عبد الفتاح أبو غدة
عبدالفتاح أبوغدة.. في سطور
- هو عبد الفتاح بن محمد بن بشير أبوغدة.
- تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في حلب.
- سافر إلى القاهرة والتحق بكلية الشريعة بجامعة الأزهر وتخرج فيها سنة 1948م.
- ثم حصل على تخصص أصول التدريس من كلية اللغة العربية سنة 1370 هـ 1950م.
- بعد عودته إلى حلب عمل بالتعليم الثانوي أحد عشر عامًا.
- عمل في كلية الشريعة بجامعة دمشق.
- عمل بالجامعات السعودية نحو ربع قرن من الزمان، تخرج على يديه مئات الطلاب.
- اختير مراقبًا لجماعة الإخوان المسلمين في سورية في مطلع التسعينات من القرض الماضي.
- له ما يقرب من ستين كتابًا، يدور معظمها حول الحديث النبوي.
- توفي الشيخ في سنة (1417 هـ 1997م) ودفن بالبقيع في المدينة المنورة.
توطئة
جذبت دعوة الإخوان المسلمين في الثلاثينيات والأربعينات من القرن المنصرم نفرًا من نوابغ الطلبة من البلاد العربية، الذين كانوا يدرسون في معاهد العلم في القاهرة ، وكانت آنذاك قبلة الدارسين من العالم العربي والإسلامي بمعاهدها العلمية وأزهرها، وصحافتها وكتابها وعلمائها النوابغ.
وفي هذه الفترة كان نجم الدعوة والإصلاح هو الإمام حسن البنا، نجح في أن ينتقل بالدعوة من الفكر إلى الحركة، ومن التنظير إلى التطبيق، ومن الفرقة والتشتت إلى التوحد والتنظيم.
فالتفت الأمة حوله وأعطته مقادها عن وعي وبصيرة، وتجمع عليه عدد من نوابغ الطلاب الذين كانوا يدرسون بالأزهر ، رأوا فيه ما لم يروه في شيوخهم على فضلهم وجلالة قدرهم، لكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن بين هؤلاء النابغين كان فضيلة العالم المحدث عبدالفتاح أبوغدة.
المولد والنشأة
ولد الشيخ عبد الفتاح بن محمد بشير بن حسن أبو غده في مدينة حلب الشهباء، شمالي سورية في شهر رجب من سنة (1337 هـ 1917م) لأب كان يشتغل بتجارة المنسوجات، محبًا للعلم حريصًا على حضور مجالسه، يعتاد ارتياد المساجد، فقد كان والده محمد رجلاً مشهوراً بين معارفه بالتقوى والصلاح والمواظبة على الذكر وقراءة القرآن.
وكان يعمل في تجارة المنسوجات، التي ورثها عن أبيه، حيث كان الجد بشير من تجار المنسوجات والقائمين على صناعتها بالطريقة القديمة. ينتهي نسب الشيخ رحمه الله تعالى إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان لدى أسرته شجرة تحفظ هذا النسب وتثبته.
وفي مثل هذا الجو الطيب نشأ الشيخ أبو غدة، وما كاد يبلغ الثامنة من عمره حتى أدخله أبوه المدرسة العربية الإسلامية الخاصة، ولما انتهى من الدراسة فيها انتقل إلى المدرسة الخسروية العثمانية، التي بناها خسرو باشا، والتي تعرف اليوم باسم الثانوية الشرعية، وتخرج منها سنة 1942 ، التي وتتلمذ فيها على يد عدد من علماء حلب المعروفين من أمثال الشيخ راغب الطباخ صاحب كتاب " إعلام النبلاء بأخبار حلب الشهباء " والشيخ مصطفى الزرقاء الفقيه الكبير، وعيسى البيانوني وغيرهم.
تزوَّج الشيخ من السيدة فاطمة دلال الهاشمي شقيقة صديقه الدكتور علي الهاشمي، فكانت له نِعْم الزوجة الصالحة؛ نهضت معه بعبء البيت وتربية الأولاد ليتفرَّغ للدعوة والعلم الشرعي، ووقفت بجانبه في الشدائد والأمراض، فكانت خير زوجة وأنيس.
وللشيخ ثلاثة أبناء وثماني بنات، وهم: محمد زاهد، والدكتور أيمن المتخصص بأمراض القلب، الشيخ سلمان.
أبو غدة تلميذًا في مدرسة البنا
وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية استكمل دراسته في الجامع الأزهر، والتحق بكلية الشريعة ودرس على شيوخها الذين كانوا يعدون من أئمة العلم والفقه في العالم الإسلامي، وحسبك أن يكون من بينهم : محمد الخضر حسين، ومحمود شلتوت، وعبد الحليم محمود، والثلاثة جميعهم تولوا مشيخة الجامع الأزهر، بالإضافة إلى غيرهم من أساتذة الكلية المعروفين.
ولم يكتف الشيخ أبو غدة بهذه الدراسة النظامية، بل اتصل بالحياة العلمية الزاخرة التي كانت تموج بها عاصمة المعز، فاتصل بالمحدث المغربي الكبير "عبد الله الصديق الغماري" وكان قد هاجر من المغرب ، واتخذ القاهرة وطنـًا لـه، وكان تمكنه من الحديث وعلومه سببًا في التفاف طلبة الحديث حوله "،
كما اتصل بالشيخ "مصطفى صبري" آخر مشايخ الإسلام في الدولة العثمانية، ووكيله الشيخ "محمد زاهد الكوثري"، وكانا قد هاجرا من تركيا بعد سقوط الدولة العثمانية واستقرا في القاهرة، وقد لازمهما الشيخ أبو غدة ملازمةً لصيقةً، وتتلمذ عليهما ست سنوات كاملة، وأفاد من علمهما إفادةً عظيمةً. وفي الوقت نفسه حضر محاضرات بعض كبار العلماء الذين يعملون في جامعة القاهرة من أمثال الشيخ عبد الوهاب خلاف ، والشيخ محمد أبو زهرة.
