قضايا النظام الخاص للإخوان .. قضية السيارة الجيب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قضايا النظام الخاص للإخوان
"قضية السيارة الجيب"

تقديم: ويكيبيديا الإخوان المسلمون


مقدمة

المتهمون في قضية الجيب عقب الإفراج عنهم

لقد كان عام 1948 ملىءً بالحوادث التى كان لها أثر فى الحياة السياسية فى مصر والبلاد العربية ،فقد فتح باب التطوع للجهاد فى فلسطين ،وسمحت الحكومة بجمع السلاح للمتطوعين من مخلفات الحرب العالمية الثانية ،ودخلت الجيوش العربية فلسطين لإنقاذها من الصهيونية ،فلم تحقق الغرض الذى خرجت من أجله ،بل حوصر فريق من الجيش المصري فى الفالوجا فى 16 /10 / 1948 وكان من نتيجة ذلك ظهور الغضب الشعبى ،وفي نوفمبر 1948بلغ الاهتياج بسبب الفالوجا ذروته (1) ،واستمرت الطائرات اليهودية فى الاعتداء على القاهرة والعريش.وسارت المفاوضات مع الإنجليز

فى طريق مسدود بلا تقدم ؛فازداد الحنق ضد الإنجليز والمتعاونين مع الصهيونية فى مصر ،وكان من أثر ذلك أن كثرت حوادث التفجير والاغتيال سنة 1948ونسب الكثير منها إلى الإخوان المسلمين مما دفع بعض المؤرخين إلى القول بأن عام 1948 هو عام الإخوان المسلمين دون غيرها .

وفى ظل هذه الأحداث تم يوم الاثنين الموافق 15 نوفمبر 1948 القبض على السيارة الجيب وهى تابعة للجهاز الخاص [[للإخوان المسلمين]] ، وبها أوراق وبعض الأسلحة التى يتدربون بها ، وما يعتزم القيام به من المهام المختلفة ضد الإنجليز واليهود ،وتحتوى الأوراق على كل ما يخص النظام الخاص بصلة وما يعتزم القيام به من أعمال ،وهذه القضية لا ترجع أهميتها إلى كثرة عدد المتهمين فى القضية ،بل إلى خطورة الاتهامات التى توجه إلى الإخوان فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها مصر و فلسطين بصفة خاصة .

وقد أعلنت الحكومة عن القبض على السيارة الجيب ، ففي يوم 21 نوفمبر 1948 نشرت الصحف نبأ أذاعته وزارة الداخلية يقول:"إنه قد تم ضبط سيارة جيب بها كميات كبيرة جدا من المتفجرات الخطرة والأوراق في دائرة قسم الوايلي أمام أحد المنازل. وتبين أن راكبي السيارة الذين جروا وقبض عليهم من جماعة الإخوان المسلمين". وفي 25 سبتمبر 1948 وضع النائب العام محمد عزمي بك تقرير الاتهام في هذه القضية، فقدم 32 متهما بتهمة الاتفاق الجنائي علي قلب نظام الحكم.

وجاءت أوراق القضية فى نحو ألفى ورقة ، وقد صدر الحكم فى القضية فى 17 مارس 1951 فى 224صفحة ،وقد اطلعت المحكمة على الادعاء ثم نشرات الجماعة وما كتبه مرشدها وأنشطتها وما تهدف إليه ،واستمعت إلى مرافعات الدفاع وفي أثناء هذه المناقشة تعرض الحكم إلى بيان نشأة هيئة الإخوان المسلمين وأغراضها ووسائلها وتطورها وما يستنتج من أقوال مؤسسها وذلك لأن الاتهام كان قد صور في أقواله أن الهيئة جميعها قد رمت إلى قلب نظام الحكم وأن أقوال فضيلة المرشد العام كانت تحمل معاني التحريض السافر على القيام بهذه الجريمة . وانتهى الحكم إلى براءة جميع المتهمين من هذه التهمة وبراءة الهيئة ومرشدها مما نسب إليهما ، وبعد ذلك تكلم الحكم على جريمة الاتفاق الجنائي العادي فربط بين تصرفات بعض المتهمين وبعض الأوراق المضبوطة في القضية .

وبدأ الكلام على كل منهم على حدة وبين الظروف التي أحاطت بكل منهم ومدى نشاطه ثم إدانته أو براءته . وخصص القسم الأخير من الحكم لتبيان ( الوصف القانوني لما أسند المتهمين ) وهو عبارة عن خلاصة وافية للأحكام التي صدرت على المتهمين وحيثياتها.

أما خاتمة الحكم فهي عن ظروف الرأفة وقد سجل الحكم فيها أن المدانين لم يحترفوا الجريمة ، وإنما انحرفوا عن الطريق السوي ، فالمحكمة إنما تلقنهم درسا حتى تستقيم أمورهم ويعتدل ميزانهم , وراعت المحكمة في هذا الدرس جانب الرفق فأخذتهم بالرأفة .

أولاً: كيفية تم القبض على السيارة الجيب

في 15 نوفمبر 1948 قام عدد من أعضاء النظام الخاص بجماعة الإخوان المسلمين في مصر بنقل أوراق خاصة بالنظام وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية ،فقام أحمد عادل كمال العضو بالتنظيم الخاص لينقل الأوراق والمعدات المتعلقة بالنظام ، واصطحب معه طاهر عماد الدين في إحدى السيارات المخصصة لأعمال النظام الخاص وهي سيارة جيب ، ولقد تم نقل كل موجودات من شقة المحمدي إلى السيارة ،وكان ذلك حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر 15 نوفمبر 1948م في بحي الوايلي أمام المنزل رقم 38، فإذا بمخبر يشك فى محتويات السيارة ،وبينما يحاولون تشغيل السيارة ،لكن المحاولة ذهبت عبثا ، وبدا الموقف حرجا للغاية... وراح المخبر يصرخ , وبذلك صار الموقف ميئوسا منه ، فتركنا الإخوان السيارة وما بها ، وانطلقوا مسرعين ليبتعدوا عنها ، والمخبر والناس من خلفهم , حتى قبض على طاهر وأحمد عادل كمال ،وغيريهما من الإخوان .

قام مصطفى مشهور بإخلاء منزله من أي أوراق لها علاقة بأعمال النظام تحسبًا أن يفتش كغيره من الإخوان المعروفين، فجعلها جميعًا في حقيبة، وذهب ليودعها عند قريب لا علاقة له بالإخوان، وهو لا يدري أنه سيسير في نفس الشارع الذي ضبطت فيه السيارة الجيب، وترك رسالة في منزله أنه سيعود حالا لحضور الاجتماع. فتوجه الإخوان إلى منزله ،ومنهم : محمود الصباغ وأحمد زكي حسن وأحمد حسنين من قيادة النظام ، وفي هذا الوقت قبض على مصطفى مشهور ومعه الحقيبة التي تحتوي على الأوراق الخاصة بالنظام.

دخل ممثلو النيابة والبوليس إلى شقة مصطفى مشهور لتفتيشها وقادة النظام جلوس في حجرة الصالون، فقبض عليهم، أما عبد الرحمن السندي ، فقد لاحظ وهو في الطريق إلى الاجتماع الحركة الغير عادية خارج منزل مشهور فاستمر في سيره إلى منزله ولم يقبض عليه في هذا اليوم، وإن كان قد قبض عليه بعد ذلك عندما ورد اسمه في التحقيقات .

ويروى محمود الصباغ القبض على السيارة ببعض التفصيل عما سبق ،يقول : عود لبيان ملابسات ضبط السيارة الجيب والقبض على قادة النظام الخاص بترتيب سماوي لا يد فيه للبشر:

أوقع الله في نفس الأخ عادل كمال بعد أن رأى حل الإخوان بالإسماعيلية وانتشار إرهاصات كثيرة عن عزم الحكومة على حل جماعة الإخوان المسلمين عامة أن ينقل بعض الأوراق والمعدات المتعلقة بالجهاز( السري ) من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية وهو عمل تنظيمي صغير لا يستحق أمرًا به من القيادة العليا، ولا تدبيرًا خاصًا لتأمينه، فاصطحب معه الأخ: طاهر عماد الدين في إحدى السيارات المخصصة لأعمال الجهاد وهي سيارة جيب يقودها الأخ: مصطفى كمال عبد المجيد.

ولقد تم نقل كل موجودات شقة المحمدي إلى السيارة واتجهت حتى وصلت منزل الأخ: إبراهيم محمود علي بالعباسية لتودع هذه الموجودات أمانة هناك وكان ذلك حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر 15/11/ 1948م في شارع جنينة القوادر بحي الوايلي أمام المنزل رقم 38 ولم يكن عادل يدري بأن من سكان هذا المنزل مخبرًا في حالة خصام مع جاره إبراهيم محمود علي، هو البوليس الملكي صبحي علي سالم، ذلك ليقع أمر الله حيث لو علم عادل بذلك لاختار منزلا آخر لحفظ هذه الموجودات، وهناك لاحظ المخبر دون أي تدبير من قيادته في البوليس، أن السيارة لا تحمل أرقامًا وأنها تخص خصمه إبراهيم محمود علي، فزين له عداؤه لإبراهيم أن يضبط السيارة كيدًا في إبراهيم، وقد اشتد سروره عندما تبين أن الأمر أكبر من مجرد استعمال سيارة بدون ترخيص ففي السيارة بعض المحظورات من الأسلحة والمفجرات.

جرى ركاب السيارة ولكنه لاحقهم واستعان بالناس صارخًا أنهم صهيونيون فتم ضبط كلا من أحمد عادل كمال وطاهر عماد الدين، أما مصطفى كمال عبد المجيد فلم يرد الله أن يضبط ليتم بذلك التدبير السماوي الحكيم.

أبلغ مصطفى كمال عبد المجيد الأخ سعد كمال صاحب ورشة سيارات في شارع أحمد سعيد قرب تقاطعه بشارع الملكة نازلي (رمسيس حاليًا) بواقعة ضبط السيارة وأعطاه فكرة عن محتوياتها.

ولقد شاءت القدرة الإلهية أن يكون في نفس اليوم الذي وقعت فيه هذه الواقعة اجتماع لقيادة النظام بمنزل الأخ مصطفى مشهور الذي يقع منزله قريبًا من ورشة الأخ سعد كمال، فتوجه الأخ سعد كمال إلى منزل الأخ مصطفى مشهور دون أن يعلم شيئا عن الاجتماع المنتظر بمنزله، ليبلغه

بواقعة ضبط السيارة، كما توجه مصطفى كمال عبد المجيد إلى منزلي دون أن يعلم هو أيضا شيئا عن هذا الاجتماع، ليبلغني واقعة ضبط السيارة وكان هذان البلاغان قبل موعد اجتماع قيادة النظام بما يقرب من ساعتين.

وقد جاء فى تقرير النيابة بيان ملابسات اكتشاف السيارة ومحتويات ،ومما جاء فيه:

ومن حيث إنه في يوم الاثنين 15 من نوفمبر سنة 1948 حوالي الساعة 2,45 بعد الظهر كانت سيارة من طراز " جيب " يركبها بضعة أشخاص تسير ببطء في شارع جنينة القوادر بجهة الوايلية ووقفت أمام المنزل رقم 38 فاشتبه البوليس الملكي صبحي علي سالم – الذي كان مارا في ذلك الوقت – في أمرها إذ لم تكن تحمل أرقاما وكان بها صندوق وحقائب في وقت كثرت فيه حوادث النسف في القاهرة فأمر راكبيها الذين كانوا نزلوا منها بأن يلزموا أماكنهم ولكن هؤلاء فزعوا لهذه المفاجأة وركنوا إلى الفرار تاركين السيارة بما فيها – واتخذ اثنان منهما سبيلهما ناحية شارع عبده باشا فتبعهما وهو يصيح بأنهما صهيونيان يحملان قنابل فانضم إليه بعض المارة في تعقبهما حتى تمكنوا من القبض عليهما وتبين أنهما المتهمان الحادي عشر والثاني عشر أحمد عادل كمال وطاهر عماد الدين .

وضبطت في هذه السيارة كميات من المواد الناسفة من أنواع مختلفة كالجليجنايت وال p . t . n وعشرات من القنابل وست لفات من فتيل الإشعال المؤمن وثلاث لفات من فتيل الإشعال البرتقالي ومدفع " ستن " وثلاث خزنات له وسبعة وعشرون مسدسا من أنواع مختلفة وأربعة خناجر ومئات الطلقات النارية وعدد كبير من المفجرات الكهربائية وست ساعات زمنية وقناع أسود ولغم كما ضبط بها أيضا أوراق عديدة لها أهميتها.

ويعلق محمود الصباغ على القبض على السيارة بقوله : ضبط السيارة الجيب كان تدبيرًا سماويًا لحماية الدعوة، وليس للبوليس أدنى فضل فيه:

إن استقراء الوقائع التي وقعت قدريًا في نوفمبر سنة 1948 من ضبط مخزن الأسلحة بالإسماعيلية وما فيه من أوراق وضبط السيارة الجيب وما فيها من وثاثق، ليوضح بأجلي صورة أنه لما سبق في علم الله أن الحكومة تعتزم الغدر بالإخوان المسلمين، مؤتمرة في ذلك بأمر قادة الحركة الصهيونية العالمية التي تستخدم الاستعمار وسيلة لتحقيق مآربها، وأن غدرها بالإخوان سوف يكون محاولة وحشية لإبادتهم والقضاء على دعوتهم، أراد الحق تبارك وتعالى أن يدفع عن الإخوان شرور هذه الهجمة الشرسة، فقيض أسبابًا عفوية لتقع هذه الوثائق في أيدي رجال البوليس

ولتنكشف بها نوايا الحكومة على الغدر حيث أعمى الله بصيرتها عن حقائق هذه الوثائق فاتخذتها دليلها على إدانة الإخوان بينما هي في الواقع أدلة الحق والصدق الذي تحلت بها هذه الجماعة المباركة الصادقة في كل ما قدمت من أعمال.... ولم يلبث القدر أن ألقم الحكومة طعمًا آخر بضبط السيارة الجيب وما فيها من أوراق لتكشف عن نواياها كاملة قبل أن تتخذ لها ستارًا مانعًا من الفضيحة فاتخذت قرارها العسكري بحل الإخوان في جميع أنحاء القطر ولم يكن قد مضى على قرارها السابق بحل جماعة الإخوان في منطقة القنال إلا عدة أيام، واعتمدت على مزيد من التشويه لحقائق الأوراق المضبوطة في السيارة الجيب، لتلفت الأنظار بعيدًا عن خيانتها في فلسطين وتوجهها إلى دعاوي باطلة تنسبها إلى أخلص أبناء هذا الوطن وهم يجودون بدمائهم في سبيله في ساحة القتال، وهي لا تدري أن هذه الأوراق هي التي ستثبت براءة الإخوان من كل ما نسب إليهم، وتؤكد بطولاتهم الفذة على أرض المعركة، وتدمغ رجال هذا العهد البائد جميعًا بالخيانة والعار .


