البيانوني": لا وجود لأي اتصالات بين الحكومة السورية والإخوان
نفى علي صدر الدين البيانوني - المراقب العام ل جماعة الإخوان المسلمين ب سوريا - وجودَ أية اتصالات بين الحكومة السورية والجماعة، مشدِّدًا على أن ما يروَّج من أحاديث عن وجود اتصالات وحوار بين الحكومة والإخوان لا أساسَ له من الصحة، لكنه أعرب في المقابل عن موقف واضح من قِبَل الجماعة في رفض الضغوط الأمريكية على سوريا، وأن الجماعة لا تقبل الاستقواء على الوطن بالخارج.
وقال البيانوني في حوار خاص مع المجتمع إن الحديث عن اتصالات بين الحكومة السورية و جماعة الإخوان محض افتراء، ولم يتصل أحد بقيادة الجماعة، مؤكدًا أن ما يروَّج الآن من حديث يتعلق بأشياء وقعت قبل أكثر من أعوام.
ولم يستبعد البيانوني أن يكون ما حصل لأغراض الاستهلاك الداخلي والخارجي، وأن النظام السوري يريد أن يوحي للشعب بأن ثمة شيئًا يحدث تحت السطح من أجل إشاعة الأمل في مصالحة وطنية، وتشويش العلاقات بين مختلف قوى المعارضة، مثلما هو رسالة للإدارة الأمريكية بأن الضغط على الحكومة من شأنه أن يدفع النظام إلى التصالح مع الإخوان المسلمين .
وفي حين أشار المراقب العام للإخوان المسلمين إلى شيء من التحسن الأمني والسياسي في سوريا- بإطلاق سراح مئات من المعتقلين السابقين- إلا أنه قال إن عددًا أكبر من السوريين اعتُقلوا في العهد الحالي، لكن الشعب اجتاز حاجز الخوف، بالرغم من بقاء هيمنة الأجهزة الأمنية على الدولة ومقدرات الشعب.
- ما حقيقة الاتصالات بينكم وبين الحكومة السورية؟! وهل وصلت إلى نتية محددة؟
- هذا الكلام سمعناه قبل أسبوعين ونفيناه، وأعاده الشيخ محمد الحبش مرةً ثانيةً، وقد أكدنا مجددًا أنه ليس لدينا علم بشيء من هذا القبيل، وأن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، الشيخ "الحبش" ذكر في مقابلة له مع صحيفة (الشرق الأوسط) بعض المغالطات، فقد ذكر أن هناك اتصالات، وأن بعض القيادات الإخوانية عادت.. وضرب مثلاً بالشيخ "عبد الفتاح أبو غدة" وبـ"هاشم شعبان".
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة عاد قبل 8 سنوات، وهو يقول نزل مؤخرًا.. نزل بترتيب لمقابلة الرئيس السابق حافظ الأسد ، ولكن لم يمكَّن من مقابلته من أجل الحوار حول قضايا المعتقلين والمهجرين، ولم يحصل شيء، وتوفي في بداية عام 1997 م يعني قبل أكثر من 7 سنوات الآن.
أما هاشم شعبان فيذكره الشيخ "الحبش" كمثال آخر عن قيادات الإخوان الذين رجعوا وهو ليس من الإخوان.. كان من بقايا تنظيم الطليعة المقاتلة، وهؤلاء عادوا إلى سوريا في عام 1987 م، أي قبل 17 سنة، وتوفي الرجل منذ أكثر من 15 سنة، إذن المعلومات مغلوطة، ولا أدري ما الهدف من ذكرها، وهو أيضًا ذكر اسمًا ثالثًا هو نبيل سلامة، وهذا لا نعرفه، ولا نعرف أحدًا بهذا الاسم.
أنا لا أعرف ما هدفهم من هذا الحديث، والمهم بالنسبة لنا أنه لم يتصل بنا أحد، ولا عندنا علم بأي نوع من أنواع الاتصالات، وهناك مغالطات أخرى.. القانون 49 يحكم علينا- نحن الإخوان- بالإعدام، وحاليًا هناك محاكمات في محكمة أمن الدولة لأناس بتهمة الانتساب إلى الإخوان بموجب القانون 49، بالإضافة إلى أعداد المعتقَلين والمفقودين والمهجرين، يعني ليست هناك "حلحلة" لهذه الملفات الإنسانية؛ حتى يكون هناك حديث عن مصالحة أو مفاوضات أو إصلاح في هذا الاتجاه.. قد يأمل الدكتور "الحبش" في وقوع مصالحة ومفاوضات.. قد تكون الناس ترتاح لمثل هذا الكلام، لكن واقع الحال يؤكد عدم صحة مثل هذه المعلومات.
