حادث المنشية ج1
البداية
مشارك أول: وسمعنا أول ضابط منهم قال لزميله، هانقول له إيه؟ كان الشهيد في اللحظة دي بيصلي الفجر في غرفة النوم، كانت مقابلنا تماما وإحنا فاتحين الباب مواربينه بنسمع وشايفين الشهيد بيصلي وهم واقفين في طرقة الدور الثالث أمام غرفة النوم، قال له هانقول له إيه؟ قال له هانقول له هانفتش المكتب، يقصد مكتب المحاماة أو اللي هو كان في ميدان الأوبرا ولكن الشهيد كان متوقع هذا وكان مُعد الحقيبة بتاعته من الليل ووالدتي محضَّرة له حاجته فيها، فقال له والله عايزين نفتش، قال له عارف، هأقدر أنا هآجي مع حضرتكم وأخذ الشنطة وخرج معهم وكان آخر خروج له.
عبد الناصر وطلقة الكرامة
مشارك ثان: وسمعت الاسم بينادوا على محمد فرغلي، الوالد يعني فنزلت لابس البدلة الحمراء مقيد بالحديد، أنا دخلت كنت في ركن كده ماسك في الحديد يعني ما بَص ليش هو قعد يعنِّف إبراهيم أخي أنت بتقلق أخواتك ليه وجايبهم وكان عايزنا نقعد في البيت مستقرين ما لناش دعوة بحاجة، بدأت ذقنه في الكم اليومين اللي قعدهم في سجن الاستئناف تظهر ثاني كده ووشه بدا عليه الراحة، بدا مرتاحا جدا.
مشارك أول: وكان يوم في شتاء ديسمبر من الأيام الممطرة وخرجنا جميعا ومعنا والدتي وطلعنا روحنا بعربيتين لمبنى مجلس قيادة الثورة وكانت الساعة في الوقت ده حوالي 12 مساءً عشان والدتي تقدم التماس لجمال عبد الناصر بإعادة النظر في حكم الإعدام وعاد لنا الطلب إمضاء جمال عبد الناصر مرفوض المقابلة والالتماس، جمال عبد الناصر.
الإسكندرية 26 أكتوبر 1954
جمال عبد الناصر: أريد أن أقول لكم، لقد بدأت كفاحي وأنا شاب صغير من هذا الميدان ففي سنة ثلاثين.. في سنة 1930 خرجت وأنا شاب صغير بين أبناء الإسكندرية أنادي بالحرية وأنادي بالكرامة لأول مرة في حياتي وكان هذا يا إخواني أول ما بدأت الكفاح من هذا الميدان وأنا إذاً أتواجد بينكم اليوم لا أستطيع أن أعبر عن سعادتي ولا أستطيع أن أعبر عن شكري لله حينما أتواجد في هذا الميدان وأحتفل معكم أنتم يا أبناء الإسكندرية، يا مَن كافحتم في الماضي ويا مَن كافح آباؤكم ويا مَن كافح أجدادكم ويا مَن استشهد إخوان لكم في الماضي ويا مَن استشهد آباؤكم أحتفل معكم اليوم بعيد الجلاء وبعيد الحرية، بعيد العزة وبعيد الكرامة.
حادث المنشية
مواطن: امسك اللي ضرب ده.
ميدان المنشية ،الإسكندرية (ربيع 2006)
مشارك ثالث: وإحنا واقفين في البلكونة وسمعنا ضرب النار وهو بيخطب، الرئيس ضرب النار جاء عليه كده اهو من ناحية الكنيسة..
مراسل الجزيرة: مش من الناحية الثانية؟
مشارك ثالث: لا من ناحية الكنيسة.
مراسل الجزيرة: فيه حد من الأمن أو الحراسة وكده كان جاء طلع قعد معكم في البلكونة؟
مشارك ثالث: لا في البلكونة لا، كانوا في الشارع كله الرئيس كان واقف في الاتحاد الاشتراكي أمامنا كده على طول طبعا الشعب كان زعلان إزاي واحد بيحييهم ويضربوه والله كل الناس كانت بتحبه، أمن البلد وأمن على العمال وأمن على البتاع.. وجزاؤه يبقى كده؟
جمال عبد الناصر: فليبقى كلٌ في مكانه، أيها الرجال فليبقى كلٌ في مكانه، أيها الإخوان فليبقى كلٌ في مكانه، دمي فداء لكم، حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم.. دمي فداء لكم، أيها الرجال أيها الأحباب.. أيها الرجال أيها الأحباب دمي فداء لكم، حياتي فداء لكم.
جريدة الأهرام (29 ديسمبر 1954)
محمد المهدي عاكف: لم يكن في ذهن الإخوان وأنا بأتحدى أنهم يقوموا بأي عمل ضد عبد الناصر أو قتل أو كذا لأن حسن الهضيبي كان رأيه واضح وأنا بره لا أتحمل دم مسلم.
محمد المهدي عاكف
الحكم: إعدام (خفف إلى مؤبد)
قضى السنوات من 1954 إلى 1974 بالسجن
علي عبد الفتاح نويتو: ده محمود هداف يصيب الهدف مليون في المائة، محمود لم يضرب لا ده محمود أُخذ من إمبابة لمَّا بقينا في السجن الحربي فضلت أتنقل من واحد لواحد لما بقيت إيه أكلمه ويكلمني قلت له إيه اللي حصل بقى؟ قال لي جابوا لي زوجتي، علقوها أمامي وهي حامل، ضغطوا عليه ضغط، واخد بالك نفسي عشان يقول أنا عملت.