وكان من الطبيعي أن يبزغ نجم أبي غدة في الأوساط الأزهرية؛ لدأبه ونشاطه وجده واجتهاده، ثم انتقل إلى الأوساط الأدبية حين بدأ يرسل نقودًا علميةً موجزةً على صفحات مجلات الأدب، تنبئ عن علم وبصيرة ودقة وسداد، من ذلك ما كتبه إلى مجلة الرسالة الغراء، يصحح فيه خطأ وقع فيه اثنان من عمالقة الأدب هما محمد كرد علي، وأحمد أمين، حين ذكرا أن العلامة أحمد تيمور تتلمذ على يد الشيخ نصر الهوريني اللغوي المعروف؛
وكان فيما كتبه ما يلي:
- (يذكر الأستاذان أحمد أمين بك، ومحمد كرد علي بك في كتاب ذكرى أحمد تيمور الذي ظهر حديثًا أن العلامة أحمد تيمور باشا كان في جملة أساتذته الشيخ نصر الهوريني، وأنا أعلم أن وفاة الشيخ نصر الهوريني كانت سنة 1291 هـ، كما ذكره العلامة تيمور في كتابه " تصحيح القاموس"، والأستاذ الزركلي في " الأعلام "، والعلامة تيمور ولد سنة 1288 هـ، فتكون سنه ثلاث سنوات عند وفاة الشيخ الهوريني، وممتنع أن يكون الباشا تيمور في هذا السن صديقًا للهوريني أو تلميذًا له، فذكره في معارف أحمد تيمور خطأ، وجلّ من لا يخطئ).
وأسلوب الرد يدل على منحى الأستاذ العلمي منذ أن حمل أمانة القلم، في التزام الأدب مع المخطئين، واختيار الكلمات الهادئة التي ترشد إلى الصواب دون صخب أو جلبة، مع ذكر الدليل على الصواب بالاستناد إلى الوثائق التاريخية.
وفي هذه الفترة توثقت صلته بجماعة الإخوان المسلمين، والتقى بالإمام حسن البنا، وتتلمذ عليه وتأثر به وحمل فكره، واقتدى بخطوه، وصار من دعاة الإسلام.
وبعد أن تخرج الشيخ " أبو غدة " في كلية الشريعة حاملاً شهادتها العالية سنة (1368 هـ 1948م) التحق بتخصص أصول التدريس بكلية اللغة العربية، وتخرج فيها بعد عامين، وعاد إلى بلاده.
أبو غدة نائبًا في البرلمان السوري
عاد الشيخ إلى بلاده يحمل علمًا واسعًا، وفكرًا جديدًا، وروحًا وثابة، ونفسًا طامحةً إلى التغيير والإصلاح،فتقدم سنة 1951 لمسابقة اختيار مدرسي التربية الإسلامية لدى وزارة المعارف فكان الناجح الأول. ودرَّس أحد عشر عاماً مادة التربية الإسلامية في ثانويات حلب، كما شارك في تأليف الكتب المدرسية المقررة لهذه المادة بالاشتراك مع الشيخ الجليل أحمد عز الدين البيانوني
درَّس إلى جانب ذلك في (المدرسة الشعبانية) وهي معهد شرعي أهلي متخصص بتخريج الأئمة والخطباء، ودرَّس في الثانوية الشرعية (الخسروية) التي تخرج فيها، ثم انتدب للتدريس في كلية الشريعة في جامعة دمشق، ودرس فيها لمدة ثلاث سنوات (أصول الفقه)، و(الفقه الحنفي) و(الفقه المقارن بين المذاهب). وقام بعد ذلك بإدارة موسوعة (الفقه الإسلامي) في كلية الشريعة بدمشق لنحو عامين، أتم خلالها كتاب (معجم فقه المحلى لابن حزم) وكان قد سبقه للعمل فيه بعض الزملاء فأتمه، وأنهى خدمته، وطبعته جامعة دمشق في ضمن مطبوعاتها في مجلدين كبيرين.
ثم انتخب عضوًا في المجلس النيابي بسورية سنة (1382 هـ 1962م)، وكان فيها بطلاً من أبطال حرية الرأي، وجلجل فيها صوته داعيًا إلى تطبيق شريعة الإسلام ، وكان صوت حق في الوقت الذي لاذ فيه كثيرون بالصمت، واعتصموا بالسكون والهدوء، والميل إلى الدعة والراحة، لكن أصحاب الدعوات لسان صدق أينما حلّوا.
أدخل السجن سنة 1966 مع ثلة من رجال العلم والفكر في سورية، ومكث في سجن تدمر الصحراوي أحد عشر شهراً. وبعد كارثة الخامس من حزيران سنة 1967 اضطر الحاكمون إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وكان الشيخ رحمه الله من بينهم.
أبو غدة في رحاب العلم
أعاد الشيخ أبو غدة إلى الأذهان ما كان يفعله القدماء في الرحلة في طلب الحديث ومقابلة الشيوخ والأقران، والرواية عنهم، وطلب الأسانيد العالية، فرحل إلى الهند سنة (1382 هـ 1962م)، والتقى هناك بكبار المحدثين والعلماء، من أمثال المفتي عتيق الرحمن كبير علماء دلهي بالهند، وأبو الوفاء الأفغاني رئيس دائرة المعارف النعمانية، واطلع هناك على نفائس المخطوطات العربية؛
وكان له فضل نشر تراث بعض أئمة الحديث في الهند ممن لم تكن لهم شهرة في العالم العربي، ويأتي في مقدمتهم:
- محمد عبد الحي اللكنوي، ومحمد أنور الكشميري، وقد نشر للأول ثلاثة من نفائس مؤلفاته هي "الرفع والتكميل في الجرح والتعديل"، والأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة في علوم الحديث، وإقامة الحجة على أن الإكثار في التعبد ليس ببدعة، ونشر للثاني كتابه " التصريح بما تواتر في نزول المسيح".
وبعد عودته من الهند دعته المملكة العربية السعودية للعمل في معاهدها العلمية، والاستفادة من علمه الواسع، فانتقل إلى هناك سنة (1385 هـ 1965م)، وعمل أستاذًا في كلية الشريعة بالرياض التي أصبحت بعد ذلك جامعة محمد بن سعود الإسلامية، ودرس في المعهد العالي للقضاء، ثم قام بتدريس الحديث النبوي وعلومه نحو عشر سنوات لطلبة الدراسات العليا في كلية أصول الدين بجامعة محمد بن سعود، وقد شارك خلال هذه الفترة (1385 ـ 1408 هـ) (1965 ـ 1988) في وضع خطط جامعة الإمام محمد بن سعود ومناهجها، واختير عضواً في المجلس العلمي فيها، ولقي من إدارة الجامعة كل تكريم وتقدير.
وظل يعمل بهذه الجامعة ثلاثًا وعشرين سنةً، كان موضع تقدير الطلاب وإعجابهم به؛ لعلمه الغزير وسلوكه الرفيع. ثم عمل بجامعة الملك سعود بالرياض سنة (1408 هـ 1987م)، ومكث فيها عامين ثم تقاعد عن التدريس
انتدب الشيخ أستاذاً زائراً لجامعة أم درمان الإسلامية في السودان ولمعاهد الهند وجامعاتها، وشارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات الإسلامية العلمية، التي تعقد على مستوى العالم الإسلامي. وكانت له جهود طيبة في جميع هذه المجالات. ثم عاد للعمل مع جامعة الملك سعود في الرياض وقبلها مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض كذلك.