ثانياً: محتويات السيارة الجيب

تحتوى أوراق القضية على التحريات التى قامت بها مخابرات النظام الخاص عن اليهود أو بعض الشخصيات المصرية ممن لهم نشاط مع المؤسسات الصهيونية ، وهى كثيرة ،وهى لا شك تعطينا فكرة عن انحراف بعض الشخصيات المصرية البارزة ،و النفوذ اليهودي الصهيوني فى مصر وسيطرته على الاقتصاد ، وقد كثر التكهن و التأويل الذى تبعد عن الصحة وذهبت النيابة فى سبيل إدانة الإخوان كل مأخذ ، ونقدم منها نماذج لتتضح الرؤية ، يقول أحمد عادل كمال تحت عنوان : (من أوراق السيارة الجيب) :

- إن الأوراق التى تكشفت فى قضية السيارة الجيب والتى اقتضى الدفاع عن المتهمين فى حينه التبرؤ منها باعتبارها جريمة يجرمها القانون لهى مفخرة يحس بها من يقرؤها اليوم, مفخرة لأى تحرك إسلامى تحررى متقدم على عصره يبدو منه انتشار مصانع الخمور والخمارات التى كانت يملكها ويديرها اليهود, والشركات التى يرأس كلا منها مصرى باشا وجميع إدارتها من اليهود. أسوق لذلك أمثلة معدودة من كثير جدا زخر به ملف القضية. فى صفحة 1939 وما بعدها بمحضر تحقيق محمد عبد السلام وكيل نيابة الاستئناف ومحمد سالم حسن كاتب التحقيق يوم الأربعاء 28 صفر 1368 الموافق 29 ديسمبر 1948 الساعة 10,45 صباحا بسراى النيابة

مثــال (1) مصانع نسيج القاهرة:

مثـال (2) شركة النيل للمنسوجات:

مثال (3) تقرير جاء فيه:

  • أن "أ .ص" يسكن بالدقى ومتزوج من اسرائيلية وليس له أملاك, وأن قرابته للمرحوم توفيق نسيم باشا هى التى أوصلته إلى المراكز التى شغلها وأنه طرد من الحراسة الألمانية لسرقته 40000 جنيه وأنه أحد المتهمين فى قضية زاما والعمرانية وأنه كان رئيسا لبلدية الإسكندرية وكانت فضيحة الكورنيش على يديه وأحيل إلى المعاش بسببها.

مثــال (4) : شركة البيرة المساهمة بومنتى والأهرام:

مثــال (5) الشركة المصرية للمواسير والأعمدة المصنوعة من الأسمنت المسلح:

مثــال (6) شركة الطوب الأبيض الرملى :

مثـال (7) شركة مكابس الإسكندرية:

مثــال (8): حسن رفعت باشا:

وقد حمل رقم 22 { الخاص بالأخ أسعد السيد أحمد بتاريخ (26/8/1948 ) جاء به:

أولا:

(1) يقطن حسن رفعت بالعمارة رقم 20 شارع الجبلاية.

(2)ويشترك فى عضوية ناد بشارع سليمان باشا بالقرب من ميدان سليمان, وهذا النادي يشترك فى عضويته أشخاص معينون والنادى يقع بنفس العمارة التى بها مكتب الأستاذ على بدوى المحامى ومحل سجاد كبير والنادي يقع بالدور الأرضي وبابه فى منعطف إلى الشمال.

(3) وقد شوهد حسن رفعت وهو يجتمع بالضباط الذين تزعموا حركة إضراب البوليس الأخيرة, وكذلك شوهد وهو يأخذ أظرف مقفوله من أشخاص يلبسون الملابس البلدية, يعقبها أن يخرج محفظته ويعطيهم نقودا ورقا.

(4) ويتردد حسن رفعت على السفارة البريطانية ويسلم هناك المظروفات التي يتسلمها من المخبرين.

ثانيا:

(1) شوهد يوم(17/8/1948 ) أحد الضباط وهو يقف على باب العمارة وينتظر مدة طويلة, وأخيرا حضر أحد الشبان وهو طالب بالجامعة { حزبى – ذكر اسم الحزب – فاسد الأخلاق وهو ابن أحد أساتذة الأزهر} وأخذا يتكلمان معا مدة طويلة وانصرف الشاب ودخل الضابط إلى النادى وخرج بعد مدة, وذهب إلى المنزل رقم (20) بشارع الجبلاية, وصعد إلى ما بعد الدور الأرضى, ونزل فى رفقة شخص آخر تدل هيئته على أنه ضابط أيضا وتكلما معا مدة فى الشارع, ثم انصرف الضابط الأول.

(2)وحضر نفس الشاب الجامعى فى اليوم التالى, واتصل بنفس الضابط ويتعقب هذا الشاب وجدته يدخل إلى المنزل رقم... بشارع قولة بعابدين: والمنزل أمامه كشك نور وتحته ورشة تصليح سيارات وقهوة,ويقع المنزل على ناصية قولة والدواوين {وهذا المنزل سبق أن أبلغت عنه أنه مركز نشاط يهودى, إذ بمراقبته إحدى المران نزل منه عشرون شابا وفتاة...} ثم نزل بعد مصف ساعة تقريبا, وذهب إلى قهوة النيل بميدان العتبة وجلس مع بعض الشبان مدة طويلة, وحضر شاب جامعى أيضا وانضم إليهم وإن كانت هيئة الآخرين لا تدل على أنهم طلبة, وفى منتصف الليل قام الشاب الجامعى الأول وركب الترام إلى السيدة, ومنها إلى منزله بشارع الصليبة"أ.هـ

وتقرير آخر: إن حسن رفعت باشا قد تحول نشاطه فى خدمة الإنجليز من محيط الوزارة إلى محيط خارجى, يتلقى فيه تقارير لصالح السفارة البريطانية مباشرة. ورغم خطورة هذين التقريرين وما يكشفانه عن اتصال حسن رفعت باشا – الذى كان من قبل ذلك وكيلا لوزارة الداخلية بالسفارة البريطانية, وبعناصر يهودية, لم تهتم النيابة العامة أبدا بما جاء بهما وإنما راحت تستجوب أسعد السيد إن كان كاتبه لتوجه إليه الاتهام .

مثـال (9) رسم تخطيطى بالقلم الكوبيا

يشمل السفارتين البريطانية والأمريكية بقصر الدوبارة وعليه بعض التأشيرات بالخطوط والأسهم بالقلم الرصاص الأحمر ومكتوب بالقلم الحبر الأسود بعض إيضاحات عن مواضع معينة وأشير فى بعض هذه العبارات إلى مواضع أسلاك التليفون وأنه يمكن تعطيلها بصهر أو قطع اللحامات الموجودة داخل حجرة يمكن فتحها بسهولة, وإلى أن المشرف على المنطقة من مصلحة التليفونات هو الحاج أحمد العادلي, ويقطن بشارع لبيب نمرة (21) بروض الفرج ومعه عشرون عاملا. كما أشير إلى أنه يمكن إحداث العطل من الحجرة رقم (367) شارع قصر العينى التى يمتد منها الكابل... الخ. وقد عثر على هذه الورقة بالحافظة التى ضبطت مع مصطفى مشهور عند القبض عليه.

- وغير هذا كثير جدا يملأ صفحات ملف. وقد أوردت النيايبة حصرا بالأوراق المضبوطة فى السيارة أوالتى ضبطت فى منازل المتهمين ،وقد ربطت النيابة بينها وبين الأوراق التى تم ضمها فى السيارة الجيب.ومن هذه الأوراق :

ـ ضبط مصطفى مشهور وحافظة أوراقه تحوي أوراقا كثيرة له أهميتها ولها صلة بالأوراق التي ضبطت بالسيارة .

ـ مفكرة بخط محمد فرغلي النخيلي تتضمن حسبانا يفيد توريد وصرف مبالغ معينة من أموال المتهمين الثمانية الأول وأرشد محمد فرغلي النخيلي فيما بعد عن دفتر أسماء هو وشريكه " دفتر يومية الصندوق " ثابت به أن مبالغ وصلت وأخرى صرفت من أموال هؤلاء المتهمين بأسماء مستعارة وسجلت على إنه قروش مع أن حقيقتها جنيهات ووجدت بحافظة مشهور بعض الإيصالات الدالة على تسليم بعض المبالغ لهؤلاء المتهمين . بالسيارة والذي أطلق عليه اسم قانون التكوين .

ـ ضبط السيد فايز عبد المطلب بجهة المقطم فى 19 يناير سنة 1948، وهو يرأس نفرا من جماعة الإخوان المسلمين يدربهم على استعمال الأسلحة والمفرقعات .


ضبط أسلحة وأوراق بعزبة محمد فرغلي:

والواقعة الثالثة : تاريخها 22 أكتوبر سنة 1948 عندما فتشت عزبة تابعة لمدينة الإسكندرية محمد محمد فرغلي ، فقد ضبطت فيها أسلحة ومفرقعات وأوراق مماثلة لبعض ما ضبط بالسيارة والحافظة .

ثم أضافت النيابة إلى ما تقدم واقعتين لاحقتين لضبط السيارة الجيب .

ضبط أسلحة ومفرقعات في دكان محمد سعد الدين السنانيري:

تاريخها 14 ديسمبر سنة 1948 عندما ضبط البوليس في دكان يستأجرها المتهم الثامن والعشرون محمد سعد الدين السنانيري كميات كبيرة من مادة الجليجنايت جهز كل منه بفتيل للإشعال – والديناميت الايطالي والقنابل اليدوية وثلاث لفات من مادة الكوردايت وثلاث مدافع سريعة الطلقات وخمس طبنجات وكمية من خزانات طلقات المدافع السريعة وثلاثة صناديق مملوءة بطلقات الرصاص مركبة في الأمشاط كما ضبط في هذا الدكان أيضا نمر خشبية مزيفة تماثل في مظهرها نمر السيارات المعدنية الصحيحة , وتبين أن اسم السنانيري هذا قد ورد في بعض الأوراق المضبوطة في حافظة مصطفى مشهور باعتبار أنه قد استلم مبالغ من حركة النقود السالف الإشارة إليها .

ضبط أجهزة لا سلكية:

والواقعة الثانية تاريخها 23 فبراير سنة 1949 إذ ضبط البوليس في فيلا بضاحية الزيتون يستأجرها شخص يدعى سعد محمد جبر أجهزة وأدوات لا سلكية خاصة بمحطة إذاعة سرية وتبين أن إيجار الفيلا قد احتسب في حركة النقود سالفة الذكر كما تبين أن المتهم التاسع أحمد متولي حجازي كان يتردد على هذه الفيلا باعترافه وأنه صهر سعد جبر وأنهما يملكان معا شركة للأجهزة اللاسلكية تسمى شركة راديو الشرق الأوسط . وكان من بين ما استندت إليه النيابة في قيام اتهامها اعترافات كل من عبد المجيد احمد حسن وجلال الدين يس وعبد الرحمن عثمان عبد الرحمن والكشوف الطبية .

كشوف طبية محررة بخط الدكتور الملط :

وكان من بين ما ضبط في السيارة الجيب كشوف طبية موقعة على بعض الشبان تناول كل منها الحالة العامة والطول ومحيط الصدر في حالتي الشهيق والزفير وقوة الإبصار وحالة البطن والجهاز الدوري والجهاز التنفسي والجهاز العصبي الخ . . .

مقال " سليمان مصطفى عيسى "

وأضافت النيابة إلى ما سبق واقعة أخيرة هي أنه ضبط في دار المركز العام لجماعة الإخوان مقال حرره سليمان مصطفى عيسى خاص بنظام الحكم الإسلامي في العصر الحاضر اقترح فيه كاتبه أن يكون النظام جمهوريا اشتراكيا وأن ينتخب رئيس الجمهورية لمدى الحياة . وتبين أن اسم سليمان عيسى هذا قد أثبت هو الآخر في جدول السيد فايز عبد المطلب .

تلك هي الوقائع التي أقامت عليها النيابة اتهاماتها قبل المتهمين ومنها يتبين أن النيابة تعلق أهمية خاصة على الأوراق المضبوطة إذ هي في نظرها لا يمكن إلا أن تكون لجمعية سرية إرهابية قد هدفت إلى قلب نظام الحكم عن طريق ارتكاب الجرائم المشار إليها في تقرير الاتهام .

أوراق السيارة:

وجد بالسيارة المضبوطة كتب وأوراق عديدة , بعضها طبع بالمطبعة العادية وحرر بعضها بخط اليد .وكان من بين ما طبع بالمطبعة العادية كتب بعضها بالإنجليزية وبعضها بالعربية تتحدث عن أسلحة الجيوش وبعض العمليات الحربية ومذكرات في القانون الجنائي ومذكرات عامة , على إنه ليس بين هذا وذاك ما يعد إحرازه في ذاته جريمة أو يدل بنفسه على اتجاه معين خلا ما هو مفهوم من أن حائزي هذه المطبوعات قصدوا إلى تزويد أنفسهم بمعلومات عسكرية تتصل بأعمال الجيوش وأسلحتها وأخرى عامة بعضها ينصرف إلى قانون العقوبات وتحقيق الجنايات , ومن الأمثلة على المطبوعات المضبوطة : كتب للتدريب على الأسلحة الصغيرة ، وكتب في حرب العصابات ، وكتب عن اقتناص الدبابات والألغام المضادة لها ، وكتب عن عمليات الأنهار، ومقاومة الطائرات ، وهندسة الميدان ، ونسخ عديدة لمذكرات قانونية عن الضبطية القضائية ، وحالات التلبس والتفتيش والتحقيق الابتدائي ، ومذكرات عامة تبحث في تطورات مصر في العصور المختلفة وعلاقتها بالعالم الإسلامي ، كما تبحث في الجغرافيا الطبيعية ورسم الخرائط والتقدير النظري للمسافات وغير ذلك كما تشمل دروسا في الإسعاف " .

وكان من بين ما طبع بعض الكتب الصغيرة التي تبحث في الدبابات وخواصها وأنواعها وتركيبها ، والأسلحة المضادة لها وكتب أخرى تبحث في مهاجمتها وتعطيلها .

ثالثاً: المتهمون فى القضية وهيئة الدفاع

وصل عدد المقبوض عليهم إلى اثنين وثلاثين. ومن خلال الأوراق والوثائق التي عبر عليها في السيارة الجيب والحافظة الجلدية وملفات المذكرات والأجندة ومحافظة الجيب والسجلات الشخصية الأخرى التي عثر عليها في منازل المقبوض عليهم، ظهرت البوادر العلنية الأولى لانكشاف أمر الجهاز السري [[للإخوان المسلمين]]. أضف إلى ذلك كله الأدلة التي تجمعت من خلال القبض على الشبان في تلال المقطم في شهر يناير وفي قضية اغتيال الخازندار في مارس، ومصادرة الأسلحة التي عثر عليها في عزبة الشيخ فرغلي في أكتوبر الماضي، ومن هنا بدأت الحكومة تضع أول دعوى جادة ضد الجماعة وتهئ الأسباب لحلها.