على نويتو
الحكم (إعدام خُفف إلى مؤبد)
قضى السنوات من 1954 إلى 1974 بالسجن
محمد نجيب راغب: الساعة 8 بالدقيقة أنا كنت في الميدان بتاع الكيت كات فهو إحنا واقفين، أنا واحد من الأخوة بنتكلم لقينا عبد الناصر وهو بيخطب أُطلق عليه النار فطبعا يعني الواحد برضه أخذ.. يعني اتشد فطبع نزلنا لقينا دكانة محمود مش مفتوحة، مفدوغة وجمال عبد الناصر بيخطب فَرُحت بيت محمود عبد اللطيف.. بعد كده لقيت عدد كبير جدا من الضباط والبوليس برضه وروحت بيتنا والريس بيخطب..
محمد نجيب راغب
الحكم: براءة، قضى سنتين رهن الاعتقال ثم أُفرج عنه
أحمد عادل كمال: في الليلة دي حصل تكسير للدار، علوي حافظ عمل مظاهرة من معسكر الحرس الوطني، كان في الضرب الأحمر وجاؤوا.. راحوا وجاؤوا مرتين ثلاثة في ميدان الحلمية وفي المرة الثالثة هجموا على الدار ودخلوا شالوا الكراسي، كسَّروا اللُّمض وكسَّروا الإزاز بالشكل كده.
أحمد عادل كمال
الحكم: براءة، قضى بالسنوات سنتين رهن الاعتقال ثم أُفرج عنه
محمد فريد عبد الخالق: (كلمة فرنسية)
محمد فريد عبد الخالق
الحكم: عشر سنوات مع إيقاف التنفيذ، قضى سنتين رهن الاعتقال ثم أُفرج عنه
من ضمن الحاجات المحزنة وتقطَّع القلب، المسألة مسألة يعني مسرحية سيئة الإخراج حتى بعد.. يقول لك بعد أيام واحد من الشعب في إسكندرية وجد في نفس الموقع المسدس وأخذه طريقه مشيا على الأقدام لغاية لما راح لجمال عبد الناصر وسلِّم المسدس اللي استُعمل في الجريمة، كلام وده قالته الصحف التي كانت في قبضة جمال عبد الناصر
من خطاب جمال عبد الناصر في ميدان الجمهورية 29 أكتوبر 1954
جمال عبد الناصر: مين جمال عبد الناصر أما يقتلوه؟ في إيه بينهم وبين جمال عبد الناصر جمال عبد الناصر؟ ما هو كان موجود في البلد دي 36 سنة ما قتلهوش ليه؟ ما موتوهوش ليه؟ لكن النهاردة بيقتلوا جمال عبد الناصر عشان بينادي بمبادئكم وبينادي بأهدافكم وبينادي بعزتكم وبينادي بكرامتكم وبينادي بحريتكم.
اغتيال بلا محاكمة
يونان لبيب رزق – كاتب ومؤرخ: لو لم يكن هناك حادثة المنشية لكان هناك حادث آخر مش ضروري في المنشية، في أي مكان آخر لأن الصراع بين جمال عبد الناصر والإخوان المسلمين وصل إلى الذروة ولم يكن يحتاج إلا إلى حادث.
حادثة المنشية أحد أكثر الجرائم السياسية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث
حادثة المنشية أحد أكثر الجرائم السياسية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث، انتهت التحقيقات الرسمية وأُغلقت الملفات، أصدرت محكمة الشعب التي شكلتها ثورة يوليو أحكامها، نجا مَن نجا ومات من مات، واجه المئات مصائرهم ما بين السجن والبراءة، أكثر من خمسين عاما مضت وما زال الخلاف على أشده حول حقيقة ما جرى، هل حاول الإخوان المسلمون فعلا اغتيال جمال عبد الناصر في ذلك اليوم من أكتوبر عام 1954؟ وهل كانت محاولتهم تلك إن ثبتت انتقاما لتنكُّره لهم وانقلابه عليهم بعد ما كان واحدا منهم حسب ما قيل؟ أم أنها كانت فقط رغبة في الإطاحة بالثورة والوصول إلى كرسي الحكم؟ عشرات السنين تفصل بينا وبين الحقيقة، مسرح الحدث لم يعد كما كان، احترق مبنى البورصة بالإسكندرية عام 1977 واحترق معه جانب من الذاكرة وأثار ما جرى، أما ملفات ووثائق مَن حكموا البلاد في تلك الفترة فمازالت حبيسة خلف الجدران العتيقة لقصر عابدين كغيرها من سجلات مَن حكموا مصر لم يُفرج عنها بعد، لم يتركوا لنا سوى كتاب محكمة الشعب الرسمية للمحاكمات، أصدرتها الدولة بعد مرور أقل من شهرين على الحادث ونسخة سينمائية غير مكتملة صوتها أبلغ من صورتها، دَفَعَنا الولع بالحقيقة إلى سور الأزبكية، أكبر مستودع للكتابات القديمة في التاريخ وغيره لنجد عشرات الكتب عن عبد الناصر والإخوان المسلمين وحادث المنشية، فتشنا في صحفاتها عن الأماكن والأحداث، عن أشخاص شاهدوا وعاصروا، تركوا فيما جرى من قريب أو بعيد وإذا بنا وسط عشرات الكتابات للتاريخ كلٌ يكتب تاريخه ويثبت ما يعتقد أو يريدنا أن نعتقد أنها الحقيقة.
