حسين الشافعي
إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين
مقدمة
كان حسين محمود حسن الشافعي وشهرته «حسين الشافعي» واحداً من الضباط الأحرار، وكان آخر المناصب السياسية التي تولاها منصب «نائب رئيس الجمهورية» في عهد جمال عبد الناصر وحسين الشافعي من مواليد مدينة طنطا عام ١٩١٨م.
وكان والده يعمل مهندساً في بلدية المدينة، وقد تعرف علي الرئيس جمال عبد الناصر، خلال فترة دراستهما في الكلية الحربية، عام ١٩٣٧م، وشاركه الحرب في فلسطين عام ١٩٤٨م، والتحق بتنظيم الضباط الأحرار، الذي أسسه عبد الناصر منذ بداية الفترة السرية للتنظيم، شغل الشافعي منصب وزير الحربية عام ١٩٥٤م وانتقل بعدها ليصبح وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم وزيراً للتخطيط ، وفي عام ١٩٦١م تولي وزارة شؤون الأزهر.
ويذكر أيضاً أن حسين الشافعي كان عضواً في محكمة الثورة التي حاكمت الإخوان المسلمين في منتصف الستينيات، وكان من المتهمين «سيد قطب» وفي عام ١٩٦٧م تولي رئاسة محكمة الثورة، التي حاكمت الضباط الذين انضموا إلي التمرد الذي قاده وزير الحربية بعد هزيمة ١٩٦٧م.
وظل الشافعي نائباً لرئيس الجمهورية حتى عام ١٩٦٩م إذ قام عبد الناصر بتعيين أنور السادات نائباً أول له، فلما توفي عبد الناصر وتولي السادات الحكم، أبقي علي الشافعي نائباً أول له، حتي عام ١٩٧٤م.
نريد أن نستوضح من خلال السطور القادمة علاقة حسين الشافعي بالإخوان المسلمين وهل كانت تلك العلاقة إيجابية أم سلبية ، وبداية نريد أن نوضح من هو حسين الشافعي ليتسنى لنا معرفة بعض الجوانب عن شخصيته .
حسين الشافعي فى سطور
ولد حسين الشافعي في 8 فبراير عام 1918 في مدينة طنطا بمصر، كان والده يعمل مهندساً في بلدية طنطا ثم المنصورة، وجده حسن الشافعي فقد كان عمدة كفر طه شبرا مركز قويسنا في المنوفية، أما جده لوالدته، مصطفى العزيزي، فقد كان عمدة مدينة طنطا، تلقى الشافعي تعليمه في مدرسة الفرير الفرنسية وكانت تُسمَّى باسم القديس لويس لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل إلى المدرسة الأميرية وهي مدرسة القاصد الابتدائية في طنطا التي دخلها عام 1926م، استمر في تعليمه الثانوي في المدرسة الثانوية في طنطا لكنه أتم تعليمه الثانوي من مدرسة المنصورة الثانوية عام 1934، ينتمي حسين الشافعي إلى أسرة متماسكة إلى حد بعيد وكان يربطها قيم وإحترام متبادل لدرجة عميقة.
التحق حسين الشافعي بالكلية الحربية عام 1936، وكانت هذه الحادثة باكورة سخطه على الوجود البريطاني في مصر، حيث كان (تيت بيه) و(سُوربرن بيه) الإنكليزيين من ضمن لجنة كشف الهيئة، وقد كان عبد المنعم رياض من ضمن دفعة الشافعي، أما جمال عبد الناصر فقد التحق بالكلية الحربية في الدفعة التي تليها، وهناك تعرف الرجلان عام 1937 خلال دراستهما في الكلية الحربية، كما تعرف أيضاً على زكريا محيي الدين وأنور السادات، سافر إلى إنجلترا لمدة ثلاثة أشهر قبيل تخرجه من الكلية الحربية عام 1939م، وهو ذات العام الذي إندلعت فيه الحرب العالمية الثانية، حيث التحق بسلاح الفرسان (السواري آنذاك) وبقي فيه حتى قيام الثورة.
عندما قامت حرب فلسطين عام 1948م، كان حسين الشافعي منتدباً في الإدارة العامة للجيش، أثناء هذه الحرب حوصرت قوات مصرية في الفالوجة، وكان جمال عبد الناصر ومعروف الحضري (الذي قام بنقل المؤن الي القوات المصرية خلال الحصار) وضباط آخرون ضمن هذا الحصار، وتوسعت علاقة الشافعي مع العديد من الضباط من خلال وجوده في إدارة الجيش مسؤولاً عن الضباط وتنقلاتهم،وهناك وعلى إثر نتائج الحرب فقد بدأ الشعور بالغليان بين ضباط الجيش.