1- المتهمون فى القضية

استمر القبض على إخوان النظام الخاص حتى أصبح المقبوض عليهم خلال أيام اثنين وثلاثين ، هم :

الرقم الإسم السن العمل
1 عبد الرحمن السندي 32 موظف بوزارة الزراعة
2 مصطفي مشهور 27 مهندس بالأرصاد الجوية
3 محمود الصباغ 28 مهندس بالأرصاد الجوية
4 أحمد زكي حسن 25 مدرس ابتدائي
5 أحمد حسنين 28 مراقب حسابات شركة المعادن
6 محمد فرغلي النخيلي 29 تاجر معادن
7 أحمد قدري الحارتي 21 مهندس بالطيران المدني
8 محمد حسني عبد الباقي 33 عضو مجلس مديرية
9 أحمد متولي حجازي 29 تاجر راديو
10 السيد فايز عبد المطلب 29 مهندس ومقاول مباني
11 أحمد عادل كمال 23 موظف بالبنك الأهلي
12 طاهر عماد الدين 25 مهندس
13 إبراهيم محمود علي 30 ترزي
14 أحمد الملط 32 طبيب بوزارة الصحة
15 جمال الدين فوزي 39 موظف بالبريد
16 محمود حلمي فرغلي 27 موظف بالداخلية
17 محمد أحمد علي 25 موظف بالأشغال
17 جمال الدين الشافعي 24 مدرس
18 عبد الرحمن عثمان 22 طالب حقوق
19 السيد إسماعيل شلبي 44 تاجر
20 محمد بكر سليمان 26 نساج
21 أسعد السيد أحمد 26 ميكانيكي
22 صلاح الدين عبد المتعال 18 طالب ثانوي
23 جمال الدين الشامي 26 مهندس ري
24 جلال الدين ياسين 24 موظف وطالب بالتجارة
25 محمد الطاهر حجازي 24 طالب بالزراعة
26 عبد العزيز البقلي 24 تـرزي
27 كمال القزاز 27 نـجـار
28 محمد سعد الدين السنانيري 27 مقاول نقلان
29 علي حسنين الحريري 27 قوموسيونجي
30 محمد فرغلي 42 واعظ
31 محمد إبراهيم سويلم 22 فلاح
32 سليمان مصطفي عيسي 23 فلاح

2- هيئة الدفاع عن المتهمين

تقدم للدفاع عن الإخوان فى القضية كبار المحامين فى وقتهم وهم :


رابعاً: تقرير الاتهام كما قدمته النيابة

لم تكن قضية السيارة الجيب قضية عادية،بل قضية اتهام لجماعة الإخوان بأنها جماعة إرهابية ،حيث اتهمت النيابة الإخوان بصفة عامة بقيامهم بالإخلال بالأمن العام عن طريق القيام بأعمال إرهابية من اغتيالات لشخصيات مهمة فى الدولة والقيام بسلسلة من التفجيرات للمصالح الرئيسة فى الدولة ، وأخذت تسطر الاتهامات مستندة إلى الوثائق والأسلحة المضبوطة فى السيارة الجيب ،وتحمل الكلام مالا يحتمل ، وأخذت ترصد كل ما يمت للجماعة أو غيرها بصلة من أعمال يمكن أن تعتبر مأخذا تدان به .ولم يقتصر الأمر على السيارة الجيب ومحتوياتها ،بل سكلت النيابة إلى التعرض

للجماعة منذ نشأتها وأهدافها ووسائلها والأعمال التى قامت بها ويمكن تأويله ،واستندت إلى رسائل المرشد ولائحة الإخوان ،ومن وجهة نظر النيابة أن الجماعة تعمل على الإخلال بالأمن العام ،وأن المتهمين هم الأداة التنفيذية لأعمال الجماعة الإرهابية ، وقد اتهمت النيابة العامة المتهمين المذكورين بأنهم في خلال سني 1946 , 1947 , 1948 , ميلادية والموافقة سني 1365 , 1366 , 1367 , 1368 هجرية بدائرة مدينتي القاهرة والإسماعيلية وغيرها من بلاد المملكة المصرية . قاموا بالأعمال الآتية :

أولا: اشتركوا فيما بينهم ومع آخرين في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجنايات والجنح المذكورة بعد ، واتخاذها وسائل للوصول إلى الاستيلاء على الحكم ، وفي حرب العصابات ، واستعمال الأسلحة والمتفجرات ، وفي تعقب الأشخاص واغتيالهم سياسيين كانوا أو عسكريين أو مدنيين وقاموا بمراقبة الأماكن التي عقدوا النية على ارتكاب جرائمهم فيها وإعداد التقارير والرسوم الدقيقة عنها ، واختيار مواضع التنفيذ وزمانه ومكانه وأعدوا برامج شاملة لمختلف الهيئات الإرهابية التي أنشئوها ولمصادر الأموال اللازمة لها من إعانات وتهريب وسطو على البنوك والمتاجر والإذاعة والدعاية الداخلية والخارجية والمخابرات والتجسس على الأحزاب والهيئات المختلفة ، وإشاعة الفوضى والذعر والإخلال بالأمن في البلاد تحقيقا للغرض المتقدم ذكره . وهذه الجرائم هي :

1 – قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة بواسطة عصابات مسلحة وباستعمال قنابل وآلات مفرقعة بنية ارتكاب هذه الجريمة وبغرض ارتكاب قتل سياسي الأمر المنطبق على المادتين 87 , 88 فقرة أولى من قانون العقوبات .

2 – إتلاف سيارات وأسلحة الجيش المصري المعدة للدفاع عن البلاد الأمر المنطبق على المادة 81 من قانون العقوبات .

3 – تخريب المنشات الحكومية وأقسام ومراكز البوليس ومحطات الإضاءة والمياه وغيرها الأمر المنطبق على المادة 90 من قانون العقوبات .

4 – قتل عدد كبير من المصريين والأجانب مبينين بالمحضر وذلك عمدا مع سبق الإصرار والترصد الأمر المنطبق على المواد 230 , 231 , 232 من قانون العقوبات .

5 – تعريض حياة الناس وأموالهم عمدا للخطر باستعمال القنابل والمفرقعات في عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية وغيرها من الأماكن العامة والخاصة المأهولة بالسكان والمبينة بالمحضر الأمر المنطبق على المادة 358 فقرة ثانية وثالثة من قانون العقوبات .

6 – تعطيل وسائل النقل العامة بنسف قطارات السكك الحديدية وجسورها وخطوطها ونسف الطرق والكباري العامة وسيارات الأتوبيس وتعطيل القوى الكهربائية المولدة لحركة خطوط ترم القاهرة الأمر المنطبق على المادة 167 من قانون العقوبات .

7 – إتلاف الخطوط التلغرافية والتليفونية الحكومية عمدا في زمن الفتنة التي اعتزموا نشرها بقطع أسلاكها وقوائمها ونسف أدواتها أو إتلافها بوسائل أخرى مما يترتب عليه انقطاع المخابرات بين ذوي السلطة العمومية ومنع توصيل المخابرات بين الناس الأمر المنطبق على المادتين 165 , 166 من قانون العقوبات .

8 – سرقة البنك الأهلي وبعض المحال التجارية بطريق الإكراه وذلك باقتحامها بواسطة أشخاص مسلحين بالمدافع والقنابل وقتل من يعترض سبيلهم من الحراس أو غيرهم والاستيلاء بذلك على ما فيها من أموال وبضائع الأمر المنطبق على المادة 314 من قانون العقوبات .

9 – إتلاف مباني شركتي قنال السويس وترام القاهرة وذلك عمدا بقصد الإساءة مما ينشأ عنه تعطيل وتوقيف أعمالها ذات المنفعة العامة ويترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر الأمر المنطبق على المادة 361 فقرة أولى وثانية من قانون العقوبات .

11 – إقامة واستعمال محطات سرية للإذاعة اللاسلكية بدون إخطار إدارة تلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية وبغير ترخيص منها الأمر المنطبق على المواد 1 , 2 , 5 من الأمر العسكري رقم 8 .

ثانيا: أحرزوا وحازوا مقادير كبيرة من القنابل اليدوية والفسفورية والجليجنايت والديناميت والمادة الناسفة باسم p . t . n والألغام وساعات التفجير الزمنية والمفجرات الكهربائية والظرفية وغيرها من المفرقعات والآلات المفرقعة وذلك بدون ترخيص وبغرض ارتكاب قتل سياسي وبنية قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة .

ثالثا: أحرزوا وحازوا أسلحة نارية ومدافع سريعة الطلقات ومسدسات والذخائر المخصصة لها وكذا أسلحة بيضاء وذلك بدون ترخيص .

رابعا: حازوا أجهزة وأدوات خاصة بمحطة إذاعة لا سلكية بدون إخطار إدارة تلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية وأقاموها في منزل بإحدى الضواحي أعدوه لهذا الغرض .


خامساً: الدفاع يناقش أدلة الاتهام ويتهم النيابة بتعذيب المتهمين

أما الدفاع فقد صاغ مرافعته على أساس مواجهة ما جاء في مرافعة الادعاء من تقسيم التهم إلى قسمين: أعمال العنف المحدودة، والعصيان المسلح. وفيما يتعلق بالمجموعة الأولى من التهم قدم الدفاع حجتين رئيسيتين هما:

1. أن الشبان الذي ارتكبوا أعمال العنف انحرفوا عن المبادئ التي وضعها القادة،

2.أن التنظيم ليس مسئولا عن أفعال أعضائه «المتطرفين» فالخطأ لا يكمن في الجهاز السري، وإنما في بعض أعضائه الذين هم «بعض الأفراد» أساءوا فهم تدريبهم.. وشكلوا فيما بينهم تنظيمًا إرهابيا.

أما التهمة الثانية الأكثر شمولا والخاصة بالعصيان الملح فقد أنكرهها الدفاع نهائيًا. فالأسلحة والتدريبات والتعاليم المكتوبة حول السلاح والحرب لا تنطوي جميعًا سوى على الاهتمام العسكري للجماعة بالدفاع عن مصر والعروبة وعن الإسلام ضد بريطانيا والصهيونية، والدليل الأوضح على ذلك قائمة شهداء الإخوان في معارك مقاومة الإنجليز في مصر والصهيونية في فلسطين. وفند الدفاع ما ذهب إليه الادعاء من أن الأعضاء لقنوا مبادئ العنف؛ فالجهاد كما يتضح من تعاليم الجماعة، يعني الدفاع عن البلاد ضد (الاستعمار والكفر) كذلك اهتم الدفاع بتوضيح مغزى الآية القرآنية التي فسرها الادعاء كدليل على توفر نية الجريمة: " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ" فذهب الدفاع إلى أن هذه الآية لا تعني «بالقوة» العنف وإنما تعني بالأحرى (البأس الشديد) والمقصود حشد هذه القوة تحت الإسلام في الدفاع عنه. أما الوثيقة التي أكد الادعاء بشدة أنها بمثابة ( خطة للثورة) ، فقد أظهر الدفاع أنها ليست سوى مقال أعد للاشتراك به في مسابقة في إحدى المجلات الطلابية وفيه يصف الكاتب التصور الطلابي (للمجتمع الإسلامي). وقد ركز الدفاع جانبًا كبيرًا من اهتمامه لإظهار المقاصد (السلمية) للجماعة كما يتضح من أنشطتها الاجتماعية والتعليمية والطبية والخيرية، وخدماتها الروحية المبذولة المجتمع الإسلامي.

كذلك ركز الدفاع على نقطتين أساسيتين: طغيان الحكومة السعدية ودور الإنجليز في حل الجماعة.

وبالنسبة للنقطة الأولى اعتمد الدفاع أساسًا في تأييد حجته على التقارير المتعلقة بتعذيب الإخوان في السجون قاصدًا بالتالي إلى تفنيد أية قيمة قانونية للاعترافات التي يملكها الادعاء. وحول تأييد الحجة الثانية، فاجأ أحد المحامين الشبان من أعضاء المحكمة ذات يوم بإبرازه لبعض الوثائق نشرت مؤخرًا بالإنجليزية، كانت توضح وجود اتصالات متبادلة بين السفارة الإنجليزية والحكومة وأن السفارة الإنجليزية طالبت باسم السفارتين الأمريكية والفرنسية بحل الجماعة.

سادساً: التحقيق فى الاتهام بالتعذيب

روى أحمد عادل كمال أخذنا جميعا إلى قسم الوايلى بالعباسية وحجز كل منا فى غرفة بمفرده, وامتلأ القسم بكل من هب ودب.. رجال البوليس السياسي عن بكرة أبيهم, اللواء سليم زكى حكمدار بوليس القاهرة, ورجال النيابة.. نيابة شرق القاهرة ونيابة الاستئناف, رئيس هذه ورئيس تلك ووكلاء النيابة ومعاونوهم... النقراشي باشا رئيس الوزراء بشخصه جاء ينظر إلينا.


إحاطة التحقيق بالسرية

واستمر التحقيق وقد ضربت عليه النيابة ستار السرية, وفرضت على المتهمين الحبس الإنفرادى حتى لا نلتقى, وكنا فى وقت من الأوقات موزعين على ثلاثة سجون بالقاهرة, سجن الأجانب بشارع الملكة نازلى { رمسيس} – مكانه الآن محطة بنزين التعاون بجوار مستشفى الهلال الأحمر – جارى هدمها – وسجن مصر العمومى بالقلعة وسجن الاستئناف بباب الخلق. واستمرت تلك القيود علينا رقما قياسيا لم يحدث فى أى قضية أخرى إذ امتدت 350 يوما. واستجوبت النيابة أكثر من أربعمائة شخص وزاد ملف التحقيق على أربعة آلاف ورقة مكتوبة على الآلة الكاتبة وأكثرها بخط صغير, وقد حفل بأكثر من ثمانمائة محضر ما بين استجواب ومعاينة وتفتيش, وقد اشترك فى تحقيق القضية خمسة عشر محققا تقلد بعضهم بعد ذلك منصب نائب عام أو وزير أو محافظ, وقد تولى مسئولية التحقيق مصطفى بك حسن رئيس نيابة الاستئناف وكان رجلا نزيها, غير أنه بعد فترة أحس بتدخل رجال البوليس السياسى مثل الصاغ محمد الجزار والصاغ توفيق السعيد وأحمد طلعت ومحمود طلعت فرفض أن يستمر فى تحقيق القضية وتخلى عن ذلك فتولاها محمد بك عبد السلام. وبلغ عدد جلسات التحقيق من لم يحقق معه سوى مرة واحدة ومنهم من حقق معه ثلاثين مرة مثل أحمد حسنين وطاهر عماد الدين وكاتب هذه السطور. وكانت النيابة تستدعينا من السجن للتحقيق معنا فى سراى النيابة بمبنى محكمة مصر بباب الخلق, فكان الواحد منا يصحبه ضابط مسلح بالطبنجة واثنان من عساكر الشرطة المسلحين بالبنادق فى سيارة أجرة, وأنفقت الدولة نحو ستة ألاف من الجنيهات مصاريف انتقال لنا ما بين السجن والنيابة وهو رقم كبير جدا بتقديرات وقتها.