صلاح الدسوقي - الصاغ (الرائد) - رئيس وحدة أركان حرب وزارةالداخلية 1954: وقت انطلاق الطلقات على عبد الناصر في حادثة المنشية كنا وراءه ما تحركانش من ورائه، بعد حوالي نص ساعة من الحديث سمعنا أطلقة نارية والناس بدأت تهرب وبدأ يقول كلمته المشهورة، كل واحد يثبت في مكانه، كلكم جمال عبد الناصر والكلام اللي إحنا سمعناه ده والحقيقة أنا بصيت لقيت في جيبه الشمال زي نقطة.. حاجة حمراء، فقلت له إيه ده؟ قال لا ده قلم حبر.
سامي شرف - اليوزباشى(النقيب) - ضابط المخابرات المصرية الحربية بالقاهرة 1654: أنا كنت في ذلك الوقت في القاهرة في مبنى اسمه القسم الخاص، تابع للمخابرات العامة، اتصلنا بمكتبنا في إسكندرية، أعطوا لنا صورة عن الموقف في المنصة وفي الشارع يعني الصورة بالنسبة للمنصة، إصابة أحد الأخوة السودانيين اللي هو الأستاذ ميرغني حمزة وإصابة الأخ أحمد حميد اللي هو كان في هيئة تحرير في مدينة إسكندرية بطلق..
مراسل الجزيرة: هو أحمد بدر؟
سامي شرف : أحمد بدر، متأسف.. أحمد بدر بطلق ناري في بطنه وأنه نُقل إلى المستشفى.
إبراهيم بغدادي - اليوزباشي (النقيب) - ضابط المخابرات الحربية بالإسكندرية 1954: أنا كنت بأعمل في مكتب مخابرات إسكندرية التابع للمخابرات العسكرية، جرينا عشان نشوف إيه اللي حصل واخترقنا الصفوف عشان نوصل إلى أقرب ما يمكن من المنصة عشان نعرف، في ذلك الوقت كان فيه الناس اللي هجمت على اللي أطلق الرصاص، وقع على الأرض، لما إحنا وصلنا هناك طبعاً كان وصل قبلنا بسرعة أفراد من الشرطة قبضوا على اللي أطلق الرصاص.
صلاح الدسوقي: وجدنا واحد، اسمك إيه؟ قال اسمي محمود عبد اللطيف، فما نعرفش عنه حاجة خالص، فقلت لهم ما حدش يتكلم معه خالص وقعد كمال رفعت معه، خرجت من مكتب جانبي، كان عندنا في المباحث العامة مدير المباحث العامة وقتها الله يرحمه عبد العظيم فهمي، كان رجلا دقيقا جداً وكان عندنا أرشيف في غاية الدقة عن جميع الإخوان المسلمين خصوصاً التنظيم السري، تاريخ كل واحد منهم فكلمته من تليفون جانبي، قلت له إحنا عندنا واحد اسمه كذا اللي أطلق الأعيرة النارية وأنا عايز أعرف بسرعة جداً في أقل وقت ممكن أكبر معلومات عنه، قال لي هأرد عليك في عشر دقائق وفعلاً رد عليّ قال لي ده وُلد في المحافظة الفولانية، راح المدرسة الفولانية، جُند في الإخوان المسلمين سنة كذا، تدرب على استعمال السلاح في المعسكر الفولاني والفولاني والفولاني ويعتبر من أحسن الرماة في التنظيم السري.
اعترف محمود عبد اللطيف بأنه هو الذي أطلق الرصاصات الثمانية على عبد الناصر، كما تعرف على المسدس الذي عُثر عليه بعد الحادث بأيام.
علي عبد الفتاح نويتو: محمود يا إخواننا كان بتاع سباكة في الأصل وعامل وجندي دعوة والجندي عنده حاسة قوية عندي نمرة واحد حق الله.
أمام محكمة الشعب قدم عبد اللطيف اعترافات مفصلة بأن هنداوي دوير رئيسه في التنظيم السري بإمبابة هو حرضه على قتل عبد الناصر وأنه سلمه المسدس قبل الحادث بيومين وكان قد شرح له ولزميله سعد حجاج المكلف الثاني بمحاولة اغتيال عبد الناصر أن اتفاقية الجلاء التي وقَّعها ناصر مع الإنجليز في الـ 19 من أكتوبر 1954 هي خيانة للبلد.
محمد نجيب راغب: محمود وسعد حجاج كانوا الاثنين معنا في مجموعتنا ولكن وهما.. شعرنا في وقت من الأوقات إن همَّا يعني إيه، زي كل أصل النظام الخاص يعني نظام هرمي وعليه طبعاً تبعيات وبعدين همَّا ما بيعزوش اثنين يأخذوا منهم واحد يعني عايزين سعد بس، عايزين محمود بس في مهمة وبيؤديها وبييجي ثاني يا إما يستمر فيها.. ففي هذا الوقت طبعاً طُلب محمود وسعد حجاج وبدأ محمود لا مؤاخذة يتغيب عن المجموعة وأصبح يعمل وإحنا بنشوفه ولكن في مهمة إحنا ما نعرفهاش.
هنداوي دوير كان قد سلَّم نفسه للشرطة صباح اليوم التالي واعترف أمام محكمة الشعب أن إبراهيم الطيب المسؤول عن التنظيم السري في القاهرة هو مَن أعطاه الأوامر وسلَّمه المسدس وأكد له أن الأوامر صادرة من المرشد ذاته.
