مصطفى الزرقا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مصطفى الزرقا


مصطفى الزرقا.. عميد الفقه الإسلامي

عانى العالم الإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي والقرن العشرين من الوقوع تحت نير الاستعمار الإنجليزي والفرنسي فقد احتلت بريطانيا مصر منذ سبتمبر 1881م ومن قبله الاحتلال الفرنسي عام 1798م، مما كان عاملا قويا في تخلف البلاد وانهيارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا.

لقد انقسمت البلاد اجتماعيا إلى طبقات يستعبد بعضهم بعضا، فقد تشكل المجتمع الإسلامي من طبقة الأغنياء حيث كانوا يملكون أكثر موارد البلاد، والطبقة المتوسطة وهى طبقة صغار الموظفين والطبقة التي مثلت الغالبية الغالبة من سواد الشعوب وهى الطبقة المحرومة والفقيرة، وكان التفاوت ظاهرا بين هذه الطبقات.

أضف لذلك الحملات التبشيرية التي ابتليت بها البلاد، وموجة الانحلال التي اكتسحت البلاد فقلبت الحرام حلالا، وساعدها في تحقيق أهدافها الدعوات التي أطلقها عملاء الغرب من أجل تحرير المرأة وتمسكها بالطريقة الأوربية والتي وجدت آذانا صاغية من بعض فئات وطبقات الشعوب.

لم يقتصر الأمر على ذلك وفقط بل كانت الطامة الكبرى بوجود حكام يخضعون للمحتل ويسلمون لكل ما يقوله، بداية من الملوك ورؤساء الوزراء الذين كانوا يتزلفون للمحتل، وكثير من الذين بهرتهم حضارة الغرب بزيفها.

وظهر أثر المحتل واضحا في انهيار اقتصاد البلاد وجعل العملة والاقتصاد الإسلامي يدور في فلك الاقتصاد الغربي مما أضعف وهمش اقتصاد الشعوب الإسلامية ومن ثم لم تستطع أن تمتلك قرار نفسها.

كما ظهر أثره الفكر الغربي في الفكر والثقافة فظهر الفكر التغريبي والدعوة إلى فصل الدين عن السياسة، كما اجتاحت الشيوعية الهدامة كثيرا من بلاد المسلمين وتغلغلها، وانعكس كل ذلك على التعليم فأصبحت نسبة المتعلمين لا تتجاوز الـ20% من نسبة المجتمع المصري مثلا جلهم من الطبقة الثرية، ناهيك عن المدارس التبشيرية والتي كانت تتبع الإنجليز أو الأمريكان أو غيرهم.

في ظل هذه الأوضاع ظهرت هذه الشخصيات التي تركت بصمات في إصلاح المجتمع قبل رحيلها، ومنها الشيخ الفقيه مصطفى الزرقا.

فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الله رفع ذكرهم فقال: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، كما أنهم هم حماة الإسلام وأركانه.

والشيخ مصطفى الزرقا أحد هؤلاء الحماة الذين ذادوا عن دينهم ودافعو عن السنة النبوية، وكانوا نبراسا للعلماء الفقهاء في العصر الحديث.

من يكون؟

هو من أبرز علماء الفقه في العصر الحديث ،ولد الشيخ مصطفى بن أحمد بن محمد بن السيد عثمان بن محمد بن عبد القادر الزرقا، بمدينة حلب في سورية عام 1322هـ الموافق 1904م، في بيت علم وصلاح، ونشأ في بيئة علمية حافزة على الطلب والتحصيل، حيث تربى تحت نظر جده العلامة الكبير الشيخ محمد الزرقا، وفي رعاية والده الفقيه الشيخ أحمد الزرقا (1285-1357/1869-1937) [من أعلام علماء تلك المدينة، وكان مشهوراً بالفقه الحنفي بوجه خاص، وكان مدرسا بالمدرسة الثانوية الشرعية.رحمهما الله تعالى.

فنشأ في ذلك الجو العلمي النابض، وظهرت عليه ملامح النجابة والذكاء منذ طفولته، وساعده على ذلك النبوغ تلقيه العلم عن كبار علماء حلب، ومعرفته باللغة الفرنسية والعلوم العصرية.