- وكيف تفسرون إذن إصرار الدكتور "الحبش" على الحديث عن اتصالات بين الجماعة والحكومة، رغم نفيكم القاطع لوجود مثل هذه الاتصالات؟!
- هذا يُسأل عنه الدكتور الحبش.. أنا لا أدري بالضبط لماذا الإصرار..!! قد تكون للحكومة أهداف من ذلك، مثل التلويح للإدارة الأمريكية بأن هناك مصالحة قريبة مع الإخوان إذا استمرت ضغوطكم علينا، فنحن يمكن أن نصالح الإخوان الذين تعرفونهم..!!
وقد يكون من الأهداف أيضًا تخفيف الاحتقان الموجود في الشارع السوري، فالوعود والأماني تدغدغ آمال الشعب حتى إن الأستاذ ميشال كيلو كتب مؤخرًا مقالاً عنوانه "متى كان الإسلام في سوريا أصوليًّا؟!" دافع فيه عن الجماعة ومواقفها، وقال في النهاية إنه بعد ما كتب هذا المقال- الذي يوضح فيه حقيقة الإخوان- سمع بأخبار الاتصالات ففرح.
فإذا كان هذا الإنسان وهو من النخبة المثقفة انطلت عليه هذه الأخبار وفرح بها، فما بالك ببقية أبناء الشعب السوري، عندما يسمعون أن هناك اتصالات قائمة مع الإخوان، فسيقولون الحمد لله.. إن شاء الله الأمور تنفرج قريبًا.. إن شاء الله السجناء يسرحون، وهذه أيضًا من الأهداف المنشودة من وراء ترويج حديث الاتصالات بين الجماعة والنظام.
- أتعنون أن هذه التصريحات موجهةٌ للاستهلاك الداخلي؟
- والخارجي أيضًا.. التلويح للإدارة الأمريكية بوجود نية للمصالحة، ثم قد يكون أيضًا من الأهداف التشكيك في مواقف الجماعة، فنحن بصدد جمع المعارضة، والاتصال معها، وتوحيد كلمتها، وهذا يجعل الكثيرين يتساءلون: كيف تتصلون معنا الآن من أجل توحيد الصفوف، وفي الوقت نفسه يدكم ممدودة للنظام للتفاوض معه؟! قد يكون من أهدافهم التشكيك في موقف الجماعة تجاه المعارضات الأخرى، هذه كلها احتمالات وتكهنات والدكتور "الحبش" هو من ينبغي أن يُسأل- ما دام الإخوان ينفون- من أين تأتي بهذا الكلام؟!
ثم هل "محمد حبش"- وهو النائب في مجلس الشعب- يتحدث هنا باسم الحكومة؟! وهناك وزارة للداخلية، ووزارة للخارجية، وهناك الأجهزة الأمنية، وهناك جهات رسمية عديدة هي عادةً من تتحدث في هذه الموضوعات..!!
- تحدثتم قبل قليل عن مساع لتوحيد المعارضة.. إلى أين وصلت هذه الجهود؟
- لقاءاتنا وحوارنا مع الأطراف كلها حوارات طيبة وإيجابية، عقدنا ندوةً قبل أسابيع في لندن، تلتها ندوةٌ ثانيةٌ في باريس، جمعت أطرافًا من المعارضة ما كانت معنا في الماضي، وهي حوارات بهدف توسيع دائرة الميثاق الوطني، أو إيجاد صيغة تجمع كل أطراف المعارضة، وكانت التقويمات كلها إيجابية بحمد الله.
- علمنا أن الحوارات في ندوة باريس لم تكن على ما يرام.. ما حقيقة ذلك؟
- هذا يختلف حسب النظر للهدف منها، هدفنا من الندوة كان الحوار والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة.. الناس يلتقون مع بعضهم البعض لأول مرة، وقد كان اللقاء طيبًا، وكانت الحوارات طيبة ومفيدة، ولم يكن المطلوب أكثر من ذلك.
