الإخوان المسلمون وإدارة أزمة النظام الخاص
مقدمة
(لماذا لم تنشق جماعة الإخوان) كان هذا عنوان مقال للباحث حسام تمام رحمه الله وهو يتحدث عن ظاهرة تكاد تكون فريدة فى الجماعات والحركات السياسية ، وهى قدرة الجماعة على الاحتفاظ بتماسكها الداخلى ومواجهة خطر الانشقاق فى كل مرة تواجه ازمة عاصفة
لماذا لا يحدث انشقاق ضخم داخل جماعة الإخوان المسلمين؟ نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 03 – 2010.
وقبل أن نتناول النظام الخاص للإخوان المسلمين نقرر أنه من الصعب تحديد دور النظام الخاص بعيدا عن الإخوان الذين شاركوا في حرب فلسطين والقنال ،نظرا لأن النظام الخاص كان بطبيعته سِرِّياَّ وأفراده غير معروفين ،لكن على أي حال فإن كثيرا من المتطوعين الذين أرسلهم الإخوان للحرب في فلسطين كانوا من النظام الخاص ، ومن هنا فإن ما يسطر للإخوان من بطولات على أرض فلسطين ، فقد أسهم فيه النظام الخاص بنصيب وافر، ولا يدفعنا ذلك إلى القول بأن الإخوان الذين شاركوا في حرب فلسطين كانوا جميعا من النظام الخاص.
ولقد أنشىء النظام الخاص لأهداف منها:
1. إعداد نخبة منتقاة من الإخوان المسلمين للقيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية لإخراج الإنجليز من مصر بالقوة المسلحة في ظل تخاذل الحكام وضعف الجيش وسيطرة البعثة الإنجليزية عليه.
2.التصدي العسكري للمخطط الصهيوني في فلسطين، فبعد أن اتضح تواطؤ الإنجليز والأمريكان مع الصهاينة على تسليمهم فلسطين ،أدرك الإخوان المسلمون أن المستعمرين لن يعدلوا عن ذلك إلا مكرهين، وأيقن الأستاذ حسن البنا أن الإنجليز يسلحون عصابات اليهود، كما أدرك أيضا أن الحكومة المصرية والحكومات العربية أغلبها متخاذلة إن لم يكن بعضها متواطئ مع الإنجليز لذلك قرر المرشد إنشاء نظام سرى يواجه به مسئوليات هذا الفهم إزاء التحرك الصهيوني في فلسطين الاحتلال البريطاني لمصر.
كما نبعت تربية النظام الخاص من حب الجهاد الذي فرضه الإسلام على أمة الإسلام لدفع الأخطار عنها، ولذا كان من أسس تربية هؤلاء الأفراد تحديد الهدف والغاية التي من أجلها يسيرون في هذا النظام.
نعرض في هذا البحث كيفية تعامل الإخوان المسلمين مع ازماتهم الداخلية خاصة عندما تتقاطع مع سلطة تتربص بهم ..
نتحدث عن ازمة النظام الخاص والتي بدأت أواخر حسن البنا واثناء تولى المستشار الهضيبي مسئولية الجماعة ..
لماذا تأسس النظام الخاص؟
تأسس من اجل الدفاع عن الوطن والدولة عن الهوية والحضارة ففى أواخر الثلاثينيات عندما طالب الامام حسن البنا – في حواره مع جريدة (المصرى) لسان حال حزب الوفد
- بتسليح الجيش المصري ، تم تحويله الى التحقيق !
فكانت المطالبة بتسليح جيش اكبر دولة عربية .. جريمة !
اذ كانت الدولة المصرية تحت احتلال انجليزى يتحكم في عددها وتسليحها ..
كان الإخوان المسلمون امام خيارين اما ان يستسلموا كما استسلمت باقى القوى السياسية ، واما المقاومة .. فاختار الإخوان المسلمون المقاومة ، فكان تأسيس النظام الخاص (1940) بقيادة محمود عبد الحليم
أولا ثم عبد الرحمن السندي
ثانيا ، وعاونه اربعة (مصطفى مشهور – أحمد حسانين – أحمد زكي – محمود الصباغ) محمود عبدالحليم: أحداث صنعت التاريخ – الجزء الأول
دوافع التأسيس
تأسس النظام الخاص لاجل هدفين اثنين لا ثالث لهما :
1) مقاومة الاحتلال البريطانى فى مصر
2) التصدى للخطر الصهيونى فى فلسطين
قصة النظام الخاص ودراما تقبيح الحسن إبراهيم البيومى غانم – الشروق – 10/10/2010.