علي عبد الفتاح نويتو: اللي حصل في الحادثة، رحت له في البيت ما كانش سمع حاجة عن.. أذاعوها بالليل، يوم الثلاثاء بالليل ما سمعش حاجة هو خالص أنا اللي قلت له، أنا كنت بأفتح الراديو وسمعت فيه حاجة حصلت لعبد الناصر وبتاع، قال لي فيه إيه؟ ما أعرفش وأخذ أهله وسفَّرهم.
داخل السجن عُزل محمود وهنداوي عن باقي الجماعة وتلقَّيا معاملة مختلفة خاصة هنداوي.
علي عبد الفتاح نويتو: لمَّا بقينا في السجن الحربي قربت منه خالص، فرصة بقى ما هو في عزل تام، فضلت أنا أقرَّب.. أقرَّب.. أقرَّب لما بقى إيه هو حاطينه في زنزانة لوحده، هو كان بيدخن سجائر في الزنزانة وواقف بره، واقف بقى إيه وشي للحائط كده، بس عارف.. بس عارف شايف بنُص عيني كده هو فين.
محمد نجيب راغب: أنا شوفته، كل الناس.. كل المسجونين شافوه، كل الناس اللي ممسوكة في السجن الحربي شافوه لأن همّضا مقعَّدينه في حتة جنينة صغيرة كده وموضبينها وجايبين له شاي وحاجات والصحافيين الأجانب جُم وقعدوا معه.
لماذا عُزل محمود وهنداوي ولم يُعزل الطيب ويوسف طلعت والآخرون؟ ولماذا سلَّم هنداوي نفسه؟ ولماذا تلقى معاملة خاصة؟
محمد فريد عبد الخالق: وسمعت هنداوي بيقول وهو يخرج بعد المحاكمة داخل القلعة وسمعته داخل القلعة وسمعته مع اثنين من الإخوان لأنه تكلم بصوت عالٍ هستيري وكان ساعتها اليومين دول الحكم وده حصل له نكبة كبيرة جداً زي ما تقول خيبة رؤية شديدة جداً لذلك سمعناه وهو داخل في ساعة المعتقل يروح لزنزانته يقول بصوت عالٍ مش ده اللي اتفقنا عليه، لأنه كان هو أُلقي في روعه إنه داخل في تمثيلية وإنه هو بيلعب دور شاهد الملك وإنه لن يصدر ضده أحكام.. لم يصدر ضده أحكام فصدر بالخلاف.
قبل الحادث بشهر اعتكف الهضيبي مرشد الإخوان ولم يكن يعرف مكانه إلا القليلون وقد فسر هو لناصر في رسالته بعد الحادث ذلك الاختفاء بأنه كان خوفاً من وقوع حوادث مؤسفة.
يونان لبيب رزق: ما كانش أول مرة على فكرة اللي حصل الهضيبي يختفي فيها، ده أكثر من مرة كان يعتكف أو يختفي، لكن لما جاء اختفى المرة دي قالوا أيوة يبقى كان عارف أنه سوف يحدث هناك عملية اغتيال عبد الناصر فاختفى، لا هو رجل تُجمع المصادر كلها أنه لم يكن يعلم بالحادث.
حسن العشماوي أحد قيادات الجماعة والذي كان متولياً أمر إخفاء الهضيبي فسر في مذكراته الاختفاء بأنه كان خشية القبض عليه فيقوم شاب متحمس بارتكاب حماقة.
محمد المهدي عاكف – المرشد العام للإخوان المسلمين: أنا أذكر أن الهنداوي كان رئيس مجموعة من اللي معه دي وفي يوم من الأيام وأنا بأزورهم وقف وقال إن الذي يقتل عبد الناصر لن يحاكَم، قلت له مَن قال لك هذا؟ ومن أين جئت بهذا؟ فما عرفش يرد، فشيلته من الفصيلة وعينت عليه آخر
من هذا المكان في مدينة الإسماعيلية انطلقت دعوة الإخوانالمسلمين عام 1928 على يد مؤسسها الإمام حسن البنا وبين أعوام 1939 و1941 وبينما كان الملازم أول جمال عبد الناصر يخدم في السودان كانت جماعة الإخوان المسلمين تؤسس النظام الخاص.
الإخوان المسلمون والضباط الأحرار.. مبارزة مبكرة
محمد فريد عبد الخالق: النظام الخاص شُكل من سنة 1940 لغرض معين، مقاومة المستعمر ومقاومة الصهيونية.
أحمد عادل كمال: كان النظام الخاص يبقى مجموعات خمسات.. خمسات.. خمسات ولكل خمسة مسؤول واحد فيه اسمه أمير الخمسة أمير الجماعة وكل خمس مجموعات لهم أمير أكبر.
لم يقتصر النظام الخاص على المدنيين المدربين بل كان له خلية في الجيش أُطلق عليها ضباط الإخوان المسلمين.
محمد فريد عبد الخالق: كان أيامهم معروف الحضري بيقود حركة الضباط في داخل الجيش وجمال بيقود الحركة الثانية.
وهنا يلتقي الفريقان، الضباط الأحرار التي بدأ تكوينها عام 1945 وضباط الإخوان ومنهم الطيار عبد المنعم عبد الرؤوف الذي كتب في مذكراته أنه ذهب عام 1946 مع عبد الناصر وخالد محيي الدين وآخرين للمبايعة على فداء الدعوة الإسلامية.