أما الذين أرادوا أن تكون الندوة مؤتمرًا وطنيًّا آخر، بعد مؤتمر لندن فالأمر لم يكن من البداية كذلك، كان هناك أناس قادمون من الداخل، وتم اللقاء بهم، وآخرون قادمون من الخارج، وأناس يلتقون لأول مرة مع بعضهم البعض، وكلهم خرجوا بانطباعات طيبة وإيجابية ومشجعة.
- إلى أين وصلت العلاقة بين الإخوان والأحزاب الكردية في الداخل؟!
- صدر بيانٌ عن ندوة لندن، وكان معظم الحاضرين في تلك الندوة من الأكراد، ولقاء باريس حضره أيضًا أكراد من الداخل، وبشكل عام هناك تقارُب كبير، وتوافُق في وجهات النظر في كثير من الأمور.. نحن نؤكد أن القضية السورية قضية خاصة بالشعب السوري، ولا نقبل الاستقواء على الوطن بأي جهة خارجية، لا نقبل تدخلاً من أي جهة أجنبية في أوضاع بلادنا.
أما المطالبة بالمساواة في الحقوق، ورفع المظالم عن الجميع- بمن فيهم الأكراد- فهذا أمر متفق عليه، ومبادئ الميثاق الوطني التي دعَونا إليها في الماضي- وأقرت كلها- تؤكد على هذه المبادئ، على أساس أن سوريا لجميع أبنائها، وليس لفئة دون سواها.. نحن في علاقتنا مع الأطراف السورية نعتبر أن الجميع شركاءٌ في الوطن، بغضِّ النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العِرقية أو الدينية أو المذهبية.
- هناك ضغوط أمريكية على الحكومة السورية.. ففي الفترة الأخيرة تمَّ إقرار قانون معاقبة سوريا، والبدء في تنفيذه، كيف تنظر المعارضة لهذه العقوبات؟! وما موقف الإخوان بالتحديد منها؟!
- أي تهديد أو ضغط على بلدنا نستنكره، لاسيما إذا كان الهدف من ذلك أن تتفق السياسة السورية مع المخططات الأمريكية في المنطقة، ومع المشروع الأمريكي الصهيوني.
واضح أن الضغوط لا تهدف إلى موضوع حقوق الإنسان أو الديمقراطية، وإنما إلى أمور تتعلق بوضع العراق ، ووضع المقاومة الفلسطينية، وحزب الله، والحل الذي يراد فرضُه على المنطقة.. كل الضغوط هي من أجل أهداف أمريكا والصهيونية في المنطقة؛ لذلك نستنكر تلك الضغوط، وكنا نتمنى أن ينحاز النظام إلى الشعب، ويقوِّي اللُّحمة الداخلية ليواجه مثل هذه الضغوط، لكن مع الأسف لا توجد حتى الآن أية بوادر في هذا الاتجاه.
هناك بوادر للحوار والاتصالات، ولكن لا أدرى إن كان النظام مستعدًّا لتقديم تنازلات أم لا؛ لأنه إن لم تكن هناك جبهة داخلية منيعة، وإن لم يتقوَّ النظام بشعبه، فإنه يكون ضعيفًا أمام الضغوط.
- لكن هناك أطرافًا في المعارضة تدعو إلى الاستفادة من الضغوط الخارجية لفرض إصلاحات سياسية في الداخل ما موقفكم من ذلك؟
- الإصلاحات مطلب جماهيري وشعبي سابق على هذه الضغوط، والمفروض أن يبادر النظام إلى الإصلاح، وألا يترك مجالاً لأن تُتخذ مثل هذه الأمور ذرائعَ في الضغط والتهديد، هذا هو الأصل، لكننا نعتقد أن المعارضة الوطنية في سوريا لا علاقةَ لها بالأجندة الوطنية في سوريا .. ولا علاقةَ لها بالأجندة الخارجية، ولا نقبل أن نستقوي على البلد بهذه الضغوط ولا بأي عدوان على البلد، وإنما ندعو النظام إلى المبادرة بالاصلاح؛ حتى لا يتخذ ذريعة وحتى لا تدفع بعض الناس إلى الارتماء في أحضان الأجنبي، والقبول بالتدخل في البلاد.
