في العلم والجسم، وكذلك بسطةً في المال والعيال.
وقد أورد العقَّاد في كتابه "عبقرية عمر" أن هناك مدرسةً علميةً تقول إن العباقرة غالبًا ما يتميزون بصفات جسمانية مميزة؛ منها أن يكون العبقري طويلاً بيِّن الطول، أو قصيرًا بيِّن القصر، فلما رأيت م. خيرت وهو بيِّنُ الطول ورأيت فيه العبقرية بعينها أيقنت أن ما نقله العقاد صوابٌ إلى حد كبير، وأن هذا الرجل إنما اصطفاه الله لما أودعه فيه من عبقرية قلَّما تجدها بين البشر.
وعبقرية المهندس خيرت يلمسها كل من يحادثه أو يناقشه؛ فهو يتميَّز بعقليةٍ مرتَّبةٍ ومنظَّمةٍ إلى حد كبير؛ فإذا تناولت معه موضوعًا عامًّا أو خاصًّا تجده يرتِّب لك الأحداث والأفكار والاستدلالات بتلقائيةٍ، حتى إنك تظنُّ أنه قد جلس ساعاتٍ طوالاً يتدارس ما سيقوله، ومع تكرار الأحاديث، وتنوعها تتأكد أن الأمر ليس مدارسةً بل هي سليقة أودعها الله إياه.
وقد حباه الله أيضًا ذاكرةً حادَّةً أسأل الله أن يحفظها له فدقائق الأمور فضلاً عن كبارها تجده يذكرها لك حتى ولو بعد عدة أعوام، ولعل تنوع معلوماته، وكثرة معارفه وعِظَم قراءته وعمق تحليلاته للأحداث، والأمور تضيف إليك جانبًا من جوانب التقدير لهذا الأخ الكريم.
والمهندس خيرت ابن الحاج سعد الشاطر رحمه الله وهو من تجَّار الدقهلية المشهورين، وقد ورث عن أبيه براعة التجارة، وورث أيضًا مالاً يتاجر به؛ ولذلك هو رجل أعمال ناجح فتح الله عليه مشاريع عديدة أقامها بحرِّ ماله، وكانت سببًا في فتح أبواب العمل لكثيرٍ من الشباب.
أما أسرته فإنك تشعر أنها أسرةٌ مجاهدةٌ حقًّا، سواءٌ الأم أو بناته الثمانية، أو ولداه، وهما أصغر أبنائه؛ فكلهم يحملون رسالةً ويؤدون أمانةً، ويقفون وراء أبيهم يشدُّون من أزره.
ولعل أهم ما يميز المهندس خيرت هو روح الأبوة التي تملأ قلبه؛ فهو يستشعر مسئوليته نحو الجميع، ويتتبَّع أحوالهم، ويؤثرهم على نفسه، ويراعي أدقَّ المشاعر لأصغر المتواجدين معه.
تجده رغم كثرتنا يعرف أبناء كل واحدٍ منَّا، بل أحفاده إن وجدوا، ويسأل عنهم فردًا فردًا، ويعرف بدقة ملاحظته تواصلَ كل فرد مع أهله في الزيارات!!.
رأيته يعاتب أخًا لنا ظلَّ يكتب خطابًا أثناء زيارة ابنته له قائلاً: "إن وقت الزيارة أولى به ابنتك"، وكان في عتابه رقيقًا مهذَّبًا؛ تجده يتصابى لأطفالنا وكأنه منهم، ويتعانق مع أبنائنا الكبار وكأنه أبوهم.
ورغم ما تعرَّض له المهندس خيرت من مصادرةٍ للأموال وسجنٍ لفترات طويلةٍ تعدَّت ثمانيَ سنوات منذ عام 91 حتى الآن، ورغم ما يُشاع عن أنه المقصود الأول في هذه المحاكمة، إلا أن سَمَره مع إخوانه ومحاولته التخفيف عنهم والضحك معهم سمته دائمًا.