بدأ دراسته في كتاتيب القرآن الكريم، وقرأ في بدايته كتاب( الكفراوي على الآجرومية) على العلامة المحقق محمود بن سعيد السنكري، وتوجهت رغبة الشيخ إلى التجارة، ولكن جده أصرَّ على والده أن يسجله في المدرسة الخسروفية.

تتلمذ على يد المحدث الكبير الشيخ محمد بدر الدين الحسني، ووالده العلامة الشيخ أحمد الزرقا، حيث درس عليه الفقه الحنفي، وقواعد لأحكام العدلية، والعلامة المؤرخ محمد راغب الطباخ،ودرس عليه الحديث والسيرة النبوية، والعلامة الشيخ محمد الحنيفي، ودرس عليه شرحه لجوهرة التوحيد.

ثم تابع بجهوده الشخصية دراسته العصرية، فنال شهادة البكالوريا الأولى في شعبة ـ العلوم والآداب وحصل على الدرجة الأولى على طلاب سورية جميعهم، ثم توجَّه إلى دمشق سنة 1929م لمتابعة دراسته العصرية، ونال البكالوريا الثانية في شعبة ـ الرياضيات والفلسفة ـ والتحق بعد إحرازه البكالوريا الثانية بالجامعة السورية، وفي عام 1933م تخرج من كليتي الحقوق والآداب معاً، وأحرز الدرجة الأولى، ثم حاز عام 1947م دبلوم الشريعة الإسلامية من كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً).

ومن أساتذته في تلك المرحلة: الشيخ عبد القادر المبارك، وعبد القادر المغربي، وسليم الجندي، وشاعر الشام شفيق جبري.

باشر التدريس في وقت مبكر، حيث تولى التدريس مكان والده في المدارس التي كان يدرس فيها، في المدرسة الخسروية والشعبانية،كما تولى القيام بالدرس الذي كان لوالده في الجامع الأموي بحلب، وجامع الخير، ولذلك درس الكثير من الطلبة الذين هم أكبر منه سناً، وألحق الأحفاد بالأجداد.

انتقل إلى دمشق للتدريس في كلية الحقوق عام 1944م، كما درس في كلية الشريعة بدمشق بعد إنشائها سنة 1954م، وبقي فيها أستاذاً للحقوق المدنية والشريعة، حتى بلوغه سن التقاعد في آخر عام 1966م.

اشتغل بالمحاماة لمدة عشر سنين، بعد تخرجه من كلية الحقوق، بعد ذلك عينته وزارة الأوقاف في الكويت خبيراً للموسوعة الفقهية فيها سنة 1966م، وبقي في الكويت خمس سنوات قائماً بهذه المهمة خير قيام، حيث أنجز مشروع:"الموسوعة الفقهية" محرراً على المذاهب الفقهية الثمانية، ومعجماً للفقه الحنبلي يقع في 1142 صفحة مرتَّباً ترتيباً هجائياً بإشرافه.

كما اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضواً في المجمع الفقهي منذ إنشائه عام 1398هـ، وقدم للمجمع عدة دراسات فقهية معاصرة.

وقد قال عنه الشيخ يوسف القرضاوي: علماء الشام الكبار أربعة "مصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، ومعروف الدواليبي".

ودرس في معهد الدراسات العربية العالية، التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة، ثم درس في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية عام 1971م، وظل بها حتى عام 1989م، وتخرج على يديه، وتربى على منهجه العلمي نخبة من كبار العلماء، الذين تبوؤا أرفع المناصب العلمية.

ومن هؤلاء التلاميذ الشيخ المحدث عبد الفتاح أبو غدة، و الفقيه الحنفي الشيخ محمد الملاح، واللغوي الأديب عبد الرحمن رأفت باشا، والفقيه الأصولي الشيخ محمد فوزي فيض الله.

كان الشيخ مثالا لا يجارى في الأخلاق والذوق والكياسة، تأثر به كل من احتك به، فقد كان رفيقا شفيقا، كما كان متأسيا بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أصبح شامة بين العلماء، وكان يحب اللباس المتوسط النظيف البعيد عن المغالاة، ويحرص على نظافة ملابسه وحذائه، كما كان لا يفارقه الطيب في كل أحيانه.