البيان التأسيسى للنظام الخاص
كتب الامام حسن البنا في عام 1938 (ان اليهودلن يفهموا إلا لغة واحدة هى لغة الثورة والقوة والدم ... أصبح لزاما على كل أخ مسلم أن يؤدى واجبه بما يرضى الله ورسوله ، وبما يحفظ للإسلام كرامته، وللدين قداسته، ولذلك الجزء الطاهر من الوطن الإسلامى حريته)
وفى رسالة أخرى كتب يقول (لا يكون متطرفا من يطلب الحياة لنفسه، ولا معتدلا من يطمئن للذبح) مجلة النذير ــ العدد 15 ــ السنة الثانية 11 ربيع الثانى 1358هـ ذلك هو البيان التأسيسى للنظام الخاص من وجهة نظر الدكتور إبراهيم البيومي وكل الروايات التاريخية تؤكد أنه نشأ فى سنة 1939 أى بعد وقت قليل من تاريخ كتابته.
قصة النظام الخاص ودراما تقبيح الحسن، إبراهيم البيومى غانم – الشروق – 10/10/2010.
مسئولية جماعة الإخوان عن النظام الخاص
تكاد تكون تبعية النظام الخاص لجماعة الإخوان مقتصرة على هيئة استشارية ثم رئاسة لحسن البنا ، لكن الرئاسة الفعلية كانت لعبد الرحمن السندي صلاح عيسى يكتب: حسن البنا... لا عنف ولا تزمت، نقلا عن الشروق القطرية – 199.
معنى هذا ان النظام يفقد تبعيته للاخوان فعلا في حالتين :
1) اذا تصرف عبد الرحمن السندى بعيدا عن أوامر حسن البنا
2) ان انقطعت الصلة (التنظيمة) بين النظام الخاص وبين حسن البنا .
وهذه ماتفرضه (سرية) التنظيم فقانون الدولة حينذاك لم يكن يسمح بتنظيمات مسلحة تناهض الاحتلال الانجليزى بطبيعة الظرف (الدولة واقعة فعليا تحت احتلال انجليزى) وكلا الامرين حصلا – للأسف – على التوالي في احداث ثلاثة ، مما جعل الإخوان يشرعون فعليا في حل هذا النظام كما سيأتى فيما بعد
أعمال النظام الخاص
انقسمت اعمال النظام الخاص الى ثلاثة اقسام :
اعمال تمت بعلم الامام حسن البنا واوامره
وهذه مسئوليتها تتحملها الجماعة وقيادتها .. وهى النسبة الأكبر من نشاط النظام الخاص والتي كانت ولازالت محل فخر واعتزاز في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ورجالها ...
أولا : مقاومة الإنجليز : وهى العمليات التي جعلها النظام الخاص مصيدة لقوات الاحتلال الإنجليزى بالقاهرة ثم لاحقهم بها في مدن القناة .. والتي افزعت الإنجليز وجعلت احتلالهم لمصر عملية باهظة الثمن ، خاصة ان الإخوان لم يعلنوا مسئوليتهم عنها الا بعد انكشاف النظام الخاص في (قضية السيارة الجيب)
ثانيا : مقاومة الصهاينة في فلسطين : والتي تجلت اول ماتجل في شهادات أربعة شخصيات اثناء نظر (قضية السيارة الجيب) :
1) شهادة الحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين الأكبر
2) شهادة اللواء أحمد فؤاد صادق ــ قائد عام الجيش المصرى
3) شهادة اللواء أحمد على المواوى بك، قائد عام حملة فلسطين
4) شهادة الصاغ محمود لبيب
والتي تشهد جميعها ببسالة ووطنية الإخوان المسلمين اثناء حرب 1948 في فلسطين والتي تعد احد مفاخر جماعة الإخوان المسلمين ليس في مصر وحدها وانما في كل الدول العربية .
