حلمي صادق حتحوت
إعداد : موقع إخوان ويكي
نبذة تعريفة
هو الأستاذ الدكتور المهندس حلمي محمد صادق حتحوت ، ولد في الشرقية في 25/5/1942 .
- نشأ في بيت فضل وأصل ، وواصل رحلته العلمية بنجاح وتفوق حتى التحق بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية عام 1959م .
- واصل دراسته الجامعية بتفوقه المعهود حتى تخرج منها في عام 1964م، ليعين بعد تخرجه مباشرة معيدا في نفس الكلية .
- وبعد تخرجه بعام واحد فقط اعتقل في قضية تنظيم 1965 وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة .قضى منها عشر سنوات ليخرج بعد ذلك في سبعينيات القرن المنصرم.
- أكمل دراساته العليا حتى حصل على الماجستير في الهندسة المدنية عام 1975م ، ثم الدكتوراه في الهندسة المدنية في 1977م فور خروجه من السجن .
- وقد عمل أستاذا للهندسة المدنية في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية .
قصة الالتحاق بالركب المبارك
كان الأستاذ حلمي حتحوت كثيرا ما يسمع عن جماعة الإخوان المسلمين ، وعن التنكيل والتعذيب و البطش الشديد الذي تعرض له أبناء هذه الجماعة ، وكان دائما يتساءل عن سبب هذه التعامل الوحشي الذي تلقاه هذه الجماعة بالذات دون غيرها.
وظل هذا التساؤل يشغل عقله و يحرك إحساسه ويبحث له عن إجابة يطمئن لها قلبه حتى التحق بكلية الهندسة في عام 1959م .
وفي الكلية وتحديدا في مصلاها تعرف على بعض الشباب الطيب من ذوي السمت الإسلامي فعرض عليهم ما كان يشغله من تساؤلات عن جماعة الإخوان المسلمين ووجد عندهم الإجابة الكافية الشافية حيث إن هؤلاء الشباب كانت لهم صلة بجماعة الإخوان وكان بعضهم من سوريا .
وبدأت تتكون لدى أستاذنا الفاضل صورة واضحة عن هذه الجماعة، وأصبح لديه قدر لا بأس به من المعلومات عن دعوة الإخوان المسلمين .
وتأكد لديه أن دعوة هذه الجماعة دعوة ربانية تدعو إلى فهم شامل للإسلام ، من أجل إصلاح الفرد و المجتمع ومن ثم الأمة بأسرها .
وكانت صدمته كبيرة لما تكشفت له هذه الحقيقة إذ كيف تقابل مثل هذه الأهداف النبيلة بهذه الحرب الضروس ، وكيف يحاكم أبناؤها تلك المحاكمات القضائية الظالمة .. في ذات الوقت الذي يتترك فيه أصحاب الأيادي السوداء من الشيوعيين وغيرهم من خفافيش الظلام يعيثون في الأرض فسادا، ويهلكون الناس بضلالاتهم دون أن يحاكمهم أحد أو حتى يوقف زحفهم الخبيث .
فكان أن شرح الله صدره وقرر الالتحاق بركب جماعة الإخوان المسلمين و أبنائها المؤمنين في عام 1962م .ليبدأ من حينها طريق العمل بين صفوفها كواحد من أبنائها المخلصين .
في السجن إيمان راسخ وثبات كالجبال
وظل يعمل مع الإخوان من أجل الدعوة وإعادة تنظيم الجماعة حتى تم اعتقاله في قضية تنظيم 65، ودخل غياهب السجن الحربي وفيه رأى رأي العين ما كان يسمع عنه من تعذيب وبطش وتنكيل لكن الله تعالى ثبته ليواجه المحنة صابرا محتسبا أجره عند الله عز وجل بإيمان راسخ ولا أدل على قوة ثباته بفضل الله تعالى من موقفه الإيماني الرائع مع صلاح الفقي عميد عائلة الفقي إثر أحداث قرية كمشيش؛
وعن ذلك يقول المهندس الصروي:
- " قرية كمشيش: وما أدراك ما كمشيش.. هي قرية من قرى المنوفية. وبها إحدى أكبر عائلات محافظة المنوفية "عائلة الفقي" التي اتهمتها الحكومة بأنها تتهرب من قوانين الإصلاح الزراعي.. وفي المقابل شكل جمال عبد الناصر لجنة لتصفية الإقطاع برئاسة المشير عبد الحكيم عامر ..
- فقام المشير بمداهمة هذه القرية بواسطة جهاز المباحث الجنائية العسكرية آنذاك برئاسة الرائد حسن كفافي أحد رموز التعذيب في قضايا (1965م) .. ثم تطورت الأحداث فأطلق أحد أفراد القرية النار على الشيوعي صلاح الدين حسين زوج (الإشتراكية) شاهندة مقلد.. وكان صلاح هو مندوب لجنة تصفية الإقطاع في القرية..