- من بين أسباب العقوبات الأخيرة على سوريا، وجود الجيش السوري في لبنان كيف تنظرون إلى هذا الوجود في لبنان ؟
- العلاقة السورية اللبنانية علاقة من نوع خاص، وينبغي أن تكون علاقة متميزة، لكن ينبغي أيضًا أن تقوم على احترام إرادة الشعب اللبناني، هناك تجاوزات في لبنان لا نقبلها، وهناك تدخل في السياسة اللبنانية وفي مختلف أمورها.. الانتخابات والتعيينات.. وفي الحكومة، المرجع في الأمور اللبنانية هو النظام السوري، وهذا في الحقيقة تدخل غير مقبول.
لا شك أن هناك دورًا للتنسيق والتعاون الأمني بين سوريا ولبنان، لأن هناك عدوًّا مشتركًا محتلاً لأراضينا وأراضي لبنان ، لكن التنسيق والتعاون الأمني والعسكري والدفاعي لا يدعو إلى التحكم في الأوضاع الداخلية اللبنانية، والتصرف فيها وكأنها أمور تابعة لنا.. الأصل أن تُحترم إرادة الشعب اللبناني ولا نفتح أيضًا مجالاً للتدخلات الخارجية في مثل هذا.
- لكن هناك قوى لبنانية لو أتيحت لها الفرصة لارتمت في أحضان الكيان الصهيوني؛ ولذلك فالوجود السوري في لبنان ملحٌّ ومطلوب.. أليس ذلك هو أبسط الحقائق السياسية؟!
- المهم أن تحترم إرادة الشعب اللبناني، وهؤلاء إذا كانوا فعلاً موجودين فهم أقلية، والشعب اللبناني- باعتباره شعبًا عربيًّا أصيلاً- لا يمكنه أن يفرط في حقوق الوطن ولا في حقوق الأمة.
- ما الذي تَحقَّق خلال أربع سنوات في سوريا بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد ؟!
- بكل أسف أقول إنه لم يتحقق شيء يستحق الذكر.. لكن لا شك أن هناك تغيرًا بشكل عام.. الشعب السوري تجاوَز حاجز الخوف الذي كان مهيمنًا عليه في العهد السابق، لكنَّ حقيقة الأمر أن الوضع والنهج القائم في سوريا- وهو نهج تسلط الأجهزة الأمنية على الدولة وعلى مقدرات الناس- لا يزال قائمًا حتى الآن، ولا تزال الأحكام العرفية سارية، وقوانين الطوارئ وتسلط الأجهزة الأمنية على كل شيء.
قد يكون الأسلوب اختلف قليلاً، لكن النهج العام لا يزال كما هو الآن.. تقارير لجان حقوق الإنسان داخل سوريا وخارجها تؤكد أن الوضع الإنساني لا يزال في تدهور كبير، وأن النهج الذي كان سائدًا في الماضي لا يزال هو المتَّبَع حتى الآن، وهناك أدلةٌ كبيرةٌ في ذلك.. صحيح أنه أُفرج عن مئات خلال عهد الرئيس "بشار"، لكن اعتقل أكثر منهم خلال هذه الفترة.
المصدر
- مقال:البيانوني": لا وجود لأي اتصالات بين الحكومة السورية والإخوانإخوان اون لاين
للمزيد عن الإخوان في سوريا
1- الشيخ الدكتور مصطفي السباعي (1945-1964م) أول مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بسوريا ولبنان. 2- الأستاذ عصام العطار (1964- 1973م). 3- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1973-1975م). 4- الأستاذ عدنان سعد الدين (1975-1981م). 5- الدكتور حسن هويدي (1981- 1985م). 6- الدكتور منير الغضبان (لمدة ستة أشهر عام 1985م) |
7- الأستاذ محمد ديب الجاجي (1985م لمدة ستة أشهر). 8- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1986- 1991م) 9- د. حسن هويدي (1991- 1996م). 10- الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (1996- أغسطس 2010م) 11- المهندس محمد رياض شقفة (أغسطس 2010) . |