الزرقا الزوج المربي

تزوج الشيخ مصطفى الزرقا ووهبه الله ذرية صالحة، وبعد موت زوجته كان نعم الزوج الوفي لها المحب لسيرتها فأنشد فيها شعرا يقول فيه:

بقيتُ وغِــبــتِ بعدكِ ما البقاءُ
فديتُكِ لـــو يُتـــاح لــي الــفداء

وددت لـو أنَّ يومـي قـبل يومٍ

فـقدتُــكِ فيـه وانقطـع الرجـاء

شقيقة روحيَ استمعي ورُدي

فمــا عهــدي بشيــمتك الجفاء

رثيت سواك يا فخر الـغوالي

كفأما أنت فاستـعصــى الرثـاء

ويسألني صديقٌ كيف حالي فَيخنُقُني

ويغـــلبُني البــــكاء

كذاكِ الدمع يصبح خير راثٍ

إذ ما الرَّزءُ ضاقَ به الوعاء

تلجلج بي لسـانٌ لـــم يَخُــنّي

ولم يَكُ قـطُّ يُــعييــهِ الأداء

ولكني بفقــدك عُـدتُ طـفلاً

أضاع البيت إذ حلَّ المــساء

فليس لديه غيرَ الدمع نــطقٌ

ولا صبرٌ لديه ولا اهـتداء

وبات الكون في عينيه غولاً

وليس لــه سوى ماما نداء

حنانُـــكِ كـان إنـعاشاً لروحي

كومن كُربِ الهموم هو الشفاء

وبيـــتي جـــنةٌ ما كـــنتِ فيه

ويلفـــحني إذا غبـــتِ الشقاء

وفي حسنِ التعاطف كان مِنَّا

لنا عن طول غُربَــتنا عــزاء

فأنتِ الرُّكنُ في دنيـــا حياتي

وأنتِ وأنتِ مائي والغذاء

وَفرْتِ رغائبي حُباً ورُشداً

كأنك قد خُلــقتِ كــما أشــاء

قضينا في الشباب الثّرِّ عُمراً

وفي شيخوختي ازداد الولاء

أحَبُّ إليَّ بعـــدَكِ مــن ضِياءٍ

ظلامٌ في اللـــيالي وانــزواء

ففي الديجور يُمكــنُنا التَّناجي

وفيه على الخيــــال لنا لقاء

فيؤنسني خيالُكِ في الدياجي

ويوحشــني بفُرقَتهِ الضياء

عمله ونشاطه العلمي والسياسي

كان الأستاذ مصطفى الزرقا يتقن اللغة الفرنسية تحدثاً وكتابة، ويجيد اللغة الإنكليزية، ويعرف شيئاً من اللغة الألمانية، وهذه المعرفة للغات الغربية، إضافته إلى تفوقه العلمي قادته إلى حضور كثير من المؤتمرات العالمية، فقد سماه الدكتور يوسف القرضاوي سلسلة الذهب.

وقد كانت له بصمات واضحة في نتائج تلك المؤتمرات ، نذكر منها ما يلي:-

1 ـ في عام 1937 م عقد في لاهاي عاصمة هولندا (مؤتمر الحقوق المقارنة) وكان من نتائجه أن اتخذ المبادئ الثلاثة التالية:-

أ ـ اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام.

ب ـ اعتبارها حية ، قابلة للتطور.

ج ـ اعتبارها تشريعاً قائماً بذاته ، ليس مأخوذاً عن غيره.

في الستينيات أقيم في دمشق (أسبوع الفقه الإسلامي) وقد حضره فقهاء كثيرون من مختلف بقاع العالم الإسلامي، وكان منهم الأستاذ الزرقاء والشيخ محمد أبو زهرة، والدكتور مصطفى، وفي إحدى المسائل الفقهية المعاصرة، وهى مسألة التأمين اختلف العملاقان الزرقا وأبو زهرة اختلافاً كبيراً، وانتصر كل منهما لرأيه، وراح يأتـي بالأدلة والبراهين، ولم ينته الرجلان إلى اتفاق.