خالد محيي الدين - الصاغ (الرائد) - عضو مجلس قيادة الثورة 1954: آه القصة صحيحة تحالفت معه كنت موجود يومها، قررنا إن نطلع منها..
مراسل الجزيرة: متى قررتم تطلعوا منها؟
خالد محيي الدين: وإحنا خارجين من الغرفة بصينا لبعض وخرجنا وقال لي بعدين نتكلم.
مراسل الجزيرة: وتكلمتم بعدها؟
خالد محيي الدين: خططنا إن إحنا ما نقعدش، الله يعني هانبقى إحنا بنتلقى أوامر من تنظيمات مدنية ما نعرفش هدفها إيه وإحنا ضباط جيش؟ القصة كانت مش سهلة.
يكمل عبد الرؤوف في مذكراته أن عبد الناصر صارحه في سبتمبر 1949 برغبته في عمل انقلاب ولذلك فلابد من ضم ضباط يمثلون كافة الاتجاهات، هذا بجانب معارضته بقوة طاعة الضباط لقرارات مكتب إرشاد الإخوان المسلمين.
أحمد حمروش – أحد الضباط الأحرار - مؤرخ: لما بدأ تشكيل الضباط الأحرار جمال عبد الناصر ورفاقه اتفقوا على الآتي، أن يكون تنظيم الضباط الأحرار بعيدا عن الانتماء لأي حزب من الأحزاب.
خالد محيي الدين: كل اللي يخشوا.. يخشوا على استقلاله وصفته الفنية.
أحمد حمروش: يعني الناس اللي كانوا في الإخوان لازم يسيبوا الإخوان، الناس اللي كانت في التنظيمات اليسارية لازم يسيبوا التنظيمات اليسارية.
خالد محيي الدين: أي حاجة ثانية دخلنا تحت رعاية أو نفوذ فئة أخرى أو حزب آخر إحنا ضده.
يونان لبيب رزق: الإخوان تصوروا إن الضباط الذين قاموا بالثورة ينتمون إليهم فمن الطبيعي أن تسقط الثمرة في حجرهم ومن ثم بدؤوا يُملون شروطهم وكان أول صدام حقيقي عندما طلب الضباط على رأسهم عبد الناصر طبعا من الإخوان أن يرشحوا عددا من الوزراء في الوزارة.
محمد فريد عبد الخالق: اجتمعنا وكنت أنا عضو مكتب إرشاد واجتمعنا في المركز العام وعرض موضوع للمشاركة في الوزارة اللي الثورة بصدد تأليفها.
يونان لبيب رزق: رشحوا وزراء وهو اختار وزراء آخرين كان منهم الباقوري، فرد الفعل على ذلك أنه اختار الآخرين، رد الفعل على ذلك أنهم فصلوا الباقوري من الإخوان.
محمد فريد عبد الخالق: فبعد مداولات لا محل هنا لذكرها المهم القرار والنتيجة خلصنا إلى عدم المشاركة في الحكومة.
يونان لبيب رزق: بعد فترة قصيرة في الخلاف حوالين الوزراء مين اللي عيِّنهم إحنا ولاَّ أنتم ومن ساعتها بدأت حالة المبارزة لغاية محاولة اغتيال عبد الناصر وما تبعها من بعد ذلك.
علي عبد الفتاح نويتو: يوم الثلاثاء كان الحادث، يوم الأربعاء رحت وشفت الجرائد بتاعة يوم الخميس روحت ورحت سينما في السيدة زينب كان فيه فيلم الأميرة المتوحشة، فيلم هندي خلاص حضرته لوقت متأخر من الليل، كل الناس بتقول علي عمل إيه ورجعت المنيرة الساعة واحدة بالليل، طرق الباب التعذيب في القلعة كده أهو.
أحمد عادل كمال: تعذيب.. تعذيب بالكرباج وبالشوم..
علي عبد الفتاح نويتو: حاطين على أعيننا مقفلين علينا وحاطين زلطة فوق العين يضغط عليها آدي نمرة واحد.
أحمد عادل كمال: غرف زحمة جدا، زنزانة 2 * 3 مثلا يبقى فيها مثلا 10، 12 مش عارفين يناموا.
علي عبد الفتاح نويتو: كان فيه عزل ده كده حاجات بتيجي إيه قدر لما نشوف حد أو بتاع في الطابور لما نكون كلنا فوق بعضنا بندوس على حد وبتاع ومش عارفين ماشيين بقى بالكرابيج شغالين واخد بالك وبتاع وأم كلثوم شغالة من فوق عمالة بتعذب معهم واخد بالك وحاطين ميكروفونات من فوق علينا وفي اللي وكيل أول وزارة واخد بالك، حاجات حصلت وندوس عليهم وإحنا ماشيين واخد بالك ما تقدرش جهنم الحمراء وإيه وأم كلثوم تقول إيه أجمل أعيادنا المصرية بنجاتك يوم المنشية.
[ صور من مسيرة عبد الناصر بالإسكندرية صباح يوم الحادث]
في الـ 18 من يوليو 1958 أُعلنت مصر جمهورية وتولى جمال عبد الناصر منصب نائب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
صلاح الدسوقي: وكان أول كلمة قالها لي جمال عبد الناصر لما تعيَّن وزيرا، قال لي: عايز أطلب منكم حاجتين، قلت له تفضل، قال لي عايز أولاً ما أسمعش خبر سياسي أو جنائي من الخارج قبل ما أسمعه من أجهزة الوزارة بتاعتي ده نمرة واحد، نمر اثنين مش عايز يحصل لي زي ما حصل للنقراشي باشا.