وإلى جانب هذا النشاط الوافر المملكة العربية السعودية، كانت له سفرات للتدريس في بعض البلاد العربية والإسلامية، فعمل أستاذًا زائرًا في جامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وعمل باليمن، ودرس في جامعة ندوة العلماء في لكنو بالهند، وهي الجامعة التي يرأسها سماحة الشيخ أبو الحسن علي الندوي.
وفي كل مكان ينزل به يلتف حوله طلبة العلم ودارسو الحديث النبوي للاستفادة منه، وقد انتفع بعلمه آلاف الطلاب في حلب ودمشق والرياض والهند وباكستان واليمن.
كان رحمه الله شديد الاهتمام بأمر المسلمين ،وظف كثيراً من وقته وجهده لخدمة الشأن العام، وعندما أنهى إليه بعض العلماء في سورية أنه من الممكن إذا عاد إليها في ظل الظروف القائمة، أن يكون مفتاحاً للإفراج عن ألوف المعتقلين السياسيين هناك، وبذل له وعداً بمقابلة الرئيس حافظ أسد لحل الأزمة العالقة بين الحكومة والحركة الإسلامية، فقبل أن يقوم بالمهمة رجاء تحقيق شيء للمصلحة العامة.و بعودة الشيخ إلى سورية استقبل استقبالاً حافلاً على المستويين العلمي والشعبي ولكن دون أن يتحقق له ما عاد من أجله.
أبو غدة مراقبًا للإخوان في سورية
وفي مطلع التسعينيات من القرن العشرين تولى الشيخ أبو غدة منصب المراقب العام للإخوان في سورية، في ظروف بالغة الحرج، حيث تمتلئ السجون بآلاف المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين، الذين يلاقون العذاب والاضطهاد والترويع والتخويف، بالإضافة إلى مئات السيدات اللاتي يعانين المصير نفسه.
وكان على الشيخ أبي غدة أن يقود المركب في هذه الأجواء العصيبة، وتربص الحكومة السورية بجماعة الإخوان، ونجح في علاج التصدع التي منيت به الجماعة، وأن يحتفظ بكيانها ووحدة صفها، في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها هناك؛
وصرح هو عقب هذه الأحداث :
- "دعوة الإخوان هي دعوة تكليفية ليس فيها التاج.. وليس فيها الغنى.. وإنما هي دعوة المشقات والمتاعب... وأن من فضل أنه قد انفصل من انفصل وبقى أهل الحل والعقد والعزم والتصميم كما هم.. وما يزالون يزدادون قوةً، وهم بخير وفي خير كثير.. ومازالت آثار هذا الانشقاق تضمحل، ويخرج من دخل في هذا الانشقاق إلى ساحة الشرعية والجماعة النظامية، وهم يعتذرون عما سلف منهم.. "
أخلاق الشيخ أبي غدة
يذكر كل من التقى بالشيخ أو صادقه أو تعلم على يديه أنه كان كريم الخلق، واسع الصدر، سريع العبرة، أنيقًا في ملبسه، صبورًا على الشدائد والمحن، مجدًا في طلب العلم، مجتهدًا في تحصيله، محبًا في نشره، كثير العبادة والصلاة، مداومًا على قراءة القرآن؛
وكان الشيخ سمح الطبع، صافي القلب، صادق الإيمان، محبًا لإخوانه، بل محبًا للإنسان عامةً، وحسبك من ذلك ما كتبه تعليقًا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه "
يقول الشيخ :
- قال العلماء : المراد بالأخ في قوله "حتى يحب لأخيه" عموم الأخوة حتى يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دوام الإسلام ، بل تتجه إلى كل خير يصيب الإنسان أيًا كان مادام لا يصيب أحدًا بسوء. فانظر إلى قوله تعلم ما كان يملأ قلبه من حب للإنسانية وتمني الخير لها.
وفاته
تلقَّى الشيخ في عام 1405هـ 1995م دعوةً من الرئيس حافظ الأسد ليعود إلى سوريا؛ حيث أعرب على لسان فضيلة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أنه يكن احترامًا كبيرًا للشيخ وعلمه، ويرغب في أن يكون بين أهله وفي بلده، ومبديًا رغبته في الالتقاء بالشيخ؛
وقد استجاب الشيخ لهذه المبادرة الطيبة آملاً أن تكون بدايةً لرأب الصدع الذي حصل في سوريا في عقد الثمانينيات، فعاد إليها مؤملاً تقريب وجهات النظر وتخفيف المعاناة التي أدَّت إليها أحداث مؤسفة سابقة أواخر حياته، ولم يقدَّر أن يلتقيَ الرئيس بالشيخ الذي كان موضع حفاوة رسمية ممن التقى به من المسئولين، وأتاحت له عودته إلى سوريا بعد غياب دام سبعة عشر عامًا أن يرى بلده قبل وفاته.
وفي شهر شعبان 1417هـ، ديسمبر 1996م شعر الشيخ بضعفٍ آخر في نظره، فعاد من حلب إلى الرياض ليتلقَّى علاجًا آخر لم يكن ناجعًا، ونتج منه صداع شديد لازم الشيخ طيلة أيامه الباقية، ثم اشتكى الشيخ في أواخر رمضان من ألم في البطن أُدخل على إثره مستشفى الملك فيصل التخصصي، وتبيَّن أنه ناتج من نزيف داخلي بسبب مرض التهابي، وما لبث أن التحق بالرفيق الأعلى فجر يوم الأحد 9 من شوال 1417هـ، الموافق 16 من فبراير 1997 م، عن عمر تناهز الثمانين عامًا رحمه الله رحمة واسعة.
مؤلفات الشيخ أبي غدة
كان الشيخ أبو غدة من كبار شيوخ الحديث في هذا العصر، تشهد على ذلك مؤلفاته الكثيرة، وتحقيقاته التي تزيد عن ستين كتابًا، يدور معظمها حول الحديث وعلومه، وهذه الكتب كلها مما يفيد الدارس البصير، فضلاً عن المتصفح العجول، ففيها كتب ضافية عن الجرح والتعديل، وتمييز الفتاوى عن الأحكام، وفقه أهل العراق، وفقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر الهجري، ومنهج السلف في السؤال عن العلم وغير ذلك.
- الرفع والتكميل في الجَرْح والتعديل للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع 3 طبعات؛ أولاها سنة 1383هـ 1963م بحلب.
- الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة للإمام اللكنوي، وطبع 3 طبعات؛ أولاها سنة 1384هـ 1964م بحلب.
- رسالة المسترشدين للإمام الحارث المحاسبي، وطبع 8 طبعات؛ أولاها سنة 1384هـ 1964م بحلب، وترجم إلى اللغة التركية.
- التصريح بما تواتر في نزول المسيح لمحمد أنور الكشميري، وطبع 5 طبعات؛ أولاها سنة 1385هـ 1965م بحلب.
- إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة للإمام اللكنوي، طبع بحلب سنة 1966م 1386هـ.
- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للإمام القرافي، وطبع طبعتان؛ أولاهما سنة 1387هـ 1967م بحلب.
- فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية في الفقه الحنفي للملا علي القاري الهروي المكي، طبع الجزء الأول بحلب محققًا سنة 1387هـ 1967م، ولم يقدَّر للشيخ أن يتمه تحقيقًا، ثم طُبع في لبنان دون تحقيق.
- قاعدة في الجرح والتعديل للحافظ تاج الدين السبكي، وطبع 5 طبعات؛ أولاها ببيروت سنة 1388هـ- 1968م.
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام ابن قيم الجوزية، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1389 1969 في بيروت.
- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للإمام ملا علي القاري، وطبع 3 طبعات؛ أولاها سنة 1389هـ 1969م بحلب.
- فقه أهل العراق وحديثهم للأستاذ محمد زاهد الكوثري، وطبع ببيروت سنة 1390هـ 1970م.
- خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ الخزرجي، طبع مصورًا أربع مرات؛ أولاها ببيروت سنة 1390هـ 1970م مع مقدمة ضافية وتصحيح أغلاط وتحريفات كثيرة.
- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل، وطبع 4 طبعات؛ أولاها ببيروت سنة 1391هـ 1971 م، وقد ترجم إلى اللغتين التركية والأردية.
- قيمة الزمن عند العلماء، وطبع 6 طبعات؛ أولاها ببيروت سنة 1404هـ 1984م، وترجم إلى التركية والأردية والفارسية والإنجليزية.
- من أدب الإسلام ، وطبع عدة مرات؛ أولاها ببيروت سنة 1412هـ 1992 م، وقد ترجم إلى الإنجليزية والأردية والتركية والصينية والفارسية.
- الإسناد من الدين ومعه.. صفحة مشرقة من تاريخ سماعات الحديث عند المحدثين، وطبع ببيروت سنة 1412هـ 1992م.
- منهج السلف في السؤال عن العلم وفي تعلم ما يقع وما لم يقع، طبع ببيروت سنة 1412هـ 1992م.
- السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي والتعريف بحال سنن الدار قطني، طبع ببيروت سنة 1413هـ 1993 م.
- تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي، طبع ببيروت سنة 1414هـ 1993م.
- الرسول المعلم وأساليبه في التعليم،طبع ببيروت سنة 1417هـ 1996م، وترجم إلى الأردية والإنجليزية.
- نماذج من رسائل أئمة السلف وأدبهم العلمي، طبع ببيروت سنة 1417هـ 1996م.
- تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر وآثارهم الفقهية، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417هـ 1997م.
- رسالة الإمام أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417هـ 1997م.
وإلى جانب هذه الآثار التي ألفها وحققها الشيخ أبو غدة كان عضوًا في المجمع العلمي العراقي في بغداد، وعضوًا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة، ونال جائزة سلطان بروناي لخدمة الحديث النبوي الشريف في سنة (1415 هـ 1994م) وكان أول من نال هذه الجائزة.
شيوخه
تتملذ الشيخ في بداياته على كبار علماء مدينة حلب، ثم على رعيل من كبار علماء مصر، كان من أبرز شيوخه في مدينة حلب: الشيخ راغب الطباخ ، والشيخ أحمد الزرقاء ، والشيخ عيسى البيانوني ، والشيخ محمد الحكيم، والشيخ أسعد عبجي، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ نجيب سراج الدين، إلى جانب الشيخ مصطفى الزرقاء رحمهم الله تعالى جميعاً.
وكان من شيوخه في مصر أثناء دراسته في الأزهر:
- الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ عبد المجيد دراز، والشيخ عبد الحليم محمود، والشيخ محمود شلتوت، إلى جانب الشيخ عبد الله الصديق الغماري. والتقى في مصر بالشيخ مصطفى صبري شيخ الخلافة العثمانية ، وتتلمذ بشكل خاص على الشيخ محمد زاهد الكوثري من مشايخ الخلافة العثمانية ايضا، وسمى ابنه الأكبر على اسمه، كما التقى هناك بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وأخذ عنه نهجه الدعوي.
الشيخ والعلماء
وتعرَّف الشيخ على علماء كثيرين؛ منهم الشيخ أحمد سحنون من أبرز علماء الجزائر، التقى بالشيخ عند زيارته للجزائر، وكتب تقريظًا لرسالة المسترشدي الشيخ أمجد الزهاوي (1300- 1386هـ 1880-1966م) من أبرز علماء العراق في وقته، والشيخ عبد الله المطوع أحد علماء الكويت،ومن زعماء التيار الإسلامي فيها؛
والأستاذ عمر بهاء الدين الأميري الأديب والشاعر الإسلامي، وأحد زملاء دعوة الإخوان المسلمين في سوريا ، والشيخ محمد محمود الصواف الداعية المتجرد والخطيب المفوَّه، ولد بالموصل ودرس في مصر ، ثم هاجر إلى السعودية؛
حيث عمل مستشارًا للملك فيصل، وكان المراقب العام لإخوان العراق، والدكتور مصطفى السباعي الداعية والخطيب المفوَّه مؤسس جماعة الإخوان في سوريا، أسس مجلة حضارة الإسلام، وتوفي سنة 1965 مريضًا بالسرطان، والشيخ مناع القطان العالم والداعية، ولد بمصر ودرس بها ثم هاجر إلى السعودية؛
حيث عمل في مناصب علمية وإدارية متنوعة؛ منها إدارة المعهد العالي للقضاء الذي درس به الشيخ، توفي في الرياض، والبروفسور نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا الأسبق، والسياسي الإسلامي المخضرم، كان للشيخ في نفسه اعتبار خاص؛ فكان الشيخ موضع حفاوته إذا زار تركيا ، والشيخ يوسف القرضاوي العلامة الفقيه الداعية.