- وكان مستفزاً جداً، وأحدث فتنة راح هو ضحيتها.. فتم القبض على كثير من أهالي قرية كمشيش، وكذلك على أغلب أبناء عائلة "الفقي" وعلى "صلاح الفقى " عميد العائلة.. وساموهم سوء العذاب في السجن الحربي مع كم هائل من الإهانات الشخصية التي لا داعي لسردها.
- فأصيب كثير منهم بالذهول والاكتئاب، هذا مع الحبس الانفرادي في السجن الحربي ، فتفاقمت الأمور وأصيب بعضهم بحالة من الهستيريا.. حينئذ استدعت المباحث الجنائية الأخ الدكتور حلمي حتحوت للسكنى في زنزانة مع صلاح الفقي عميد عائلة الفقي حتى لا تتفاقم حالته النفسية.. وفعلاً قام الأخ حلمي حتحوت بهذا الدور الإيماني الرباني خير قيام، أما باقي عائلة الفقي .. فكان صراخهم بالليل والنهار وابتهالهم إلى الله بصوت عال جداً في السحر..
- يدمي القلوب رغم أننا كنا نعيش مأساة أكبر من مأساتهم.. وكنت أصحو بالليل على صراخ أحدهم وهو يناجي ربه، ويعترف بذنبه، ويطلب عفوه وغفرانه قائلاً بصوت فيه صراخ شديد يهز الوجدان هزاً في جوف الليل البهيم: "غفرانك ربي غفرانك.. ما أعظم ذنبي غفرانك " ويبتهل بها طول الليل في صراخ يبكي الحجر، ويحرك الصخر.. هذا ما كان يفعله الظالمون بالناس.. ألا لعنة الله على الظالمين."
بعد ذلك كانت محاكمة الدجوي العسكرية الشهيرة ، ليأخذ أستاذنا الفاضل حكما ظالما بالأشغال الشاقة المؤبدة مع مجموعة من إخوانه اللذين كانت لهم أدوارهم الفرعية في قيادة التنظيم التي تلي دور مجلس القيادة مجتمعًا .
غير أن هذا الأمر لم يلن له عزيمة ، ولم يضعف له همة ، فقد تعايش مع سنوات السجن بإيجابية عالية ومن أمثلة ذلك : أن الإخوان داخل السجن نظموا مجموعة علمية من الإخوة امثال " المهندسين عبد المجيد الشاذلي، حلمى صادق حتحوت، محمد الهامي بدوي، أحمد الزفتاوى، عبد الحميد راجح " و اللذين كانوا يقومون بالتدريس للإخوان الطلبة في مراحل التعليم المختلفة .
ومن أمثلة ذلك أيضا ما قاله الأستاذ الصروي:
- " وكان البعض يستعد للحصول علي الدكتوراه مثل الأخ الشيخ عبد الستار فتح الله سعيد ، والأخ المستشار علي جريشة ، والأخ عبد الرحمن بارود ، والأخ المستشار عباس حسنى والأخ المهندس حلمي حتحوت (هندسة الإسكندرية) وقد نالوها جميعًا بعد الإفراج عنهم "
- ومن المواقف التي واجهها الدكتور حلمي بثبات أنه استدعي هو مجموعة من الإخوان لحوارات تلفزيونية من أجل هز صورة الإخوان وتشويهها وأجرى الإذاعي حمدي قنديل عدة مقابلات مع بعض أفراد الإخوان .. منهم على عشماوى و فاروق المنشاوى المهندس الكيميائي ومع إسماعيل الهضيبى محامى ونجل فضيلة المرشد حسن الهضيبي..
ومع أستاذنا الدكتور حلمي حتحوت المعيد بهندسة الإسكندرية آنذاك ..
- ولكن إرادة الله كانت على غير ما أراد حمدي قنديل .. فلقد تعاطف الناس غالبيتهم مع د. حلمي حتحوت .. حتى أن بعض الشباب أخذ صور د. حلمي من الجرائد والمجلات واحتفظ بها في جيبه أو في محفظته كما تعاطف الناس أيضا مع شباب الإخوان وصارت صور حلمي حتحوت التي كان الناس يقصونها من الجرائد ويحتفظون بها كما يفعل الناس مع نجوم الكرة ومشاهير رجال الفن منتشرة بصورة عجيبة .. وصار بعض الإخوان " محبوب الجماهير ".