إثبات المحكمة للتعذيب الواقع على المتهمين

وقد أثبتت المحكمة وقوع المتهمين الذين أدلوا باعترافات بعد الإنكار بناء على الأدلة بأنهم تعرضوا للتعذيب ،وبناء عليه ردت اعترافاتهم ، ومما جاء فى نص المحكمة بهذا الشأن :

" وحيث إن الاتهام استند فيما استند إليه من أدلة على أقوال لمصطفى كمال عبد المجيد المتهم في قضية أخرى وقد أعلنه المتهمون في هذه القضية شاهد نفي لهم فسمعت المحكمة أقواله . لذا كان من الواجب إثبات ما أدلى به المذكور من معلومات مع تقدير قيمة الأقوال من حيث الإثبات وحيث إنه من هذا ترى المحكمة أن مصطفى كمال عبد المجيد كان محلا للاعتداء في دار قسم مصر القديمة وبعد القبض عليه وأن العبارات التي قال رئيس مجلس الوزراء الأسبق أنه فاه بها إنما تدل على أن الاعتداء كان شديدا وتستطيع المحكمة بعد هذا أن تقول وهي مطمئنة إلى ما تقول:

إن الآثار التي شوهدت بجسم مصطفى كمال عبد المجيد بعد ما يزيد على خمسة أشهر من يوم ضبطه يمكن إرجاعها أو بعضها على الأقل إلى ما كان يقارفه من تولوا ضبطه والمحافظة عليه من رجال البوليس . وحيث إن ما أدلى به مصطفى كمال عبد المجيد في تحقيقات هذه القضية خاصا بقيادته سيارة الجيب أو بغير ذلك من وقائع إنما أتى بعد وقوع اعتداء عليه تال للقبض ولذا فإن المحكمة لا تطمئن إلى أقواله جميعها وترى أن تسقطها عند الكلام على الدليل "

المحكمة تدين البوليس فى تعامله مع المتهمين

1- الضغط على المتهمين :

وتحدثت المحكمة عندما عن حيثيات الحكم على المتهم الثامن عشر [[[[عبد الرحمن عثمان عبد الرحمن]]]] أفندي تناولت نقطة هامة هي تدخل الحاكم العسكري العام السابق [[إبراهيم عبد الهادي]] ورجال البوليس السياسي وحيث إن النيابة في مرافعتها قالت : إن المتهم " تبين بعد ورود تقرير فحص الخطوط أن إنكار الحقيقة لم يعد مجديا " فتقدم بالطلب وهذا القول مردود لأن المتهم ووجه بتقرير الفحص فأصر على الإنكار ثم كان الطلب بعد أن مضى على الإنكار نحو ستة عشر يوما أن يجد جديد فلم يواجه مثلا بأقوال شاهد أو بأقوال متهم معترف عليه بل إن الطلب قدم دون أسباب أو مقدمات تدعو إلى تقديمه .

وحيث إن المحكمة ترى من الظروف المتقدمة أن المتهم أخرج من السجن يوم 11 يوليه سنة 1949 وسلم إلى رجل من رجال البوليس السياسي ذهب به إلى المحافظة حيث قضى فترة طويلة في رفقة رجال البوليس ثم أعيد إلى السجن وأعقب هذا كتابة الطلب بالاعتراف .

وحيث إن أقل ما يقال في هذا الشأن أن المتهم كان تحت تأثير إغراء أو تحريض من رجال البوليس مما دفعه إلى كتابة ما كتب والإدلاء بعد ذلك بما أدلى من اعتراف في يوم 13 يوليه سنة 1949 .

2ـ المحكمة تدين إطلاق يد البوليس فى تعامله مع المتهمين:

وحيث إنه مما يلفت النظر إليه أنه في اليوم التالي للاعتراف أخرج المتهم من السجن مرة أخرى " لتوصيله لنيابة الاستئناف " ولكنه لم يصل إلى النيابة وقد دعا الدفاع حضرة صاحب الدولة إبراهيم عبد الهادي باشا رئيس مجلس الوزراء الأسبق للإدلاء بأقواله أمام هذه المحكمة وكان من بين ما قرره أن المتهم ركب معه في القطار في ذلك اليوم واستجوبه لفترة قصيرة بشأن اعترافه على قريب له هو ابن محمود يوسف باشا وكيل الخاصة الملكية

وذلك لكي يتحقق دولة الشاهد والحاكم العسكري العام من صفة هذا الاعتراف ويتصرف على مقتضى ما يصل إليه في هذا الشأن . واستطرد الشاهد فقال إنه بعد أن سمع من المتهم ما أراد سماعه صرفه ولا يعرف ما تم في أمره بعد ذلك .

وحيث إن ما قرره دولة إبراهيم عبد الهادي باشا بشأن ابن محمود يوسف باشا لم يكتب شيء منه في أوراق هذه القضية بل ولم يخطر دولته المحقق بهذه المقابلة وبما تم فيها .

وحيث إنه مع التسليم بأن من حق الحاكم العسكري العام أن يدعو الأفراد ويستجوبهم بنفسه وخاصة إذا كان الأمر يتصل بالمحافظة على الأمن العام إلا أن ما تم بشأن هذا المتهم بالذات يدعو إلى إمعان النظر فقد أخرج من السجن بحجة توصيلة إلى نيابة الاستئناف ولم يصل في ذلك اليوم على الإطلاق . واقتيد إلى محافظة القاهرة حيث ركب القطار والتقى بدولة رئيس مجلس الوزراء وكان ما كان بينهما مما رواه – دولة الشاهد الذي لم يعن بإثبات ما تم بينه وبين المتهم أو تبليغ المحقق أمر هذه المقابلة .

أما فيما يختص باعتراف [[عبد الرحمن عثمان عبد الرحمن]] بعد الإنكار وإخراجه من السجن لمقابلة [[إبراهيم عبد الهادى]] ،فقد ألقت باللوم على رجال البوليس بإخراجهم المتهمين من السجن وإعادتهم طبقا لأهوائهم ، تقول المحكمة :

وحيث إنه مهما يكن سلطان الحاكم العسكري في هذا الشأن فإن حريات الأفراد يجب أن يكون لها حدود تقيها من العبث أيا كان مصدره وألا يترك أمر استجواب المتهمين – المقبوض عليهم – فوضى يتولاه تارة المحقق وطورا الحاكم العسكري صاحب السلطان الأكبر وذلك في غيبة المحقق وعلى غير علم منه ودون إخطاره بما تم بشأن الاستجواب .

" وحيث إنه مما تقدم جميعه ترى هذه المحكمة أن كتابة الطلب الخاص بالاعتراف وما تلاه من أقوال أدلى بها المتهم في يومي 13 و 15 يوليه سنة 1949 كل هذا قد شابته عوامل غير عادية قد تكون تعذيبا كما زعم المتهم أو على الأقل إغراء وتحريضا – وهذه الأقوال على الصورة الموصوفة لا تعول عليها المحكمة وتعدها مهدورة معدومة الأثر .

وحيث إنه هذه المحكمة ترى أن إطلاق يد رجال البوليس في معاملتهم للمتهمين يلقونهم متى شاءوا ويخرجونهم من السجن متى أرادوا ويعيدونهم ثانية طبقا لأهوائهم دون بيان أسباب ودون رقابة من رجل النيابة المحقق – هذه السلطة المطلقة لا تتفق وما كفله القانون للمتهم من حرية الدفاع عن نفسه والإدلاء بأقواله في جو بعيد عن شتى المؤثرات .

سابعاً: مناقشة تهمة الاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم والقيام بأعمال إرهابية

عكفت المحكمة على دراسة الاتهامات الموجهة للإخوان من خلال الأدلة ، فقامت بدراسة أهداف الإخوان منذ نشأتهم من خلال مطبوعاتهم ،ومن شهادات الشهود كما يلى :

المحكمة تدرس لوائح الإخوان ومطبوعاتهم : وحيث إنه عندما وجهت هذه التهمة كانت فكرة الاتهام أن تكون شاملة عددا كبيرا لا يقف عند حد المتهمين المعدودين محل هذه المحاكمة ، بل إن النيابة العامة قصدت في أقوالها إلى تصوير أن الجماعة بأسرها رمت إلى قلب نظام الحكم وأن أقوال مرشدها العام كانت تحمل معاني التحريض السافر على القيام بهذه الجريمة وأن المتهمين وزملاؤهم فهموا من كلام المرشد أنه يرمي إلى ذلك – فالاتهام بهذا التصوير أراد أن يحمل الجماعة مسئولية هذه الجريمة بدليل أن خلص إلى القول بأن الغرض النهائي هو إقامة جمهورية على رأسها المرشد العام .

فكان طبيعيا والتهمة موجهة إلى جماعة الإخوان ومرشدهم أن تعرض المحكمة لنشأتها وأغراضها ووسائلها وتطورها وما يستنتج من أقوال مؤسسها .

وحيث إنه يبين للمحكمة من الأوراق المقدمة من الدفاع وما ضبط في دار المركز العام أنه في عام 1928 أنشأ الشيخ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين ووضع لها مع آخرين قانونا جاء فيه أن الغرض منها هو تكوين جيل جديد يفهم الإسلام فهما صحيحا ويعمل بتعاليمه وأن وسائلها لتحقيق هذا الغرض هي تغذية الفضائل الخلفية وإحياء الشعور بكرامة الأمة وتحرير النفوس من الضعف والتحذير من الاندفاع في حياة المتعة والترف ونشر الثقافة والمحافظة على القرآن ومحاربة الأمة وتأسيس المنشآت النافعة للأمة كالمستوصفات الطبية ومحاربة الآفات الاجتماعية كالمخدرات والمسكرات والمقامرة والبغاء وتشجيع أعمال الخير وتقوية الروابط للتعارف بين الشعوب الإسلامية مع تنبيه روح التعاون والاقتصاد والدفاع عن الإسلام ومقاومة كل عدوان يراد به – وتقوية الروح الرياضية في نفوس الشباب .

وحيث إن المحكمة ترى التفرقة بين الأمرين .

ثامناً: الشهود فى قضية السيارة الجيب

ونظرا لأن القضية لم تقتصر على السيارة الجيب وما ضبط بها ، بل امتدت إلى التحقيق فيما نسب إلى الإخوان من تهم الإرهاب وغيرها مما قررته النيابة ، وهى تهم تمس الجماعة كلها وإذا ثبتت فإن ذلك يعنى إدانة كل من ينتمي إليها واتهامه بما يثبت منها، لذلك فإن المحكمة استدعت الشهود للتأكد من تلك صحة الاتهامات أو نفيها ، وإذا كان الإخوان متهمين بحيازة أسلحة ومتفجرات لاستخدامها في أعمال إرهابية ضد الشعب المصري مما دفع المحكمة من تقصى الهدف من جمع الإخوان للأسلحة والمتفجرات وحقيقة ما نسب إليهم من أعمال عنف ،وما حقيقة دورهم في فلسطين ، وما الدافع وراء إنشاء جهاز سرى مسلح . كل هذه التساؤلات وغيرها أرادت المحكمة من بيان حقيقتها ،لذلك استدعت مفتى فلسطين واللواء أحمد فؤاد صادق ،واللواء أحمد المواوى للتأكد من الهدف من جمعهم السلاح وما علاقتهم بالهيئة العربية العليا ؟ وهل كانوا يجمعون الأسلحة من أجل فلسطين حقا أم لأغراض أخرى ؟ وهل حصلت الهيئة العربية العليا بفلسطين على أسلحة من الإخوان ؟ وما حقيقة دورهم في حرب فلسطين ؟ وما أغراض الإخوان ، ومتى بدأت صلتهم بفلسطين ؟.

كل هذه الأسئلة وغيرها سعت المحكمة لمعرفتها من الشهود التي تم استدعاؤهم لهذا الأغراض ، ومن بين هؤلاء الشهود التي استمعت المحكمة إليهم :


شهادة أمين الحسيني مفتي فلسطين

س: هل كان لجماعة الإخوان المسلمين حركة مشاركة في حرب فلسطين؟

ج: نعم كان للإخوان المسلمين حركة مشاركة في حرب فلسطين منذ البدء، وقاموا بدعاية لها، ثم شاركوا بأنفسهم في سنة 1936 أثناء الجهاد هناك، وجمعوا أسلحة وذخيرة وذهب فريق منهم إلى الجهاد هناك واستمروا على ذلك يعنون بهذه القضية ويخدمونها بأنفسهم وبجهودهم وبكل ما يستطيعون حتى النهاية.

س: هل كان بعض رجال الهيئة العربية كالمرحوم عبد القادر الحسيني أو غيره يستعينون ببعض الإخوان في جمع الأسلحة وشرائها؟

ج: نعم كان عبد القادر الحسيني بك وغيره يستعينون بالإخوان المسلمين في شراء الأسلحة والذخيرة ويدفعون ثمن هذه الأسلحة.

س: هل تعرف أن من بينهم محمود الصباغ؟

ج: نعم قد كان أحد الذين كلفوا من قبل عبد القادر بك الحسيني وغيره لشراء الأسلحة وأعرف أنه اشترى صفقات بلغت نحو ثلاثة آلاف جنيه وأنه اشترى بها فعلا أسلحة وسلمها إلى المنوط بهم استلامها من الهيئة.

س: هل كان الإخوان المسلمون في أول جهادهم على صلة بعبد القادر الحسيني بك قبل دخول الجيوش النظامية؟

ج: نعم كان لهم صلة وحارب فريق منهم معه، وبعضهم استشهد في معركة القسطل.

س: وهل استمروا يجاهدون بعد دخول الجيوش العربية؟

ج: نعم.

س: هل ظلت الهيئة العربية تجمع أسلحة بعد دخول الجيوش العربية؟

نعم ظلت تجمع أسلحة بعد دخول الجيوش، وكذلك الإخوان وأذكر حادثة قد يكون لها أهمية في هذا الموضوع وهي أن المرحوم الشيخ حسن البنا زارني بعد الهدنة الأولى وقال لي ما يدل على قلقه مما ظهر في بعض الجيوش العربية من التخاذل ومما لمسه من الدسائس التي ترمي إلى هدم قضية فلسطين، وتسليم فلسطين إلى اليهود وبدون حرب، وقال لي: إنه يشعر بقلق شديد مما لمسه من هذا التخاذل والدسائس، ولذلك فقد فكر في أنه سيرسل نحو عشرة آلاف من الإخوان المسلمين ليشتركوا مع المجاهدين في فلسطين وقال أنه سيعرض الأمر على المختصين في الحكومة المصرية لتمونهم وتسلحهم، وإذا تعذر تسليحهم بسبب قلة السلاح فإنه سيطلب إلى جميع الشعب لتجهز كل شعبة متطوعيها بسلاح تشتريه، بحيث يتسلح عشرة آلاف، وكان مصممًا على هذه الفكرة واعتقد أنه طلب إلى هذه الشعب أن تجمع الأسلحة، وأخذ في تنفيذ هذه الخطة، ولكن لا أدري كم استطاع أن يرسل منهم في ذلك الحين، وهذا يدل على أنهم كانوا يشترون الأسلحة حتى بعد دخول الجيوش النظامية وذلك بسبب خيبة الآمال في بعض الجيوش العربية

س: باعتباركم كنتم على صلة بالإخوان فهل تستطيعون أن تذكروا شيئا عن أهداف الجماعة ووسائلها وهل من بين هذه الوسائل اتخاذ العنف والإرهاب؟

ج: أعتقد أن الإخوان المسلمين هيئة إسلامية تعتنق المبادئ وتحمل دعوتها وتعمل لخير المسلمين ونفعهم، وتعمل على إنشاء جيل مصلح يعمل بمبادئ الإسلام وأخلاقه، هذا ما أعرفه عن الإخوان المسلمين، وأعرف أن أهداف المرحوم حسن البنا والإخوان كانت لمصلحة المسلمين خاصة ولخيرهم ولإنقاذهم مما هم فيه من ذل وبلاء ولا اعتقد أنها تعمل أي شيء يخالف الشرع من العنف والقتل والإرهاب.