عبدالفتاح ابوغده: الفقيه الأصولي المحدث
كانت بداية الشيخ رحمه الله تعالى في التفقه على مذهب أبي حنيفة، سبر غوره وبرع فيه، ثم درّس مع تضلعه بفقه المذهب الفقه المقارن، فنال حظاً وافياً من فقه المذاهب الأخرى.
كما درّس في جامعة دمشق علم الأصول وبرع فيه. واشتغل بالموسوعة الفقهية الإسلامية. وانتقل في مرحلة تالية للاشتغال بكتب الحديث الشريف فحقق جملة منها حتى برّز في علم الحديث واحتل مكانة متقدمة فيه.
قام الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى بالعديد من الرحلات العلمية والدعوية رحل إلى عدد من الأقطار الإسلامية، مفيداً ومستفيداً، فإلى جانب إقامته في مصر، رحل إلى الهند وباكستان والسودان والمغرب والعراق والتقى بعلماء هذه الأقطار، وطلاب العلم فيها، فأفاد منهم وأفادوا منه.
ولقد حمل في زياراته المتعددة إلى الهند وباكستان كثيراً من علم القارة الهندية إلى المشرق العربي، وحقق العديد من الرسائل والكتب وشهرها بين أهل العلم، فنالت استحسانهم وإعجابهم.
ومن أبرز العلماء الذين التقى بهم في تلك الديار: الشيخ محمد شفيع مفتي باكستان ، والمفتي عتيق الرحمن كبير علماء دلهي، والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، والشيخ محمد يوسف البنوري، والشيخ محمد لطيف، والشيخ أبو الوفا الأفغاني، والشيخ أبوالأعلى المودودي والشيخ أبو الحسن علي الندْوي .
يعد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من العلماء الثقاة، الذين يفخر بهم العالم الإسلامي في القرن العشرين، وقد أحاط بالعلوم الشرعية، وتبحر في علمي الفقه والحديث، حيث أكب منذ بداية حياته العلمية على تحقيق ونشر الكتب النفيسة في هذين الفنين.
ويمتاز تحقيق الشيخ عبد الفتاح بأنه يقدم مع الكتاب المحقق، كتاباً آخر مليئاً بالفوائد النادرة والتوضيحات النافعة، التي توضح الغامض، وتسدد وتصوب وترجح وتقرب العلم إلى طالبه وتحببه إليه.
وللشيخ رحمه الله تعالى ولع شديد بكتب العلم، يتتبعها في مظانها، مطبوعة ومخطوطة، ويصرف وقته وجهده وماله، في سبيل اقتنائها وخدمتها، وتقديمها للقارئ، غنية بمضمونها، راضية في شكلها، تنم على إحساس عال لدى الشيخ في تكريم الكتاب، وعلى ذوق رفيع في طريقة إخراجه. وللشيخ عشرات الكتب المؤلفة والمحققة.
و هذا ثبت بمؤلفات الشيخ مرتبة حسب تاريخ النشر:
- الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1383 1963 بحلب
- الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة للإمام اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1384 1964 بحلب
- رسالة المسترشدين للإمام الحارث المحاسبي وطبع 8 طبعات أولها سنة 1384 1964 بحلب، وترجم إلى اللغة التركية .وهو كتاب عميم الفائدة للخاصة والعامة فمع النصح المخلص للمؤلف المحاسبي رحمه الله ،الذي يقال ان كل من صنف في تهذيب النفس وتربيتها عيال عليه ،جاءت توشيحات الشيخ ابي زاهد لتزيده فائدة وحسن اثر.
- التصريح بما تواتر في نزول المسيح لمحمد أنور الكشميري، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1385 1965 بحلب
- إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة للإمام اللكنوي طبع بحلب سنة 1966 1386
- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للإمام القرافي وطبع طبعتان أولاهما سنة 1387 1967 بحلب
- فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية في الفقه الحنفي للملا علي القاري الهروي المكي، طبع الجزء الأول بحلب محققاً سنة 1387 1967، ولم يقدر للشيخ أن يتمه تحقيقاً ثم طبع في لبنان دون تحقيق
- قاعدة في الجرح والتعديل للحافظ تاج الدين السبكي، وطبع 5 طبعات أولها ببيروت سنة 1388 1968
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام ابن قيم الجوزية، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1389 1969 في بيروت
- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للإمام ملا علي القاري، وطبع 3 طبعات أولها سنة 1389 1969 بحلب
- فقه أهل العراق وحديثهم للأستاذ محمد زاهد الكوثري و طبع ببيروت سنة 1390 1970
- خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ الخزرجي طبع مصوراً أربع مرات أولها ببيروت سنة 1390 1970 مع مقدمة ضافية وتصحيح أغلاط وتحريفات كثيرة.
- قواعد في علوم الحديث لمولانا ظفر الله التهانوي، وطبع 6 طبعات أولها ببيروت سنة 1392 1972 وترجم بعضه إلى التركية
- المتكلمون في الرجال للحافظ السخاوي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400 1980
- ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للحافظ الذهبي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400 1980
- قصيدة عنوان الحكم لأبي الفتاح البستي أولها ببيروت سنة 1404 1984
- الموقظة في علم مصطلح الحديث للحافظ الذهبي وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1405 1985
- سنن الإمام النسائي طبعه الشيخ مصوراً ومفهرساً، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1406 1986
- الترقيم وعلاماته للعلامة أحمد زكي باشا، وطبع طبعتان أولاهما سنة 1407 1987 ببيروت
- سباحة الفكر بالجهر بالذكر للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1408 1988
- قفو الأثر في صفو علم الأثر ابن الحنبلي، وطبع طبعتان أولاهما ببيروت سنة 1408 1988
- بلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب للحافظ الزبيدي، و طبع ببيروت سنة 1408 1988
- جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل، وطبع ببيروت سنة 1411 1991
- التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن للعلامة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي، و طبع ببيروت سنة 1412 1992
- تحفة الأخيار بإحياء سنة سيد الأبرار ومعه حاشيته نخبة الأنظار على تحفة الأخبار للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع ببيروت سنة 1412 1992
- التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز للشيخ زاهد الكوثري، و طبع ببيروت سنة 1413 1994
- تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة للعلامة أحمد شاكر، وطبع ببيروت سنة 1414 1994
- تحفة النساك في فضل السواك للعلامة الميداني، و طبع ببيروت سنة 1414 1993
- كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس للعلامة عبد الغني الميداني، وطبع ببيروت سنة 1414 1993
- العقيدة الإسلامية التي ينشأ عليها الصغار للإمام ابن أبي زيد القيرواني و طبع طبعتان أولاها ببيروت سنة 1414 1993
- الحث على التجارة والصناعة والعمل للإمام أبي بكر الخلال الحنبلي،وطبع ببيروت سنة 1415 1995
- توجيه النظر إلى أصول الأثر تأليف الشيخ طاهر الجزائري وطبع ببيروت سنة 1416 1995
- ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع ببيروت سنة 1416 1995
- رسالة الألفة بين المسلمين للإمام ابن تيمية ومعها رسالة في الإمامة للإمام ابن حزم الظاهري، وطبع ببيروت سنة 1417 1996
- مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث للشيخ العلامة المحدث محمد عبد الرشيد النعماني، وطبع ببيروت سنة 1416 1996
- الحلال والحرام وبعض قواعدهما في المعاملات المالية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وطبع ببيروت سنة 1416 1996
- شروط الأئمة الخمسة للحازمي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417 1997
- شروط الأئمة الستة للحافظ ابن طاهر المقدسي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417 1997
- كتاب الكسب للإمام محمد بن الحسن الشيباني، وقد ألحق الشيخ به رسالة الحلال والحرام وبعض قواعدهما، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417 1997
- ثلاث رسائل في استحباب الدعاء ورفع اليدين بعد الصلوات المكتوبة، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417 1997
- الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء للإمام ابن عبد البر، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417 1997
- خطبة الحاجة ليست سنة في مستهل الكتب والمؤلفات كما قال الشيخ ناصر الألباني، وهذه الرسالة نشرت بعد وفاة الشيخ ضمن مجلة مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر
الشيخ المعلم
كان الشيخ رحمه الله تعالى معلم أجيال، ومؤسس مدرسة علمية في مدينته حلب الشهباء، قامت على الوسطية والمنهجية والانفتاح.