كان النقراشي باشا رئيس وزراء مصر ووزير داخليتها قد اغتيل داخل وزارة الداخلية على يد الجهاز الخاص القديم لجماعة الإخوان في 28 ديسمبر 1948 بعد عشرين يوماً فقط من قراره بحل الجماعة.
محمد فريد عبد الخالق: الأحداث اللي تمت من بعض عناصر بالنظام الخاص كمقتل الخازندار مقتل النقراشي وأي تصرفات أخرى زي حوادث المحكمة من الآخر اللي فيها عنف دي أُدينت ورُفضت واتُّهمت لدرجة الرجل المسؤول قال ليس إخواني.
عبد القادر عودة نائب المرشد أكد أثناء دفاعه عن نفسه أمام محكمة الشعب أن عبد الناصر كان قد طالب الإخوان في يونيو 1953 بحل النظام الخاص وكرر ذات الطلب أثناء لقاء مجلس قيادة الثورة بمكتب إرشاد جماعة الإخوان في مقر إقامة عبد الحكيم عامر في سبتمبر أو أكتوبر 1953 على حد قوله وإنه شخصياً كان يوافق ناصر الرأي.
أحمد عادل كمال: جمال بدأ كلامه مع الأستاذ الهضيبي، طيب لما أنتم دلوقتي يعني بقيتم معنا وبتؤيدوا النظام الخاص ده موجود ليه ده جهاز مسلح لمقاومة يبقى أنتم عايزين تقاومونا بالشكل ده، قال له إحنا مش بنقاومكم، قال لا يا تبقوا معانا وما فيش نظام خاص يا إما النظام الخاص يبقى أنتم مش معانا، ضدنا وفي هذا العشاء الثاني جمال كرر الكلام وإن إحنا مش.. يعني يا فيه نظام يا فيه وفاق بيننا يبقى ما فيش نظام يا إما فيش نظام يبقى نعرف.
في ديسمبر من نفس العام أحيل الضابط الإخواني عبد المنعم عبد الرؤوف إلى التقاعد ويروي في مذكراته أنه التقى الهضيبي وقتها وان الهضيبي كلفه بتنظيم وتدريب النظام الخاص.
صلاح الدسوقي: كل اللي قاله جمال عبد الناصر في الوقت ده إن أنا هأدخل في معركة مع الإخوان لكن ما أقدرش أفتح على نفسي المعارك كلها مرة واحدة، طوِّل بالك، لابد الصدام بيني وبينهم جاي.. جاي.
كان الهضيبي على خلاف دائم مع عبد الرحمن السلبي رئيس النظام الخاص تصاعد في ديسمبر 1953 إلى حد أن أقال الهضيبي السلبي وثلاثة من مساعديه منهم أحمد عادل كمال.
أحمد عادل كمال: بعد إحنا ما انفصلنا وبعدين الإخوان حُلت وقُبض عليهم رجعوا يفكروا في إنهم يعملوا تنظيم سري ثاني اللي كان مسؤول عنه يوسف طلعت.
اعترف محمد فرغلي أنه زار ناصر في مكتبة بوزارة الداخلية أواخر عام 1953 وأن ناصر طلب منه أن يحل الإخوان التشكيلات السرية في الجيش والشرطة والجهاز الخاص كما اعترف بأنه هو مَن رشح يوسف طلعت صديقه الصدوق لقيادة التنظيم السري الجديد.
محمد المهدي عاكف: الله أكبر، ده أنا صاحبه النظام الجديد، أنا اللي واضعه، اللي هو نظام الفصائل، أنا اللي وضعت نظام الفصائل لكي يتدرب الإخوان المسلمين في معسكرات الحرس الوطني بطريقة منظمة فيبقى كل شعبة عندها فصيلة وفيه زي ما قلت في المحكمة أنت رجل عسكري فعمرك نظام سري يتكون من أربعين واحد.
علي عبد الفتاح نويتو: طلعوا يتجمعوا صفوف ثاني من جديد وتأخذ بيعة للنظام الخاص الثاني المشكل، نظام جديد أنا كنت فيه.
مراسل الجزيرة: نحن نتحدث عن نفس التنظيم الذي كان يرأسه يوسف طلعت.
محمد المهدي عاكف: أيوة يوسف طلعت شوف حضرتك أنا اللي كنت بأرأس التنظيم مش يوسف طلعت، أخذت بال حضرتك، يوسف طلعت كل الحكاية أنه التنظيم القديم، أخذت بال حضرتك، جاءت فترة من الفترات لما شالوا السلبي فحطوا يوسف طلعت إنما يوسف طلعت فرد عادي جدا.
علي عبد الفتاح نويتو: يوسف طلعت، إبراهيم الطيب مجموعة فوق، تحتها بقى الجيزة لها واحد بين السرايات لها واحد إمبابة لها واحد لعنده ده التسلسل لما توصل إلي آخر الهرم.
وفقا لاعترافاتهم هنداوي وعبد اللطيف كانت إمبابة الحي الشعبي هي مركز التنظيم السري بشكله الجديد وفيها كان يسكن عبد اللطيف وهنداوي إبراهيم الطيب وعلى نويتو وأحمد نجيب راغب وغيرهم وكان بها أيضا ورشة عبد اللطيف ومحل نجيب ومكتب هنداوي..