شهادة اللواء أحمد فؤاد صادق باشا قائد عام حملة فلسطين

س: نريد أن نعرف رأي سعادتكم بصفتكم قائدًا عامًا لحملة فلسطين عن موقف الإخوان المتطوعين في هذه الحرب وفي ميدانها؟

ج: كانوا جنودًا أبطالاً أدوا واجبهم على أحسن ما يكون.

س: هل يسمح الباشا أن يذكر لنا وقائع معينة تدل على البطولة؟

ج: نعم سمعت بعد وصولي لرئاسة القوات في قلم المخابرات العسكرية أن اليهود يبحثون دائما عن موقع الإخوان ليتجنبوها في هجومهم، فبحثت عن حالتهم من الناحية الفنية، وأمرت بتمرينهم أسوة بالجنود ودخلوا مدارس التدريب، وأصبح يمكن الاعتماد عليهم في كثير من الأحوال التي تستدعي بطولة خاصة، مثلا: أرسلتهم من دير البلح إلى ما يقرب من 100 كيلو إلى الجنوب لملاقاة الهجوم الاسرائيلي على العريش فاستبسلوا وأدوا واجبهم تمامًا، واشتركوا أيضًا في حملة للدفاع عن موقع 86 في دير البلح وأعطيتهم واجبًا من الواجبات الخطيرة فكانوا في كل مرة يقومون بأعمالهم ببطولة استحقوا من أجلها أن أكتب لرياسة مصر أطلب لهم مكافأة بنياشين، وذكرت بعضهم للشجاعة في الميدان، وبعضهم ذكر اسمه في الأوامر العسكرية، واتصلت بالحكومة في ذلك الوقت وطلبت مها مساعدة هؤلاء بأن يعطوهم أعمالا عندما يعودون ويعاونون أسرهم والحكومة ردت ووافقت وأرسلت تأخذ معلومات عنهم وكان ده تكريم الحكومة لهم.

س: هل نفذت الحكومة هذا الوعد؟

ج: ما أعرفش ولكن عندما طلبت مني اعتقالهم رفضت ووضعتهم تحت حراستي الخاصة.

س: في أي تاريخ أرسل الباشا الإخوان ليحموا العريش؟

ج: في المدة من 26 ديسمبر إلى 30 ديسمبر 1948.

س: أمر حل الإخوان، صدر في 8 ديسمبر وتقرر سعادتكم أنكم أرسلتم هؤلاء المتطوعين في 26 ديسمبر إلى 30 ديسمبر سنة 1948، فماذا كانت الروح المعنوية بعد أمر الحل؟

ج: أنا جاوبت على كده وقلت إنهم قاتلوا ببسالة ولم يؤثر قرار الحل على روحهم المعنوية.

س: ما هو الدور الخطير الذي قام به المتطوعون في دير البلح؟

ج: قلت إنهم قاتلوا قتلاً مجيدًا وعندما رأيت الخطر في المعركة فاعتمادي عليهم جعلني أقدم المتطوعين من الإخوان لأنهم أحسن ما لدي من الجنود.

س: حين صدر أمر الحل للجماعة هل أخطرت به من القاهرة؟

ج: كل الناس عرفت ولم يكن هناك سبب لإخطار خاص، وأنا عرفت من الرئاسة بالتليفون ومن الجرائد.

س: ما هي الشروط الواجبة في رجل العصابات؟

ج: يكون فدائيا وعلى بطولة كاملة وإلمام ببعض العمليات العسكرية كنسف الطرق ووضع ألغام في طرق العربات -مهاجمة- كمين... الخ.

س: هل زرتم معسكر الإخوان المسلمين بفلسطين؟

ج: أنا أعطيتهم أسلحة لمقابلة العدو وذلك تكملة لسلاحهم.


شهادة اللواء أحمد علي المواوي بك قائد عام حملة فلسطين

س: عند دخول الجيوش النظامية أرض فلسطين بقيادتكم: هل كان يقاتل فيها متطوعون من الإخوان المسلمين؟

ج: نعم لأنهم سبقوا بدخولهم القوات النظامية.

س: من كان من المتطوعين في معسكر البريج؟

ج: كان فيه المتطوعون من الإخوان المسلمين.

س: هل استعان الجيش النظامي بالإخوان المسلمين ببعض العمليات الحربية أثناء الحرب كطلائع ودوريات وما إلى ذلك؟

ج: نعم استعنا بالإخوان المسلمين واستخدمناهم كقوة حقيقية تعمل على جانبنا الأيمن في الناحية الشرقية، وقد اشترك هؤلاء المتطوعون من الإخوان في كثير من المواقع أثناء الحرب في فلسطين وبالطبع أننا ننتفع بمثل هؤلاء في مثل هذه الظروف.

س: ما مدى الروح المعنوية بين الإخوان المسلمين؟

ج: الواقع أن كل المتطوعين من الإخوان وغيرهم كانت روحهم المعنوية قوية جدًا وقوية للغاية.

س: هل قام المتطوعون بعمليات نسف في صحراء النقب لطرق المواصلات وأنابيب المياه لفصل المستعمرات الصهيونية؟

ج: نعم وأذكر بالنسبة لروحهم المعنوية أنهم كانوا يطلبون دائما ألغامًا للنسف يقومون بدوريات ليلية يصلون فيها إلى النطاق الخارجي للمستعمرات اليهودية، وينزعون من تحت الأسلاك الشائكة الألغام التي يبثها اليهود وسط الأسلاك ويستعملونها في تلغيم الطرق الموصلة إلى المستعمرات اليهودية وقد نتج من جراء هذه الأعمال خسائر لليهود، وتقدم لي من جرائها مراقبو الهدنة يشتكون من هذه الأعمال التي كانت تعمل في وقت الهدنة.

نعم والعسلوج هذه بلد تقع على الطريق الشرقي واستولى عليها اليهود أول يوم هدنة، ولهذا البلد أهمية كبيرة جدًا بالنسبة لخطوط المواصلات، وكانت رئاسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد، حتى إن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل لي إشارة هامة يقول فيها: لا بد من استرجاع هذا البلد بالهجوم عليها من كلا الطرفين من الجانبين، فكلفت المرحوم أحمد عبد العزيز بك بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم وأرسلت قوة كبيرة من الغرب تعاونها جميع الأسلحة ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها.

س: وهل لم يكن عندكم ألغام؟

ج: معروف أن الجيش لم يكن عنده معدات كافية.

س: هل كلفتم المتطوعين بعمل عسكري خاص عند مهاجمتكم العسلوج؟

ج: نعم والعسلوج هذه بلد تقع على الطريق الشرقي واستولى عليها اليهود أول يوم هدنة، ولهذا البلد أهمية كبيرة جدًا بالنسبة لخطوط المواصلات، وكانت رئاسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد، حتى أن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل لي إشارة هامة يقول فيها: لا بد من استرجاع هذا البلد بالهجوم عليها من كلا الطرفين من الجانبين، فكلفت المرحوم أحمد عبد العزيز بك بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم وأرسلت قوة كبيرة من الغرب تعاونها جميع الأسلحة ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها.

س: وكيف تغلبت القوة الصغيرة؟

ح: القوة العربية كانت من الرديف وضعفت روحهم المعنوية، وبالرغم من وجود مدير العمليات الحربية فيها، إلا أن المسألة ليست مسألة ضباط، المسألة مسألة روح، إذا كانت الروح طيبة يمكن للضابط أن يعمل شيئا لا بد من وجود روح معنوية.

س: ما هي الشروط الواجب توافرها في رجل حرب العصابات؟

ج: الواقع أن حرب العصابات والتدريب عليها يعتبر من أنواع التدريب الراقي والعالي الذي يجب أن يدرب عليه كل جندي، والذين يقومون بهذه الأعمال يجب أن يكونوا أذكياء جدًا ويشترط فيهم الجرأة وسرعة الاعتماد على أي قائد صغير أو كبير، والعلميات التي يقوم بها الكوماندوز لا تعمل في وضح النهار وفي حالة تساوي الطرفين لا توجد وسيلة إلا الاشتغال بالليل وبطريق التسلل وعلى كل فرد أن يعتمد على نفسه والكوماندوز فكرة حديثة استخدمت في الحرب.

س: ما هي الخواص الفنية في الدراسات الواجبة لرجل حرب العصابات؟

ج: غير الشروط التي ذكرتها يجب أن يكون الشخص ماهرًا جدًا في استخدام السلاح، ويجب أن يكون ماهرًا في استخدام الأرض ودراسة طبيعة الأرض، ويجب أن يشتغل مثل الحيوان المفترس، وهي المهارة في الميدان، ويجب أن يلم بقراءة الخرائط ويتعود على أعمال الكشافة، إلى جانب هذا لازم يعرف السباحة وتسلق الأشجار.

س: هل وجد في الجيش كوماندوز؟

ج: نعم يوجد والفكرة موجودة، وقبل خروجي كنت جمعت النواة لهذه العملية والجيش فيه حاجة قريبة من كده وهي الدوريات التي تعمل للاستكشاف.

س: هل تعرف عدد المتطوعين من الإخوان؟

ج: بلغ عدد المتطوعين من الإخوان وغيرهم عشرة آلاف.

س: هل تعلم أن متطوعي مصر معظمهم من الإخوان؟

ج: أنا أعرف أن الإخوان كانوا أكثر من الفئات الأخرى.

س: وإلى أي تاريخ استمر دخول المتطوعين إلى فلسطين؟

ج: أنا لم أظل في الجيش لغاية آخر الحرب وإنما رجعت في نوفمبر سنة 1948 وأنا أرجعت الليبيين لأنهم لم يكن لهم فائدة بالمرة.

س: هل كان للمتطوعين أسلحة خاصة أم كانوا يستوردون أسلحة من الجيش؟

ج:كان يحضرونها بمعرفتهم وأثناء الحرب كنت أعطيهم بعض الأسلحة والذخيرة كانت تنتهي فكنت أمولهم بالذخيرة وأذكر أنه طلب مني قائد غزة أن أعطيهم مدفع هاون فأمرت بإعطائهم.

س: بعد 15 مايو إلى نوفمبر ألم يدخل متطوعون جدد؟

ج: أذكر لما ابتدأت أتقدم للشمال كان فيه الكتيبة السابعة وأنا سحبت هذه الكتيبة وحل محلها متطوعون في العريش وكان ذلك بعد 15 مايو.

س: هل كان من الجائز أن ترد أسلحة إلى المتطوعين عن غير طريق سلاح الحدود أو العريش؟

ج: لا غير ممكن

س: ألا يذكر حضرة الشاهد أنواع الأسلحة التي يستعملها الفدائيون المتطوعون؟

ج: البندقية والرشاشات الخفيفة تومي أو الهاونات والمورتر.

س: هل كان بين هذه الأنواع القنابل اليدوية؟

ج:أيوه.


شهادة الصاغ محمود لبيب

شهادة الصاغ محمود لبيب عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين وقائد منظمة شباب فلسطين:

س: كيف بدأت حركة التطوع ومتى؟

ج: مسألة التطوع ترجع إلى سنة 1947 عندما عينتني الهيئة العربية العليا قائدًا لمنظمة شباب فلسطين فسافرت إلى هناك وأمكنني بمساعدة الهيئة العربية العليا أن أكون جيشًا ضخمًا من أهالي فلسطين ومهمته الدفاع عن أراضي فلسطين، ولما أحس الإنجليز بذلك ورأوا أن هذه الحركة ضد اليهود الذين يتبنونهم أمروني بالخروج، فأبيت وامتنعت عن الخروج، وأخرجوني بالقوة وقد تحدثت الجرائد عن ذلك، ولما رجعت اتصلت بسماحة مفتي فلسطين ورجال الهيئة العربية العليا وأفهمتهم أن فلسطين لا ينقصها الرجال، بل ينقصها السلاح، ووجدت عندهم هذه الفكرة كذلك، فسعوا عند الحكومة كي تسمح بجمع السلام من أجل فلسطين وفي هذا الوقت صدر قرار هيئة الأمم بتقسيم فلسطين، وثار شعور العرب وصمموا على أن تكون فلسطين عربية، فتطوع في هذه الأثناء كثير من رجال الإخوان المسلمين، واتصلوا بالحكومة والحكومة أعطتهم تصاريح بجمع السلاح، وابتدأ التطوع واشترينا السلاح وأخذناه إلى العريش وهناك نصبنا معسكرًا وقد بدأ التطوع في ديسمبر سنة 1947.

س: وكيف كان يسلح هؤلاء المتطوعون وكيف كانوا يمرنون؟

ج: لما تجمعنا بالعريش حضر إلينا أحد ضباط الجيش العظام بالمعسكر وإذا به يسأل نفس هذا السؤال، فاستدعيت أحد المتطوعين وقدمته له فسأله السؤال فكان الرد كالآتي: «تسلحنا بفلوسنا»، فسأله وما صنعتك؟ فأجابه: «أنا مزارع»، فسأله وهل المزارع يستطيع أن يحضر سلاح ومؤن؟فأجابه: «إنه كان لي جاموسة بعتها وحصلت على مبلغ 52 جنيه أرسلتهم للدكتور خميس رئيس الإخوان في الدقهلية، وهو الذي اشتري لي السلاح.

س: وحين دخل المتطوعون أرض فلسطين كم كان عددهم؟

ج: في بادئ الأمر كان عددهم 300 ثم تضاعف.

س: ما هي الأعمال التي قام بها المتطوعون قبل دخول الجيوش النظامية؟

ج: كانوا يحاصرون المستعمرات اليهودية، ثم يبحثون عن مواسير المياه لقطعها ويمنعون الماء عن المستعمرات ويهاجمون القوافل اليهودية، وإنهم كانوا على الدوام يهاجمون القوافل، وأرادوا معرفة قوة المستعمرات وعملوا رسمًا كروكيًا لمستعمرة دير البلح المعروفة بالعبرية كفار ديروم، وكانت على مسافة 800 متر من جهة النصيرات وأرادوا أن يهاجموا هذه المستعمرة، وفعلا هاجموها وقد نجحوا في دخولها واستشهد بعضهم، وقد كان هذا الهجوم من نوع الاستكشاف وهذا يحصل دائما في حروب العصابات، وقد استشهد في هذه المعركة 12 مجاهدًا وجرح كثير وبعد هذه المعركة اتصلت بصالح حرب باشا والمرحوم المرشد العام بصفتهم عضوين في هيئة وادي النيل، ورئيسها علوبة باشا كي يتصلوا بالحكومة ووزير الحربية ليعطوا المتطوعين قشلاق للتدريب، كما فعلت سوريا في شمال أطنة وتكلموا مع علوبة باشا في الموضوع، علوبة باشا اتصل بحيدر باشا فوعده أنه سيوجد معسكر للتدريب وتوجهت أنا والمسيري بك إلى الهايكستب، وهناك أخذنا المعسكر الذي سيجري فيه التدريب وابتدأ بعد ذلك التطوع بأوسع مدى، والحكومة عينت في المعسكر مدربين من الجيش ونادت هيئة وادي النيل بالتطوع، وكان أكثر المتطوعين من الإخوان إذ بلغوا 90% من المتطوعين جميعًا وفعلاً توجهوا إلى المعسكر وتدربوا تدريبًا عمليًا كاملاً وانضموا لإخوانهم في فلسطين.