وعلى الرغم من أن الشيخ حنفي المذهب، ويعيش وسط بيئة يسود فيها المذهب الحنفي، إلا أنه أسس بمنهجيته العلمية لموقف علمي شعبي منفتح يتجاوز كثيراً من العنعنات والتعصبات المذهبية.
كان يصر في منهجيته على اعتماد الدليل، والمقارنة بين المذاهب، يربط الحكم بدليله، ويقارن بين أقوال العلماء وأصحاب المذاهب..(لا تقولوا قال الشيخ..) كانت تلك عبارته وإنما احفظوا الدليل لتقولوا (قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم).
في تعليمه وتربيته
كان يذكر سلف الأمة أجمع بالخير والتقدير، ويغضي عن كل الخلافات التي كانت تكون في العصور.. كان ابن تيمية رحمه الله تعالى موضع ازورار البيئة العلمية التي يعيش فيها الشيخ، وكان مشايخ الدولة العثمانية الشيخ (مصطفى صبري) والشيخ (محمد زاهد الكوثري) من أشد الناس ازوراراً عن ابن تيمية، ولكن الشيخ أبا زاهد أماط كل هذا عن شخصية ابن تيمية، وقدمه لتلامذته عالماً عاملاً مجاهداً له مكانته (الإصلاحية) و(الفقهية) و(الجهادية).
يقول في هذا راداً الفضل لأهله (والذي نبهني إلى مكانة ابن تيمية وعلمه وفضله شيخي الشيخ نجيب سراج الدين رحمه الله..) والشيخ نجيب سراج الدين من علماء حلب، بل عالم حلب في وقته، وقد ورّث العلم من بعده لولده عبد الله سراج الدين رحمهما الله تعالى.
كان الشيخ رحمه الله تعالى متواضعاً في تعليمه، متألفاً لقلوب متابعيه وتلامذته، فكان إذا شعر أن مسألة ما غمضت عليهم، وعجزوا عن استيعابها قال (أنا لا أُفهم.. أنا لا أُفهم، أُعيد)، ثم يعيد المسألة، فينسب التقصير لنفسه، ويبرأ منه تلامذته.
وإلى جانب هذا التواضع كان يقرن اللطف بالتنبيه والإرشاد.. كان كثيراً ما يروي حديث الأعرابي (الذي تكلم في الصلاة) وقول هذا الأعرابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فما زجرني وما نهرني وما زاد على أن قال إن الصلاة عبادة لا يصح فيها شيء من أمور الناس..)
إذا لحظ أن أحد المصلين لا يعطي الركوع حقه سأله بلطف:
- (هل تشتكي من ألم في الظهر..) وإذا رأى عالماً على غير مذهبه يخالف المشهور مما عليه العمل سأله برفق (هل عندكم في هذا الأمر شيء ؟!)
وكان رحمه الله في فتواه معلماً وواعظاً، يتصدى لعادات المجتمع البالية بروح نقدية لاذعة. كانت (أيمان الطلاق) من أشد ما يحمل عليه الشيخ ويقرع الحضور من أجله محذراً ومستهجناً (يحلف أحدهم بالطلاق عدد حبات كيس الأرز ليمارس رجولته..) ثم يقف أمام الشيخ (دبرني..) وبعد أن يشدد النكير يطلب المستفتي ليلقاه على انفراد.
أسلوبه التعليمي المتفرد، ومزجه الجد بشيء من اللطائف المحببة، واستشهاده بالأبيات السائرة، جعل خطبه ودروسه قبلة الشباب والمثقفين، فربى جيلاً، وفتح أعيناً وقلوباً على مقاصد الشريعة، وقواعد العلم، وحقائق العصر ،من غير إفراط ولا تفريط. كان يعجبه أن يردد أمام (المقصر) و(الغالي): (هوناً ما..) مكرراً قول الإمام علي رضي الله عنه: (أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون عدوك يوماً ما. وابغض عدوك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما..).
كان يؤكد على السمو العقلي المتفتح في شخصية المسلم، وألا يترك نفسه تنحاز به إلى السفاسف والصغائر، حمل إليه أحد الخلطاء يوماً صورة لمقطع حبة بندورة ارتسم فيها صورة للفظة (الله)، وقد احتفت بها إحدى الصحف، ونسخت صوراً عنها ووزعتها.. قال الشيخ معلقاً (إن المسلم ينبغي أن يكون أعقل من أن يؤخذ بمثل هذا!! وإن الإسلام أعظم من أن يستدل على صحته بهذه الصورة !!)
وبين العقل والشرع يؤكد الشيخ على وزن الأمور بميزانها ويكثر من الاستشهاد بقول القائل..