قصة النظام الخاص ودراما تقبيح الحسن، إبراهيم البيومى غانم – الشروق – 10/10/2010.
أعمال تمت بأوامر عبد الرحمن السندي وحده
وتمثلت في مقتل القاضي الخازندار ، وهذه يتحمل مسئوليتها عبد الرحمن السندي وحده حيث ثبت من تحقيقات النيابة في (قضية السيارة الجيب) ان الانحراف لم يكن في تأسيس النظام الخاص او في دوافعه وانما في تصرفات بعض افراده .
أعمال تمت بدون علم عبد الرحمن السندي أو حسن البنا
وتمثلت في مقتل النقراشي رئيس وزراء مصر ، وهذه يتحمل مسئوليتها من قام بها ومن تسبب فيها ، فمن قام عبد المجيد حسن وبصفة فردية وليست أمرا من الجماعة ، ومن تسبب فيها النقراشى نفسه حيث حذره كثيرون من خطورة حل جماعة الإخوان المسلمين فيغيب حينئذ المسئول عن كبح جماح الغضب في صدور الشباب .
وقد تم استدعاء الامام حسن البنا للتحقيق بعد مقتل النقراشي لمدة ثلاث ساعات ، ثم افرج عنه اذ لم تثبت عليه اى علاقة بالحادث . عبد الرحمن السندي
بمعيار الوطنية ، لم يكن ماتم من بعض افراد النظام الخاص - بعيدا عن الإخوان - انذاك مجرَّما ، فاحكام القاضي الخازندار كانت ظالمة وقاسية وممالئة للمحتل الانجليزى ، لكن بمعيار الإخوان المسلمين كان ماحدث مجرّما .
وهكذا فان الأخطاء التي ارتكبها بعض افراد النظام الخاص لم تكن بسبب سياسة او دوافع النظام الخاص ، وانما جاءت من :-
1) الاستجابة للشعور الوطنى بعيدا عن الالتزام بمنهج الجماعة وقيادتها .. مماادى الى انحراف بعض أنشطة النظام الخاص
2) الاستجابة لاستفزازات (حكومة) تورطت بتنفيذ املاءات الاحتلال الإنجليزي ب حل جماعة الإخوان في ديسمبر 1948
ولربما كان مااعتبره الإخوان خطأ ومخالفة اعتبره غيرهم عملا وطنيا يفتخر به كما ظل السادات يفتخر بمقتل أمين عثمان لانه كان عميلا للانجليز .. لكن طريقة الإخوان المسلمين ومنهجهم يرفضان ذلك .
كلمة القضاء في (قضيةالسيارة الجيب)
وبسبب العثور على كل أوراق النظام الخاص في سيارة جيب ، انكشف للشعب المصرى حقيقة وأهداف أهداف النظام الخاص ، فكان القضاء كلمته :
1) استمرت التحقيقات فى القضية سنتين وبضعة أشهر، منذ نهاية عام 1948، وانتهت وصدر الحكم فيها نهائيا بتاريخ 17 مارس 1951، ونص الحكم وحده يقع فى 224 صفحة من ورق الفولسكاب.
2) أصدرت هيئة المحكمة حكمها ببطلان قرار النقراشي باشا ب حل جماعة الإخوان ، وامرت باستعادة وضعها القانونى واسترداد كل ممتلكاتها، التى صودرت بموجب قرار الحل؟، وهى إدانة واضحة للإجراءات التعسفية لحكومتى النقراشي وعبدالهادي .
3) ثم أثبتت المحكمة نبل النظام الخاص حيث قالت بالحرف : (وحيث إنه مما يدل على أن النية لدى أفراد هذا النظام الخاص كانت متجهة إلى مقاومة جيش الاحتلال بعض ما ضبط فى السيارة من أوراق ومنها أوراق تحض على أعمال الفدائيين)
4) ثم قالت المحكمة عن فلسطين : وحيث إن أثر هذا التدريب الروحى العسكرى قد ظهر عندما قامت مشكلة فلسطين، وأرسلت الجماعة الكثير من متطوعيها للقتال، إذ شهد (بذلك) أمام المحكمة كل من اللواء أحمد بك المواوي القائد الأول لحملة فلسطين، واللواء أحمد فؤاد صادق باشا الذى خلفه بما قام به هؤلاء المتطوعون من أعمال دلت على بسالتهم وحسن مرانهم».