يجلس أحيانًا في طرقة العنبر ليجالسه من أراد، فتجد مجلسه هو مجلس الحب والسمر واللطف والتلطف، ثم هو معاني الإيمان بالله والتسليم لقضائه وقدره، ولعل ما يحببك في المهندس خيرت هو تواضعه الشديد ورغبته في عدم التميُّز عمن حوله.
أذكر أننا اجتمعنا تطوعيًّا لتنظيف مكان في فناء السجن مليءٍ بالأحجار؛ حتى يكون مكانًا لجلوسنا، فوجدناه وسطنا يحمل الأحجار، فلما طلبنا منه الراحة أصرَّ على أن يحمل معنا الأحجار رغم مرضه آنذاك.
وهو شاعر يحب الشعر، ويقرضه، كتب قصيدةً في عقد ابنته والذي عُقد في السجن جمع فيها جميع أسماء أبناء وأحفاد المحالين للمحكمة العسكرية.
ومن الأحداث التي تجعلك توقن أن قلب هذا الرجل يحمل إيمانًا عظيمًا بالله سبحانه وتعالى وتسليمًا لقدره، هو حينما جاءه خبر مرض زوجته، وقد كان مرضًا غامضًا؛ فقد أصيبت بغيبوبة، وكان الأمر صعبًا علينا، فما بالكم به؟!.. لقد فقد الرجل حريته وماله، ثم ها هو قد يفقد أنيسته وشقيقة روحه.
ولكن أشُهد الله أنه ما خرجت منه كلمة شكوى ولا علامة ضجر، بل كان الدعاء والصبر حتى أزاح الله الغمة وشفاها بآية من عنده، وحار الأطباء في سبب الشفاء، كما احتاروا في سبب المرض!!.
وقد دار بيني وبين آخرين معي حديثٌ بل أحاديث تطرَّقنا فيها عن المهندس خيرت الشاطر، فما وجدت من الجميع نحوه إلا إجماعًا على حبه وتقديره، وما لمسته أنا من برِّه وتواضعه وصبره وثباته أحسَّ به الجميع، فاستحق أن يتربَّع على عرش قلوبهم محبةً واحترامًا.
وقد كان دائمًا يجول بخاطري:
- ما حال الدعوة إذا ذهب عنها مؤسسوها الأوائل الذين عاشروا الإمام الشهيد حسن البنا وتربَّوا في أتون محنة سجون عبد الناصر؟!.. كان السؤال دائمًا ملحًّا على ذهني.. هل ستفرز هذه الدعوة أمثال هؤلاء يقودونها إلى بر الأمان؟!.
وكانت الإجابة عن هذا السؤال حينما عاشرت المهندس خيرت الشاطر، وعلمت أن الله يختار قادةَ دعوته، وأن هذه الدعوة ولاَّدة برجال أطهار أمثال المهندس خيرت الشاطر وغيره.
وإنني أسأل نفسي دائمًا: لماذا يضطهد نظامنا الفاشل أبناء الوطن المخلصين؟! لماذا مثل هذا الرجل يوضع في السجن؟! ولو استفادت الأمة من جهده وعلمه وعقله لكان الخير كل الخير.. هل مثل المهندس خيرت يكون مكانه السجن؟!.
ولكن أرجع إلى نفسي، وأقول إن الله أدخل يوسف السجن ليكون بعدها الحفيظ الأمين الذي ينقذ مصر، فهل يا تُرى يتكرَّر الأمر مع المهندس خيرت الشاطر؟! أسأل الله أن يكون ذلك.
المصدر : إخوان اون لاين
ألبوم صور
خيرت الشاطر (الجزء الأول)
المهندس-الشاطر-والأستاذ-سعد-الحسينى-عضو-مجلس-الشعب-والدكتور-محمود-غزلان-ومحمد-محمود-غزلان