بدأت علاقة الشافعي بتنظيم الضباط الأحرار باللقاء العرضي الذي حدث في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر عام 1951م في إدارة الجيش مع جمال عبد الناصر الذي كان يمرُّ على إدارة الجيش، إلتقى الرجلان على السلم الخارجي، ولم يكن الشافعي على يقين أن عبد الناصر على رأس التنظيم، ولكنه تكلم إليه على أنه أحد الضباط الأحرار، ودار الحديث عن الوضع الذي لا يحسدون عليه والتي آلت إليه الأمور، أخذ عبد الناصر يسمع كلام الشافعي دون أي تعليق، ولكن في نفس اليوم زار الشافعي كل من ثروت عكاشة وعثمان فوزي وأبلغوه بمسؤوليته عن قيادة سلاح الفرسان لحساب الثورة بمدرعاته، ودباباته، وعرباته المدرعة. أُنهي انتداب الشافعي في إدارة الجيش يوم 20 أكتوبر 1951، عاد بعدها لسلاح الفرسان وبدأ مباشرة بتجنيد الكثيرين لصالح الثورة، حيث تولى قيادة الكتيبة الأولى للمدرعات التي أطاحت بالملكية ليلة الثالث والعشرين يوليو 1952.
شغل الشافعي منصب وزير الحربية في 1954، وانتقل بعدها بعام ليصبح وزيراً للشؤون الاجتماعية، وكان له أثر كبير في إدخال نظام التأمين الاجتماعي وإطلاق برامج "معونة الشتاء" و"قطار الرحمة" التي ساعدت الفقراء في مصر، ثم عمل وزيراً للتخطيط، حتى تولى في 1961 وزارة شؤون الأزهر. وفي هذه الأثناء، شارك في المفاوضات التي سبقت إعلان الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958.
في عام 1963 اختاره عبد الناصر لمنصب نائب رئيس الجمهورية، وقد كان الشافعي عضواً في المحكمة التي حاكمت زعيم الإخوان المسلمين سيد قطب في منتصف الستينات، في عام 1967 تولى رئاسة محكمة الثورة، التي حاكمت الضباط الذين انضموا إلى التمرد الذي قاده وزير الحربية المصري المشير عبد الحكيم عامر بعيد هزيمة حزيران-يونيو 1967 والذي استمر قرابة الشهرين، ظل الشافعي نائباً لرئيس الجمهورية، لكن عبد الناصر عين في 1969 أنور السادات نائباً أول للرئيس، وعندما تولى أنور السادات رئاسة الجمهورية عام 1970، أبقى على الشافعي نائباً أول له حتى عام 1974...(1)
لعلنا من خلال ما سبق نستطيع رسم صورة ما فى أذهاننا عن السيد/حسين الشافعي ، نريد أن نذهب بهذا التصور لهذه الشخصية الى استيضاح حقيقة علاقة الرجل بالإخوان المسلمين كفصيل سياسي قوى كان مشاركا فى الثورة ، فكانت حتمية اللقاء بينهما .
حسين الشافعي والإخوان المسلمين
الغريب فى علاقة حسين الشافعي بالإخوان أنها كانت تحمل شقين ، شق لفظى وشق عملى ، فالشق الأول إنشائي يهدف الى الاستهلاك المحلى كما يصفه السياسيون ، والشق الثانى هو الهدف والغاية والكراهية العميقة التى سرعان ما تظهر إذا كشف عنها النقاب وتتخذ خطوات عملية فى القول والفعل.
نستوضح بإذن الله هذين الشقين حتى يتسنى لنا معرفة الحقيقة أو أقرب الطرق لها على حد وصف الباحثين .
الشق الأول: تصريحات حسين الشافعي لكثير من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية ، بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سامية الأهداف والمبادئ ، وأنها ساهمت بنصيب الأسد فى الثورة وأن قيام دعوة الإخوان كان ضرورة، وأن حسن البنا قوي الإيمان كان ملهمًا يدعو للمحبة فأحبه الناس جميعا، وقد أعتبر الأحرار أن دعوة الإخوان هي المدرسة التي يجب أن ينشأوا بين جدرانها ، وأنه لما ضرب الجيش ضربته كان طبيعيًا أن تتجاوب معه دعوة الإخوان المسلمين.