المزيد من دراما تقبيح الحسن :إبراهيم البيومى غانم – الشروق – 11/10/2010.
5) تم استدعاء المرشد العام للتحقيق بعد مقتل النقراشي ثلاث ساعات ، ثم افرج عنه اذ لم تثبت عليه اى علاقة بالحادث . محسن محمد – من قتل حسن البنا
كيف ادار الإخوان ازمة (النظام الخاص)؟
ادار الإخوان المسلمون ازمة انحراف بعض افراد النظام الخاص خلال فترتى الامام حسن البنا والمستشار الهضيبي كما يلى : موقف الامام حسن البنا
1) التربية الوقائية : وهذه بدأت منذ تأسيس وانشاء النظام الخاص بإقرار نظام للتربية الإسلامية تضمن عدم انحراف افراد الجهاز عما اعدوا له فقد كانت فترة حسن البنا موَّارة بالحركات الوطنية التي تستهدف أعوان الانجليز فيما عرف بـ (الاغتيالات السياسية) لكن حسن البنا أراد الا يُوجَه السلاح الا الى الانجليز فقط ..
- فجماعة أولاد عنايت وإبراهيم الورداني الذي قام باغتيال رئيس الوزراء بطرس غالى عام 1910م، وكان عضوا في الحزب الوطني
- النقراشي باشا كان في بداية حياته في جماعة اليد السوداء والتي كانت تابعة لحزب الوفد، وكان فيها أيضا أحمد باشا ماهر، والتي قامت باغتيال السيرلي ستاك، وهذا الحادث الذي ترتب عليه عقبات وخيمة على البلاد، وكانت هذه الجماعة تحت رياسة سعد زغلول الذي قال قولته: «لا أستطيع مراقبة أفراد حزبي جميعًا، فلم يستطع أحد وصف سعد باشا أو حزبه بأنه أضاع البلاد أو أراق الدماء.
- عندما انشق محمد محمود باشا عن حزب الوفد المصري وكون حزب الأحرار الدستوريين قامت جماعة من الوفد باغتيال حسن عبد الرازق باشا وإسماعيل زهدي بك من حزب الأحرار .
- حادث مقتل أمين عثمان، والذي قام به [حسين توفيق] ومحمد أنور السادات والذي كان يعتبره السادات عملا بطوليا وكان يفتخر به لقد كان الجو العام السائد في هذا الوقت يدفع الشباب لتفريغ حماسهم في التصدي للمحتل الإنجليزي وأعوانه.
2) التنبؤ بما سيحدث : فشل المرشد العام فى مقابلة الملك وحاول مرتين أن يقابل إبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكى ولكن رئيس الديوان اعتذر. وبعث البنا لصاحب الجلالة برسالة عن طريق أحمد مرتضى المراغى مدير الأمن العام. اجتمع به فى منزله بحلوان وقال له: عندى رسالة شفوية أرجو أن توصلها إلى القصر . يريد رئيس الحكومة حل الجماعة وهذا
محسن محمد – من قتل حسن البنا
3) التحقيق مع المسئول : حيث تم استدعاء عبد الرحمن السندي في حضور المهندس حلمي عبد المجيد والدكتور عبد العزيز كامل والدكتور حسين كمال الدين وتم سؤاله عن مقتل القاضي الخازندار .
4) اشتراط اذن كتابى للتنفيذ : حيث قال الامام حسن البنا (مفيش عملية تتعمل إلا بعد أمر كتابي مني) حتى إن مصطفى مشهور وأحمد حسنين قالوا له خلاص فضيلتك إحنا اتفقنا وعرفنا ولازم أي حاجة بعد كده نعرف أن فضيلتك اللي أمرت بيها وغير كده مش هنعمل وبلاش الأمر الكتابي أحمد عادل كمال يتحدث لأول مرة عن دوره في اغتيال الخازندار.