أحمد نجيب راغب: فيه حاجات كثيرة مش معروفة إن ليه التنظيم وقف على القاهرة؟ يعني التنظيم ده كبير قوي وكان الرئيس يوسف طلعت ولكن بدأ جمال عبد الناصر يحط مناخيره فيه، ففي مرة قال.. طلب خميس حميدة، كان وكيل الجماعة وقال له أنتم عاملين اجتماع للنظام ليه؟ فقال له والله أنا ما عنديش فكرة، اسأل يوسف، فلما عرفوا إن جمال عبد الناصر اخترق التنظيم تركوا التنظيم وبدؤوا يجمدوه ويعتمدوا على تنظيم القاهرة فقط ما بين عاكف وإبراهيم الطيب والمجموعة كلها.
اختطاف مجلس قيادة الثورة
اعترافات المنتمين إلى تنظيم إمبابة تفيد أن التنظيم السري بشكله الجديد تكون خلال الشهور الأربعة أو الخمسة التي سبقت الحادث وجاء في اعترافات هنداوي أن إمبابة استضافت الضابط الإخواني عبد المنعم عبد الرؤوف بعد هروبه من محاكمته العسكرية في مايو 1954 وأنهم استفادوا من خبرته العسكرية وادخلوا تعديلا جديدا على التنظيم السري..
علي عبد الفتاح نويتو: الثلاث مجموعات كنا يومها سبعة زي ما تقول واحد واخد بالك، مسؤول عنها وفيه واحد رديف له، يعني هو في غيابه هو ده خلاص، فكان قال عندي هنداوي دوير وأنا الرديف بتاعه لفصيل إمبابة تمام، أنا بأتكلم كلام بقى له أكثر من خمسين سنة، خلاص.
أحمد نجيب راغب: اللي مش في النظام ما يعرفش واحد في النظام أبدا يعني أنا كنت في محلي مع أحد الرجال يعني من الإخوان ويوم ما ندهوا علينا في السجن الحربي يعني بأسمائنا اللي هي بتاعت النظام، لما نزلنا لقينا إحنا الاثنين اللي في محل واحد إحنا الاثنين في النظام وما نعرفش.
مذكرات عبد الرؤوف التي نشرها بعد هروبه خارج مصر تسرد فترة اختبائه في إمبابة ويؤكد فيها لقاءه بهنداوي ونويتو والطيب ويوسف طلعت ومحمد المهدي عاكف وغيرهم.
علي عبد الفتاح نويتو: وكان عندي عبد المنعم عبد الرؤوف اللي عبد الناصر عامل عليه كام؟ خمسة آلاف جنيه، كانوا ساعتها خمسة آلاف جنيه للي يدل عليه واللي عنده وما يدلش عليه يقطع رقبته خلاص وكان عندي أنا، قعد معي 15 يوما..
إبراهيم الطيب: عبد المنعم عبد الرؤوف بعد ما هرب تولى الإشراف على الجهاز السري في الإخوان ونزل في إمبابة في بيت هنداوي دوير اللي هو كان بيخطط لعملية اغتيال جمال عبد الناصر في المنشية يعني نقدر نقول إنه اللي شاركه أساسا في عملية الاغتيال بتاعت المنشية كان نمرة واحد عبد المنعم عبد الرؤوف، المخطط نمرة اثنين إبراهيم الطيب اللي هو كان ماسك التنظيم في القاهرة، نمرة ثلاثة هنداوي دوير المحامي اللي كان في إمبابة وماسك تنظيم إمبابة، نمرة أربعة محمود عبد اللطيف اللي كُلف بعملية إطلاق النار على جمال عبد الناصر..
اعترف هنداوي أن الطيب سلَّمه حزاما ناسفا يرتديه عبد اللطيف ويحتضن عبد الناصر ليموتا معا واعترف يوسف طلعت بأنه هو مَن سلَّم الحزام إلى الطيب.
مراسل الجزيرة: صحيح كان فيه فكرة الحزام الناسف؟
أحمد نجيب راغب: أيوة.
مراسل الجزيرة: لاغتيال عبد الناصر؟
أحمد نجيب راغب: لا يعني هو.. هم يجيدوا أن هم يحملوا كل ما يدافعوا به عن أنفسهم أو يؤدي به الغرض، هو جمال عبد الناصر عمال يعد ويستعد، هم الإخوان بأقول لحضرتك عملت عربيات ولبس للبوليس للشرطة العسكرية جاهزة علشان تطلع وتخطف مجلس قيادة.. يروحوا يلموا مركز قيادة الثورة ويجيبوهم.
خلال المحاكمة أيضا اعترف طلعت بامتلاكهم أسلحة ومعدات عسكرية وملابس للبوليس الحربي كانت ستستخدم في مهاجمة مجلس الوزراء وهي الخطة التي رسمها لهم عبد المنعم عبد الرؤوف.
أحمد نجيب راغب: بأقول لك إن جمال سالم كان بيسأل يوسف طلعت يعني يقول له، بعد ما عرف مين اللي جابه، قال له أنا كنت عاوز أعرف بقى أنتم كنتم.. قال له كنا ها نموِّت اللي ها نموِّته، قال له أنا كنت عاوز.. قال له يا يوسف أنا عاوز أعرف كنتم عاوزين تموِّتوا مين؟ قال عاوز تطمئن يعني أنت كنت منهم أو كنت أولهم؟
ذات الخطط بتفاصيلها نشرها عبد الرؤوف في مذاكرته التي صدرت سنة 1988 وكان عبد الرؤوف قد هرب خارج مصر بعد حادثة المنشية.