وزن بميزان الشرع كل خاطر
وقول الآخر:
رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع
الشيخ العامل
العالم العامل، من الألقاب العزيزة في عصر قل فيه العلماء، وندر العاملون. فعلى الرغم من استغراق الشيخ رحمه الله تعالى في تحصيل العلم ونشره تأليفاً وتدريساً ومتابعة ؛ إلا أن ذلك لم يمنعه أن ينخرط في صفوف الدعاة العاملين، فكان منذ مبتدأ أمره أحد أركان دعوة الإخوان المسلمين في سورية. يمنحها وقته وجهده ومشورته وتأييده وتسديده وكلَّ ما تطلبه منه.
كان انتسابه إلى هذه الجماعة، وإيمانه بدورها، ومكانتها لا حدود له. يقول عنها أمام بعض إخوانه وقد دب إليهم النَّصَب وعوامل اليأس أثناء محنة طويلة (.. إنها غرسة يد مباركة هي يد الإمام الشهيد حسن البنا ، وهي غرسة يجب أن تستمر..)
في إطار العمل الدعوي يلقى الداعية من إخوانه أحياناً بعض ما يذكر بحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال (رحم الله أخي موسى فقد أوذي أكثر من ذلك فصبر). ولقي الشيخ رحمه الله تعالى في هذا الإطار الكثير. واحتسب ذلك عند الله تعالى من غير شكوى ولا هجر. كما لقي من أعداء الدعوة السجن والتشريد والإبعاد عن الوطن فاحتمل كل ذلك راضياً محتسباً.
في إطار العمل الدعوي وكان الشيخ رحمه الله تعالى خلال إقامته في سورية مدرسة دعوية حية متحركة، تتلمذ عليه فيها ثلاثة أجيال أو أكثر من الدعاة العاملين، كلهم يفخر بأنه قد نال شرف الاغتراف من بحر فضيلة الشيخ عبد الفتاح.
وكانت له في مدينة حلب إلى جانب خطبة الجمعة الأسبوعية، التي كان يلقيها على منبر الجامع الحموي أولاً، وجامع الثانوية الشرعية ثانيا، ثلاثة دروس أسبوعية:
- مجلس للتفقه في الدين بعد خطبة الجمعة فيها أسئلة وأجوبة، تغطي حياة المسلمين الخاصة والعامة، يجيب الشيخ فيها على جميع التساؤلات بمنهج رشيد سديد، يربط الفتوى بدليلها الشرعي، وبالعصر الذي يعيشه المسلمون، ممعناً في الترغيب والترهيب والتوجيه.
- ودرس للفقه يوم الاثنين، حيث كان الشيخ يغمر الحاضرين بواسع علمه، في المقارنة بين المذاهب، وذكر الأدلة، والترجيح بين الأقوال. ودرس ثالث في الحديث والتربية والتهذيب يوم الخميس، وجمهور كبير من الشباب يواظب على هذه الدروس، يستفيدون من الشيخ تربية وتهذيباً وعلماً.
على ساحة العمل العام وصل الشيخ إلى مجلس النواب في أوائل الستينات. وكان رحمه الله في الحقل العام مثال السياسي المتبصر الجريء. وقد تشكلت يومها القائمة التعاونية في حلب، وكان في القائمة مسلمون ومسيحيون. وخطب الشيخ في المساجد كما في الكنائس مد للاً على رؤية وطنية شمولية راسخة. وكان تفاعل الشيخ وإخوانه في المجلس النيابي مؤكداً منهج جماعة الاخوان المسلمين الوطني، بالقبول بالتعددية السياسية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
وفي إطار الجهد العام أيضاً سعى الشيخ أكثر من مرة لجمع كلمة العلماء في حلب، ولتشكيل رابطة حقيقية للعلماء تجمع شملهم وتوظف جهدهم في خدمة الشأن الإسلامي. ولكن هذا المنحى لم ينجح لأسباب وظروف عامة.
في بدايات عهد الاستبداد كان للشيخ جولات في صراع الباطل والتصدي للهجمة الانفعالية المضادة للإسلام، والتي مثلها فريق من الموتورين بطروحات وشعارات مغرقة في الكفر والاستفزاز لمشاعر الشعب العربي السوري. وكان يردد في مسامع الذين يتهددونه في شخصه صباح مساء:
- على أي جنب كان في الله مصرعي
في شخصيته القيادية كان الشيخ رحمه الله تعالى قائداً حازماً بصيراً، واضح الرؤية، بعيد الغور، حكيماً لا تستخفه المطامع القريبة، ولا المصالح العاجلة، امتلك ناصية فقه المصالح والمفاسد الذي لا يكون المرء فقيهاً إلا به، على ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لا يكون الرجل فقيهاً حقاً إلا إذا عرف أكبر المصلحتين ففوت عند التعارض أدناهما، وعرف أعظم المفسدتين فدرأ عند التعارض أعظمهما).
في مرحلة التأسيس الدعوي في الستينات والسبعينات في حلب الشهباء كان الشيخ يأمر بالالتفات إلى العمل والبناء والجدّ، وينهى عن إضاعة الوقت والقيل والقال والانشغال بالصغائر، وافتعال المعارك الجانبية التي تستقطب الجهد وتضيع الوقت بدون طائل.
وكان يرى أن الأمة بحاجة إلى البناء، وأن الشخصية المسلمة وقد حطمت من عهود الانهزام الطويلة بأمس الحاجة إلى استعادة الثقة بنفسها، وأن على قادة الجماعة أن يضعوا الخطط والبرامج لبناء الشخصية الإسلامية العامة الواثقة بنفسها.
كان يشدد النكير على الغلو والغالين ولا سيما من الذين يتنطعون بالحديث عن تقمص مكانة (جماعة المسلمين) قال لسائل ادعى أمامه يوماً أن (جماعة الإخوان المسلمين) تمثل جماعة المسلمين راداً قوله (إن جماعة المسلمين أنا وأنت وهذا الحداد وذاك النجار والخباز.. كل هؤلاء الناس هم جماعة المسلمين)
وعلى الصعيد التنظيمي ومع رغبة الشيخ الملحة في الانصراف بكلّيته إلى الجانبين العلمي والدعوي، اضطر أكثر من مرة أن يستجيب لرغبة إخوانه فيتحمل منهم بعض المسؤوليات التنظيمية، فكان أن تولى منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية ، ثم سريعاً ما تخلى عنه، عندما وجد من يتولاه، ثم ألجئ مرة أخرى إلى تولي هذا المنصب سنة 1986 عندما عصفت بالإخوان ريح الخلاف الداخلي.
جوانب من شخصية الشيخ
من كان اغترافه من بحر أكمل الخلق كيف تعدد خصال كماله؟!!. فقد كان الشيخ أبو زاهد رحمه الله تعالى دمث الأخلاق لطيف المعشر حلو العبارة أنيق المظهر، يتأنق في لبسه وهيئته ومجلسه ويأخذ من حوله بذلك إلى تواضع العلماء وأدب جم.