وسئل الدكتور السباعي في جلسة خاصة عن سبب اختلاف العالمين، ورأيه فيما قالا فقال: الأستاذ أبو زهرة مكتبة فقهية، والزرقاء ملكة فقهية، وكأنه رحمه الله يعني أن الفرق كبير بين المكتبة والملكة، ففي المكتبة عشرات أو آلاف المراجع المحفوظة والروايات المسجلة، بينما الملكة هي أول أدوات المجتهد.

حصل الشيخ مصطفى الزرقا على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1404هـ تقديراً لإسهاماته المميّزة في مجال الدراسات الفقهية، وخاصّة كتابه: "المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي".

وله مشاركات علمية أخرى، منها: مشاركته في وضع مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري عام 1372، ورئاسته لجنة مشروع القانون الموحد للأحوال الشخصية لمصر وسوريا خلال وحدتهما( 1958ـ 1961)، وقد قام الأستاذ الزرقا بنشر هذا المشروع، وقدَّم له، وصدر عن دار القلم بدمشق، كما شارك في تأسيس وتطوير مناهج عدد من الجامعات، وشارك في كثير من المؤتمرات.

ومن مؤلفاته

1. أحكام الأوقاف.

2. في الحديث النبوي.

3. الاستصلاح والمصالح المرسلة في الفقه الإسلامي.

4. الفعل الضار والضمان فيه.

5. نظام التأمين ، والرأي الشرعي فيه.

6. الفقه الإسلامي ومدارسه ( بتكليف من منظمة اليونسكو).

7. رسالة بعنوان : عظمة محمد مجمع العظمات البشرية.

8. عقد الاستصناع وأثره في نشاط البنوك الإسلامية.

9. صياغة شرعية لنظرية التعسف في استعمال الحق.

10. المدخل الفقهي العام الجزء الأول والثاني.

11. مجموعة فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا، وغيرها من المؤلفات.

وقد أقام منذ سنة 1410 بالرياض مستشاراً فقهياً في شركة الراجحي، وكان الشيخ يؤثر العمل والوظيفة رغم أعراض الشيخوخة وتوارد الأمراض عليه، التي كان يتغلب عليها بالعلم، ويتسلى عنها بالبحث والدراسة، فكانت تعرض عليه القضايا المالية الشائكة، فيبدي فيها رأيه الحصيف، ويقول فيها قوله الفصل، وكان من منهجه أنه ليس له فتوى شفهية بل فتاويه كلها مسجلة ومكتوبة وموثقة حتى لا ينسب إليه أحد شيئاً هكذا.

وكان حاضر الذهن، قوي الذاكرة، يحل قضايا الفقه الشائكة، ومسائله المعقدة، وقد بقي ممتعاً بجوارحه وحواسه ومداركه إلى يوم وفاته، وقد قارب المائة من عمره، وبقي مهتماً بقضايا الفقه ومباحثه، حاملاً لأمانة العلم والدين، وقد ذكر ابنه الفاضل الدكتور: أنس، أنه قُبيل وفاته بساعتين، عُرضت عليه مسألة علمية تتعلق بالمعاملات المالية، وسئل عن دليلها، فاستخرج لها من القواعد الفقهية ما يدلل عليها.. وبقي بعد انصراف المستفتين يضيف إلى الفتوى وينقح فيها حتى توفي.

وبرز الشيخ في الفتوى حيث يرى أن الشريعة لا يمثلها مذهب واحد وإنما يمثلها مجموع المذاهب والمدارس الفقهية على اختلاف مشاربها وتعدد مسالكها كما يتجلى ذلك بوضوح في عدد من الفتاوى، وهو يرى أن العصبية المذهبية سجن ضيق في جنة الشريعة الفيحاء).