ولم يمهل القدر الامام حسن البنا لاتخاذ مزيد من الاجرءات ، فجاء المستشار حسن الهضيبي فاكمل المطلوب .. موقف المستشار حسن الهضيبي
قام المستشار حسن الهضيبي بعدة إجراءات لإنهاء وجود النظام الخاص لانتفاء الغرض منه بشكل تدريجي فبدأ بتسكين أعضائه في التنظيم المدني وجعل تبعية فروعه في المحافظات للمكاتب الإدارية وكل ذلك من اجل تقليص صلاحيات قيادته المركزية ، انتهت هذه الإجراءات بإنهاء وجود التنظيم خلال عام واحد لكن اثناء ذلك جدّت أزمة جديدة ، لكن هذه المرة بالتواطوء بين بعض من تضرروا من حزم وحسم المستشار الهضيبي في تقويم الانحرافات وبين السلطة القائمة آنذاك (عبد الناصر) ..
مؤامرة عبد الناصر واستثمار الازمة
لم يكن انفراد عبد الرحمن السندي بالقرار هو الأخطر .. انما الأخطر ماحدث بعد ذلك من استغلال عبد الناصر للسندى في محاولة للاستيلاء على القاعدة الشعبية الأكبر في البلد (الإخوان المسلمين) ..
حيث حرص عبد الناصر على توثيق علاقاته بعبد الرحمن السندي وبمجموعة من النظام الخاص حتى الطلبة منهم .. وكانت هذه الاجتماعات تتم بشكل سرى .. لكن اخبارها بدأت تتسرب الى الإخوان شيئا فشيئا ..
اول الانحراف اغترار بالقوة واعجاب بالعمل
1) وظهر ذلك بعد استشهاد الامام حسن البنا حيث افترض عبد الرحمن السندى وبعض ممن كان معه انهم أولى بتحديد المرشد العام للاخوان لانهم اكثر الإخوان تضحية وبذلا ..
- ربما كان هذا صحيحا في عرف بقية الأحزاب والقوى السياسية لكنه لم يكن كذلك في عرف الإخوان ..
- لذلك تراجع السندى – مرغما - عن ذلك اذ لم يقبله الإخوان .
أحداث صنعت التاريخ ، ج3، محمود عبد الحليم
خطة ناصر – السندى للاستيلاء على الجماعة
وهى خطة مكونة من ثلاثة بنود .. تؤول في النهاية الى فرض واقع جديد يضمن فيه عبد الناصر ان تكون قيادة الجماعة بيد واحد من اتباعه ..
- تهيئة الإخوان للانقلاب : اخذ عبد الرحمن السندي يتواجد في المركز العام مع من أيده من النظام ، لينشر بين الإخوان ان المستشار الهضيبي غريب عن الإخوان ومن ثم فلايحق له ان يكون مرشدا عاما للاخوان المسلمين !
- اقتحام بيت المرشد : أوعز الى فريق من النظام الخاص - كله من الشباب – ان يقتحموا بيت المرشد لإرغامه علي كتابة استقالة !
- احتلال المركز العام : في نفس الوقت يقوم فريق آخر باحتلال المركز العام - وكانوا كذلك من الشباب - ولكن كان علي رأسه ثلاثة من كبار الإخوان هم الأساتذة صالح عشماوي ، ومحمد غزالي ، وأحمد عبدالعزيز جلال من أعضاء الهيئة التأسيسية.
سياسة الإخوان افشلت خطة (ناصر – السندي)
حيث بدأ الإخوان باتخاذ جملة من الإجراءات تسببت باجهاض مخطط عبد الناصر والسندي باحداث انقلاب يفرض واقعا لايرضاه الإخوان :
- حصار المشكلة : حيث قام الإخوان بسرعة نقل المعلومات أولا بأول الى الإخوان ومنهم الى أعضاء النظام الخاص ، فترتب على ذلك انفضاض الجزء الأكبر من أعضاء النظام الخاص عن عبد الرحمن السندي وانحيازهم الى الجماعة وقيادتها ، فصار السندي معزولا عن النظام الخاص نفسه .. وبذلك فشل البند الأول من خطة الاستيلاء على الجماعة .