س: علام كان يتدرب المتطوعون في هايسكتب في المكان الرسمي الذي أعدته الحكومة فعلا؟

ج: كان يتدرب المتطوعون على حرب العصابات وحرب العصابات ترجع إلى زمن بعيد إذ يرجع أمرها إلى قدماء المصريين، ثم الفرس، ثم العرب، وإنما لم تكن بنظام وفن، ولما تقدمت العلوم والفنون أصبحت حرب العصابات فنًا وكلما تقدم العلم وتقدم الفن تقدم معه كذلك فن حرب العصابات نضرب مثلاً -لما اخترع نوبل الرجل السويدي الديناميت- تقدم فن حرب العصابات لوجود المتفجرات- وثانيًا لما تقدم فن الطيران سمعنا أن النازيين أنزلوا رجالاً فنيين ومعهم خرائط وبسكلتات- ولما تقدم فن البحرية سمعنا أن في اليابان الطوربيد الحي، والفدائي لا بد له من معلومات وتدريس ناحية روحية وناحية عملية، فنحن نجد النازية والفاشية تربي ناحية الفدائية، وكذلك في الإسلام تربى هذه الناحية عن طريق الدين، ولابد للفدائي أن يتربى على الألعاب الرياضية من مصارعة وملاكمة وألعاب أكروباتية، ولابد له من ثقافة فيتعلم فن الطوبوغرافيا، وفن الاستراتيجيات وفن الهندسة وطبيعة الأرض، وكذلك يتعلم شيئا من الهندسة الميكانيكية لكي يمكنه أن يتسلل إلى مبنى الكهرباء الخاص بالإضاءة، فيعطل ماكينتها أو إلى مبنى شركة المياه فيفك عدادها، فلابد للفدائي من تعلم هذه الأشياء، والفدائي إما فدائي لنفسه أو فدائي لأمته، والأولى هي لإشباع هوايته ورغبته، والثانية هي الفدائية المثالية الكاملة الفاضلة، والإخوان المسلمون كانوا من الطراز الثاني أي من الفدائية الكاملة الفاضلة، لأنهم عندما سمعوا عن فلسطين وعما يحدث فيها تقدموا متطوعين، ثم أخذوا قسطهم من التدريب والتعليم في الهايكستب. وفي الهايكستب تلقوا في المعسكر كيف ينسف المنزل، وكيف يتسلل إلى عمارة، وكيف يحارب حرب شوارع، وكيف يصنع الديناميت والألغام، كل هذا مما يتمرن عليه الفدائي أو ما يسمونه الكوماندوز.

س: وهل كانوا يتدربون على المخابرات أيضًا؟

ج: نعم على كل شيء يفيد الجيش المهاجم، فمثلاً لازم يعرف ما هو عدد رجال العدو ومن يناصرونه في داخل البلاد.

س: وهل حضرت أنت الدراسات أو كنت تسمع بها؟

ج: أنا رحت الهايكستب وعملوا أمامي تجارب وكنت كل وقت أكون معهم.

س: وكم مرة ترددت على الهايكستب مدة التطوع؟

ج: ترددت 6 مرات في مدة التطوع.

س: وأين كان مركزكم أنتم في ذلك الوقت؟

نحن زرعنا قواتنا لمحاصرة المستعمرات اليهودية التي يمر عليها الجيش على أبعاد متفاوتة، وعملنا على وضع الألغام في الطرق المجاورة للطريق الرئيسي الذي يمر منه الجيش. وفعلاً مر الجيش ولم تطلق أي رصاصة واحدة من المستعمرات عليه، ولما دخل الجيش غزة كان معهم متطوعون وتسلم القيادة المرحوم أحمد بك عبد العزيز واحتلوا العوجة والعسلوج وبير سبع والفالوجة وعراق المنشية وبيت جبريل والخليل وبيت لحم، ودخلوا في حدود القدس الجديد 3 كيلو وحصل هذا كله في مدى 12 يوما وأصبح جميع النقب تحت إشراف الإخوان المسلمين. وقبل دخول الجيش بثلاثة أيام أو أربعة عملنا معركة وذلك في يوم 11 مايو، هذه المعركة تدل على مدى قوة ومتانة المتطوعين الروحية والمادية، فقد علمنا بوجود المصفحات اليهودية في مستعمرة اسمها «المشبه» تبعد عن غزة بحوالي 20 كيلو للجنوب الشرقي فراقب الإخوان هذه الحركة طوال الليل، وفي الصباح بدأت قافلة المصفحات تتحرك، فخرج المتطوعون «بالبويز» وهي عبارة عن مدافع ضد المصفحات، وما أن تقدمت المصفحات حتى فتحت عليها النيران من كل الجهات، وفي خلال فترة وجيزة كان الفدائيون مسيطرين على الصهيونيين وأخذ الصهيونيون في التسلل فمنهم من قتل ومنهم من نجا، وحضر سواقو الإخوان وقادوا المصفحات ومعي الآن صور لهذه المصفحات، وأخرج الشاهد من جيبه خمس صور واطلعت عليها المحكمة وأعيدت إليه ثانيًا.


شهادة الأستاذ محمد حامد أبو النصر

[[ملف:السيد-محمد-حامد-أبو-النصر-المرشد-الرابع-للإخوان-المسلمين.png|تصغير|200بك|

الأستاذ محمد حامد أبو النصر - المرشد العام الرابع [[للإخوان المسلمين]]

]]

س: هل ساهمت في جمع الأسلحة لحرب فلسطين؟

ج: نعم في أواخر 1947 وجهت إلي الدعوة من حضرة صاحب الفضيلة المرشد العام [[للإخوان المسلمين]] واجتمعنا في المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة، وتقدم لنا الشيخ صبري عابدين عضو الهيئة العربية العليا وممثل سماحة مفتي فلسطين الخاص، وذكر لنا الحوادث التي تقع في فلسطين، وأبان لنا الفظائع، التي ترتكب فيها وطلب منا أن نعاون المجاهدين، وذلك بشراء الأسلحة، والتبرع بها كل على قدر استطاعته، وطبعًا أثار فينا الحمية وأبكانا مما يقع في فلسطين، وانصرفنا كل إلى بلدة وأخذت اتصل بالناس الذين أعرفهم من العرب بالصحراء الغربية، واتصلت بواحد منهم اسمه الشيخ محمد حمد رمضان شيخ عرب بني شعران، بمركز منفلوط ليجمع لنا أسلحة، وبالفعل أحضر كمية من الأسلحة، وقد علم بوليس منفلوط بهذا ووضع يده على الأسلحة، وقبض على الشيخ محمد حمد رمضان وقدمه للنيابة، فتقدمت أنا لحضرة وكيل النيابة وقلت له: «إن هذا السلاح نجمعه من أجل فلسطين». فسألني عن دليل، قلت له: «لا بأس اتصل بأعضاء الهيئة العربية وسماحة المفتي، وأجل النظر في القضية، فأعطانا فرصة، وسافرت إلى القاهرة حيث قابلت فضيلة المرشد العام للإخوان وقصصت عليه المسألة فاتصل بسماحة المفتي وأبلغه بالأمر، فاتصل سماحته بسعادة عبد الرحمن عزام باشا، وأظنه اتصل بالمرحوم دولة النقراشي باشا، وأظنه اتصل بسعادة النائب العام، فأفرج عن الشيخ محمد حمد رمضان، وقد كان يحضر التحقيق معنا حضرة الأستاذ طاهر الخشاب بك المحامي، وحفظت القضية وسلم السلاح للهيئة العربية.

س: وما مقدار هذه الصفقة من الأسلحة وما هو ثمنها؟

ج: علمت أن هذا السلاح حوالي 40 من البنادق ومسدسات لا أعلم عددها ونظارة للجيوش ومدفع.

س: في أي تاريخ حصلت هذه الواقعة التي ذكرتها؟

ج: حصلت على ما أتذكر في شهر يناير سنة 1948.

س: وما مقدار ثمن هذا السلاح؟

ج: أنا دفعت للشيخ محمد حمد رمضان حوالي مبلغ 300 جنيه.

س: هل تعرف قيمة الثمن المتفق عليه؟

ج: كان مقدرًا في ذلك الوقت بمبلغ ثلاثة أو أربعة آلاف جنيه، إنما أنا دفعت مبلغ 300 جنيه ولا أعرف كيف دفع الباقي.

س: وفي أي وقت وجهت إليك الدعوة للاجتماع بالإخوان؟

ج: على ما أذكر سنة 1947 ولا أتذكر الشهر.

س: ومن أتم جمع الأسلحة؟

ج: أحضرت السلاح قافلة وصلت قبيل وصول الضابط بحوالي أربعة أيام تقريبًا.

س وفي أي وقت حصل اتصالك بالمرشد العام؟

ج: في أوائل يناير.

س وهل أنت من جماعة الإخوان المسلمين؟

ج: نعم ولا أزال.

س وهل هناك حوادث أخرى خاصة بجمع الأسلحة؟

ج: لما أفرجت عن الأسلحة بالطبع هذا شجعني وقصدت بني مزار وتجولت في بعض القرى المجاورة، واتصلت بجماعة من الأعراب وجمعت سلاحًا بالثمن، وأثناء الجمع حضر الأستاذ فوزي عبد اللطيف وكان معاون بوليس بني مزار، وسألني ماذا تصنع؟ قلت له: أجمع سلاحًا لفلسطين، فأخذني ومعي الأسلحة في لوري وذهبنا إلى المركز وشرحت المسألة لحضرة المأمور، وهذه الحادثة حدثت حوالي شهر مارس سنة 1948 أو شهر أبريل سنة 1948، وقلت له إن السلاح لفلسطين. وقال هو: «أنا سأصادره» فاتصلت بالشيخ حسن البنا وأبلغته بالواقعة، وقال لي سأرسل أحمد حسنين أفندي (المتهم الخامس في هذه القضية وعضو المجموعة القيادية للنظام الخاص) لاستلام الأسلحة ودفع النقود، وفي الوقت نفسه كنت أنا كلفت بعض العرب من بني مزار، بجمع أسلحة، وفي هذه الأثناء حضر لي الذي كنت قد كلفته وقال لي إن الأسلحة ضبطت في نقطة الحدود عند «صندفا الفار» فذهبت لمقابلة ضابط النقطة، فلم أجده وأخيرًا حضر في اليوم التالي أحمد حسنين وهو الشخص الذي وعد المرشد العام بإرساله وقابل حضرة المأمور وأخذ كشفًا بالمضبوطات، وقال للمأمور: «صدرها لنا إلى القاهرة ونحن نستلمها من هناك» وفعلا صدرت واستلمها في القاهرة وأعطى ثمن هذه الأسلحة إلى الأعراب الذين أحضروها، وهذه الحوادث هي التي ضبط فيها السلاح فقط، أما أنا فقد واصلت جمع الأسلحة ولم تضبط معي بعد، لأن شخصيتي أصبحت معروفة.


شهادة إبراهيم عبد الهادي باشا

إبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر أمام محكمة الثورة

استدعت المحكمة إبراهيم عبد الهادى للشهادة حول استدعائه للمتهمين وشهادته حول معرفته بالتعذيب الواقع على المتهمين ،وجاءت أسئلة المحكمة كما يلى :

س: قيل إن المتهم عبد الرحمن عثمان خرج من سجن الأجانب يوم 14 يوليو سنة 1949، قابل دولتكم بالقطار الذاهب إلى الإسكندرية في اليوم المذكور، فما هو قولك ؟.

ج: أذكر أنه قبل سفري إلى الإسكندرية بيوم، وكان هذا في شهر يوليو 1949، وأنا كنت أستفهم دائما عن مجريات التحقيق في القضية، وفهمت أن واحدًا من المتهمين له اعتراف جديد فطلبني الحكمدار طلعت بك وقال لي: إن هذا المتهم يشهد ضمن شهادته على واحد يبقى ابن خالة المتهم نفسه، وابن خالة المتهم ده يبقى ابن محمود باشا يوسف وكيل الخاصة الملكية، وأذكر أنه في هذا الوقت كان طالبًا في المدرسة الحربية أو البوليس، فأنا

قلت له: أنا أحب أن يجيبني في اليوم التالي أي الشخص المعترف لكي أسمع منه أقواله بنفسي، فوعد بإحضاره ثاني يوم، وفي اليوم التالي جد ما استوجب سفري إلى الإسكندرية في الظهر، ولا أتذكر اليوم بالضبط، فنزلت من الديوان وذهبت إلى المحطة وجاءني الحكمدار وقال لي: أنت طلبت المتهم المعترف وأنا أحضرته وهو معي في المحطة تحب تشوفه، قلت: مافيش مانع هاته معي في القطار، ويرجع من هنا، وأحضره طلعت بك وسمعت منه الاعترافات، وعاد في اليوم نفسه ولا أعرف إن كان استمر في القطار أونزل في الإسكندرية أو نزل في محطة أخرى قبل ذلك، لأن كل ما استغرقته معه من الزمن لا يزيد على ربع ساعة.

س: وما كان الغرض من سماعك لأقواله؟

ج: الغرض هو أن أسمع بنفسي لأتأكد بنفسي فقد يكون لي رأي في توجيه البحث، وذلك لأنه كان يشهد على واحد قريبه، وكان في أقواله ما يستدعي سماعها- وأذكر أن مما قاله هذا المتهم ضد قريبه، أن قريبه كان يمول الجماعة بالمال وأنه باع شيئًا من الأرض في هذا السبيل أو شيئا من هذا القبيل.

س:يقرر عبد الرحمن عثمان أنه في يوم 10 يوليو سنة 1949 أثناء رياستكم للوزارة استحضر إلى محافظة مصر وعذبه الضابطان محمود طلعت، ومحمد الجزار بوضع ساقيه في فلكة وبضربه بالسوط، وقد أثبت تقرير الطبيب الشرعي أن الإصابات الثابتة يمكن أن تنتج من مثل هذا التعذيب فما قولك؟

ج: لم أسمع بهذا.

س: يقرر عبد الرحمن عثمان أنه في يوم 11 يوليو سنة 1949 أثناء توليك رياسة الوزارة ومنصب الحاكم العسكري العام استدعى إلى محافظة مصر وقام اللواء أحمد طلعت بتعذيبه مع الضابط فاروق كامل، فهل وصل ذلك إلى علمكم؟

لا.

س: هل كان الباشا يعلم أن النيابة أذنت بخروج عبد الرحمن عثمان لمصاحبته بالقطار وهذا المتهم تحت التحقيق والنيابة هي الأمينة عليه؟

ج: كل الذي أعرفه أني قلت لطلعت بك ممكن أشوف المتهم، أما إذا كان هو قد أستأذن النيابة فهذا ما لا أعرفه وليس لي به علم.

س: هل كان الباشا يحضر إلى محافظة مصر أثناء تحقيق هذه القضية وإن كان لا يحضر التحقيق؟

ج: هذه القضية لم أدخل المحافظة بشأنها أصلا.

تاسعاً: المحكمة تنصف الإخوان وتمجد دعوتهم

في 13 أبريل 1951 نشرت الصحف حيثيات الحكم في قضية السيارة الجيب علي الصورة الآتية: "المحكمة تعلن" وهي مطمئنة "أن تعذيبًا وقع علي المتهمين". "كان التحقيق فوضى، تارة تتولاة النيابة وأخري يتولاه عبد الهادي باشا". "المحكمة تشيد بمبادئ الإخوان المسلمين، ولكن المتهمين انحرفوا عنها بدوافع وطنية كأبناء بلد محتل مغلوب علي أمره " وتحت تأثير كارثة فلسطين".