فمثلا فى حواره لموقع الإخوان المسلمين يقول حسين الشافعي قيام جماعة الإخوان المسلمين التي (تعبرون عن رأيها وعن رسالتها وهدفها) هذه الجماعة التي كان قيامها ضرورة تطلبها البلاد في وقت انعدم فيه الوازع الديني، وأصبحت الوصولية هي الهدف والأنانية هي المنطق، والإباحية والحياة التافهة التي تتركز في الاستمتاع الرخيص هي كل ما يُفكر فيه شباب الأمة جميعًا، وقد كان لتقصير المسئولين من علماء الدين في قيامهم برسالتهم- ليبصروا الأمة بما يحييها- سببًا آخر في ضرورة هذا القيام وهذا الظهور.
وقد كان العلماء لهم بعض العذر، فإن العلة قديمة قدم الاستعمار، فقد كان المستعمر يرى في الدين قوةً روحيةً يجب أن تدفع القوى المادية، لتستعذب العمل والفداء والاستشهاد في سبيل الله ، فسعى المستعمر ليفصل بين هذه القوة وتلك، ويخلق طبقةً تُسمَّى رجال الدين، لا حول لها ولا قوة في أمور الأمة، حتى كان الشعب حائرًا في أمره، لا يعرف عالمًا يرشده ولا حاكمًا يقومه؛ لأن هذا العالم منطوٍ على نفسه، وهذا الحاكم لا يعرف من أمر ربه شيئًا.
ويستطرد قائلا وفي هذا الجو وفي تلك الظروف تحتَّم قيام جماعة تُبصر الناس أمر دينهم، وترسم للحاكم والمحكوم الطريق السليم، وليست في قيامها أية بدعة أو خارقة للعادة، إذ إن قيام هذه الجماعة إنما هو مطلب مهم من مطالب القرآن الذي يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هم الْمُفْلِحُون) (آل عمران: 104) فقامت جماعة الإخوان، ووجدت الشعب المؤمن بطبيعته ومعدنه، متعطشًا إلى من يبصره أمر دينه، فالتف حولها، إذ إنها عوضته ما فوَّته الاستعمار على الأمة من إهمال الدين، ولا أنسى في هذا المجال- بكل خير وتقدير- الإمام الراحل الشيخ حسن البنا- رحمه الله- فقد كان قويَّ الإيمان، ملهَمًا يدعو للمحبة، وفيه كل مقومات المحبة، فلم يكن فظًّا ولا غليظَ القلب، فأحبَّه الناس جميعًا، ووهبوا لشخصه كل ما يملكون من نزعات الحب الخالص الصادق، ولم تكن حرب فلسطين هي اللقاء الأول بين الجيش والإخوان الذين تطوعوا في تلك الحرب، ولكن اللقاء كان قبل ذلك فإن الأحرار كانوا يتلمسون الخلاص في كل مجال ومضمار، واعتبروا أن دعوة الإخوان هي المدرسة التي يجب أن ينشأوا بين جدرانها...(2)
ويكمل حديثة قائلا: أما عن النصف الآخر من السؤال، وهو عن مدى التقاء دعوة الإخوان وحركة الجيش فأقول لك: "إن دعوة الإخوان وحركة الجيش ملتقيتان، وليس في ذلك شك، إذ إن هدف كلتيهما هو الإصلاح، وإن كان هناك اختلاف بسيط في المنهج، فالمعروف أن للإصلاح طريقين طريقًا قصيرًا، وآخر طويلاً، ولكلٍ مميزاته ومعوقاته، والطريق القصير مؤداه أن نضرب أولاً ثم نربِّي، والطريق الطويل مؤداه أن نُربي أولاً ثم نضرب.
ولقد اختار الجيش الطريق القصير فضرب ضربته القاضية، موجِّهًا إياها إلى الفساد المتمركز في القصر والحكم والحزبية والإقطاعية، وهاهو آخذ في تربية الشعب وتوجيهه، وينبغي الانتفاع بالوقت، ومحاولة إحياء الأمل من جديد في نفوس الشعب، بعد أن كاد يتلاشى تلاشيًا أبديًّا، وسرعة التخلص من الفساد قبل أن يستشري فيصبح لدى الشعب طبيعة مألوفة لا يفكر في التخلص منها، أما معوقات هذا الطريق فتتلخَّص في أن الإصلاح سيقوم على شعب لم ينل حظه وافرًا من التربية الصحيحة والتوجيه السليم.