- فصل السندي واعوانه : تبع ذلك قرارا إداريا من المرشد العام بعزل عبد الرحمن السندي من قيادة النظام الخاص ، فلما لم يستجب .. صدر قرار من مكتب الارشاد بالاجماع بفصله وهو وثلاثة من معاونيه .
بذلك ابقى الإخوان السندي عاريا من اى شرعية
- عدم استقالة المرشد : استطاع انصار السندي – بعد فصله - اقتحام منزل المرشد العام ، لكنهم لم يستطيعوا أن يستكتبوه الاستقالة ، ففشلت اهم خطوة في الانقلاب على قيادة الإخوان .
وبذلك فشل البند الثانى من خطة الاستيلاء على الجماعة .
- انحياز انصار السندى الى المرشد : وهذه كانت المفاجأة الأكبر ان (صلاح العطار) وهو احد كبار مساعدى عبد الرحمن السندي والمتحدث باسمه في الاعتصام اعلن انحيازه للمرشد العام هو ومن معه ، مما افشل الاعتصام ..
- وبذلك فشل البند الثالث من خطة الاستيلاء على الجماعة .
وهكذا احتواء الازمة بالقرارات المناسبة والسريعة والتي ساعدت كثيرا في احتواء الازمة وعدم تفاقمها ، فتم اجهاض مخطط عبد الناصر (والسندى) بندا بندا ..
- منعت قيادة الإخوان من ان يخوض احد بقالة السوء عمن تم فصله من الجماعة .. ليلتفت الجميع الى معركتهم مع استبداد عبد الناصر وزمرته .
- وهكذا استعاد الإخوان وحدة صفهم خلف قيادتهم .. ليبقى الإخوان المسلمون بعد ذلك هم الصوت الوحيد الذى يرفض انفراد عبد الناصر بالسلطة وإخضاع الجميع لأمره .
اثار ازمة النظام الخاص
كان لسرعة ونجاعة القرارات التي اتخذتها قيادة الإخوان إزاء ازمة عبد الرحمن السندي ومن عاونه سواء في مرحلتها الأولى (الانفراد بالقرار) او في مرحلتها الثانية (التعاون مع عبد الناصر) آثارها الكبيرة فيما بعد :
آثارها على صف الإخوان
- (خرج الصف الإخوانى سليما معافى كأنما لم تمر به محنة او تنزل به كارثة) .. بل زاد من رصيده لدى الشارع المصرى ماعلموه من قضية السيارة الجيب وان الاعمال التي اوجعت الاحتلال الانجليزى وعطلت المد الصهيوني كانت من فعل الإخوان المسلمين
- ترسّخ لدى العقل الجمعى للاخوان المسلمين ان الولاء للمنهج مقدّم على الولاء للأشخاص مهما علوا .
- تعلّم الإخوان كذلك خطورة اطلاق العنان للمشاعر الوطنية بعيدا عن القرارات المسئولة والتي يحكمها منهج الجماعة في التغيير .
- تعلّم الإخوان كذلك خطورة الاستجابة لاستفزازات السلطة .
- كثير ممن ناصروا عبد الرحمن السندي في البداية ، عادوا الى صفوف جماعتهم بعدما اكتملت عندهم رؤية حقيقة مايحدث .
- بقى الإخوان المسلمون – واجيالهم التالية – حافظين الود والاحترام لتاريخ وجهاد الذين فُصِلوا من الجماعة .. فلازال الإخوان يدرسون كتب الشيخ السيد سابق وينهلون من علم الشيخ محمد الغزالي ويرأس مجلتهم الشهرية (مجلة الدعوة) صالح عشماوي .
آثارها على عبد الناصر
- أصيب عبد الناصر بخيبة امل ، فانتقل الى العداء الصريح مع الجماعة مفتعلا حادثة المنشية للتنكيل بجماعة الإخوان .
- ساق الإخوان المسلمين الى السجون مغترا بسلطانه .. فتتابعت اخطائه وجرائمه ، تلك التي أودت بمشروعه .. وعاد الإخوان - بعده - اقوى مماكانوا .