وقع أمس سعادة أحمد كامل بك رئيس دائرة الجنايات المكونة من سعادته وعضوية محمود عبد اللطيف بك ومحمد وكي شرف بك حيثيات حكمها في قضية السيارة الجيب، التي كان متهما فيها 32 شخصا من الإخوان بالاتفاق الجنائي العام علي قلب نظام الحكم وإحراز الأسلحة، وقضي ببراءة 14 متهما ويحبس الباقين مددا تتراوح بين ثلاث سنوات وسنة واحدة. وقد بدئ بأسماء المتهمين والتهم والمنسوبة إليهم وبيان الأوراق والأسلحة التي ضبطت ثم جلسات المحاكمة – ثم أشار إلي اعترافات عبد المجيد حسن قاتل النقراشي – ثم عرض إلي اعترافات عبد الرحمن عثمان. وتناول الحكم بعد ذلك الكلام عن جماعة الإخوان المسلمين مشيرا إلي نشأتها ومسارعة فريق كبير من الشباب للالتحاق بها، والسير علي المبادئ التي رسمها منشئها، والتي ترمي إلي تطهير النفوس مما علق أو يعلق بها من شوائب، وإنشاء جيل جديد من إخوان مثقفين ثقافة رياضية عادية، مشربة قلوبهم بحب وطنهم، والتضحية في سبيله بالنفس والمال. ومضت تقول : وقد كان لابد لمؤسسي هذه الجماعة لكي يصلوا إلي أغراضهم أن يعرضوا أمام هذا الشباب مثلا أعلي يحتذونه في الدين الإسلامي وقواعدهم التي تصلح لكل زمان ومكان، فأثاروا بهذا المثل العواطف التي كانت قد خبث في النفوس، وقضوا علي الضعف والاستكانة والتردد.

وهذه الأمور تلازم عادة أفراد شعب محتل مغلوب علي أمره، فقام هذا النفر من الشباب يدعو إلي التمسك بقواعد الدين والسير علي تعاليمه. وإحياء أصوله، سواء أكان ذلك متصلا بالعبادات والروحانيات أو بأحكام الدنيا. ولما وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هي جيش الاحتلال، الذي ظل بين المحتل وبين فريق من الوطنيين الذين ولوا أمر هذا البلد مباحثات ومفاوضات علي إقرار الأمور ليخلص الوادي لأهله، ولم تنته هذه المفاوضات والمحاولات الكلامية إلي نتيجة طيبة. ثم جاءت مشكلة فلسطين وما صحبها من ظروف وملابسات. ولما كان كل هذا.. اختل ميزان في بعض أفراد شباب جماعة الإخوان فبدلا من أن يسيروا علي القواعد التي رسمها زعماؤهم، والتي كانت قديرة حتما علي تربية فريق كبير من أفراد الشعب وتثقيفهم وإعلاء روحهم المعنوية.. بدا لهم تحقيق أهدافهم من سبيل قصير. فاتحدت إرادتهم علي القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها مما قد لا يضر المحتلين بقدر ما يؤدي بمواطنيهم، وذهبوا في سبيل ذلك مذهبا شائكا، منحرفين عن الطريق الذي رسمه لهم رؤساؤهم والذي كان أساسًا قويا لبلوغهم أهدافهم. وحيث إنه يتبين من كل هذا أن هذه الفئة الإرهابية لم يحترفوا الجريمة وإنما انحرفوا عن الطريق السوي فحق علي هذه المحكمة أن تلقنهم درسا.

درس رءوف : علي أن المحكمة تراعي في هذا الدرس جانب الرفق، فتأخذهم بالرأفة تطبيقا للمادة 17 من قانون العقوبات؛ لأنهم كانوا من ذوي الأغراض السامية التي ترمي أول ما ترمي إلي تحقيق الأهداف الوطنية لهذا الشعب المغلوب علي أمره.

وقد تركز الحكم حول النقاط الآتية :

1- رفض تهمة الاتفاق الجنائى لقلب نظام الحكم

وحيث إن الاتهام في صدد التدليل على قيام الاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم بالقوة استند إلى الورقة المضبوطة " بحافظة مشهور " وعنوانها " قوام الحركة " كما استند إلى ما ورد في كراسة الإسماعيلية مما سبق تفصيله عند إثبات مضمون الأوراق وهذا التدليل لا ترى المحكمة له أساسا لأن هذا الأوراق لم يعرف كاتبها ولم يقم أي دليل على حصول اتفاق جنائي بشأن تنفيذ ما دون فيها .

على أن بعض عبارات الكراسة تكاد تكون قاطعة في الدلالة على إن الأمر لم يعد حد الوصف وإبداء الرأي من جانب الكاتب فقد ورد فيها ما نصه : " نذكر هذا اقتراحا يطلبه الواقع الذي نشاهده – إنه من الحكمة ترك تقدير النجاح لظرفه كما نطلب إذا لزم عمل أو القيام بأمر أن تشيروا إليه

بمقتضى ما لديكم من خرائط ونحن نقدر الأهداف وظرفها المناسب ولكم شكرنا الجزيل والطاعة والتنفيذ " فكأنه لم يتم اتفاق نهائي جدي بشأن ما ورد في هذه الكراسة .

وحيث إنه يخلص مما تقدم أنه لا التنظيم العسكري ولا ما ورد في الأوراق المجهول كاتبها يدل على قيام اتفاق جنائي على قلب نظام الحكم فلم يبق بعد ذلك سوى ما استخلصه الاتهام من مقال حرره المتهم الأخير سليمان مصطفى عيسى وضبط بالمركز العام للإخوان المسلمين عقب حدوث أمر الحل .

وحيث إنه مما تقدم يتبين أن ما ذهب إليه الاتهام من أن هذا المقال هو مشروع لنظام الحكم في مصر بعد حدوث الانقلاب – هذا الذي ذهب إليه الاتهام فيه تحميل لألفاظ المقال أمورا لا تحتملها وفيه استنتاج لا أساس له على الإطلاق .


2- تبرئه النظام الخاص للإخوان

فالنظام الخاص يرمي إلى إعداد فريق كبير من الشباب إعدادا عسكريا تطبيقا لما دعا إليه مؤسس هذه الجماعة في رسائله المتعددة من أن الأمر أصبح جدا لا هزلا وأن الخطب والأقوال ما عادت تجدي وأنه لا بد من الجمع بين الإيمان العميق والتكوين الدقيق والعمل المتواصل وأن حركة الإخوان تمر بثلاث مراحل الأولى مرحلة التعريف بنشر الفكرة والمرحلة الثانية مرحل التكوين لاستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد ونظام الدعوة في هذا الطور مدني من الناحية الروحية وعسكري من الناحية العملية وشعار هاتين الناحيتين دائما أمر وطاعة من غير بحث ولا مراجعة . . والمرحلة الثالثة مرحلة التنفيذ . وهذا الأعداد أنما قصد به تحقيق ما ورد صريحا في قانون الجماعة من أن من بين أهدافها تحرير وادي النيل والبلاد الإسلامية وهذا النظام الخاص بحكم هذا التكوين لا يدعو إلى الجريمة ولا يعنيه أن فريقا من أفراده كونوا من أنفسهم جماعة اتفقوا على أعمال القتل والنسف والتدمير .


3- التدريب على السلاح من أجل الاحتلال الإنجليزى واليهود فى فلسطين

وحيث إن هذا النظر تأيد من وجود كتب عسكرية مما يدرس للجيش تشمل فضلا عن شرح أنواع الأسلحة التدريب على استعمالها واقتناص الدبابات وتدميرها ووضع الألغام ونزعها وكل هذه الأمور لا تتطلبها أعمال فئة إرهابية إنما تستلزمها مقاومة من يستعمل تلك الأسلحة .

وحيث إنه مما يدل على أن النية لدى أفراد هذا النظام الخاص كانت متجهة إلى مقاومة جيش الاحتلال بعض ما ضبط في السيارة من أوراق ومنها أوراق تحض على أعمال الفدائيين أشير فيها إلى أن الصداقة البريطانية المصرية مهزلة وأن الإنجليز يظنون شعوب الشرق مسالمة ساذجة . ثم تحدث كاتب هذه الأوراق عن التدريب على استعمال زجاجة مولوتوف وعرقلة المواصلات وتعطيل وسائل النقل الميكانيكية والقوات المدرعة . وانتهى إلى القول في صراحة أنهم إنما يقاومون العدو الغاضب كما جاء في أوراق أخرى ما يدل على هذا الاتجاه طبقا لما أثبتته المحكمة " مفصلا عند استعراض الأوراق المضبوطة " .

وحيث إن أثر هذا التدريب الروحي العسكري قد ظهر عندما قامت مشكلة فلسطين وأرسلت الجماعة الكثير من متطوعيها للقتال إذ شهد أمام المحكمة كل من اللواء أحمد بك المواوي القائد الأول لحملة فلسطين واللواء أحمد فؤاد صادق باشا الذي خلفه بما قام به هؤلاء المتطوعون من أعمال دلت على بسالتهم وحسن مرانهم وسمو روحهم المعنوية وإلمامهم بفنون حرب العصابات .


4- تبرئة الإخوان من تهمة القيام بأعمال إرهابية

وحيث إن التهمة الأولى الموجهة إلى المتهمين هي أنهم اشتركوا فيما بينهم ومع آخرين لم يعلموا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جرائم قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة وإتلاف سيارات وأسلحة الجيش المصري المعدة للدفاع عن البلاد وتخريب المنشآت الحكومية وأقسام ومراكز البوليس ومحطات الإضاءة والمياة وغيرها وتعطيل وسائل النقل العامة بنسف قطارات السكك الحديدية وجسورها وخطوطها ونسف الطرق والكباري العامة وسيارات الأتوبيس وتعطيل القوة الكهربائية المولدة لحركة خطوط ترام القاهرة – وإتلاف الخطوط التلغرافية والتليفونية الحكومية عمدا في زمن الفتنة . وقتل خيول البوليس عمدا بدون مقتض بطريق التسمم وجرائم أخرى بقصد الاستيلاء على الحكم بالقوة .

وحيث إنه سبق المحكمة أن عرضت لجريمة قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة وانتهت إلى القول بأنها لا أساس لها .


5- المحكمة تثبت التعذيب وتدين إطلاق يد البوليس فى معاملة المتهمين

وحيث إنه من هذا ترى المحكمة أن مصطفى كمال عبد المجيد كان محلا للاعتداء في دار قسم مصر القديمة وبعد القبض عليه وأن العبارات التي قال رئيس مجلس الوزراء الأسبق أنه فاه بها إنما تدل على أن الاعتداء كان شديدا وتستطيع المحكمة بعد هذا أن تقول وهي مطمئنة إلى ما تقول أن الآثار التي شوهدت بجسم مصطفى كمال عبد المجيد بعد ما يزيد على خمسة أشهر من يوم ضبطه يمكن إرجاعها أو بعضها على الأقل إلى ما كان يقارفه من تولوا ضبطه والمحافظة عليه من رجال البوليس .

وحيث إنه مهما يكن سلطان الحاكم العسكري في هذا الشأن فإن حريات الأفراد يجب أن يكون لها حدود تقيها من العبث أيا كان مصدره وألا يترك أمر استجواب المتهمين – المقبوض عليهم – فوضى يتولاه تارة المحقق وطورا الحاكم العسكري صاحب السلطان الأكبر وذلك في غيبة المحقق وعلى غير علم منه ودون إخطاره بما تم بشأن الاستجواب .

وحيث إنه هذه المحكمة ترى أن إطلاق يد رجال البوليس في معاملتهم للمتهمين يلقونهم متى شاءوا ويخرجونهم من السجن متى أرادوا ويعيدونهم ثانية طبقا لأهوائهم دون بيان أسباب ودون رقابة من رجل النيابة المحقق – هذه السلطة المطلقة لا تتفق وما كلفه القانون للمتهم من حرية الدفاع عن نفسه والإدلاء بأقواله في جو بعيد عن شتى المؤثرات .


6- المحكمة تمجد دعوة الإخوان

وحيث إنه سبق للمحكمة أن استظهرت كيفية نشأة جماعة الإخوان المسلمين ومسارعة فريق كبير من الشباب إلى الالتحاق بها والسير على المبادئ التي رسمها منشئوها والتي ترمي إلى تطهير النفوس مما علق أو عساه أن يعلق بها من شوائب وإنشاء جيل جديد من أفراد مثقفين ثقافة رياضية عالية مشربة – قلوبهم بحب وطنهم والتضحية في سبيله بالنفس والمال – وقد كان لا بد لمؤسسي هذه الجماعة لكي يصلوا إلى أغراضهم أن يعرضوا أمام الشباب مثلا أعلى يحتذونه وقد وجدوا هذا المثل في الدين الإسلامي وقواعده التي رسمها القرآن الكريم والتي تصلح لكل زمان ومكان فأثاروا بهذا المثل العواطف التي كانت قد خبت في النفوس وقضوا عل الضعف والاستكانة والتردد وهي الأمور التي تلازم عادة أفراد شعب محتل مغلوب على أمره – وقام هذا النفر من الشباب يدعوا إلى التمسك بقواعد الدين والسير على تعاليمه وإحياء أصوله سواء أكان ذلك متصلا بالعبادات والروحانيات أو بأحكام الدنيا – ولما أن وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هو جيش الاحتلال الذي ظل في هذا البلد قرابة سبعين عاما تخللتها طائفة من الوعود بالجلاء – كما كان بين المحتل وبين فريق من الوطنيين الذين ولوا أمر هذا البلد

مباحثات ومفاوضات على إقرار الأمور ليخلص الوادي لأهله , ولم تنته المفاوضات والمجادلات الكلامية إلى نتيجة طيبة – ثم جاءت مشكلة فلسطين وما صحبها من ظروف وملابسات .


7ـ الأحداث التى نسبت للإخوان فردية لا تمثل منهج الجماعة

وحيث إن بعض أفراد النظام الخاص قد غرهم مما تلقوه من تدريبات عسكرية ومران على السلاح فاخطئوا التفكير وكونوا من أنفسهم هيئة إرهابية ظنا منهم أن أعمال الإرهاب توصلهم إلى أغراضهم من أقرب السبل ، فكان من أثر هذا ما تم من اتفاقات جنائية " ثبتت عليها التقارير المحررة بخطوط بعض المتهمين مما سيأتي تفصيله فيما بعد .

لما كان كل هذا , اختل ميزان بعض أفراد شباب جماعة الإخوان . . . فبدلا من أن يسيروا على القواعد التي رسمها زعماؤهم عند إنشاء الجماعة والتي كانت تؤدي حتما إلى تربية فريق كبير من الشعب وتثقيفهم وإعلاء روحهم المعنوية . . . . . . بدلا من السير على هدى هذه المبادئ أرادوا أن يختصروا الطريق ظنا منهم أن أعمال النسف تبلغ بهم أهدافهم من سبيل قصير فاتحدت إرادتهم على القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها مما قد لا يضر المختلسين بقدر ما يؤذي مواطنيهم . . . . . وذهبوا في سبيل هذا مذهبا شائكا منحرفين عن الطريق السوي الذي رسمه لهم رؤسائهم والذي كان أساسا قويما لبلوغهم أهدافهم بالطرق المشروعة . .