ومميزات الطريق الطويل تتلخص في أن الإصلاح يقوم على أساس سليم، لأن أمامه شعبًا قويًا نال حظه الوافر من التربية السليمة، وهذه التربية السليمة ستجعل الشعب يتجاوب مع صيحات الإصلاح دون تأخر أو تواكل أو مروق، وأما معوقات هذا الطريق فإنها عكس لمميزات الطريق القصير تمامًا.
ولكن الهدف لحركة الجيش ودعوة الإخوان واحد، وهو الضربة القاضية التي تحطم طواغيت الفساد حتى تدعها هشيمًا تذروه الرياح، ولما أن ضرب الجيش ضربته
طبيعيًّا أن تتجاوب معه دعوة الإخوان التي كانت تمهد لهذه الضربة بتربية الشعب المسلم، وثمة اختلاف وجيز، وهو أن حركة الجيش استوعبت كل أفراد الشعب، بَيد أن دعوة الإخوان قد استوعبت الغالبية الساحقة من أبناء الوطن فحسب، إلا أن حركة الجيش ودعوة الإخوان يلتقيان أيضًا عند الهدف من تجمعاتهما؛ إذ إن كلتيهما تسعى لتحرير الوطن وإقامة الإصلاح فيه على أسس سليمة متينة...(3)
وكان حسين الشافعي قد ررد هذا الكلام فى أكثر من مكان وفى أكثر من حوار على مواقع اليكترونية أو جرائد أو مجلات فهذا الرأى لحسين الشافعي نجدة مفصلا فى جريدة الأهرام عدد يناير 1987 ، ولكنى رأيت حديثة إلى طاقم موقع الإخوان المسلمين أكثر شمولا.
أما الشق الثاني فهو ما يراه معظم الباحثين حقيقيا ومتماشيا مع شخصية حسين الشافعي:
الا وهو الجانب الهجومي المبرر على الإخوان المسلمين ، حيث أنه يدافع فية عن محكمة الثورة الذى كان عضوا فيها والتى حكمت بالإعدام على رموز الإخوان المسلمين ، وكذلك يؤمن بأن الإخوان المسلمون هم من قاموا بتدبير حادث المنشية بعد ما رأوا مكاسب الثورة تتحق على الأرض فأرادوا التخلص من رمز الثورة جمال عبد الناصر على حد قوله لأحمد منصـور فى برنامج شاهد على العصر حول موضوع (ثورة الضباط الأحرار كما يراها حسين الشافعي) وذلك فى الجزء السادس من الحلقات التى أفردت لحسين الشافعي فى شهادته على العصر وكانت الحلقة التى شملت حواره عن الإخوان المسلمين بتاريخ 30/10/1999 م، وذلك ما سوف نستوضحه فى الشق الثاني بإذن الله تعالى.
الشق الثاني: نراه ممثلا بوضوح فى حوار حسين الشافعي لأحمد منصـور فى برنامج شاهد على العصر حول موضوع (ثورة الضباط الأحرار كما يراها حسين الشافعي) وذلك فى الجزء السادس من الحلقات التى أفردت لحسين الشافعي فى شهادته على العصر وكانت الحلقة التى شملت حواره عن الإخوان المسلمين بتاريخ 30/10/1999 م.
حيث يقول السيد/ حسين الشافعي: الإخوان تصوروا أنهم يضعون أساسًا جديدًا للإسلام،وهذا أكبر وأول خطأ لهم،لأن الإسلام وضع أساسه سيد الخلق،ولن يستطيع أحدٌ أن يدعي أنه سيضع أساسًا جديدًا،ومع هذا ربنا قال له:(لست عليهم بمسيطر)والإخوان المسلمون كانوا يريدون أن يُنَظِّروا من المسلم ومن غير المسلم،وهذه أول غلطة،وأنا أعتبرها غلطة كبيرة جدًّا،والغلطة الثانية أنهم قالوا: نترك هؤلاء الناس الذين سيقدمون على هذه المخاطرة،يتعرضون للخطر ونحن في الأمان إلى أن تتم لهم السيطرة،فإذا نجحوا فلن يستطيعوا الوقوف أمامنا لأن لدينا تنظيمًا ينتظم فيه حوالي 18 ألفًا،إضافةً إلى أن الدعوة للإسلام لن يستطيع أحد الوقوف أمامها.
