عبد الرحمن بارود
نشأته
إن حال أمتنا ودعوتنا يعلمه القاصي والداني؛ فأصحاب الدعوات مطاردون ومعتقلون، وغيرهم من أهل الفسق والمجون في خير بلادنا يرتعون, وعلى مر الزمان والدعاة في محن وابتلاءات، فأعطوا القدوة في أنفسهم، فصبروا وثبتوا ورابطوا, وسلكوا درب الصالحين درب محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم أجمعين.
نلتقي لنقطف زهرة من بستان رواه الشهداء على مر العصور بدمائهم، فانبثقت زهرة من نور تملأ الدنيا بعبيرها, نلتقي مع مجاهد تكبد العناء سنين عددًا في سجون الظلم، فما زاده إلا إيمانًا، فلم تشفع له جنسيته الفلسطينية، نلتقي مع الشاعر عبدالرحمن بارود والذي وافته المنية اليوم السبت 3 جمادى الأول 1431 هـ الموافق 17/4/2010م في السعودية إثر تعرضه لجلطة قلبية.
نشأة عبدالرحمن أحمد جبريل بارود في قرية بيت داراس (محافظة غزة) عام 1937م، ودرس في قريته حتى الصف الخامس الابتدائي، ثم بعدها هجّر من قريته عام 1948م وكان عمر آنذاك 11 عاماً، ونظم أول قصيدة له بعد الهجرة وكانت في أثناء الدراسة الابتدائية وتحدث فيها عن معركة بيت داراس، حصل على شهادة الليسانس من كلية الآداب - قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة بتفوق؛
ومن ثم أكمل دراساته العليا ليحصل على درجة الماجستير والدكتوراه من نفس الجامعة، انتقل بعدها للعمل في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة بوظيفة أستاذ جامعي وقضى في الجامعة ما يقارب الثلاثين عاماً متنقلاً بين أقسام اللغة العربية والدراسات الإسلامية حيث تخرج على يديه الكثير من الطلاب والطالبات وكان له الكثير من المشاركات الأكاديمية والبحثية في هذه الفترة، تفرغ بعد ذلك للعمل العام حيث يقضي أغلب وقته في الكتابة وتأليف الشعر ومتابعة الشأن العام وله دور واضح وبارز ومؤثر في أوساط الجالية الفلسطينية في السعودية عموماً وفي جدة خصوصاً.
عبدالرحمن بارود ودعوة الإخوان
يعتبر الدكتور عبدالرحمن بارود أحد مؤسسي دعوة الإخوان المسلمين بفلسطين حيث تعرف عليها أثناء دراسته في القاهرة وبعد عودته إلى بلاده عمل على نشر هذه الدعوة.
تم اعتقاله في محنة عام 1965م وحكم عليه بسبع سنوات قضاها في سجون مصر حتى أفرج عنه بعد وفاة عبدالناصر، وبعد خروجه من المعتقل أكرمه الله بزوجة فاضلة وهي السيدة نادية عبد المجيد عبد السميع أخت الأستاذ أحمد عبد المجيد عبد السميع أحد قادة تنظيم 1965م وأخت الحاجة فوزية عبد المجيد عبد السميع زوجة الحاج السيد نزيلي مسئول المكتب الإداري للإخوان بالجيزة
حيث كانت الحاجة نادية متزوجة من علي عشماوي أحد قادة التنظيم حيث تم زفافهما في يونيو 1965م وبعد اعتقاله انهار واعترف على إخوانه بكل التفاصيل الصحيحة والغير الصحيحة لينجو من السجن، وعندما علمت بذلك بعد حكم المحكمة أبت نفسها إلا أن تطلب الطلاق من رجل خان دعوته وإخوانه، وظلت وفية لدعوتها حتى خرج الأستاذ عبدالرحمن بارود فتزوجها وسافرت معه إلى السعودية.
بارود والشعر
ترك الدكتور عبدالرحمن بارود عدد لا حصر له من القصائد الشعرية والتي تظهر هوية الشاعر واهتماماته بقضايا الأمة مثل قصيدة أطلق يدي والتي يقول فيها:
- هـذا دمٌ واحـدٌ فِي التوأمينِ جَرى
أرُوْمَةٌ عَقَدَ الـرحمنُ عُقْدَتَـها
- فَلـمْ تَـزِدْهَا الليـاليْ غَيْرَ شَـدِّ عُرَى
وحَرَّرَ القُدْسَ مِنْ بِيزَنْطةٍ أَسَدٌ
- مِنْ مَكَّةٍ لَـو رآهُ اللَّيثُ لانْجَحَـرَا
أَهْـوى على القُوَّتَيْنِ العُظْمَيَيْنِ فَمَا
- أَبْقَى لَهمْ بَعْدَهَا عَيْنَــاً وَلا أَثَــرَا
- طَالَتْ لَيـالِيْ فلسـطينٍ بلا عَـدَدٍ
- كأنَّ فَجْــرَ فلســـطينٍ بها قُـبِرا
- طَالَتْ لَيـالِيْ فلسـطينٍ بلا عَـدَدٍ
مِنْ بَـازلٍ قذفـوا في القدسِ قُنْبُـلَةً
- وَلا يَـزَالُ حَرِيــقُ القدسِ مُسْـتَعِرَا
عَبدُ الحميـدِ وَمهمـا قَالَ شَـانِئُه
- مَا خَـانَ يَوماً فلسـطيناً ولا غَـدَرَا
لاقَى هِرِتْــزِلُ سُــلطاناً يموتُ
- ولايبيــعُ أَنْمُلَةً مِنْهَــا وَلا ظُفُـرَا
ويقول في الشهيد أحمد ياسين:
أخي يا ابنَ ياسينَ يا أحمدُ
- لكَ اللهُ والجنةُ الموعدُ
حمائمُ ذي العرشِ لا مَاؤهَا
- يغيضُ ولا زادُها يَنفدُ
صراطُ النبيينَ والمرسلينَ
- ومَن عُذِّبوا ومَن استشِهُدوا
مع اللهِ نَبقَى وبالله نُلقِي
- ونرمِي وكلُّ الأيادي يَدُ
تفتحُ تحتَ الظلامِ الورودَ
- ويلمعُ خلفَ الجبالِ الغَدُ
وليس ذلك فحسب فكتب عن العالم الإسلامي وفلسطين وسراييفوا الشهيدة
وفاته
توفى االأستاذ عبد الرحمن بارود يوم 2 جمادى الاولى 1431ه/ 17/ 4/ 2010 .
المصادر
- عبده مصطفى دسوقي ومريم السيد هنداوي: عمالقة في زمن النسيان، منارات للنشر والتوزيع، 2010م.
- أحمد عبد المجيد: الإخوان وعبد الناصر، القصة الكاملة لتنظيم 1965م، كتاب المختار، الطبعة الثالثة، 1427هـ، 2006م.
- حوار شخصي مع الأستاذ أحمد عبد المجيد عبد السميع يوم 25/7/2007م.
- محمد الصروي: الإخوان المسلمون ومحنة 1965م... الزلزال والصحوة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2004م.
- موقع الشاعر عبدالرحمن بارود.