وتواصلت مسيرة النجاح
وبعد خروجه من السجن واصل عمله الدعوي مع إخوانه بكل همة و نشاط ففي عام 85 خاض الإخوان المسلمين انتخابات نقابة المهندسين وكانت تلك هي أول مرة يدخلون فيها في انتخابات هذه النقابة.. وفوجئ كل من كانت لهم خبرات طويلة سابقة من التيارات الأخرى باكتساح إسلامي وفاز الإخوان بأغلبية ساحقة وحازوا على ثقة جماهير المهندسين ..
وقبيل انتخابات 87 تم حصار الإخوان حتى لا يصلوا إلى مستويات نقابية عليا واعدوا هم لذك العدة وحشدوا الحشود وأثاروا فتنة بين الإخوان وبين المهندسين العسكريين ولكن الله تعالى خيب مساعهم وفاز الإخوان فوزا ساحقا لدرجة حضور 18000 مهندس للتصويت للإخوان ..
ورث الإخوان النقابة وكان حالها سيئا فمن شركات خاسرة وأموال ضائعة إلى تسيب ونظام إداري فاسد إلا أنه وبعد شهور قليلة بفضل الله تعالى ظهرت الثمرات الطيبة لدخول جماعة الإخوان النقابة وانعكس ذلك على الخدمات التي حصل عليها جموع المهندسين لتلحق بركب التقدم الذي حازته قبلها نقابتا الأطباء والصيادلة ..
وكان الدكتور حلمي حتحوت أحد الراود الذين قادوا هذه المسيرة.. كما مثل نقابة المهندسين كرئيس للوفد المصري في اجتماع المنهدسين العرب في بغداد حيث كانت مصر قبلها معلقة عضويتها منذ عشر سنوات بسبب زيارة مصطفى خليل للقدس والذي كان وزيرا ونقيبا للمهندسين في نفس الوقت وكان موقفه من اتفاقية كامب دايفيد هو السبب الرئيس في ذلك..
فكان المؤتمر فرصة لعرض وجهة النظر الإسلامية الجديدة لنقابة المنهدسين المصرية .. وحظي الوفد المصري على احترام الجميع وتكريمهم وتقديرهم برغم أن هذا الاتحاد يكاد يسيطير عليه الناصريين والشيوعيين والبعثيين.
وعلى أثر ذلك أخذ القرار بالإجماع بعودة مصر إلى اتحاد المهندسين العرب عودة مشرفة..
وحينما عاد إلى مطار مصر لم يتخيل أن يحدث له ما حدث حينها.. فأثناء تتميم الإجراءت بالمطار وبعد فحص الضابط لجواز سفره و تأكد من سلامة المعلومات به و بينما كان ينتظر حقائبه فوجئ بنداء اسمه ضمن الأسماء المدرجة في كمبيوتر المطار مع أسماء تجار المخدرات و السلاح ولا تزال شارة المؤتمر على صدره ، ولما استفسر من الضابط عن سبب ذلك أخبره أنهم يريدون التحقق من بعض المعلومات و سحب منه الجواز لمدة ساعتين ..
فأسف الدكتور حلمي لهذا الوضع كثيرا فقد حقق لمصر وضعا مشرفا، وبكل شجاعة تحدث مع الضابط وتساءل كيف تحدث هذه المعاملة و الإهانة في بلدنا وقد كرمنا و شرفنا في خارجها..وهكذا كان فعل الإخوان الكريم وهذا ما لاقوه من رد على إحسانهم .
خاتمة الرحلة
استمر الدكتور حلمي في خدمة دينه بكل إخلاص و جد و نشاط إلى أن رحل بعد هذه المسيرة العامرة بالخير والتي عاشها مخلصا كما نحسبه .. تاركاً المثل في التجرد والعطاء لدينه ودعوته حيث صبر على المحنة واحتسب ، ومارس الدعوة داخل السجن وخارجه ،وأسس لعمل إسلامي كبير بين أبناء مهنته ،وأعطى القدوة للشباب المسلم كعالم متفوق ناجح يسير بدعوته في كل مكان ويعرف معنى شمول الإسلام لجوانب الحياة كلها فكان أحد النماذج الفريدة التي قدمها الإخوان .. فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة وتقبل منه صالح العمل .
المراجع
- كتاب: الإخوان المسلمون في سجون مصر بقلم مهندس محمد الصروي.
- كتاب: الزلزال ... والصحوة بقلم مهندس محمد الصروي.
- كتاب: الموتى يتكلمون بقلم الأستاذ / سامي جوهر.
- كتاب: الإخوان وعبد الناصرالقصة الكاملة لتنظيم 1965مللأستاذ / أحمد عبدالمجيد.
- حديث الذكريات مع الدكتور حلمي حتحوت من الرعيل الاول للإخوان المسلمين إخوان تيوب.
إقرأ أيضا