عملية الأمر بحل جماعة الإخوان المسلمين هذه كانت عملية اضطرارية،فنحن أبقينا على الإخوان المسلمين دون الأحزاب متوسمين أن يكونوا ملتزمين بالالتزام الإسلامي،الذي يجعل هناك تقاربًا وتآلفًا ووحدةً وعدم فُرقةً،لكنهم كلما مرّ يوم جديد على الثورة،ازداد شعورهم بأن الثورة تثبت أقدامها،وهذا الذي جعلهم يتعجلون في الأعمال المضادة،ابتداءً من عملية المدفعية،ومشاركةً في عملية الفرسان في سنة 1954م،وعندما فشلوا في الاثنين،بدءوا في التفكير في العدوان على رمز الثورة وهو(جمال عبد الناصر)في سنة 1954م.
على كل حال تأمين الثورة والذين يقومون بأمرها إذا لم تكن لديهم القدرة على حمايتها والمحافظة عليها،لما قاموا بالثورة مطلقًا،فنحن تحت أي مسمى لا أحد يقوم بمشاجرة،أو خلاف دون أي مبرر،وإنما من يريد فرض نفسه،وتصبح له وصاية على الثورة،أو أنه يثب على السلطة طبعًا الثورة من حقها أن تحافظ على نفسها،وهذا الإجراء ليس بقصد حل الإخوان لأننا لا نريد لهذا الجانب أن يكون موجودًا بالعكس إنما تأمينًا للثورة،كان هذا ضرورة.
قرار الحل لم يرجع عنه عبد الناصر،لكن كل الإجراءات التي تمت كانت لحماية الثورة،وبعد ذلك لحماية الإخوان من أنفسهم،حتى الأحكام التي صدرت ضدهم كانت لكي لا يحاولون القيام بانقلابات،أو أعمال مضادة،فكانت الفترة معظم الأحكام التي لم تتجاوز عشرة سنين كانت كفيلة أن ترد الناس إلى صوابها،ولتعلم أن الثورة ليست لعبة،وأنها ستسير في خط سيرها،وأنها لا بد ستثبت أقدامها،وأنا دهشت لهذا الموضوع،عندما ربنا توَّه اليهود أربعين سنةً،إلى أن يشب جيل جديد، ويعرف رأسه من رجليه.
للعلم،أي ضابط-في رتبة مثل رتبنا-يقوم بمحاكم عسكرية،صحيح أن القانون العسكري هو الذي يحكم في هذا الموضوع،ولكن نفس الإجراءات،ودور المدعي،ودور الضمان للعدالة في هذه الأمور هذا من ضمن الأمور التي يطلع عليها الضابط أثناء خدمته، فلا سبيل للتشكيك فى كونى قاضيا وانا من ضباط الجيش وكذلك من كانوا معى.
حكمت بالإعدام على سبعة،أُعدم ستة منهم،واستُثْنِي مرشد الإخوان لكبر سنه،بعض الذين أُعدموا لم يكن لهم علاقة من قريب أو بعيد بحادث المنشية مثل (عبد القادر عودة).
يستطرد قائلا عندما حكمت بالإعدام على عبد القادر عودة لم يكن لصلته بحادث المنشية (ولكن أخذا بالشبهة لأن عبد الناصر أعتبر تليوح عبد القادر بعصا عليها منديل ملطخ بالدماء أثناء خطابة الذى صرف به الآلاف من سرايا عابدين أمام عبد الناصر تهديدا لعبد الناصر من عبد القادر عودة بأن الإخوان سيقضون على الثورة).
ويستفيض فيقول :أن الذي يضع نفسه في موضع شبهة في ظروف ثورية،لابد أن يكون مستعدًّا أن يلقى شيئًا يتجاوز حدود الذي قام به،لأنه أن يقف في الشرفة إلى جانب(محمد نجيب)في المرحلة التي كانت فيها الأزمة،ويرفع عصًا عليها منديل مخضبٌ بالدماء في(عابدين)في استقبال المظاهرة التي كانت موجودة،هذا في حد ذاته عمل كبير جدًّا،يضع نفسه موضع شبهة،قد يكون الجزاء فيها استشعارًا لخطر هذا المظهر بالنسبة لردود فعله.