ويمثل الشيخ عبد الفتاح أبو غدة بشخصيته القوية المتميزة، شخصية العالم المسلم العامل المجاهد، فهو واسع العلم، رحب الإطلاع، يعيش قضايا أمته وعصره، يضع هموم المسلمين نصب عينيه، مدركاً كل الأبعاد التي تحيط بهم، وهو مع اتصافه بكل ما تقتضيه شخصيته العلمية، من رزانة وهيبة ووقار، حلو الحديث، رشيق العبارة.
قريب إلى قلوب جلسائه، يأسرهم بحسن محاضرته، وطيب حديثه، وبعد غوره، مع حضور بديهة، وحسن جواب، فلا غرو بعد ذلك أن تلتقي عليه الجموع، وتتعلق به النفوس وأن يكون موضع الحب والتقدير، والثقة لدى جميع من خالطه من إخوانه وأحبابه، وهو إلى جانب ذلك بعيد عن الغلو والانفعال يزن الأمور بميزانها الشرعي الدقيق، وقد أخذ بذلك نفسه وتلامذته.
لا يستقبل أحداً من جلسائه بما يكره، وإن استُقبل بذلك أغضى وأعرض، لا يسمع نميمة، ويصرف وجهه إذا لم يعجبه الحديث، أو يشير بيده إلى محدثه أن تعداه.
كان في فتواه العامة رحمه الله تعالى آخذاً بالعزائم يشدد في أمر الدين والورع، فإذا ما شعر أن المستفتي بحاجة إلى رخصة دعاه إلى لقاء منفرد يرخص له ما ييسر عليه أمره.
كان الوقت أغلى عنده من المال على قلب الشحيح، يقول وهو يشير إلى ما وضع في جدول أعماله من كتب وأبحاث (أنا رأس مالي قليل) يقصد السنوات الباقية من عمره فقد كان يعدها رأس ماله الحقيقي.
وكان غضبه لله وفي دين الله، دون أن يكون لنفسه، وعندما افتتح بعض الصحفيين ملف المعارضة السورية، ووصف بعض الناس الشيخ بما يقبح، ونالوا منه ومن جماعة الإخوان المسلمين ما نالوا، كان له فضل الإشراف على وضع الرد على ما جاء في الملف، فما أشار إلى الدفاع عن نفسه بكلمة وإنما ترك الأمر لله تعالى. وكان شديد الحمية لدين الله بالحق.
كان كثير الصمت، ندر الكلام، غزير الدمعة حاضرها، ولا سيما عندما اشتدت محنة إخوانه وكانت تأتيه الأخبار عما يحدث للمعتقلين في سجون الظالمين.. حتى أخذ من حوله الإشفاق عليه، فأمسكوا عن الحديث أمامه.
كان يردد والدمعة في عينيه (لو كان لي الأمر لفديت إخواني بنفسي..) (أنا أفدي إخواني بنفسي..) وعندما ألح عليه بعض الإخوان ليقوم بالمبادرة التي قام بها.. لم يكن باعثه على ذلك إلا رغبة منه بفكاك أسر الأسير، وجبر كسر العاني من الإخوان. لا ما تعلق به أقوام من هنا وهناك..
ولقد لقيناه بعد محاولته تلك، وشعوره أن المقصد قد أحكم الإغلاق عليه، فكان يأمر إخوانه بالصبر والمصابرة، وينظر إلى من يزعم أنه يريد أن يقتدي به في نزوله نظرات تحمل معناها.
وكان في تعاطيه السياسي قاصداً يكره الغلو والتطرف، في بناء سياسة الإخوان الإعلامية مال إلى الكف عن الخوض فيما لا يحمد ولا يليق بالداعية من الألفاظ والأوصاف ونبذ الآخرين بما لا يجمل ومقابلة الذين يصفون الإخوان بالأوصاف الردية بمثلها.
رحم الله الشيخ عبد الفتاح، وأحسن مثوبته، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء وتقبل منه صالح عمله إنه سميع مجيب.
المراجع
- موسوعة الأسرة المسلمة الجزء الأول
- محمد رجب البيومي النهضة الإسلامية في سير أعلام المعاصرين دار القلم دمشق
- عبد الله العقيل من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة مكتبة المنار الإسلامية الكويت
- مجلة الأزهر
- مجلة الإعتصام
- محمد علي الهاشمي، الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كما عرفته، دار البشائر الإسلامية.
- موقع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية
ألبوم صور
للمزيد
روابط خارجية
- موقع:موقع الشيخ عبدالفتاح ابو غدة,موقع الشيخ عبدالفتاح ابو غدة.
- مقال:عبد الفتاح أبو غدة.. المدافع عن السنة,موقع إخوان اون لاين,بقلم/عبده مصطفى دسوقي.
- مقال:عبد الفتاح أبو غدة,موقع المعرفة.
- شرح:شرح صوتي بمقدمة ابن الصلاح للشيخ العلامه عبد الفتاح ابوغده
- مقال:عبدالفتاح أبوغده من بقايا السلف الصالح,موقع سني اون لاين.
- بحث:عبد الفتاح أبو غدة,موقع الموسوعة الحركية.
- مقال:فقيهنا ومرشدنا العلامة يوسف القرضاوي للشيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة,موقع الحوارات التونسية.
- السيرة الذاتية:السيرة الذاتية للشيخ عبد الفتاح أبو غدة,موقع فرات.
روابط فيديو
- الشيخ عبد الفتاح أبو غدة...فقه الحرية والمسؤلية فى الإسلام,الجزء الأول,موقع إخوان تيوب.
- الشيخ عبد الفتاح أبو غدة...فقه الحرية والمسؤلية فى الإسلام,الجزء الثاني,موقع إخوان تيوب.
للمزيد عن الإخوان في سوريا
1- الشيخ الدكتور مصطفي السباعي (1945-1964م) أول مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بسوريا ولبنان. 2- الأستاذ عصام العطار (1964- 1973م). 3- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1973-1975م). 4- الأستاذ عدنان سعد الدين (1975-1981م). 5- الدكتور حسن هويدي (1981- 1985م). 6- الدكتور منير الغضبان (لمدة ستة أشهر عام 1985م) |
7- الأستاذ محمد ديب الجاجي (1985م لمدة ستة أشهر). 8- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1986- 1991م) 9- د. حسن هويدي (1991- 1996م). 10- الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (1996- أغسطس 2010م) 11- المهندس محمد رياض شقفة (أغسطس 2010) . |