ويقوم منهجه على أسس هي:

1- الاستقلال في الفهم والبعد عن العصبية المذهبية

2- التخفيف والتيسير والبعد عن الحرج بضوابطه الفقهية

3- تطبيق مبدأ سد الذرائع

4- الأخذ بفقه الضرورة

5- التعليل للحكم الفقهي

6- ذكر الحكم الدياني بجانب الحكم القضائي

7- الاستدلال بالقواعد الفقهية والأصولية

8- إحالة المستفتي إلى كتاب يستوفي الموضوع

9- سؤال إخوانه من أهل العلم

10- إيجاد البدائل الشرعية للأوضاع المحرمة

11- تقييد الفتوى بقيود وضوابط.

ومن فتواه التفريق بين القرض الفردي (الشخصي) والقرض الجماعي؟

فالقرض الفردي لم يجز أن يزاد عليه ولو فلساً واحداً. أما القرض الجماعي فينظر إلى المقصد الكبير، وهو إدامة وجود رأس مال يستفيد منه أكبر قدر ممكن من المنتفعين، وهنا لا بد من الحفاظ على رأس المال، وذلك بإيجاد جهاز إداري يقوم بمتابعة استرداد المبلغ، ولا بد من الإنفاق على هذا الجهاز الإداري، ولما كان أحق الناس بدفع قيمة المصروفات هذه للحفاظ على رأس المال، هم المنتفعون من الصندوق، فلا بأس من اقتطاع نسبة معينة فوق المال المقترض، لتغطية نفقات هذا الجهاز، شريطة أن تغطي هذه النسبة كلفة تشغيل الجهاز فعلياً (بشرياً ومادياً) من أجور ونفقات، ولا يجوز أن تصبح فائدة باسم جديد، وغيرها.

انتخب عن مدينة حلب نائباً في المجلس النيابي السوري عام 1954 ثم 1961م، أسندت إليه وزارتا العدل والأوقاف عامي 1956 ثم1962م.

لقد أحب الشيخ مصطفى الزرقاء السعودية والسعوديين، فبادلوه حباً بحب، وراحوا يكرمونه في ندواتهم، واحتفالاتهم، فما إن ترى ندوة رفيعة المستوى، عالية المقام إلا والزرقاء مدعو إليها، متصدر في مجالسها، في ندوة العالم والأديب والشاعر الدكتور راشد المبارك الأسبوعية، والتي يعقدها في دارته في الرياض، ويحضرها أكابر العلماء والأدباء، ويضفي صاحب الدار عليهم كل الود والاحترام والتكريم والضيافة الباذخة، اللائقة به وبضيوفه الكبار، وفيها يظل السمر العلمي، والأدب الرفيع، والقصائد الملقاة حتى ساعات الفجر الأولى.

والأستاذ الزرقاء عضو أصيل فيها ما دام في الرياض، وكثيراً ما يطلب المنتدون منه بعض قصائده الغزلية، وأشعاره في بعض المناسبات الطريفة، فينشدهم، ويقص عليهم القصص الممتع، والنكات الحلوة، وكثيراً ما كانت تدور في هذا المنتدى البهيج أشعار وقصائد قديمة أو مشكلات نحوية ولغوية ، ويكون الزرقاء ابن بجدتها، فيذكر القاعدة النحوية، ويأتي بشواهدها، أو يأتي بالقصيدة القديمة كأنه يقرأها من كتاب مفتوح بين يديه.

قالوا عنه

قال الأستاذ عبدالقادر عودة ـ يرحمه الله ـ عن كتابه المدخل الفقهي العام :"اعتصم الفقه الإسلامي من طالبيه في المتون، وتحصن في الشروح، واستعصى على طلابه في اللغة المغلقة والأسلوب العقيم، وكان كل من له إلمام بالفقه الإسلامي، وكل من عانى من قراءة كتبه، يود أن توطأ للناس هذه الكتب حتى يتيسر لهم قراءتها، وتسهل عليهم دراستها، وحتى يستطيعوا أن يوازنوا بين الفقه الحديث وبين الفقه الإسلامي العتيد؛ ذلك الفقه الغني بموضوعاته ونظرياته واصطلاحاته، المتميز بدقته وقوته، ليكون لهم من هذه الموازنة ما يزيد ثقافتهم، ويوسع آفاقهم، ويفتح أعينهم، ويوجههم إلى الطريق المستقيم.