سامي شرف: كل واحد نشر كتابا وقال فيه ما قاله وأنا سعيد جدا بهذا النشر ومكتفي جدا بما قالوه لأنهم اعترفوا بكل شيء ولو إحنا كنا جبنا هذه الكتب وقرأنا ملخصاتها دلوقتي ما كنا عملنا هذا الحديث، كان ها نكتفي جدا باللي هم قالوه ده، اتقال يا عزيزي في هذه.. في بعض المذكرات على لسان بعضهم أشياء إحنا كأجهزة أمن ما كناش نعرفها..
" اعترف هنداوي بأن إبراهيم الطيب أبلغه قبل الحادث بخمسة عشر يوما أن التنظيم قرر أن يعتدي على عبد الناصر ويتخلص من الضباط الأحرار بالاعتقال أو الخطف وانتخب محمود عبد اللطيف لهذه المهمة " اعترف هنداوي دوير بأن إبراهيم الطيب أبلغه قبل الحادث بخمسة عشر يوما أن التنظيم السري قرر أن يعتدي على جمال عبد الناصر ويتخلص من الضباط الأحرار بالاعتقال أو الخطف وأنه انتخب محمود عبد اللطيف لهذه المهمة.
[من خطاب جمال عبد الناصر في ميدان الجمهورية 29 أكتوبر 1954]
جمال عبد الناصر: محمود عبد اللطيف الرجل الفقير اللي إحنا بنعمل من أجله ونضيع وقتنا كله من أجله ومن أجل أولاده ومن أجل مستقبله ومن أجل مستقبل أولاده بنعمل جميعا عشان نزيح عنه الفقر وعشان نوفر لأولاده التعليم والصحة ومستوى معيشة أحسن من اللي إحنا ما قدرناش نتمتع به، كان الهضيبي باسم الدين وباسم الإسلام يبث في نفسه الحقد ويبث في نفسه الضغينة ويبث في نفسه البغضاء.
اعترف عبد اللطيف أمام محكمة الشعب بأنه غادر منزله صباح السادس والعشرين من أكتوبر فمر على زميله سعد حجاج المكلف الثاني بمحاولة اغتيال عبد الناصر والذي أبدا أسفه لعدم تحضيره سلاح فودعه محمود وسافر بمفرده..
أحمد نجيب راغب: يوم حادثة المنشية أنا شوفته وقابلته الصبح بدري قبل سفره وكان معي سعد حجاج فأنا لمؤاخذة قلت له أنت ها تروح طنطا؟ قال لي أنا ها أروح إسكندرية وسعد عارف إن أنا ها أروح إسكندرية وعارفين إن المجموعة مقسمة نفسها، فيه ناس بتروح حفل هنا لكن هو كان معروف إنه بيروح أي حفل فيه جمال عبد الناصر فحكاية إن هو يروح عمره ما يلفتش النظر، راح عبد الناصر هناك يروح كان معه في كل حفلة يعني كان قبل كده حفلة.. كان هو برضه موجود يعني متابعه وشايفه ومحاصره..
مراسل الجزيرة: هو كان متعود يشيل سلاح؟
أحمد نجيب راغب: لازم، ما فيش واحد مننا ما معهوش سلاح، كلنا مُدرَّبين ومعنا أسلحة..
مراسل الجزيرة: آه، بس كنتم بتمشوا شايلين سلاح؟
أحمد نجيب راغب: عادي، أُمال نبقى في نظام خاص إزاي.
مراسل الجزيرة: طيب ما كنتوش بتقلقوا في هذه الفترة دي إن يحصل تفتيش على الأسلحة اللي معكم؟
أحمد نجيب راغب: لا، ما كنتش بالسهولة دي.
مراسل الجزيرة: بس قبلها كانت الحكومة طلَّعت قرار إن اللي عنده سلاح يسلمه؟
أحمد نجيب راغب: لا، كل ده مش ذات أهمية قوي يعني.
مراسل الجزيرة: وقال ها يرجع إمتى؟
أحمد نجيب راغب: قال إن هو ها يرجع ثاني يوم على طنطا، له أقارب هناك أو حاجة وها ييجي عادي واخذ قمصان من عندنا إحنا من المحل وغيار داخلي وفوطة، معناه إنه ها يقعد أيام يعني مش رايح جري وجاي.
غادر عبد اللطيف إمبابة بعد أن مرَّ على محل صديقه أحمد نجيب راغب الذي اصطحبه حتى الشارع الرئيسي ليستقل الترام متجها إلى محطة القطار ومنها إلى الإسكندرية.
أحمد نجيب راغب: سلِّم عليّ ومشي.
مراسل الجزيرة: برضه في آخر لحظة هو ما قلش لك أي حاجة تخليك تشك إن فيه وضع غريب؟
أحمد نجيب راغب: لا.
اعترف عبد اللطيف أنه وصل الإسكندرية في الواحدة ظهرا تقريبا، تمشَّى قليلا وأكل في مطعم ثم ذهب إلى لوكاندة دار السعادة.
أحمد نجيب راغب: اللي حصل إيه، إن هو لما نزل لمؤاخذة من القطار حسب كلامه هو يعني إحنا وإحنا بنجري في السجن الحربي كانوا عاملين له بقى شغلانة كده، حفل ضيق عشان الصحفيين الأجانب جايين يصوروه ويشوفوه في منتزه كده في السجن الحربي فهو بيبص كده شاف سعد.. سعد أصله هوجة كده عالي، طويل يعني، فقال له سعد أنا اتاخدت من محطة مصر في إسكندرية، بس.
- المصدرحادث المنشية ج1