أنا لا أريد أن أشبه ثورتنا بالثورة الفرنسية،أو الثورة الشيوعية،أو أي ثورة قامت على وجه الأرض،ربما أنها كانت أرحم ثورة في تناول الأمور،لأنه كان المبدأ الأول من مبادئ الثورة هو القضاء على الاستعمار،وعلى أعوانه من الخونة من المصريين،ربما الخطأ الوحيد الذي قامت به الثورة هو أنها لم تضع هذا المبدأ موضع التنفيذ الحقيقي،لكيلا يعودوا مرة أخرى،ونرى الخيانة تتجسد مرة أخرى.
لا توجد ثورة لا يحدث فيها تجاوزات،لكنْ المهم النوايا في النهاية أنك تُثَبِّت الثورة،وتثبت أقدامها،لأن الأعداء الذين في الخارج لا يقل عنهم من هم في الداخل،وإذا لم تحمِ ثورتك،إذن لماذا قمت بالثورة؟كل الناس الذين تكلمت عليهم لم يكن لهم هدف إلا الوثوب على السلطة بأي صورة من الصور، وفى مقد متهم الإخوان المسلمون.
لكن كون أن الإخوان المسلمون يقولون بأنهم حركة عالمية لذلك فأنهم لم يذوبوا فى الثورة ،نحن لا نريد منهم أن يذوبوا في الثورة،لكن ألاّ يكونوا مناهضًين للثورة،فالمناهضة تظهر في التصرف،وتظهر في النوايا،وطبعًا إذا أتيحت الفرصة تصبح عملاً مثل العمل الذي ظهر في انقلاب المدفعية،كان تعبيرًا واضحًا،فقبل انقلاب المدفعية كانوا يقولون كلامًا عن الثورة،ولم تكن الثورة خطت خطوةً واحدةً بعد.
وأستطرد قائلا ضمن التشنيعات أن الإخوان المسلمين كانوا يقولون(مازال الأذان السلطاني يؤذن به)،الإخوان المسلمين لهم أسلوب في الأذان يقولونه،هذا اتجاه تحزبي وليس نقدًا موضوعيًّا بالنسبة للأذان،لأن الأذان لم يزد فيه ولا نقص منه،فهي بداية بمشاعر كما لو أننا أخذنا منهم شيئًا،نحن لم نأخذ منهم شيئًا،إنما نحن أقدمنا على شيءٍ لم يكن في استطاعة الإخوان المسلمين أن يؤدوه...(4)
ذهب الباحثون إلى الاستغراب الشديد من إيمان القاضي ببراءة المتهم ، ومع ذلك فهو غير أبه ولا نادم ، والعجيب عندما يقول السيد حسين الشافعي/ أننا أعدمنا عبد القادر عودة أخذا بالشبهة لأن عبد الناصر أعتبر تلويحه بمنديل علية بعضا من الدماء دليلا كافيا على ثبوت الاتهام وضرورة الحكم بإعدامه !!
هنا ومن كل ما سبق يتضح لنا حقيقة العلاقة بين كلا من السيد/ حسين الشافعي والإخوان المسلمين .
يتبقى لنا أن نعرف كيف مات السيد/ حسين الشافعي وظروف وملابسات موته .
وفاة حسين الشافعي
- توفي حسين الشافعي في يوم الجمعة 18 نوفمبر 2005 عن عمر يناهز 87 عاماً.
- كان حسين الشافعي أحد إثنين من أعضاء تنظيم الضباط الأحرار الذين ما يزالون على قيد الحياة وبوفاته لم يتبق إلا خالد محيي الدين.
المراجع
1- روبرت سان جو الجزء الثاني (مكتبة الإسكندرية).
2- كتاب مقدمات ثورة 23 يوليو سنة 1952 - عبد الرحمن الرافعي - ويكيبيديا الإخوان المسلمين ، جريدة الأهرام عدد يناير 1987 .
3- مقال: أخطر حوار مع حسين الشافعي حول الثورة والإخوان - ويكيبيديا الإخوان المسلمين .
4- برنامج شاهد على العصر حول موضوع (ثورة الضباط الأحرار كما يراها حسين الشافعي) الجزء السادس من الحلقات التى أفردت لحسين الشافعي فى شهادته على العصر وكانت الحلقة التى شملت حواره عن الإخوان المسلمين بتاريخ 30/10/1999م
5- وفيات 2005 الأهرام.