لقد نقل الأستاذ الزرقاء الفقه الإسلامي بخطوة واحدة جبارة من العصر العباسي إلى عصرنا الحديث، فإذا هذا الفقه الغني القوي الذي ملتفاً في ثوبه العتيق القديم يخرج على الناس في ثوبه الجديد فتياً مشرقاً يزاحم الفقه كله بمنكبيه، ويعلن للناس أن فقه الإسلام هو الفقه، وأن شريعته هي الشريعة، وأن ما اختاره الله للناس هو الخير كل الخير للناس لو كانوا يعلمون".

وكتب الدكتور منير العجلاني عنه فقال :"لم ينسج الزرقاء على منهاج من سبقوه من شراح مجلة الأحكام الشرعية، والتي كانت تمثل القانون المدني العثمانـي القديم، الذين جعلوا الفقه (فتاوى) و(قضايا) و (جزئيات) وإنما حاول أن يدرس المجلة كما يدرس الأساتذة الفرنسيون في كلية الحقوق بباريس مادة القانون المدني، فجمع من أحكام القرآن الكريم والحديث النبوي الشـريف وآراء الفقهاء، من مختلف المذاهب، ما يؤلف نظريات عامة تشبه النظريات الأوربية الحديثة، وقد وفق في محاولته توفيقاً كبيراً، فمن قرأ كتابه خرج منه بفائدتين: النظريات الفقهية الجديدة، وله فضل إخراجها، وآراء الفقهاء التي لخصت للقارئ، فأغنته عن قراءة عشرات من كتب الفقه".

وقال عنه الشاعر إبراهيم العظم:

أخذ التفـقه من فؤادي شِعرَه
نغماً ألذَّ لديَّ من قطر الندى

وأعاضـني بثقافة الحق الذي

نادى الإلـه بحـكمه وتوعدا

لا تبغ منـي أن أجيب فإنني

مهما جريت وجدتني دون المدا

دم في فضائلك العلا متفرداً

مني الطروب ومنك غريد شدا

بين صفوف المعزيين

فجع العالم الإسلامي بخبر وفاة الشيخ مصطفى أحمد الزرقا العالم الفقيه، فقد كتب الأستاذ الدكتور بكري شيخ أمين يقول: « مصائب كبرى متتالية وقعت على العالم الإسلامي في السنوات الهجرية الماضية ، تجلت في موت الشيخ عبد العزيز ابن باز في المحرم، ثم موت الشيخ علي الطنطاوي في صفر، و موت الشيخ مصطفى الزرقاء في ربيع الأول، والشيخ مناع القطان في ربيع الثاني، وعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في جمادى الأولى، والفريق يحيى المعلمي في جمادى الثانية ماتوا جميعاً في المملكة العربية السعودية، ودفنوا تحت ثراها، وبكاهم العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وسيظل الناس يذكون أعمالهم الكبيرة إلى أن تقوم الساعة، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها»

ففي يوم السبت 19ربيع الأول 1420هـ الموافق 3 يوليو 1999م وافته المنية بعد أذان صلاة العصر، وهو جالس ينقح الفتاوى ويبوبها.

المصادر

1- مجلة الحج والعمرة عام2000م.

2- مجلة المجتمع الكويتية.

للمزيد عن الإخوان في سوريا

مراقبو الإخوان في سوريا

1- الشيخ الدكتور مصطفي السباعي (1945-1964م) أول مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بسوريا ولبنان.

2- الأستاذ عصام العطار (1964- 1973م).

3- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1973-1975م).

4- الأستاذ عدنان سعد الدين (1975-1981م).

5- الدكتور حسن هويدي (1981- 1985م).

6- الدكتور منير الغضبان (لمدة ستة أشهر عام 1985م)

7- الأستاذ محمد ديب الجاجي (1985م لمدة ستة أشهر).

8- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1986- 1991م)

9- د. حسن هويدي (1991- 1996م).

10- الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (1996- أغسطس 2010م)

11- المهندس محمد رياض شقفة (أغسطس 2010)

.

من أعلام الإخوان في سوريا
أقرأ-أيضًا.png

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وثائق ومتعلقات أخرى

وصلات خارجية

الموقع الرسمي لإخوان سوريا

وصلات فيديو

.