زوجة خيرت الشاطر
عزة أحمد محمد ... زوجة المهندس خيرت الشاطر
الرجولة لها معان سامية لا يعرفها إلا من وهبه الله فهم هذه المعاني الطيبة فهي البذل والعطاء والتضحية والفداء، وهي احترام الآخرين واحترام وجهات نظرهم وعدم استصغار شأنهم، وهي أيضا الشهامة والمروءة في أجلى معانيها، ولذا قليلا ما نجد مثل هذه المعاني في مجتمعاتنا بسبب بعدنا عن ربنا.
وآل الشاطر هم نموذج لتمثل مثل هذه المعاني في أجل صورها ففيهم المهندس خيرت ومن وراءه بيته الذين عانوا الاضطهاد منذ الحقبة الناصرية خاصة عام 1968م، وازداد هذا الاضطهاد عندما اصدر الرئيس السادات قرارا بفصله من هيئة التدريس الجامعي لكونه أحد الذين يحملون الإسلام بمعناه الشامل.
وتجسد هذا الاضطهاد أيضا عندما انضمت لركب آل الشاطر سيدة فاضلة هي زوجة المهندس خيرت الشاطر.
من هي
عزة احمد محمد توفيق زوجة المهندس خيرت الشاطر، ولدت بمحافظة الفيوم هذه المحافظة التي خرجت رجالا بذلوا من اجل دعوتهم الكثير أمثال الحاج عبد العزيز العشري والأستاذ كمال عبد المحسن وغيرهم.
كان والدها يعمل بمجال الهندسة والمقاولات، وقد زف إليه خبر مولدها في 22/ 5/ 1952م، ولم تكن وحيده أبويها لكنه كانت أكبرهم، في هذا البيت اعتنى الوالد بتربية أبناءه تربية إسلامية، وحرص على إعطاءهم كل مقومات الحياة من تربية وتعليم.
التحقت بمراحل التعليم فكانت نعم الطالبة النجيبة، حتى تخرجت في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية وهي الكلية التي تخرج فيها المهندس خيرت الشاطر.
لم تكتفي بالحصول على هذه الكلية فدفعها شغفها وحبها للعلم إلى التزويد من العلوم الشرعية فحصلت على معهد إعداد الدعاة نظام الأربع سنوات وحصلت على المركز الأول فيه. (1)
زوجها
لا أحد يخفى عليه شخصية المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين، غير أننا لابد لنا أن نلقي عليه الضوء لنتعرف على كريزمة الشخصيتين التي جمع الله بينهما.
فهو محمد خيرت سعد عبد اللطيف الشاطر ولد في 4 مايو 1950م في قرية كفر الترعة القديم التابع لمركز شربين بمحافظة الدقهلية، وهو أكبر إخوته، التحق بالتعليم حتى حصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة الإسكندرية، بدأ نشاطه العام الطلابي والسياسي في نهاية تعليمه الثانوي عام 1966م، وانخرط في العمل الإسلامي العام منذ عام 1967م، وشارك في تأسيس العمل الإسلامي العام في جامعة الإسكندرية منذ مطلع السبعينيات، وارتبط بالإخوان المسلمين منذ عام 1974م.
عمل بعد تخرجه معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا بكلية الهندسة في جامعة المنصورة حتى عام 1981م حيث أصدر الرئيس المصري محمد أنور السادات قراراً بنقله خارج الجامعة مع آخرين ضمن قرارات سبتمبر 1981l، ولم يكتف بذلك بل حصل على ليسانس الآداب جامعة عين شمس، قسم الاجتماع، وحصل على دبلوم الدراسات الإسلامية معهد الدراسات الإسلامية، ودبلوم المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،وحصل أيضا على دبلوم إدارة الأعمال، جامعة عين شمس، كما حصل على دبلوم التسويق الدولي، جامعة حلوان.