وحيث إنه من هذا يبين للمحكمة أن أفراد هذه الفئة الإرهابية لم يقترفوا الجريمة وإنما انحرفوا عن الطريق السوي فحق على هذه المحكمة أن تلقنهم درسا حتى تستقيم أمورهم ويعتدل ميزانهم .


8- تبرئة الإخوان من استعمال محطات سرية للإذاعة واللاسلكي

وحيث إن الاتفاق الجنائي على إقامة واستعمال محطات سرية للإذاعة واللاسلكي بدون إخطار وبغير ترخيص – فإن هذه الجريمة محل الاتفاق – بعد إلغاء الأمر العسكري رقم 8 الخاص بها قد أصبحت مخالفة تطبيقا لأحكام المرسوم الصادر في 8 مايو سنة 1926 ويكون الاتفاق الجنائي هو على ارتكاب مخالفة وهو الأمر الذي لا يشمله نص المادة 48 عقوبات .

وحيث إن التهمة الرابعة التي أسندت إلى المتهمين قد أصبحت مخالفة كما سبق البيان فإنه يتعين على المحكمة أن تقضي ببراءتهم منها تطبيقا لنص المادة 206 من قانون تحقيق الجنايات .


9- إدانة بعض أفراد الجماعة بتهمة الاتفاق الجنائى

وتحدثت المحكمة طويلا عن الكيفية التي كان يجري بها إيداع النقود وصرفها باعتبار هذه الناحية أوثق الأدلة وأشدها إبانة عن نشاط المتهمين ونصيب كل واحد منهم في هذا النشاط وقارنت الأرقام التي وجدت في المستندات والإيصالات بعضها ببعض مقارنة دقيقة مع إيضاح مصادرها ومصارفها وانتهت إلى إدانة ستة من المتهمين الثمانية الأول التي ذكروا في هذه العمليات المالية وبراءة اثنين هما المتهم السادس ( محمد أفندي فرغلي النخيلي ) والمتهم الثامن ( محمد أفندي حسني عبد الباقي ) .

حيث إنه يخلص مما تقدم جميعه أن الأوراق المضبوطة في السيارة والحافظة ومنزل علي محمد حسنين وعزبة محمد محمد فرغلي مضافا إليها الكشف الذي وجد مع السيد فايز عبد المطلب بتاريخ 19 يناير سنة 1948 , كل هذه الأوراق تجمع بينها روابط سبق للمحكمة أن كشفت عنها وأوضحتها في مواضعها كما سبق أن أثبتت المحكمة بجلاء أن التقارير التي حررها بعض المتهمين عن وصف بعض المحال العامة وكيفية وضع المواد المتفجرة والناسفة فيها وسرقة بعضها إنما حررت تنفيذا لاتفاق جنائي سابق تم بين محرر كل تقرير أو آخرين وكان موضوعه الجرائم المشار إليها . .

على أن المحكمة تلاحظ أن كلا من المتهمين عبد الرحمن عثمان عبد الرحمن ومحمد أحمد على وصلاح عبد المتعال قد حرروا تقارير عن محال عمر أفندي وبوندي ونيفولا مارتوس كما سبق البيان وبالرجوع إلى الكشف السابق ضبطه مع السيد فايز عبد المطلب تبين أن أسماء المتهمين الثلاثة قد سجلت بالكشف مع ثلاثة آخرين في سطر واحد مما يدل على انتمائهم لمجموعة واحدة – ولذا فإن المحكمة ترى أنهم اشتركوا معا ومع آخرين في اتفاق جنائي واحد على نسف تلك المحال وسرقة بعضها كما سبق البيان .

كما أنه سلف للمحكمة أن استخلصت من ضبط التقارير الخاصة بارتكاب الجرائم في حافظة المتهم الثاني مصطفى مشهور أن المتهمين كانوا بعد تمام اتفاقهم الجنائي و التقارير عن موضوعه يسلمونها لرؤسائهم المتداخلين في إدارة حركته وهؤلاء يأمرون بإيداعها عند المتهم الثاني ريثما يحين الوقت الملائم للتنفيذ .

وقد دلت المحكمة فيما سبق على أن التقارير لم تكن مجر اقتراحات ولم يكن المقصود منها التدريب وإنما كانت خطوة في سبيل التنفيذ من واقع عبارات التقارير نفسها ومن الحقيقة المستفادة من أن تقارير وجدت بالحافظة عن محال معينة ارتكبت فيها حوادث فعلا . . .


10ـ المحكمة تراعى الرأفة بالمحكوم عليهم لأنهم من الأغراض السامية

على أن المحكمة تراعي في هذا الدرس جانب الرفق فتأخذهم بالرأفة تطبيقا للمادة 17 عقوبات نظرا لأنهم كانوا من ذوي الأغراض السامية التي ترمي أول ما ترمي إلى تحقيق الأهداف الوطنية لهذا الشعب المغلوب على أمره .

عاشراً: نص الحكم فى قضية السيارة الجيب

وبعد الاطلاع على المواد المشار إليها في هذا الحكم:

حكمت المحكمة حضوريا :

أولا: بمعاقبة كل من مصطفى مشهور مشهور ومحمود السيد خليل الصباغ وأحمد محمد حسنين وأحمد قدري البهي الحارتي والسيد فايز عبد المطلب بالسجن لمدة ثلاث سنين .

ثانيا: بمعاقبة كل من عبد الرحمن علي فراج السندي وأحمد زكي حسن وأحمد عادل كمال وطاهر عماد الدين ومحمود حلمي فرغلي ومحمد أحمد علي وعبد الرحمن عثمان عبد الرحمن وصلاح الدين يس ومحمد سعد الدين السنانيري وعلي محمد حسنين الحريري بالحبس مع الشغل لمدة سنتين . .

ثالثا : بمعاقبة محمد إبراهيم سويلم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة .

رابعا : مصادرة السيارة المضبوطة وجميع الأسلحة والذخائر والمفرقعات والآلات المفرقعة المضبوطة .

خامسا : ببراءة المتهمين جميعا من التهمة الرابعة الخاصة بحيازة أجهزة وأدوات لمحطة إذاعة لا سلكية بدون إخطار . .

سادسا : ببراءة كل من محمد فرغلي النخيلي ومحمد حسني أحمد عبد الباقي وأحمد متولي حجازي وإبراهيم محمود علي والدكتور أحمد محمد الملط وجمال الدين فوزي والسيد إسماعيل شلبي وأسعد السيد أحمد ومحمد بكر سليمان ومحمد الطاهري حجازي وعبد العزيز محمد البقلي وكمال سيد سيد القزاز ومحمد محمد فرغلي وسليمان مصطفى عيسى مما أسند إليهم . .

صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت 17 مارس سنة 1951 الموافق 9 جمادي الثانية 1370 .

حادي عشر: تعقيب على الحكم

1- انضمام المستشار أحمد كامل رئيس المحكمة للإخوان المسلمين

كانت هذه القضية فرصة طيبة تعرف فيها على دعوة الإخوان على لسان الدفاع والخصوم . وكانت كلمة منه كفيلة بالقضاء علي المستقبل السياسي للجماعة ، وإغلاق فروعها وشعبها في كل قرية ومدينة وفي سوريا ولبنان وباكستان وفي كل قطر إسلامي وقف عنده أو امتدت إليه الدعوة الجديدة .

كلمة واحدة فقط كان يمكن أن تغير مصير الدعوة ، وكان يمكن أن تؤدي إلي تشريد كل من يدين بمبدأ الإخوان .. وأبقي الرجل علي الجماعة حتى قدر له أن يصبح واحدا منها ، يساهم بجهده من أجلها ، بعد أن ظل مصيرها كله معلقا به .

وما أن أحيل إلى المعاش في 15/6/1952 حتى توجه إلى جماعة الإخوان بالإسكندرية التي يعيش فيها ، وقابل المسئولين هناك قائلا : " لقد كنت أحاكم الإخوان واليوم أريد أن انضم إليهم فقد كانت قضية السيارة الجيب فرصة درست فيها الدعوة وعرفت حقيقتها السامية ولا أظن أن هناك ميدانا آخر أختم فيه حياتي خيرا من خدمة الإسلام وإحياء تعاليم الله التي تحمل للأمم المنقسمة على نفسها والتي لا تنتهي من حرب إلا لتبدأ حربا أخرى ، تعاليم السماء وقوارير الشفاء ".

فرحب به الإخوان هناك وأحلوه محله اللائق ، ولمسوا منه حرص القاضي الدقيق على حضور الاجتماعات وأداء الواجبات .

وأصبح رئيسا للشعبة القانونية للإخوان بالإسكندرية ، وهي الشعبة التي تولت إصدار مشروع دستور إسلامي للدولة المصرية .

كما أنه تطوع للدفاع في قضية اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله .

وفي تحقيق صحفي نشرته صحيفة أخبار اليوم في 12 يوليو 1952 مع المستشار أحمد كامل بك رئيس المحكمة التي أصدرت حكمها في قضية السيارة الجيب. تحت عنوان: "المستشار الذي حاكم الإخوان المسلمين أصبح واحدا منهم" جاء فيه: أنه بعد أن انضم إلي الجماعة سعادة أحمد كامل بك الرئيس السابق لمحكمة جنايات مصر، الذي أصدر حكمة في قضية سيارة الجيب. قد اختير سعادته رئيس للجنة الاستشارية للإخوان في العاصمة الثانية الإسكندرية وسيشرف سعادته علي تنفيذ هذه المشروعات التي وضعت لصالح الجماعة وهي :

1 – الضمان الاجتماعي.

2 – التأمين الصحي والعلاجي.

3 – تنظيم جباية الزكاة وإنفاقها في وجوهها الشرعية.

فبعد أربعة شهور متتالية، درس فيها المستشار أحمد كامل بك برامج الجماعة، وتعمق في تحليل حقيقة أهدافها ومراميها، وتلتقط أسماعه أقوالا متناثرة في ساحة القضاء، ليصدر بعد ذلك حكمه بأن الإخوان المسلمين جمعية إسلامية تهدف إلي إقامة مجتمع إسلامي مثالي يحكمه الدين.

وقال " كنت مطالبا بأن أكون عقيدة لنفسي قبل أن أكون عقيدة لغيري، وكان يجب أن أعيش في القضية مكان المتهمين ومكان أعضاء الجماعة ومكان قائد الدعوة، لأومن بما يؤمنون به، أو لأكفر بما يعتقدون أنه الحق.. وبين الإيمان والكفر كانت تنظر قضية سيارة الجيب، لتحدد وإلي الأبد.. مصير الإخوان المسلمين.. ولتحدد بعد ذلك مصيري. فإني أعتقد أن هذه القضية هي وحدها التي هدتني إليهم، وهي التي دفعتني إلي أن أصبح عضوا عاملا في الجماعة، أسير معهم، وأدافع عنهم عندما يحين لقضية " الأوكار " أن تعرض أمام القضاء." ، وقد استقال أحمد كامل بك من القضاء وعمل محاميا بالإسكندرية كما أنه ترافع ضد الحكومة في قضية مقتل حسن البنا.

كما صرح المستشار محمود عبد اللطيف بك عضو اليمين في هذه المحكمة فور الانتهاء من نظر قضية السيارة الجيب حيث قال: " كنت أحاكمهم فأصبحت واحدًا منهم ".

2- تساؤلات حول الحكم

وقد يتردد على الذهن سؤال :كيف يمجد الإخوان الحكم فى قضية السيارة الجيب بالرغم من أنها حكمت على بعض المتهمين بعقوبات ،ويجيب عن هذا السؤال محمود عبد الحليم بقوله :وهذه ملاحظة جديرة بأن نعلق عليها بصدد ما نحن فيه ،ذلك بأن القضاة مهما تفاعلوا مع مجتمعهم ،ومهما أيقنوا من شرف الغاية ،فإنهم مقيدون أولا وأخيرا بالأسس التى يقوم عليها القانون ....ولقد كان المطلوب هو الحكم بإعدام المتهمين أو الحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ،فإذا بالحكم يبرىء أربعة عشر منهم ويحكم على الباقين بأحكام أقصاها ثلاث سنوات ، وما كان فى محكمة مهما كانت مقيدة بنظام الدولة إلا أن تحكم بإدانة ، فكانت الإدانة فى أخف صورها مشفوعة بما يشبه التماس العذر لمن أدين مع الإشادة بنبل غاية الإخوان المسلمين وسمو مقاصدهم ورائع جهادهم ، والإقرار بسلامة أسلوبهم فى تربية الشباب تربية رياضية روحية عسكرية .وليس أدل على ذلك من أن رئيس هيئة المحكمة بعد أن فرغ من القضية انضم تحت لوائهم ،وكان أحد هيئة الدفاع فى قضية اغتيال الشهيد حسن البنا .

وقد أصبح الحكم فى قضية السيارة الجيب مرجعا فى الحكم على الإخوان فى كل عصر،وفى مختلف قضايا الإخوان أمام القضاء ، ففى القضية التى رفعها الإخوان بإلغاء الأمر العسكرى بحل الإخوان المسلمين وبطلانه والذى نشرت حيثيات الحكم فى 4/7/1952استندت المحكمة فى بطلان الحل بقرار المحكمة فى قضية السيارة الجيب ورفض دفوع الحكومة ،ونفت المحكمة ما اسند إلى الإخوان فى قرار الحل واستندت إلى حكم المحكمة فى قضية السيارة الجيب .

هذا الحكم له أهميته بالنسبة للإخوان فى كل عصر ، فهو بمثابة الحكم على شرعية الجماعة ومدى موافقتها للقانون ، ويرد على كل من يتهم الإخوان بالتهم السابقة التى تم تبرئتهم منها .لكن هذا الحكم لم يرق بعض المغرضين ،فيقول على عشماوى : تعتبر الاغتيالات السياسية فى فترة الثلاثينات والأربعينيات مجداً وفخراً لمرتكبيها، حتى إن بعض القضاة قد مجدوا مسار الإخوان وعمليات الاغتيال التى قاموا بها، حتى إن الرافعى ـ المؤرخ المصري ـ قد أعرب عن أسفه لأن قاعات المحاكم التى شهدت تلك القضايا وحضرها محامون من مختلف الانتماءات السياسية قد تحولت إلى "منابر لتمجيد القتل والجريمة" وقد كانت كل عملية من عمليات الاغتيال فى هذا الوقت تحتاج إلى فتوى من أحد مشايخ الفتاوى.

ولعل الكلام السابق يحتوى على مغالطة ، فإنه لا يعقل أن تمجد الجريمة بحال من الأحوال ، لكن ما ذكره على عشماوى ونقله عن الرافعى فى موضعه ،وفيه تحامل واضح ،ولا يسند إلى دليل غير إصدار الاتهامات الباطلة .ولو تتبعنا كل ما يقال بالرد والحجة لطال بنا الأمر ،لأسرفنا فى غير الموضع الصحيح .


تابع أيضاً

للمزيد عن قضية السيارة الجيب

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

روابط خارجية

أقرأ-أيضًا.png

المتهمون في قضية السيارة الجيب

للمزيد عن النظام الخاص

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات فيديو