ورث خيرت الشاطر النشاط الاقتصادي عن والده و أجداده، وفي الفترة 1981 إلي 1986م تواجد في أوروبا والمنطقة العربية وكان سفره في البداية لغرض الدراسات العليا إلا أن العمل التجاري استهواه مرة أخرى فمارس العديد من الأنشطة التجارية في منطقة الخليج وأوروبا، وبعد عودة لمصر أسس مع حسن مالك شركة سلسبيل التي كانت وقتها من اكبر شركات الحاسب الآلي في مصر وكانت لها الريادة والسبق في إدخال الحاسوب إلى المنطقة العربية وعمل برمجيات باللغة العربية وكانت نواه لعدة أنشطة تجارية أخرى ذات فروع مثل تنظيم وإرادة المعارض الكبرى للسلع المعمرة وتمليك المشروعات الصغيرة للمهنيين بالتقسيط وتقديم الدعم الفني والتسويقي لهم.
تم اختياره عضوا في مجلس إدارة المصرف الإسلامي الدولي وكذلك مجلس إدارة بنك المهندسين وكذلك في العديد من الشركات المساهمة في مصر والمنطقة العربية، ومن الشركات التي أسسها حياه للأدوية والأنوار للأدوات الكهربائية ومالك ورواج وغيرها.
يصفه الدكتور أمير بسام بقوله:
- " وعبقرية المهندس خيرت يلمسها كل من يحادثه أو يناقشه؛ فهو يتميَّز بعقليةٍ مرتَّبةٍ ومنظَّمةٍ إلى حد كبير؛ فإذا تناولت معه موضوعًا عامًّا أو خاصًّا تجده يرتِّب لك الأحداث والأفكار والاستدلالات بتلقائيةٍ، حتى إنك تظنُّ أنه قد جلس ساعاتٍ طوالاً يتدارس ما سيقوله، ومع تكرار الأحاديث، وتنوعها تتأكد أن الأمر ليس مدارسةً بل هي سليقة أودعها الله إياه".
قام خيرت الشاطر بتأسيس موقع إخوان ويب، وهو الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية، وفي يوم الأربعاء 28 ذو القعدة 1424 هـ الموافق 21 يناير 2004م تم اختياره نائبا ثانيا للمرشد العام للإخوان المسلمين، اعتقل كثيرا، ومكث في السجن سنوات كثيرة. (2)
زواجها
كانا الاثنين في نفس الجامعة، وكان نشاطها بارزا في الكلية حيث كانت عضوه نشطة في النشاط الطلابي الإسلامي خلال الفترة الجامعية بالجماعة الإسلامية، فتعرف بها المهندس خيرت عن طريقة أخته فاطمة زوجة الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد حاليا والتي كانت حلقة الوصل، وتم الزفاف في عام 1974م ورزقهما الله عشرة من الأولاد والبنات.
وجدت فيه نعم الزوج والأب كما وجد فيها نعم الزوجة الكريمة الوفية مما دفعها لتنظيم شئونها وتحصل على معهد إعداد الدعاة، ولم ينس الزوج رغم محنته ومكوثه في السجن سنين عددا في قضية ظالمة لفقها النظام المصري له ولإخوانه، فما أن علم بحصولها على المركز الأول حتى أرسل برقية تهنئة جاء فيها (يتقدم المهندس خيرت الشاطر وأسرته بخالص التهنئة والدعاء للزوجة الصابرة أم الزهراء لإتمامها معهد إعداد الدعاة "نظام أربع سنوات" وحصولها على المركز الأول بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف، وفي ذات الوقت وبالتوازي إتمامها حفظ القرآن ودراسة عدد من علومه في دار ابن مسعود " نظام الخمس سنوات"). (3)
في بيت المحنة
لم تكن الحاجة عزة توفيق بالشخصية الغريبة على ما رأته في بيت آل الشاطر لكنها كانت تدرك طبيعة الطريق وذلك بالتحاقها لصفوف الدعوة في بيت مبكر بل وقرأتها وسماعها ما كان يحدث للإخوان في سجون ناصر.
لكنه ذلك كله كان سماع وقراءة، فما كادت تدخل بيت الشاطر حتى رأته عمليا طوال فترة حياتها متمثلا في زوجها وأزواج بناتها، فكان مثالا للمرأة الصابرة الشاكرة الراضية بقضاء الله وما أكثر النساء في دعوة الإخوان المسلمين على هذه الشاكلة غير أنهن جنود خفية لا يعلم عنهن الكثير
فلقد اعتقل زوجها أثناء الجامعة عام 1968م، ولم تكن مشاركة له في هذه المحنة لكونها لم تعرفه، لكنها فوجئت عام 1981م بقرار من رئيس الجمهورية بفصل زوجها من الكادر الجامعي، فاتجه إلى الأعمال الحرة والعمل التجاري غير أن النظام المصري لم يترك أهل هذا البيت ينعمون بما جنوه من عرق جبينهم فحاربهم فيه لمصلحة بعض أعوانه.
فعندما تطرق لهم أن خيرت الشاطر أسس شركة للحاسب الآلي وسيصبح أول من يدخله مصر سارعت مباحث أمن الدولة بتلفيق التهم فيما عرف بقضية سلسبيل عام 1992م والتي أغلقت الشركة حتى الآن، ولم تكتف على ذلك بل قامت باعتقاله مع كوكبة من إخوانه الكرام لمدة عام، ولم تكتف بذلك بل ظلت تراقب نشاطه خشيت تفوقه على أقرانه رجال الأعمال من أنصار الحزب الوطني.
فما كاد عام 1995م يأتي حتى تحركت جحافل الأمن بوازع من النظام للقبض على رجال الإخوان بما فيهم خيرت الشاطر دون تهمة صريحة أو دليل واضح وقدم للمحاكمة العسكرية والتي حكمت عليه وعلى كوكبة من كرام الإخوان بخمسة أعوام قضاها كاملة بعيدا عن بيته وزوجته، ولم يعامل النظام الإخوان برأفة حسن السلوك أو ثلاثة أرباع المدة بل سنة الإخوان في السجن سنة كاملة.
وما كاد يخرج ليلتقي مع أبناءه وزوجته حتى غزت جحافل الأمن مرة أخرى بيته عام 2001م وقبضت عليه والذي ظل فيه عاما كاملا، وما كادت الأسرة تجتمع حتى فوجئت يوم 14 ديسمبر عام 2006م بجحافل أمن الدولة تعتقل رب البيت المهندس خيرت وليس ذلك فحسب بل فوجئت بأن زوج ابنتها الكبرى المهندس أيمن عبدالغني باعتقاله أيضا وقدما للمحاكمة العسكرية والتي حكمت على المهندس خيرت بسبع سنوات وعلى زوج الابنة بثلاث سنوات بالرغم أن القضاء العادي والقضاء العسكري برأهم من التهم التي وجهت لهم، غير أن النظام المصري يأبى وجود أمثال هؤلاء على وجه الأرض.
كما فوجئت الأسرة أيضا بجحافل الأمن تصادر الشركات والأموال وتحجب عنهم أموالهم أو التصرف فيها وتعين حارسا عليها دون أية سبب أو وجه حق، كل ذلك والزوجة صابرة تقود زمام الأمور بحكمة محتسبة ما يحدث لها ولزوجها عند الله عز وجل. (4)
مواقف تربوية
يذكر أبنائها بعض المواقف فيقولوا: دائما نذكر وقفة والدتنا معنا بعد كل ضيق فمثلا يتملكنا شعور بالرغبة في الانتقام بعد اعتقال والدنا دائما وحينها نتذكر والدتنا في هذا الموقف وكيف كانت صابرة مثل والدهم فلا تتزحزح.
ويضيفوا: أيضا نذكرها عندما كانت لنا بمثابة الأم والأب معا فحين يسلب الأب كانت تقوم بالدورين معا فهي من كانت تتعامل مع مدرسينا ومدارسنا لفقدان الأب.
ويضيف ابنها سعد الشاطر: واذكرها عندما تقول كل شي يهون في سبيل الله يا أولاد.. فقط اصبروا واحتسبوا .. أبوكم بطل. (5)
الهوامش
- حوار مع زوجة المهندس خيرت الشاطر أجراه الأستاذ عبده مصطفى دسوقي في يوليو 2009م.
- موقع إخوان أون لاين 4/ 3/ 2007م الموافق 14 صفر 1428 هـ.
- المرجعين السابقين.
- موقع إخوان أون لاين الأربعاء 29 ذو القعدة 1424 هـ الموافق 21/1/2004م.
- حوار خاص أجرى مع سعد خيرت الشاطر.